ثورة المقابر رواية لضياء الشريف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 09:28 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-01-2008, 09:44 PM

نزار باشري ابراهيم
<aنزار باشري ابراهيم
تاريخ التسجيل: 04-03-2005
مجموع المشاركات: 588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف (Re: نزار باشري ابراهيم)

    (9)
    كانت منال عوض التي تبلغ من العمر ستة عشر ربيعاً تقف امام المرآة تستعرض جمالها الآسر وتحاول قياس نتؤات جسدها فتمد صدرها وتمسك نهداها من الاسفل وتهزهما , ثم تشد فستانها وتنثني وتنظر الي ردفها في المرآة وبدت راضية تماما على هذا النعم الكثيرة فاشارت الي نفسها في المرآة وقالت بما يشبه الهمس : منال عوض الله لن تتزوج الا رجلاً غنياً .. غنياً جدا . ثم رفعت راسها وهي تقول :بتوسل :يارب لا يهم ان يكون شاباً او عجوزاً , المهم ان يكون غنياً وفاضلاً لينتشلني من هذا الوقع المرير وهذا السجن الكبير . ثم واصلت إستعراض نفسها اما المرآة ولم تشعر الا بصوت والدها يقول وهو يرنو اليها من باب الغرفة :
    -ما شاء الله .. ما شاء الله , لقد كبرت يا منال وصرت عروساً .
    جفلت منال وقالت بوجل :
    -ابي .. متى حضرت ؟
    -الآن .
    -امي ذهبت الي بيت حاج الامام لتزور العازه .
    -انا لم اسالك عن امك .
    ثم نظر اليها طويلا وقال بسرور :
    -سبحان الله .. حينما تزوتجت امك كانت في مثل سنك وصورة طبق الاصل منك.
    ارتفع الدم الي وجه منال وسالت نفسها : ترى كم جردلاً من المريسة شرب اليوم!
    تقدم والدها ووضع يده على كتفها وقال :
    -تعالي يا منال , اجلسي هنا.
    رغم الارتباك الذي تشعر به منال الا ان شعوراً طاغياً بلفرح والسعادة غمرها , فهذه هي المرة الاولى والوحيدة التي يعاملها فيها والدها بعطف وحنان ولم يحدث قبل اليوم ان ابتسم في وجهها او تبسط معها في حديث رغم انها الوحيدة التي تبقت له بعد ان مات ابنه البكر وساعده الايمن غرقاً وحصدت الكوليرا الآخر فجلست قربه على السرير وهي تكاد ان تطير من الفرح .
    -لقد كبرت سريعا يا منال !
    -انا طفلتك ووحيدتك .
    -انت لست طفله , بل انت عروسا لذلك قررت ان ازوجك .
    ظنت منال ان والدها يمزح بفعل الخمر فقالت وهي تضحك وتميل براسها الي الخلف بعفوية :
    -هكذا .....
    قال والدها وهو يجاريها في ضحكها وحركة راسها العفوية ,
    -نعم هكذا .
    وضعت منال راسها على كتف والدها وطوقته بيديها وهي تقول
    -انا الآن لا اريد ان اتزوج .
    -لقد اخترت لك شخصاً مناسباً ويملك مالاً وفيراَ
    شعرت منال ان والدها جادا في قوله فحبست انفاسها وسألته ؟
    -من هو ؟
    -فصل ود الصديق .
    شعرت منال ان سقف الحجرة قد انهال على راسها , فجمالها هو راسمالها الوحيد الذي تعول عليه لينشلها من هذا الفقر المدقع فهل يعقل ان يستولي عليه سارق الغنم فهتفت بعد فترة ذهول طويلة .
    -ود الصديق حرامي الغنم !!!
    قال والدها وقد تقلصت عضلات وجهه الذي اكتسى بالغضب .
    -عيب ان تقولي هذا عن الرجل الذي سوف يصير زوجا لك .
    ثم اذاف وقد تحول الي المارد الجبار الذي يبث الرعب والخوف في قلب ابنته
    -ود الصديق الآن ليس حرامي , انه تاجر وقد قرات فاتحتك معه الساعة .
    -من غير ان يكون لي راي ؟!!
    رفع عوض الله يده في وجه ابنته مهددا
    -انا لم اخبرك لتقولي رايك , بل اخبرتك على سبيل العلم بالشيء فقط.
    ظلت منال طيلة الليل تتوعد وتهدد وامها تهدئها وتطيب من خاطرها قائلة
    -لعله سكران لا يدري ما يقول ... نعم انه سكران .. اصبري حتى الصبح وسترين انها خطرفة سكر .
    ومنال تقول :
    -غدا حالما يصحو اساليه وان كان جادا فيما قال سوف اقتل نفسي ولن اتزوج حرامي الغنم جزعت امها وتذكرت فوراً كل اللاتي انتحرن من القرية في تاريخها الطويل وكن ثلاثة , ولسبب لا تدريه سيطر عليها مشهدان خرجا من اعماق الذاكرة وتمثلا امامها فجاة : مشهد التابوت الخشبي الذي يحوي جثة زينب الامام يرقد على ظهر العربة المكشوفة والاهالي ينظرون اليه بذهول شديد وحاج الامام المسنود بين حاج الماحي وحضرة الناظر وداعة الله السيد يرتجف كعصفور بلله المطر الشتاء ومن عينيه تطل نظرة رعب قاتل موزعة بين التابوت وبين الشمس المحمرة التي بدت أكبر من حجمها الطبيعي في عيون الناس . وفي مشهد جانبي آخر مكمل كانت الحاجة خديجة عبد القادر قد وقعت خلف الباب الكبير مباشرةً على بعد امتار قليلة من السيارة التي تحمل جثة ابنتها الوحيدة وقد ظلت ترتجف وترفس بيديها ورجليها على الارض كانها ذبيحة او مصروع هاجمته نوبة الصرع وظلت هكذا لدقيقتي قبل ان تهمد تماماً وتمضي في غيبوبة إستمرت يومين كاملين . ومشهد اسماء عبد المحمود ملفوفة في كفنها الذي كان يبدو من نحول جثتها وكأن الملفوف داخله عود حطب وليس جثةً لبشر . ضمت المرأة ابنتها الي صدرها بقوة وقالت بهلع .
    -لن تتزوجي حرامي الغنم .
    وفي الصباح اكد عوض الله لزوجته ما قاله بالامس وزاد عليه بان ود الصديق سوف ياتي برفقة العمدة في المساء ليتقدم اليهم بصفة رسمية , وذهبت كل محاولات الام لاقناع الاب بالعدول عن هذا الامر سدى , فظلت تناور طيلة النهار من غير ان تخبر ابنتها بالحقيقة وهي تمني نفسها بان يستجيب الله دعائها وينزل بود الصديق مصيبة تمنعه عن الحضور وكانت تقول لنفسها بثقة : نعم , الله سوف يجيبني , فهو مغيث الملهوف وناصر المظلوم ومجيب دعوة المضطر , وسيطرت عليها هذه القناعة وترسخت في وعيها لدرجة انها قالت في نداءها لربها: حسناً يارب لا تنزل به مصيبة ولكن اصرفه عن ابنتي ووحيدتي بالطريقة التي تراها مناسبة .
    وفي المساء حضر ود الصديق والعمدة فتزلزل ايمان المرأة وكادت ان تكفر وعصفت بها الحيره ولم تستطع ان تفهم لماذا لم يصرف الله ود الصديق عنهم فقالت لابنتها بتاكيد :
    -انا ساصرفه بنفسي وليكن ما يكون .
    وحملت صينية الشاي وذهبت بها الي حيث الرجال الثلاثة مجتمعون في فناء الحوش الصغير .
    وضعت الصينية فوق الطاولة وكانت هناك رزمة نقود امسكت بها وسالت
    -ما هذا ؟
    رد زوجها :
    -هذا مهر ابنتك .
    فالقت برزمة النقود في حجر ود الصديق وقالت له مباشرةً
    -ابنتي ليست معزه .. اشرب هذا الشاي وانصرف ولا تعود مرة اخرى .
    سيطر الذهول على الرجال الثلاثة , فهذه اول مرة في تاريخ القرية تخرج فيها إمرأة الي الرجال وتطرد احدهم وقبل ان يستوعبوا ما حدث اضافت المرأة وهي تهز يديها في وجه العمدة .
    -اسمع يا عمدة انا ليس لديً في هذه الحياة غير منال ولن ازوجها لحرامي الغنم .
    تناول العمدة النقود من حجر ود الصديق وقذف بها في حجر عوض الله ثم نهض غاضبا وبحركة عصيبة اطاح عمامه ود الصديق التي تغطي راسه فتدحرجت على الارض ثم جذبه من شعر راسه وهو يقول :
    -هيا بنا ياحرامي الغنم .
    ثم وجه حديثه قبل ان يغادر الي عوض الله قائلا :
    -كلمة الرجل سيف مسلط على عنقه لا يجب ان تسقطها إمرأة , نهاية هذا الاسبوع سيتم عقد القران .
    وجذب ود الصديق من كم جلبابه واتجها الي الباب فقذفت المرأة بالعمامة خلفهم وهي تصيح .
    -انه عشم ابليس في الجنة .
    وقف العمدة قبل ان يفتح الباب والتفت قائلا
    -ادب إمرأتك يا عوض الله .
    قام عوض الله وانهال على زوجته بالضرب وحينما خفت إبنتها لانقاذها يضربهما معاً وصراخهما يصل ال عنان السماء فهب الاهالي وامتلات الدار الصغيرة عن آخرها واختلط الحابل بالنابل , وفي هذه الليلة المشهودة انتحرت منال عوض الله.
    كان الناس مشغولين بتخليص امها من براثن ابيها فتسللت من بينهم من غير ان يفطن الها احد وهرولت تحت جنح الظلام باتجاه النهر والقت بنفسها من اعلى القيف , وحينما انقذ الاهالي المرأة من براثن عوض الله الذي كان كالثور الهائج اخذت تصيح وهي تهرول هنا وهناك : ابنتي .. منال .. اين هي ؟
    وقضى رجال القرية وشبابها الليل باكمله يبحثون عنها , فقد إجتمع شيوخ القرية في حوش المسجد وارسلوا في طلب جعفر قصاص الاثر فعاد الرسول سريعاً ليقول ان القصاص سكران لا يدري راسه من رجليه , فقاموا بتشكيل مجموعات للبحث : مجموعة الحواته او المراكبيه ارسلت على عجل لتمشيط النهر , ومجموعتان لتمشيط الشاطئ إنطلاقا من الصخره : مجموعة تذهب شمالا والاخرى جنوبا مع التاكيد عليهم بان يذهبوا الي اقصى ما يستطيعون . ومجموعة اخرى كبيرة امرت بالتفرق في الخلاء الممتد من القرية باتجاهتها الثلاثة حتى القرى الاخرى المتاخمة , ومجموعة كلفت بالبحث في المزارع والحقول امرها الحاج عبد الناصر قائلا :
    -لا تغفلوا جرفا ولا حقلا , اصعدوا الاشجار وفتشوا بين اعصانها.
    ومع تباشيب الفجر الاولى ابتدات المجموعات بالتقاطر على المسجد وهو يجرون اذيال الخيبة وكان خبر تهديدها بالانتحار قد وصل الي الرجال بالمسجد فقال الشيخ احمد ابو عاقله :
    -اذاً تجهزوا للغطس , سنصلي الفجر ونتوجه الي النهر .
    بعد الصلاة والابتهال الطويل الي الله خرج الرجال والشباب وكان الصبية مجتمعون بالحوش الخارجي للمسجد فصاح فيهم ناظر المدرسة قائلا :
    -ماذا تفعولون هنا .. هيا اذهبوا الي المدرسة .
    وتقدم ناحيتهم وهو يصيح فيهم :
    -من يتغيب اليوم سوف اسلخ جلده غدا .
    فتفرق الصبية وجلين .
    حينما نزل السيل البشري باتجاه النهر كان محمدو يجلس على الصخرة وظهره ناحيتهم فهرع نحوه جده حاج الامام وساله :
    -محمدو ما بك ؟
    -لا شيء .
    -لماذا تجلس هكذا ؟
    -انت تعرف انني اعبر النهر فجر كل يوم .
    -ولكنك تعود قبل شروق الشمس .
    -اردت ان اقوم بواجبي , سوف اشارك في الغطس .
    وكان الشباب قد بداوا بالقاء انفسهم في الماء الدافئ . جزع حاج الامام وقال لحفيده :
    -كلا , كلا لن تشارك , لقد شاركت في البحث وهذا يكفي .
    -لماذا انا سباح ماهر .
    -هناك فرق بين السباحة والغطس , وانا قلت لن تشارك .
    تخل محمد الامام في النقاش قائلا لابن اخته
    -اسمع كلام جدك .
    -انا اخبر هذه الاعماق جيدا وسوف اغطس معكم .
    جثا حاج الامام على ركبتيه وتوسل حفيده .
    -اسمع كلامي يابني واذهب , اوقف معي هنا وراقب ما يحدث .
    -بل ساغطس ولا تخف عليً ياجدي .
    نظر حاج عبد الناصر الي حاج الامام وقال في نفسه : يالتصاريف القدر , هل هذا حاج الامام , اين كان كل هذا الحنان والعطف في السابق .
    استنجد حاج الامام بعبد الناصر قائلا :
    -عبد الناصر , لماذا تنظر الينا هكذا , قل شيئا .
    -دعه ياحاج الامام , هل نسيت اننا نحن الاثنين شاركنا في الغطس وكان عمرنا مثل عمره وبنياننا اضعف من بنيانه .
    نظر حاج الامام الي صديقه بعتاب وهو يقول :
    -ذاك زمن وهذا زمن .
    -ولكن النهر هو النهر ولم يتغير .
    فقال الناظر وداعة الله السيد
    -وحفيدك فارس هذا الزمن القادم ايضا .. لقد رايته بام عيني يغيب تحت الماء زمناً طويلاً حتى اخاله قد غرق فاهم باللحاق به فيظهر مرةً اخرى , ان له نفساً طويلاً , دعه يا حاج فأنا اتفاءل به .
    استسلم حاج الامام وقال يوصي ابنه محمد وصيدقه مصطفى الماحي اللذان خلعا ملابسهما تاهبا للغطس .
    -محمد .. مصطفى , لاصقاه ولا تدعاه يبتعد عنكما ... لاصقاه جيدا .
    قال الاثنان بصوت واحد .
    -لا تخف عليه .
    ثم جذبا محمدو وخاضا في ماء النهر .
    تقدم حاج الامام ناحيتهم وهو يقول :
    -اجعلاه بينكما .
    ثم مد يديه ليقول شيئا آخرا ولكن الثلاثة كانوا قد سبحوا مبتعدين فجلس على الرمال قرب الماء وهو يتمت بصوت واهن : يارب .. يارب . فتقدم منه عبد الناصر ووضع يده على كتفه وسأله :
    -لماذا انت قلق عله هكذا ؟
    قال حاج الامام من غير ان يحول بصره عنهم :
    ـ انت لا تشعر بالنار التي تأكلني منذ سنوات يا عبد الناصر , منذ ان رحلت أمه..
    ثم وضع راسه على ركبتيه وهو يراقبهم مبتعدين واردف ،
    ـ لقد رحلت سريعا وكانها طيف او حلما جميلا , وانا لا اريد له ان يرحل سريعا هو الآخر .
    ربت عبد الناصر على كتف صديقه وهو يقول :
    ـ لا تقلق سيعود باذن الله , انه بين امهر سباحين في القرية .
    كان المشهد على سطح النهر فريدا : رؤوس تظهر ليستنشق اصحابها انفاسا عميقة وتختفي تحت سطح الماء مرة اخرى , والشيوخ يراقبون ما يحدث بارتباك واضح وقد بدت لهم الثواني طويلة جدا ولكنها بدت لحاج الامام وكانهال دهوراً من الالم والعذاب . كل الذين غطسوا تحت الماء ظهرت رؤوسهم الا ثلاثة : محمد الامام وابن اخته محمدو ومصطفى الماحي .قال حاج الامام بعصبية :
    ـ لماذا لم يظهروا ؟ لقد تاخرو كثيرا !!
    رد حاج عبد الناصر :
    ــ لم تمر دقيقة على نزولهم تحت الماء .
    صاح حاج الامام وهو يهب وقفا .
    ــ بل مرت ساعة .
    والقى بمسبحته على الرمال واندفع في الماء وهو بجلبابه فامسك به الرجال فاخذ يصيح :
    ــ ابناي ياقوم .. ابناي يع عبد الناصر .. اتركوني اتركوني .
    خلع حاج الماحي جلبابه سريبعا واندفع في الماء وهو يقول :
    ــ لا تتركوه ابدا , انا ساستطلع الامر .
    وما ان بدأ بالسباحة مبتعدا حتى ظهرت الرؤوس الثلاثة في منتصف النهر تماماً فتراخت الايدي الممسكة بحاج الامام الذي ما ان رآها حتى خرً مغشياً عليه فحملوه واسجوه على الرمال بعيدا عن الشاطئ .
    غابت الرؤوس الثلاثة تحت الماء مرة اخرى لتعود وتظهر سريعاً وبدا ان الثلاثة يعالجون شيئا تحت الماء وما هي الا لحظة خطفة بدت للرجال اطول من دهر حتى ظهر على سطح الماء شعرً اسود طويل , ثم وجه منال .
    خرج حاج الماحي من الماء ووقف مع الرجال يراقب الثلاثة وهو يسبحون باتجاههم يجرون جثة منال فترقرقت عيناه بالدموع وقال بصوت سمعه الجميع :
    ــ اسال الله ان تكون آخر الضحايا .
    عوض الله الذي كان منهاراً منذ ليلة الامس اصيب بحالة هستيرية ما ان راى جثة ابنته واخذ يصيح وهو يهيل الرمال على راسه :
    ــ أنا السبب .. أنا السبب .
    فأمسك به بعضهم وسحبوه إلي بيت حاج الإمام المتاخم للنهر .
    خرج الثلاثة بالجثة من الماء فهرع محمد الإمام ناحية أبيه يلحق به مصطفى اما محمدو فقد وقف ينظر الي وجه منال وانفاسه تتلاحق وصدره العاري يعلو ويهبط ولم يفارقه هذا المنظر بعد ذلك ابدا فقد كان يرى وهو ينظر الي وجه منال وجها آخر هو وجه امه زينب.
    سارع عبد الناصر بتغطية الجثة بعباءته وقال وهو يلهث من الانفعال
    ـ الماحي عاون الابطال على حمل اباهم الى البيت واعتني به جيدا , اذهب معهم يامحمدو .
    ثم التفت الي الناظر وقال :
    ـ وداعه , اعط اشارة الخروج للشباب , انا وابو عاقله سنتولى اخراج الماء من الجثة .
    صعد الناظر الي الصخرة واخذ يلوح بالعلم الابيض المربوط على عصا طويله , اما باقي الرجال فغاروا لتجهيز القبر بناءا على امر الشيخ ابو عاقله .
    في بيت عوض الله كانت علوية ام منال في حالة يرثى لها , كانت قاب قوسين آو أدنى من الجنون واخيط الرفيع الذي كان يفصلها عن الجنون هو الامل بالعثور على منال مختبئةً هنا او هناك , اما قد تاكد خبر انتشال جثتها من قاع النهر فقد تلاشى هذا الخيط الواهي وتعطل عقلها عن التمييز السليم فدخلت في غياهب الجنون , وبعد اربعة شهور وبضعة ايام قضت معظمها هائمةً على وجهها تسال كل من يقابلها : هل رايت ابنتي منال لحقت بها فاراحت واستراحت , ولم يمض على وفاتها حول الا وتزوج عوض الله من ارملة سيئة السمعه من قرية اخرى عل الجانب الآخر من النهر وصادف تاريخ زواجه اعلان تطبيق الشريعة الاسلامية في البلاد او ما عرف بعدها بعام بعد الاطاحة بحكم جعفر النميري بقوانين سبتمبر.
                  

العنوان الكاتب Date
ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:22 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:37 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:41 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:47 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-26-08, 09:19 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-26-08, 09:24 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-26-08, 09:31 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 08:46 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:04 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:17 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:26 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:33 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:44 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:51 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 10:04 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 10:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de