أوقفوا هذه (الغجرية) ايزابيلا من الاساءة لنساء بلادي في النيل الازرق!!

Quote: لكن، و كما قلت أنت يا بدر الدين؛ لأننا بصدد مذكرات يومية مطروحة كنص أدبي؛ فإن تعدد القراءات و مرونتها و ليس صلابة المناهج و قسوتها سيكون هو الديدن هنا. وعليه دعني أجرب مرة أخرى مهتدياً بقراءتك في (ضلال التعميم المتسرع و إهمال السياق البيئوي و الحياتي الذي يحكم حياة النساء في الريف السوداني) و مما جاء في قراءتك((إن هذا النص في جملته كان يمكن أن يغتني كثيرا لو قابلت الكاتبة مظاهر شظف العيش و المعاناة بعكس الصفات التي اكتسبنها أؤلئك النسوة كالصبر و المثابرة وقيم العمل و التفاني من أجل الأسرة و العشيرة)). و طبعاً من غير الوارد أن نطالب نصاً أدبياً أن يتجاوز عن شروطه الفنية الخاصة فيقع في الاستطرادات و الشروح و الحواشي و المراجع من التي تملأ الكتب البحثية و العلمية. فما على الكاتبة حتى تحقق شروط الاغتناء كما أوردتها في هذا الصدد، سوى تخليقها عبر إعمال خصب للغة يتولد عنه مجاز بليغ (كناية مثلاً) تدرج في غاية قصوى من التكثيف السردي تناسب طبيعة اليوميات التي لا تحتمل الإسهاب و تتصف بصفة الأدب الذي لا يحتمل الشروح. فماذا إذن لو بحثنا فعثرنا على المفتاح؟ نبدأ من البداية: و بعد أن نستبعد تشبيه النساء الغير الولودات و البقر غير الجيد في حديث السائق لأنه و كما أعتقد فقد تم حسم الجدل فيه مع سنهوري رغم أن السياق السردي لولا هنة لا تستحق التوقف عليها كان سيحسمه من البداية لصالح تعاطف الكاتبة مع النساء و ليس الشعور العكسي بالاحتقار. بعدها سيتبقى لنا الجزء الأول من المقطع، و نكتفي منه بالسطرين الثالث و الرابع الذين شكلا محور الانتقاد الثاني. في المرات السابقة كانت المفاتيح الدلالية المستخدمة هي (نساء متسخات) و (نساء كخيالات المآتة) مع تجاوز ما بينهما، مما رجح فكرتي انعدام الحساسية و التعميم الجزافي المضلل. و لكن، ألم نتجاوز بذلك عن مفتاح ثالث لم نستنفذ طاقته تماماً أو ربما لم يتم التطرق إليه البتة في هذا المقطع الإشكالي. قد يكون ذلك المهمل هو المفتاح الرئيسي و الدال الأوثق يفضي بنا إلى حقيقة دلالة المقطع كله و بالذات مع حالة توجه غالب نظرنا إلى دوافع و نوايا الكاتبة.... ألم أكتب لسنهوري؛ إن إيزابيلا فعلاً أرادت فتح الجرح. و أتساءل الآن؛ كيف؟ ثم،أما رأيناها تكتب (يحملن الهم)؟ قالت: ((ونساء متسخات يحملن الهم... ربطات الحطب وجركانات الماء نساء كخيالات المآتة)) صورة، هم، صورة، صورة بانوراما. و لكن، ما الهم؟؟؟؟ كل شيء، كل الحياة!!! المسئولية! الكدح! الحلم! الأسرة! المستقبل! التحرر! الصحة! تعليم الأبناء! العشاء! الكهرباء! التخلف! التقدم.... الفقر!!! كل شيء، كل شيء إنساني...!!! إنهن يحملن الهم، و حملها الإنسان فهي هم، هم فوق هم همهمة، هم يهمي على رؤوسهن و لكنه لا يرى لأنه يعشعش في الداخل، ما يراه الناظر هو بعض مظاهره و تنفذ إليه الكاتبة بكلمتين. إنهن بشر، نساء عاديات، نسوة يعانين ثقل هم يومي أثقل من الحطب و الماء! و الوسخ أيضاً ليس بالمرة وصفاً تنميطياً بل مجرد عرض لوطأة الفاقة و معاناة العمل.. كما هو في الواقع... عرض من أعراض (يحملن هماً). و خيال المآتة ليس (تشييئاً) للزول بل مجرد تمادٍ أدبي في استعراض النحول حيث الجسد مبذول في توفير الحماية، للأسرة ربما و ربما للعشيرة أو ربما للروح ذاتها ألا تهلك أسى و تتجلد ـ أي تصبح على الجلد ساكت... الوسخ و النحول المتفاقم لا ترد و لم تعد مذمة، بل هاتي بعض من أعراض الهم. هل أعتقد إنا قد وجدنا المفتاح المهمل على الأقل سيسمح للنص أن ينفتح على احتمال آخر تتحقق به الحاشية البدرية؟ احتمال ربما يكون قد وصل للكثيرين بداهة ثم كابدناه، و لا غرابة، حيث أن ناس الأقاليم أصلاً في كبد! سؤال.... كم مرة في شعر محجوب شريف و حميد سمعنا كلمة (هم) فحملناها على الإيجاب و كم مرة وردت على السلب؟ سؤال مفتوح على الاندياح جهة قيقراوي... ــــــــــ و أسئلة... ثم، هل غادر الشعراء من متردم؟ أم هل ظلمت إيزابيلا؟ أم هل ترى ظلمها الزووم الضيق في العبارة؟ أم هي مداخلتها الأولى هنا كلها كليكات ديجتال؟ الإجابات ملحوقة، المهم البوست لذيذ و منها فشينا خلقنا في ناس الخراتيم، دايرين يوقفوا الكلام لسنهوري في حلقو! انتصفنا منهم بالحق و بالباطل و نرجو أن قد انصفنا نص إيزابيلا.