|
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى (Re: ابو جهينة)
|
معنى قول الرسول صلى الله عليه و سلم كل غلام مرتهن بعقيقته
ورد في الحديث عن سَمُرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كل غلام رهينة بعقيقته تذبـح عنه يوم سابعه ويسمَّى ويحلـق رأسه ) ، وفي روايـة عـند أحمد والـنسائي كل غلام رهين بعقيقته ) ، وفي رواية عند الترمذي وابن ماجة كل غلام مرتهن بعقيقته ) ، وقد اختلف العلماء في تفسير ذلك : 1. قال الخطابي :[ قال أحمد : هذا في الشفاعة يريد أنه إن لم يعق عنه فمات طفلاً لم يُشفع في والديه . وقوله ( رهينة ) بإثبات الهاء ، معناه مرهون فعيل بمعنى مفعول ، والهاء تقع في هذا للمبالغة ، يقـال فـلان كـريمة قومه أي محل العقدة الكريمة عندهم ] . وقول أحمد هذا روى البيهقي مثله عن عطاء الخراساني حيث روى بسنده عن يحيى بن حمزة قال :[ قلت لعطاء الخراساني ما مرتهن بعقيقته ؟ قال : يحرم شفاعة ولده ] . 2. وقال الملا علي القاري :[ ( بعقيقته ) : يعني أنه محبوس سلامته عن الآفات بها أو إنه كالشيء المرهون لا يتم الاستمتاع به دون أن يقابل بها لأنه نعمة من الله على والديه فلا بد لهما من الشكر عليه وقيل : معناه أنه معلق شفاعته بها لا يشفع لهما إن مات طفلاً ولم يعق عنه . قال التوربشتي في قوله : ( مرتهن ) نظر لأن المرتهن هو الذي يأخذ الرهن والشيء مرهون ورهين ولم نجد فيما يعتمد من كلامهم بناء المفعول من الارتهان فلعل الراوي أتى به مكان الرهينة من طريق القياس قال الطيبي : طريق المجاز غير مسدود وليس بموقوف على السماع ولا يستراب أن الارتهان هنا ليس مأخوذاً بطريق الحقيقة ويدل عليه قول الزمخشري في أساس البلاغة في قسم المجاز : فلان رهن بكذا ورهين ورهينته ومرتهن به مأخوذ به ، وقال صاحب النهاية : معنى قوله رهينة بعقيقته ) أن العقيقة لازمة له لا بد له منها . فشبهه في لزومها له وعدم انفكاكه منه بالرهن في يد غير المرتهن والهاء في الرهينة للمبالغة لا للتأنيث كالشتم والشتيمة أ. هـ . وهو بحث غريب واعتراض عجيب فإن كلام التوربشتي في أن لفظ المرتهن بصيغة المفعول غير مسموع وأن الراوي ظن أن المرتهن يأتي بمعنى الرهينة الثابتة في الرواية فنقله بالمعنى على حسبانه وأما كون الرهن في هذا المقام ليس على حقيقته بل على المجاز فلا يخفى على من له أدنى تأمل وتعقل فكيف على الإمام الجليل المحقق في المنقول والمعقول والجامع بين الفروع والأصول بل ما ذكره عن الأساس والنهاية يدل على مراده وبحثه في الغاية وسيأتي في كلامه أيضاً ما يبين هذا المبحث لفظاً ومعنىً . وفي شرح السنة : قد تكلم الناس فيه وأجودها ما قاله أحمد بن حنبل معناه أنه إذا مات طفلاً ولم يعق عنه لم يشفع في والديه . وروي عن قتادة : أنه يحرم شفاعتهم . قال الشيخ التوربشتي : ولا أدري بأي سبب تمسك ولفظ الحديث لا يساعد المعنى الذي أتى به بل بينهما من المباينة ما لا يخفى على عموم الناس فضلاً عن خصوصهم والحديث إذا استبهم معناه فأقرب السبب إلى إيضاحه استيفاء طرقه فإنها قلما تخلو عن زيادة أو نقصان أو إشارة بالألفاظ المختلف فيها رواية فيستكشف بها ما أبهم منه وفي بعض طرق هذا الحديث ( كل غلام رهينة بعقيقته ) أي مرهون والمعنى أنه كالشيء المرهون لا يتم الانتفاع والاستمتاع به دون فكه والنعمة إنما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر ووظيفة الشكر في هذه النعمة ما سنه النبي صلى الله عليه و سلم وهو أن يعق عن المولود شكراً لله تعالى وطلباً لسلامة المولود ويحتمل أنه أراد بذلك أن سلامة المولود ونشوءَه على النعت المحبوب رهينة بالعقيقة وهذا هو المعنى اللهم إلا أن يكون التفسير الذي سبق ذكره متلقى من قبل الصحابة ويكون الصحابي قد اطلع على ذلك من مفهوم الخطاب أو قضية الحال ويكون التقدير شفاعة الغلام لأبويه مرتهن بعقيقته قال الطيبي : ولا ريب أن الإمام أحمد بن حنبل ما ذهب إلى هذا القول إلا بعدما تلقى من الصحابة والتابعين على أنه إمام من الأئمة الكبار يجب أن يتلقى كلامه بالقبول ويحسن الظن به ] . 2. وقيل إن المعنى أن الغلام مرهون بأذى شعره ويدل على ذلك قوله فأميطوا عنه الأذى ) . 3. وقيل إنـه مرهون بالعقيقة بمعنى أنه لا يسمى ولا يحلق شعره إلا بعد ذبحها . ولم يرتض الشيخ ابن القيم هذه التفسيرات للحديث وردَّها وقال :[ وفيه نظر لا يخفى فإن شفاعة الولد في الوالد ليست بأولى من العكس وكونه والداً له ليس للشفاعة فيه . وكذا سائر القرابات والأرحام وقد قال تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ) سورة لقمان الآية 30 . وقال تعالى وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) سورة البقرة الآية 48 . وقال تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ) سورة البقرة الآية 254 . فلا يشفع أحد لأحد يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ، فإذنه سبحانه وتعالى في الشفاعة موقوف على عمل المشفوع له من توحيده وإخلاصه . ومن الشافع من قربه عند الله ومنزلته ليست مستحقة بقرابة ولا بنوة ولا أبوة . وقد قال سيد الشفعاء وأوجههم عند الله لعمه ولعمته وابنته لا أغني عنكم من الله شيئاً ) وفي رواية لا أملك لكم من الله شيئاً ) وقال في شفاعته العظمى لما يسجد بين يدي ربه ويشفع فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة ) فشفاعته في حدٍ محدودٍ يحدّهم الله سبحانه له ولا تجاوزهم شفاعته . فمن أين يقال إن الولد يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عن الشفاعة له ولا يقال لمن يشفع لغيره أنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله سبحانه وتعالى يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال تعالى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) وقال تعالى أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا) سورة الأنعام الآية 70 .فالمرتهن هو المحبوس إما بفعل منه أو فعل من غيره ، وأما من لم يشفع لغيره فلا يقال له مرتهن على الإطلاق ، بل المرتهن هو المحبوس عن أمر كان بصدد نيله وحصوله ولا يلزم من ذلك أن يكون بسبب منه بل يحصل ذلك تارة بفعله وتارة بفعل غيره . وقد جعل الله سبحانه النسيكة عن الولد سبباً لفك رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعن في خاصرته فكانت العقيقة فداءً وتخلصاً له من حبس الشيطان له وسجنه في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده فكأنه محبوس لذبح الشيطان له بالسكين التي أعدها لأتباعه وأوليائه وأقسم لربه أنه ليستأصلن ذرية آدم إلا قليلاً منهم فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين يخرج يبتدره عدوه ويضمه إليه ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة أوليائه وحزبه فهو أحرص شيء على هذا ... فكان المولود بصدد هذا الارتهان فشرع الله سبحانه للوالدين أن يفكا رهانه بذبحٍ يكون فداه ، فإذا لم يذبح عنه بقي مرتهناً به فلهذا قال الغلام مرتهن بعقيقته فأريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى ) فأمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان ، ولو كان الارتهان يتعلق بالأبوين لقال فأريقوا عنكم الدم لتخلص إليكم شفاعة أولادكم . فلما أمرنا بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى الباطن بارتهانه علم أن ذلك تخليص للمولود من الأذى الباطن والظاهر ، والله أعلم بمراده ورسوله ] .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مطلوب شرح معنى حديث نبوى | قرشـــو | 03-10-08, 01:48 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | يسرى معتصم | 03-10-08, 02:03 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | يسرى معتصم | 03-10-08, 02:09 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | ابو جهينة | 03-10-08, 02:08 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | يسرى معتصم | 03-10-08, 02:12 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | قرشـــو | 03-10-08, 02:59 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | قرشـــو | 03-10-08, 02:15 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | Adil Osman | 03-10-08, 03:45 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | قرشـــو | 03-17-08, 12:33 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | ismeil abbas | 03-10-08, 03:59 PM |
Re: مطلوب شرح معنى حديث نبوى | قرشـــو | 03-17-08, 12:38 PM |
|
|
|