دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامحمد))

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-31-2024, 00:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-27-2008, 11:18 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح (Re: ALazhary2)

    Quote: مدخل إلى القرآن الكريم؛ الجزء الأول: في التعريف بالقرآن)
    تقديم: د. بدران بن لحسن،
    بطاقة فنية للكتاب:
    1. العنوان: مدخل إلى القرآن الكريم؛ الجزء الأول: في التعريف بالقرآن
    2. المؤلف: د. محمد عابد الجابري.
    3. الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
    4. رقم الطبعة وسنة النشر: الطبعة الأولى، تشرين الأول/ أكتوبر 2006.
    5. عدد الصفحات: 456 صفحة.


    مقدمة:


    يحقّق الدكتور محمد عابد الجابري في هذا الكتاب إنجازاً متميّزاً يُضيفه إلى إنجازاته الكثيرة التي أغنى بها الثقافة العربية منذ مطلع السبعينيّات في القرن الماضي. واليوم في كتابه الجديد مدخل إلى القرآن الكريم يواصل الجابري مسيرته في البحث، والتدقيق، والنقد، وإعادة طرح الأسئلة القديمة بمنهجيّة جديدة، وفتح الآفاق أمام أسئلةٍ إضافيّة، فيختار القرآن الكريم موضوعاً، وينظّم بحثه في جزأين: الأوّل هو: "في التعريف بالقرآن" والثاني هو: "موضوعات في القرآن"، سيصدر بعد "التعريف بالقرآن" وهو يعمل على إعداده حالياً.


    وقد خرج علينا الدكتور الجابري بهذا العمل وهو يطمح إلى مواصلة عمله في "جعل المقروء معاصراً لنفسه ومعاصراً لنا في الوقت ذاته".


    خطة الكتاب (محتوياته):


    الكتاب مقسم إلى تقديم (ص13-ص16)، مقدمة (ص17-ص29)، وثلاثة أقسام، وخاتمة.


    القسم الأول (قراءات في محيط القرآن) مقسم إلى خمسة فصول، ويتطرق فيه الجابري إلى وحدة أصل الديانات السماوية الثلاث وأمية النبي والنصارى ومسألة التثليث والجزيرة العربية والعقيدة الحنيفية والآريوسية في الإمبراطورية البيزنطية والدعوة المحمدية ومراسلات النبي.. والوحي والنبوة واتهامات قريش وحقيقة النبوة وآراء في الإمامة والولاية.


    والقسم الثاني (القرآن: مسار الكون والتكوين)، مقسم إلى خمسة فصول، يتطرق فيه إلى مسار الكون والتكوين ويعرض للقرآن والقراءات والأحرف والإعجاز والعلاقة المحمدية مع أهل الكتاب ومسألة جمع القرآن وترتيبه وسوره المكية والمدنية وآراء المستشرقين..


    والقسم الثالث (القصص في القرآن الكريم) مقسم إلى تمهيد في خصوصية هذه الدراسة، والقصص في القرآن المكي، والقصص في القرآن المدني، وخاتمة في القصص القرآني: بيان وبرهان. ثم خاتمة للكتاب سماها الجابري (خاتمة وصلة: النبي والقرآن: علاقة حميمية) مدققا في طبيعة العلاقة بين النبي والقرآن. ثم قائمة بالمراجع وفهرس الأعلام والأماكن والمصطلحات.

    التقديم (أو الخلفية التي تؤطر هذا الكتاب):


    لا يسع قارئ الجابري أن يطالع له كتابا جديدا دون أن يربطه بمشروعه الفكري في قراءة التراث العربي. ولكن الجابري في كتابه الجديد (مدخل إلى القرآن الكريم:في التعريف بالقرآن) يحب أن يجعل القارئ حرا (أو حائرا) في رسم الإطار الذي يمكن أن ينتسب إليه كتابه هذا، من جهة صلته بالسيرورة الفكرية له. ولعله أميل إلى إخراجه عن إطار مشروعه السابق من جهات عديدة، فهو مبدئيا ينفي أن يكون القرآن مما يصدق عليه مصطلح التراث فهو النص المؤسس للتراث، وعنه وحوله نشأ هذا التراث. ومن جهة أخرى، لا يرى الجابري أن مشروعه الفكري يمتلك خطا أو مسلكا محددا مسبقا بل هو آفاق تتوسع باتساع المعرفة والبحث.


    فالجابري نفسه يرى أن الكتاب امتداد لمشروعه بداية من (نحن والتراث) والأجزاء الأربعة من (نقد العقل العربي): تكوين العقل العربي، وبنية العقل العربي، والعقل السياسي العربي، والعقل الأخلاقي العربي، ويتحرك في "داخل رحاب التراث العربي الإسلامي" . ومن جهة أخرى فإن ما حدث في سبتمبر 2001 وما تلا ذلك من أحداث غاب فيها العقل، غيابه في الفعل الذي استثارها والذي كان هو نفسه نوعاً من رد الفعل، وما رافق ذلك كله من هزات خطيرة في الفكر العربي الإسلامي والأوربي، كلّ ذلك جعله ينصرف إلى التفكير في (مدخل إلى القرآن) مدفوعا في ذلك برغبة عميقة في التعريف به، للقراء العرب والمسلمين وأيضاً الأجانب، تعريفا ينأى به عن التوظيف الأيديولوجي والاستغلال الدعوي الظرفي من جهة، ويفتح أعين الكثيرين، ممن يصدق فيهم القول المأثور "الإنسان عدو ما جهل"، على الفضاء القرآني كنص محوري مؤسس لعالم جديد كان ملتقى لحضارات وثقافات شديدة التنوع، بصورة لم يعرفها التاريخ من قبل، عالم ما زال قائما إلى اليوم، هو "العالم العربي الإسلامي"، هذا العالم الذي يجر معه ليس الماضي فحسب، بل المستقبل الماضي كذلك، في وقت أضحى فيه سوقا لترويج مختلف الشعارات غير البريئة من قبيل "صراع الحضارات، وحوار الحضارات، وحوار الثقافات، والديانات، والإصلاح السياسي والديني... .


    وبعبارة أخرى يمكن القول أنه إذا كان (نحن والتراث) و(نقد العقل العربي) استجابة لظرف نكسة 1967، فإن هذا الكتاب استجابة لظروف ما بعد سبتمبر 2001. هذا بالنسبة للإطار العام الذي يندرج فيه الكتاب والظروف التي أدت إلى إخراجه.


    أما من جهة مضمونه فإن هذا الكتاب يشتغل على أسئلة تستعيد المنهج/ الرؤية الذي تبناه الجابري منذ "نحن والتراث" والملخص في الجملة التي يذكرها الجابري: "جعل المقروء معاصراً لنفسه ومعاصراً لنا في الوقت ذاته". ومعاصرة القرآن لنفسه تتم من خلال تطبيق المبدأ الذي نادى به كثير من علماء الإسلام، من المفسرين وغيرهم، وهو أن "القرآن يشرح بعضه بعضا"، وذلك دون إقصاء الروايات التي يعتمدها "التفسير" بالمأثور إقصاء كليا، على أن يشهد لها القرآن بالصحة، من قريب أو بعيد. وهو سلاح الجابري ضد الوضع والإسرائيليات والدوافع المذهبية والسياسية.


    والجابري يؤكد على أهمية التمييز منهجيا بين أمرين "النص القرآني كما هو مجموع في المصحف"، وبين "القرآن كما نزل مفرقا" أي حسب ترتيب النزول. وذلك للنظر فيما له صلة بترتيب النزول وبالتالي ينتمي إلى "النسبي والتاريخي" وما ليس له صلة بالنسبي والتاريخي مما ينتمي إلى "المطلق واللازمني" .


    والجابري في اعتماده هذا المبدأ لا يبتغي بعمله هذا أن يدون تفسيرا للقرآن، بل يقتصر هدفه على التعريف به، ولكن هذا التعريف قد يدعوه إلى قراءة القرآن نفسه، وتفسير بعض نصوصه. وأما معاصرة النص لنا، فإنما تتم ـ كما يرى الجابري ـ على صعيد الفهم والمعقولية لهذا النص، هذا فضلا عن صعيد التجربة الدينية المتحققة دوما.


    وقد سمّى الجابري كتابه هذا مدخلا وتعريفا بالقرآن، إذ أراد من خلاله أن يكتب سيرة للقرآن، يرى أنها ضرورية جداً لفهمه، وضرورية لجعله معاصراً لنفسه. والكتاب مقسم إلى جزأين، أولهما (في التعريف بالقرآن) والثاني سيأتي بعنوان (موضوعات القرآن). والقسم الأول من الجزء الأول خاص باستكناه وحدة الأصل في الديانات السماوية الثلاث، والقسم الثاني تتبع مسار الكون والتكوين للقرآن الكريم، والقسم الثالث فيه تحليل للقصص القرآني. أما القسم الأخير يمثل مرآة تعكس موضوعات القسمين السابقين، وذلك باعتماد ترتيب النزول في تتبع قصص القرآن، مما مكن من إبراز وظيفة هذا القصص كوسيلة وسلاح للدعوة المحمدية في مواجهة خصومها.


    وهذا كما يرى الجابري، يساعد على إبراز التساوق بين السيرة النبوة وتطور مسار الكون والتكوين الخاص بالقرآن. في حين أن الذين كتبوا في هذا الموضوع من قبل قدماء ومحدثين تعاملوا مع القصص القرآني كأحداث تاريخية اتخذوا مرجعية لها ما عرف بالاسرائيليات، بدل التعامل معه كـ "أحداث قرآنية" لها أسباب نزول خاصة بها، وبالتالي أهداف ومقاصد خاصة.


    مقدمة: في التعريف بالقرآن: (الظاهرة القرآنية وأسئلة الكون والتكوين).


    تناول الجابري نماذج من التعريفات المعهودة للقرآن وذلك من مختلف الزوايا: بمجرد الإشارة إليه، وبرسم صورته في ذهن المسلم، ومن زاوية التحدي والإعجاز، ومن زاوية كلامية، وغيرها. أي تعريفات ذات خلفيات معرفية ومذهبية وأيديولوجية مختلفة، في تناولها مع مسار الكون والتكوين للظاهرة القرآنية.


    غير أنه رأى أن خير تعريف للقرآن هو تعريف القرآن بالقرآن (الصفحة 19). ومن خلالها تم تناول أسئلة الكون والتكوين الخاصة بالظاهرة القرآنية.


    أما فيما يتعلق بمسار الكون والتكوين –كما أسماه الجابري- فإن القرآن يختلف عن الشعر الجاهلي في طريقة تكونه. ويختلف عن التوراة والإنجيل من حيث وضعه ومساره التكويني. وقد كانت أسئلة الكون والتكوين هي موضوع علوم القرآن كما هو عند بدر الدين الزركشي ومن جاء بعده.


    ولذلك فإن القضايا التي أثارها الجابري قضايا متضمنة في خطاب علوم القرآن، وليست جديدة، والجديد فيها هو إعادة طرحها بمنهجية جديدة ولأغراض جديدة. وفي هذا السياق يرى الجابري أنه لابد من تناول الموضوع بشكل ظاهرة؛ أي تناول الظاهرة القرآنية وليس المقصود بها القرآن فقط، كما يتحدث عن نفسه، في الآيات، بل يندرج فيها أيضاً، مختلف الموضوعات التي تطرق إليها المسلمون، وأنواع الفهم والتصورات "العالمة" التي شيدوها لأنفسهم قصد الاقتراب من مضامينه ومقاصده. (ص 23).


    وللظاهرة القرآنية (ما كان قديما يسمى دلائل النبوة) أبعاد كثيرة. فالآيات تشير إلى أبعاد عدة: فالقرآن ليس جديدا كل الجدة، بل هو استمرار للخطاب الإلهي إلى البشر "والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه" سورة فاطر 31. كما أنه تجربة روحية تتلخص في تلقي الوحي "نزل به الروح الأمين على قلبك". وهو رسالة تجعل حاملها من "المنذرين" المبينين للناس ما هو حق وما هو باطل تجعله في مواجهة معهم. وهذا يضيف إلى التجربة الروحية (تلقي الوحي) تجربة أخرى اجتماعية إرشادية دعوية. فهناك بعد لا زمني في صلتها بالرسالات، وبعد روحي يتمثل في معاناة النبي لتجربة تلقي الوحي، وبعد اجتماعي دعوي (التبليغ).


    أما فيما يتعلق بالمصادر وتعدد الروايات فإن الجابري يرى من الناحية المبدئية أنه لا نستثني أي مصدر، عربيا كان أو غير عربي، إسلاميا كان أو غير إسلامي. غير أن المصادر الإسلامية قديمها وحديثها هي العمدة.


    والمصادر الإسلامية مادتها الأساسية هي الروايات. وهي في جملتها، يطبعها الاختلاف إلى حد التناقض أحيانا. ومع أن اختلافها قد يدفع الباحثين إلى الشك في صحة ما ترويه، كلا أو بعضاً، فإن الجابري يرى، بالعكس من ذلك، أن هذه الاختلافات دليل صحتها كلها. فالاختلاف هنا كاختلاف شهادات أناس حضروا حادثة سيارة أو سمعوا ممن حضرها. لأنه كما يقول نحن لسنا هنا أمام جناة مراوغين، بل أمام رواة يجتهد كل منهم في نقل الواقعة كما حضرها أو سمع عنها، غير مهتم غالبا بما يكون في روايته من اختلاف أو اتفاق مع روايات غيره.


    ويتوجه الجابري مرة أخرى إلى القرآن باعتباره "تجربة روحية" وكذلك "معاناة مع المطلق" وهذا أحد أبعاد الظاهرة القرآنية، فيرى أن مقام القرآن يقتضي مقالاً متميزاً، ولذلك فهو يؤكد أن لكل مقام مقال، ومقام "نقد العقل العربي" ليس هو مقام "مدخل إلى القرآن". كما يرى أنه ينبغي "التأكيد على أن القرآن ليس جزءا من التراث". وهذا التأكيد الأخير يخرجه من الخط العام للقراءات الحداثية التي تتجه إلى إسقاط قداسة القرآن كما هو شأن أركون ونصر أبو زيد وحسن حنفي وغيرهم.


    وهذه خطوة منهجية مهمة من الجابري تجعله أقرب إلى مجال التداول الإسلامي منها إلى القراءات الحداثية التي تساوي بين النص الديني المقدس (القرآن) وبين الكسب المعرفي الديني الذي يتمحور حول القرآن ويعتبر زمانيا خاضعا للتجربة والخطأ وتجعله كذلك في خانة التراث.


    ولذلك فهو يحدد مفهومه للتراث مرة أخرى، فيرى أن "كل أنواع الفهم التي شيدها علماء المسلمين لأنفسهم حول القرآن، سواء كظاهرة بالمعنى الذي حددناه هنا، أو كأخبار وأوامر ونواه، هي كلها تراث، لأنها تنتمي إلى ما هو بشري". ومع ذلك فلابد من اعتبار المقام، لأن الموضوع هنا ليس علم الكلام أو الفقه او الفكر السياسي، بل هو مقام "التجربة الدينية".


    والتجربة دينية تتميز بكونها تجربة روحية، أي معاناة مع المطلق تقع وراء الحس والمحسوس والعقل والمعقول. وتجربة النبوة هي أعلى قمم التجارب الدينية. والقاموس الإسلامي (الموروث والمتداول) فيه مصطلحات محددة تحدد من هو النبي، والنبي الرسول، والكاهن، والساحر، والشاعر، ومدع النبوة، ... وهي معروفة ومعمول بها. والقرآن نفسه تحدث عنها.


    القرآن بوصفه معاصراً لنفسه ومعاصراً لنا:


    يرى الجابري أنه ينبغي أخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار. فالظاهرة القرآنية، وإن كانت تجربة روحية، نبوة ورسالة، فهي في انتمائها اللغوي والاجتماعي والثقافي ظاهرة عربية، وبالتالي يجب أن لا ننتظر منها أن تخرج تماماً عن فضاء اللغة العربية، لا على مستوى الإرسال، ولا على مستوى التلقي.


    ولذلك اشترط كثير من علماء الإسلام في من يريد دراسة القرآن أن يكون عارفا بلغة العرب، معرفة أهلها بها، وأن يحصر فهمه ضمن "معهود العرب". لكن الجابري يجعل معهود العرب (ما يشكل قوام حياتهم الروحية والفكرية والاجتماعية إلخ).


    واعتبار معهود العرب بكل جوانبه أمر ضروري لنا لنجعل القرآن "معاصراً" لنفسه، وتعاملنا مع هذا المعهود بكل ما نستطيع من الحياد والموضوعية هو الطريق السليم لجعل القرآن معاصر لنا أيضاً، لا على صعيد التجربة الدينية فذلك ما هو قائم دوماً، بصورة ما، بل أيضاً على صعيد الفهم والمعقولية.


    هذا الطموح يحتاج إلى التأسيس من الناحية المنهجية، لكن كيف؟ كيف يمكن، من الناحية المنهجية، التعامل مع القرآن بوصفه معاصراً لنفسه ومعاصراً لنا في نفس الوقت؟


    ما هو المنهج الذي يجعل من القرآن معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا؟


    انسجاما مع مشروع "نحن والتراث" ومنذ مقدمته الأولى، كان المنهج/الرؤية هو : (جعل المقروء معاصراً لنفسه، ومعاصراًً لنا في الوقت نفسه". وفيما يخص القرآن فإن هذه المنهجية يمكن تطبيقها من خلال التزام المبدأ الذي نادى به كثير من علماء الإسلام، وهو أن "القرآن يشرح بعضه بعضاً".


    وهذا الكتاب سيعتمد هذا المبدأ، ولكن دون إقصاء الروايات التي يعتمدها "التفسير" بالمأثور إقصاء كلياً، بل التعامل بإيجابية مع كل رواية أو اجتهاد يشهد له القرآن بالصحة من قريب أو من بعيد.


    وهذا يمثل سلاحا ضد الوضع، سواء كان بدافع "الترغيب والترهيب" أو بدوافع مذهبية أو سياسية. وهو سلاح ضد الإسرائيليات وأنواع الموروث القديم السابق على الإسلام.


    ولتطبيق هذا المبدأ ينبغي التمييز منهجيا بين أمرين: النص القرآني كما هو مجموع في المصحف من جهة، والقرآن كما نزل مفرقا ، أي حسب ترتيب النزول من جهة أخرى. ثم التعامل مع كل موضوع يطرح، بشأن القرآن، بحسب طبيعته. فإن كان مما ينتمي إلى النسبي والتاريخي رجعنا به إلى ترتيب النزول، وإن كان مما ينتمي إلى المطلق واللازمني طرحناه على مستوى القرآن ككل بوصفه يشرح بعضه بعضاً ويكون الحكم فيه هو "قصد الشارع" وليس الزمن والتاريخ. وهذا لا يمنع من اعتماد المستويين معاً حين يقتضي الموضوع ذلك.


    أما التعامل مع قرآن المصحف فلا يطرح أي إشكال، إذ يمكن أن نعتمد في مسألة من المسائل على نص من هذه السورة أو تلك ونبحث عن نصوص تشرحه أو تساعد على فهمه إلخ. أما التعامل مع القرآن بحسب ترتيب النزول فذلك ما يتطلب، أولا وقبل كل شيء، تبني نوع من الترتيب للسور، وهذا ما ليس سهلاً.


    وهنا يقف الجابري من ترتيب القرآن في المصحف وقفة تساؤل، ويرى أن ترتيب الآيات داخل السور فهو توقيفي. أما ترتيب الصور ففيه بحث ولذلك ينبغي الرجوع إلى تاريخ القرآن (أسباب النزول). وطرح هذه المسألة هنا لا يراد منه أن يفهم القارئ محاول كتابة تفسير للقرآن، وإنما الهدف التعريف بالقرآن، والتعريف بالشيء قد يكون بوصفه من الخارج، وقد يكون بتبيان مسائله وموضوعاته وإبراز حديثه عن نفسه، وهذا لا يتم –فيما يخص القرآن- إلا بالرجوع إلى خطابه، وبالتالي محاولة فهم هذا الخطاب، وذلك باعتماد مبدأ "القرآن يفسر بعضه بعضاً".

    قراءات في محيط القرآن الكريم:


    بعد هذه المقدمة التمهيدية التي وضع فيها الجابري إطاره النظري وأهم المفاهيم والمقولات التي تحكم هذه الدراسة، ينتقل إلى القسم الأول من الكتاب ويتناول فيه مجموعة قضايا كالبحث في وحدة الأصل في الديانات السماوية الثلاث، وذلك من خلال تناول مسألة التبشير بالنبي صلى الله عليه وسلم، والجدل الذي لا يزال قائما إلى اليوم حول مسألة البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل. والادعاءات غير المؤسسة من النصارى (القدامى والمعاصرين). وإثارة الفرق بين المسيحيين والنصارى واليهود. ومناقشة قضية النصارى ومسألة التثليث. وتدوين الاناجيل بعد المسيح بنحو قرن من الزمان وانها باللغة اليونانية. طبيعة المسيح المسألة الأساسية التي شغلت الفكر المسيحي. والفرق المسيحية المختلفة التي انتشرت في العهد السابق على بعثة محمد صلى الله عليه وسلم. فتناول الجابري فرق الأبيونية والأريوسية باعتبارها تمثل "الذين قالوا إنا نصارى"، والنسطوريون واليعاقبة. ثم ظاهرة الحنفاء والباحثين عن الدين الجديد في جزيرة العرب وأطرافها، والفرق بين الحنيفية والحنفاء.


    ولعل الفكرة أو المقولة المحورية التي أراد الجابري تبليغها هنا هي أن هناك صلة وطيدة بين الإسلام واليهودية والمسيحية، وهي وحدة الأصل الإبراهيمي، مع التفريق بين المسيحية واليهودية الدينين اللذين جاء بهما عيس وموسى وبين الانحرافات التاريخية (التحريف) الذي وقع عليهما، مما جعل القرآن "يهيمن ويصدق" ما ثبت منهما عند مجيئه.


    يتناول الجابري أيضا مسألة "أمية النبي" محمد صلى الله عليه وسلم، ومفهوم "الأمية" وهي المسألة التي أثارت وتثير كثيرا من الباحثين حديثا سواء أكانوا مسلمين أو مستشرقين، ولعنا نذكر هنا عبد الرحمن بدوي في آخر إنتاجاته قبل وفاته يرحمه الله وكذا أبو القاسم حاج حمد وغيرهما، وكذلك بعض المستشرقين. وذهب الجابري إلى أن المعنى الذي أعطي لكلمة "الأمي" من أنه من يقرأ ولا يكتب، معنى لا يسنده أصل لغوي سليم، ولا استعمال عربي معهود، ولا واقع تاريخي صحيح.


    فهو لفظ لم يستعمله العرب في جاهليتهم، بل هو مأخوذ عن يهود الذين كانوا يطلقون على غيرهم ممن ليس لهم كتاب منزل لفظ "الأمم" و"الأميين" وعليه فإن "الأمي" مأخوذ من "الأمة" وليس من "الأم". كما أن كثيرا من الدلائل تشير إلى معرفة العرب بالكتابة والقراءة، فضلا عن إلمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.


    وعليه فإن معجزة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليس في أنه قد جاءهم بكتاب، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، بل المعجزة في إنزال كتاب سماوي على رجل أمي من أمة أمية لم يسبق لهم علم بكتاب سماوي، فأصبح العرب بهذه المعجزة "أمة" من أهل الكتاب، بعد أن كانت أمة أمية لا كتاب لها.


    كما تناول الجابري الوحي، ومفهومه، وللاتهامات التي وجهتها قريش لدعوى الوحي، إذ لم يكن مفهوم الوحي، بالمعنى القرآني، معروفا في معهود العرب اللغوي والثقافي، بل إن مفهوم النبوة لم يكن من معهودهم، فهذه المفاهيم مما نشأ مع الإسلام، وحاول الجابري في هذا السياق تتبع نشأة نظرية النبوة في حقل المعرفة الإسلامية.


    مسار الكون والتكوين:


    القسم الثاني من الكتاب، خصصه الجابري لبحث مسار الكون والتكوين للقرآن. وأقام الجابري هذا القسم على تتبع مسار تشكل البناء القرآني، وعلى كيفية تشكل اسم القرآن وتحوله إلى علامة على هذا الكتاب المنزل، ومختلف الأسماء التي أسمى بها القرآن نفسه تساوقا مع المراحل التاريخية التي قطعها القرآن منذ بدء الوحي إلى اكتماله.


    ومع الطور التاريخي سمى القرآن نفسه "الذكر" ثم "الحديث" ثم ظهر اسم "الكتاب" ثم "القرآن" ليصير هذا الأخير علامة عليه والباقي تصير أوصافا له. وهذه التسمية المتعاقبة رأى الجابري انها تمثل لحظات ثلاثة في مسار تكوين القرآن. هذه هي اللحظات الثلاث في مسار تكوين القرآن هي، لحظة القرآن/الترتيل والإعجاز، ولحظة القرآن/الذكر:القص، ثم لحظة القرآن/الكتاب: عقيدة وشريعة وأخلاق. وقد عرض الجابري في كتابه هذا اللحظتين الأوليين وترك اللحظة الثالثة للجزء الثاني الذي وعد به القراء.


    فلحظة القرآن (الترتيل والإعجاز) عرض فيها لمسألة الأحرف السبعة والقراءات، وجمع القرآن، وما أثير حوله من القول بالزيادة والنقصان، وترتيب المصحف، وترتيب النزول. واعتمد في ذلك على ما استقر من مسائل في علوم القرآن الموروثة. مع ذهابه إلى ما استقرت عليه الممارسة العلمية الاسلامية من صحة المصحف العثماني، والقراءات المتواترة. كما أنه رأى أن ما ذهبت إليه المصادر الشيعية لا يعدو إن يكون انعكاسا لموقف سياسي وليس ذا أس معرفي، وما ثبت منها موجود ومستقر في المصادر السنة بصورة أقوى. غير أنه أشار إلا أن هناك بعض الإشكالات المعرفية التي تثيرها المصادر السنية.


    واهتم الجابري بترتيب النزول ورأى أن هذا الترتيب ضروري لرسم المسار التكويني للنص القرآني. كما عرض لاجتهادات المستشرقين في ترتيب السور. وخلص إلى القول بأن "القرآن كتاب مفتوح ، يتألف من سور مستقلة تكونت مع تدرج الوحي. والسور نفسها مكونة من آيات مرتبطة ـ في كثير من الحالات ـ بوقائع منفصلة هي أسباب النزول. من أجل ذلك كان من غير الممكن التعامل مع القرآن كنص معماري مهيكل حسب ترتيب ما. إنه نص بياني من نتاج الوحي لا من نتاج المنطق. والوحي كان ينزل حسب مقتضى الأحوال، والأحوال تتغير من حين لآخر ..." (الصفحة 243). وهي خاصية جعلت القرآن نصا منفتحا بحيث يمكن فهمه وتفسيره من دون التقيد بتسلسل معين.


    يرى الجابري أن هذا الترتيب (النزولي) ضروري ولكنه لا يكفي من أجل بناء تصور منطقي عن المسار التكويني للنص القرآني، تصور يكون قريبا من الواقع التاريخي. فهو "ضروري لأنه لا يمكن بناء تاريخ من غير مواد تاريخية"، غير أنه لا يكفي لأن المرويات لا تفي بالغرض المرجو. فلا بد إذن من توظيف المنطق في عملية استثمار المواد التي يقدمها المأثور، "وفي هذه الحالة قد تدعو الحاجة إلى التصرف في ترتيب النزول المعتمد اليوم، بوصفه نتيجة اجتهاد مبني على الظن والترجيح" وبناء على ما أورده السيوطي عن السور المختلف فيها، من حيث مكيتها ومدنيتها، فإن هناك مجال للاجتهاد، وذلك تحقيقا للهدف الذي هو "التعرف على المسار التكويني للنص القرآني" باعتماد مطابقته مع مسار الدعوة المحمدية. ولذلك فدور المنطق أو الاجتهاد هنا يكون من خلال "المطابقة بين المسارين: مسار السيرة النبوية والمسار التكويني للقرآن" (ص 244-245). على هذا الأساس قدم الجابري معايير لابد منها لكي يكون ترتيب النزول مساوقا للسيرة النبوية، وقدم تحقيبا للمرحلة المكية من نزول القرآن.كما أضاف ملاحظة مهمة جدا في أهمية الانتباه إلى "النزعة التجزيئية" التي بالغ فيها بعض من اهتم بأسباب النزول، حيث أنهم بالغوا في الأمر إلى الحد الذي جعلها يبحثون لكل آية عن سبب النزول، بل يتراءى للناظر أنهم اهتموا بالنازلة أكثر من اهتمامهم بالقرآن، وهذه النظرة تمس بعمق بمسألة الصدقية.


    القصص في القرآن الكريم:


    القسم الثالث من هذا الكتاب يدور حول القصص القرآني. ولعل الجابري يستشعر سؤالا قد يسأله القارئ عن صلة هذا القسم بموضوع الكتاب، فيبادر إلى طرح السؤال وتقديم الجواب. والجواب كما يرى الجابري هو أن القصص القرآني يتصل بالموضوعين السابقين (محيط القرآن الكريم، ومسار الكون والتكوين) اتصالا مباشراً. فهو، من جهة، نافذة تمكننا من الإطلالة على جانب مهم من محيط الدعوة المحمدية، في صلتها بتجارب الأنبياء السابقين مع أقوامهم، وهو من جهة أخرى خطاب جعل منه القرآن مسرحاً لخطاب جدلي أبدي موجه إلى خصومه يطلب منهم استخلاص العبرة من تلك التجارب، وبالتالي فهو مكون أساسي من مكونات مساره التكويني (الصفحة 257).


    ولإعطاء "القصص في القرآن الكريم" مداه ضمن أفق هذا الكتاب، فإن الجابري جعل له خصائص معينة؛ أولها: النظر إلى القصص القرآني باعتباره نوعا من ضرب المثل، وثانيها: الاقتصار على المادة التي يعطيها القرآن وحده، وثالثها: التفريق في القصص القرآني بين العبرة والحقيقة التاريخية؛ وفي هذه يحاول الجابري تلافي ما وقع فيه الباحثون المعاصرون من أخطاء تكذيب الوقائع التاريخية التي ذكرها القرآن، أمثال محمد خلف الله. فهو يرى أن "القصص القرآني ليس قصصاً خياليا، بل هو قصص يتحدث عن وقائع تاريخية". والخاصية الرابعة هي تتبع القصص القرآني حسب ترتيب النزول، وليس حسب ترتيب المصحف كما جرت العادة، وهذا التتبع لا يعنى بمنطق تسلسل وقائع القصة، بل بمنطق القص القرآني، لأن القرآن "ليس كتاب قصص، بل هو كتاب دعوة يستعمل القص لأهداف الدعوة" (الصفحة 260).


    وإذا تتبعنا تدرج القصص القرآني حسب ترتيب النزول، ونظرنا إلى ما يحكى من كل قصة من منظور العرض المتوخى منها فسيكون بإمكاننا التمييز فيه بين ثلاثة أصناف:


    أ‌. صنف يتوخى توجيه الاهتمام إلى المصير الذي آلت إليه الأقوام التي كذبت رسلها. والمخاطب فيه –علنا وإضمارا- هم خصوم الدعوة المحمدية من قريش. والمقصد الأساس من هذا الصنف هو تخويف هؤلاء وتحذيرهم من أن يلاقوا نفس المصير الذي لقيه أولئك.


    ومعظم هذا الصنف يعرض لقصص "أصحاب القرى" مع أنبيائهم.


    ب‌. وصنف يهتم بالثناء على الأنبياء والتنويه بهم وإبراز ما خص الله به كلاً منهم من آيات مبينة، والهدف إثبات صدق نبواتهم ورسالاتهم. ومعظم ذلك ورد في أنبياء بني إسرائيل.


    ت‌. وصنف ثالث تختص به المرحلة المدنية، ويتميز بالجدل مع اليهود والنصارى حول تصورهم لله، واتهامهم بالتنكر للنعم التي أنعم الله عليهم بها، وإبراز عقوقهم وانحرافهم عن دين إبراهيم شيخ أنبيائهم. وهو الدين الذي جاءت الرسالة المحمدية للعودة به إلى أصله.


    هذا من حيث اعتبار أغراض القصص القرآني، أما ربط هذه الأغراض وبالتالي القصص القرآني كله بترتيب النزول، ومن ثم بتطور الدعوة فيقتضي التمييز بين ثلاث مراحل: مرحلتان مكيتان والثالثة مدنية.


    المرحلة الأولى: تمتد من سورة الفجر وترتيبها 10 إلى سورة القمر وترتيبها 37، حسب الترتيب المعتمد. ويمكن التمييز في هذه المرحلة بين قسمين: أحدهما يندرج تحت الصنف الأول وفيه ذكر قصص "أصحاب القرى" أو "أهل القرى" والتحذير من مصيرهم الذي آلوا إليه، والقسم الثاني يندرج تحت الصنف الثاني وفيه التنويه بالأنبياء السابقين وما آتاهم الله من آيات ومعجزات.


    المرحلة الثانية: وتمتد من سورة ص ورتبتها 38 إلى سورة العنكبوت وترتيبها 85 وهي آخر سورة مكية ورد فيها قصص.


    أما المرحلة الثالثة فهي المرحلة المدنية، وفيها اتخذ القص القرآني شكلا جديدا ساد فيه الجدل مع أهل الكتاب. وقد ابتدأ الجدل مع أهل الكتاب في القرآن المدني مع اليهود، حتى إذا هجروا المدينة، انصرف القرآن إلى محاجة النصارى، خصوصا في مسألة التثليث. ولا بد من الإشارة إلى أن قصص القرآن المدني قد أصبحت أقل سردية من القصص المكي وساد فيها الخطاب الجدلي الذي يستعمل عناصر من القصص المكي، إضافة إلى قصص أخرى أو عناصر جديدة في قصص سابقة.


    ولعلنا نشير هنا إلى أن الجابري في هذا القسم، وإن لم يكن سباقا إلى مثل هذا التناول، إلا أنه أبرز تلك العلاقة الحميمية بين الدعوة النبوية وبين نزول الآيات. وشكل لنا صورة عن المحيط الذي نزل فيه القرآن، وعن كيفية مسار الكون والتكوين خلال بعض وعشرين سنة التي تنزل فيها القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم.


    ولعل هذا يمكن القارئ من ملاحظة معاصرة القرآن لنفسهن غير أننا نتساءل عن معاصرة القرآن لنا، في الوقت الذي لم يول فيه الجابري أهمية كبيرة للترتيب الأخير للقرآن، وهو ما يعرف في علوم القرآن بالقراءة الأخيرة للقرآن التي قرأها جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وأعيد ترتيب القرآن على غير ترتيب النزول. وهو ما أشار إليه كثير من الدارسين، خاصة أبو القاسم حاج حمدن الذي نبه إلى أهمية القراءة الأخيرة لجبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي القراءة التي تعالت بالقرآن عن أن تتحكم فيه أسباب النزول، وخرجت به من التقييد النزولي المرتبط بالوقائع إلى الإطلاقية والعالمية التي تجعل منه متعاليا على الزمان والمكان، وتجعل منه رسالة أبدية صالحة لكل زمان ومكان.


    خاتمة:


    وقبل ختام هذه القراءة المختصرة لهذا الكتاب الجدير بالمدارسة، اود أن أسجل بعض الملاحظات التي يخرج بها قارئ الكتاب؛ ولعل أولها تأكيد الجابري على أن "القرآن متعال وليس جزءا من التراث"، وهذا فصل معرفي ومنهجي مهم انتبه إليه الجابري جعل قراءته ضمن مجال التداول الإسلامي، ولم يخرج كما خرج بعض الحداثيين الذين لم يفرقوا بين القرآن باعتباره "معطى إلهيا" وبين كسب المسلمين المعرفي المتمحور حول هذا "المعطى الإلهي".


    من جهة أخرى فإن الجابري من خلال تناوله لمحيط القرآن الكريم والتبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم في الرسالات السابقة، أكد على ان القرآن مرتبط بالرسالات السابقة عليه من حيث وحدة الأصل. ولعل هذه أيضا خطوة منهجية مهمة تؤدي إلى استئناف القول بوحدة أصل "الديانات الإبراهيمية" الثلاثة.


    كما ان الجابري في دراسته للقرآن يبين أن القرآن له أبعاد ثلاثة؛ متعال، وروحي، واجتماعي دعوي تبليغي. وهذا ما أدى به إلى التفريق بين القرآن وبين الظاهرة القرآنية.


    اما منهجيا فإن الملاحظ على الجابري أنه كان يؤكد على انه اقتصر على الحفر في المفاهيم وتحليلها، وترك التركيب للقارئ حتى لا يقع في توجيهه. غير أن هذا التأكيد من الجابري، لا ينفي أنه كان يوجه القارئ بتحليله إلى بناء تصور عن القرآن من خلال التأكيد على عقلانية القرآن وخلوه من الأسطورة والأسرار، بمعنى أنه نص مفتوح يمكن تعقله وفهمه مباشرة دورن وسائط. فالقرآن -كما يؤكد الجابري- خال من الأسرار التي تجعل النص الديني خارج نطاق العقل. وهذا ما جعل الجابري يحمل على الإسرائيليات، وعلى منهج القدامى في التعامل مع القصص القرآني كأحداث تاريخية، بدا أحداث قرآنية.


    إضافة إلى ذلك فإن الجابري دعا إلى اعتماد المنهج التاريخي (ترتيب النزول) لبحث مختلف الإشكالات التي تتعلق بنزول القرآن وتنجيمه وجمعه وتدوينه وأصله، ليصل إلى أن القرآن له صلة خارجية مع محيطه، أما صلاته الداخلية فهي من خلال تتبع مسار تكوينه من خلال نفسه. وهذا بدوره قاد الجابري إلى قواعد منهجية لفهم القرآن. هذه القواعد المنهجية تجعل من أسباب النزول ضرورة منهجية إضافة إلى اللغة العربية، وقصد الشارع، من اجل فهم القرآن.


    ختاما، فإن تناول الجابري للقصص القرآني في صلته بمحيطه وصلته بمسار التكوين، كشف عن تلك الصلة الحميمية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين القرآن؛ توجيها للنبي، وتصحيحاً، ومواساة، وتأييداً، وإسناداً. هذه العلاقة قائمة على التأكيد على المصدر الإلهي للقرآن، والدور التبليغي للنبي صلى الله عليه وسلم.


    وإنه لكتاب جدير بالدراسة كعادة كتب الأستاذ الجابري. ولا يسع قارئه إلا أن يعجب بالكتاب وصاحبه بالرغم من اختلافه او اتفاقه معه في الرؤية والمنهج اوالنتائج. والله أعلم
                  

العنوان الكاتب Date
دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامحمد)) ALazhary204-22-08, 02:30 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-22-08, 02:40 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-22-08, 11:20 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-23-08, 09:36 AM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح عماد محمود علي04-23-08, 10:02 AM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-23-08, 04:45 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح هشام آدم04-23-08, 10:17 AM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-24-08, 10:19 AM
        Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح elnawrani margan04-28-08, 10:39 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح كمال عكود04-24-08, 10:46 AM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح هشام آدم04-24-08, 10:56 AM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-24-08, 11:15 AM
        Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Abdel Aati04-24-08, 11:57 AM
          Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-24-08, 09:27 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Osama Mohammed04-24-08, 11:30 AM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح هشام آدم04-24-08, 11:59 AM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح عمار عبدالله عبدالرحمن04-24-08, 03:10 PM
        Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-25-08, 04:06 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Osama Mohammed04-24-08, 03:16 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-25-08, 03:56 PM
  دعوة للنقاش علي الكرار هاشم04-25-08, 08:08 PM
    Re: دعوة للنقاش ALazhary204-25-08, 09:38 PM
      Re: دعوة للنقاش Rashid Elhag04-26-08, 04:06 AM
        Re: دعوة للنقاش عمار عبدالله عبدالرحمن04-26-08, 06:58 AM
          Re: دعوة للنقاش عماد محمود علي04-26-08, 09:42 AM
            Re: دعوة للنقاش هشام آدم04-26-08, 11:12 AM
              Re: دعوة للنقاش عماد محمود علي04-29-08, 08:22 AM
              Re: دعوة للنقاش عماد محمود علي04-29-08, 10:05 AM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-27-08, 01:43 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-27-08, 03:48 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Abdel Aati04-27-08, 06:37 PM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-28-08, 08:22 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح jini04-27-08, 11:18 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-28-08, 10:50 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ibrahim alnimma04-29-08, 11:44 AM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-29-08, 06:34 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-29-08, 06:57 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-30-08, 04:20 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-30-08, 09:43 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary204-30-08, 09:47 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-01-08, 08:24 AM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-01-08, 07:44 PM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ميسرة غاندي05-02-08, 00:13 AM
        Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-02-08, 12:06 PM
          Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-02-08, 07:17 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-03-08, 08:19 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-04-08, 08:40 AM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-04-08, 07:03 PM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-05-08, 05:46 AM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Motawakil Ali05-05-08, 09:41 AM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-05-08, 06:47 PM
    Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح محمد عبدالقادر سبيل05-05-08, 10:08 AM
      Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح ALazhary205-08-08, 04:31 PM
        Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Motawakil Ali05-09-08, 01:15 AM
          Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح محمد عبدالقادر سبيل05-10-08, 07:14 AM
  Re: دعوة للنقاش : هل كان الرسول محمد (ص) لايعرف القراءة والكتابة؟ ما معنى كونه أمياً((أحبك يامح Osama Mohammed06-12-08, 00:00 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de