(1) نبدأ على غير المعتاد من البدايات : لستُ منتمياً لأي حزب .. أنا طائر حُر ، أتسلق الشجار العالية وأصعد السماوات العلا . وفي تجربة من تجارب حياة .. التقيته . أسمر اللون هادئ ، و وسيم . يُجاور الصمت . قليل الحديث ، دقيق العبارة . منفتح الأسارير . يتهيبه الجميع من فخامة مجلسه وجدية حديثه . هو ابن ناظر الريزيقات الراحل ( محمود موسى مادبو) . تم تعيينه وزيراً للدفاع أيام الديمقراطية الثانية أواخر الستينات ، وزار الإتحاد السوفيتي السابق وأنجز اتفاق خاص بتغذية القوات المسلحة السودانية بطائرات الميج 21 . استلمها السودان أوائل أيام (25) مايو ، وكانت تُحدث فرقعة من اختراق سرعة الصوت عند تجريبها في سماء العاصمة تلك الأيام . عاد لجامعة الخرطوم مدرساً ، ورجع لمكتبه بمعهد بحوث البناء والطرق . كان معلماً لنا لمادة ( قوى المواد ) وتأثير الأحمال عليها . صارماً في التدريس ، جاداً بفضله انتقلنا من الاسترخاء إلى الشد الذهني . كل محاضرته باللغة الإنجليزية بما فيها التعليقات خارج الموضوع . كانت محاضراته لنا في السنة الجامعية الأولى تبدأ في السابعة صباحاً . وفي يوم مُمطر تقاطرنا صباحاً أمام قاعة المحاضرة في انتظاره ، وتأخر الدكتور مادبو على غير العادة . وعلق أحدهم : ـ يتأخر الدكتور من المحاضرة ...من علامات الساعة ! فعلق آخر بطُرفة : ـ علامات الساعة سبعة !! وضحكنا . بعد مضي ربع الساعة جاء احدنا قادماً من داخل القاعة ، واستدعانا لننظر في السبورة . وقرأنا باللغة الإنجليزية الفصيحة اعتذاره عن المحاضرة مكتوباً ويعد بتعويضنا المحاضرة عصر أحد أيام الاثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء ، على أن يتفق الجميع على اليوم والساعة وسوف يقوم بتعويضنا المحاضرة ، حتى لا تُصاب ساعات محاضراته بالترهُل .! عند اختبار آخر العام . افتتح بحديث موجز باللغة الإنجليزية الفصيحة ـ وكانت تلك هي لغة التدريس الجامعي ـ وقال : ـ الغرض من الاختبار هو معرفتكم بأسس المادة ، وفي حالة استعصاء المادة الحسابية عليكم يمكنكم كتابة القاعدة وترتيب أولوياتها ، فتلك تمنح صاحبها النجاح ، ومن يرغب التفوق يُكمل التفاصيل .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة