اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 07:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-03-2011, 10:26 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل (Re: الكيك)

    تشكيلة وزارة رزق اليوم باليوم

    صديق تاور


    ٭ ما يزال حزب المؤتمر الوطني الحاكم في حالة من البحث المضني عن تشكيلة حكومية مناسبة للمرحلة الحالية التي تمر بها البلاد، بمآزقها التي تتقاطر من كل حدب وصوب، حتى أضحى البحث في حد ذاته مأزقاً جديداً لا تُحسد عليه الحكومة وحزبها.
    فقد تجاوزت المداولات المتعلقة بتشكيل الحكومة وتحديد الوزارات وتسمية الوزراء وكل الخطوات الخاصة بهيكلة الحكومة الجديدة، الثلاثة أشهر، فيما لا تزال حالة الورطة قائمة ومسيطرة على المشهد حتى الآن، في ظل درجة عالية من الاحتقان السياسي على صعيد العلاقة مع المعارضة، واستياء شعبي واسع على صعيد العلاقة مع المواطنين، وعجز عن إعادة الاستقرار للأقاليم التي تشهد انفراطاً أمنياً بفعل نشاط حاملي السلاح في 04% مما تبقى من جغرافية سودان ما بعد انفصال الجنوب. وفي ظل صراعات داخلية حول المناصب والوزارات والتشكيلة نفسها.
    ٭ وأهم ما يميز ملامح المرحلة الحالية هو انفصال الجنوب الذي تم بدفع واعٍ ومقصود من جماعة المؤتمر الوطني، استخدموا فيه كل أدواتهم الإعلامية وواجهاتهم ومنابرهم وأذرعهم الأمنية، كما لم يدخروا وسيلة لتحويل هذا الانفصال المؤلم لكل أهل السودان، إلى خصومة فاجرة بين بلدين متجاورين.
    حدث هذا على الرغم من التزام أعلى قيادة في الحزب بتسليم السودان موحداً للأجيال القادمة، وعلى الرغم من التعهد بانفصال سلس إذا لم تتحقق الوحدة الجاذبة. واول ما حاول اعلام المؤتمر الوطني الترويج له عشية الاعلان رسمياً عن فصل جنوب السودان عن وطنه الأم، هو أن 89% من الشعب مسلمون، في اشارة ضمنية الى ان أبناء الجنوب كانوا يشكلون نشازاً للهوية السودانية، وهو امتداد لما ورد في خطاب القضارف الشهير بشأن التنوع تحت عنوان «الدغمسة».
    وأياً كان الأمر فإن انفصال الجنوب قد مثل صدمة نفسية كبيرة لكل السودانيين «ما عدا الحكومة ومنسوبي حزبها»، لكون الحدث فوق التصور، ولم تجرؤ حتى السلطة الاستعمارية بكل قبحها على فعله. وما زاد من صدمة أهل السودان واستيائهم، تصرفات الكثير من واجهات المؤتمر الوطني وأذرعه بل وقيادات نافذة فيه قبل وأثناء وبعد العملية الجراحية الاستئصالية للجنوب وبنيه. فقد صدرت تصريحات سيئة بحق هؤلاء الأخيرين، وتم اعتراض واعتداء مؤسف على قوافل أبناء الجنوب على مرأى ومسمع من السلطات الرسمية، وتم نهب قطارات المؤن والأغذية المتجهة جنوب?ً، وتُرك الآلاف في العراء تحت المطر ولفح الشمس ونهش البعوض، يعانون الجوع والتلوث والإسهالات وموت الأطفال والكبار في سادية لا مثيل لها. وتمت عرقلة حركة البضائع والتبادل التجاري. ونُحرت الذبائح فوق كل ذلك ابتهاجاً بـ «عيد الفرح الأكبر» إمعاناً في استفزاز مشاعر أهل السودان شمالاً وجنوباً. كل ذلك دون أن يدري أحد لمصلحة من هذا الذي حدث.
    ٭ الملمح الثاني للمرحلة الحالية الذي يرتبط إلى درجة ما بانفصال الجنوب، هو الانهيار الكامل للاقتصاد، فالضائقة المعيشية التي يعانيها المواطنون في قوتهم اليومي وفي علاجهم، وفي تعليم ابنائهم وفي حصولهم على ماء الشرب، وفي كل خطوة يخطونها، قد وصلت حداً يفوق الاحتمال. وباعتراف مسؤولي الحكومة وقادة حزبها، فإن موجة الغلاء التي تصاعدت بشكل لافت مع انتخابات أبريل 0102م، واستمرت هكذا بطريقة فوضوية وعبثية هي موجة لا مبرر لها. وقد عجزت الحكومة تماماً عن لجم انفلات الأسعار وجنونها، وهكذا تركت عامة الشعب يموتون موتاً بطيئ?ً من شدة المعاناة، تشيّعهم بالأمنيات الطيبات وتوصيهم بالصبر على المجهول.
    وفي ذات الحين فإن ما تمتصه قبيلة الدستوريين في شكل مرتبات عالية ومخصصات ونثريات وأساطيل من السيارات الفارهة، وقصور من البنايات الفخمة وغيره، يذهب بالقليل المتبقي في خزانة الدولة بعد اختفاء بترول الجنوب، ولكنه يلهي هؤلاء عن أي شعور بوجود معاناة أو مشكلة، مثل وزير المالية الذي نفى أن يكون هناك مواطن بات جائعاً.
    «في أقوال قطبي المهدي حول تفاصيل المبالغ التي سُرقت من منزله أنها «19» ألف جنيه سوداني و«13.140» يورو و11.360» فرنكاً سويسرياً و«645» ألف ليرة لبنانية و«024» ألف ليرة سورية و«02» ألف جنيه مصري و«9» آلاف ريال سعودي و«5» آلاف جنيه إسترليني و«62» ألف دولار»- «الصحافة» 13/01/1102م العدد 1656».
    مضافاً إلى هذا الاستنزاف الرسمي لخزانة الدولة، الفساد الذي أُنشئت له مفوضيات ولجان وعُقدت حوله جلسات، ولكنه لا يزال يمشي في الطرقات وينام ويأكل الطعام.
    ٭ الملمح الثالث في المرحلة التي يبحث فيها الحزب الحاكم عن تشكيلة مناسبة لادارتها، هو الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث تكمل بنهاية هذا الشهر نصف عام في الأولى وثلاثة أشهر في الثانية، وهو وضع يعزز تعمق الأزمة السياسية في الشمال، فاندلاع الحرب بغض النظر عن تفاصيله وطريقته قد تجاوزته المرحلة بحيث لم يعد مهماً من الذي بدأ القتال وأوجد الأزمة، بقدر ما المهم هو من الذي يدفع ثمن هذه الحرب وكيف نوقفها؟! واستطالة الحرب تخدم حاملي السلاح لأن هدفهم هو الضغط على الحكومة لحسابات خاصة بهم أو خاصة بمن دفعهم إلى خوض?الحرب من أيادٍ خفية وظاهرة، بينما وقف الحرب يُحسب بالنتيجة لصالح الحكومة «أي حكومة» لأنه مرتبط بخلق ظروف الاستقرار والأمن والاطمئنان للمواطنين. وبالتالي فحتى لو رجحت كفة الميزان العسكري على الأرض لصالح الحكومة فإنه لا يعد نجاحاً، لأن الأسباب تظل قائمة. وبهذا المقياس فإن عدم نجاح الحل السياسي لأزمة الولايتين هو دليل عجز وفشل للحكومة أولاً وأخيراً. والذي يدفع ثمن الحرب والاقتتال هو المواطن الذي تتعطل مصالحه بسبب الحرب، فهو لا يستطيع أن يزوال زراعته ولا أن يرعى ماشيته ولا أن يمارس تجارته، ولا أن يذهب أبناؤه ل?مدارس ولا ولا.. الخ. لذلك فإن مصلحة المواطنين تفرض تقديم الحل السياسي على الحل الأمني، لأن الحكومة لا يمكن أن تضع نفسها كمعادل لحركة متمردة أو حركة خارجة على القانون. فالحكومة واجبها احتواء أي سبب من أسباب النزاع والسيطرة عليه بما يحقق الأمن والاستقرار، وبذلك تقع عليها المسؤولية في ابتداع السبل التي تحل الأزمة بأقل الخسائر.
    الأصوات التي تدعو إلى التصعيد والاقتلاع والبتر هي أصوات محدودة النظر ومسدودة الأفق، حيث أن الأزمات السياسية تحسم بالآليات السياسية أولاً وأخيراً، ووقتما ظلت أسبابها موجودة فإنها تكون قابلة للتجدد والاندلاع مرة أخرى.
    نفس الشيء يقال عن الوضع في دارفور، حيث اعتمدت الحكومة على فصيل غير مؤثر في الصراع، بينما احتفظت بالمسافة نفسها من العداء والخطاب مع الحركات الأخرى، وبالتالي لم تفعل أي شيء. ومن المتوقع أن ينتهي اتفاق «السيسي» الأخير إلى نفس مصير سابقه «مناوي»، فلا خلاف إلا في الأشخاص.
    ٭ من جانب آخر فإن المؤتمر الوطني الحاكم بوصفه حزباً وُلد من رحم السلطة، لم يفطم قياداته وكوادره على التضحية والزهد في السلطة والجاه، بقدر ما فتح عيونهم على المناصب والوزارات ومؤسسات السلطة القائمة على الصرف اللا محدود لمختلف البنود. ومع حالة الضيق الاقتصادي التي فرضت إعلان التقشف «ولو دعائياً» ما يعني تقليص الوزارات ودمج المؤسسات، وبالتالي مغادرة كثيرين لمواقع الوزارة والسلطة إلى موقع الحياة العامة، فإن الوضع يصبح داخل الحزب شائكاً وصعباً.. من الذي سيبقى ومن الذي سيغادر؟!
    هذه ثقافة غير متوفرة في أدبيات جماعة «الإنقاذ؟!» طيلة سني حكمهم. وإذا وضعنا في الاعتبار أن الوضع الاقتصادي العام لا يسمح بتوفر «البندول النافعابي» كما في السابق، فإن الوضع يصبح أكثر تعقيداً.
    ٭ ومن جانب المحيط الإقليمي فإن موجة الربيع العربي المنتشرة في المنطقة، تشكل عامل ضغط نفسي على الحكومة وحزبها لأكثر من سبب وسبب. فكل الشروط التي دفعت الشارع العربي الى الانتفاض على الحكام في تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا والجزائر والمغرب، هذه الشروط متوفرة أيضاً في السودان وربما بدرجة أكبر، لأنه على الأقل لم يقدم أي من هذه الانظمة على تقسيم بلاده بالشكل الذي فعله النظام السوداني. ونجاح هذه الثورات الواحدة تلو الأخرى يحفز المناطق الأخرى، خاصة بعد ذهاب القذافي ونظامه «مع التحفظ على الآليات»، حيث ثبت عملياً أ? الفعل الشعبي اذا ابتدأ فإنه لا عاصم له من بلوغ نهاية الشوط مهما كانت درجة العسف والقمع التي تقابله. هذا على ما يبدو ما جعل حزب المؤتمر الوطني يبحث عن صيغة ديكورية لمشاركة بعض أحزاب المعارضة، تبقى على سياساته وسيطرته على مفاصل السلطة والدولة، وفي نفس الوقت توهم الرأي العام بأن هناك تغييراً قد حدث على مستوى النظام السياسي. وهو ما عناه شعار الحكومة العريضة عند جماعة المؤتمر الوطني.
    ولكن هذه الصيغة تواجه مصاعب فعلية داخل الحزب والمعارضة. فاشراك آخرين من خارج بيت الحزب الحاكم في هذه الظروف يعني تقليص المقلّص، وتضييقاً أكثر للفرصة على المتنافسين الطامعين من داخل الحوش. وهذا يمكن أن ينتهي إلى مغادرات جماعية واستقالات وانقسامات لجميع الأطراف «حكومة ومعارضة»، الأولون بسبب تضرر المصالح بصورة مباشرة وفقدان المواقع، والأخيرون بسبب رفض القواعد والجماهير الموالية للحزب لأي تقارب ديكوري مع حزب الحكومة.
    إجمالاً فقد عبّر المؤتمر الوطني الحاكم عن تضجّره من عدم قبول حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي لهذه المشاركة الديكورية، وعن نفاد صبره عليهم، بقوله إنه لن ينتظر هذه الءحزاب أكثر مما صبر. وهذا يعني أنه سوف يمضي في ذات الطريق الانفرادي لإدارة أزمة البلد، وليس التراجع عنه بتقديم التنازلات التي تتطلبها المرحلة. وهو اختيار سوف لن تكون عواقبه سهلة كما يتصورها جماعة الحاكمين بأمرهم.

    ---------------

    حتى لا تتبدد الفرصة الأخيرة

    خالد التجانى


    تحولت اللجلجة المصاحبة للإعلان عن التشكيل الوزاري المنتظر إلى مشهد سريالي يعكس بامتياز الحالة المأزقية للوضع السياسي الراهن بأكثر مما يبشر تبرير تأخيره بالسعي لتشكيل «حكومة عريضة» إلى كوة أمل للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تطبق بخناق البلاد وتزداد تعقيداً بمرور الأيام ولا يستطيع أحد التنبؤ بمآلاتها، أو متى تنضج تغييراً قسرياً يكسر الجمود السياسي السائد.


    مضت أربعة أشهر على تقسيم البلاد، انقضت معظمها وعناوين الأخبار الرئيسة تسيطر عليها إعادة إنتاج حرب الجبال الأهلية، جبال النوبة وجبال الانقسنا، مستعيدة كل المآسي والتكلفة الباهظة التي عرفتها البلاد لحروب لم تكن حتمية بل كان يكفي لتفاديها بعض وعي وطني وإرادة سياسية مسؤولة، لتدلل لا على قلة العبرة والاعتبار فحسب بل لتؤكد أن فصل الجنوب تم «سمبلة» فلا السلام تحقق ولا وحدة البلاد حفظت. وضع اقتصادي آخذ في التأزم والأسوأ لا يزال قادماً مع الموازنة الجديدة والمسؤولون عن اتخاذ قرارات جريئة وإجراءات جذرية لإنقاذ الاقت?اد يكتفون بمنافسة الخبراء والمحللين والصحافيين في توصيف الأزمة وإطلاق التعليقات، وإصدار التوجيهات على الهواء والتي لا يعرف أحد إلى من توجه أصلاً.
    يحدث ذلك كله وما يزال البحث جارياً عن حكومة، كيف يمكن لبلد تواجه مثل هذه التحديات الخطيرة تبقى بلا رؤية جديدة، ولا سياسة بديلة، ولا مؤسسات تنفيذ فاعلة تسابق الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط نذر لم تعد في خانة التكهنات والتحليلات بل واقع شديد الوطأة.


    كيف يمكن لحزب حاكم يخسر ربع مساحة أراضي بلاده، وخمس سكانه، وسبعين بالمائة من موارد موازنته، وخمس إنتاجه المحلي الإجمالي، وثلث حكومته، وتكاد الحرب تشتعل في أربعة أركانه، ثم يقف متفرجاً لا يرى في ذلك كله مدعاة لوقفة حاسمة وصادقة مع نفسه ونقد ذاتي ومراجعة عميقة، وإقبال على مراجعة جذرية، ولا أحد من قادته الذين أنتجوا هذا الواقع المرير مستعد لتحمل المسؤولية عما جرته أخطائهم المقترفة من مصائب وويلات على البلاد والعباد.
    يحدث ذلك كله والحزب الحاكم لا يرى بأساً في الاستمرار بالنهج ذاته الذي أوصلنا إلى هذه الحالة المأزقية، والأعجب أنه بدأ يعترف متثاقلاً بوطأة تقسيم البلاد ونتائجه الكارثية سياسياً واقتصادياً بعدما تجلت رأي العين بعدما كان يحسبها «تهويمات يطلقها الحاسدون» وظل يهون من شأنها طويلاً مهدراً زمناً ثميناً كان كافياً لبعض الإصلاح، ومع ذلك لا يبدو مستعداً ليمضي خطوة أكثر جدياً بإتجاه معالجات جذرية، مكتفياً بمواصلة أسلوبه المفضل بيع الشعارات والوعود وشراء الزمن وتجزئة الحلول، وهي تكتيكات لئن أفلحت أن تمنحه ربع قرن في ?لسلطة، فلن تعد ذات نفع أو جدوى في ظل هذه المعطيات الجديدة.


    ولعل أول دلالة على ذلك استعصاء توليد «حكومة عريضة» بعملية قيصرية بعد كل هذا الانتظار، فقد ظلت الطبقة الحاكمة أسيرة لاعتقاد أنها تملك وتحتكر بضاعة السلطة المزجاة وأنها تستطيع أن تسوقها كما تشاء، في الوقت الذي تريد وبالثمن الذي تريد، وظلت تراهن على أنها متى ما لوحت بوظائف وزارية في حكومتها لأي من القوى السياسية ذات الوزن فسيسيل لعابها وتسارع لركوب قطارها نحو ما عهدته من الطامحين في الإستواز بغير خشية من تبعة طمعاً في امتيازات السلطة.
    وليس سراً أن سبب تأخير إعلان التشكيل الوزاري الذي طال انتظاره المفاجأة غير المتوقعة التي لقيها الحزب الحاكم من صد واستعصام الحزبين اللذين قصدهما من أن تغشاهم لوثة الاستوزار بغير تدبر في العواقب من ركوب قارب يخشون أن يكون موشكاً على الغرق وأن يتم ضبطهم متلبسين وقد استهموا في رهان خاطئ.
    لقد وجد «المؤتمر الوطني» نفسه لأول مرة في موقف لا يحسد عليه ولم يعهده وهو يحاول عبثاً أن يأخذ الحزبين الكبيرين بحزمهم وهم يتفلتون، وبدا مظهره مثيراً للشفقة وكبار قادته يعلنون عن مواعيد لإعلان التشكيلة الوزارية ثم يخلفون موعدهم لأن الطبخة لم تنضج، والحزبان يتمنعان، أو يغاليان في الثمن، حتى بلغ اليأس من إبرام «قسمة ضيزى» حد اتهام مسؤوله السياسي لأطراف خارجية بأنها تحول بين الحزبين وقبول عرض الدخول في «حكومة عريضة»، داعياً الرئيس المسارعة إلى إعلان حكومته ناعياً «الحوار» مع الحزبين.


    كان من دواعي الحكمة أن يقف «المؤتمر الوطني» مع نفسه متأملاً دروس هذه التجربة الفاشلة لدعوته لـ «حكومة عريضة» والاتعاظ بها في تدبر المآلات والعواقب التي تنتظره، وكشأن سيرته في عدم التعلم مما سبق من دروس وعبر قاسية والأخذ بعظاتها طفق يبحث عن «شماعة خارجية» يعلق عليها إخفاقه في تشخيص الأسباب الحقيقية وتوصيف الدواء الناجع واستعداده لتجرعه مهما كان مراً من أجل حل جذري للأزمة السياسية والاقتصادية المستفحلة، فالحالة أكثر استعصاء من ان تعالجها حلول ترقيعية وجزئية، واكبر من مجرد إضفاء شكل أكثر جاذبية لحكومة جديدة، ?حتى لو شارك الحزبين أو بعضهما فيها فلن يغير ذلك من مسار الأمور الآخذة في المزيد من التأزم بغير أخذ حقيقي لأجندة التغيير الجذري بحقها.


    ومأزق الحزب الحاكم أنه يريد التعامل بطريقة افتراضية مع وضع متأزم يدرك جيداً خطورة عواقبه إلا أنه لا يمتلك الجرأة ولا الإرادة على تغيير أساليبه القديمة، ولا يبدو قادته مستعدين لتحمل كلفة الإقدام على هذا التغيير الذي لم يعد منه بد، فـ «المؤتمر الوطني» لم يقدم على محاولة إشراك الحزبين الكبيرين من باب الصدقة الجارية أو لأن حالة كرم مفاجئة غشيته بدا مستعداً معها للتنازل عن جزء من سلطته المحتكرة لربع قرن، أو لأنه يريد مشاركة حقيقية في السلطة، بل لأن قادته اعتقدوا أن اللجوء لخيار اقتسام امتيازات السلطة مع «قوى ذ?ت وزن»، على الرغم من أنه ظل يحتقرها ويقلل من شأنها، يعفيه من إجراء جراحة كبرى منقذة للحياة لا ينفع معها تغيير شكلي في لعبة السلطة، بل تتطلب تحولا حتميا في عصب وهياكل ومضمون النظام السياسي.
    فالحزب الحاكم لا يتحرج من الزعم بأنه يمتلك غالبية تفوق التسعين بالمائة من الشعب السوداني استناداً إلى الانتخابات الأخيرة، والسؤال ما الذي يدعوه لتشكيل «حكومة عريضة» وإشراك آخرين معه في السلطة إذا كان مقتنعاً فعلاً بما يقول، فأعتى الديمقراطيات في العالم تحكم بلداناً مستقرة وآمنة ومتطورة بنسبة تأييد شعبي لا يتعدى في الغالب خمسين بالمائة، ولا تحتاج إلى مثل هذه الأغلبية الخرافية لتحكم.


    وعلى أي حال إذا كان «المؤتمر الوطني» مطمئنا وواثقا من «اغلبيته التسعينية» فليس عليه سوى تحمل مسؤوليته وألا «يخذل ناخبيه» وأن يستمر في الحكم منفرداً وأن يقود البلاد حتى الانتخابات القادمة، بدلاً من إضاعة الوقت في الجري وراء أحزاب «لا تملك قيمة سياسية ولا تحظى بشعبية» كما ظل ينظر لمنافسيه. تلك هي ببساطة قواعد اللعبة الديمقراطية إن كانت ممارسة حقاً.
    من الواضح أن الحزب الحاكم بعد كل هذا الوضع المأزقي الذي تواجهه البلاد على أكثر من صعيد، والذي لا يحتاج إلى دليل أو توصيف، لا يزال مفتقراً للرغبة والقدرة والإرادة على التغيير الجذري الذي تتطلبه المرحلة، وإن بدا مستعداً لإجراءات شكلية لا تمس جوهر سلطته ولا تكلفه ثمناً، وبات يفضل ان يكافح قدراً يسوقه قسراً إلى ما لا يرغب فيه، أن يكون موضوعاً للتغيير، بدلاً أن يكون طرفاً أصيلاً في عملية الخروج إلى بر آمن.


    ومن المهم أن تدرك النخبة الحاكمة أنهم لا يقودون بلداً بدعاً ولا ينبغي أن يدعون أنهم يملكون قدرهم، وتكفي عبرة خمس ثورات اندلعت في المنطقة في غضون أشهر معدودة نجحت ثلاث منها في الإطاحة بنظم أكثر عتواً ورسوخاً، واثنتان تنتظران تغييراً حتمياً، ولا تزال مسبحة ثورات الربيع العربي تكر ولا تلبث أن تشب في بلدان آخرى مرشحة لطوفانها لا ينتظر أن يسلم منها نظام طالما تشابهت جميعاً في سيرة استبدادها. ولئن كان شيئاً طريفاً من عبرة هذه الثورات أن كل نظام يحسب نفسه فريداً ويتبرأ من الشبه بغيره مستخفاً من مصير من سبقه، فقال?نظام مبارك «ده كلام فارغ، مصر مش تونس» فكان أن لحق ببن علي بعد أقل من شهر في سجن مذل، وأنكر القذافي أن تكون «جماهيريته العظمى» مثل مصر أو تونس فكانت نهايته المأساوية، وهكذا يتأكد أنهم يتشابهون في أفول نظمهم وإن اختلفت نهاياتهم، ويبدو أن العاقل الوحيد سيكون بن علي الذي أسعفه الحظ أنه لم يزعم أنه لا يشبه فلان، وقال لشعبه «لقد فهمتكم» لقد جاءت متأخرة ولكنها كانت كافية لتنجيه ببدنه.
    لقد أثبتت عبرة ثورات الربيع العربي أن أمام أنظمة الحكم في المنطقة طريقان لا ثالث لهما، إما أن تبادر إلى استباق نشوب الثورات بإحداث تغيير حقيقي وليس صوريا بإتجاه تحقيق قيم الحرية والعدالة والديمقراطية وتأسيس نظم سياسية جديدة تستوعب تطلعات الشباب الثائر والمجتمعات التواقة إلى التغيير، أو أن تكون ضحية لتيار التغيير الجارف لا يعصمها من ذلك عاصم، ولن تغشاها رحمة الله، لا ينفعها جيش مدجج ولا أمن مؤدلج.


    ولا يزال الحزب الحاكم في الخرطوم اليوم في فسحة من أمره على الرغم من كل ما تحيطه به من أزمات السياسة والاقتصاد والحرب المتجددة المتلاحقة، ويملك فرصة أن يختار لنفسه أي الطريقين يسلك، بيد أنها فرصة ليست مفتوحة، والعاقل من يبادر إلى إدراك التغيير قبل ان تدور عجلته، لأن التجربة أثبتت أنها ما أن تنطلق فلن يكون لأي محاولة إصلاح معنى أو مصداقية، ويقود الوهم على القدرة في التحكم على الأمور الأنظمة عادة إلى حتفها.
    المطلوب من «المؤتمر الوطني» ببساطة ألا يغرق في الوهم الذي أصاب غيره من الأنظمة المتساقطة في المنطقة، والعاقل من اتعظ بغيره، ومن الحكمة ألا يحاول اكتشاف قدرته على إثبات العكس، فإن لم يكن من أجل مواطنيه، او من أجل الشعارات التي يرفعها، فمن أجل مصير أكرم.
    لا يحتاج الأمر إلى إعادة اكتشاف العجلة، وخريطة الطريق لإخراج البلاد من مآزقها المتشابكة لا تحتاج لأكثر من التعاطي بجدية ومسؤولية مع الأجندة الوطنية، وإدارة الشؤون المشتركة بمقتضى الحكمة لا «التصرف في الشؤون المشتركة بمقتضى الهوى» وهو تعريف الكواكبي للاستبداد.
    المطلوب أن يتحرر «المؤتمر الوطني» من أسر «اغلبيته التسعينية» وأن يبادر إلى قيادة حوار وطني شامل، في مؤتمر جامع أو دستوري، يرتب لوضع انتقالي متفق عليه يقود إلى انتخابات مبكرة تجرى بديمقراطية حقيقية تؤسس لنظام سياسي جديد.
                  

العنوان الكاتب Date
اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-05-11, 05:02 PM
  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-05-11, 05:09 PM
    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-05-11, 05:40 PM
      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-06-11, 08:40 AM
        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-06-11, 05:27 PM
          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-06-11, 09:56 PM
            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-07-11, 10:09 PM
              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-09-11, 05:07 PM
                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-10-11, 07:42 AM
                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-10-11, 04:31 PM
                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-11-11, 06:33 AM
                      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-11-11, 04:02 PM
                        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-12-11, 10:15 AM
                          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-12-11, 04:23 PM
                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-12-11, 07:25 PM
                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-12-11, 07:25 PM
                              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-13-11, 11:01 AM
                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-16-11, 05:09 PM
                                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-17-11, 09:12 AM
                                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-18-11, 04:47 AM
                                      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-18-11, 09:32 AM
                                        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-19-11, 07:02 AM
                                          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-19-11, 07:11 AM
                                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-19-11, 09:27 PM
                                              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-20-11, 05:32 AM
                                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-23-11, 05:24 AM
                                                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-24-11, 04:50 AM
                                                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-25-11, 04:54 PM
                                                      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-25-11, 08:16 PM
                                                        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-25-11, 09:34 PM
                                                          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-26-11, 08:02 AM
                                                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-27-11, 09:30 AM
                                                              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-27-11, 10:24 AM
                                                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-28-11, 01:44 PM
                                                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-28-11, 01:51 PM
                                                                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك10-31-11, 10:51 AM
                                                                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-01-11, 07:01 AM
                                                                      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-01-11, 09:06 AM
                                                                        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-02-11, 07:07 AM
                                                                          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-02-11, 10:03 PM
                                                                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-03-11, 04:58 AM
                                                                              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-03-11, 10:26 PM
                                                                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك11-05-11, 03:05 PM
                                                                                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-02-11, 09:05 AM
                                                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-02-11, 09:20 AM
                                                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-04-11, 06:50 AM
                                                      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-06-11, 09:32 AM
                                                        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-07-11, 07:44 PM
                                                          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-08-11, 11:29 AM
                                                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-09-11, 05:46 PM
                                                              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-11-11, 11:00 AM
                                                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-12-11, 05:46 AM
                                                                  Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-13-11, 06:31 AM
                                                                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-14-11, 10:29 AM
                                                                    Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-14-11, 10:30 AM
                                                                      Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-15-11, 11:07 AM
                                                                        Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-21-11, 11:02 AM
                                                                          Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-21-11, 04:48 PM
                                                                            Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-22-11, 04:54 PM
                                                                              Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-24-11, 07:13 PM
                                                                                Re: اخترت لك .....مقالات ..وكتاب ...ادخل الكيك12-27-11, 04:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de