تصريحات الشريكين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، تبشر الشعب بانتهاء الأزمة بينهما عبر الاتفاق على ”مصفوفة“ أخرى تعيد جدولة ”المصفوفة“ الأولى الموقع عليها في 9 يناير 2005، وهذا شيء إيجابي نرحب به. لكن من حقنا أن نتساءل، هل الاتفاق هو المفتاح الذي سيفتح الطريق لمعالجة بؤر التأزم والتوتر الأخرى في البلاد بحيث تبدأ جماهير الشعب في التفاؤل الحقيقي بقرب الطي الكامل لصفحات الأزمة في بلادنا؟ في هذا الصدد نبدي ملاحظتين:
الأولى: صحيح أن اتفاق الشريكين يبعد شبح الحرب المرعب ويخاطب ثنائية الحرب والسلام، الحلقة المحورية في مفاصل الأزمة السودانية الممتدة منذ فجر الاستقلال. لكن هذه الحلقة هي واحدة ضمن عدة حلقات أخرى. فالسلام ووقف الحرب الأهلية في الجنوب لا يعني وقف الحرب في غرب الوطن، أو نزع فتيلها في أجزاء الوطن الأخرى. والسلام وحده لن يشبع الجوعى ويكسو العرايا ويعالج المرضى. والسلام لن يصمد أو يصبح مستداما إذا لم يرتبط بعلاج قضيتي الديمقراطية والتنمية اللتين تشكلان حلقتين أخريتين من حلقات الأزمة الوطنية في السودان. والحلقات الثلاثة: السلام، الديمقراطية والتنمية، تشكل المدخل لعلاج الحلقة الرابعة من حلقات الأزمة والمتمثلة في قضية وحدة البلاد.
الثانية: الأزمة السودانية، بحلقاتها الأربع، ليست عابرة أو مؤقتة، وإنما هي أزمة وطنية عميقة وشاملة طبعت كل أوجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية بميسمها. إنها أزمة مزمنة تمتد جذورها إلى فجر الاستقلال، لكنها تفاقمت وتعقدت بالمعالجات القاصرة والخاطئة على أيدي القوي الاجتماعية التي شكلت الأنظمة المدنية والعسكرية التي تعاقبت على الحكم طيلة الفترة الماضية. وأزمة بهذا العمق لا يمكن أن يحلها حزب واحد أو نظام شراكة كما هو الحال الآن، أو حتى ائتلاف أغلبية. إنها مهمة شعب بأسره!
ومن هنا كان تمسكنا بمشاركة كافة الأطراف في البلاد في كل شيء، في التفاوض وفي تنفيذ نتائجه. هذه هي الشراكة الوحيدة التي يمكن أن تخرج بلادنا من الأزمة.
إننا نرحب بما جاء في تصريحات الشريكين من اتجاه لابتدار مشروع للوفاق الوطني، ونرى أن مثل هذا المشروع لا يمكن اختزاله في مجرد مباركة القوى السياسية الأخرى لما سيتفق عليه الشريكان، بل الضرورة تستوجب اتفاق كافة القوى السياسية، في الحكم والمعارضة، على آلية قومية للتشاور والاتفاق حول مشروع وطني ينطلق من اتفاقية السلام الشامل والاتفاقيات الأخرى، يهدف إلى متابعة تنفيذ هذه الاتفاقيات في اتجاه تفكيك حلقات الأزمة المشار إليها.
ولعل الشروط الأساسية لنجاح مثل هذا المشروع تشمل:
• الاعتراف بأن ما يحدث في دار فور مشكلة سياسية تتطلب حلاً سياسياً قومياً بمشاركة أهالي دارفور والحركات المسلحة والقوى السياسية السودانية، وليس حلاً عسكريا.
• البدء فورا في تنفيذ كل متطلبات التحول الديمقراطي: إلغاء القوانين المقيدة للحريات، إيقاف ممارسات جهاز الأمن المتناقضة مع الدستور ومع اتفاقية السلام الشامل، حرية التعبير والصحافة، حرية التنظيم والعمل السياسي والنقابي، حرية الرأي الآخر والتعبير عنه في الليالي السياسية والندوات والمظاهرات وغيرها من أدوات التعبير والتنظيم السلمية المعلومة، صياغة قانون الانتخابات الديمقراطي.........الخ.
• تنفيذ ما جاء في الاتفاقيات حول رد المظالم وجبر الضرر.
• مخاطبة قضايا المعيشة ومعاناة الحياة اليومية للمواطن السوداني والتي تفاقمت سوءا بعد إجازة الميزانية الأخيرة.
= = = = =
السودان لكل السودانيين المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة