|
Re: مشاكوس بين فرض السلام و فروض الولاء _ ناقشوها لغاية ما اجيكم راجع (Re: intehazy)
|
الدين والدولة: دخلت الدولة السودانية إلى فضاءات الاستقلال عبر دستور ستانلي بيكر المعدل والذي تقول كل جزئياته أن السودان دولة قوانين "السيادة فيها للقانون المتفق عليه" ولكن بعد الاستقلال علت بعض الاصوات المطالبة بالدستور الاسلامي وقد حذر محمد أحمد المحجوب في كتابه الديمقراطية في الميزان من "أن فتح هذه النقاشات لن ينتهي" ولكن حتى تحذيره هذا كان مجرد مداراة لكثير من الازمات 0 وولج حديث الدين والدولة الساحة السياسية بقوة إبان تطبيق نميري لقوانين سبتمبر الإسلاموية ففتحت كل الجراحات وأصبح الحديث عن قوانين سبتمبر حاضراً في كل حوارات السلام في الفترة الديمقراطية الممتدة من كوكادام – حتى اتفاقية السلام السودانية "الميرغني قرنق". وعند قدوم حكومة الانقاذ الوطني 0 وضعت الشريعة على طاولة المفاوضات بصورتها اللافته للنظر فالحركة الشعبية مطالبها في المقام الأول مطالب سياسية تتركز حول مظالم محددة ليست من بينها الشريعة الاسلامية ولكنها تصر دوماً في كل تفاوض على الحديث عن الشريعة الإسلامية وحكومة الحركة الاسلامية ترفض بكل قوة واصرار الغاء "الشريعة الاسلامية" الغير موجودة أصلاً على مستوي التطبيق0 وعليه استمرت الحركة الشعبية تطالب بالغاء شئ غير موجود أصلاً على المستوي العملي بينما الحكومة تصر على ابقاء هذا الشئ الغير موجود حتى وان كان ذلك الابقاء النظري يكلف الدولة ملايين الدولارات وخيرة الشباب واستمر حوار طرشان حول الشريعة الاسلامية زمانا طويلا 0حتى اتفاقية مشاكوس تعاملت مع الموضوع بمزيد من التغبيش فتحدثت عن علمانية الخرطوم وإسلامية بقية الشمال وعن حاجتها لمراجعة بعض القوانين "وتطاول بعض رجال الحركة الإسلامية وقالوا هذا تنازل عن ثوابت الإنقاذ" وكان خوفهم الحقيقي من أن يدك ذلك الإتفاق كل البناء الاسلاموي الأيدلوجي الذي هو مترابط بالضرورة. الأمر الأعجب هو استقبال الحركة الشعبية ذلك الاتفاق المبهم حول وضع الدين في الدولة الجديدة بشيء من الفرح متناسية أن الحركة الإسلامية قد تنازلت عن شئ غير موجود أصلاً. رهانات أمريكية: يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت كل البيض في سلتين0 سلة الحركة الإسلامية وسلة الحركة الشعبية لتحرير السودان لاعتبارات وحسابات خاصة بها. فهي تري في الواقع أن القوة الحقيقية في السودان هي تلك القوي المتحاربة متناسية أن تمثيل هاتين القوتين لا يتجاوز 25% من مجموع الشعب السوداني0 ففي اتفاقية مشاكوس وضعت لها أجندة غيبت الشارع السوداني العريض ممثل بكل احزابه التاريخية "الأمه و الاتحادي والشيوعي" واضطر البعض الآخر اضطراراً أن يرهن ارادته للحركة بوصفها مفاوض قوي يستطيع أن ينتزع له حقوقه مثلما فعلت "تحالفات ابناء منطقة جبال النوبة" و لكن غاب عن ذهن أمريكا في تلك التفاوضية : 1. أن الحركة الشعبية لا تمثل كل الجنوب ومنطقة جبال النوبة إلا في حالة الحرب فقط وبمجرد أن تضع الجيوش المتحاربة اسلحتها فان اتفاقية مشاكوس محتاجة لعشرات الاتفاقيات كي تدعم موقفها. 2. الجبهة الاسلامية لا تمثل و لا حتى 10% من مجموع الاصوات الشمالية ومعظم كوادرها المقاتلة غبيها الموت في حرب استمرت 12 عام كيف توافق امريكا علي رهن ارادة كل الشمال السوداني إلى مفاوض واحد. 3. أكثر من 75% من الشارع السوداني لم يشترك في هذا الحوار الفوقي ولم يعلم بما يدور في دهاليزه سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو عبر ممثليه الحزبيين والنقابيين. وعليه لا توجد ضمانات كافية لاستمرار هذا الاتفاق فإذا كانت أمريكا تراهن على أن تلك الأصوات متفرقة فبمجرد اتحادها واعادة تنظيمها فانها سوف تطالب باعادة النظرفي تلك المفاوضات وان إضطرت لحمل البندقية. وعليه يتضح تماماً أن اتفاقية مشاكوس الإطارية كانت عبارة عن مفاوضات فوقية عزلت جانب كبير من القوى السودانية. حلول مفترضة: 1. اشتراك كل القوي السياسية الفاعلة في صلب المفاوضات الحقيقية دون الإكتفاء باجبارها على التوقيع على إتفاق لم تشارك في صياغته. 2. استصحاب المتغيرات الشمالية الجنوبية والتي تعني بالتأكيد أن الحركة الاسلامية ليست هي الشمال والحركة الشعبية ايضا لا تمثل الجنوب إلا في حالة الحرب فقط. 3. وضع قانون في الكونغرس الامريكي خلافاً لقانون "سلام السودان" قانون يضغط لتحقيق السلام دون ترجيح لصالح أي طرف. * في حالة الفشل العودة إلى نقطة البدء بالدعوة إلى مؤتمر دستوري بإشراف قوي دولية متكاملة وليست الولايات المتحدة الأمريكية. الحزب الاتحادي: اتضح أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست هي نصيرة الديمقراطية والحرية في العالم بل أنها في واقع الأمر لا تعير انتباهاً للقوي التي لاتحمل البندقية وهذا ما اتضح في مشاكوس فكل القوي السياسية المدنية قد استبعدت لتحركها في الإطار المدني فقط. وقد تكون الولايات المتحدة لاحظت أن تحرك هذا القوي على المستوي السياسي والمدني ضعيف لا يؤهلها لأن تضع نفسها نداً للقوي التي تحمل السلاح "هذه حقيقة" لذلك عمدت على تجاوزها متناسية أمر هام وهو أن تلك القوي السياسية إذا تجاوزت اشكالاتها السياسية فانها ستصبح أعلي صوتاً من البنادق المتحاربة. لذلك جملة ما يكن قوله أن الحزب الاتحادي إذا لم يعقد مؤتمره العام ويتحول إلى مؤسسة سياسية حقيقية تستطيع الحديث باسم ملايين السودانيين كما كانت تفعل طيلة فترات النضال ضد الدكتاتوريات السابقة، فعليه الموافقة بكل ما يملي عليه من شروط وعندها يجب أن يتخلي عن كل أدواره السياسية وطموحاته أيضاً. عودة إلى "ميرغني قرنق" اسمرا 16/ نوفمبر 1988م يلاحظ أي مبتدئ سياسي مدى الفشل الذي لحق بالجبهة الإسلامية في مفاوضات السلام بإصرارها على خوض اجندة تفاوضية لا تؤمن بها وهي غير موجودة أصلاً. هذه الاجندة التي كلفت السودان 12 عاما من الاحتراب وتدمير شامل لكل موارد البلاد "بشرية، اقتصادية، طبيعية". وعادت الجبهة الإسلامية تجلس لطاولة المفاوضات بشروط أكثر قسوة من اتفاقية رفضتها قبل 14 عام. ولعنتها على رؤوس الأشهاد والبت الشارع السوداني ضدها يدعوي أن الزعيم الإسلامي "تقصد الميرغني" يضع يديه في يد الكافر "قرنق" وتناست المؤتمر الدستوري والوقف الشامل لاطلاق النار و التي عجزت هي بكل اجتهاداتها التفاوضية عن الإتيان بمثلها.
شارك في إعداد هذه الورقة 1- محمد الفكي سليمان – المستوي الخامس علاقات دولية – جامعة الخرطوم. 2- ناظم حسن بشير ESSEX UNI – UK . 3- حمزه بلول الأمير – المستوي الرابع – اقتصاد علوم سياسية – جامعة الخرطوم. 4- محمد الأمين على مبروك – المستوي الرابع جيولوجيا كيمياء - علوم – جامعة الخرطوم
|
|
|
|
|
|
|
|
|