هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 00:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-23-2008, 11:46 AM

Dr Mahdi Mohammed Kheir
<aDr Mahdi Mohammed Kheir
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 5328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. (Re: Dr Mahdi Mohammed Kheir)

    كتب الدكتور حسن علي دبا فى مقال بجريدة الأهرام بتاريخ 22 مايو 2004 المقال التالى عن معاملة الأسرى فى الإسلام, ٍسآتى للتعقيب عليه لاحقا :
    Quote: معاملة الإسلام لأسرى الحرب
    صفحة مشرقة من إنسانية هذا الدين

    باتت قضية الأسرى من القضايا العربية والعالمية المؤرقة للأمم والشعوب والحكومات، بما يمليه الواقع من حروب وتدمير هنا وهناك؛ مما يستمد الحديث عنها أهميته الكبرى في هذه الأيام، خاصةً مع وجود مئات الأسرى المسلمين في (جوانتانامو) منذ الحرب على أفغانستان، وكثير من الأسرى العراقيين لدى القوات الأمريكية والبريطانية الغازية، وآلاف الأسرى الفلسطينيين لدى الكيان الصهيوني.

    ويقف الإسلام دائمًا في كل القضايا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.. محلية أو دولية؛ ليقول كلمته، ويرفع رايته، ويُجادل بالتي هي أحسن، فما وقف الإسلام عاجزًا على مدى التاريخ أمام مسألة جديدة ولا حادثة طارئة، إنما كان عنده لكل مشكلة علاج، ولكل حادثة حديث، وقضية الأسرى ليست جديدة بقدر ما هي متجددة ومتكررة من جراء ما يشهده العالم من تطورات وتصعيد رهيب نحو الحروب في كل بقعة مسلمة.
    ويستمد الحديث عن الأسرى أهميته في ظل الظروف التي نحياها من أمور عديدة، أهمها:
    أولاً: كثرة الحروب المعاصرة التي تؤدي إلى زيادة عدد الأسرى.
    ثانيًا: كثرة عدد الأسرى الموجودين منذ فترات في المنطقة العربية والعالمية.
    ثالثًا: الانتهاكات الصارخة والتعذيبات البشعة التي تُمارَس في حقوق هؤلاء الأسرى.
    رابعًا: إظهار الجانب الإنساني لهذا الدين الذي بات متهمًا بالإرهاب والعدوانية، وما أكثر الجوانب الإنسانية التي يجب أن تظهر في كل عصر، ووجوب إظهارها وتبيينها يتأكد في هذا العصر أكثر وأكثر.
    لقد لفت الانتباه مناشدة واشنطن للنظام العراقي في بدايات الحملة على العراق أن يعامل أسرى الأمريكان بمقتضى اتفاقية (جنيف) في معاملة الأسرى، وأكد العراقيون آنذاك أنهم سيلتزمون بهذه الاتفاقية.
    وكنت أتمنى من العراق- مع التزامه بالاتفاقيات الدولية- أن يُصرِّح بأنه سيلتزم بما أوجبه الإسلام في معاملة الأسرى؛ ليلفت نظر العالم لا سيما وهو مترقب ومتيقظ ومتنبّه ومتابع للأحداث؛ ليقف ويبحث في الإسلام عن معاملته لأسرى الحرب؛ لتنكشف له حقيقة الدين، وتظهر له جوانبه الإنسانية السمحة الباهرة..

    تعريف الأسير لغةً واصطلاحًا:
    قال ابن منظور: يقال: أَسَرْت الرجلَ أَسْرًا وإِسارًا، فهو أَسير ومأْسور، والـجمع أَسرى وأُسارى، وتقول: اسْتَأْسِرْ أَي كُنْ أَسيرًا لـي، والأَسيرُ: الأَخِيذُ، وأَصْله من ذلك. وكلُّ مـحبوس فـي قِيدِّ أَو سِجْنٍ: أَسيرٌ. وقوله تعالـى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان:8).

    قال مجاهد: الأَسير المسجون، والجمع أُسَراء وأُسارى وأَسارى وأَسْرى، قال ثعلب: ليس الأَسْر بعاهة فيجعل أَسرى من باب جَرْحى في المعنى، ولكنه لما أُصيب بالأَسر صار كالجريح واللديغ، فكُسِّرَ على فَعْلى، كما كُسر الجريح ونـحوه. (لسان العرب: 4/19، وانظر مختار الصحاح: 7).
    وعرف "الماوردي" الأسرى في الاصطلاح بقوله: "هم المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياءً". (الأحكام السلطانية للماوردي: 167. دار الكتب العلمية)، وهذا التعريف يخص حالة الحرب فقط، لكن بتتبع استعمالات الفقهاء لهذا اللفظ يتبين أنهم يطلقونه على كل مَن يظفر بهم من المقاتلين ومَن في حكمهم، ويؤخذون أثناء الحرب أو في نهايتها، أو من غير حرب فعلية، ما دام العداء قائمًا والحرب محتملة.
    ويطلق الفقهاء لفظ الأسير أيضًا على مَن يظفر به المسلمون من الحربيين إذا دخلوا دار الإسلام بغير أمان، وعلى من يظفرون به من المرتدين عند مقاتلتهم لنا، كما يطلقون لفظ الأسير على المسلم الذي ظفر به العدو. (راجع مثلاً: مجموع فتاوى ابن تيمية: 28/355، وبداية المجتهد: 1/282. دار الفكر بيروت).

    مشروعية الأسر وحكمته:
    والأسر مشروع في الإسلام، ويدل على مشروعيته النصوص الواردة في ذلك، ومنها قول الله سبحانه ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ (محمد:4) ولا يتنافى ذلك مع قول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ (الأنفال: 67)؛ لأنها لم ترد في منع الأسر مطلقًا، وإنما جاءت في الحث على القتال، وأنه ما كان ينبغي أن يكون للمسلمين أسرى قبل الإثخان في الأرض، أي المبالغة في قتل الكفار، والحكمة من مشروعيته كسر شوكة العدو، ودفع شره، وإبعاده عن ساحة القتال؛ لمنع فاعليته وأذاه، وليتمكن من افتكاك أسرى المسلمين به.

    معالم معاملة الأسرى في الإسلام:
    وضع الإسلام معالم هادية لمعاملة الأسرى منذ أربعة عشر قرنًا، أي قبل أن نسمع بمعاهدات دولية واتفاقات عالمية في (جنيف) وغيرها، حري بالدنيا كلها أن تقف أمامها خاشعة متأملة لترى ما للإسلام من تعاليم نبيلة وإنسانية كريمة؛ ذلك أن الرسول عقب غزوة بدر وبعد أن فرق الأسرى على أصحابه ليحرسوهم في رحلة العودة إلى المدينة أذاع بيانًا عامًا صار قاعدة كلية في التعامل مع الأسرى، وهو "استوصوا بهم خيرا"!!.
    فأصبح لزامًا على كل مسلم أن يعمم هذه الخيرية في كل مجالات معاملات الأسرى، سواء كانت خيرية مادية أو معنوية، وهي من جوامع كلم النبي- صلى الله عليه وسلم، والآن إلى المعالم:

    أولاً: إطعام الأسير:
    الطعام- كما هو معروف- ضرورة من ضرورات الحياة، وبالرغم من أن المسلمين الأوائل كانوا يعيشون في ضيق من العيش، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الإطعام والإيثار فيما بينهم ولأسراهم، فحظي "المشركون" و"أعداء المسلمين" الأسرى من الطعام في ظل الإسلام بما لم يحظَ به المسلمون أنفسهم، والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان:8).
    فانظر كيف جعل الله ذلك من صفات الأبرار الذين يشربون من كأس يوم القيامة كان مزاجها كافورًا، وهم لا يطعمون الطعام هكذا، إنما يطعمونه وهم في أمسِّ الحاجة إليه، كما عبر القرآن ﴿عَلَى حُبِّهِ﴾ ويبتغون بذلك وجه الله ويطلبون رضاه.. ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا﴾ (الإنسان:9)، ويلتمسون أن ينجيهم الله من كربات اليوم العبوس القمطرير، ومن العجيب هنا أن الإمام الطبري نقل في تفسيره: "عن سعيد بن جبير" ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا﴾ قال: أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن علمه الله من قلوبهم فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب" (تفسير الطبري: 29/210. دار الفكر. بيروت. 1405هـ).
    وقال الجصاص: "وهذه الآية تدل على أن في إطعام الأسير قُربة، ويقتضي ظاهره جواز إعطائه من سائر الصدقات" (أحكام القرآن: 5/370. تحقيق محمد الصادق عرجون. دار إحياء التراث العربي. بيروت. 1405هـ).

    ويروي الإمام الطبري في تاريخه هذه الحادثة الباهرة: كان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى، قال فقال أبو عزيز: مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني، فقال: "شد يديك به.. فإن أمه ذات متاع لعلها أن تفتديه منك".. قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من "بدر" فكانوا إذا قدموا غذاءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر- كان الخبز عند العرب هو أفضل الطعام على الإطلاق؛ حتى لا يتبادر إلى الذهن أن التمر أفضل فينعكس المعنى-؛ لوصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إياهم بنا ما تقع في يد رجل منهم كسرة من الخبز إلا نفحني بها، قال: فأستحي، فأردها على أحدهم، فيردها عليّ ما يمسها (تاريخ الطبري: 2/39. دار الكتب العلمية. بيروت. ط. أولى. 1407هـ).
    إذن فإطعام الأسير، على الرغم من أنها معاملة إنسانية بحتة، إلا أن الإسلام أضفى عليها نوعًا من القدسية والعبادة؛ لأن فيها طاعة الله وطاعة رسوله والقربى إلى الله؛ طلبًا لثوابه واتقاءً لعقابه.

    ثانيًا: كساء الأسير:
    والكساء عمومًا أمر واجب لستر العورات، وعدم إشاعة الفاحشة في المجتمع، وأوجب الشرع كسوة الأسير، وستر عورته، وقد عنون الإمام "البخاري" بابًا كاملاً أسماه (باب الكسوة للأسارى)، وهو دليل قائم على أهمية ما يحتويه المعْلم من معنى، قال: "حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا بن عيينة عن عمرو سمع جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: لما كان يوم بدر أُتي بأسارى وأُتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي- صلى الله عليه وسلم- له قميصًا، فوجدوا قميص عبدالله بن أبيّ يقْدُر عليه فكساه النبي- صلى الله عليه وسلم- إياه فلذلك نزع النبي- صلى الله عليه وسلم- قميصه الذي ألبسه".
    قال الحافظ في الفتح: "قوله: (يقْدُر عليه) بضم الدال، وإنما كان ذلك؛ لأن العباس كان بيِّن الطول" (فتح الباري: 6/144. بتحقيق فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب. دار المعرفة. بيروت. 1379هـ).
    وهذا دليل على أنه لا بد من كساء الأسير الكساء المناسب له في الطول والعرض وغير ذلك، فلا يجزئ في الإسلام أية كسوة للأسير، فانظر وتأمل، ولعل كثيرًا من أبناء المسلمين لا يجد ما يواري به عورته.

    ثالثًا: مأوى الأسير:
    والمأوى كذلك من ضرورات الحياة، وإذا صحَّ في حق بعض الحيوانات أن تحيا بلا مأوى، فلا يصح في حق الإنسان أن يعيش بغير مأوى، وقد كفل الإسلام للأسير في المأوى ما كفله للإنسان كافةً، وإضافةً إلى تأمين مأكله ومشربه وملبسه ضمن الإسلام مسكنه الصحي اللائق بإنسانية الإنسان.
    وكان هذا المسكن إما في بيوت الصحابة، فعن الحسن قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يُؤتى بالأسير، فيدفعه إلى بعض المسلمين، فيقول: "أحسن إليه" فيكون عنده
    اليومين والثلاثة، فيؤثره على نفسه (صفوة التفاسير للصابوني: 3/493)، وإما في المسجد، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-..." الحديث (رواه مسلم كتاب الجهاد والسير. باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه، وانظر. صحيح ابن حبان: 4/42)
    وهكذا نرى أن مأوى الأسير كان موزعًا بين بيوت الصحابة والمسجد، وقد كانا أكرم مكانين عند المسلمين، أما ربطه في سارية المسجد فليس فيه شيء من الإساءة، إنما خوفًا من الهرب فقط؛ لأنه لم تكن توجد في حينها مبانٍ مخصصة للأسرى.

    رابعًا: عدم تعذيب الأسير وإكراهِه:
    وتعذيب البشر عمومًا وإكراههم أمر محظور في شريعة الإسلام، إذ الإنسان له حرمة محفوظة، بل حرمته أشد عند الله من الكعبة، وقد كفل الإسلام للأسير ذلك وحفظه من الأذى.
    وكيف يحض الإسلام على إطعامه وسقيه ويوفر له المأوى المناسب والكسوة المناسبة ويرتِّب الجزاء الكبير على ذلك ثم يستبيح تعذيبه ويهدر كرامته؟!
    يروي الإمام السرخسي عن أسرى بني قريظة حينما كانوا في حر الشمس أنه: "جلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لبني قريظة حتى قتل من قتل منهم في يوم صائف، وسُمي ممن قتل منهم بين يدي رسول الله في المغازي: حيي بن أخطب، وكعب بن أسيد، وجماعة، فلما انتصف النهار قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح، قَيِّلوهم، واسقوهم حتى يبردوا..". (شرح السير الكبير: 2/591. تحقيق صلاح الدين المنجد. الشركة الشرقية لاإعلانات 1971م)
    وتحريم تعذيب الأسرى يشمل عدم تعذيب الجرحى منهم بطريق الأولى، بل إذا كان الجريح لا تعينه قوته على المقاومة مُنع قتله وأُمِر بأن يبقى ويداوى ويفدى أو يُمَن عليه (راجع مثلاً شرح مختصر الخليل: 8/60، الأشباه والنظائر للسيوطي: 52612).
    وقد كان من المعتاد في الأزمنة الغابرة أن يُمثِّل المنتصر بجثث عدوه المغلوب بقصد التشفي، أما في الإسلام فقد نهى عن ذلك تمامًا، بل إن عموميات الأدلة الشرعية في الإسلام توصي بالإحسان إليهم كما مر، لكنهم لا يُمثَّل بهم إلا أن يكونوا مثّلوا بالمسلمين؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ (النحل:126) وقوله أيضًا:﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (البقرة:194).
    ومن الإنسانيات العجيبة أن شريعة الإسلام لا تجيز إكراه الأسير للحصول على معلومات عن العدو: "قيل لمالك: أيعذب الأسير إن رُجيَ أن يدل على عورة العدو؟ قال: ما سمعت بذلك". (التاج والإكليل: 3/353. دار الفكر. بيروت. ط. ثانية. 1398م)

    خامسًا: محادثته والرد عليه وتلبية ما يريد:
    ومن معالم معاملة الإسلام الطيبة للأسير أن يحدثه المسلمون، ويردوا على استفساراته في حدود سياسة الدولة، وأن يلبوا رغباته في حدود الشرع؛ لأن تركه وإهماله بعدم الرد عليه نوع من الإهانة وإهدار الكرامة التي نهى عنها الإسلام في معاملة الأسير، وحوارات النبي مع الأسرى معروفة ومشهورة.
    عن عمران بن حصين قال كانت ثقيف حليف بني عقيل، فأسَرَت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأسر أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجلاً من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في الوثاق قال يا محمد، فأتاه فقال ما شأنك؟ فقال بم أخذتني، وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال "إعظامًا لذلك أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف" ثم انصرف عنه فناداه فقال يا محمد، يا محمد، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رحيمًا رقيقًا فرجع إليه، فقال "ما شأنك؟" قال إني مسلم. قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح"، ثم انصرف فناداه فقال يا محمد، يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ قال إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني قال "هذه حاجتك" .... الحديث. (رواه مسلم. كتاب النذر. باب لا وفاء لنذر في معصية الله).
    وهذه المحادثة والكلام والأخذ والرد مع الأسير وتلبية ما يريده- في حدود الشرع طبعًا- قد تؤدي بالأسير إلى الإسلام، وفيها خير كثير لا سيما لمن يُرجى إسلامه من الأشراف، الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير، كما في حديث الرسول مع "ثمامة" وهو مربوط في سارية المسجد.

    خرج إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: "ماذا عندك يا ثمامة" فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تَقتل ذا دم، وإن تُنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهكذا ثلاث مرات في ثلاثة أيام، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَ من وجهك.. فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك.. فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك.. فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ .....الحديث (رواه مسلم: كتاب الجهاد والسير. باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه).

    سادسًا: تبعية الأسير:
    الأسير في ذمة آسره لا يدَ له عليه، ولا حق له في التصرف فيه، إذ الحق للتصرف فيه موكول للإمام، وعليه بعد الأسر أن يقوده إلى الأمير ليقضي فيه بما يرى، وللآسر أن يشد وثاقه إن خاف انفلاته، أو لم يأمن شره، فمن حق المسلم أن يمنع الأسير من الهرب، وقد كان الرسول- عليه السلام- يمن على بعض الأسرى، ويقتل بعضهم ويفادي بعضهم بالمال، وبعضهم بأسرى المسلمين، وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة، كما قال ابن القيم في (زاد المعاد).
    وليس لواحد من الغزاة أن يقتل أسيره بنفسه؛ إذ الأمر فيه بعد الأسر مفوض للإمام، فلا يحل القتل إلا برأي الإمام اتفاقًا، إلا إذا خيف ضرره، ولهذا وجدنا الرسول يشدد على "خالد"، ويبرأ إلى الله مما فعل؛ إذ أمر مَن معه من الجند أن يقتلوا مَن معهم من الأسرى.
    عن سالم عن أبيه قال بعث النبي- صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا، وجعل خالد قتلاً وأسرًا، قال فدفع إلى كل رجل أسيره حتى إذا أصبح يومنا أمر "خالد بن الوليد" أن يقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتله أحد، قال فقدمنا على النبي- صلى الله عليه وسلم- فذكر له صُنْع "خالد" فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- ورفع يديه اللهم إني أبرأ إليك مما صنع "خالد" وفي حديث بشر فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" مرتين. (رواه النسائي. كتاب آداب القضاة. باب الرد على الحاكم إذا قضى بغير حق).

    سابعًا: إعادة الأسير:
    تظل رعاية الإسلام للأسير قائمة منذ وقوعه أسيرًا في أيدي المسلمين إطعامًا وإسقاءً وكسوةً ومأوىً ومعاملةً طيبةً؛ حتى يعود إلى قومه ويتسلمه أهله.
    يروي الإمام الطبري في تاريخه وقوع ابنة حاتم الطائي في سبايا طيئ، فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن بها، فمر بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقامت إليه، وكانت امرأةً جزلةً، فقالت: يا رسول الله هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليَّ منَّ الله عليك.. قال: ومَن وافِدُك؟ قالت: عدي بن حاتم. قال: الفارّ من الله ورسوله... قال: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك، قالت: فكساني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحملني، وأعطاني نفقةً، فخرجَت معهم حتى قدمت الشام على أخيها ليسألها: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعًا فإن يكن الرجل نبيًا فالسابق إليه له فضيلة( راجع تاريخ الطبري: 2/187-188).
    وبهذه الحادثة سنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد المن على الأسير، تأمينَ الطريق الذي سيرجع منه الأسير، وتزويده بالنفقة والمال الكافي، وتوفير الكسوة والرفقة الآمنة له؛ حتى يصل إلى قومه سالمًا آمنًا.
    بعد هذا البيان لكيفية معاملة الإسلام لأسرى الحرب أترك للقارئ الكريم باب التفكر والتدبر في صفحة الواقع الدامية؛ ليقارن ذلك بما فعلته أمريكا مع الهنود الحمر، وما تفعله اليوم مع أفغانستان والعراق، وينظر إلى أسرى المجاهدين بكوبا (جوانتانامو)، وأسرى المجاهدين الفلسطينيين في السجون اليهودية، وأسرى المجاهدين الكشميريين في السجون الهندوسية، وأسرى المجاهدين الشيشانيين في روسيا.. وغيرهم من الأسرى المستضعفين الذين يعانون التعذيب والتشويه، وصدق الله القائل... ﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾. (الكهف:10)



    http://www.ikhwan.net/asra/sharee_file_asra11.htm
                  

العنوان الكاتب Date
هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-21-08, 06:58 PM
  Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-21-08, 07:13 PM
    Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-21-08, 07:34 PM
    Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. ateif abdoon02-21-08, 07:48 PM
      Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-21-08, 08:06 PM
        Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-21-08, 08:40 PM
          Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Balla Musa02-21-08, 10:02 PM
            Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 00:13 AM
          Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-21-08, 10:13 PM
          Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Yasir Elsharif02-21-08, 11:00 PM
            Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 01:22 AM
              Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Yasir Elsharif02-22-08, 09:48 AM
                Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. عثمان عبدالقادر02-22-08, 10:47 AM
                  Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 08:12 PM
                Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. amir jabir02-22-08, 11:03 AM
                  Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 08:50 PM
                Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 07:32 PM
  Re Waeil Elsayid Awad02-22-08, 07:50 PM
  Re Waeil Elsayid Awad02-22-08, 07:50 PM
    Re: Re Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 09:11 PM
  Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Yasir Elsharif02-22-08, 09:44 PM
    Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-22-08, 10:43 PM
      Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. Dr Mahdi Mohammed Kheir02-23-08, 11:46 AM
  Re Waeil Elsayid Awad02-23-08, 01:36 PM
  Re: هل الإسلام دين عنف وقتل ؟؟. عمر التاج02-23-08, 01:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de