|
البرد و الليل .. و سوناتا النهر
|
يا خدر .. ( ما هاجَ حزنك أم بالعينِ عوّارُ ) .. السماح يا رب في ليل البرد هذا .. طاقة الحزن و الوجع عند صاحبي هذا , فاجعلها يا مولاي سلامٌ عليه .. جديرٌ هو بالسلام و المأمنة , فآمنه يا مولاي آمنهُ .. و ثبته يا مولاي ثبت . ( البرد شديد الليلة ياخينا , و أخاكم كفؤاد أم موسى , فلا تدخلونا فيما لا طاقة لنا به .. أيدكم الله ) .. الله يقطع الحزن و طاريهو يا خدر , الله يقطع حزن الناس يا صاحب . ما أحلى فرح الناس , و أشياءهم الصغيرات التي تسند دولاب المِحنة هذا . ..... ليل الشتاء يا ذا السنابك .. ما أوحشك يا شين .. ..... " الصيادية " يا خدر .. !!! حلة صيادية بالقرقور .. الله أكبر .. هفوت لها و أنا مصطكٌ كجرذٍ على سطح سفينٍ بليل . فيا صاحب , أقول لك .. أن أطعم الحلل " المدنكلات " هي الصيادية في منتصف البحر .. عن يمينك قيفة .. و أختها عن يسارك .. مركبكم سنطٌ عتيقة , حملت أيام مجدها الصبايا مزفوفات من ضفة النهر اليمنى ليسراه .. أقوام طلقو الوجوه من سمرتها , و البحر رائقٌ ما به من شيمة . و الدلاليك و الزغاريد منتظمات له من أعلى سافله لأداني صعيده . ( مركبٌ هي , ليست صفيحاً أجرباً كمثل حال غالب فلوكات المدينة حاملة الأفندية و التلاميذ ) , لكنها مركب كطود الفينيقيين , مخّارةٌ لليم في جلالٍ و مهابة . .... أرأيت لو أن حلتكم ألومنيوم تقيلة , من سواد ما تصنعه " الفلاليح " ساكني بتلة النهر و مِتكّه و التويج .. سوداء مطفقٌ خارجها و .. بالحيل حميمة . اللدايات تحتها : حجارة سودٌ من خاصرة النهر منزوعات , جرانيتٌ أصليٌ من ناحية " البركل " أو " صَنَب " .. حجارةٌ أحجِيةٌ , رافقت النهر و ناره , و الفيضان و الدميرة و السمك و التمر و القرقوش و الفول و الهمبرتي و الجريد و أغصان السيسبانات و السعدة و جموع الحصير و بهائم الضفاف الشبعات من نعاج و سخلات , حمرٌ دنقلاويةٌ و بُتاب و نوريق و بقايا أجولة , فوارغ صفيحٍ لتركين و حرامل و سجاجيد و أكياس شمارٍ و تيراب فاصوليا و لوب عفن , دُراش قمحٍ و منقة و بعض قفاف الليمون و وريقات سنمكَة و حِلبة و حنظل , أحطابٌ من سوق الخروع و العُشر , و جراكن زيت و دواجن صرّاخات و بقية من شالٍ أحمر و طرحةٍ قديمة , ترس متروم لماكينة ري و أعواد قصبٍ .. و بقية رطانة نوبية عالقة بالأشرعة كآخر الرايات . ثم لو ان بصلٌكم عند قدميكم - حارٌ و كأن زارعه فعل به أمرا - , تحشونه كيفما كان بسكين قُدّتْ من بالة " لوري " , تدخنون التخاميس يا مولاي يا مولاي .. حتى تمجونها .. حتى لتستوي " قرصة " . أرأيت كم أحيلاها القراقير تلاوي - كساعد غانية بضٍّ .. متمنعة - و هي تفتح خياشيمها حمراء من (.........)اجة , رافعاتٍ شواربها السود , ناتعةٌ منها رائحة الطمي الخصيب ؟ هذا .. ثم يُفَجّ أحشاؤها , و يُضمخ به وجه النهر حتى يرضاه قربانا . و الحراشف " تُكرت " شوكاتها الغادرات بأناة , فتعود للسمكات نضرة الفضة المزرقة في سوادها , ثم فتُلقى " بِصَمّة خشمها " في طنجرة الرفقة الألومونية تلك . فماذا لو أضاف لها الريس قرنان خضراوان من شطة الضفاف ؟ .. إلهي سيدي . أرأيت لو أن بعض معاتيهكم دالقٌ عليها كأساً حباباً تكرمونها به ( في صحة القراقير .. ربما ) !!.. فيختلط قراح الراح بتومها المفصص سالماً و كزبرتها , و قليلٌ مما فيه شفاءٌ من فلفلٍ بقي مصرورٍاً على دلقونه مخبوءاً في ركينة العدة ؟؟ فماذا لو ان الهواء أبى للنار إشتعالاً , " فضاريتمو " ثقابكم المبتلة من فعل الدعاش النهري . ثم لو أن العويشات قالت كدي تمسكت بالشرر و آلفته و قامت للنار قيامة " الواقود " ؟ و .. الكأس مجراه اليمين . ثم الله الله لو تُلقى السميكات من علوٍ خفيض , فتزكمكم يا ملاعين شهوة الرائحة حين تطس سطح الزيت فتحتشد الفقاقيع في لونها الذهبي .. صخّابة !! أرأيتم لو أن السائل التمريُ عليكم دارَ دارَ دارْ , فجلبغتم في الماء اليدين و الأذرع , و كشحتمو صفو نمير النهر على وجوهكم النضيرات بالرفقة , فانساب حال مركبكم , و انسبتم في الغناء طويل المدّ : ( أنتِ يا غابات كينيا يا أزاهر يا شموساً سمقت مثل المنائر يا جزائر .. ههنا يلتئم القوس الموشّى من كل دارٍ كل ممشى ) . و النهر يمينٌ و يسار .. و الضفتان كفي عروسٍ خضراء الحناء ( زي جميلة جديدا تمّ .. لمّا في الكِتمان تزغرد ) .. رحمتك يا رحمن . و الزمان وهيط ٌ مدللٌ في حال سلامه الحلو . فحلتكم جقجاقةٌٌ بحملها القراقيري إذن , و " دمعتها " رهيييييييفة , يذوقها ذائقكم الشفقان , و يسوطها آخر ( شفقة الكلبة الولدت جناها عميان ) . النهر هو النهر - شأنه منذ آدم سكن و زوجه الجنة الأمهرية في شمّ الجبال الشرقاوية - و الضفاف سادرات في الرقص و الصفقة و النّقده و الريشة يا ابن خالتي . أرأيت لو أن الريس مخرجٌ لكم " حَرِفْ حرفين " من فطيرات القمح الرهيفات , ثم في صحن " الباشري" ذو الوجاهة العتيقة تراصت .. طيّعةً طيّبةً ليّنة !! و في فم الريس الترماء بقيت مقيمةٌ إبتسامة راضية مرضيٌ عليها , سبّاقته لمقالدة وسط الطود الممتليء بالأغراض و الرفقة الودود . أرأيت لو أنه دالقٌ على حُريفات الفطير تلك قليل الدمعة القراقيرية .. بشويش بشويش - خشية انكشاحها في حال فوضى جوعكم تلك - , ثم فوقها تراصت في سلام الآمنين بعدُ : حرف حرفين من فطيرات , ثم دمعة , ثم حرف حرفين من فطيرات , ثم دمعة ..!! ثم لو انه خاتمها بدلقةٍ غليظة القوام من حُتراب دمعة القراقير الملتصقة بالحلة و قعرها .. , ثم و طفا لذيذ القرقور عليها : زبدة من لحمٍ و دمعةٍ و شوكاتٍ . فما قولك لو أن عمك الريس عاصرٌ عليها قطراتٍ من ليمون الجروف كثيفة الحامض , و أهال الشطة الحمراء أم عيون .. بيضاء التيراب , لذّاعة . فالتأمتم , متكالبين عليها : حلةٌ صيادية في سُرّة البحر .. و النهار حينها قيافة . و النهر يمطق .. و تمطق الضفاف .. و أنا أمطق .. و أدعو عليك بحق هذا الليل الغبي .. و حق هذا البرد و الغربة الغربة الغربة .. أدعو عليك و لك يا مأفون يا صاحبي .. أن تأكلوها .. حتى تسيل منكم المناخر و منافذ الجلد و صلعاتكم الناتعات بعرق السرور .
قاتل الله مجايبك يا خدر .. ألا قاتلها الله يا صاحبي الجميل .
.... ما لليل الشتوي هذا و القراقير و الصيادية ؟؟ جائعٌ أنا لشيء ما !! .. ربما .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Emad Abdulla | 11-11-09, 07:49 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Faisal Elrasheed | 11-11-09, 07:54 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Emad Abdulla | 11-11-09, 08:06 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | عمران حسن صالح | 11-11-09, 08:08 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Emad Abdulla | 11-11-09, 05:21 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | ممدوح أبارو | 11-11-09, 08:09 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | هواري نمر | 11-11-09, 10:15 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Emad Abdulla | 11-25-09, 01:59 AM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | خدر | 11-11-09, 12:51 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | سلمى الشيخ سلامة | 11-11-09, 01:10 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | salah ismail | 11-11-09, 05:46 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | منتصرمحمد زكى | 11-11-09, 05:53 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | خدر | 11-11-09, 07:56 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | عمران حسن صالح | 11-11-09, 08:39 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | nadus2000 | 11-12-09, 06:20 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Osman Musa | 11-12-09, 06:46 PM |
Re: البرد و الليل .. و سوناتا النهر | Emad Abdulla | 11-25-09, 01:48 AM |
|
|