د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 02:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-17-2008, 10:28 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين

    تنويه:
    يعاد نشر المقال مرة اخرى لاخطاء صاحبت نشره أمس
    (1)
    عدت بعد غياب طويل وفي اليوم التالي استيقظت باحساس غريب وغير مريح ران على نفسي منذ الصباح. ونسميه في الشمالية «اللارو» - أظنها كلمة نوبية - وهي كلمة نفسية أكثر منها ذات دلالة لغوية. ويعني جوها العام أن المرء سيسمع خبراً مزعجاً وحزيناً أو بكلمات مباشرة الخبر عن شخص عزيز. وبالفعل في ظهيرة يوم السبت اتصل بي من يخبرني أن عثمان حسين توفى، والدفن الساعة الرابعة بمقابر فاروق. وشعرت بأن جزءاً كبيراً من روحي وروح جيلي قد سقط في العدم والسديم، وأن أحد أقارب الوجدان والمزاج والنفس قد غادر العائلة التي نستظل بها، وهو فقد يتجاوز أحيانا حزن أقارب الدم والنسب. وقد كان عثمان حسين أباً روحياً ضم في جناحيه الباحثين عن الجمال والسمو وإتزان فوضى الحياة في مجتمع عالمثالثي متخلف وكئيب، ورب أبٍ لك لم تتزوجه أمك. وغمرني الحزن تماماً وتذوقت في لهاتي شيئاً مثل طعم الرماد، وفي مثل هذه الحالة لن تنقذك الدموع إلا أن تجهش بالبكاء. فأنت تشعر وكأن الكرة الأرضية قد سقطت أمامك. ووقفت عاجزاً عارياً من أي أدوات للصبر والجلد والتحمل، وفي نفس الوقت لا تجدى الانفعالات الهستيرية فتيلاً. وتساءلت كيف السبيل للسلوك العادي؟ وانقذني محمود درويش ببعض مقاطع الجدارية في مواجهة الموت، حيث يقول:-
    هزمتك يا موت الفنون جميعها
    هزمتك يا موت الأغاني في بلاد الرافدين.
    مسلة المصري، مقبرة الفراعنة.
    النقش على حجارة معبد، هزمتك وانتصرت
    وأفلت من كمائنك الخلود.
    فأصنع بنا، وأصنع بنفسك ما تريد!
    بالفعل ستهزم أغاني عثمان حسين الموت، لأنها ستظل تملأ أركان هذا الوطن الصحراوي، حتى في غاباته، بالشجو والنغم والخيال والمتعة التي نستلها من ذابلات الورود. ويهرب عثمان حسين من الموت لكي يختبئ في أغنياته وألحانه وسيظل خالداً إلى أن تطوى هذه الأرض ومن عليها. فالعمر الفيزيقي لعثمان حسين حتماً كان لابد له من نهاية، ولكن ينطلق العمر الروحي مخترقاً الدهر وملامساً للأبدية.
    رغم كل هذا التفاؤل ولكن تقبل مرارة الموت يظل قاسياً. ولكننا نتعود الموت وهذه جسارة وعظمة الانسان، وكما يقول الوجوديون إن سمو الانسان يكمن في كونه الكائن الوحيد الذي يدرك انه ميت ومع ذلك لا يتوقف عن الحياة. ولذلك يلجأ الموت دائماً للخديعة، وهذا ما أسماه الشاعر الجاهلي «الموت الفجاءة» ومع ذلك يتسلل الموت إلينا بحيل شتى، وللمتنبئ قول رائع - كالعادة - في هذا المجال:-
    لولا مفارقة الأحباب ما وجدت
    لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
    فالمنايا تعودنا على قبولها حين نفارق الأحباب، ونرى الموت فيهم ونتألم لفقدهم. ومن التكرار، وفقد الأحباب ومفارقتهم، يحاول الموت أن يكون صديقاً وعادياً ومقبولاً وهذا هو الطريق السهل إلى أرواحنا والتي تكون قد عرفت الموت وتساكنت معه. وللألمان مثل يقول:- الفراق أو الوداع موت صغير، وهكذا أيضاً من خلال هذا الموت الصغير المستمر نصل في النهاية إلى الموت الكبير. هذه أشكال للسلوى في قبول فقد مثل فقد عثمان حسين، لقد تعودنا الموت وأن اختلفت عظمة المفقود.

    (2)
    اتضح بعد سنين طويلة أن السودانيين عاشوا مفارقة ومأساة، فقد ركنوا بحبور إلى أنهم شعب مسيس ومهتمون بالسياسة أكثر من شعوب المنطقة التي يعيشون فيها. وكانت النتيجة أنهم أهملوا الثقافي والاجتماعي والانتاجي، وفي النهاية ظهر جلياً أنهم لا يعرفون شيئاً في السياسة ولا في الاحتجاج ولا المعارضة. فقد جاء متسلطون استخدموا أساليب لم يعرفها السودانيون في كل التركيات السابقة، اخترعوا اشكالاً من التخويف والترهيب والترغيب والاغراء والإفساد بحيث حوّلوا الانسان السوداني إلى انسان آلي منوّم. هذا التسييس الفائض والمتضخم لم يمكن المثقفين السودانيين أو النخبة السودانية من رؤية جوانب أخرى في تطورها نحو الحداثة والتحديث والتغيير الاجتماعي والثقافي فقد رأوا في قيام مؤتمر الخريجين قبل سبعين سنة انجازاً سياسياً ووطنياً رائعاً ولا يضاهى. وغابت عن رؤيتهم مظاهر حداثة أخرى تمثلها مؤتمرات خريجين أخرى لم يكن لها نفس التنظيم والشكل ولكن لديها نفس الأهداف والغايات. وفي هذا المعنى مثّل عثمان حسين مؤتمر خريجين إبداعيا، فقد كان رجلاً يساوي أمة (أظن القول لإيمرسون، غير متأكد). فإذا كانت مهمة مؤتمر الخريجين أن يغرس في السودانيين وعي كيف ينظمون أنفسهم ويقاومون الاستعمار وبيّن لهم الطريق إلى البرلمان. فقد بيّن عثمان حسين لهم الطريق إلى الجمال والذوق والاحساس الرفيع، وسعى لكي ينبت في دواخلهم الرقة بغير ضعف أو وهن، والتغني بالحب والمرأة بلا إبتذال أو دونية واستغلال، وأن ينقلهم من جلافة الريف والبداوة ويساعدهم في أن يكونوا طبقة وسطى صاعدة تحاول الا يكون تعليمها مجرد قشرة خارجية.
    لم تكن السياسة وحدها قادرة على ملء وإزهار روح ووجدان الخريجين، فقد قدم لهم المؤتمر الشهير بعضاً قليلاً من إرضاء الذات والشعور بالقيمة كمواطنين والنضال من أجل تحقيق الحرية والكرامة. ولكن ليس بالسياسة وحدها يحيا الإنسان. وجاءت ظاهرة عثمان حسين وكان رجل الوقت - كما يقول الصوفية.فالخريج أو الأفندي صاحب التعليم المدني الجديد وليس الديني التقليدي وساكن المدينة النابتة وسط القيم الريفية والعقل المحافظ، كان في حاجة إلى غناء وفن جديدين، ولأن الغناء والألحان والموسيقى هي أهم الفنون والأقدر على الانتشار والتي يزداد عليها الطلب، كان عثمان حسين هو الفنان المنتظر الذي سيملأ الآذان طرباً وكلاماً شفيفاً بعد أن ملئت رتابة ومللاً. فالمجتمع في حركة وحراك جديدين، وكان من الطبيعي أن تهتز القيم والأذواق والسلوكيات، وأن تعيش حالة انتقال غير ثابتة ولم تتمكن بعد، ولكن المهم أن القديم نفسه لم يعد ثابتاً ولا مهيمناً.
    كانت نهاية الاربعينات من القرن الماضي فترة تطورات سريعة في السودان في كل المجالات، فقد كان القطر يهيئ نفسه لتقرير المصير. وعرف المظاهرات وقيام الأحزاب. ومن بينها حزب شيوعي، وتشكلت اتحادات العمال والطلاب والمزارعين وقامت الجمعيات النسائية. وانتشرت الصحف. كان هذا يرجع إلى صعود الطبقة الوسطى، فقد زاد عدد الخريجين وعرفوا البعثات إلى الخارج، مع وجود جاليات أجنبية مؤثرة ومندمجة أحياناً. وتخترق بذرة التحضر والتمدين بسرعة تحصينات التريف والبداوة. وكان الافندية - بالمعنى الايجابي للكلمة أي الفرد الحديث - هو طليعة للتغيير رغم ضعف تكوينه الفكري نسبياً وعدم قدرته على الذهاب في مواجهة القديم حتى النهاية. حتى ولو بحكم الحتمية التاريخية. قام الافندية أو الخريجون بخلخلة القديم حتى ولو ظاهرياً وشكلياً وبتردد. بدأوا في نقل قيم جديدة ومختلفة. فهم يلبسون بطريقة مختلفة تميزهم عن الآخر تشى عن جديد ما. وكانت معاركهم كثيرة ومعقدة وتبدو الآن مضحكة. فقد كان تحول الافندي إلى أن يحلق رأسه «الكارى» وليس صلعة نمرة واحد، كان يفرض عليه ان يحدد وضعه في سلم قيم الذكورة والفروسية والخشونة والتحمل. وهذا ما حدا بفتوات ان يفرضوا تصنيفهم المعروف في الحفلات: النسوان والافندية في الجهة دى والرجال بى هنا! كان الافندي يحاول ان يفرض قيماً ومظاهر جديدة للرجولة والضكرنة مثل الانضباط في مواعيد العمل وتجويده، وقضاء حاجات الآخرين بالاضافة للتهذيب والنظافة. ولكنه لم يستطع في حالات كثيرة وللمفارقة بعد نصف قرن من الزمان يكاد يسود رأي يرى في كل تلك القيم ما يسمى بالحنكشة. وأصبح على المرء ألا يكون نظيفاً وألا يبحث عن طعام صحي أو ماء نقي أما استخدام كلمات مثل من فضلك، أو لو سمحت وشكراً، فستجر عليك شكوكاً تضعك في موقع بيني أو بين الرجولة والانوثة.
    طالت تغييرات الافندى كل اركان الحياة اليومية والعامة، وكان في عجلة من أمره يريد أن يلحق ما اعتبرها روح العصر؛ رغم تردده في تغيير العقل. فهذه هي القطيعة المكلفة والصعبة. ومع ذلك لاحق الافندى كل قديم وشرع في إستبداله بجديد، حتى أكله فقد أدخل الافندية في وجباتهم المحشى والكفتة والمشويات والسلطات والتحلية، وتراجع الملاح المفروك والذى صار فولكلورياً حين يأتي الأهل من البلد، وان لم ينقطع تماماً. ولكن حل الرغيف لحد كبير محل الكسرة والقراصة والعصيدة، وشراب الشاي بالبسكويت أو الخبيز عموماً. وكان الافندى عند نزول الشمس يستحم ويتعطر ويلبس أحسن ما لديه، في كامل أناقته البنطلون (والجزمه لون) والقميص المتسق مع الكل. ولا ينسى التفاصيل، فالبنطلون تمسك به «الابازين» لكي لا يترهل. ويضع صندوق السجائر في الجيب الأعلى وغالباً ما يكون كرافن (A) أو روثمان أو بنسون وتمسك البعض بالبحارى. وفارق الافندى السعوط أو حقة التنباك فهي تنتمي للفلاحين والعرب، وللسخرية عاد كيس التنباك وارتبط بالحداثة وما بعد الحداثة. ويذهب الافندى إلى السهرة أو القعدة وقد تكون السينما الدور الثاني في الـ Blue Nile أو الخرطوم غرب مكملاً أو بديلاً. وفي هذه المنظومة من الحياة ازدادت الحاجة إلى فن وفنانين يشبهون هذه التحولات والتغييرات الجارية في المجتمع السوداني. كانت طبيعة المرحلة تحتم ظهور فن جديد لأن ذائقة الفئة الجديدة تغيرت ولم يعد القديم قادراً على إرضائها إلا بحكم المجاراة والعادة وسطوة الماضي. وهنا كان زمن عثمان حسين.
    جاءت الرومانسية أو الرومانتيكية في أوربا مع أفول النظام القديم، فالرومانسية روح جديدة. وهكذا كان الحال في السودان، فقد كان عثمان حسين وكوكبة شعرائه من بازرعة وقرشي محمد حسن والسر دوليب وصلاح أحمد محمد صالح وعوض حسن خليفة وحسين عثمان منصور وعبد المنعم عبد الحي ومحمد يوسف موسى والزين عباس عمارة، هم الذين رفدوه بالكلمات الحديثة التي تتغنى بحب الروح والوجدان بعيداً عن التغني بالشحم واللحم والأرداف الثقيلة التي يستحيل على صاحبتها أن تمشي خطوتين. وبشّر عثمان حسين الأفندية أو الخريجين بقلوب جديدة:ـ
    ... في القلوب لما بترد أي طارق أي زائر
    شايلة هم الدنيا زادها
    ماليه كل الكون مشاعر.
    وهذه القلوب لأنها كبيرة وعامرة بالإنسانية فهي قوية وصامدة لا تنقطع ولا تغرق في الهموم (يوم قسموك يا هم كتبوا عليك اسمي) فهي قلوب متفائلة ومستقبلية حتى الفراق، ما لا يقتلني يقويني. لذلك الفراق في أغاني عثمان حسين لا يعني نهايات ولكنه بدايات من نوع آخر، يغرد:ـ
    إفترقنا كل واحد في طريقه
    أنا ضايع وإنت مخدوع بالأماني
    كل زادي في ضياعي قلبي مفتوح للأحبة
    للجمال الأشجى روحي وفي شعوري سحره شب
    ورسالة فن سامي تدعو للخير والمحبة
    تختلف رومانسية عثمان حسين عن رومانسية أوربا الصفراء المحبة للموت والمعاناة والحزن المقيم، لا تلك الرومانسية العتيقة التي يغريها الهزال (جسمي انتحل) وتغريها الدموع. والسبب أن الحب في رومانسية عثمان حسين تعامل مع المرأة كندٍ ونصفه الأجمل وشقائق الرجال والمرأة عنده كائن علوي يطوف الفراش الحائر على زهراته، وكأنها تعيش في عالم غير عالمنا هذا «خلو الما خطر زول على بالها بكره الدنيا جايالا جايالا». تصور امرأة تأتيها الدنيا كلها فهي بالتأكيد ليست من ضلع رجل وليست ناقصة عقل ودين بل كاملة العقل والدين والجمال أيضاً. والرومانسيون يميلون إلى الاعجاب بالعيون فهي نافذة على الروح، لذلك لم يتغن عثمان حسين بالنهود أو الأرداف ولكنه أقسم:ـ «وحياة عيون الصيد الغارو من عينيك» والتشبيه رائع، لم يشبهها الشاعر بعيون الصيد ولكن يمكن لعيون الصيد أن تتشبه بعيونها لأنها تغير منها.
    يعتبر عثمان حسين مؤتمر خريجين إبداعياً لأنه منح المثقفين آذاناً جديدةً مجلوة تتذوق النغمة والكلمة. والأهم من ذلك ساهم في منحهم الخيال وكانت هذه هي دعوة السورياليين في بعث الجمال. وكان المثقفون في تلك المرحلة الانتقالية المعقدة الأكثر حاجة إلى التحليق والتهويم في سماوات الخيال بقصد عالم موازٍ لعالمهم المقيد والقامع والمكبوت. فقد كان الاحباط والخيبة يلاحقانه ويملآن عليه أقطار حياته: الأسرة الممتدة في قمتها سلطة أبوية مطلقة، والنظام التعليمي التلقيني غير الخلاق وغير المبتكر وممارس للقمع والعقوبة، والعمل في خدمة مدينة خبيثة وكئيبة، وفي النظام الأسري الزوجة المختونة والحبوبة التي لا تقهر. ومازال المجتمع ينظر للأفندي أو المثقف باستهجان وريبة وتستمر علاقة الحب ـ الكراهية فهو يحترم تعليمه ولكن يضيق بخروجه وتمرده ويحمله تهمة تخريب الأصول المجتمعية. فالفن انقاذ للعالم، وهنا قام عثمان بدوره في الانقاذ ببناء العالم الموازي. وأمسك بأيديهم إلى الوكر المهجور، والقبلة السكرى، والنجم والمساء، وربيع الدنيا، والفراش الحائر وغيرها وغيرها. كل هذه مرابع وأماكن وأحوال لا وجود حقيقي لها في المليون ميل بؤس مكعب، ولكن عثمان حسين جاء إلى المثقفين المنبتين بالخيال ورفعهم إلى الأعالي. لذلك احتفظ أغلبهم بالتوازن، رغم أن البعض رفض العودة إلى الواقع ووجد في الخمر أو العزلة أو التصوف مهرباً. وعندما يكون في الخيال يرفع عنه القلم لأنه خارج وضع التكليف. لذلك غنى للمثقفين:ـ
    الهوى دائي ودنياي وديني، أو لولا ربي وجهنم لعبدتك وسجدت بين إيديك.
    ظاهرة عثمان حسين أقرب إلى أن تكون خارقة ومعجزة. فذاك الفتى الذي أتى مع أسرته يسعى إلى المدينة التي كانت مثل النداهة للقرويين تغريهم بالفردوس الأرضي وأن يفارق الكد والرهق والطورية وشق الجداول. ولم يستطع أن يتسلح بالتعليم الجديد إذ وقفت الرياضيات ـ حسب إفادته ـ عقبة أمام استمراره، فامتهن الترزية. وبعد زمن يلحن ذلك الفتى: محراب النيل، فكيف يعقل ذلك؟ من أي وادي عبقر أتاه هذا الإلهام. يردد الشاعر محمدالفيتوري دائماً: الشعر هبة من عند الله! لذلك لا سؤال. فعثمان حسين في محراب النيل يبدع سيمفونية دون أن تكون له أي معرفة بقواعدها وأصولها. ففي مدخل الأغنية يضعك اللحن في قلب معبد فرعوني هائل ورهيب، ثم بعد ذلك تتابع حركات النيل وتقلباته وجريانه. ولا يسمح المجال بمثل هذه المتابعة كما أنني متذوق عادي فهو يحتاج لجهود الدارسين في معهد الدراما والموسيقى. فهو كما قال الأخ مرتضى الغالي: «أكاديمية أهلية» خرجت منها ألحان جل من ألهمها» (أجراس الحرية 9 يونيو 8002م).
    هذا المقال ليس مرثية لعثمان حسين بقدر ما هو محاولة لتخفيف الفقد وألمه بتحويله إلى كتابة. وهذه أيضاً من تربية عثمان حسين: متعة الخيال وبناء العالم الموازي والمضاد للقبح والركاكة والعادية الذي نعيشه الآن والذي نختنق فيه، لولا قبسات عثمان حسين وأقرانه من المبدعين. وأخيراً هذا هو قانون وحال الدنيا مما يخفف علينا ويمنحنا بعض السلوى والنسيان العابر. ونردد مع خيال عمر الخيام أيضاً:ـ
    ودنياك دار القرى للنزل
    وللدار بابان نور وظل
    فكم طارق إثر آخر حل
    ليرتاح يومين ثم إرتحل
                  

العنوان الكاتب Date
د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-17-08, 10:28 AM
  Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-17-08, 10:59 AM
    Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين حسن الجزولي06-17-08, 12:14 PM
      Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-17-08, 12:36 PM
        Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-17-08, 01:05 PM
  Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طارق ميرغني06-17-08, 01:05 PM
    Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين Giwey06-17-08, 01:23 PM
    Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-17-08, 01:36 PM
      Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-17-08, 01:52 PM
      Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين عصمت العالم06-17-08, 02:03 PM
        Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين ibrahim alnimma06-17-08, 03:37 PM
  Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين ناظم ابراهيم06-17-08, 05:22 PM
  Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين Nasr06-17-08, 07:28 PM
    Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين amin siddig06-17-08, 10:19 PM
      Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين jini06-18-08, 00:13 AM
        Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 03:34 AM
          Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 03:54 AM
            Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين HAMZA SULIMAN06-18-08, 05:26 AM
        Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 05:34 AM
          Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 05:55 AM
            Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 06:06 AM
            Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين Hatim Alhawashai06-18-08, 06:07 AM
              Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 06:16 AM
          Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 06:47 AM
            Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 08:08 AM
              Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين فضيلي جماع06-18-08, 10:31 AM
              Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 10:37 AM
                Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-18-08, 11:10 AM
                  Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-19-08, 02:30 AM
                    Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين HAYDER GASIM06-19-08, 04:41 AM
                      Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-19-08, 05:22 AM
                        Re: د. حيدر ابراهيم يكتب فى (الصحافة) عن الراحل عثمان حسين طلعت الطيب06-21-08, 05:56 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de