|
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق (Re: الكيك)
|
رغم مخالفتي لكل ما ورد بالقراءة، ولكنها للتذكير. قراءة في رسالة الدكتور حسن الترابي
كان العزم قد انعقد على استئناف الحديث هذا الاسبوع عن الوضع الفلسطيني الذي شهدت ساحته تطورات حادة ولكنني عدلت عن ذلك لما اطلعت على رسالة تقييم ومراجعة صدرت عن الدكتور حسن الترابي الذي يقبع الآن في اقامة جبرية فرضها عليه اخلاء الامس. وقد سولت لي نفسي الاكتفاء بقراءتها على عجل ثم الاعراض عنها عسى ان تجود الايام بقراءة اخرى اعمق استيعابا لمحتوى الرسالة غير ان باعثا ملحا اخفقت في مقاومته دفعني الى العكوف على تلك الصحيفة لارتياد مراجعها والوقوف على ظاهر القول ومحاولة النفاذ الى ما لم تظهره الالفاظ منطوقا ولكن ابانت عنه اللهجة وكشفت عنه ملامح الصوت وقسمات النبرة اذا جاز التعبير فحينما تصدر مثل هذه المضامين عن رجل كالشيخ الترابي وفي لحظة تاريخية تشهد تمزق المشروع الفكري والسياسي الذي حمله على كاهله قرابة اربعين عاما منذ ان تألق نجمه واجتمعت له رئاسة التنظيم الحركي ورئاسة الحزب السياسي المعلن (جبهة الميثاق الاسلامي) عام 1964م فأنت لا تملك الا ان تقف عندها متأملا ناظرا وفاصحا متعظا بعبر الزمان وتقلبات الاحوال سيما وان الحركة الاسلامية على وجه الاجمال يعز فيها ادب النقد الذاتي وتنحسر فيها ادوات المراجعة والتصويب دفعا للشماتة واستتارا عن الخصوم المتربصين.
لك ان تحب الرجل او تبغضه ولك ان تقبل كل آرائه او بعضها وان ترفض بعض آرائه او كلها وكل يؤخذ من قوله ويترك ولكنك في كل الاحوال لا تستطيع ان تعرض عن اطروحاته الفكرية ومرئايته السياسية وذلك لجملة اسباب جوهرية منها ان الدكتور حسن الترابي كاد ينفرد بالقيادة الفكرية للتيار الاسلامي الاكبر في السودان فقد اصبحت مجمل مبادئه ورؤاه الفكرية تشكل محاور ارتكاز لمشروع الاصلاح والتغيير واكتسب هو بمقتضى ذلك رمزية فكرية وقيادية داخل السودان وخارجه ومنها ان التجربة الاسلامية في السودان هي النجاح الاول للاسلاميين في الوصول الى السلطة اذا استثنينا التجربة الافغانية لاسباب ليس هذا مقام تناولها وكان ذلك تدبير الشيخ ورهانه الذي افنى فيه زهرة عمره ومنها ان التجربة السودانية بحلوها ومرها بكدرها وصفائها مما يحمد لها ويعاب عليها بنجاحاتها واخفاقاتها تمر منذ ديسمبر 1999م بمرحلة مفصلية تمزق فيها نسيجها وانشقت عصاها وتفرقت سبلها وحسن الترابي مرة اخرى هو صانع احداث هذه المرحلة ومنها ان الرجل سواء بشخصه او برمزيته الفكرية والقيادية ما انفك يستقطب اهتماما محليا وعالميا قلما يحظى به زعيم اسلامي آخر.
تلكم هي مجمل الاسباب التي تنهض مسوغات لتسليط شيء من اضواء التحليل على ما يصدر عن الدكتور الترابي وخاصة في هذه المرحلة المحورية.
تأتي هذه الرسالة بعنوان (عبرة المسير لاثني عشر عاما) وتبدو فيها لهجة الشيخ عنيفة حادة ولكنها لا تخلو من مرارة ولوعة مردها في اغلب الظن الى طبيعة الابتلاء الذي اصيب به هذه المرة فقد جاءت الضربة من الاصفياء الخلص الذين كان يعتد بهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ولئن ابدى في رسالته مرارة ازاء من نصبته الحركة اميرا على الناس على حد وصف الشيخ فان مرارته من تلاميذه الاقربين اشد بأسا واثقل وقعا وخاصة من الاربعة اللذين خلفوا فعسى ان يتوب الله عليهم.
وقد ابرزت الرسالة في غير موضع بعد الافتتان بالسلطة واتباع الهوى والسقوط في اختبارات الحكم والتنكر للتربية الايمانية الراشدة كأحد اهم الاسباب التي عصفت بالتجربة السودانية كان الامل ان يتناول الشيخ في هذا السياق ليس فقط النوازع النفسية التي قدر انها العنصر الرئيس الذي قاد الى الاخفاق والتمزق ولكن النظم والآليات التي صاغت العلاقة وحددت طبيعة التواصل بين اجهزة الحزب (الحركة) واجهزة الدولة فقد كان التطاحن بينهما شديدا والفجوة واسعة فهل اسهمت تلك الآليات في الانفجارات التي حدثت لاحقا ان الامر محصور فقط في معاني التربية الايمانية التي ضاقت مساحاتها عند اهل الحكم واولياء السلطة وانحسرت تفاعلاتها في نفوسهم فغلبهم الهوى واستبد بهم الاغراء وجذبتهم مغانم الجاه والاستعلاء؟.
اما موقف المجتمع من التجربة فتقسمه المذكرة الى ثلاث مراحل اولها الترقب والانتظار حتى اذا اسفرت ثورة الانقاذ عن وجهها الاسلامي وبشرت بمشروعها الحضاري ونزلت احكامها وقيمها واقعا ملموسا اقبل الناس عليها بكل طوائفهم انخراطا في صفوفها واسنادا لمشروعها ثم ما لبث الناس بعد ان رأوا بعض التراجعات ان انفضوا عنها ويبرز الدكتور الترابي بعدا آخر في العلاقة بين حركة الاحياء الاسلامي والمجتمع فقد حسبت الحركة السودانية بعد ان تمكنت من الحكم انها بسطت وعيا اسلاميا واسعا وثقافة ايمانية كثيفة اطمأنت الى حدوث تحولات كبرى في اصول الفهم وعمق الانفعال ولكن بين لها ان الامر ليس بمستوى النضج الذي كانت تقدره ولعل ذلك ناشىء في جزء منه كما يقرر الشيخ عن طبيعة النشأة التي صاحبت الحركة الاسلامية وطبيعة الابتلاء الذي يستبد بها في كل مرحلة من مراحل السير فنشأتها السرية واستغراقها في حماية الذات وتدابير الوقاية من الاضطهاد قد افرزت اعتزالا لقضايا المجتمع وانصرافا عن هموم ومن اجل استدراك ذلك يجب الاقبال على المجتمع تزكية لدينه واتصالا برغائبه واشواقه.
ويمضي الدكتور الترابي واصفا قيادة الانقاذ في مراحلها الاولى بأنها كانت معلومة بسبب طائفة من العناصر التي انحازت الى الثورة واردة اليها من مواقع شتى دون ان يكتمل بنائها التربوي او يصلب عودها وفق مقتضيات نهج الاصطفاء الذي ساءت عليه الحركة واتخذته سبيلا للاعداد والانضاج والترقي غير ان الذين قادوا الانشقاق كانوا من ابناء الحركة الخلص الذين قضوا دهرا طويلا في محاضنها وتبوأوا مواقع متقدمة في مؤسساتها. رغم ما احاط بها من لوعة وغمرها من الم الا ان لهجة الشيخ كانت خالية من الانكسار والذبول بل تبدى فيها كثير من روح التحدي والاصرار على استئناف المسار وتلك سجية غالبة في الرجل فقد خاض عبر مسيرته الطويلة معارك شتى وتعرض لابتلاءات شتى واصابه ومن معه الوان من الفتنة والعناء والخصومات الا انه في كل مرة يحتفظ بقدر من الطاقة تمكنه من الكر ومعاودة الاقتحام ولكن الخصومة هذه المرة تختلف جوهرا وشكلا في عسى ان يكون مصير الشيخ واصحابه الذين انحازوا اليه وهم كثرة كاثرة تنتشر في الاتحادات الطلابية والمؤسسات النسوية والجمعيات العامة ولا يخلو منها الدفاع الشعبي واجهزة الدولة بل ما عسى ان يكون مصير التجربة الاسلامية برمتها في ظل التداعيات الاقليمية والدولية التي تحيط بها.
عبدالله بن محمد الغيلاني
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:06 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:17 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:32 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:51 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:58 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 03:09 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 03:28 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 03:49 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 04:00 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 04:10 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | nadus2000 | 07-04-05, 04:23 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 04:32 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 00:21 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 01:44 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 02:17 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 04:24 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-06-05, 00:16 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-06-05, 03:18 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-06-05, 03:34 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-09-05, 01:15 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | nadus2000 | 07-12-05, 08:01 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | nadus2000 | 07-13-05, 04:46 AM |
|
|
|