|
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) (Re: Dr.Ahmed Boasch)
|
(4) وبما أننا قد استوثقنا من أن الآلية الديموقراطية هي التي تدفع عجلة الحياة وتحدث التطور وتلبي احتياجات المجتمعات، تكون الديموقراطية هي إحدى سنن الكون لأن الكون مجبول على التطور ومفطور على الحركة والنمو والازدهار لا على السكون بما في ذلك الجمادات، حيث تقول الآية الكريمة لمن آمن (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) سورة النمل الآية 88. والحركة والتطور تتطلبان الحرية، والعقل هو مصدر ومركز الحرية قبل أن يترجمها الجسد إلى أفعال وحركات ونشاط لصيرورة التطور والإبداع. إذن الحرية هي أيضا سنّة من سنن الكون مع الديموقراطية والتطور لا انفصام بينهن ولا تقوم أي منهن في معزل عن الأخريات. في المقابل نجد أن الأحكام الدكتاتورية تقّيد حرية العقل وبالتالي تعطّل ملكات الفرد والمجتمع فيتحول الإنسان من عقل وحركة إلى مجرد جسد فيتوقف التطور. وإذا كنا آمنا أن سنة الكون هي التطور المستمر القائم على حرية الفكر وحركة الإرادة، فإن كل حكم تسلطي دكتاتوري يقع بالضرورة خارج هذه السنن الكونية ولا يعدو كونه مجرد حمل كاذب خارج رحم الحياة والحضارة والإيمان ومناهض للإرادة الربّانية. لذلك فإن كل دكتاتور يرفع عصاه بالتهليل والتكبير يكون إما جاهل بالدين أو كاذب باسم الدين. ومن حيث أن كل حكم دكتاتوري يقع خارج السنن الكونية، فإنه حالة مؤقتة مصيره إلى نهاية حتى يعود الكون والحياة إلى الحرية والديموقراطية والتطور. الحكومة السودانية الراهنة بلغت نهاية أجلها. هذه الحقائق تؤكد يشكل حاسم أن كل النشاط الاقتصادي الذي قامت به الحكومة السودانية الراهنة قد فشل في تلبية احتياجات المجتمعات السودانية لأنه نشاط تم خارج آلية إدارة المجتمع وخارج سنّة الكون في التطور، وبالتالي خارج منطق النمو الاقتصادي. ولهذه العلة لا غرابة أن نجد أن البيوت الفاخرة والعمائر الفارعة التي تطاول بنيانها في سماوات الخرطوم ومدن السودان ومشاريع تدّعيها هذه الحكومة فشلت كلها فشلا تاما في تلبية احتياجات المجتمعات السودانية، بل أورثت الشعب رهقا ومسغبة ونشرت الفقر والغلاء الفاحش وهشّمت هياكل الاقتصاد التقليدي وحطمت الطبقة الوسطى واستأصلت دور هذه الطبقة في تنمية المجتمع وجعلت المال والنشاط الاقتصادي دُولة بين فئة قليلة وجعلت الدين وسيلة للتكسب والقمع. قوم ثمود وهبهم الله من الخيرات الكثير، إلا أن المترفين أهل القوة والبطش استأثروا بالنعم وأفقروا الشعب. كل هذه القرائن والحقائق تبرهن بدورها على حقيقتين أولاهما أن الحكومة السودانية الراهنة لكونها سطت على البلاد بقوة السلاح فهي عمل ينافي آلية إدارة المجتمعات، تلك الآلية التي توافقت عليها المجتمعات السودانية منذ مئات السنوات. وكما ذكرت في سياق سابق تحت عنوان (هل تحكم السودان جماعة باطنية) فإن التنوع الاجتماعي السوداني جعل من الآلية أو الديموقراطية قدرا محتوما على الشعب السوداني لا محيد عنها ولا بديل لها. ومن هنا نحصل على الحقيقة الثانية التي بدأنا بها هذا السياق وهي أن الأزمات والحروب والفقر وكل ما يرسف فيه السودان هو إفراز لأداء هذه الحكومة وكينونتها باغتصاب السلطة. وطبعا هذه الأزمات هي التي حركت المجتمع الدولي والداخلي ضد الحكومة السودانية الراهنة .. فلم تستصرخون الشعب يا هؤلاء؟ وإذا نظرنا إلى ما يمر به السودان في هذه اللحظة، يتضح لنا أن شدة الضغط متصاعد الوتيرة غالبا ما سوف يدفع الحكومة السودانية الراهنة نحو موجة جديدة من الهياج والتصعيد الشعبي من أجل استدرار موقف جماهيري لنجدتها. لقد باخ أسلوب تحريك المجتمعات والمظاهرات والخطب النارية والتصعيد الكلامي وأصبح تِفلا لا عصارة فيه بحكم أنه فشل مرة تلو الأخرى في دفع الشعب السوداني لمناصرة الحكومة أو فك عزلتها. فكل تلك التجارب التاريخية الضاربة في عمق التاريخ والتجارب الحديثة قد علمت الشعب السوداني أن يرسم الحدود بدقّة متناهية بين مسؤولياته تجاه الوطن وبين محاولات الحكومات الشمولية والدكتاتورية استغلال الشعب كأداة لتحقيق رغباتها أو استخدامه درقة تتقي بها سهام الخارج والداخل. السواد الأعظم من الشعب السوداني يدرك اليوم أن الحكومة السودانية الراهنة تحاول تحريك الحس الوطني بغية صف الشعب خلف إرادتها ليس من أجل الدفاع عن الوطن بل للدفاع عنها وعن استمراريتها. الموقف السلبي الذي يتخذه الشعب السوداني تجاه نداءات الحكومة بجمع الصف الوطني يعبر عمليا عن إدراك الشعب للعبة الحكومة. والواقع أن هذا الموقف السلبي الذي يتخذه الشعب السوداني يحمل كل معاني الايجابية والعصيان المدني، وينم عن درجة متقدمة من الوعي الشعبي خاصة في ظل غياب مؤسسات سياسية (أحزاب) ديموقراطية قادرة على استيعاب تطلعات الرأي العام والتعبير عن هذه التطلعات وتطويرها قدما.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:19 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:24 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:26 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:29 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:31 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:34 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Dr.Ahmed Boasch | 01-07-09, 06:39 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | عبدالرحمن الخليفة | 01-07-09, 08:33 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | سالم أحمد سالم | 01-08-09, 04:30 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | سالم أحمد سالم | 01-08-09, 04:49 AM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | Elawad Eltayeb | 01-12-09, 03:17 PM |
Re: أشقياء ثمود وناقة الشعب السوداني (منقول) | سالم أحمد سالم | 01-12-09, 09:20 PM |
|
|
|