6- إن التنفيذيين الأمريكيين والبريطانيين وعلى رأسهم الرئيسين بوش وبلير ومساعديهم قد مارسوا كذباً مفضوحاً وقبيحاً، فنالوا بذلك من صورة المواطن الغربي في أذهان شعوب الجنوب والشرق. 7- إن كثيراً من مواطني العالم الثالث يقدِّرون الساسة الغربيين، أمثال روبن كوك، والمواطنين الغربيين البسطاء الذين قدموا إلى العراق ليشكلوا دروعاً بشرية، لأنهم مبدئيون، انحازوا إلى ضمائرهم، وضحُوا في سبيل ذلك بمناصبهم، ووضعوا حياتهم في أكفهم. إن أمثال هؤلاء هم المنتظرون لخلق عالم جديد تسكنه بشرية واحدة تخلت عن أطماعها واستعلائها وأحقادها. وأعتقد أن المواطن الغربي يجب أن يحرص على أن يتولى شئون الحكم عنده مثل هؤلاء المخلصين، ويبعد الأفاكين الأشرار عن مواقع القرار. 8- إن مراقبة الحكام والاحتجاج على سياساتهم ومحاسبتهم يعد من أهم مقومات الحكم الديموقراطي، ووسيلة ضرورية لتصحيح أخطاء الساسة. بيد أنه يجب أن لا يكون عملاً موسمياً، بل عملاً دائماً ودؤوباً. وهو لن يكون كذلك إلا إذا انصرف إلى محاولة علاج العلة الأساسية، ولم يغفل عنها لينشغل بالأعراض. فمثل هذا الغزو هو مجرد عرض لمرض الفكر السياسي الغربي. وهناك أخطاء كثيرة، بعضها يجد الاحتجاج، وبعضها لا يجد. وسأتحدث في الجزء الثالث من هذا المقال عن علة الفكر السياسي الغربي، التي لابد من علاجها لإحلال السلام في الأرض. لكن يكفي هنا القول بأن المواطنين في الغرب عليهم أن ينشطوا في علاج الديموقراطية الغربية. وعلة الديموقراطية الغربية هي أن نسبة قليلة من المواطنين تستأثر بالثروة، وهي بسبب ذلك تستأثر بالسلطة، وتستغلها لتحقيق مصالحها هي، لا لتحقيق مصالح الشعب. ففي أمريكا، مثلاً، تفيد الإحصائيات أن 1% من الشعب الأمريكي يستأثرون بحوالي 70% من الثروة. هؤلاء هم الذين يحكمون أمريكا، ويصنعون القرار، ويأتون بالساسة من الحزبين الديموقراطي والجمهوري ليفوز من يفوز منهم في الانتخابات، ليباشر السلطة نيابة عن هؤلاء الأثرياء، لا نيابة عن الشعب الذي أدلى بأصواته في الانتخابات. وكل حزب من هذين الحزبين يخاف على مصيره أن لم يستجب لرغبات هؤلاء الأثرياء، كما أن كل سياسي يترشح للرئاسة أو البرلمان يخاف على مستقبله السياسي إن لم يحقق رغباتهم. وقد جعل هذا الأمر من الديموقراطية الأمريكية هيكلاً كبيراً بلا روح. ومن أخطر الوسائل التي تحتكرها هذه القلة وسائل الإعلام، وهي تستغلها لإلهاء الشعب، وتضليله، وصرفه عن الثقافة الحقيقية. ومن أجل ذلك، فإن أي حركة لتغيير المجتمع الأمريكي، أو أي مجتمع آخر، لابد أن تولي اهتماماً خاصاً بوسائل الإعلام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة