|
Re: نقد العبث اليومي (Re: هشام آدم)
|
أولًا: سبحان الله في الأصل تعتبر هذه العبارة ذات دلالة دينية محددة وتأتي بمعنى (تنزه الإله) ولهذا فإننا نجدها في النص القرآني مستخدمة فقط في هذه الحالة (أدلة من القرآن) ولهذا يقال: "سُبُّوح قُدُّوس" فالمُسبَّح والمُقدَّس هو المُنزَّه وهو هنا يأتي دائمًا بمعنى المنزه عن أي علة، وحسب الاستخدام القرآني لعبارة (سبحان الله) فإنها تأتي غالبًا في حال كانت هنالك شبهة تمس الذات الإلهية أو تحاول التشكيك في قدرته أو إحدى صفاته، فتأتي الجملة لتقفل الباب تمامًا أمام هذه الشبهة أو هذه النقيصة فيقال: "سبحان الله" أي "تنزه الله عن هذا الكلام أو هذه النقيصة" ولكن في حياة المسلم اليومية فإن هذه العبارة تستخدم بصورة خاطئة في حالات لا تختص بها هذه العبارة من حيث معناها الديني الأصيل، فنجد المسلمين يستخدمون هذه العبارة في معرض تبيان قدرة الله كأن يقول أحدهم: "الله رفع السماء بدون عمد مرئية" فيرد الآخر تعظيمًا (وليس تنزيهًا): "سبحان الله" وهذا الاستخدام الخاطئ منتشر بكثرة في الأوساط الإسلامية بحيث أصبحت العبارة مرتبطة بالتعظيم وليس التنزيه كما رأينا، وقد يكون لذلك اعتقاد بأصل العبارة في هذا الموضع كما في قوله {{سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}} لأن الظاهر هو استخدام هذه العبارة في معرض التعظيم والتمجيد للإله وليس التنزيه، ولكن الراجح أنه هنا للتنزيه، لأن الفكرة هنا سد الباب أمام أي محاولة للتساؤل عن "الكيفية" التي تم بها الإسراء لأن العقل البشري يميل في العادة إلى التجسيد والتشبيه لتقريب الصورة والفهم في محاولة للإدراك، فيكون المعنى: "لقد أسرى الله بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى متنزهًا عن أي تشبيه أو تجسيد" وسواء صح هذا التفسير أم لم يصح فإن المعنى المعجمي يلزمنا دائمًا بدلالة التنزيه. فبالرجوع إلى (لسان العرب باب س ب ح) نقرأ: Quote: والتَّسبيح: التنزيه. وسبحان الله: معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف، قال: ونَصْبُه أَنه في موضع فعل على معنى تسبيحاً له، تقول: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً له أَي نزهته تنزيهاً، قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزجاج في قوله تعالى: سُبْحانَ الذي أَسْرَى بعبده ليلاً؛ قال: منصوب على المصدر؛ المعنى أُسبِّح الله تسبيحاً. قال: وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل |
ثم إن العبارة نفسها تستخدم كذلك في مواطن غريبة، فعندما يرى الشخص كائنًا غريب الشكل أو مولودًا مشوهًا أو برأسين أو توائم ملتصقين فإنه يقول: "سبحان الله" وهي هنا لا تأتي بمعنى التنزيه ولا بمعنى التعظيم وإنما بمعنى التعجب من الفعل الإلهي. والمسلم حين يقول ذلك فإنه لا شعوريًا يتهم الله في التسبب بإحداث هذه الظاهرة العجيبة، وسوف يكون الله في هذه الحالة مساءلًا عن أخلاقية أفعاله: فإذا كان الله هو الخالق وهو المتدخل فعليًا في عملية الخلق، فلماذا خلق طفلين ملتصقين ولماذا خلق مولودًا مشوهًا مثلًا، رغم معرفته المطلقة باستحالة أن يحيا المرء بصورة طبيعية على هذا النحو، قبل أن يتدخل الطب والعلم الحديث بإيجاد حلول لفصل التوائم الملتصقين أو معالجة بعض حالات التشوه التي يمكن أن يعالجها. فأي تنزيه أو تعظيم قد يعنيه المسلم عندما يرى ظاهرة غير سلمية أو غير طبيعية تدفعه إلى أن يقول: "سبحان الله"؟ إضافة إلى هذا وذاك فإن عبارة "سبحان الله" تتردد فيما لا يمكن التصديق بتدخل الله فيه، فقد أدهشني أحدهم بينما كنا نشاهد برنامج (الحياة البرية) على قناة (National Geographic) مجموعة من العلماء وهم يفتحون بطن تمساح ليجدوا جثة فتاة كاملة داخله، فقال: "سبحان الله" ولم أفهم ما عناه بالتحديد من عبارته في تلك الحالة بالتحديد! ولكن عمومًا تستخدم هذه العبارة في حالات لا علاقة للإله بها على الإطلاق كتولد لون عند مزج بعض الألوان المختلفة، أو انعدام حالة الجاذبية بعد تجاوز المجال الأرضي، أو مشاهدة ظاهرة قوس قزح أو حتى في آلية عمل مصنع لتصنيع السيارات(!) وفي هذا الصدد أستحضر طرفة تقول إن أحدهم قدم إلى المدينة للمرة الأولى في حياته، وقام بزيارة قريبه الذي يعمل في مصنع للدواجن، فرآى آلة ضخمة بها أزرار كثيرة وأضواء مختلفة الألوان، فسأل قريبه: "ماذا تسمى هذه الآلة وما هي وظيفتها؟" فأجابه: "إنها (فقَّاسة) اصطناعية، ندخل البيض من هذه الناحية، فتخرج لنا من الناحية الأخرى كتاكيت جاهزة." فصاح الآخر باندهاش: "سبحان الله" فاستدرك قريبه قائلًا: "بل سبحان الفقَّاسة!"
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:04 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:12 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:26 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:43 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:54 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:03 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:13 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:20 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:24 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 06:33 PM |
Re: نقد العبث اليومي | rummana | 10-15-12, 07:05 PM |
Re: نقد العبث اليومي | جدو | 10-15-12, 07:42 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 09:43 PM |
Re: نقد العبث اليومي | أحمد ابن عوف | 10-15-12, 10:36 PM |
Re: نقد العبث اليومي | أحمد ابن عوف | 10-15-12, 10:43 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-16-12, 07:42 PM |
Re: نقد العبث اليومي | طه جعفر | 10-17-12, 03:56 AM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-17-12, 03:10 PM |
Re: نقد العبث اليومي | awad okasha | 10-17-12, 04:06 AM |
Re: نقد العبث اليومي | ريهان الريح الشاذلي | 10-17-12, 08:12 AM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-17-12, 03:14 PM |
Re: نقد العبث اليومي | محمد على طه الملك | 10-18-12, 10:49 AM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-18-12, 03:36 PM |
|
|
|