|
Re: كاتب إسلامي يدعو لعلمانية الخرطوم (Re: Napta king)
|
(علمانية الخرطوم) مطلب إسلامي قبل مشاكوس2
ما يرفضه العلمانيون
إنهم يرفضون تطبيق "الحدود"، وبالذات ما يختص منها بالجلد والرجم وقطع الأيدي والأطراف. ويرفضون الأخذ بمرجعية الإنقاذ وأحكامه في الرقابة على "الفكر" و"السلوك العام"، ويتخذون ـ عوضاً عن ذلك ـ من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان مرجعية لهم. هؤلاء يحيدون الدين عن السياسة وليس عن المجتمع بمنطق الفيلسوف الفرنسي فولتير (1694/ 177، فقد كان من أشد المؤمنين بالله سبحانه، ومن أشد الناس خصومة للكتابات "الإلحادية" ولهذا قدم نقداً لكتابات سبينوزا فاتهمه بالإلحاد السخيف في كتابه "الفيلسوف الجاهل". غير أن فولتير كان يكره "الكهنة" وما وضعوه من "لاهوت" يخرق أبسط مقولات العقل، ولهذا قال قولته المشهورة: "إن اللاهوت هو ثمرة لقاء أول كاهن (محتال) بأول (أحمق) من البشر". ولهذا رفض القيام بطقوس "الاعتراف الكاثوليكي" لدى احتضاره بين يدي قسيس، وأملى بدلاً من ذلك العبارة التالية: "أموت على عبادة الله، ومحبة أصدقائي، وكراهية أعدائي، ومقتي للخرافات والأحكام والأساطير (الدخيلة) على الدين ـ الوفاة مع الورقة ـ تاريخ 28 فبراير/ شباط 1778م". وطبعاَ رفضوا دفن جثمانه في مدافن المسيحيين. تلامذة فولتير من مثقفي الشمال السوداني يحيدون الدين عن "السياسة" ولكنهم يبقون عليه في "المجتمع". وكذلك "قرنق" لا يستطيع منع "عبادة الأرواح والأسلاف" حتى في عاصمته العلمانية جوبا. هؤلاء خير من "الوضعيين" أو تلامذة اوجست كونت (1798/ 1857) الذي عمد إلى "طرد" الدين من "المجتمع" و"العقل البشري" وطرد كل تفكير ورائي ما فوق الطبيعة، على أساس أن تطور العقل الإنساني ينتهي إلى "الوضعية" من بعد "الخرافة الدينية" ثم التأملات الماورائية في الطبيعة. ليس في السودان تلامذة لأوجست كونت، وحتى الشيوعي يصلي ويصوم، فالطبع يغلب التطبع، ومعظم الشيوعيين في السودان يذهبون إلى الحج والعمرة بعد سن الستين، أو حين يتحولون إلى رأسماليين، فهم أقرب إلى الأخذ بمفهوم "جدل الواقع" في التناقضات والصراعات الاجتماعية منهم إلى "المادية الجدلية". وبالذات أمينهم العام محمد إبراهيم نقد. كان الأمين العام السابق عبدالخالق محجوب الذي أعدم إثر انقلاب 19 يوليو/تموز 1971 "مثقفاً سياسياً" أكثر منه "عقائدياً" (رحمه الله).إذن ليس هناك رفض منطق العلمانية للدين في المجتمع، لا في العاصمة القومية الخرطوم، حيث يصلي الشيوعيون ولا حتى في جوبا حيث تسيطر روح الأسلاف وعبادة الأرواح الوثنية. ولكن الرفض وكل الفرض هو للكيفية التي وظف بها الدين سياسياً وسلطوياً، إذ تم تحويله من كونه معرفة بالله سبحانه وبأحكامه وعبادة له، إلى "أيديولوجيا" مهمتها السيطرة على البشر من أجل السلطة، وتعبيد الناس للسلطة وليس لله سبحانه وتعالى.
|
|
|
|
|
|
|
|
|