(ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة)..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-29-2024, 05:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-19-2008, 07:21 PM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. (Re: Tragie Mustafa)

    Quote:
    فحص عام لموضوعية إبعاد التقرير عن أصول وقضايا البرنامج وعن الأسلوب الموضوعي للتقارير في إتحاد السوفييت:

    1- هذا التذبذب في الإصطلاحات بل وفي طبيعة إنجاز التقرير أشارت اللجنة الموقرة لتسيير المناقشة العامة إلى اسبابه (والإسم الأصح للجنة هو لجنة حصر أو ضبط المناقشة العامة) وقد ورد رأيها بوضوح شديد في مقدمة تقرير إنجاز أعمالها وفي بعض جوانب المشروع الذي قدمته لإنجاز التقرير السياسي حيث أشارت مباشرة إلى نقص المناقشة العامة وبشكل غير مباشر إلى الأخطاء [القاتلة] في تنظيمها مما يكشفه تقرير الاجتماع المشترك بين سكرتارية اللجنة المركزية ولجنة تسيير المناقشة العامة (2/8/2007) حيث جاء في محضر رصد وقائع الإجتماع على لسان كل من "عباس" و"صلاح": الآتي:
    (( عباس : لم أعاصر اللجنة لكن ما وصلنا منها أفادنا بأنه تجرى المناقشة بصورة أحسن . طريقة فتح المناقشة : بدأت قبل 1995 عند تحديد المحاور وتكوين اللجنة. نستفيد من ذلك مستقبلاً، تحدد وقت ، ومحاور ... الخ . مرت المناقشة بمراحل اختلفت في الطريقة والمحتوى . موضوع الاسم : فرض نفسه بطريقة فتح المناقشة وأصبحنا ملزمين به كمحور لابد أن نركز على الحيثيات لتغييره وإلا سبب ذلك هزة في المؤتمر الخامس .
    صلاح : الاسم يحتاج لمناقشة عميقة ولا نستعجل ذلك . وبإمكان حسمه في المؤتمر القادم،..... ))

    2 - رغم هذا النقص الخطير في نوع الكيان (المطلوب) من تلك "المناقشة العامة" وهذا الإختلاف العميق في التعامل معه أنجزت اللجنة الموقرة أعمالها بمنطق إكمال النقص وتجاوز السلبيات وهو منهج عملي مفيد لم يصلح في التاريخ و لا يصلح ممارسةً لحل صراع طبقي-فكري مثل ضرورة أو طبيعة وجود حزب شيوعي ، أو حتى حزب إشتراكي، وذلك مهما كان لأطراف هذه اللجنة من قيم ذاتية تعصمهم من الميل إلى هذا الرأي أو ذاك في تحديد النواقص وسدها، لذا فإن عملية عرض هذا التقرير لكافة الهيئات الحزبية وأعضاء الحزب وأصدقاءه لإبداء رأيهم فيه ولكن بعد قبول السكرتارية العامة له تبدو مسألة عرضه للمناقشة مسألة نقيضة لبعض قيم الديمقراطية الليبرالية، ولكينونة الحرية والنظام في قيم الديمقراطية المركزية في الحزب الشيوعي بتراتبها الرأسي مثلما هي تقيضة أيضاً لقيم الديمقراطية الشعبية بتكوينها الأفقي الطبقي والفئوي الإجتماعي وتراتبها الرأسي من القاعدة إلى القمة.

    3- ولكن إنجاز مشروع التقرير بما في الإنجاز من تضحيات وبطولات يعد بلا شك مأثرة وخطوة كبرى متقدمة نحو المؤتمر العام الخامس الحزب في وقت أقعدت التناقضات بعض همة العمل في الحزب، لكن الظروف التي قسرت على إنجاز مشروع التقرير بهذه الصورة التي تحل فيها اللجنة محل الحزب ومؤتمره تقود بخطوات سريعة إلى تصفية كامل وجود الحزب الشيوعي أو فرط وحدته بصورة رسمية بداية من عقد المؤتمر الخامس، وتأسيس حزب أخر ليحل محله، تحت مسميات وشعارات إصلاحية أو جذرية تعود بالنضال الطبقي إلى مرحلة الماركسية قبل اللينينية في عصر تتأزم فيه الإمبريالية بين حاجتها لزيادة الأرباح وزيادة معدلات الفقر والدمار الذي تنشره بمحاولات سيطرتها على المجتمعات (الأسواق) حيث يشتد هجومها المتنوع على موارد حياة الشعوب ووسائل عيشها وإنتاجها مضعفة قواها المنتجة بكل كياناتها النقابية وأحزابها الشيوعية وتنظيماتها التقدمية الإجتماعية، ومفتتة مجتمعاتها ودولها تارة بالشروط المالية الدولية الممركزة للموارد والمحددة لوجوه صرفها وتارة أخرى بالشروط المالية الدولية لتوزيع تلك الموارد ومركزتها في أقاليم الدولة، مع ما يرافق تلك الشروط القابضة والباسطة من ضغوط وإستضعافات وتفتيتات مباشرة وغير مباشرة.

    4 - مع تبشير متفائل ووعد من لا يملك بحدوث إصلاح آخر في المؤتمر السادس- إن بقى الحزب- فإن الطبيعة العامة لمشروع التقرير السياسي المقدم إلى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني، إجتهدت الحفاظ على طبيعة ماركسية وتقدمية ما في الكيان الذي ترومه، ولكنها فصلت تلك الطبيعة من المصدر الرئيس لتطورها المنظوم وهو النهج اللينيني في التنظيم السياسي وفي الصراع الطبقي بأشكاله.
    ولم يكتف مشروع التقرير بذلك الفصل، بل قاتل المشروع جميع النقاط الحيوية في نهج لينين: "الإمبريالية" و"حزب النضال الجديد" (الثوري الأممي والطبقي العمالي) "الثورة والدولة" ...إلخ . ففي تقوية لعمليات القضاء على الشيوعية في العالم وقع مشروع التقرير السياسي في سهولة كشط موضوعيات الجزء السوفييتي من عملية الثورة الإشتراكية العالمية، والإنسلاخ عنه وعنها متبرئاً منها كليةً إلى حالة لاماركسية لالينينية حصرت جذور ونتائج النضال الأممي الشيوعي في روسيا بإصطلاحات "النهج السوفييتي" و"النهج الإستاليني" مع عجز مشروع التقرير في إشاناته لتنوعات وتذبذبات ذاك النضال الشيوعي عن تقديم تحليل جدلي لسيرورة تكون الأزمات الطبقية التي أنتجت وجود وتطور وتقدم السوفييت ثم أنتجت تأزمهم ووفاة وقتل إتحادهم بالصور التاريخية المتنوعة لتكون وتبلور تلك الأزمات وأشكالها الوطنية والقومية ومسآئلها الإقتصادية الزراعية والصناعية والخدمية والصراعات السياسية-الإدارية والثقافية لفئاتها المجتمعية حيث تحددت بكل تلك الأزمات والمسآئل المواشجات المحلية والأممية والدولية للنضال الشيوعي الذي أسس وبنى الإتحاد السوفييتي.

    فدون تحليل مادي جدلي تاريخي كفى مشروع التقرير السياسي نفسه خيرات وشرور الصراع الفكري ونقد تجليات الماركسية- اللينينية بسرد مشوه نسبياً لأحداث حياة ذلك الحزب الشيوعي والإتحاد الإشتراكي للجمهوريات السوفييتة الذي نقل مجتمعاتها من غياهب التاريخ ومجاهله إلى مشارق الحضارة الإشتراكية والتفتح العلمي والإنساني في زمن وجيز -أقل بكثير من عمر إستقلال بلادنا.

    فبدلاً للقرآءة المادية التاريخية الجدلية لأحوال النضال الشيوعي والماركسية-اللينينية في صورها الموجبة وفي صورها السالبة وفرز أسبابها بواسطة عامل موضوعي كالتطور الجدلي لأحوال الإنتاج والإستهلاك وتناسب حاجات مستوياته وقطاعاته وعلاقاته وقواه وتأثيرها المتنوع على حركة تأسيس ونمو وتأزم ووفاة إتحاد السوفييت، فإن مشروع التقرير تجاوز كل ذلك وقام متجرداً من (لو) بقراءة سطحية ظالمة سماها "موضوعية" لأحداث التاريخ السوفييتي عمم نتيجتها، ثم بخفة خالف نهجه المحاذر من (لو) في تناوله الجزء السوداني من عملية الثورة الإشتراكية في العالم مطفياً أخطاء الحزب وقيادته التاريخية وقياداته المنقسمة مغبشاً نقاط مراق ومعارج التطور الإجتماعي متجاهلاً العوامل الذاتية في حزبنا لمدارك هذا التطور وإنحداره، مستعينا في هذا الغباش بمفردات لوم و(لو) و(لكن) و(قد كان) مواشجة بشكل إستبرائي لمفردات من نوع: "القوى التقليدية" و"الطائفية" و"النظم الديكتاتورية" (المدنية) منها و(العسكرية) و"الإتجاهات التصفوية" [اليسارية] يحملها كل مسؤولية الفشل في تثوير حزبنا ومجتمعنا ناسياً رغم الصدق في إشاراته هذه تفريد أخطائنا بشكل صريح ونسى إنه - أي مشروع التقرير- يسير بهذا التغبيش في ركاب تيارات تصفوية يسارية ويمينية أو يعتلي ظهرها قائداً لطروحها كما النملة على ظهر الفيل تعتقد إنها توجهه وتقوده.

    5 - العداء للنضال الشيوعي كرسته قوى الحداثة والتقدم الأصلمنشفية بريادة العلماء فيورباخ وماخ ودوهرنج، وبرودون ولوبان ثم كاوتسكي التي إتهمت من موقع (إشتراكي) أعمال ماركس وإنجلز مرة بالتجاوز والقفز فوق مقتضيات الواقع و(حقائقه) ومرة بالعصبية والجمود، ومرات بالتفاوت والتذبذب بين الإقتصادية والإجتماعية، ومرات أخرى بالنزعة الإرادوية والتسييرة في المعرفة والعلوم، وغير ذلك من تهم جددتها بأشكال تنظيمية (تروتسكية) أعمال قوى المناشفة والرجعية في روسيا قبل بداية الثورة الإشتراكية ثم بعدها مطلقة نفس الإتهامات والتشنيعات ضد النضالات الشيوعية بقيادة لينين وإستالين مما إنكشف لؤمه في التآمرات والإنقلابات التي سبقت (المؤتمر) العشرين وتلك التي تلته مما كللته جيوش خروتشوف في أوربا وقوات مصر في اليمن قبل تبلور الأمر بكل نجاحاته وإخفاقاته كأزمة قاتلة لتقدم ولوجود السوفييت، بعد نجاحهم المذهل في معارك البناء والدفاع والبناء الجديد خلال عقود النضال الإستاليني الثلاث.

    6- الضعف الأكبر في سياسة مشروع التقرير السياسي هو محاولته التغلب على التناقضات الطبقية في المستويات الدولية والمستويات الوطنية-المحلية المواشجة لها بعملية لغة سياسية تحاول تقليل الإفراط والغلو في التنظير الثوري دون ممارسة مُرَشِدَة، مثلما تحاول أن تحد من تعامل تنظيرات الحزب المفككة والمتناقضة مع إصطلاحات موضوعات الإقتصاد والصراع الطبقي والتناقض الدولي والمحلي رامية لتبديل كل ذلك بجمع عبارات ليبرالية منبتة ومفردات عائمة موضوعياً عن التجديد والإصلاح والنهضة مع عملية التخلص من جذور الإستالينية (مثل ماذا؟) دون التخلص من التملك الخاص لوسائل الإٌنتاج الإجتماعية! وإهمال مفردات الفهم المادي للجدل والجدلي للمادة والفهم المادي للتاريخ والتاريخي للمادة في صورتها الطبيعية الخام أو في الصورة الإجتماعية للطبيعة، وهي مفردات إصطلاحات ضابطة لسياق التفكير االعلمي الإجتماعي وثوريته، لا يفيد تبديلها بجمع ملتبس أو متراوح لمفردات مثل ("الثورة" و"النهضة") و("الطبقة العاملة" و"العاملين")ا تلتبس معانيها وتقف دالاتها ضد بعضها في ظروف الصراع الطبقي وإختلاف المصالح فيه.

    7- التجديد الموضوعي لأوضاع وقوى الثورة الإشتراكية في العالم والسودان يحتاج إلى تفعيل الفهوم العلمية المادية والتاريخية بمنطق جدلي ثوري ومواشجة ملائمة في عدده ونوعها لقيم الموضوعية والتغيير الحذري والنقد والنقد الذاتي في التفكير وفي الممارسة، وهو ما يتصل في مارسته بعملية إزالة التناقضات بين الطبيعة الملحة لحاجات الجماهير المستغلة والمهمشة في المدن والأرياف، وطبيعة التعقيد والطول والإختصار والقصر الذي تستغرقه عملية تنظيم وتكريب الشروط الذاتية في داخل الحزب وفي عملية حشده وتنظيمه وقيادته قوى الجماهير وضفر نضال طلائعها في المدينة والريف ضد نظم وممارسات وحكومات وصور وشخوص الإستغلال والتهميش ، وهو بدوره موصول نجاح الحزب في التدمير الجزئي أو التدمير الشمولي لأصول ومؤسسات التملك الخاص لموارد ووسائل الإنتاج الإجتماعي وتأسيس المقومات الموضوعية لإشتراك الناس في تولي أمور وسائل إنتاج حاجات عيشهم وحياتهم وسيطرتهم على تنظيم جهود وثمرات كدحهم، إشتراكية علمية متقدمة على إمكانات تفاقم تناقضاتها. قد يعزز هذا النظر إنه قبل حوالى مائة سنة في بلاد ضنكة متخلفة جداً نجحت قلة طليعية من العمال الروس بقيادة لينين وبدعم كادحي قوميات الشرق المهمشة بقيادة إستالين للحزب في مناطقهم في إسقاط حلف نظامي الإقطاع والرأسمالية بضربة سياسية واحدة منظمة متنوعة الذبذبات نجحت في بناء نظام فعال لحرية الكادحين والتقدم الإجتماعي المتناسق (نسبية) إستغرق التغلب الإمبريالي على قشور ذلك النظام مع زياد حسناته وتفاقم تناقضاته حوالى 80 عاماً حسوما! فأين نحن من ذلك من تطور تلك البلاد بفضل النظام الماركسي-اللينيني ولو في صورته الإستالينية وفي سياقه السوفييتي عامة؟

    ان التحدي العام في بلادنا المثقلة بالثروات المادية والبشرية وبالمظالم الجذرية والسطحية، يتجاوز بتعقد مهامه الإستغراق في تقاش نظري حول جدل "الإشتراكية العلمية" و"الإشتراكية الفعلية" التي جسدت كممارسة، والفروق الموضوعية بين النظرية والممارسة، وبين دور الأفراد والقادة في التاريخ ودور الطلائع والجماهير، ومفارقات الأوضاع الداخلية والخارجية وضروراتهم، فتلك مسائل مفيدة لتقوية الفعل الثوري، ولكن التحدي الأهم في السودان هو إنشاء الدولة الديمقراطية الشعبية أولاً أو على الأقل نابضها الحزب الشيوعي الماركسي- اللينيني ثم يترك تقويم مهمة سيرها والحفاظ عليها أو عليه بمواجهة عوامل البقاء والفناء لمقاليد المجتمع والتاريخ وظروفه،

    هذا القول بترك المسألة للظروف يناسب طبيعة مشروع التقرير وإتجاه صياغته لـــ "أسس برنامج الحزب" رغم وجود لجنة مستقلة لصوغ البرنامج، وإذ يتخلص مشروع التقرير بأدب جم وصياغة لطيفة من فهم الضرورة والحتمية التاريخية لفعل قوانين الطبيعة ولفعل قوانين الثورة الإجتماعية، جاعلاً القول بهما نوعاً من الكفر بما يشير له بعبارة "حقيقة الماركسية" التي يتصورها مشروع تقرير لجنة صياغة المناقشة العامة مزيجاً من الإصلاحية والتجريب! حيث يوجب مشروع التقرير إستئصال التفكير الماركسي اللينيني من جذوره حسب اللغة الإستصالية للتقرير التي لم تطرح إستئصال الظلم الرأسمالي الطبقي والإقليمي من جذوره مثلما لم تطرح إستئصال الإسلام السياسي من جذوره، ولعل تطفيف كيل وموازين مشروع التقرير لهذه المسائل إن لم يعتورني خطأ في رصد مفارقاتها وتناقضاتها وحساب تبخيساتها كان بمنطق: أسد عليا وفي الحروب الفكرية نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر.

    ت- فقر الطبيعة الطبقية والإقليمية لمشروع التقرير السياسي:

    حالة تكسر وتدمير الإتحاد السوفييتي العظيم وكواكبه وحالة البؤس والقنوط من كل قيمة موجبة في الماركسية-اللينينية فرضت في مشروع التقرير الأـسلوب المذعور من تخديم الماركسية اللينينية في قرآءة وفرز وتحليل طبيعة عناصر قوى الإنتاج وحركة وإتجاهات وصراعات قطاعاتها المتنوعة والمختلفة في المجتمع، وأعتقد إن هذا الذعر أفقر طروح مشروع التقرير السياسي وجعلها بالخطأ تتصور إمكانات أكبر للإصلاح الإجتماعي العفوي والتجريب عن إمكانات التغيير الثوري المنظوم، وبذلك فإن مشروع التقرير في خضم (تأسيسه) لبرنامج جديد للحزب، أو لبرنامج حزب جديد جرد الحزب الشيوعي السوداني والثورة الإشتراكية في السودان بمقدماتها الثورية الوطنية الديمقراطية من الإمكانات الموضوعية لبناء ركائزها في قلب حركة التطور والرقي الإجتماعي.



    3- خلاصة إنتقادية عامة لبنية وهيكل مشروع التقرير:

    من النقاط السابقة (أ) ، (ب)، (ت) التي ركزت على إنتقاد بعض الجوانب التنظيمية والسياسية لمقدمة مشروع التقريرالسياسي بالإمكان القول إن الطبيعة العامة لمقدمات التقرير مع تجاهلها أبجديات الإقتصاد السياسي وجدليات الطبيعة والتاريخ والضرورات الطبقية والإقليمية والأممية لتغيير نظام التملك الرأسمالي الخاص لوسائل وجهود وثمرات الإنتاج بما فيه من إستغلال وتهميش وإضرار بالإنسان والبيئة فإن بنية مشروع التقرير إعتورت بأخطاء جد جسيمة جمعت في أخف تقدير لها بين تدمير تنظيم الحزب الشيوعي، وتدمير العناصر الموضوعية للنظرية الماركسية-اللينينية، وقطع السياق الثوري الإشتراكي للتغيير الإجتماعي والتطور والرقي الوطني الديمقراطي، وتبديله بآمال خلب في التجريب والإصلاح الردفعلي وفي المؤتمر الجامع وإستلهام التراث، بل والعمل على إستئصال شأفة الشيوعية بدعوى محاربة الإستالينية وتبني الإنفتاح الفكري على حساب الإنتظام الفكري والحديث عن تغيير الحزب والبلاد بلا خريطة طبقية موضوعية أو صلات أو دوائر كهربية محسوبة ومحركات ناظمة !! هباء منثوراً وقاعاً صفصفا، تجديد كوقعة الجمل في البحر.















    2- نماذج لبعض النقاط التي تفسد تناسق الحزب أو تناسق مشروع التقرير السياسي:

    تعتني هذه الفقرة بإيراد عينات مباشرة من مشروع التقرير السياسي المقدم من لجنة تسيير أو ضبط أو تلخيص أو صياغة إجراء "المناقشة العامة" وتضع وشج كل عينة من مشروع التقرير السياسي تعليقاً أو إنتقاداً بسيطاً لتلك العينة موصول بكينونة طبقية لمسائل الماركسية اللينينية أو المركز والهامش وعلاقات النضال الحزبي الشيوعي والدولة والثورة والتوسع العددي والنوعي في الأزمة الإمبريالية، وذلك لتبيين وجود ومدى التافر بين العينة المعروضة والسياق التاريخي للنضال الحزب الشيوعي أو بين العينة المعروضة وسياق مشروع التقرير السياسي، وذلك بإيجاز في العرض تحتمه الطبيعة الزمانية والتنظيمية لطرح هذا الإنتقاد.

    1- الخط التنظيمي:

    يقول مشروع التقرير: ))فان مشروع التقرير العام للمؤتمر الخامس يسعى لمعالجة المتغيرات الأساسية في الوضع العالمي والإقليمي، وفي الواقع السوداني، ويطرح المهام التي تواجه العمل الثوري في الفترة القادمة. ويحدد بدقة التصور للأفق الاشتراكي، كما يطرح قضية تأهيل الحزب فكرياً وسياسياً وتنظيمياً ليجدد نفسه ويواكب هذه المتغيرات، ويواصل مشواره في البناء استناداً إلى أفكار ومفاهيم الخط التنظيمي.(( ولا شك في إن القيام بكل هذه المهام النبيلة، يتطلب تحديد ما سماه المشروع "الخط التنظيمي"، حيث إن مقدمة المشروع أقرت بالفراغ الذي تركته عملية تصميم أو تداعي المناقشة العامة في الجوانب الآتية:
    أ/ التجارب الأشتراكية القائمة ( المحوران الأول والثاني ).
    ب/ التصور حول " الدول الاشتراكية ".
    ج/ الاشتراكية والدين .
    د/ الجانب الفكري والفلسفي في مواضيع محاور المناقشة العامة .
    هـ/ .... اسم الحزب : فهو نقطة ضعف المناقشة العامة......

    وفي ظل غيبة هذه العناصرالضرورة لبلورة وقسط وعدل أي خط تنظيمي وتفعيله تنشأ أسئلة ضرورة لإيضاح طبيعة وجود هذا الخط:

    1- كيف تكون وتحدد هذا "الخط التنظيمي" خارج مناطق وفروع الحزب، وخارج اللجنة المركزية، وخارج مؤتمر الحزب؟

    2- أتكفي الأماني والأفكار العفوية والشعارات في هذا المشروع لتكوين خط تنظيمي لنضال أي حزب يروم التقدم الإجتماعي؟

    3- أبإمكان مجتمع التقدم من حالة نقص ضرورات عيشه وحياته إلى حال الكفاية منها دون تحديد طبيعة ومصالح كل طبقة إجتماعية فيه وفرز موقعها في نطاق عمليات المركزة والتهميش المحلية والدولية؟

    4- هل بالإمكان مع إستمرار نفس الظروف الطبقية والدولية التي سببت لثلاث مرات فشل الديمقراطية ليبرالية أن تنجحها هذه المرة في حل الأزمات الرئيسة لحياة المجتمعات المستغلة والمهمشة في السودان، وقد سيطر الإسلام السياسي على إقتصاد البلاد؟

    5- ماهي علاقة هذا الخط بالحد من مسألة التملك الخاص لوسائل وجهود وثمرات الإنتاج في العالم وفي السودان؟




    2- كيفية إنتقاء رأي معين من مصادر متعارضة؟

    حدد مشروع التقرير السياسي بأن مصادره هي: ((

    1 - كتيبات الحوار الداخلي والسمنارات التي تضمنت آراء الزملاء والهيئات والفروع لتجديد الحزب.
    2- تقرير المؤتمر الرابع "الماركسية وقضايا الثورة السودانية"
    3- الدراسات التي أعدتها لجنة إعداد مشروع البرنامج الذي سيقدم للمؤتمر الخامس.
    4- دورات اللجنة المركزية ( وبصفة خاصة دورة أغسطس 2001).
    5- مطبوعات حزبية متنوعة (حول البرنامج، قضايا ما بعد المؤتمر، لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، الخطابات الداخلية التي أصدرها مركز الحزب خلال السنوات الماضية .. الخ). ))

    ويلاحظ تجاهل مشروع التقرير لأن كل هذه المصادر الوارفة تحتوي تناقضات حادة في قراءة الواقع الدولي والسوداني والحزبي، كما إن كثير منها متصل بإنقسامات حزبية في حساب وتفسير نظريات النضال الشيوعي وممارساته مثلما كانت هذه المصادر مواشجة لكافة تفرقات وإنقسامات الحزب القديمة والجديدة وتشتتاته سواء إلى جهة سلطة "التقدم الإجتماعي" أو إلى جهة سلطة السوق. وإضافة إلى ظروفها التاريخية فإن هذه المصادر في إفراداتها وفي زرافتها وجملتها - في ظروف تشدد المركزية الديمقراطية- تبقى مجرد تصورات لقادة الحزب وبعض كوادره، ومع كامل التقدير والإحترام الرفاقي والشخصي لمسيرة بذلهم ونضالهم وفداءهم، ولأخطاءهم، إلا ان السير بمنوال مشروع التقرير في التعامل المجحف مع تاريخ النضال الشيوعي في روسيا يتيح القول في هذا الصدد إن هذه المصادر مع الظروف المحيطة بها أسهمت في إنتاج كثير من السلبيات السابقة والسلبيات الحاضرة في الحزب الشيوعي السوداني وفي الحياة السياسية السودانية والإقليمية والدولية وذلك بقدر أكبر من إسهامها في إنتاج الموجبات التي نتمتع بثمارها الآن. ولعل هذا التقدير الإنتقادي خاطيء ولكنه يبقى موضوعياً ما لم يقدم مشروع التقرير إيضاحاً وتفسيراً للمفارقة والإختلاف والتناقض بين تشدده بل وإجحافه في تقويم النضال الشيوعي في تاريخ روسيا وبلاد العالم وتساهله في تقويم النضال الشيوعي في السودان بكل نجاحاته وإخفاقاته؟ وحتى ظهور ذلك الإيضاح والتفسير، فإن طبيعة ثقة اللجنة في حيوية تلك المصادر تبقى غريبة فهي ذات المصادر التي لم يترك مشروع التقرير صفحة فيه إلا وهاجم أصولها وفروعها ومياهها وظلالها وميل أغصانها وهفيفها وتغريد عصافيرها بل ولعن بصورة عملية كينونة الشمس والهواء والأرض التي أنبتتها.

    وبطبيعة التناقضات الرئيسة والتناقضات الثانوية في هذه المصادر سواء بظروف إنتاجها أو بظروف ممارستها أو بظروف إنتقاد حزبها ونظريته وتنظيمه ونتائج عمله وإختلاف الظروف في مراحل إنتاجها وتفسيرها والإستعانة بها ينشأ سؤال بسيط عن طبيعة المعايير التي إعتمدها مشروع التقرير في فرز المحتويات المتناقضة في هذه المصادر أو طريقة تغليبه وإنتقاءه لبعضها دون بعضها الآخر أو معيار مشروع التقرير في جمع المحتويات المتوافقة ورصها، أو طبيعة المعايير والأدوات النظرية التي خدمها في ضفر بعض آراءالمصادر ببعضها الآخر طالما أن الحزب -حاضراً- مجرد نادي سياسي بلا نظام محكم الأصل والوسيلة والغاية أو وزن نظري آيديولوجي ودون إنتماء طبقي يركز عليه تصوراته وممارساته وطالما بقى الحزب حاضراً في الصراع الطبقي العالمي والوطني والإقليمي بلا كينونة ثورية إجتماعية واضحة ضد مسألة التملك الخاص لوسائل الإنتاج والطبيعة الرأسمالية لتنظيم جهود هذا الإنتاج وتوزيع ثمراته.

    جملةً: هذه المصادر وريفة متنوعة الأصول والمعاني وحمالة أوجه كلام كثير فكيف تجاوز التقرير الحزب في تقرير معانيها ومصيره؟



    3- النظرة الإنتقادية إذا ما جاوزت حدها:

    طرح مشروع التقرير السياسي أهمية نقاط من نوع "الإنتقاد" و"الدراسة" و"التغيير والتحول الإشتراكي" و"نبذ الطليعية والإستالينية" وقد أورد المشروع ذلك الطرح في صيغة حوت العبارات الآتية حسب صوغه وترتيبه: ((
    سيادة النظرة الانتقادية التي لا يتطور العمل بدونها.
    تطوير الدراسة الباطنية للمجتمع السوداني
    ا لتغيير الاجتماعي والتحول الاشتراكي في الماركسية، نبذ أفكار الطليعية والموروث الإستاليني،
    علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة وحركة الشباب والنساء وقضايا التعليم العالي والعام والملامح والأساليب الجديدة الملائمة للعمل بين الطلاب، والأوضاع السياسية والاجتماعية في جنوب الوطن بعد نيفاشا وآفاق الوحدة والعمل الديمقراطي في الجنوب، والتحالفات الديمقراطية ضد الاحتكارات في البلدان الصناعية المتطورة، والمنبر العالمي لمناهضة الوجه المتوحش للعولمة، وتجربة التجمع الوطني الديمقراطي وتجربة مجد، وجبهة حقوق الإنسان وقضايا التضامن ))

    لا شك في إن النظرة الإنتقادية المتناسقة في أصولها وتكوينها وممارستها وتقويمها قد تمثل دور النابط والموجه لأي حركة تغيير، ولكنها تخالف هذه الطبيعة وتتجاوز فوائد تكوينها إذا ما تكونت دون دراسة وافية للعناصر والعوامل الموضوعية والذاتية للكيان أو الفعل المنتقد، بينما يوضح مشروع التقرير نقص وقصور المناقشة العامة في مختلف الجهات، موضحاً سعي لجنته أو صائغيه لتجاوز هذا النقص وإكماله نجده قد باشر مهمة الإنتقاد قبل أي دراسة أو بالتوفر على رأي دون آخر دون معيار موضوعي، ومع النظر إلى تحول مهمة المشروع من تسيير أو ضبط المناقشة العامة إلى تغيير المجتمع والإشتراكية ونبذ المبادرة والطليعية والإستالينية! بالإمكان النظر إلى سعي مشروع التقرير للقيام بتغييرات تتجاوز مهمة لجنة إعداده حيث يقوم بتجريد الإشتراكية في الحزب الشيوعي من الماركسية-اللينينية، وتجريد الحزب الشيوعي نفسه من تنظير الماديتين التاريخية والجدلية وكل مسائل اللينينية، ويتمادى في عزل وفي حرف نضال الحزب عن "رفض الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الإجتماعية" ويشطب بشكل سياسي دقيق عنصر "الثورة" من حياته وأهدافه، حاصراً "الطبقية العمالية" في كينونة الحزب بدعوى تساويها وهي نبت القضية الجذرية في التاريخ الإجتماعي مع باقي القضايا الناتجة من ظلامات الإستغلال الطبقي والتهميش الإقليمي والعنصري، يبدل الأساسي بالثانوي ويمحق حضور الثانوي نفسه بوعود دراسات مؤجلة!

    من جديد تبقى هذه الطروح فقيرة بل مضاعفة للفقر الظاهري والبنيوي في كثير من مجتمعات السودان في ظل غياب دراسة عامة لحالة لإقتصاد السياسي في السودان وطبيعة عدد ونوع وتناسب إنتاجه وتنظيمه ومستوياته وعلاقاته وطبقاته وأصوله وحركته ومئآلاته، مع الحاجات الضرورية لحياة الإنسان بحرية وكرامة، ففي ظل تغييب هذه الدراسة العامة السهلة في حزب يعج بعلماء الإقتصاد السياسي ومثقفيه، يضحى الحديث عن الإنتقاد والدراسة والتغيير وكينونة الحزب ثم تطوير علاقاته وتأثيراته مجرد دعم لإعادة إنتاج أزمة النظام الرأسمالي في السودان والعالم تحت ستار تجديد الحزب أو تحويره إلى حزب لا شيوعي يتسامى عن الصراع الطبقي بمحاولة تحقيق مصالح جميع الطبقات في مجتمع تمركز رأسمالي طائفي قائم على الإستغلال والتهميش والإستعمار الحديث والإستعمار الداخلي.

    وإن كان لسكرتارية لجنة الحزب المركزية تقريظ جهود لجنة تسيير "المناقشة العامة" وبذلها ونضالها وإجتهادها في سد النواقص الخطيرة التي إعتورت إنطلاق وسير وتلخيص تلك المناقشة المتفاوتة الخالية من المعايير النظرية والعملية المتناسقة، فبإمكان بعض أعضاء اللجنة إدراك بعض أخطاء عملهم بهذه الطريقة التي يسبق الفعل فيها النظر، ويبدأ الهدم فيها دون دراسة البدائل.




    4- الأزمة الطبقية في تبديل إصطلاح "المرحلة التاريخية" بمفردة "العصر" :

    في احد وعود التأجيل يصر مشروع التقرير السياسي في توكيد حالة التعويم الآيديولوجي – التنظيمي للحزب الشيوعي السوداني ففي معمعان نيته الطيبة في إصلاح أو في تغيير الحزب بالإمكان النظر إلى عباراته الآتية: (( يأتي التقرير – إلى جانب المادة الواردة في كتيبات الحوار الداخلي – نتاجاً لعمل وجهد جماعيين يغطيان الأطر والمحاور الثلاثة: متغيرات العصر والوضع العالمي الراهن ومتغيرات المجتمع السوداني وتأهيل الحزب فكرياً وتنظيمياً وسياسياً لمهامه. وبطبيعة الحال ستظل هذه المحاور والأطر مفتوحة للتطوير النظري والفكري أمام العقل الجمعي للحزب بعد المؤتمر بمختلف الأشكال والأساليب الواجب ابتداعها: مركز دراسات ودوريات فكرية وورش عمل تتمتع بإدارات ذات استقلال واسع وتصبح سمة ثابتة في حياة الحزب ونشاطه.(( وقد كان إسم "قضايا العصر" عنواناً لعمل قدمه "السكرتير السياسي" كصيغة منفردة منه لتوجيه (تجديد برنامج الحزب) وبعد زمن طويل غبشت فيه هذه الموجهات الفردية نظر الحزب وسممت جسده إنتقد "السكرتير السياسي" الطريقة الإنفرادية لطرحه تلك الموجهات خارج الأطر النظامية المألوفة في الحزب، دون أن ينتقد مضمونها.

    وضد تلك (الموجهات) وإستمرار السير على نهجها في الهيئة المتصلة بتسيير "المناقشة العامة" أوضحت بشكل مفصل في عشرات من الأعمال الحزبية والجماهيرية والمقالات أخطاء وأخطار هذا الأسلوب التجريبي. وغير ما كان طي إجتماعاته فقد نشر بعض هذه الإعمال في صحيفة "الخرطوم" الغراء في عهدها القاهري (1995) ثم بتعديل في المجلة الفكرية الوارفة للحزب الشيوعي اللبناني "الطريق" بعنوان قريب لـ "ما هو التحليل المختلف لرأس المال؟ وماهو التحليل المختلف لقضايا الثورة في السودان؟" (1996) وكذلك في عمل مُصدر بنشرة الحزب الشيوعي السوداني (قضايا سودانية) (1996) وقد كان بعنوان "نحو موجهات أخرى لتجديد البرنامج" وكذا في صحيفة "الزمان" العراقية اللندنية الغراء أخر القرن العشرين، وفي بعض السوانح التي سمحت بها إمكانات النشر في "الديمقراطي" www.d-a.org.uk صحيفة التحالف الديمقراطي وفي صحيفة "الميدان" الغراء وفي علمها الخفاق www.midan.net في شبكة التواصل العالمية وكذا في موقعي المتواضع بذات الشبكة الكريمة على الصفحات الجهيرة الساطعة لـ"الحوار المتمدن": المنصور جعفر http://www.rezgar.com/m.asp?i=1248 وفي منطقة المقالات في الموقع الرحب الوارف سودانيز أون لاين www.sudaneseonline.com ففي جميع هذه الأعمال والجهات المتنوعة وضحت بهذه الأعمال وبالتفصيل الموضوعي المناسب في عدده ونوعه ومقامه الأخطاء الرئيسة في هذه الموجهات وأسسها وحيثياتها مبيناً كثيراً من القصور واللبس فيها والطبيعة الإنسحابية والرجعية لها، والآثار الفادحة التي تلحقها أخطالها بالحزب والوطن. وكان ذلك في نطاق إمكاناتي وفي سياق تيار عام لرفضها في الوحدة البريطانية للحزب (الفرع) لدرجة إنها تمتعت بتأييد صوتين صريحين فقط ورفضها بقية الأعضاء بتقدير رافض لطبيعتها.

    كذلك تم تناول نفس الموضوع ( خطأ الموجهات والحاجة لموجهات أكثر إشتراكية وديمقراطية) ورفض أقانيمه والتحذير من عشواءه وأخطاءه وأخطاره على الحزب والوطن والعالم في المحاضرة القيمة التي قدمها الزميل الأستاذ أحمد الحاج في لندن (2000) في إطار الجهود الثقافية والإعلامية للحزب الشيوعي السوداني في بريطانيا، مما قرظه العامة والكافة وتلجلج في تقديره بعض الكوادر والقادة.
    وكذلك عرض ذات لون الرفض ضمن سياقات أممية أخرى. وغير ذلك كثير مما لم يصل إلى لجنة تسيير المناقشة العامة نتيجة (ظروف الإتصال الحزبي) وتشابك وإختلاف علاقات الأفراد والهيئات بصور حميدة و بصور ضارة، أو وصل إلى علم اللجنة ولكنها أغمضته في تلخيصها كما أغمضت إسهامي "نحو موجهات أخرى لتجديد البرنامج" موردة عنوانه فقط في تلخيصها لإسهامات النقاش العام دون أن تورد سطراً واحداً من الإسهام نفسه !؟

    ان إختلاف ظروف نشر وجمع وعرض جميع الإسهامات بعضها في كتب حزبية وبعضها رأي في إجتماع إذا ما ربط مع تفاوت عناية الهيئات بتقديم بعضها وتأخير بعضها لا يعني بأي حال ان الإسهامات التي نحت إلى جهة الحزب اللاشيوعي هي الصحيحة والموضوعيةً، لمجرد أن مفتتحها الرسمي هو سكرتير الحزب أو شخصية قيادية فيه وإذ قام هذا الإنتقاد بذكر لمصادر وأعمال أخرى ضدها فلتوضيح الضعف النظري والعملي لما يعتقد معدي مشروع التقرير وصائغيه إنه على نقصه يمثل فاتحة خير لنمو وتطور الحزب بينما هو - بعلمهم أو دونه- مجرد تصفية باردة وإغتيال بطيء لوجود الحزب الشيوعي السوداني، خطوة خطوة.

    من أهم هذه الخطى النظرية والعملية لقتل الحزب هي إطفاء إصطلاح "المرحلة التاريخية" المضبوط بالمعايير الإقتصادية الإجتماعية المادية لحركة سير وقراءة التاريخ وأهمها طبيعة النظام الإقتصادي لعيش وحياة الناس، حيث بدأ حذف إصطلاح "المرحلة التاريخية" من التداول وهو عملة الحزب وعصب حياته ووضعت مكانه مفردة "العصر" وهي مفردة سائبة مسيبة إذ قيل عصر الكهرباء، وعصر الحروب العالمية أو الأهلية، وعصر الصواريخ، وعصر النفط، وعصر السرعة وعصر الدولار، وعصر الإتصالات، وعصر الديون، وعصر المجاعات، ...إلخ، فهي الزمان بلا ضابط موضوعي لعياره، وهي غور في التاريخ بلا بوصلة، ستين داهية !

    وفي كثير من الأحيان فإن إنتقاء مفردة لغوية في ظرف طبقي معين قد يشير بلون الإنتقاء إلى فكرة وطريقة تفكير بل وإلى طبيعة أو منظومة إصطفاف الأفكار في الذهن وإلى طبيعة تواجدها في المجتمع وفي العالم المحيط بكل ما فيه من صراع طبقي المصالح وغلبة وسطوة لوسائط التعليم والإعلام الإمبريالية التقعيد والتمركز والتمويل. وقد يسهل بطول وتسدس هذا الإستنتاج صرف سمة الموضوعية عنه، إلا أن تتعزز هذه المفردة بعبارات وأعمال وتصريحات وموجهات تثبت الطبيعة العامة لها في نطاق الصراع الفكري-الطبقي.

    في إنصراف مشروع التقرير السياسي عن (ثوابت) الوضع الطبقي في مجتمعات السودان وهرولته من مظالمها إلى حديث (المتغيرات) وتقلباتها دون قسط وعدل بينهما يدعي التقرير في سياق هذه الهرولة والمعاصرة (( تأهيل الحزب فكرياً وتنظيمياً وسياسياً لمهامه)) ! ولكن إزاء هذا الإدعاء فبالإمكان السؤال عن كيفية قيام التقرير بعملية تأهيل الحزب فكراً وتنظيماً وسياسةً لمهامه بينما يقوم نفس التقرير بتعويم وخصخصة أصول وتاريخ وكينونة الحزب ومستقبله وطرد عموم نظريته وممارسته بكل نواقصها لصالح فهوم وأساليب نهج التجريب والتعلم بنهج المحاولة العملية الذي وضح لينين ضعفه في كتاب: "المادية ونهج التجريب"، مبيناً فضل النظرية الموجهة والخارطة الفكرية والخطة في ضبط الأعمال. كذلك عدت إحدى مواد كلية التربية: نهج التجريب والمحاولة الفردية والبداية العشواء [وبذهن خال من الأسبقيات] عدته أفشل الأساليب في التعليم والتعلم.

    وختماً لهذه الفقرة، لابد من تمحيص المعنى الذي قصدته العبارة (( تأهيل الحزب فكرياً وتنظيمياً وسياسياً لمهامه)) بمفردة "مهامه" ( أي مهمات الحزب الـ..)، فما دامت نظرية وطبيعة الحزب مغبشة مغيبة، ونقاشه مرتبك، وتصوراته مجزأة متنافرة ومشروعات نضاله مؤجلة بقيام "المؤتمر الجامع" وبإنعقاد دراسات، وبخضرة شجرة الحياة بعيداً عن فهوم تنسيق الأفكار والجهود، وتصعيد النضالات الحاضرة في المدينة والريف وتنسيقها تنسيق االبستاني الفنان للأشجار والأعشاب والأزهار حدائقاً غلبا، فكيف لأي حزب بعد كل ما قام به هذا التقرير من تجريد علني وباطني لأصوله وعناصر حياته أن يتقدم لتحقيق أي مهمات سواء كانت هذه المهمات مهمات متناقضة لحزب إشتراكي أو كانت مهمات ذربة متآلفة ومتناسقة في عناصرها الطبقية وهيكلها التراتبي وبنيتها النضالية الثورية كما هي مهمات أي حزب شيوعي؟

    فإذا كان التقرير مسبقاً قد نبذ وبشكل موارب قيم اللينينية ورفض مهماتها الطبقية والتنظيمية فكيف له أن يؤهل حزباً لها؟ ولماذا؟


    5 - تجاوز الإختلافات الموضوعية بين مراحل نمو وتأزم ووفاة الإتحاد الإشتراكي للجمهوريات السوفييتة:

    بدلاً من تلخيص الدراسات الموضوعية في صدد تاريخ الإتحاد السوفييتي والتطور المحلي والدولي للتناسب والتنافر بين قوى وعلاقات إنتاجه ثم تأزمها، والأسباب الإجتماعية والثقافية القومية التي غذت تشكيلاته الإقتصادية وسيرورته السياسية إنشغل مشروع التقرير عن ذلك بتحليل ووصف ردود الفعل على تأزم وإحتضار وقتل إتحاد السوفييت، ثم تناول بعض مظاهر الأزمة والإحتضار كسبب لها، ثم أقر بعدم إكتمال دراسة الموضوع الذي توصل فيه التقرير إلى نتائج قاطعة لعلها هي التي دفعته- بكل إطمئنان- للقول الجزاف بأن ما سماه (إنعدام الديمقراطية) هو سبب تفاقم الأخطاء! حيث يقول التقرير: ((...هناك المنبهرون بالتجربة السوفيتية للدرجة التي يستبعدون معها كلية وجود أية أسباب داخلية للإنهيار. ويعزون بالتالي ما حدث من انهيار للتآمر والضغوط الخارجية وخيانة بعض القادة السوفييت. وبطبيعة الحال ما كان بإمكان تآمر وضغوط الامبريالية، وسباق التسلح الذي كان يمتص ثلث الدخل القومي السوفيتي سنوياً، ونشاط أعداء الاشتراكية داخلياً ان ينجح في مرماه لو لا وجود أخطاء داخلية في تجربة النمط السوفيتي. وهناك التقويم الذي يروّجِ له مفكرو الامبريالية الذين طووا جميع الصفحات وزعموا... إلخ.))

    وبعد نقد ضعيف للتصورات والأفكار الإمبريالية في هذا الشأن يضيف مشروع التقرير تصوراً (ديمقراطياً) لتفاقم أسباب الأزمة في ما سماه (التجربة) الإشتراكية السوفيتية، مغبشاً إنها نضال تحددت مساراته بحتميات التاريخ وليس برغبات بعض القادة فيه، يقول التقرير:
    (( ان البحث والتقصي سيستمر لسنوات عديدة في التجربة الاشتراكية السوفيتية، للوقوف على مجمل العوامل الداخلية والخارجية التي أودت بها للانهيار. وهناك حالياً رؤية جديدة لأسباب الانهيار عبّرت عن نفسها في عدد من المؤلفات الحديثة، وعموماً الموضوع برمته يحتاج منا لتمحيص شديد خاصة ونحن لم نلامس تلك التجربة بعمق. ولكن ما بالإمكان قوله بكل اطمئنان، إن انهيار التجربة الاشتراكية السوفيتية جاء نتيجة لانعدام الديمقراطية الذي قاد لتفاقم أخطاء لا مفر منها مع تجربة جديدة. إن ما انهار حقيقة هو النموذج الإستاليني للاشتراكية وليس الحلم الاشتراكي والنظرية الاشتراكية التي تحتاج طبعاً للتجديد الثوري الجذري بما يجعلها قادرة على تقديم بديل اشتراكي علمي، واقعي وديمقراطي. غير ان تزامن التصدع والانهيار في بلدان اشتراكية عديدة، وفي نماذج التطور اللاراسمالي المترسم خطى النمط السوفيتي في انحاء مختلفة من العالم، كفيل بان يلفت الانتباه لوجود سلبيات وأخطاء داخلية مشتركة في تلك التجارب مهدت الطريق للهزيمة وقادت لها.))

    بهذه الإشارات نلمح ثلاث أسباب هي: التآمر والحصار والعدوان الإمبريالي، والإنفاق العسكري، وإنعدام الديمقراطية [ أي الديمقراطية السياسية بطبيعة تقدير مشروع التقرير] والأول أي الحصر والعدوان مما لا يوجد إختلاف عليه إلا إنه كان مقرراً بشكل ديمقراطي في دوله وبلاده، فكيف تكون الديمقراطية الليبرالية (سلطة وديكتاتورية حرية رأس المال في التملك) صالحة في تقريرها العدوان على السوفييت بل وتشكيل منظومات الإستعمار القديم لموارد المجتمعات والشعوب وكل نظام الإستعمار الحديث لكل دول العالم غير الإشتراكية، بينما يطلب التقرير إستنساخها في الإتحاد السوفييتي حيث جرى قمع رأس المال والقوى المطالبة بحريته أي بحرية قيام قلة في المجتمع بتملك وتعظيم إستغلال وسائل الإنتاج والعيش الضرورة لحياة غالبية البشر تستغلهم وتستلبهم وتهمشهم.

    كان من الأجدى للتقرير ذات الدفاع المجيد عن الحريات العامة وحقوق الإنتقاد والديمقراطية لكن في سياق تنظيم إشتراكي للمجتمع والدولة يمنع شعبياً وقانوياً هدمه لحساب بناء رأسمالي لعلاقات تبادل المنافع بين الناس، تماماً مثلما يُحرِم النظام الرأسمالي نفسه تغيير أسسه السياسية (حرية التملك) أو مثلما يحرم النظام الليبرالي تغيير أسسه الرأسمالية (حرية السوق) على حساب حرية وكرامة أغلبية مجتمعاته المستلبة وعلى حساب حرية وكرامة أغلبية مجتمعات ودول العالم المخضعة له بآليات الإستعمار قديمه وحديثه. ففي الطبيعة الإجتماعية لاتوجد ديمقراطية واحدة كجنة لحرية كل الطبقات فكل لون من الديمقراطية يعلي أو يقصي مصالح طبقية معينة، يعتني بها أو يطفي أرآءها وهو مما لم يهتم به مشروع التقرير في عرضه للتطورات والتراجعات في أوضاع النضالات والدول الإشتراكية.

    ان إهمال مشروع التقرير العام لسمة الإيجاب اللازمة لموضوعية أي فحص وإنتقاد يشكل إهمالاً جسيماً لموضوعية النظر بصورة إنتقادية موجبة إلى وقائع وكليات النضالات الشيوعية في روسيا والجمهوريات السوفييتية سابقاً، وفي الصين وكوريا وكوبا وفيتنام ونيبال والفليبين والهند، وفي جنوب أفريقيا وأنجولا وموزمبيق وإثيوبيا وإرتريا وغينيا بيساو، وكذلك في دول التحول الإشتراكي في جنوب أمريكا، وفي تحولات بعض دول أوربا البحر الأبيض المتوسط، وفي داخل الدول (= الولايات) المتحدة الأمريكية، حيث بإمكان النظر البسيط إن يستضيء بأشعة حركة النضال الإشتراكي الاممي التي بلورتها الثورة الإشتراكية الأولى في التاريخ والعالم وسطوعها في حركة تراكم الثورة العالمية، فهي رغم تباين ديمقراطياتها وظروفها وتمثلاتها لم تزل بحيوية أحزابها وشعوبها وعنفوانها تعاظم عملية التمثيل الضوئي لقيم الإشتراكية الوضائة وإتقادها ضد أصول ومظالم رأس المال وتشكيلته الإمبريالية في عملية عالمية للثورة لم تزل توكد بتواصل نضالاتها ضد خصخصة موارد الشعوب وإعتقال إمكانات تقدمها لم تزل هذه العملية الثورية الأممية توكد حيوية ودفق ونماء عناصر وكليات المادية التاريخية والمادية الجدلية والماركسية-اللينينية والحزب الجديد في نوعه الثوري الشيوعي النضالي العمالي إضافة لتوكيدها صحة الأصل والأفق الأممي والإنساني لحركة النضال الشيوعي كعلم نظري تطبيقي منظوم لحرية الطبقة العاملة كأساس لإلغاء نظام الإستغلال والتهميش الطبقي بكل عنصرياته وبداية تشكيل كينونة الإنسان والعالم الجديد ووضع السطر الأول في التاريخ الحقيقي للإنسانية بعد ألوف السنين من التأريخ الطبقي الساحق لنشوء وتطور الإنسان.

    لا يغيب هذا النظر نقد التصور المحاسبي المالي لتأزم وإحتضار إتحاد السوفييت بدعوى توجيه موارد المجتمع إلى الدفاع فقد كان الإقتصاد العسكري في الإتحاد السوفييتي مستقلاً بكامله عن الإقتصاد المدني، وكان الإقتصادان لحد كبير متمايزان عن أسلوب التقييم النقودي لتبادلات المنافع السائد في الدول الرأسمالية صغيرها وكبيرها، حيث كانت تبادلات القيم تتم وفق معاملات إدارية تنظمها، لذا فمن قبيل مجاراة الثورة المضادة القول بمثل هذه الأسباب القائمة على حساب الميزانية، صحيح إن التعاملات النقودية قللت وحدت كثيراً في عهد قيادة إستالين للإتحاد السوفييتي مما وفر إمكانات مادية وبشرية كبرى فيه للبناء والدفاع والنصر ولبناء ما بعد الحرب بكل مساكنه ومرافقه ومحطاته الذرية والفضائية ومعوناته، إلا إن إرجاع التقويم النقودي للمنافع في المجتمع على يد المناشفة الجدد بعد (وفاة) إستالين 1954 والإنقلاب الأبيض لعقد المؤتمر العشرين للحزب السوفييتي في فبراير 1956(دون مؤتمرات تحضير) قاد لبلورة وزيادة التمايزات بين الطبيعة الإجتماعية الإدارية لعلاقات الإنتاج والطبيعة المالية النقودية التجارية لعلاقات الإستهلاك مما مايز بين الدولة والمجتمع وسمم نمو الإشتراكية رأسياً وأفقياً مما أوضحت كثير من تفاصيله في كتابات وأعمال أخرى ، وحال التمايز بين العلاقات الإجتماعية الإدارية للانتاج والعلاقات المالية النقودية التجارية وتسميماته هو نفس الحال السائد حاضراً في روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة بعد حوالى عشرين سنة من عودة الديمقراطية الليبرالية إليها، يزيد فيها تفاقم الأزمات دون مخرج إجتماعي متناسق سوى الإشتراكية. فرغم ما يسمى (عودة الديمقراطية) وإستمرارها لعشرين سنة فإن تلك الجمهوريات لم تحقق في أي من مجالات الحياة المادية والثقافية 10% مما حققته فيها في نفس العدد من السنوات إبان عهد البناء الإستاليني العظيم.

    إذن بالإمكان إفتراض إن موضوعات الحرية والكرامة الطبقية والإجتماعية تختلف في جوانب كبرى من طبيعتها عن الطبيعة الليبرالية للديمقراطية أو عن الثقافة الديمقراطية السائدة على المجتمع، مما تناوله كثيراً المرحوم د. جعفر محمد علي بخيت (1933- 1976) في تنظيراته العلمإدارية لأمور الديمقراطية الشعبية والحكم الشعبي المحلي والإقليمي وإتحاد جمهوريات السودان، وتشكيلها القاعدي لأسس الإتحاد والتطور الإشتراكي في السودان قبل أن تقوم مركزية الدولة السودانية ومركزية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالقضاء على مشروعه، وتحطيم صحته. ولكن من الضروري تعزيز هذا الإفتراض بتمحيصين مواشجين لبعضهما: 1- تمحيص ظاهرة الإستعمار والطبيعة السياسية لأصوله الطبقية و2- تمحيص ظاهرة تدهور شروط الحياة في الدول الديمقراطية، بل وإنهيار كثير من النظم الديمقراطية في أفريقيا وآسيا وحتى في أوربا الحاضرة (الدولة البوليسية، ومظاهر تجريد المجتمعات من حقوقها، والنزعة الفاشية) وبتعزيز التمحيص للإفتراض الأول تسهل الممايزة بين تنوع فهوم الديمقراطية ونسبيتها الطبقية في السياسة الإجتماعية وفي السياسة الرأسمالية، وبين تنوع حاجات وحقوق الطبقات والفئات المُستغَلة والمُهمشة في الحرية والكرامة.
    لقد إعتنيت لأكثر من ربع قرن وفي سياق تقدمي بشيء كثير من أدبيات وأمور الثقافة والفلسفة والتاريخ وأسس الإقتصاد السياسي وتاريخ الإشتراكية في أوربا وفي الإتحاد السوفييتي بالذات، ونشرت في ذلك وفيما يواشجه كتيبين ومئات مقالات وما لم أنشره من كتب يجاوز عدده آلاف الصفحات وأكثر من المعلومات والنظرات والمراجع، و كان إعدادي التقارير في هيئات العمل السياسي يلاقي التقريظ والإشادة دون إهتمام مؤسسي منتظم متناسق بتطوير هذه الإسهامات -إلا شذرات من بعض الأساتذة الأجلاء وبعض الرفاق أو ممن تجتمع فيهما هاتين الصفتين- مع قدر من الجهد الذاتي أصر على تمحيصه وتنميته تدقيقاً وتنويعاً وتأثيلا، ولي معه إسهامات متواضعة داخل الحزب وخارجه في مجالات النضال التعاوني والشبابي والنسوي والثقافي والفني والـ.. والدولي وفي حقوق الإنسان وفي مسالك إخوان الصفا ورفاقياتهم الغابرة والحاضرة، والآن إذ ينجلي محك الصراع وينفتح ميدانه الكريم الأشرف، بين جهات نظر كثيرة بينها قوى ومفاهيم الشيوعية و قوى ومفاهيم الخراب، تضحى ضرورة لحرية وكرامة مجتمعاتنا تعزيز التوكيد الإنتقادي الموجب لقيم الإشتراكية العلمية والآيديولوجيا الثورية والممارسة النضالية المعززة للتطور الإشتراكي والتقدم الإجتماعي في سياق دولة ديمقراطية شعبية تنفي في دواخلها إمكانات الإستغلال والتهميش بإلغاء إمكانات تركيز ملكية وسائل الإنتاج والعيش في يد قلة من الناس تطفف مكاييل منافعها وتبخس الناس أشياءهم وأعمالهم وتكنز بإحتكارها وسائل عيشهم حريتهم وكرامتهم فدون الإشتراكية والديمقراطية الشعبية ، لا يوجد طريق ثالث بإمكانه أن يحقق في الحاضر أسساً مادية ونظرية متناسقة لحرية وكرامة الإنسان في المستقبل.

    ومن الخبرة المعينة المتنوعة المعززة لقيم العدل والسلام والمحبة والرفق والتعاضد والإخاء الإنساني التي أنضجت بعض دراستي ونشاطي يتعزز إعقادي كل يوم بأن التغيير والتحول الى الإشتراكية في مجتمع تسوده الرأسمالية المحلية أو العالمية ليس بالإمكان أن يتم بسلاسة البيع والشراء في مجتمع تجاري بل إن ذلك التنوع يحتوي ضمن تناقضات مصالحه الجذرية وصراعاته السياسية معارك عسكرية وحروب وإجراءات إحتراسية ووقائية وإجراءات إحترازية ومقالع ومضافر لا يتمناها المرء ولكن حتماً تفرضها تناقضات المصالح، فلم يحدث في التاريخ البشري مجال موضوعي لتلافي هذه النوع من التصادمات منذ معارك البداوة القديمة بكل إستعباداتها الأولية وليس نهاية بحروب الحضارة الإستعبادية القديمة والإقطاعية والرأسمالية الإستعمارية وحتى معارك ثورة أكتوبر وحروب التحرير الشعبية، وحروب الإستقلال والإنفصال وما بينهم من تمردات وعصيانات ومسيرات وتظاهرات عنفية، يحكم توليدها وتطورها طبيعة العنف البنيوي والظاهري الذي تمارسه نظم الإستغلال، ومقادير حرمان وقهر وإستلاب الناس لذلك تبقى الدعوات إلى السلام وحقوق الإنسان مجرد أماني يرتكز تحقيقها ورسوخه على طبيعة التعامل الرأسمالي معها في جهة القوى الطبقية المُسَتَغَلة والمُهَمَشَة إقتصاداً وثقافة، وعلى المستوى المحلي والمستوى الدولي للقوة النوعية للنظام الديمقراطي الشعبي وصلابة ومرونة كينوناته الإشتراكية.

    من هذه التقديم بالإمكان النظر إلى التاريخ الطبقي للعنف في شسوع القارة الأوربية والآسيوية ومُحركاته ومُثبطاته العامة والخاصة ومن ثم تقدير الطبيعة الطبقية العامة لتنوعات وتطورات العنف في الإتحاد السوفييتي في مراحل ولادته وشبابه وفي مراحل تسممه وإحتضاره وإغتياله، أما الميل لإصدار أحكام مثالية عامة بصدد إجراء طبقي إقتصادي معين ذي سمة سياسية مدينية أو سياسية عسكرية، فليس من المناسب إيراده في أي مشروع تقرير سياسي يفترض قيامه على تحليل العناصر الأساسية وحساب دواعيها التاريخية وردود الفعل التي واجهتها قبل وسمها بالقبح أو بالجمال السياسي، ولكن مشروع تقرير لجنة تسيير المناقشة العامة يسير مسالماً أو متسالماً في مجرى ذرف الدموع على أعداء الثورة الإشتراكية لا بصفتهم بشراً راحوا ضحية التناقضات الطبقية العنيفة بل يبكي عليهم كأنما هم أصحاب حق وليسوا خصوماً في معارك تأهبوا لها بكل قدراتهم العسكرية، وفي هذا السياق نجد التقرير يصف سياسات البناء الإشتراكي في عهد ولادة وتفتح الإتحاد السوفييتي بمفردات إشخاصية وعنفية وتشددية وعنادية من نوع "ضرب" و"فرض" و"أعطى" و"تجاوز" التي لو طبقناها على أي حاكم أو بشر لما سلم أحد من غلها خاصة مع علم التقرير مقدماً أن إيراد هذه التشانيع المسبقة في سياق يتحدث عن الدراسة والسلام والحرية ومحبة الأعداء وقبول الآخر حتى لو كان مستغلاً للناس مفقراً لهم، فإيراد هذه الهتافات العدائية أمر يستدعي مشاعراً وعواطفا مضادة قد تؤثر على تقويم هذه الإجراءات في إطار قوانين الطبيعة والتاريخ المادية والإجتماعية، وللقاريء الكريم أن يحكم من أسلوب مفردات التعبير على قدر الموضوعية والتاريخية في التقرير، وفق إن مبادئ الموضوعية والتاريخية تقلل إعتبار تأثير الأشخاص والقادة وتعلي قيمة الجدل الطبقي بأشكاله، وعدا ذلك تخليط.

    وقد حدث هذا التخليط بمحاكمة فظة ظالمة لقيام الأفكار العدالية والتقدمية الاولى في صيغتها الماركسية-اللينينية ونضالها الشيوعي الماثل في ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى بقيام مشروع التقرير السياسي بمهاجمة إجراءات ولادة الإتحاد السوفييتي وشموخ شعوبه من مزابل الحضارة والتاريخ ناسباً إياها لشخص واحد يتمادي المشروع مع الدعاية السائدة في العالم في غمض نضالاته ومحق أمجاده وهو بطل مجيد من أبطال الشيوعية وقائد عظيم من قادة نضالها في روسيا والعالم ضد التنظير الفارغ والإستغلال والتهميش وأشكال الإستعمار والأمية والجهل والتخلف والامراض والأوبئة والتشتت والفقر والعدوان، وعلى بلورته وإثراءه الماركسية-الينينية وتقديمه موسعات وملخصات هامة فيها أضحت الآن من بديهيات العلوم الإجتماعية ساهم إستالين بتميز حكمه في إنتقال روسيا القديمة وإقطاعاتها من حالة البؤس والهوان إلى أمجاد البناء والإنتصارات الكبرى حتى تركها حين وفاته 1954 أعدل وأقوى دولة في العالم دون إستعمار وإستغلال وتهميش أو شركات وتجارة وتمويلات وبنوك دولية، وبتضامن لحد التضحية مع نضالات شعوب أوربا والصين والهند ضد النازية والفاشية والإستعمار ودعم غزير لحركة التحرر الوطني في آفريقيا وغيرها ومساندة مخلصة للدول المستقلة حديثاً وصداقة مع الشعوب كانت ذات مصانع وبعثات وفنون ورياضيات ومكتبات وأشعار وآداب وترجمات ثرة، وأضاف لنضال الشيوعية العالمي والروسي إشتراك فعال في تأسيس الأمم المتحدة ومواثيقها وهيئاتها وفي شرعات حقوق الإنسان ودعم وتوطيد الأمن والسلام العالمي، وفي تكريس حضور الإشتراكية فى النطاق الدولي عزيزة مرفرفة، لكن إجراءات ولادة أو تبلور الشيوعية والإتحاد السوفييتي وشموخه وإنتصاراته في تلك المرحلة بخست وأختصرت بمشروع التقرير السياسي فى مجموعة العبارات المجحفة الآتية: ((
    - ضرب مصالح البرجوازية في المدينة والريف.
    - فرض المزارع الجماعية والتعاونية في الريف السوفيتي بالقوة والقسر.
    - إعطاء الأسبقية للصناعة الثقيلة.
    - تجاوز أسس الحل الماركسي الديمقراطي للمسألة القومية وفرض اتحاد فدرالي لقوميات وشعوب الامبراطورية القيصرية. ))

    إن كثير من الأخطاء شابت هذه الصياغة التي تشبه إتهامات أمن الدولة الرأسمالية للشيوعيين بتهديد السلام الإجتماعي، وفي تلافيف كل فقرة منها قراءآت مغرضة ومغالطات تاريخية بل وتخرصات عمياء، ولكنها مع ذلك إنطلقت دون تحليل ودون دراسة متكاملة لإصدار أحكام ظالمة وبشعة سجلها مشروع التقرير بقوله(وهكذا قطع إستالين الطريق أمام تصحيح المسار، وتخطى القوانين الموضوعية الماثلة وقتها للتطور الاقتصادي والاجتماعي وقفز فوقها. ثم أقدم على ضرب واحتواء المعارضة العمالية والحزبية لسياساته بفرض تعميمات نظرية مغلوطة على غرار: " تنامي شراسة العدو الطبقي كلما تصاعد البناء الاشتراكي"، وجرى اتخاذ مثل هذه التعميمات النظرية تكأة لتصفية الخصوم السياسيين داخل الحزب نفسه بوصفهم امتداداً للعدو الطبقي. وضرب الديمقراطية وفرض الشمولية والدولة البوليسية ومن ثم سلب حق العاملين في الإضراب وحوّل النقابات والسوفيتيات إلى تنظيمات سلطوية.)

    وهكذا بعد أن سجل مشروع تقرير لجنة تسيير المناقشة العام بكل هذه الخفة ان القائد الشيوعي النبيل إستالين قد قفز وقطع ونط وتخطى وضرب وإحتوى وصفي وضرب وفرض وسلب وحول، ينطلق من هذا اللوم الشخصي الذي يعف عنه في السودان إلى تحليل وتقويم آخر يصر مشروع التقرير على موضوعيته يتعلق بالمسألة القومية في تلك البلاد شبه البلقانية، وكيف إن تأسيس الإتحاد السوفييتي نفسه كان جريمة إستالينية ولم يكن حلاً ماركسيا-لينينياً ديمقراطياً لمسألتي الإستعمار والإقطاع القيصري والأجنبي في تلك البلاد الواسعة المتداخلة والثرية والقاسية الطبيعة، لم يذكر التقرير مراحل تكون وتأزم الإتحاد وأسبابه الموضوعية في تناسبات قوى ومصالح وعلاقات الإنتاج، والطبيعة المركزية والامركزية لجدلها المحلي والدولي ومصالحها ومعاركها التكاتيكية والإستراتيجية بل ترك تقويم هذا كله وتقويم المناقشة العامة لقضاياه السودانية بمركزها وهامشها إلى القول المتواضع المزيف بعبارات من نوع: "لكن هذه الحقيقة..."! يقول :







    (( لكن هذه الحقيقة يجب أن لا تحجب عنا أنه ونقيضاً للطرح الماركسي بالحل الديمقراطي للمسألة القومية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وكفالة حق تقرير المصير كحق ديمقراطي أصيل، فرضت الإستالينية اتحاداً فدرالياً لا مكان فيه لحق تقرير المصير إلا بصورة شكلية وبعد انجاز التحول الاشتراكي! ومهّد هذا الطريق لتنامي شوفينية القومية الروسية الأكبر وإلى تعقيدات خطيرة في المسألة القومية.)) وبعد هذا التجريم المتأخر لوجود الإتحاد السوفييتي، مما يشابه في مضمون حيثياته كثير من المواقف التاريخية لحزبنا حول الوضع في جنوب السودان ودون ذلك في شرق السودان وغربه، يندفع مشروع التقرير في تجريماته القومية، متجاوزاً جدلية الموقف الشيوعي ضد العصبية القومية (الشوفينية) وضد الإنمساخ والتذويب، وقافزاً على حقيقة ضجر كثير من الأوربيين الروس من سياسات إستالين القومية لتحميلها إياهم قسطاً كبيراً من عبء تنمية وتقدم مجتمعات القوقاز، كما تنسى أحكام مشروع التقرير حال النفور (القومي) المثلث والمتقاقم قبل الثورة وفي سنواتها الاولى بين مجتمعات الأرثوذدكس واليهود والمسلمين وكذلك بين القوميات الروسية والتركية والصينية والأوزبكية إلخ وتداخلها في رقعات جغرافية واحدة حتى كفل لها تأسيس الإتحاد ونموه إمكانات تعامل وتطور عظمى خاصة في مرحلة سيطرة التنظيم الإجتماعي الإداري على عمليات الإنتاج والتوزيع العام لموارده ووسائله وجهوده وثمراته، قبل مرحلة التقويم النقوددي للمنافع والتكالب الذي أيقظه على إمتلاك المارد والتفرد بها مما أزم الإتحاد وسممه.

    بعيداً عن ذلك يخلط مشروع التقرير لسبب ما بين الحقيقة والزيف ويخلط الثورة والثورة المضادة ويغافل نفسه عن إدراك جدلية العلاقة بين الأزمات القومية والأزمات الدولبة في تلك الظروف من الصراع الطبقي الدولي على ضفاف الحروب العالمية إذ يقول( وتحركت الجيوش والدبابات السوفيتية مرات عديدة لسحق وتنكيس رايات الانتفاضات الشعبية التي رمت للإصلاح والديمقراطية وتقويم سلبيات النمط السوفيتي في تلك البلدان.)) ولكن بعد هذه الفتوح السياسية والقومية يتحفنا مشروع هذا التقرير بصراحة لم يمارس مثلها جهة حزبنا، قال: (( طمس النظرة الانتقادية التي لا يتم إصلاح الخطأ وتصحيح المسار بدونها، بل أيضاً إلى رفضها كلية ومحاربتها.)) ثم يعمد المشروع الى الخروج من هذه الكشوف بفتح رباني يدير به دفة الإشتراكية العلمية من حال الثورة والتقدم في النضال إلى حالة رجعية يعيد بها المشروع الإصطفافات الثورية إلى حالة ما قبل لينين في العالم وهنري كورييل ومارسيل إسرائيل وعبده دهب وزكي مراد وحسن فؤاد في مصر وحالة ما قبل عبد الخالق محجوب في السودان وفهد في العراق، حالة البحث عن سياق تنظيمي طبقي طليعي منظم ومصادم يقول: (( صفوة القول ان النمط السوفيتي الذي جرى تسويقه بوصفه تجسيداً حياً للماركسية بلحمها ودمها، اكتنفته أخطاء عديدة. وان الذي قاد للإنهيار في نهاية المطاف لم يكن الماركسية، بل كان الابتعاد عن بعض مبادئها الأساسية. فالماركسية في جوهرها منهج علمي يتم الاسترشاد به في الوصول للقوانين التي تحكم التغيير الاجتماعي في هذا الواقع أو ذاك. انها نظرية تتنافى تماماً مع الأحادية والنمط الواحد والنموذج الصالح لكل زمان ومكان. ان فشل واخفاق مشروع تاريخي كان يدعي الانتساب للماركسية لا يعني ان الماركسية قد عفا عليها الزمن وتجاوزها. ))

    ويمكن ملاحظة عبارة (صفوة القول) التي يفتتح بها مشروع التقرير حكمه رغم إن نقاشه غير مكتمل لا في عدده ولا في نوعه، متباعد مفكك، دون تمحيص نوعي وتنظيمي لمصادره، ودون معلومات صحيحة ودون تحليل موضوعي، وفوق ذلك به تناقضات لم يتواضع في تقديمها وهي تناقضات تشل كثير من فقراته ومن المهم إزاحتها بالنقاشا قبل الوصول إلى "صفوة القول" ولعل هذا التعالي والحكم المسبق يجعل مشروع التقرير مائلاً إلى أن يساوي بين ما يسميه "الماركسية" وحالة التشتت الفكري والتنظيمي والسياسي ولعل ذلك بإتجاهه إلى التجاوب مع بعض المفاهيم العامة للثقافة الطبقية السائدة كمفهوم (تحقيق مصلحة جميع الطبقات) رغم إن ذلك متعذر بأسباب بنيوية ومنطقية تتصل بوجود هذه الطبقات في نظام إنتاج يكون الأرباح الرأسمالية بإستغلال وتهميش وإستضعاف الناس !


    في مثال جديد لخطاً وإنحياز بعض معلومات مشروع التقرير في صدد الصراعات الأساسية التي شكلت تاريخ الإتحاد السوفييتي إغفاله ذكر الخصائص الموضوعية لمرحلة إستالين حيث كانت هي مرحلة البناء والدفاع وإعادة البناء وإنها تكونت تاريخيا كنتيجة جدلية للصراع النسبي بين مرحلتين أساسيتين هما مرحلة "شيوعية الحرب" ومرحلة شيوعية السوق "النيب"، اللتين تميزتا بطبيعة مؤقتة جهة التحديات العامة التي واجهت بقاء عملية التغيير الإشتراكي. كذلك أغمض مشروع التقرير ذكر إتصال طبيعة هذه التغييرات بحالة حروب المقاومة والتدخل التي شنها الحرس والجيش القيصري، ثم جيوش وعملاء الـ14 دولة التي هبت لقمع الثورة الإشتراكية في روسيا قبل أن تردها قوى الكادحين والعمال وتهزمها وبذات العنف والقوة العسكرية والإجراءات الدموية.

    كذلك في تقديره أحوال تلك المرحلة نسى مشروع التقرير أن يذكر تآمرات المناشفة ومحاولاتهم الإنقلابية ضد لينين ثم ضد إستالين قبل وبعد الثورة وفي خضم بناء الإتحاد السوفييتي ومعاركه الدفاعية الدولية ضد القيصرية والتدخل والنازية والفاشية الدولية. ولعل وقوع مشروع التقرير في هذه الأخطاء يأتي من نسيانه إن قيمة إستالين تتمثل في ربطه بين تطور قوى الإنتاج والتغيير الجذري لعلاقاته، ومن تصور مشروع التقرير إن النضال العسكري السياسي كان يمارس في جهة الشر الإستالينية دون جهة الطيبة والخير والمحبة والسلام والحرية المضادة للشيوعية والسوفييت بقيادة تروتسكي وبعض أحباره، مما تجلى بعد (وفاة) إستالين وظهر بالإنقلاب والتآمر الكبير الذي أنتج "المؤتمر العشرين" (فبراير 1956) وعقده بعد مرحلة تصفية تدريجية لكثير من كوادر مراحل البناء والنصر، ضداً للتقاليد التنظيمية والسياسية للحزب الماركسي اللينيني! وقد تمت تلك التصفية مثلما هي الآن داخل الحزب الشيوعي السوداني تحت شعارات الإصلاح والتجديد والإنفتاح و الحرب على الإستالينية، وهي الحرب التي تمثلت مفاعيلها في ثلاث عمليات رجعية إقتصادية سياسية كبرى وهي:

    1- تفعيل النقود كمعيار ومقياس للمنافع الإجتماعية،

    2- إحياء قوى التعاملات المالية في المدينة والريف،

    3 - مواشجة شوفينيات القوى الصهيونية والقومية الروسية، مع قمع الكوادر الماركسية- اللينينية بإسم إجتثاث الإستالينية.

    مرة أخرى يمكن شرح طبيعة وأبعاد التأثيرات السلب لهذه السياسات ضد تناسق العلاقات الإقتصادية الإجتماعية بمباعدتها وفصمها تطور قوى الإنتاج عن تغيير علاقات الإنتاج، و بذلك تعزل عمليات الإنتاج عن تطور عمليات الإستهلاك وتسميم هذا الفصم لأسس وأحوال التناسق البنيوي والظاهري للحزب الشيوعي ولإتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفييتية رأسياً وأفقيا وتسبيب هذا الإنفصام والتناقض لتأزم الحزب والإتحاد السوفييتي وإحتضاره مسهلة مع الحصار الدولي محاولات إغتيال الحزب والإتحاد وتصفية وجودهما وآثاره في حركة النضال الشيوعي بكل تمثلاتها الضوئية في حركات التحرر الوطني وفي حركات التحرر الإجتماعي في العالم.
    لكن برؤية مشروع التقرير السياسي نراه يقفز على موضوعية هذه الأمور ويحيل الأمر إلى قصة بوليسية، ومجموعة من ردود الأفعال الشخصية مثل التي تقدم في هيئات وأضابير الحزب الشيوعي السوداني عن أسباب هزيمة المشروع النضالي لـ25 مايو 1969 من داخله ومن خارجه ومثل التي تقدم في هيئات وأضابير الحزب ومنشوراته عن أسباب الهزيمة الداخلية والخارجية لهبة 19 يوليو 1971 الثورية المجيدة المفعمة بدماء الجسارة والبطولة والفداء. فرغم الإختلاف البين في طبيعة وظروف الجهة المنتصرة في هذه الصراعات إلا إن التبريرات الإفرادية والشخصية تعلو بنفس الوتيرة على الملاحظات والفروض والتحليلات والتمحيصات والإستنتاجات الموضوعية فعلى ذات نسق القصص البوليسية وبطولات المغامرات المحتفية بأدوار الأفراد وذكاءهم الخاص يقول مشروع التقرير: (( ثم هبت قوى الحرس القديم المنتفعة بسلبيات النظام (النومنكلاتورا)، مستفيدة من بقاء أركان وركائز النظام دون تغيير، لإلغاء إصلاحات المؤتمر العشرين على ضعفها وهشاشتها. فكانت المحاولة الانقلابية للإطاحة بخرتشوف عام 1957، ثم كانت المحاولة الانقلابية الناجحة التي أطاحت به في اكتوبر 1964))
    فمع التحليل البوليسي اللا طبقي واللاسياسي يضيف مشروع التقرير السياسي إلى قرآئه ومتلقييه في مؤتمر الحزب ...... القادم معلومات مغرضة ومشوهة عن طبيعة الصراع في المجتمع والحزب السوفييتي آنذاك الزمان التليد للصراع الطبقي والحروب الباردة ضد الشيوعية والسوفييت.

    ومع إنسياق المشروع في إدارة معاركه بالعواطف يتحدث عن فشل الإصلاحات والتجديدات المجافية لتناسق علاقات الإنتاج وعلاقات الإستهلاك مرجعاً أسبابها إلى ما سماه بسهولة "ركائز النظام السوفييتي"! مما يدفع وبحسب منطق تسبيبه السوفييتي لأزمات تسمم وتأزم وإحتضار وإغتيال الإتحاد السوفييتي إلى سؤآل مماثل له في الطبيعة يكشف ضعف المنطق الذي خدمه التقرير في القطع بأسباب (الإنهيار)! وقوام االسؤآل هو معرفة: الكيفية التي يسبب بها مشروع التقرير حالات فشل وإنهيار الديمقراطيات الليبرالية في كثير من بلاد أفريقيا وآسيا وأمريكا االجنوبية ولمرات كثيرة؟

    وحسب منطق مشروع التقرير ووفقاً له قد تبدو طبيعة الإجابة على السؤآل السابق غريبة عليه: فالإجابة المماثلة منطقاً لإجابته على المسالة السوفييتية وموتها بسبب سوفييتيتها تبدو في صورة مماثلة لمنطقه هذا على النحو الآتي: إن فشل الديمقراطيات الليبرالية في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا يرد إلى ركائز الديمقراطية الليبرالية (= حرية تملك رأس المال والسوق لوسائل عيش وحياة الناس)!!

    بعد هذه المقاربة والمماثلة فلأي إنسان تأمل التنافر العميق والبنيوي بين سياق الجوابين رغم وحدة منطقهما. وهو الأمر الذي يدل على خطأ هذا المنطق الشكلي الذي خدمه مشروع التقرير لإدانة وجود الإتحاد السوفييتي بل ووجود الشيوعية. فسياق إجابة مشروع التقرير على المسألة السوفييتية هي تحميل أسباب ضعفها إلى ما سماه (إنعدام الديمقراطية وغلط ركائز النظام السوفييتي) بينما في ناحية أخرى إختبارية لمدى موضوعية مثل هذا التسبيب، تقوم على السؤآل والجواب على سبب فشل الديمقراطية الليبرالية في تحقيق نظام عادل لحرية وكرامة الإنسان في بلادنا وفي العالم دون إستغلال وتهميش أو إستعمار قديم أو حديث ؟ فنجد إن سياق السؤآل والجواب -رغم وحدة بنيته ومنطقه مع سؤآل وجواب مشروع التقرير- يناقض موضوعية إجابة مشروع التقرير عن سبب تسمم السوفييت بل ويضادها ويناقضها وينفيها جملةً وتفصيلاً . أن يكون الداء هو الدواء!

    فبذات المنطق الشكلي للتسبيب وبذات السياقة الذاتية التعميمية لجواب مشروع التقرير على المسألة السوفييتية نجد ان الجواب على مسألة أو أسباب فشل "الديمقراطية الليبرالية" في بلادنا المهمشة بل وإنهيارها مرات عددا مع رخاء مجتمعاتها الإوربية والأمريكية يرجع لسبب من تطفيف وإجحاف وتبخيس التقسيم الرأسمالي الدولي لموارد ووسائل وجهود وثمرات الإنتاج العالمي والعملية التمركزية والتهميشية لنشاط الإستعمار التقليدي والإستعمار الحديث القائمة على الركيزة الأساس للنظام الديمقراطي الليبرالي في حيازة منافع الطبيعة والإجتماع البشري، الماثلة في حرية التملك رأس المال بصورة مفردة خاصة لوسائل الإنتاج الإجتماعية ولوسائط تقسيم جهود المجتمع في الإنتاج وتوزيع ثمرات هذا الجهود بين القوى الضرورية لعملية الإنتاج، والطبقة المالكة لوسائله والمسيطرة على تقاسيمه.

    وفي هذا التناقض البنيوي القائم في كينونة مشروع التقرير المضادة للشيوعية والسوفييت بإسم كيان مستقبلي (جديد) يرومه مشروع التقرير السياسي للجنة المناقشة العامة لابد لنجاح تمحيصه من الخروج من شوشرة أي إمكانية لنشوء إعتقاد زيف بأن (التجديد) يجمع بين محاسن ما يشير إليه مشروع التقرير بـشكل موجب بإسم "الإشتراكية" ومايشير إليه من عناصر موجبة في "الديمقراطية الليبرالية" وإن هذا الإنتقاد لمشروع التقرير يتجه ضد ذلك كمجرد تباين أو إختلاف معرفي، أو محاججة إثبات (= سفسطة)، أو فلسفة مثالية تدور حول عناصرها لا تريد علماً مؤثراً وتغييراً إجتماعياً! وكذلك لمنع فهم هذا التناقض بين الإنتقاد ومشروع التقرير في صورة خلافات شخصية أو حتى عده تطاولاً من كائن ضعيف مثلي على إحترام أعمال لجنة قيادية ذات كوادر عليا مجيدة التاريخ.

    لذا فإن البحث التاريخي في طبيعة وسيرورة هذا التناقض بين الإنتقاد وبين مشروع التقرير السياسي يحسم أي إمكانات لإستضغاره أو لتخديمه ضد السياق الموضوعي لتبلور النضال الشيوعي في العالم والسودان والإصرار على علاج أو تجاوز نواقصه وخساراته وهزائمه، فالدراسة الفلسفية المادية والتاريخية بكينونتها الجدلية وسياقها الإنتقادي التغييري الثوري تمحص كثير من المواضيع والحالات وتوضح ما فيها من عناصر وبنيات القوة، وما فيها من عناصر الضعف وبنياته.

    وللتقدم الجدلي الثوري من المظهر المثالي للإختلاف والتناقض حول موضوع هل (س) داء أو دواء؟ يقوم هذا السؤآل الفيصل:
    إن كانت الديمقراطية هي علاج الداء السوفييتي، فهل تكون الإشتراكية والديمقراطية الشعبية و"الطبيعة السوفييتية" لنظام الحكم الشعبي المحلي هي الجواب المنطقي لإتجاه فشل الديمقراطية محلياً وعالمياً في تحقيق إمكانات متناسقة لحرية وكرامة الإنسان؟
    وهل تمثل الإشتراكية والديمقراطية الشعبية و"الطبيعة السوفييتية" لنظام الحكم الشعبي المحلي مقدمات إجابة منطقية في النطاق السوداني والعالمي لمسألة ضرورة إتحاد المنتجين وإدارة الإنتاج والدولة بعملية تخطيط إجتماعي وطني ديمقراطي لتنظيم بلورة وتوزيع وسائل الإنتاج وجهوده وثمراته توزيعاً متناسباً مع حاجات الناس وقدراتهم وإمكاناتهم ؟


    إن الإجابة بالرفض أو الإجابة بالقبول على أي من السوآلين تعني ان كينونة مشروع التقرير السياسي الذي أعدته لجنة المناقشة العامة لمؤتمر الحزب الـ(......)القادم كينونة عدوة للشيوعية شعاراتها "تنقية الماركسية" أو "نقد الإستالينية" أو "نقض التجربة السوفييتية" [بكل تنوعاتها ومراحلها] و"إصلاح وتجديد الحزب" (= حله)، وذلك لسبب من ان الصيغة العامة التي بلورها مشروع التقرير تفتقر عدداً ونوعاً إلى الحياد الموضوعي جهة المعلومات والدراسات والنقاشات الأساسية مثلما تفتقر المنطق والتحليل والتناسق الموضوعي العام دعك من الرؤية الطبقية الجدلية الثورية الضرورة لوجود وتميز أي نضال شيوعي. وهي بهذا السياق صيغة نقد هدام لأنه لا يحدد بشكل موضوعي الأسباب الإقتصادية الإجتماعية السياسية والثقافية الموضوعية للعلل الطبقية والقومية في النطاقات المحلية والعالمية، ولا يقدم بدائل موضوعية موافقة لمنطق وجود وحركة الطبيعة وتاريخ التطور الإجتماعي وسيرورتهم بجدل تمايز كينونات ومستويات وعلاقات الإنتاج، وعناصر وكينونات ومستويات الصراع الطبقي.

    في مواصلة المشروع الذي أعدته لجنة تسيير المناقشة العامة لقضايا العصر ليكون التقرير السياسي لمؤتمر الحزب يواصل المشروع إغتياله المعنوي لركائز البناء السوفييتي ببكاء على فشل محاولات الإصلاح يفصح بعبارته عن عمق الطبيعة البرجوازية لجهازه المفاهيمي حيث يذكر مشروع تقرير إغتيال الشيوعية ووجود الحزب الشيوعي العبارات الغريبة والمفاهيم الغلط الآتية، يقول: (( كذلك ذهبت أدراج الرياح كل محاولات الإصلاح الأخرى في ظل بقاء ركائز النمط السوفيتي. وكان جوهر تلك المحاولات يرمي إلى معالجة موجات الركود الاقتصادي المصاحبة لنمط رأسمالية الدولة والمركزة الصارمة بفتح هامش ضيق جداً لاقتصاد السوق الذي يحتمه واقع تعدد الانماط الاقتصادية، وبوضع خطط قصيرة المدى تفسح مجالاً لدور المنتجين في التخطيط والإدارة والحوافز المادية في حالة زيادة الانتاجية))

    ومن ملاحظة تراتب وعبارات جُمل المشروع ودراسة طبيعة فرزه وتحليله نقاط موضوعه بإمكان للمنتقد ضمن دراسة مادية تاريخية جدلية النهج لهذه الفقرة من مشروع التقرير أن يجد في كل جملة سياسية من سطوره السالفة أكثر من خطأ في طبيعة إدراك مشروع التقرير لعدد من العناصر والمعلومات والمفاهيم الأساسية في الإقتصاد والسياسة والنضال الشيوعي، وفي طبيعة وضعها في سياق ومنطق طبيعي وتاريخي، وفي موضوعية معرفة تراتباتها وعلاقاتها، وفي الطبيعة المتناقضة لقيام المشروع بفحص وتحليل وجود وحركة عناصر موضوعه (الإصلاحي) وتغير مواقعه وإختلاف جهات تبلور هذه العناصر وحركتها، وكذلك بإمكان تبين تكاثر الأخطاء في طبيعة قيام مشروع التقرير بقرآءة التناقضات الرئيسة والثانوية في موضوع الإصلاح في الإتحاد السوفييتي، وطبيعة تعيين المشروع وتمييزه وإستخلاصه لنقاط ومواقع الحيوية ونقاط ومواقع الجمود في هذا الإتحاد وإصلاحاته التي إهتم بها المشروع، بل وبإمكان للمنتقد حين فحصه ودراسته للفقرة السابقة من مشروع التقرير تقدير كيفية الإعتبار والإستذخار بتاريخ موضوع النضال الشيوعي في روسيا وآثار الإصلاحات الإشتراكية والإصلاحات الرأسمالية فيه، وكذلك بإمكان للمنتقد تقدير كيفية تخديمه لتاريخ مشروع التقرير السياسي نفسه أي تاريخ تناقضاته والإعتبار والإستذخار به وبها في معارك الصراع الطبقي والتغيير الإجتماعي العالمية والمحلية.

    توكيداً لأهمية فحص هذه الفقرة في تقويم موضوعية مشروع التقرير ونظرته للامور الماضية والأمور القادمة مستقبلاً لابد من تمحيص مفرد وجمعي لكل جملة سياسية من الفقرة السابقة بقرآءة طبيعة الهيكل المفاهيمي لتبلورها وتكوينها وطبيعة موقعها وآثارها في سياق مشروع التقرير، وذلك بتحديد عناصرها الشكلية والموضوعية في هذا التمحيص وفحص ومدى تناسقها مع بعضها ومع غيرها من الفقرات ومع السياق العام للتقرير ومع وضعه في الصراعات داخل الحزب والوطن وفي المستوى العالمي الأممي والدولي. وفقاَ لسياق محاولة الإجابة على الأسئلة الآتية:























                  

العنوان الكاتب Date
(ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:15 PM
  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:16 PM
    Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:17 PM
      Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:18 PM
        Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:19 PM
          Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:21 PM
            Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:22 PM
              Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:24 PM
                Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:28 PM
                  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:29 PM
                    Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:31 PM
                      Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:32 PM
                        Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:33 PM
                          Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:34 PM
                            Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:35 PM
                              Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:37 PM
                                Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:38 PM
                                  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:39 PM
                                    Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:40 PM
                                      Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 06:48 PM
                                        Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 07:11 PM
                                          Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 07:15 PM
                                            Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 07:21 PM
                                              Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 07:26 PM
                                                Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. عوض محمد احمد05-19-08, 07:28 PM
                                                Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 07:30 PM
                                                  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 08:14 PM
                                                    Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 08:15 PM
                                                      Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Hussein Mallasi05-19-08, 09:11 PM
                                                      Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. salah elamin05-19-08, 09:19 PM
                                                        Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 09:50 PM
                                                          Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-19-08, 09:53 PM
                                                            Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-20-08, 05:28 AM
                                                              Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. salah elamin05-20-08, 05:42 AM
                                                                Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. عمار عبدالله عبدالرحمن05-20-08, 07:25 AM
                                                                Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-20-08, 06:47 PM
                                                                  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. nadus200005-21-08, 09:17 AM
                                                                    Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-22-08, 02:20 AM
                                                                      Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-22-08, 04:54 AM
  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Al-Shaygi05-22-08, 05:49 AM
  Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. عبد الوهاب المحسى05-22-08, 06:51 AM
    Re: (ذوالنون جعفر محمد علي بخيت )يكتب عن( العدل و المساواة).. Tragie Mustafa05-25-08, 09:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de