|
قصة قصيرة: قول شيء أو الكيلساء --- مدثر حاج علي
|
في قصته " قول شيء أو الكيلساء
وعبر الرموز ينجح مدثر حاج علي في استقراء واقعنا بكل صراعاته ومأسوايته ==================
قصة قصيرة
قول شيء أو الكيلساء
مدثر حاج علي
-- تعال ، لنبحث سويا عن الكيلساء ! -- لا ، ليست الكيلساء مهمة ، انني مشغول الآن بالبحث عن الزردانة ، اترك ما انت فيه وساعدني في البحث عنها ، أحسن لك . -- أمجنون أنت ؟ كيف تقول ان هناك شيئا اهم من الكيلساء ؟! استغفر الله يا رجل ، ولا تقل هذا الكلام أمام الناس ، لئلا يصفوك بالغباء .. و ... -- استح يا أخي ، وما الكيلساء ؟ ان الناس لا يهمهم أمر هذه التي تقول عنها شيئا ، انهم جميعا يتطلعون الى الفجر الذي ستشرق فيه الزردانة والشمس معا ل ...... -- ألا تعرف ما الكيلساء ؟! يا لل ..!! انها ينبوع الحقيقة ويخضور المحبة والخير والجمال ، انها التي ستقتلع من الذئب شهوة افتراس الغنم ، وتعيد الى القمح قمحيته السليبة ، وتجعل التاجر لا يهتم بمقدار الربح أكثر من اهتمامه بعرض وعمق الابتسامة التي يصنعها في شفاه أطفال الفقراء. ما الكيلساء ؟! يا للجاهل الأمي ، ان ... -- دع عنك هذا الهراء ، أنا لا اصدق شيئا مما تقول ! بل لا يعنيني شيء مما تقول. ان تفكيري واحساسي وحواسي الخمس جميعا ، رهينة الآن للزردانة العظيمة تلك التي سوف توقف الى الأبد سلوان النساء للرجال وخيانة الرجال للنساء . هل تعلم أن قابيل ما كان سيقدم على قتل هابيل لو كانت معه الزردانة ، وأن هتلر ما كان سيسعه الا رعي أغنام يهود الريف الألماني لو أنها اشرقت عليه للحظة واحدة فقط ، وأن عجوبة التي خربت سوبا كانت ستنفق شيخوختها في تلقين احفادها السلام الجمهوري نحن جند الله جند الوطن) ، لو أن ... -- هداك الله يا أخي , هداك الله ، ان الذي يفعل هذه الأشياء المعجزة ليس سوى الكيلساء ، صدقني ، تعال معي نبحث عنها أولا وعندئذ ستعرف صدق ما اقول . -- أووه ، كيف تريدني أن اهتم بأمثال هذه الترهات والزردانة لا تزال غائبة؟ -- لقد نفد صبري ، لا تقل عن الكيلساء ترهات والا صبت عليك اللعنة . -- بل الكيلساء هي اللعنة التي اعمت بصرك وبصيرتك والهتك عن واجبك المقدس في البحث عن الزردانة. -- ماذا يا وقح ..!! -- أنت هو الوقح ..!!
يتشابكان بالأيدي والأرجل قريبا من الهاوية ، لا يمانع قاع الهاوية من ضم جسديهما الهامدين ، كتلة واحدة ، بقوة ، بلا قدرة على البحث ولا قول شيء ما ، بينما هناك ، في مكان غير بعيد ، كانت توجد الكيلساء والتي هي نفسها الزردانة ، تنتظر الذين يبحثون عنها سويا ، لتشرق هي والشمس سويا ، تمنح النهار نهاريته والأشياء مفاتيح كونها السري .
--------------------------------------------------------------------------------
نشرت هذه القصة في مجلة الخرطوم
كما نشرت بالمنتدى في هذا البوست الخاص بقصص الأخ مدثر حاج علي من كتاب القصة القصيرة-2- القاص مدثر حاج علي
-----
مع تحية خاصة للأخ فتحي البحيري صاحب هذا النص الجميل
انت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا
|
|
|
|
|
|