د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-السبت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 02:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-30-2007, 04:47 PM

على عمر على
<aعلى عمر على
تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 2340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا (Re: على عمر على)

    المثقفون المصلحون
    د.التجاني عبدالقادر


    يسألني كثيرممن يلقاني من اخواني واصدقائيالقدامى - الذين تفرقت بهم سبل السياسة - واين أنت؟ يقصدون بذلك اين موقفي منالصراع الذي نشب وتطاول بين الاسلاميين في السودان. فكنت اجيب احيانا واسكت عنالاجابة في اكثر الاحيان، ليس تخوفا من فوات حظ او تطلعا لاقتناص فرصة (مع ان النفسالانسانية لا تنفك عن حظوظها الخاصة - كما يقول الامام الغزالي) ولكن لاني كنت ولمازل ابحث عن ارض صلبة اقف عليها، وعن حجة بينة القى الله بها، اذ لا يمكن من بعدالعواصف المزلزلة ان يكتفي الانسان بالبحث فقط عن (خيامه) القديمة، ولكن ينبغي قبلذلك ان يفحص (الاوتاد) التي كانت تشدها الى التربة، فلربما اصابها عطب، او لربمايتوجب عليه ان يفحص (التربة) نفسها، فقد تكون هي التي تصدعت ومهدت الطريق الىالعاصفة، على انه وقبل فحص الخيام والاوتاد والتربة يحتاج المرء ان ينظر في نفسه،فقد يكون هو مصدر العطب والخراب، وما العواصف السياسية والخلافات التنظيمية الامظاهر سطحية لداء دفين في نفوس الافراد.
    فالسؤال اذن لاينبغي ان يقف عند (اينانا) وماهو ما سأجيب عليه لاحقا ولكن ينبغي ان يتجاوز ذلك الى (من أنا) وهذا ما لاتحسن الاجابة عليه دون رجوع الى شئ من التاريخ الاجتماعي، فهناك توجد الخلية الاولىالتي نشأت فيها واعطتني اسما وشكلا ولغة ودينا.
    وهي المعطيات التي صارت عناصراساسية من بين العناصر المكونه لهويتي فانا من حيث الشكل واللون سوداني - افريقي،ومن حيث اللغة عربي، ومن حيث العقيدة مسلم، وتشدني الاسرة من حيث الانتماء الصوفي -الى الطريقة التيجانية. وتصلني السياسة بالحركة الاسلامية، وتصلني المهنة بالفلسفةوالفكر السياسي وهلمجرا.
    ولكن هذه العناصر فوق انها ليست متساوية القيم والاهميةفهي ايضا لا تمثل كل العناصر المكونة لهويتي، اذ كنت كلما بلغت مقاما من مقاماتالرشد احذف واضيف، واخفض واعلي بعضا من هذه العناصر، فكم من إنسان غير اعتقاده وبدلاسمه واعرض عن عرقه وطريقته، مما يؤكد ان الانسان لايصير انسانا بالموروثاتالاجتماعية وحدها، ولكنه يصير انسانا عن طريق الوعي والارادة، فالانسان هو منيستطيع ان يميز العناصر (القلب) المكونة لجوهره، فيرفعها الى قمة هرمه التقديري،ويدرك العناصر الاخرى الثانوية فيضعها في منازلها، وانه وبمثل هذا الوعي بالذاتوبقيمتها وبمكانها بالنسبة للآخرين يصير الانسان قادرا على فحص الذات ونقدها،وقادرا على فحص انتماءاته الموروثه، وقادرا وهذا هو الأهم على خرق التصورات النمطيةعن الآخرين (Stereotypes) وتجاوزها عبر حوار يساعد على إنشاء انتماءات جديدة منخلال الصورة التي يرسمها لنفسه والصور التي يرسمها للآخرين من حوله. فمثل هذهالانتماءات الجديدة - التي تتجاوز المكان الجغرافي والنسب العرقي هي التي تفتح افقاارحب للتطور الاجتماعي السلمي وتلك هي صناعة النفر من الناس الذين يقال عنهممثقفون، واذا سئلت من انا فسأقول انني انتمي الى هذا الصنف من الناس الذين لا يقطعاحدهم انتماءاته الموروثه ولكنه مع ذلك يحتفظ ببعد نقدي يمكنه من مراجعتها ونقدهاوبشجاعة تمكنه من النظر في موروثات الآخرين والتحرك في الفضاء الانساني بقلب مفتوحيبحث عن الخير المشترك بين الناس والحق الموزع على المصادر، ولكن من من الناس يسعىلاعادة تحديد هويته ورسم صورته، ورفض الصور الجاهزة التي يصنعها له المجتمع،والادوار المعدة التي يحشره فيها السياسيون اوتطوقه بها الوظيفة؟
    وإني لأظن انالفشل الذي اصاب التنظيمات السياسية في بلادنا (ومن بينها التنظيمات الاسلامية)يرجع الى عجزنا نحن المثقفين في هذه الناحية، ولا يوجد من يماري الآن ان اوضحماكشفته الازمة الاخيرة التي شهدتها الحركة الاسلامية السودانية هي عجز مثقفيها علىقلتهم عن تحديد هوياتهم وقبولهم بالادوار الجاهزة التي يرسمها لهم السياسيونوالتجار ورجال الامن. قد يرجع ذلك لاسباب تتعلق بالنشأة والتنشئة السودانية القرويةالكافة عن السمعه والاعلان، فلا يستطيع احد تأدب في تلك البيئة ان يدخل في عملياتالتسويق والترويج التي تتطلبها الحياة المدنية المعاصره، او قد يرجع للطرد المركزيالذي تحدثه بؤر السياسة والاقتصاد. وكيفما كان الامر فقد اختفى المثقف الاسلامي خلفالوظيفة او خلف التنظيم فانقطع عن الناس فصاروا لا يرونه الا من خلال الصورة التيصنعها له التنظيم وألبسه لها السياسيون. ولما لم يقم المثقفون الاسلاميون بتعريفانفسهم، ولم يرسموا صورهم ويثبتونها على جدران العمل الاسلامي الوطني، فقد صارواغير موجودين في بيروقراطية التنظيم، وغير موجودين في بيروقراطية الدولة الا كمايوجد مترجم الملك يستدعي للخدمة في حضرة الاجانب ويستغنى عنه بانتهاء مراسيمالزيارة.
    فبيروقراطية الحزب وتجاره سواء في ذلك الاسلاميون وغيرهم - لا يريدونالمثقفين الا أدوات فنية تستخدم في تحقيق مشاريع لم يشاركوا في صناعتها ولا يعرفونغاياتها، اما اذا استعصى احدهم اواستعصم فسيكون مصيره التغييب، كأن يغيب عن الحزبوعن الدولة او عن الوطن ذاته، فلا يسمع له صوت ولا ترى له صورة.
    ولعلك تدرك منهو المستفيد من تغييب (او تفقير او تهجير) هؤلاء، فغيابهم يجعل التنظيم/الحزب فيحالة من غياب الذاكرة، وهي الحالة المثلى التي يستطيع فيها السياسي المحترف،والكادر الامني، والبيروقراطي الفارغ، والتاجر الكذوب ان يتقلبوا بين الافكاروالمواقف دون مواربة او حرج، في انتهازية لا يحدها حد، لان الجماعة السياسية التييغيب مفكروها او مثقفوها، ستغيب عنها الذاكرة وتكون كمن ولدت البارحة، لا تثبتاقدامها الا اذا اتكأت على أب - شيخ.
    ان بداية الاصلاح تكون بالخروج على هذاالمألوف، وبظهور صريح للمثقفين المصلحين على ساحات العمل الوطني الاسلامي حتىيتمكنوا من اعادة تعريف انفسهم بانفسهم وازاحة الصور القديمة عنهم، اذ انه بدونتعريف للذات لن يكون هناك شعور بها، والشعور بالذات هو بداية للوعي المفضي للحركة،كما انه من حق المثقف ان يكون حرا في رسم صورته وفي رسم صورة المجتمع الذي يريد،اما اذا حرم من ذلك الحق، او ا ختار ان يدخل في صورة رسمها له الآخرون فقد فقد حقهفي الحياة.
    فمن هم المثقفون؟
    وماهي الصورة التي يودون ان يعرفوا من خلالها؟وما هي صورة المجتمع الذي يريدون؟
    نقصد بالمثقفين/ المفكرين اولئك الذين يهتموناهتماما خاصا بتحصيل المعرفة وانتاجها والتعبيرعنها، ويجتهدون في سبيل ذلك للاتصالبمصادر تتجاوز تجاربهم الشخصية المباشرة وذلك بقطع النظر عن المهن التي يشغلونها،فاذا صار احدهم موظفا في مكتب او مهندسا في مصنع فذلك لا يعني انه لم يعد مثقفامفكرا اصيلا فالمثقف يعرف بالدور المعرفي الاجتماعي الذي يضطلع به وليس بالمهنة اوالنشاط المحدود الذي يتحصل عن طريقه على معاشه.
    ولا يكون الانسان مثقفا مفكراًلتعاظم ألقابه العلمية، ولكن يصير كذلك حينما يتجاوز مرحلة التستر بالشهاداتوالتكاثر في المعلومات ويدخل مرحلة توليد الافكار ونقدها وصياغتها وتنميتهاوالتعبير عنها. فالمثقف ليس هو فقط من يلاحظ ويشاهد الازمات والتفاعلات الاجتماعيةمن حوله، ولكن المثقف من يحاول ان يصنع مفهوما او نسقا من المفاهيم يحاول من خلالهاتعقل الظواهر وقراءتها، اي فك هذه الظواهر عن تجسدها الاجتماعي - التاريخي ورفعهاالى أطر الانشاءات الذهنية ليتمكن بذلك من وصلها بما تراكم لديه ولدى غيره من خبراتومعارف، فيصير بذلك اقدر على فهم خصائصها وتوقع تفاعلاتها ومآلاتها، فيتمكن منالاشارة الى طرائق التحكم فيها - تحكما يتضمن الخروج من الازمة علاجاواصلاحا.
    ولكن من اين يستمد المثقف مفاهيمه التحليلية والتركيبية؟ هل هناكترسانه ابستمولوجية يمكن للمثقف ان يستورد منها ما يحتاجه من مفاهيم؟ ام انه يتوجبعليه ان يستولدها استيلادا؟ ان قليلا من المثقفين السودانيين من يأبه لتوليد مفهوميتمكن من خلاله ان يصف الواقع الاجتماعي السوداني، وانما يعتمد اكثرهم على استجلابالمفاهيم الجاهزة التي انتجت من واقع آخر بعيد كاستجلابه البضائع والصناعات والتحف.فاذا لم تتأتى للمثقف خصوبة فكرية ومعرفية مستقلة تمكنه من تجريد الواقع ولإنشاءصور ذهنية بديله له فلن يعدو ان يكون مستهلكا مثل سائر المستهلكين، وهذا يعني انالمثقف ذاته - وليس السياسي وحده - ينطوي على ازمة عميقة تظهر في خطابه الفكري حيثيكون فاقدا للوضوح النظري وعاجزا من ثم عن القراءة الصحيحة للاحداث من حوله اواتخاذ موقف منها. وسينعكس كل ذلك على سائر ممارساته السياسية والاجتماعية.
    علىان الاتصال بعالم الافكار وحده لا يكفي. فالمثقف لا يتصل بعالم الافكار لينحبس فيهاوانما يجتهد في ان يصل الفكرة بالعمل - عملا في النفس من الداخل - وعملا في المجتمعمن الخارج - عملا في سياسة النفس لالزامها بالفكرة.عملا في سياسة المجتمع لدفعهنحوالمثل العليا. وتلك حالة تورث قدرا من التوتر ولكنه (توتر مبدع) لا بد للمثقف انيعيشه، شأنه في ذلك شأن الصوفي في خلوته وجلوته.
    وهذا يعني ان الفعل الثقافي لهاطاران: نفسي/ باطني، ومجتمعي/ خارجي. اذ يتوجب على المثقف المفكر بعد قيامهباقتناص الفكرة او توليدها ان يقوم ايضا باستبطانها وذلك يعني ان تتجاوز الفكرةالسطح المعرفي لتدخل في محاورة باطنيه صامته مع المعطيات النفسية للمثقف لا يراهاولا يسمعها الآخرون، ولكنها محاورة تتوقف عليها حياة المثقف وفاعليته، فالمثقف الذيلا تلامس افكاره شغاف قلبه، ولا تصل الى اعماق وجدانه، مثقف هامشي لن يتجاوز السطحالمعرفي والاجتماعي إلا كما تتجاوز القصبة الخاوية السطح المائي، وهذا الاطار/الباطني هو المجال (اليمين) الذي تتصل فيه المعرفة بالروح، والفلسفة بالتصوف،فيصيرالمثقف روحانيا صوفيا بما يتسنى له من تملك لزمام نفسه يرفعه الى مقام الشهادةعلى النفس والولد والاستعداد لمفارقتهما والعيش منفردا، ولا يشهد على نفسه وولده انيبدي استعدادا لمفارقتهما الا شخص عرف الحق وتذوقه وصابر على ذلك وهي التجربةالروحية المستمرة التي يعرفها كل مثقف حق مهما كان اعتقاده، وهي التجربة ذاتها التييتضمنها مفهوم التزكية القرآني، فهذاالاتصال بين الفكر والروح هو الذي يوفرالمشروعية الاخلاقية والمصداقية العملية التي لا بد منها لاي مشروع من مشاريعالاصلاح والتنمية.
    وكما اوجبنا على المثقف استبطان افكاره، فانا سنوجب عليه منناحية اخرى ان يستظهرها اي يصلها بالواقع الاجتماعي من حوله، فذلك هو الموقع (اليسار) الذي تتصل فيه المعرفة بالقوة، والفكر بالسلطة، والمثقف بالسياسي، اذيترتب على المثقف الذاكر الا ينحبس في دهاليز نفسه، ولكن عليه ان يسعى بصورة مستمرهللاشتباك مع الواقع الموضوع، والى الالتحام مع الآخرين، مناهضا الحدود العرقيةوالجغرافية والآيديولوجية، باحثا عن القدر المشترك من الحق والخير ليكون مع اولئكالآخرين الصالحين طليعة اصلاح تتفشى في البيئة المحيطة بها فتوفر ديناميكية للتغييرالاجتماعي السياسي.
    وهنا ينقسم المثقفون الى فئات كثيره، فمنهم المثقفون (الخفاف) الذين تتحول المعرفة عندهم الى صناعة لفظية وشهادات ورقية يتحصلون منخلالها على معاشهم الدنيوي، وينالون بها حظا في البريق الاعلامي. ومنهم المثقفونالنافرون المهاجرون، يفر احدهم من المستنقع السياسي بحثا عن الكرامه والحريةوالاستقلال المادي - وهو بحث مشروع - ولكنه قد ينتهي في مخيمات النفط حيث تستغلالابدان وتكمم الافواه، فلا وطنا ابقى ولا استقلالا ماديا انجز، ومنهم المثقفون (الفنيون) يوظف احدهم تدريبه العلمي وخبرته الفنية لخدمة السياسي، خدمة ينفصل فيهاالنشاط الاداري عن غاياته البعيدة واهدافه القصوى، فالمثقف الفني يتصل بجهاز الدولةاتصالا عضويا لا ينفك عنه بتغيير السياسات الجزئية او الرؤى الكلية. بل انه يتلونلكل سياسة بما يناسبها ويقدم لها ما تحتاجه من وسائل التنفيذ والتمكين، هؤلاء ليسواهم المثقفون الحقيقيون الذين نقصدهم ونسألهم صياغة (الرؤية) الجديدة والتعبير عنها.فهؤلاء قد تراجعوا من افق الالتزام الاجتماعي الوطني الى الاطار الذاتي، ومنالمسؤولية الاخلاقية العامة الى الخصوصيات المهنية والفئوية، ومن الاستقلال الفكريالى تبعية القوى المتنفذه سياسيا واقتصاديا، وعندما (يتراجع) المثقفون الى محاضنهمالعرقية وخصوصياتهم المهنية تخلو مواقع الإمامة الفكرية والسياسية ويكون ذلك ايذانابالانهيار الاجتماعي.
    على انه لاينبغي ان يفهم من هذا ان المثقف يمثل قوة مستقلةعن القوى الاجتماعية الاخرى او متعالية عليها. ولكن فحوى القول هو ان المثقف لاينبغي ان يستمد قوته من المؤسسة السياسية، ولا من تبعيته لاحد الشرائح الاجتماعيةالتي تمسك بتلك المؤسسة وتوزع من خلالها الامتيازات، وانما ينبغي ان يستمد قوته منقدرته واستقلاله الفكري، ومن موقفه الاخلاقي، ومن فاعليته الاجتماعية، فالفهموالمواقف والفاعلية هي منابع قوته الذاتية، والفرق بين انواع المثقفين لا يرجع الىالقدرة او ا لعجز في تحليل الظواهر والافكار، فما من مثقف الا وهو اخذ بنصيب من ذلك - قل اوكثر ولكن الفرق يرجع الى دائرة الصدقية الاخلاقية او الى دائرة الفاعليةالاجتماعية. ثم ان هاتين الاخيرتين - الصدقية والفاعلية - هما اللذان يؤهلان المثقفليكون عنصر تأليف وتكتيل وتنظيم لسائر القوي الاجتماعية،ولكن لن تكتمل للمثقفين هذهالاهلية الا بأمور، منها:
    1/ ان يحسوا بذواتهم المستقلة فيفكوا الارتباطاتالعضوية بالمجموعات الاخرى، اذ لن يكون المثقف مثقفا حقا ان لم يحتفظ ببعد نقديبينه وبين عشيرته القريبة وقبيلته المحيطة، وقياداته السياسية التاريخية، ذلك لانهبدون هذا البعد النقدي فلن يكون في مقدور المثقف ان يسهم في عمليات الاصلاحوالاحياء التراثي او في عمليات التجديد والتحديث، اي انه سيكون فاقدا لشجاعة النظرفي معطياته الثقافية وقناعاته الآيديولوجية، وسيعجز عن نقدها وفحصها، والاعتراف بمافيها من ضعف وقصور، كما سيكون فاقدا لشجاعة النظر في المعطيات الثقافية (للآخرين)والاقرار بالقدر المشترك فيها من الحق والخير والجمال، فيفوت بذلك كل فرصة لايجاداطر مفتوحة للحوار والتعايش الانساني السلمي.
    2 - ان ينشئوا قنوات حقيقيةللتواصل والحوار بينهم، فلقد اضر بالمثقفين انهم لايعرفون بعضهم البعض - لا اقصدمعرفة الاسماء والالقاب ولكن معرفة الافكار والرؤى، فاذا تم اتصال فكري حقيقي بينهمفقد يكتشفوا ان المشكل الوطني (الاجتماعي والسياسي) الذي يهمهم جميعا لا يمكن انيحل بان ينحبس كل فريق منهم في (صندوقه) الخاص، ان الخروج من الصناديق بكافةاشكالها العرقية والآيديولوجية هي بداية الطريق نحو الاصلاح والنهضة الشاملة.
    3/ ان ينشئوا قنوات جديدة حقيقية للتواصل مع الجمهور العريض الذي ظل يتململ تحتقياداته التاريخية العاجزة الفاشلة وقياداته الجديدة الانتهازية الفارغة، فلايكفيان يتناجى المثقفون مع المثقفين بينما تنحدر قطاعات المجتمع الى مستنقع الحروبالعرقية فلا تجد هاديا ولا ناصحا الا السياسيين الانتهازيين وتجارالاسلحةوالدمار.
    فاذاتوفرت هذه الامور المفضية الى الاهلية الفكرية، والاخلاقية فسيكونفي مقدورنا ان نجيب على سؤال (من نحن؟) فنحن لا تعني فردا فقيها يطل على الناس منحين لآخر بفتوى لان مثل هذه الامور لا تعالج كما هو معلوم بفتوى متعجلة يصدرها فقيهواحد، او برأي فطير يقول به مفكر منعزل، وانما تحتاج الى جماعة من المفكرين يعملونفي صمت وصبر في إطار مشروع من اجل وضع تصور للمستقبل البديل، يمكن ان تنبثق منه خطططويلة المدى وسياسات محدودة الآماد والآجال والأقدار.
    وهذه الجماعة لا يراد بهابالطبع ان تكون «تنظيما» جديدا يزاحم التنظيمات القائمة، او حزبا سياسيا يسارعالخطو نحو مواقع السلطة، ولكنها جماعة يؤلف بينها ايمان بالنظام الاسلامي عقيدةوالتزام بالمنهج العلمي وسيلة، وتضم في صفوفها المثقفين الذاكرين الذين يجمعون بينالاهلية الاخلاقية والعلمية، ينتدبون انفسهم لتركيب رؤية جديدة للمستقبل الاسلاميفي السودان، فاذا تمت صياغة تلك الرؤية الاصلاحية الجديدة، فستتبع ذلك الدعوةللالتفاف حولها فمن قبل (من اطراف النزاع الراهن) ينال تأييدنا ودعمنا ايا كانموقعه في الحياة العامة، وهذا يعني (ضمن امور اخرى كثيره) ان تكون هذه الجماعةبمثابة مساحة عامة ثالثة يمكن ان تتولد فيها خيارات، وتقدم منها مبادرات ويلتقيفيها عدد من المثقفين ممن يتوفر فيهم التحرر من التبعية الذهنية والعصبية التنظيميةممن لم ينغمسوا في النزاع الراهن.
    ثم ان هذه الجماعة الاصلاحية لا تعني طبقة منرجال الدين - كما يظن من يخالفنا الرأى ولا هي فئة من اصحاب الشهادات العلياالباحثين عن رواتب او مناصب، ولكنها مجموعة من المثقفين المسلمين الذين رسخ احدهمبحكم تخصص دقيق اوخبرة او تدريب مهني في مجال من مجالات المعرفة والحياة، او مجالاتالفنون، وصارت له قدرة على الانتاج المعرفي وتوفر لديه مع ذلك التزام بقيم الدينورغبة في تنمية وتطوير الوطن، فهؤلاء بقطع النظر عن مواطنهم الجغرافية ومواقعهمالوظيفية يمكن ان يتداعوا لتشكيل جماعات علمية قادرة على بناء رؤية اسلامية بديلة،قادرة، وهذا هو الاهم - على تفكيك وتعرية المسلمات الهشه والمزاعم السائدة، فينفتحالافق لطرح خيارات في الرؤى، وخيارات في الخطط وخيارات في القيادة تدور حولها عمليةالشورى، مما قد يؤدى بصورة طبيعية الى تفعيل الحركات الاسلامية والى تفعيل المجتمعالمدني الاسلامي، لينهض بمسؤولياته ويحقق ارادته من خلال التنظيمات والمؤسساتوالعلاقات التي يريد ولا نعرف في التاريخ مجتمعا تطور دون ان يتقدمه نفر منالمثقفين الذين يقومون بمثل هذه العمليات الحفرية العميقة.
    ومانقول به هنا ليسبدعا، ففي الدول الغربية الحديثة التي تقدمت علينا في مجالات التخطيط والإدارة توجد (مصانع) خاصة لتوليد الافكارثم نوجد (نحن) من بعد ذلك لنشكل حقولا حية تجرب فيهاالافكار والنظريات.
    وما لم نشرع بدورنا في القيام بعمليات مماثلة - ليس على سبيلالمحاكاة والتقليد فقط - ولكن على اساس من قناعة ذاتيه وايمان عميق بأهمية الافكاروبأنها تسهم في تغيير الواقع وصناعة تاريخنا.


    *استاذ العلوم السياسيه والمفكر الاسلامي المعروف
    http://www.bashaer.org/vb/showthread.php?t=1257
                  

العنوان الكاتب Date
د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-السبت على عمر على07-29-07, 03:41 PM
  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-29-07, 03:43 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-29-07, 03:47 PM
      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 02:30 AM
        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 01:46 PM
  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا عز الدين بيلو07-30-07, 01:53 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 02:20 PM
      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 02:23 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-04-07, 02:13 PM
  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 02:30 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 04:47 PM
      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 07:55 PM
        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 07:58 PM
          Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 08:01 PM
            Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 08:03 PM
              Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 08:06 PM
                Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-30-07, 08:08 PM
                  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 00:56 AM
                    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 00:58 AM
                      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 01:01 AM
                        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 01:05 AM
                          Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 01:07 AM
                            Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 01:09 AM
                        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Mohamed Algzly07-31-07, 01:13 AM
                          Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا عبدالعزيز حسن على07-31-07, 12:13 PM
  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 02:09 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 04:31 PM
      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 04:35 PM
        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على07-31-07, 08:23 PM
          Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Kostawi07-31-07, 09:11 PM
  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا عمر ادريس محمد07-31-07, 10:18 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Kostawi07-31-07, 11:05 PM
      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا عبدالعزيز حسن على08-01-07, 04:08 AM
        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-01-07, 12:02 PM
          Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-01-07, 02:21 PM
            Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-02-07, 02:43 PM
        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-04-07, 02:21 PM
  Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Anwar Elhaj08-02-07, 03:33 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Kostawi08-02-07, 03:46 PM
      Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-02-07, 06:13 PM
        Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-02-07, 11:38 PM
          Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Osman Musa08-03-07, 03:24 AM
            Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا Kostawi08-03-07, 04:35 PM
    Re: د التجاني عبدالقادر يناقش تجربة الحركة الأسلامية فى السودان -منتدي الجالية الثقافى واشنطن-ا على عمر على08-04-07, 02:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de