|
Re: مانديلا "العنيد" .. يزور السودان للمرة الرابعة .. 2-3 (Re: Tanash)
|
بدأوا هذه الجولة بزيارة "لمصر", التي خصها "مانديلا" بتقديم رائع لا يستقيم معناه إلا بربطه بتقديمه السالف "لأثيوبيا". يقول فى تقديمه هذا: ( عندما كنت طالبا, كنت أتطلع لزيارة "مصر" باعتبارها مهد الحضارة الأفريقية, خزينة كنوز الكثير من الجمال و الفن والعمارة, و لمشاهدة "الأهرامات" و "أبو الهول", وعبور "نهر النيل", أعظم الأنهر الأفريقية على الإطلاق. لقد قضيت يومي الأول فى "القاهرة" كله أتجول فى المتاحف, أشاهد و أتفحص الآثار و أدون الملاحظات, أدرس و أكتشف نوع الرجال الذين صنعوا "حضارة وادي النيل العريقة", لم يكن هذا مجرد اهتمام هاو بالآثار القديمة, إنما لأنه من الأمور المهمة جدا للوطنيين الأفارقة أن يتسلحوا بالشواهد والأدلة الحاسمة التي بها يمكنهم دحض افتراءات "البيض", التي تقرر أن الأفارقة ليس لديهم ماضي متحضر يمكن مقارنته بما لدى الغرب. لقد اكتشفت فى صباح واحد فقط أن "المصريين" كانوا قد خلقوا أعمال عظيمة من الفنون والعمران فى الوقت الذي كان فيه "البيض" مازالوا يعيشون فى الكهوف). و يصل "مانديلا" و رفاقه الى "المغرب", و بالتحديد مدينة "وجدة" على الحدود مع "الجزائر", و حلوا ضيوفا على "أحمد بن بيلا", الذي أصبح فيما بعد أول رئيس "للجزائر" المستقلة. و ذلك بغرض التعرف على تجربة "الجزائر" فى الكفاح المسلح. وهناك نظمت لهم زيارة الى وحدة عسكرية فى مقدمة الجبهة, حيث عرضت عليهم هناك المارشات العسكرية لقوات حرب العصابات الجزائرية, التي تخوض حربا ضد الاستعمار "الفرنسي". و يقول "مانديلا" عن ذلك العرض: ( جاء فى مقدمة العرض, الرواد الأوائل فى حركة المقاومة المسلحة الجزائرية, يحملون أسلحة تقليدية من فؤوس وحراب و بنادق بسيطة, يتبعهم جنود شباب يحملون أسلحة حديثة, وكانوا فخورون بأنفسهم, و منهم من كان يحمل أسلحة ثقيلة مضادة للدبابات, ولم يكن مظهرهم و لا مشيتهم أنيقة كمظهر و مشية الجنود النظاميين الذين شاهدتهم فى "أثيوبيا". ذلك لأنهم جنود حرب عصابات, حازوا على رتبهم العسكرية من الحروب التي خاضوها فى ميدان المعركة, فهم يضعون فى اعتبارهم ويهتمون بالتكتيك والقتال أكثر من اهتمامهم بالزي و المشية العسكرية المنتظمة. و بقدر ما كنت معجبا بالجيش الأثيوبي, كنت أعلم يقينا, أن قواتنا التي سنحارب بها ستكون أشبه بهذه القوات التي شاهدتها فى "وجدة", فقط كنت آمل منها أن تقاتل وقتها باستماتة و إقدام. وفى مؤخرة العرض العسكري, كانت هناك مجموعة عسكرية رثة الحال, يقودها فى المقدمة رجل يدعى"سوداني", فارع الطول, قوى البنيان, كله ثقة و اعتداد, و لونه أسود كسواد الليل. وقد كان يحرك فى دوائر بيده عصا احتفالية. عندما وقع نظرنا عليه قفزنا على أقدامنا و أخذنا نصفق بحرارة وحماس و نتصايح بالتحايا. وبعد لحظات نظرت حولي فوجدت أن مضيفينا كانوا ينظرون إلينا باستغراب، فانتبهت الى أننا كنا نحى ذاك الزميل لمجرد لونه الأسود, لا سيما و الوجوه السوداء فى "المغرب" نادرة. عندها صدمت لما للعرقية-الأثنية من قوة تأثير. فقد تصرفنا غريزيا وشعرنا كأننا شاهدنا أخا أفريقيا فى مكان لم نكن نتوقع وجوده فيه. لاحقا أوضح لنا الجزائريين, أن "سوداني" هذا جندي أسطوري, فقد حدث أن اعتقل بمفرده وحدة عسكرية فرنسية كاملة. بينما لم نكن نحييه لإنجازاته البطولية هذه و إنما لمجرد لونه الأسود فقط).
|
|
|
|
|
|