|
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. (Re: Abdel Aati)
|
إن الأسلوب الدرامي في تعاقب الحكومات السودانية سواء بانقلابات عسكرية أو انقلابات برلمانية أو انقلابات مزدوجة، يبرهن بدوره أن السودان ظل يفتقر منذ استقلاله إلى آلية ثابتة ومتطورة لتداول إدارة البلاد. فإذا كانت هنالك آلية لما تعاقبت حكومات السودان بتلك الصور الفجائية الدرامية لأن آلية تداول السلطة هي التي تضمن التناقل السلس لإدارة البلاد من تكوين إلى آخر حسب برنامج الحزب الذي يختاره الشعب. ويتجسد لنا افتقار السودان لهذه الآلية أولا في عدم حدوث تطور يتسق مع إمكانيات البلاد لكون أن هذه الآلية هي حاضنة التطور. كما يظهر الافتقار للآلية في عدم التجانس المنطقي بين أصناف الحكومات المتعاقبة، وأيضا في التناقض والتضارب بين ما تفعله كل حكومة من أفاعيل. لذلك بدا السودان مثل بيت يتعاقب عليه المالكون، هذا يهدّ جدارا وذلك يبني غرفة وثالث يفتح بابا ورابع يغلق نافذة وخامس يصنع بيتا للدجاج وحظيرة للأبقار.. هذا يبني من طين وذاك من طوب وآخر من قش وصفيح وهذا يهدّ ولا يبني وهذا يبيع قطعة بساكنيها لجار وذلك يفتعل مشكلة مع الجار الآخر.. وكل حسب مزاجه دون اتساق أو مراعاة لأبسط متطلبات حياة الشعب أو العلاقة المتكافئة مع الجيران أو حتى الذوق العام!. وفوق كل ذلك مطلوب من الشعب السوداني أن يسكن في هذا الشيء ويمشي في مناكبه المظلمة يباغته جدار في أنفه وتسقط قدمه في حفرة، يتنفس هواء فاسدا ينهشه البعوض والذباب ويشتمه الجيران. ومن شدة الضيق والشظف الذي عم جميع الأقاليم، يجزم كل إقليم في نفسه أن الأقاليم الأخرى حتما تعيش أوضاعا أفضل منه وأنه هو المهمّش الوحيد. ومن هنا يبدأ التوتر وتبادل الاتهامات والعراك بين السكان.. وهنا تظهر الحكومات لتلعب دور الحجّاز وأيضا الشرطي الغليظ والقاضي الذي يدين الجميع ويعاقب الجميع!!. نعم هذا بالضبط ما تفعله الحكومات المتعاقبة بالسودان وأهله. وليت المهمشون في دارفور لو رأوا إخوانهم في أقاصي الشمال وهم يزدردون جرعات من الماء العكر لسد رمق الجوع، أو تلك المرأة في غيابات الجنوب وقد نفخ مرض الفيل ساقها فلا دواء ولا حراك ولا غذاء، وذلك في الشرق وقد أكل السل رئته على رصيف الميناء لا يسأل الناس إلحافا، أو هذه الأم في الخرطوم لا تجد ماء فول تدلقه على رغيف ناشف للوجبة الوحيدة لأطفالها. لو رأوا ذلك إذن لعلموا أنهم في المحنة والتهميش سواء بسواء. أما إذا عاين كل أهل السودان جهة أقطاب الحكومات المسيطرة وزعامات الأحزاب الطائفية والعقائدية، إذن لرأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا دنيويا بناه هؤلاء بما غنموا من بين لحم وعظم كل المجتمعات السودانية.
لا زيد أن عدم التفات الحكومات المتعاقبة إلى وضع أسس راسية لإدارة البلاد وتداول السلطة يؤكد أن كل هذه الحكومات جاءت لتحكم فقط. والذي يقتنص السلطة ليحكم فقط سوف يعمل فقط على تحقيق مآربه التي دفعته لاقتناص السلطة، لذلك لن يلتفت إلى وضع أسس أو آلية قابلة للديمومة والتطور لتبادل الإدارة (الحكم)، بل يعارض هذه الآلية بشراسة. لماذا ؟ أولا لأن من يقتنص السلطة لا يؤمن بالتعاقب أصلا، ولا يريد ولا يؤمن بشيء اسمه بعده ولا يعترف بإرادة الشعب. وثانيا لأن هذه الآلية هي وحدها التي تضمن انسياب تعاقب الحكومات وفق اختيار الشعب وما يقتضيه ذلك من برامج متنافسة وتجرد وأمانة... وهلم جرا.. فلماذا يجهد أصحاب الحكومات والدبابات أنفسهم في حين أن اقتناص السلطة في السودان لا يستدعي كل هذا العنت.. أو حتى الأمانة ؟!. لذلك نستهجن ولا نستغرب أن كل حكومات السودان، بما فيها الحكومات خلال الفترات البرلمانية، تأتي وتمضي على تلك الصورة الفجائية خارج كل الأسس وآليات التداول المتعارف عليها دوليا. مجمل ما ذهبنا إليه ينتهي بنا إلي الحقيقة التي تستبطن كل شيء وهي: السودان يواجه أزمة طاحنة في آلية الحكم. وتتجسد أزمة الحكم كما رأينا في افتقار البلاد إلى آلية تداول السلطة، وهي الآلية التي غيبتها الحكومات عن سبق إصرار. وعليه فقد وصل بنا السياق حتى الآن إلى أن أزمة، أو بالأحرى محنة، غياب آلية الحكم هي النقطة المركزية التي انبثقت عنها سائر أزمات السودان. وتبعا لذلك يكون من العبث بمكان محاولة معالجة أي أزمة من أزمات السودان قبل معالجة المصدر المركزي للأزمات وهو أزمة الحكم، إذ لا يستقيم الظل والعود أعوج. والعلاج يختلف بالتأكيد عن المسكنات التي تخدر بها الحكومات أعصاب الشعب على شاكلة الاتفاقات الجانبية مثل الاتفاقات التي تزمع حكومة الخرطوم عقدها مع الجماعات الدارفورية، أو الصفقات الخطرة التي تسعى حكومة الخرطوم اليوم عقد أركانها مع الأحزاب الطائفية والعقائدية. ونقول بالصوت العالي أن لا علاج لأزمة دارفور قبل معالجة أزمة الحكم ولا علاج لها خارج إطار أزمات السودان الأخرى حتى لو أبرمت حكومة الخرطوم الراهنة اتفاقية منفردة مع كل مواطن من مواطني دارفور. فالاتفاقات المزمعة لن تكون على محصلة نتائج اتفاقات نيفاشا نسبة للاختلاف العميق بين قضية الجنوب وقضايا السودان الأخرى. وحتى في حال أن أبرمت الجماعات الدارفورية والحكومة الراهنة صفقات اتفاقات، فإنها عرضة للانهيار إما بسبب أن الاتفاقات انعقدت بين أجسام مؤقتة لا تمثل القاعدة الاجتماعية الفعلية، أو بسبب نزاعات الجماعات الدارفورية، أو بسبب مماطلة الحكومة، أو أنها لا محالة تنهار مع إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة. وللمناسبة فقد كان هنالك بعض الأمل أن تلعب اتفاقات نيفاشا دورا مهما في معالجة أزمة الحكم، لكن انكفاء الحركة الشعبية على الأمور الفرعية بعد اغتيال الدكتور جون قرنق قد بدد ذلك الدور، ولسوف نستوثق من ذلك لاحقا.
كل قضايا وأزمات السودان ترتبط عضويا بباقي أخواتها صعودا أو هبوطا لأنها جميعها تنبعث من مصدر واحد. وبسبب هذا الترابط العضوي يخطئ الكثيرون الذين يعالجون قضية دارفور أو أي قضية من قضايا السودان في معزل عن قضاياه الأخرى. يخطئون لأن عزل هذه القضية أو تلك وإخراجها عن المحتوى الوطني يزيد من تعقيداتها وينأى بها عن صيغة الحل الوطني الشامل الطريق الوحيد المفضي إلى معالجة كل قضايا وأزمات السودان. لذلك قلت في سياق سابق أن معظم أعمدة الرأي في الصحافة السودانية تسهم في تفكيك الرأي العام لأنها تتناول المواضيع الجزئية في معزل عن قضية السودان المركزية، أي قضية أزمة الحكم. كما أن توجيه النقد لأداء الحكومة يكسب الحكومة المشروعية!. فمواضيع المجاري أو انتشار الملاريا أو الحمى النزفية لا ينبغي النظر إليها ضمن إخفاقات سياسة الحكومة الراهنة، بل ينبغي تناولها ضمن كليّة عدم مشروعية الحكومة نفسها، أو على الأقل ربطها بذلك. زد على ذلك أن عزل قضية دارفور مثلا عن محتوى أزمات السودان الأخرى يصب في اتجاه "سياسة التجزئة" التي تعتمدها الحكومة الراهنة، وهي ذات السياسة التي فجرت الأزمة وفشلت في لمها ولم تزدها إلا خبالا. يكفي أن أسلوب الحكومة الراهنة قد أغرى حتى جماعات النهب المسلح أن تشرعن نفسها وترفع شعارات ومطالب سياسية أكسبتها شرعية دولية.
نعود فنجد أن كل الحكومات المتعاقبة كما تركناها وقد اشتركت في تفريخ ونشر وباء الأزمات الوطنية وفي الفشل وفي اختلاق أزمة الحكم. إذن لابد من وجود علة مشتركة تجمع بين جميع هذه الحكومات. والبحث عن العلة المشتركة يقودنا تلقائيا إلى النظر في أنماط هذه الحكومات التي تعاقبت على السودان منذ الاستقلال فنجدها ثلاث حكومات عسكرية سيطرت على البلاد قرابة أربعة عقود. وبين فجوات الحكومات العسكرية سيطر على البلاد حزبان رئيسيان هما حزبا الأمة والاتحادي الديموقراطي. والحكومات العسكرية دون نقاش هي حكومات شمولية دكتاتورية. والحزبان طائفيان، وبالتالي يخضع أتباعهما لسلطة الفرد زعيم الطائفة رئيس الحزب ومالكه الوحيد، وهي صفات كافية لنزع غلالة الديموقراطية عنهما وتلحقهما بشمولية ودكتاتورية الحكومات العسكرية. إذن الدكتاتورية والفردية هي الصفة المشتركة أو بالأحرى العلة المشتركة بين جميع هذه الحكومات. والنتيجة أن الديموقراطية هي الغائب الأكبر داخل كل هذه الحكومات مثلما هي غائبة أيضا في سلوك هذه الحكومات مع الشعب كافة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 10:35 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 10:44 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 10:48 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 11:00 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 11:15 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 11:23 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 11:30 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 12:10 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 01:20 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 01:28 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 01:37 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 01:47 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-23-08, 09:35 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | amin siddig | 01-23-08, 11:46 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-28-08, 02:11 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Ahmed Al Bashir | 01-24-08, 00:13 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-28-08, 02:16 AM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | M A Muhagir | 01-26-08, 05:15 PM |
Re: سالم أحمد سالم يشن هجوما لا نظير له على القيادات الطائفية السودانية .. | Abdel Aati | 01-28-08, 02:21 AM |
|
|
|