|
Re: مغاااااارز .... (Re: Dr. Haitham Mekkawi)
|
استيقظت باكراً و هي تحمل من هموم الحياة ما عجزت عن حمله جبال .. لم تشتك قط من قبل .. تعلم ان لا وقت للشكوي ... و من يسمع الشكوي هنا غير الله ... تتذكر عامل الوقت و كم هو مهم بالنسبة لها فالوقت امضي من السيف في مدينتنا الفاضلة للبعض ...و البعض الاخر لديهم كل الوقت فعامل الزمن كثير التوقف هنا ... يشتد عليها الالم و كم نرضخ للالم احياناً ... لا وقت للرضوخ تقول ... تستعين بكل سبل و محاولات المقاومة المستميتة / الممكنة ... علها تتغلب علي ذلك الالم ... تعي ان بعض الالام التي لا نحتملها علينا التعايش معها ...
بعد كم من المحاولات انتصرت اخيراً مقاومتها المحدودة/الباسلة علي جبروت الالم الذي احتل جسمها ...
لحظة حرية كم تاق لها جسدها ... جرت جسدها عن الفراش كما جرت انفاسها ... تعلم ان الصغار في الانتظار ... علي ابوهم الذهاب الي العمل ... تعلم ان الحياة في منزلها تبداُ بها و تنتهي عندها ... عاد الالم و رغم الالم نهضت ..
تجر خطواتها ناحية المطبخ ... تحاول اعداد شاي يسد رمق الصغار ... رات ابوهم فابتسمت ... تذكرت حلماً قديماً كانا قد تشاركاه ...
حلم بعالم يكون فيها ابنها طبيباً ...علها لاتعاني مشقة الذهاب الي الطبيب .. كم منت نفسها ان تصبح ابنتها طبيبة تعالج الكل دون ان تطلب مالاً ... تعمل لوجه الله ...
ابتسمت راقت لها كثيراً تلك الفكرة ... زال الالم للحظات ... تعلم كم هي باهظة فاتورة العلاج ... كم باهظة هي الحياة ... كم رخيص هو الانسان ...
ودعت ابنائها راحت تراقيهم و هم يركضون لتحقيق حلم ام حنون ... ذهبوا ليمخروا بحور العلم النافع و غير النافع لا ضير سيصبحون شيئاً ذات يوم تقول ...
عادت و جلست تخفف عن زوجها و تهون عليه مصاعب يوم قد يكون طويل .. "هو يوم اخر و لن يكون الاخير" تبتسم و هي تقول ...
تستاذنه ان تذهب الي الطبيب فالام الصدر ماعادت تهداء و لا تستطيع الاحتمال و يجدر بها الاسراع الي المستشفي الخيري ... فاليوم يوم عيادة طبيبها ... يبتسم الزوج و يدعو لها بالبركة و الشفاء ... يذهب هو و تذهب هي ...
حضرت الي المستشفي باكراً .. انتظرت مع المنتظرين اولائك الذين لايملكون مالاً لينعموا بمقابلة الاختصاصي انا شائوا و متي ارادو ... لا مجال لرؤيته الا اليوم ... اصطفت مع المصطفين ...
انتظرت و انتظرت ثم انهارت و سقطت ...
حملت الي غرفة الحوادث ... باردة كلوح ثلج .. باردة كضمير البعض منا ...
نبض ضعيف لا يقوي علي مواجهة نبض المدينة الفاضلة ...
يسرع نحوها الاطباء ... تبداء في تلقي العلاجات ... لا استجابة ... لا معلومات مجهولة هي ...رقم اخر من ارقام مدينتا الفاضلة ...
تتسارع الفحوصات ... يتسارع الاطباء ... يقررون فتح حقيبت يدها القديمة ... علهم يجدون معلومة تخبر عنها ...
وصلوا الي تشخيص مخيف كحاضرنا ....
الامل ينطفي في عيون البعض .... و تزداد العزيمة عند البعض الاخر ...
تبداء الحرارة في العودة الي جسمها ... تفتح عينها "تردد اضربو لي ....." رقمه في الشنطة في الجيب ثم تخر ... يتوقف قلبها كما توقفت ساعة المشفي ... قلب كبير بلا حركة ... قلب عشق الحياة بصمت ... فاختار الصمت ...
يبداء الانعاش القلبي ... عله ينعش قلب عشق هامش الحياة ... عشرة دقائق لا استجابة يزداد عدد الاطباء ... عشرون دقيقة و فريق طبي كامل يحاول جاهداُ ...
لا استجابة فقلبها المفعم بالايمان جاور قلب حالنا الا نابض ...
بعد ساعة من المحاولات اعلنت الوفاة ....
ماتت و هي تنتظر ان تقابل اخصائي مجاناً لانها لا تملك المال ... الا في مستشفي خيري وكم قليلة هي المستشفيات الخيرية ان وجدت ... في مدينتي الفاضلة ...
ماتت منتظرة الا انها رفضت ان تموت مجهولة اخبرتنا عن نفسها و عن حلمها ... ذهبت هي و بقي حلم مصيره التحقق و لو بعد حين ...
اكثر ما اثار استغرابي ان لا مال في حقيبتها ... كانها كانت تعلم انها لن تحتاج المال حيث تذهب ... لا صفوف حيث ذهبت ... لا انتظار هناك ...
و مغااااارز يا وطن بالفيهو نتساوا نحلم نقرا نتداوا مغاااارز ... مغااارز يا مجانية العلاج مغااارز .... مغااارز يا تامين مغااارز ... مغااارز يا مدينتي الفاضلة مغاااارز ....
|
|
|
|
|
|