ماقالو الدكاترة ولادة الهنا

Quote: التاريخ: الجمعة 2 يناير 2009م، 6 محرم 1430هـ 22549 أعمدة يومية مـداد تفاصيل المستشفيات: خبط عشواء! ويشدني كل شىء لاقص عليكم واحدة من قصص سوء الادارة في بلادنا. يوم الخميس الماضي يوم عطلة الكريسماس سقط الصبي سهوا من مكان مرتفع وكسر«كوعه»، حمله ذووه الى مستشفى كبير، وهو واحد من اكبر ثلاثة مستشفيات حكومية مدنية في البلاد. في قسم الطوارئ، اكرر الطوارئ، قال لهم الطبيب المناوب، طبيب امتياز، في القسم سوف اقوم بـ « تجبيص» الكوع المكسور الآن على ان ينتظر الصبي على حاله ذاك الى يوم الاحد، ليقابل الاخصائي في الصباح ليقرر بشأن الكوع المكسور،اي بعد انقضاء جميع ايام العطلات:الخميس والجمعة والسبت، استغرب ذوو المريض الامر وسألوا الطبيب ان كان حديثه جدياً ام نوعاً من المزاح، غير انه قال: نعم الامر كذلك، طالبوه باجراء اتصال بالاخصائي، قال انه لايستطيع فعل ذلك، والحل الوحيد لديه في «قسم الطوارئ» او الانتظار الى صباح الاحد، وتكررت المحاولات مع الطبيب لايجاد اي مخرج للحالة الطارئة، ولكنها كلها باءت بالفشل.عندها حمل ذوو المكسور صبيهم المكسور وانكساراتهم هم في غرفة الطوارئ بالمستشفى الكبير وغادروا المكان، وما كان لهم من سبيل آخر الا التوجه الى «اولاد البدري» المتخصصين في جبر الكسور بالبصارة، في شارع الاربعين «المجاور» للمستشفى الكبير، وقاموا بالواجب، الذي لم يقم به قسم الطوارئ في المستشفى الكبير . لا ادري من بعد: هل انجبر الكسر على يد «اولاد البدري» ام لجأ ذوو المكسور الى قسم طوارئ في المستشفى الكبير بعد وصول الاخصائي صباح الاحد، ام لجأوا الى مستشفى آخر. غير ان الحقيقة المرة في القصة ان قسم الطوارئ لم يتعامل مع الموضوع بالطوارئ، بل بلا مبالاة . كان يلتزم جانب التأجيل، بمبرر العطلات وغياب الاخصائي، لا بمبرر طبي. اذا قرأنا هذه الواقعة المريرة، مع واقعة الطوارئ والعناية المركزة مع الاستاذ الصحافي الراحل حسن ساتي ، حسبما وردت في الانباء والتعليقات، نصل الى حقيقة واحدة هي ان مستشفياتنا تقع تحت رحمة اخصائيين هم الذين «يوظفون»المستشفيات وفقا لقوانينهم ولوائحهم الخاصة، وربما مزاجهم، وليست المستشفيات هي التي توظفهم: توفر لهم الماهية على قلتها، والسيارات، والمكاتب على قلتها والامتيازات على قلتها. كما يبدو من الواقعتين ان النظم الادارية، التي تحكم عمل المستشفيات تصمم وفقا لاوضاع العاملين في المستشفيات من اطباء وغيرهم، وليس وفقا لنظام ضروري لتوفير العلاج للمرضى، وفي الوقت المناسب. بهذه الكيفية يكون الوقت المناسب للعلاج هو الوقت المناسب للطبيب، وليس وقت المريض، كما يبدو لي ان هناك من يتخذ من هذه المستشفيات ساحة لتظبيط اعماله خارج المستشفى.عناوين وساحات لترتيب «العدادات» الاخرى، وارضاً خصبة لزبائن جدد لعياداتهم الخاصة. لا اتحدث بالتعميم المخل، ولكن الصورة تبدو كذلك. تشير الكثير من الوقائع على مستوى الاداء اليومي في منافذنا الصحية من مستشفيات ومراكز صحية، ان «العلة والداء»، ليست شح الامكانيات، وانما السوء في ادارة وتوظيف الامكانيات المتاحة، وهي امكانيات الآن في العاصمة، من حيث المعدات والبيئة والميزانيات، اقول ملء فيَّ جيدة، وفي بعض الاماكن ممتازة. المرافق الصحية تدار، على مستوى التفاصيل، خبط عشواء، ربما لاتدري وزارة الصحة ذلك، ولكن عليها ان تدري، وان تدري ان مهمتها الاولى ليس توفير المعدات وتشييد المباني، واستلام كتب الانجازات وتقارير خيالية، ولكن الاهم من ذلك كله التوصل الى ادارة تفصيلية فاعلة للمرافق الصحية، على مستوى الاقسام والطوارئ، وفي المسافة اليومية الحرجة، بين المريض وحلقات العلاج الاخرى في المرافق. إسماعيل ادم