|
المرأة في المجتمع الجاهلي : (Re: Waeil Elsayid Awad)
|
المرأة في المجتمع الجاهلي : وكانت المرأة في المجتمع الجاهلي عرضة غبن وحيف ، وتؤكل حقوقها وتُبْتز أموالها وتُحرم إرثها وتعضل بعد الطلاق أو وفاة الزوج من أن تنكح زوجاً ترضاه(88) وتورث كما يورث المتاع أو الدابة(89) ، عن ابن عباس قال : (( كان الرجل إذا مات أبوه أو حميّه فهو أحق بامرأته ، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها )) وقال عطاء بن أبي رباح: إن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم وقال السُدّي : إن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه فإذا مات وترك امرأته فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه أو يُنكحها فيأخذ مهرها ، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها فهي أحق بنفسها(90) وكانت المرأة في الجاهلية يطفف معها الكيل ، فيتمتع الرجل بحقوقه ولا تتمتع هي بحقوقها ، يؤخذ مما تؤتي من مهر وتمسك ضراراً للاعتداء(91) ، وتلاقي من بعلها نشوزاً أو إعراضاً وتترك في بعض الأحيان كالمعلقة(92) ومن المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرم على الإناث(93) ، وكان يسوغ للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء من غير تحديد(94) . وقد بلغت كراهة البنات إلى حد الوأد . ذكر الهيثم بن عدي – على ما حكاه عنه الميداني- أن الوأد كان مستعملا في قبائل العرب قاطبة ، فكان يستعمله واحد ويتركه عشرة ، فجاء الإسلام ، وكانت مذاهب العرب مختلفة في وأد الأولاد فمنهم من كان يئد البنات لمزيد الغيرة ومخافة لحوق العار بهم من أجلهن ، ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو شيماء (سوداء) أو برشاء (برصاء) أو كسحاء (عرجاء) تشاؤماً منهم بهذه الصفات ، ومنهم من كان يقتل أولاده خشية الإنفاق وخوف الفقر ، وهم الفقراء من بعض قبائل العرب فكان يشتريهم من بعض سراة العرب وأشرافهم(95) . قال صعصعة بن ناجية : جاء الإسلام وفديت ثلاثمائة موءودة(96) ومنهم من كان ينذر- إذا بلغ بنوه عشرة – نحر واحد منهم كما فعل عبدالمطلب ، ومنهم من يقول : الملائكة بنات- الله سبحانه عما يقولون- فألحقوا البنات به تعالى فهو عز وجل أحق بهن(97) . وكانوا يقتلون البنات ويئدونهن بقسوة نادرة في بعض الأحيان ، فقد يتأخر وأد الموءودة لسفر الوالد وشغله فلا يئدها إلا وقد كبرت وصارت تعقل ، وقد حكوا في ذلك عن أنفسهم مبكيات ، وقد كان بعضهم يلقي الأنثى من شاهق(98) .
العصبية القبلية والدموية في العرب : وكانت العصبية القبلية والدموية شديدة جامحة ، وكان أساسها جاهلياً تمثله الجملة المأثورة عن العرب : ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين . وكانت في المجتمع العربي طبقات وبيوت ترى لنفسها فضلاً على غيرها ، وامتيازاً ، فتترفع على الناس ولا تشاركهم في عادات كثيرة حتى في بعض مناسك الحج ، فلا تقف بعرفات وتتقدم على الناس في الإفاضة والإجازة (99)، وتنسأ الأشهر الحرم ، وكان النفوذ والمناصب العليا والنسيء متوارثاً ، يتوارثه الأبناء عن الآباء ، وكانت طبقات مسخرة وطبقات سُوقة وعوام ، فكان التفاوت الطبقي من مسلمات المجتمع العربي . وكان الحرب والغزو مما طبعت عليه طبيعتهم العربية ، وألهمتهم إياه معيشتهم البدوية ، حتى صارت الحرب مسلاة لهم وملهى فقال قائلهم (100): وأحياناً على بكر أخينا *** إذا ما لم نجد إلا أخانا هانت عليهم الحرب وإراقة الدماء حتى كانت تثيرها حادثة ليست بذات خطر ، فقد وقعت الحرب بين بكر وتغلب ابني وائل ومكثت أربعين سنة أريقت فيها دماء غزيرة ، وما ذاك إلا لأن كليباً- رئيس معدّ- رمى ضلع ناقة البسوس بنت منقذ فاختلط دمها بلبنها وقتل جساس بن مرة كليباً ،واشتبكت الحرب بين بكر وتغلب ، وكان كما قال المهلهل أخو كليب: ((قد فني الحيان وثكلت الأمهات ويتم الأولاد دموع لا ترقأ وأجساد لا تدفن(101) )) كذلك حرب داحس والغبراء فما كان سببها إلا أن داحساً فرس قيس بن زهير كان سابقاً في رهان بين قيس بن زهير وحذيفة بن بدر فعارضه أسدي بإيعاز من حذيفة فلطم وجهه وشغله ففاتته الخيل ، وتلا ذلك قتل ثم أخذ بالثأر ونصر القبائل لأبنائها ، وأسر ونزح للقبائل ، وقتل في ذلك ألوف من الناس(102) . وكانت الحياة كلها شبكة محبوكة من تراث وثارات وفشت حبائلها في القبائل وأوصى بها الآباء والأبناء ، وحملت العيشة البدوية وقلة أسباب الحياة ، والطمع والجشع ، والأحقاد والاستهانة بحياة الإنسان على الفتك والسلب والنهب ، حتى كانت أرض الجزيرة كِفة حابل لا يدري الإنسان متى يغتال وأين ينهب . وكان الناس يُتخطفون من بين عشيرتهم في القوافل ، حتى احتاجت الدول القوية إلى الخفارة الساهرة ، والبذرقة القوية(103) ، فكانت عير كسرى تبذرق من المدائن حتى تدفع إلى النعمان بن المنذر بالحيرة ، والنعمان يبذرقها بخفراء من بني ربيعة حتى تدفع إلى بني هوذة بن علي الحنفي باليمامة فيبذرقها حتى تخرج من أرض بني حنيفة ثم تدفع إلى تميم وتجعل لهم جعالة فتسير بها إلى أن تبلغ اليمن وتسلم إلى عمال كسرى باليمن(104).
ظهر الفساد في البر والبحر : وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة صالحة المزاج ، ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة ، ولا حكومة مؤسسة على أساس العدل والرحمة ، ولا قيادة مبنية على العلم والحكمة ، ولا دين صحيح مأثور عن الأنبياء .
لمعات في الظلام : وكان النور الضعيف الذي يتراءى في هذا الظلام المطبق من بعض الأديرة والكنائس أشبه بالحباحب الذي يضيء في ليلة شديدة الظلام فلا يخترق الظلام ، ولا ينير السبيل ، وكان الذي يخرج في ارتياد العلم الصحيح ، وانتجاع الدين الحق يهيم على وجهه في البلاد ، ترفعه أرض وتخفضه أخرى ، حتى يأوي إلى رجال شواذ في الأمم والبلاد ، فيلجأ إليهم كما يلجأ الغريق إلى ألواح سفينة مكسرة ، هشمها الطوفان ، يدل على ندرتهم خبر سلمان الفارسي أكبر الرواد الدينيين في القرن السادس الذي شرق وغرب في الفحص عنهم ، ولم يزل يتنقل من الشام إلى الموصل ، ومن الموصل إلى نُصيبين ، ومن نصيبين إلى عمورية ، ويوصي به بعضهم إلى بعض ، حتى أتى على آخرهم فلم يجد لهم خامساً ، وأدركه الإسلام في هذا الظلام ، قال سلمان : (( لما قدمت الشام ، قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الأسقف في الكنيسة ! قال فجئته ، فقلت : إني قد رغبت في هذا الدين ، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك ، قال : فادخل ، فدخلت معه ، قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ، فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورِق، قال : وأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء ، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ، ولم يعط المساكين منها شيئاً ، قالوا : وما علمك بذلك ؟ قال قلت : أنا أدلكم على كنزه ، قالوا : فدلنا عليه ، قال فأريتهم موضعه ، قال : فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً ، قال : فلما رأوها ، قالوا : والله لا ندفنه أبداً ، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ، ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه ، قال : يقول سلمان: فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه وأزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة ولا أدأب ليلاً ونهاراً منه ، قال : فأحببته حباً لم أحبه من قبل وأقمت معه زماناً ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له يا فلان : إني كنت معك وأحببتك حباً م أُحبه من قبلك ، وقد حضرك ما ترى من أمر الله ، فإلى من توصى بي ، وما تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما اعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه ، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان ، فهو على ما كنت عليه فالحق به ، قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل ، فقلت له : يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنك على أمره . قال : فقال لي : أقم عندي ، فأقمت عنده ، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه ، فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة ، قلت له : يا فلان ، إن فلاناً أوصى بي أليك وأمرني باللحوق بك ، وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به ، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي ، قال فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه ، فأقمت مع خير رجل ، فو الله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له : يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني والله ما نعلم أحداً بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية فإنه بمثل ما نحن عليه ، فإن أحببت فأته ، قال : فإنه على أمرنا ، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية ، وأخبرته خبري ، فقال : أقم عندي ، فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم . قال : واكتسبت كان لي بقرات وغنيمة ، قال : ثم نزل به أمر الله ، فلما حُضِر قلت له : يا فلان ، إني كنت مع فلان ، فأوصى بي فلان إلى فلان ، وأوصى بي فلان إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني ، والله ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى ، يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل )
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-22-07, 12:25 PM |
العصر الجاهلي | Waeil Elsayid Awad | 12-22-07, 12:27 PM |
الانحلال الاجتماعي والقلق الاقتصادي | Waeil Elsayid Awad | 12-22-07, 12:33 PM |
بين اليهود والمسيحيين | Waeil Elsayid Awad | 12-22-07, 02:04 PM |
Re: بين اليهود والمسيحيين | سيف النصر محي الدين محمد أحمد | 12-22-07, 11:13 PM |
Re: بين اليهود والمسيحيين | Waeil Elsayid Awad | 12-23-07, 04:31 AM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | الزوول | 12-23-07, 05:50 AM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-23-07, 11:37 AM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Sabri Elshareef | 12-23-07, 08:21 AM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-23-07, 12:24 PM |
نواصل | Waeil Elsayid Awad | 12-23-07, 12:31 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | العوض المسلمي | 12-23-07, 01:06 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-23-07, 01:26 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | مهيرة | 12-23-07, 04:44 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-24-07, 04:26 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Sabri Elshareef | 12-23-07, 04:31 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Sabri Elshareef | 12-23-07, 04:51 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | سيف النصر محي الدين محمد أحمد | 12-23-07, 10:26 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | سيف النصر محي الدين محمد أحمد | 12-23-07, 10:58 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-24-07, 04:31 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-24-07, 04:19 PM |
المرأة في المجتمع الجاهلي : | Waeil Elsayid Awad | 12-24-07, 03:05 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Elawad | 12-24-07, 04:03 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Waeil Elsayid Awad | 12-24-07, 04:22 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | الزوول | 12-24-07, 04:41 PM |
Re: ماذا خسر العالم بأنحطاط المسلمين | Elawad | 12-27-07, 08:34 PM |
الفصل الثاني | Waeil Elsayid Awad | 12-28-07, 05:56 PM |
من الجاهلية إلى الإسلام | Waeil Elsayid Awad | 12-29-07, 07:22 PM |
الفصل الثاني | Waeil Elsayid Awad | 12-30-07, 03:27 PM |
|
|
|