|
|
 Re: نحو اصلاح دينى اسلامى (Re: omdurmani)
|
الاخ بكري والزملاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفاءً لما وعدت به من عودة لتناول هذا الموضوع الحيوي ، الذي يكثر الحديث حوله ، خاصة في هذا البورد ،.. فانني اعود ، مشيراً الى أن طرح هذا الأمر يعد مخالفا لقوانين البورد المعلنة ، وذلك لتكرار طرحه ( بمفاصل شتى غايتها واحدة : طلب تجاوز الصيغة الاصلية لهذا الحنيف) من جانب كثيرين من قبل ومن بينهم الاخ الكريم اتبراوي مثلا وغيره .
ولكن طبعا من حق بكري ابوبكر ان يخالف قوانين بورده ، وعلينا السمع والطاعة والا فنحن نهرب من مقارعة الحجة بالحجة ، كما يقال في مثل هذه الاحوال غالباً ، حتى لو كانت هذه المقارعة ألف مرة في في المنبر نفسه...
كما يهمني ان ألفت النظر الى أن دعوات من هذا النوع ( الاصلاح الديني ) سوف تتصاعد وتتزايد في الايام المقبلة ، وهي جزء من الحملة الامريكية حيث من الصعب اعتبار هذا التزامن بمحض المصادفة ، فقد يظن البعض ان الوقت يعتبر مناسبا للحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات الشرعية في ظل الحملة الامريكية والغربية التي تتذرع بالارهاب ، فتستهدف الاسلام ( الحقيقي الأصلي الموروث كما هو منذ منبعه) والذي لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، أقصد الصيغة المحمدية للاسلام ، حسب ما فهمها الصحابة الكرام وتابعوهم باخلاص وتسليم( كتاب مبين وشافٍ ومباشر ، وكذلك سنة مبينة بسيطة ومباشرة ، ونماذج شديدة التأثير : صحابة مؤمنون حقاً غير متحذلقين ولا ادعياء ذكاء يريدون مرضاة الله فحسب ويريدون الآخرة فيطلقون الدنيا بالثلاث) وهذا هو المطلوب بالضبط من كل واحد منا، وليس ما يزعمه البعض من تطويع للدين من أجل تلبية عرض الحياة الدنيا .
في الحقيقة فان الذين يريدون تكييف دين الله/ عبادة الله حسب ظروف الدنيا كمبدأ عام لهم ، هؤلاء بؤساء أشد البوس ، لسبب بسيط جدا، مفاده أنهم لايعرفون المطلوب منهم ، هذا طبعا لو افترضنا أنهم مؤمنون بالله وبرسالة الاسلام ومخلصون في هذا السياق فعلا ، ويخافون جديا من يوم الحساب.. ذلك لأن فلسفة الدين قائمة على فكرة غاية في الوضوح ( وهذا هو المطلوب منهم فهمه ): أن الدنيا بكل ما فيها من امكانات خلقت لنا، وأما نحن فخلقنا للآخرة !! ، وهنالك كثير جدا من الاحاديث القدسية والاحاديث النبوية التي تؤكد هذه الفكرة الاساسية لفهم مقصد الدين .
الله يريد منا ان نعبده ولا نشرك به ( شيئا ) ولكن بالطريقة التي شرعها لنا هو وطبقها وعلمنا اياها رسوله الكريم .
هذه العبادة المطلوبة تنقسم الى الآتي: طقوس عبادات، وائتمار بأوامره وانتهاء عن نواهيه وتوكل عليه حق التوكل .. وكل ذلك يتطلب اخلاص النية له سبحانه وتعالى وحده في القول والعمل. ومن هنا يجري التركيز النبوي على تعزيز اليقين على الكلمة الطيبة : لا اله الا الله محمد رسول الله.
ولا اله الا الله تدل على نوعين من التوحيد لابد من توفرهما لدى المسلم حتى تسهل عليه سائر العبادات فلا يحتاج الى ( اصلاحها ) ولا يتذمر منها أويجدها عكس هواه فيدعي ان الزمان والعصر قد تجاوزها وانها عبادات او شرائع متخلفة.. لاحول ولا قوة الا بالله !.
النوع الأول هو توحيد الالهية : أي لا معبود بحق الا الله
والثاني هو توحيد الربوبية : حيث لا رازق لا نافع لا ضار لا معطي ولا مانع، الا هو سبحانه وتعالى ، ولا يتحرك شئ ولا يسكن الا باذنه تعالى وعلمه ( الله الصمد)
وبناء على ذلك فان الشرك بالله من هذه الزاوية نوعان : شرك ألوهية وشرك ربوبية ، ..وطبعا النوع الأول ليس موضوعنا هنا و يندر ان تجد احدا – في بلاد المسلمين -يعتقد بأن الأله الذي يستحق العبادة هو هذا الصنم أو ذلك الجد أو تلك الروح او الشيطان الخ هذه باتت تعد محض سذاجة بالنسبة لنا نحن المسلمين ، وهي موجودة في اماكن اخرى ، وان تواجدت عندنا فمن باب سبيل الاستثناء.
وبالتالي لا يهمنا من هذا النوع من الشرك سوى ان من شروط ايماننا بالله الهاً واحداً يعبد بالحق .. ان نطيع أوامره وننتهي عن نواهيه حسب ظاهر الكتاب والسنة وليس بالتأويلات التي نخترعها لأنفسنا ثم نسندها الى الله ولم ينزل بها سلطاناً ، فنحن نعبد اي نطيع الله بما نقل عنه رسوله صلى الله عليه وسلم وليس بأن نخالف النبي (ص) ونخالف القرآن بدعوى اصلاح الاسلام ، وكأنما هو معطوب أو تعوزه الصيانة !! هذا كلام عجيب ومعيب!.
.. انه موقف ربما يدخل في الشرك طالما هو رأي يتشكك في قدرة الله على وضع شرائع تتمتع بالصمود والديمومة دون ان تبلى او تعجز عن مناسبة المتغيرات وذلك في كتابه المبين الى يوم الدين ومن خلال سنة نبيه (ص) .. هذا شك في اتساع علم الله الذي قال ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) هكذا على الاطلاق حتى آخر الزمان والمكان .
والاخطر من ذلك هو ان طلب الاصلاح يهدف الى تأويل القرآن وتبديل دلالته رغماً عن صراحة تحريم ذلك بموجب الآية (7) من سورة آل عمران ورغما عن قوله تعالى ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) فكيف ترى يكون معقولا فهم هذه الاية على ان الحفظ هو لمجرد الشكل/ الحروف فقط بينما المعاني والاحكام فقد تركها الله لنا لنحددها نحن ( على كيفنا ) وحسب ظروفنا وبذريعة ..الاصلاح !! اصلاح ماذا؟ ماكتب الله علينا؟.. !!
وفيما يخص شرك الربوبية فهو الأكثر انتشارا الآن في اوساط المسلمين ، ويتجلى غالبا ضمن الاعتقاد في العقل والعلم باعتبار انهما قادران على تحريك ساكن او تسكين متحرك او احداث نفع او ضرر بينما توحيد الله يتطلب اعتبارهما من مخلوقاته عز وجل المسخّرة لطاعته أو لطاعة النفس والشيطان ، حيث تجرى عليهما سننه التي قد تعطلها مشيئته .
لقد حول بعضنا العقل والعلم الى قتنة مضلة عن عبادة الله وتكتفي بالقدرات الذاتية، مع ان العبادة هي غاية خلقنا ووجودنا كما اسلفنا، اذ قال تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) وعبادته تبدأ بمعرفته تعالى ثم طاعته طاعة لا تشوبها شائبة /اشراك، طاعة خالصة تفيد معنى الاستسلام ( والله غيور جدا لا يرضى ان تشرك به مثقال ذرة) ومن هنا جرى اشتقاق مفردة ( اسلام ) بمعنى استسلام واذعان خالص لله ، لا ان نخضع لمنتجات عقولنا واهوائنا ، فالمسلم هو المستسلم ( غير المعاضل المجادل أوالمعارض لما قضى الله وكتب عليه ) ومن لا يستسلم لما جاء صريحاً في الكتاب والسنة فهو ليس مسلما لله حقاً، مهما تغير الزمان او سكن . هذه لمحة فقط من ابجديات التوحيد .
ان كل الاصلاحيين يريدون شيئا واحداً دائما وهو : تثبيت الدنيا كمحور وتحريك الدين تبعا لشروطها ، بينما الاصل هو ان نذعن لثبات الدين فنجري دنيانا حسب شريعته التي ثبتها الله من فوق سبع سماوات . ولا يكلف الله نفساً الا وسعها.
الاصلاحيون جميعا يريدون دينا من صنع ايدينا يوافي رغباتنا كما حدث للمسيحية عبر عملية ( الاصلاح الديني ) هكذا يريدون أن ينقلوا التجربة بحذافيرها الى الاسلام من اجل ان نتطور مثل الغرب !!، ومن اجل التخلص من ( الالتزامات الدينية الثقيلة على النفس) التي هي غالبا عكس الهوى والتطلعات الدنيوية وضد اطلاق حرية تلبية الشهوات المادية والبحث عن الراحة.
غير ان الملحوظ ايضاً ان هؤلاء الاصلاحيين الجدد ( المندفعين الآن بقانون الطرد المركزي الامريكي الراهن) يشعرون بنوع من الحرج مما يقومون به ازاء ربهم ودينهم ونبيهم ، ولذلك تجدهم يعمدون الى اظهار آيات الاحترام والتقديس لله ورسوله والقرآن الكريم وبعض الصحابة ( أو بالاحرى بعض مواقف الصحابة التي يمكن تفسيرها لصالح الطرح الاجتهادي الجرئ ) بينما يوجهون انتقادهم الى جماعة ما .. هم ( السلفيون !!) فيعتبرون السلفيين جماعة عاطلة عن الفهم ، قليلة الحيلة هشة التفكير، متشددة ، لا تريد الحياة للناس ولا للدين قط ، بينما الجماعات الأخرى هم جميعا معتدلون ، مستنيرون ( انظر الى استنساخ نفس اصطلاحات حركة الاصلاح والتنوير المسيحية) ..
وفي الحقيقة فان من يطلق عليهم السلفيون هؤلاء ، هم ببساطة المسلمون على وجه العموم ، بمعنى الذين يتبعون الكتاب والسنة باخلاص ودون اعادة فهم يخالف المحجة البيضاء التي دعا اليها النبي الكريم (ص) .. هؤلاء السلفيون هم المذعنون لأوامر الله ونواهيه فلا يخضعون النصوص الى العقل الصرف من اجل انتاج فهم يخالف فهم محمد (ص) وصحابته ، وانهم اذا فكروا امتثالا لدعوات ربنا تعالى نحو التفكر والتدبر فانما يفعلون ذلك على سبيل الخضوع والتعبد وليس للابداع والخلق واعادة القراءة بشروط تؤدي الى استبدال ماهو معلوم وثابت من الدين ، وهم حينما يجتهدون ( عندما تبرز ضرورة للأجتهاد ) فانهم يلتزمون بشروط الاجتهاد الشرعية واولها أنه : لا اجتهاد مع وجود نص صريح، فضلا عن القياس الى الحكم المنجز والمتفق عليه ، بينما يريد الاصلاحيون الذين يطلقون على انفسهم احيانا( العقلانيون ) مقابل صفة النقلية التي يلزمون بها المسلمين/ المستسلمين لنموذج وصيغة النبي (ص) وصحابته في التعاطي مع الدين.. أقول يريدون اجتهادا متحررا من الشروط الشرعية ، خاضعا كليا للعقل وحده أو ربما معه معطيات الراهن ومقتضياته .. هكذا يريدون دينا من صنع ايدينا نحن البشر الناقصين: ديناً وضعياً دنيوياً؟!.
انظر الى مناقضة أساس الامر كما ذكرنا ، وهو : ان شؤون الدنيا لا ينبغي ان تكون غاية همنا ومبلغ علمنا وانما خلقنا في الاصل للآخرة ، والدنيا خلقت مسخرة لنا ، تتبعنا بينما نحن نهرب منها قدر الجهد نتبع ديننا ، في اطار عبادة الله الواحد الذي لا نشرك به شيئا ، سواء كان هذا (الشئ) دنيا أو رأيا شخصياً . في المقابل هم يريدون الدنيا ، بشكل اساسي، كغاية لا وسيلة، ويعتبرون احتقارها -خلوصا الى الله- نوعا من الهوس والدجل والظلامية والاصولية والتشدد الخ!! أجل هذه هي الفاظ العقلانيين/ المعتدلين الجدد ، وهي الفاظ مستلفة ايضا من قاموس حركة الاصلاح الديني والتنوير المسيحي .
ولعله من المهم هنا ، ولكي لا يقال اننا نعطل التفكير ، ان نشير الى ان استخدامنا للعقل محصور شرعاً في تطويع العلم وموارد الكون والحياة باتجاه تعزيز وتيسير عبادة الله وطاعته ، بشتى الطرق ، ولكن وفقاً لما شرعه لنا الله تعالى من خلال كتبه ورسله .
ولكي لا تطول مداخلتي هذه فسأتوقف هنا على ان اواصل معلقا على الدراسة محل الاهتمام فيما بعد وشكرا.
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| نحو اصلاح دينى اسلامى | بكرى ابوبكر | 03-30-04, 04:31 AM |
 Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | degna | 03-30-04, 07:27 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | حمزاوي | 03-30-04, 08:02 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | محمد عبدالقادر سبيل | 03-30-04, 10:39 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | JAD | 03-30-04, 10:17 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | omdurmani | 03-31-04, 05:11 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | محمد عبدالقادر سبيل | 03-31-04, 01:02 PM |
 Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | sadda | 04-01-04, 00:56 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | محمد عبدالقادر سبيل | 04-01-04, 09:06 AM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | sadda | 04-01-04, 02:09 PM |
| Re: نحو اصلاح دينى اسلامى | محمد عبدالقادر سبيل | 04-03-04, 10:10 AM |
|
| |
محمد عبدالقادر سبيل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست