فكرة حوار الاديان

لك الشكر أخي دقنة على هذه اللفتة المسؤولة .. و هي في رأيي تدل على إهتمام و أرق بما يجري للإنسانية الآن

أريد أيضا أن أشيد بكلام العم آرنست .. فكلامه بحق لمس وترا حساسا لدى عامة المسلمين يحاولون تحاشيه بشتى السبل حاليا .. و ما علموا أن هذا التناقض .. و بالأصح الثنائية التي يرونها في القرآن هي أساس عزهم و عزة كتابهم ... و القرآن نفسه يحكي هذا الأمر .. قال تعالى :(( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها .. مثاني .. تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء .. و من يضلل الله فما له من هاد ))

إذا فحقيقة أن القرآن يزخر بالمثاني لا يمكن تجاوزها .. و ليس في تجاوزها إلا فقدان النور .. و الكون كله مبني على الثنائية و التضاد .. و هذا الوجود جعله الخالق كذلك من أجل مدارك العقل الإنساني الذي لا يفهم إلا بالمثاني .. بالتضاد ... و القرأن هو إختزال المعرفة الكونية بين دفتي كتاب .. يعلمك كل شيء و لا يعلمك شيئا بعينه .. هو علم الله تنزل مخاطبا البشر على قدر مداركهم .. و هو في الإطلاق ذاته تبارك و تعالى .. و به طريق الرجعى إليه

هذا الحديث عن المثاني مستفيض و دقيق في كتب الفكرة الجمهورية .. و أوجه الحديث هنا للعم آرنست الذي أثار هذه القضية بالذات مشكورا .. كما أنني أريد التعليق بإختصار على سؤال الأخ دقنة .. لماذا لا يوجد حوار أديان ؟ .. حتى الجماعات المتنورة من مختلف الأديان و التي تدعو لهذا الحوار لا تقوم به حقيقة؟ .. و ذلك في نظري لواقع بديهي .. هو أننا نحاول إصلاح بيوتنا قبل أن نذهب لإصلاح بيوت الناس ... لا أتحدث عن الإصلاح بمعنى الوصاية .. و لكن خطى الانبياء الكرام جميعهم تبين أن على المرء أن يعيش دعوته .. و يقوم بها نفسه .. ثم يدعو بعد ذلك الناس إليها .. و إلا فليستح من الله

هنا .. على مستوى الأديان .. تقويم النفس يعني تقويم ذات البين .. تقويم المجتمع الديني الذي ننتمي إليه قبل أن نحاور غيرننا الحوار المستفيض المطلوب .. و هذا من أدب الأديان جميعا .. لهذا فإن معظم الحركات الإصلاحية الدينية ... اليهودية و المسيحية و الإسلامية و غيرها ... تستنفذ جل وقتها .. إن لم يكن كله في الدعوة بين أهل دينها .. و هو ليس خطأ في نظري .. و لكن هذا لا يعني أن الحال سيستمر كذلك .. كما أن هذه الفئات الإصلاحية نجدها دائما من القلة المستضعفة بين الأديان .. في حيت تكون الفئات المتشددة هي صاحبة الأمر و النهي في مجتمعاتها من الضمائر الإنسانية التي تنتمي إليها... و هذه عقبة لا يجوز نسيانها

كانت هذه (غشوة) صغيرة ..و ربما تسنح الفرصة للإستفاضة في مثل هذا الحوار عما قريب .. و لكما يا دقنة و عمنا آرنست التحية الجزلة