|
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع (Re: من الله)
|
شكرا للاخ احمد البشير من الله وهذا مقال رصين للصحفى الكبير مرتضى الغالى ..
العدد 128 - الخميس 14 فبراير 2008
سارة الفاضل.. امرأة من السودان مرتضى الغالي الذي يؤرق الخاطر بل يدمي الفؤاد ليس فقط التأسي على الوشيجة الإنسانية التي تربط سارة الفاضل بمن يعرفها عن قرب أو بعد, فهذا أمر يِكُل الناس فيه أمرهم إل ى رب السموات حتى يتطامن الصبر وتفيض بحار السلوان على براكين اللوعة, لتكفكف بعض ذيول الفقد الكبير الذي انقطع به جريان "نهر المودة" والذي إنبتت به فيوض الأنس الجميل وصوحت به أزاهير التراحم وغاضت به عيون الإلفة وهرب به "عطر الأحباب" وتلاشت فيه الحكايات العامرة عن ثقافات أهل السودان. وقصص رجال ونساء معركة الإستقلال والريادات الأولى ويوميات القرى والدساكر, وأيام الوطن العصيبة, وزمن الدراسة ما وراء البحار, وشوارد المهدية, وأوابد سنوات السجون والغربة, ومفارقات الحاضر والماضي واستشرافات الجديد, وحكمة نساء العائلة الأوائل وسياحات الشعوب والقبائل. ولكن الذي يؤرق الخاطر ويدمي الفؤاد أكثر من ذلك.. فالذي يؤرق عن غياب السيدة سارة أكثر من ذلك وله رابطة كثيفة الاندغام بآخر ساعاتها في هذه الحياة الدنيا التي ستودع كثيراً من بهجتها بعد هذا "الرحيل المرّ" رغم السيرة الحلوة, ولكننا على سنة الله في خلقه.. نحيل الوداعة لله إيماناً بأنها قد أعطت وأوفت وغرست, وبنت وأشادت وسخت, فأجزلت وتقدمت ورابطت, ومحنت, وبذلت, وقاربت وسددت وأحسنت هندسة وتشبيك منظومة متينة من الناس ومن البنات والأولاد والأحفاد والقيم والأعراف والسلوك والذوق والفن حتى شملت هذه النفحات والبركات الخصوم والمشفقين والمقربين والأباعد وأصحاب العريكة اللينة والمتجانفين ثقلاء الحِسْ. أعود للبداية بأن هذا الفقد الجسيم ليس كله على صعيد هذه الانسانية الشفيفة, التي كانت تصدر عنها كما يتضوعّ العطر من الوردة ولن يقف الفقد على أنها كانت نبعاً من المودة وبستاناً من الإنس اللطيف والوقار الجليل, ولكن الفقد الذي أعنيه هو عين ما قضت فيه "ساعات حياتها الأخيرة" قبل ان يفقدها أهلها وأحبابها والوطن.. أعنى إعادة السودان الى دائرة القومية والوحدة الجاذبة العادلة والمواطنة الحقة ومد وصل الشمال إلى الجنوب. يقول أذكياء الفكر المهدوي أن من بين اختراقات المهدية الكبرى انها من باب الفكرة الجامعة جمعت غرب السودان بشمال السودان الكبير "أولاد الغرب وأولاد البحر والشرق" وقد كان دأب السيدة سارة أن تكمل الدائرة فتجمع إلى ذلك الجنوب, ومن هذه نرى أن تقارب حزب الأمة وكيانهم مع الحركة الشعبية برمزيتها الجنوبية هو من أكبر المهام التي بدأتها سارة وتركتها عندما لبت داعي السماء "لمن يأخذها بقدرها" وهي مهمة تستوجب السهر عليها حتى تكون أكبر تقدير دنيوي لهذه السيدة, فقد كانت تراها مهمة جديرة بأن تعطيها كل ساعات حياتها الأخيرة بعيدة عن غرفة بيتها. كثيرون من أصحاب النظارات المعتمة والنظرات الضيقة والنفوس الشحيحة الذين لم يفطموا من شَره المصالح الذاتية المحدودة والإثرة المريضة, يعملون ما في وسعهم من أجل إبتعاد الشقة وتعظيم الشروخ بين حزب الأمة وبين الحركة الشعبية, وقد يوجد من بين هؤلاء مَنْ هو في حزب الأمة ومَنْ في الحركة, كما يبدو لنا من القرائن بين حين وآخر, دعك من الذين يدفعون "دم قلب غيرهم" لإقامة الحواجز بين هذين الكيانين, ونحن في هذا المنحى من الحياة السودانية نرى ان في اقتراب الأمة والحركة عافية كبرى لجسد السودان "بأكثر من معني" وليس من أجل التشفّي في كيان يمسك الآن بغير استحقاق على خناق البلاد وعلى خيوط السلطة والثروة "مع جواز التشفّي من المستكبرين" لولا أن التشفي ليس من خلائق النفوس الكبيرة.. ولكن من أجل هدف أسمى هو إعادة تمتين النسيج السوداني وإقامة قواعد البيت السوداني الذي يسع الوحدة العادلة، ولا نقول بذلك من باب المداهنة لأي من الكيانين أو من باب النفاق المستجد أو "السوعيب" كما يقول بعض أهلنا في ريف شندي بمعني المصانعة و"الرَغَمْ المريض" لذوي القربى أو المصلحة أو بمعني التزلف الذي يتمسح به بعض الناس لبعضهم من باب رجاء العطية أو دفع الأذى أو مجاراة ما ليس حقاً إيناراً للسلامة أو المناصرة الظالمة لمن تحب وتهوى. أين السيدة سارة من ذلك البعد القومي الذي فيه؟ انها في قلبه وخشيتنا بعد فقدها ان تكون الراحلة قد كانت "الفارسة الوحيدة" في هذا المضمار, ليس من باب سوء الظن بكثير من أصحاب الرؤية القومية العاقلة ولكن للقبول الكبير الذي كانت تحظى به وهي تسعى داخل أكثر المعاقل وعورة وخشونة. لا والله لو كان هذا الغَرس القومي الإنساني يمكن افتقاده جملة واحدة بفقدها لوقعنا في مناقضة أنفسنا عندما أسلفنا القول بأن الراحلة العزيزة على السودان قد أقامت شبكة من الناس والقيم والأعراف ونسلاً صالحاً من الأبناء والبنات والأحفاد والمعارف والأصهار والرجال والنساء ومصفوفة للاقتداء من الهدى واليقين والمصابرة والعزيمة.. وكل هؤلاء واولئك ممن تشربوا بكثير من خطوات نفسها الكبيرة في شتى ميادين الفكر والحياة والنشاط, فقد كانت أفكارها تتسرب الى من حولها حتى وهي تحيك لهم صرار الحب أو وشاح المهاداة مثلما قال العقاد: أَلَمْ أنلْ منك فكرة في كل شكة إبرة وكل عقدة خيطٍ وكل جَرة بكرة سيكون من بين ما يمكن ان يمسكوا بخيوطه هذا الهم الذي يريد أن يجمع في كنانته كيانات الشمال والجنوب, فقد كانت من بين "الساهرين والساهرات" الذين يحاولون إجلاء حق الجنوب معترفين بظلامته ومن بين من يسوءهم ألاّ يؤدى حق الجنوب وألاّ يسلم مكاسبه من نيفاشا على ألا يغلق الباب على أنف "الملكية القومية" لاتفاقيات السلام, وألا يتم استعدال أحوال الشمال حتى لا ينفرد به "غير المأمون عليه" انتصاراً للمشاركة الشعبية وعدم السماح باستخدام نيفاشا على غير جوهرها الرامي للتحول الديمقراطي وعدم تمكين من يريد بالاتفاقية شراً أو من يريد أن يجعلها "هراوة" على يديه ليرهب بها خلق الله المتطلعين للحريات والعدل والانصاف. لا نريد ان نجعل وداع السيدة سارة عسيراً وشاقاً على المهج والنفوس, ولو بدأنا نذرف الدموع لما انتهينا. ولكن نريده وداعاً حميماً شجاعاً ذا عبرة للسودان, ولمعاني الانسانية والوطنية والرحمة "فبأي آلاء ربكما تكذبان".. الاجداث
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-07-08, 07:21 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | Saber Abdelhadi | 02-07-08, 07:35 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-07-08, 11:29 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الزنجي | 02-07-08, 11:42 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-10-08, 04:56 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | نيازي مصطفى | 02-10-08, 05:21 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-10-08, 05:53 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-10-08, 06:27 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-10-08, 06:49 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-10-08, 09:34 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-10-08, 10:20 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-17-08, 06:31 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | Sabri Elshareef | 02-11-08, 04:27 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-11-08, 10:59 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-12-08, 05:13 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-12-08, 07:22 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-12-08, 10:03 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-12-08, 10:20 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | Yasir Elsharif | 02-12-08, 10:14 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-12-08, 10:42 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | محمد عبدالرحمن | 02-12-08, 05:14 PM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | Sabri Elshareef | 02-12-08, 05:30 PM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | عمر ادريس محمد | 02-12-08, 06:20 PM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | محمد عادل | 02-12-08, 10:02 PM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-13-08, 05:35 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | المسافر | 02-13-08, 09:09 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-13-08, 09:43 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | من الله | 02-13-08, 02:17 PM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | abubakr | 02-13-08, 02:49 PM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | من الله | 02-14-08, 05:51 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-14-08, 06:44 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-17-08, 04:29 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | الكيك | 02-17-08, 07:55 AM |
Re: سارة الفاضل ....مناضلة ...اشتهرت بالتواضع | محمد عبدالرحمن | 02-21-08, 09:02 AM |
|
|
|