|
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني (Re: Sabri Elshareef)
|
ابتدأ "الموفق" باللعب على نفسية العبد. فأرسل لعبد الله بن محمد يفاوضه ويرهبه، ويعرض عليه كلون من الاغراء المادي خمسة دنانير مقابل كل عبد يسلمه (أنظر كم كانت قيمة الانسان؟)، فلم يحفل به ولا بعروضه ومضي في دعوته التحريرىة، بل وبدأ منعطفاً آخر عندما قرر قبول الاحرار من الفقراء في جيوشه، مما أدى إلى مزيد من هزيمة جيوش الخلافة.
وقررت الخلافة وضع كل امكانيات الامبراطورية للقضاء على الزنج، وحشدت جيوشاً طارئة أمكنها السيطرة على مجاري الانهار وحصار قنوات المياه المحيطة بمناطق الزنج المحررة. وأخذت سفن "الموفق" تجوب المياه تنادي الزنج للتخلي عن زعيمهم، ومن استسلم منهم أمنه "الموفق" وأكرمه واركبه معه سفينته ليعرض حاله على زملائه المحاصرين، مع عرض آخر لرؤوس من قاوم من الزنج. فبدأ الجيش الثائر يستشعر الضعف والهوان والرهبة. وإزاء الحصار انتهى الامر باستسلام العبيد فرادى وجماعات لجيوش دولة الخلافة.
يرى المؤرخون المسلمون أن عبد الله بن محمد لم يكن الا مغامراً شريراً تسبب في فتنة وخراب طمعاً في الرياسة، وتجدهم لا يسمونه الا الخبيث واللعين، ولا يصفونه الا بعدو الله وعدو المسلمين. لكن تراهم بماذا كانوا يسمونه لو كان هو المنتصر؟ لذلك يرى باحثون محدثون، ومنهم أستاذنا طه حسين، أنه كان رجلاً ذكي القلب بعيد الامل دقيق الحس ضابطاً لأمره مالكاً لارادته. كان يعيش في بغداد وعلى اتصال ببعض عبيد قصر الخلافة، فرأي الفساد عن قرب، ورأى عبادة اللذة والخلل الاخلاقي والاجتماعي فتكرهه نفسه. لكن هل كانت تكرهه لانها كانت نفس كريمة تحب الخير وتكره الشر وتطمع في العدل وتؤثر المعروف؟ أم كانت نفساً طموحا تريد أن تشارك في نعيم الاحرار؟
إن مطالعة ما حدث تطلعنا على الاجابة.
الظاهرة الاولي الملفتة للنظر، هي ذلك الافتتان الشديد به بين الناس حتى حالفه فقراء الاحرار، وخاضوا معه المعارك متحالفين رغم انه لم يكن قرشياً، ولا حتي عربياً، ولا نبياً، ولا رسولاً، ولا صاحب كتاب، ولا صحابياً، ولا صاحب معجزات، ولا هو حتي أبيض اللون كالبشر الأسوياء انسانياً في زمنه. افتتن الناس به وأيدوه وهو العبد الاسود المفرد ضد الخليفة المؤيد من الله في اعتقاد زمانهم، والمؤيد من الشريعة ومن الاجماع ومن جيوش الامبراطورية بعد ذلك ظهيرا. لقد تصدوا مع عبدالله لجيوش الخليفة التي فتحت بلداناً وهزمت دولاً، وانتصروا في كل المواقع عدا الاخيرة. وفي زمنهم لم يعرفوا ما هي حقوق الانسان ولم يسمعوا عنها كما في أيامنا، ولم يعرفوا العقد الاجتماعي ولا مبادئ الثورة الفرنسية، ولم يعلموا ما هي الدساتير ولا البرلمانات . انها كانت روح الانسان الحرة التي ثارت على السيد خليفة الله في أرضه، حتي لو كانت الثورة عليه كفراً كما يؤكده دوماً علماء السنة وفقه السنة على اتفاق. لقد اختاروا الحرية ولو كانت مروقا من الشرعية، اختاروا الحرية على العبودية في ظل الشرعية.
ولا يمكننا ان نزعم ان صاحب الزنج كان مدعوما من امريكا أو عميلاً لاسرائيل، أو انه تعرض لضغط أو تأييد من الرئيس بوش ، بينما في ايامنا عاد الماضي الكريه بظله مع دعاة الاستعباد والخلافة والدولة الاسلامية، التي رفضها عبيد البصرة من الزنج وفقراء الاحرار. لقد فهم عبد الله بن محمد أن نظام الخلافة المؤيد بالفقه المشيخي المقدس هو موطن الداء، فقام يضربه بعنف، ومعه كل المستضعفين. كان الخليفة قرشياً عربياً مقدّساً ورفض عبيده السجود له، واليوم يريدوننا أن نسجد للمشايخ من رموز الاسلام الذي لا يعرف رموزاً!!
العبيد رفضوا نظام الخلافة الاسلامية وطريقته في الحكم في القرن العاشر الميلادي، ويأتي من يطالب بعودته في القرن الحادي والعشرين!
يلفت النظر بشدة قول عبد الله بن محمد لأصحابه "لنغامر كما غامر الناس". كان التاريخ ماثلاً لم يمض بعد بتاريخ الفتوحات، عندما غامر العرب ففازوا بالارض ومن عليها. لكن هذا التاريخ الماثل يبدو أنه أيضاً كان هو المثل والقدوة. فقام عبدالله بن محمد يختار لنفسه راية خضراء، كتب عليها الآيات: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون".
لقد جعل الحرب في سبيل الحرية، حرباً من المؤمنين ضد المشركين، كما هو موضوع الآيات، لقد جعل حربه حقاً يقف الله بجانبه ضد الخلافة ونظامها كله، أصبحت هي الباطل.
يلفت النظر أيضاً وفاء صاحب الزنج لأتباعه بما كان يعد، كان يحلف لهم جهد ايمانه أنه سيملكهم أرضهم، ويجعلهم سادة يملكون الرقيق بعد أن كانوا رقيقاً، وانهم سيملكون ساداتهم، وبر لهم دوماً بما وعد. بل قام يطبق على السادة الذين اصبحوا عبيداً شريعة هؤلاء السادة العرب، فكان يجلدهم بالسياط، ويوزع على اتباعه أنصبة عادلة من غاراتهم على السفن والقري، بنفس نسبة التقسيم زمن غزوات النبي وغزوات الفتوحات، سواء كانت تلك الأنصبة منافع مادية أو بشراً من أطفال ونساء السادة المترفين. فأنفذ في العرب شريعتهم، لكنه ارتقى عنهم خطوة عندما ساوى بين البيض الاحرار وبين الزنوج وآخى بينهم كمؤاخاة المهاجرين والانصار.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 00:17 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 02:54 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 02:59 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 03:02 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 04:27 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | كمال حامد | 11-26-08, 05:08 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 05:06 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 05:31 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 08:07 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-28-08, 00:53 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-28-08, 05:36 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | د.أحمد الحسين | 11-28-08, 06:31 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | jini | 11-28-08, 11:01 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | MAHJOOP ALI | 11-28-08, 11:10 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-29-08, 11:55 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-30-08, 01:56 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 12-01-08, 08:18 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | محمد على النقرو | 12-01-08, 10:31 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | مؤيد شريف | 12-01-08, 10:48 PM |
|
|
|