|
Re: اشبتاكات الدينكا والمسيرية تهدد عملية السلام (Re: فدوى الشريف)
|
إسماعيل ادم مـداد للوقت بقية... مسيرية ودينكا
امام المسيرية والدينكا، هاتين القبيلتين الراكزتين، مهمة صعبة، وهما جديران بها، طالما بقيت تحت العباءة العقل والحكمة. ليست المهمة الحرب بالطبع. فما اسهل اشعال الحرب، وما اكثرها الطرق الشيطانية الممهدة لاشعال النار في كل مكان من حولك، وفي اية لحظة، وبأوهى الاسباب. يقول جانب من المثل:ان الخراب هين، اي سهل، والحرب اقصر الطرق المؤيدة للخراب. فقط ان اطلق العنان لغرائز الشر في داخلك، واحشد ضغائنك، وكل قدراتك الشريرة، ووظفها للتدمير والقتل والحرق والسلب والنهب، وتحويل الاخضر الى يابس، ثم حرق الاثنين معا. اذاً. مهمة القبيلتين ترقد في الجانب الآخر من المثل:العمار صعب، اي البناء. عليهما ابعاد فتنة ايقظها-- الفتانون--هذه المرة، في مساحة التسامح والتعايش بين المسيرية والدينكا. بعد أن صارت فيها العلاقات بين الطرفين كيميائية من خواصها: التفاعل والتداخل والتصاهر والذوبان والبسترة، وكل هذه المفردات، حمل الفتانون، وهم فئة منا احترفت صناعة الحروب والاحتطاب لتأجيج نيرانها بين قبائل السودان، حملوا كل معاولهم وشياطينهم ودخلوا ارض الدينكا والمسيرية يهزون مواقع الهشاشة بين القبيلتين، ويوسعون الشقوق، ويضربون على الجروح حتى تنزف، ويحملون قوم بحاله مسؤولية--جنية-- ارتكبها فرد. الهدف من كل ذلك تحريك الغرائز، وتهييج العواطف في اتجاه غير صحيح.اتجاه الفعل ورد الفعل، ثم احتكاك يولد شرارة تستهدف مبنى التعايش السلمي بين القبيلتين. وفعلا اشعلوها، نيرانا ودمارا في اليومين الماضيين، بمناطق الميرم ابيي، اسفرت عن مقتل العشرات، وجرح اخرين من القبيلتين، وهناك حديث عن تحشيد بين الطرفين، متزامن مع حديث في الخرطوم عن عمل ايجابي لاحتواء الاحداث المؤسفة، والاحتمالات تنبئ بحرائق في اماكن اخرى. ولا شك ان الفتانين يتحركون الآن باقصى السرعة لتوسيع دائرة الموت والدمار بين الطرفين. من العدم يبحثون عن خصومات تستطيل جداراً عازلاً يمنع طلاقة الحياة هناك. والاراضي خصبة لنموهم في ظل توترات ابيي، والصراع حول برميل النفط. ما لم يتحرك ابناء القبيلتين، هم وليس غيرهم، ويجلسوا في منطقة لم تطلها بعد ايادي الفتانين: منطقة وللاخصومة، اومنطقة الشراكة الممتدة، ما لم يجلسوا هناك ويضعوا حدا لاعمال الفتانين، وهم مندسون بينهما واقرب اليهما من حبل الوريد، فسيأتي اليوم الذي يجلسون فيه الى رماد تعايش فخيم بناه اجدادهم، بحكمة وجدارة وعقل، وبالنظر الى افق بعيد، تتجلى فيه سيرورة العلاقة بين المسيرية والدينكا. كان الصراع في دافور بين الحكومة والمجموعات المسلحة التي قدرت بأن مشكلة الاقليم لا تحل الا برفع السلاح في وجه السلطة المركزية في الخرطوم، كان وفر مياها عكرة صالحة لنمو الفتانين، فنموا وترعرعوا، وحملوا معاولهم، وانشأوا من بين ثغرات الصراع حدا فاصلا بين الناس: هؤلاء عرب واولئك زرقة، وحرب بين هذه القبيلة واخرى جارة ، وفوضى عصية الترتيب. ربما تنبهت قبائل في دارفور، اخيرا، الى ان تعايشها بعضها البعض هو الاهم، وبمثابة قدر لا فكاك منه، وحبل متين اقوى من ان تقطعه مشروعات عابرة. وقد تثمر تلك الانتباه عن نقلة نوعية ايجابية في العلاقات ترد الكثير من مياه التعايش المسكوب. هناك--بعض--الوقت للحفاظ على ما تبقى من الماء، وهنا اغلب الوقت لدى المسيرية و الدينكا لتدارك الامور.
|
|
|
|
|
|
|
|
|