الترجمة، ومدى الاهتمام بها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 00:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-23-2007, 03:38 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها (Re: هشام آدم)

    أحــلام
    بقلم: شيخة يونجوي*
    ترجمة: هشام آدم


    شعره المليء بالشيب،منكوش وكأنه ألياف فاكهة المانجو مأكولة. ويداه خشنتان كأوراق الصنفرة، ولكنكِ لا تشعرين بنفور عندما يلامسك أو حتى عندما يفرك ورقة الصنفرة على ذراعك العارية. يذكرك ملمس يديه بالمعقمات التي تبقي وجهك خالياً من البثور، فهي مؤلمة، ولكن الجمال لا يتأتى إلا من خلال الألم الذي تسببه لك. الكل يعرف ذلك، أو على الأقل يتوجب عليهم معرفة ذلك.

    لا تهربين في نفور، عندما يلعق أذنك، ويصطنع صوت القبلة (صوت قبلته مزعج كصوت خرمشة غطاء قنينة في أرضية إسمنتية) بل على العكس، فأنت تبتسمين وتذكرين نعم الله عليك. بينما يرى أن ابتسامتك ليست إلا مجرّد ابتسامة صفراء. ابتسامة من ذلك النوع الذي تظل باقية على الوجه كغشاء القشدة على وجه الحليب. يرى أسنانك وهي تومض في الضوء، فيرد عليك الابتسامة بابتسامة عريضة تكشف عن طقم أسنانه بالكامل. تتراص أسنانه بشكل سمج في تجويف فمه المجعّد، لتبدو لكِ أنها أكثر مما يتحمله. وبالكاد تغطيها شفتاه، يذكركِ منظره بشكل الأرنب. تتعجبين للوهلة الأولى أن جميع أسنانه له فعلاً. وتتساءلين إذا ما كان متزوجاً، يحدثك عن البقرات الثلاث التي نحرها في ليلة زفافه، وعن شواويل الأرز التي استوردها من تايلند خصيصاً لتلك الليلة، وعن ربطة الحذاء التي طلبها من فيننا ليهديها لحماته وعن السلسلة الذهبية قيراط 24 التي اشتراها من تاجر يهودي في أنتويرب هديةً لزوجته. تعرفين كل شيء عن سياراته: المرسيدس والبيجو 505 والجيب رانجروفر واللاندركوزر التي استوردها مؤخراً من بلجيكا. يقول دائماً "السيارات الجديدة أفضل بكثير من تلك المستعملة التي تملئ الشوارع كأكياس القمامة" وتعرفين كل شيء عقاراته: ذلك الذي في لندن، والآخر الذي في نيويورك، وشقته التي في أنيوجو و الأخرى في أونيتشا بالإضافة إلى منزله الذي بناه في قريته والذي يحتوي على 15 غرفة نوم مستقلة وملعب عشبي للتنس.

    يظن أنه يجعلكِ تشعرين بالسعادة، وقد يكون ذلك صحيحاً بطريقةٍ ما. فالسعادة ليست خاصية أبدية، إذ هي دائمة التغيّر: انتفاخ وانكماش. وهذا هو الدرس الذي يتوجب عليكِ تعلّمه. وفي الحقيقة، فإن هذا الأمر تحديداً هو ما تزالين تتعلّمينه باستمرار. والأسباب التي جعلتك تشعرين بالسعادة ذات يوم، لم تعد متوفرة الآن. الآن أنتِ توطّنين نفسكِ لتكوني سعيدةً لأسبابٍ أخرى غير تلك القديمة. لذا فلربما كانت يداه الشبيهتان بورقة الصنفرة قد سلّختا ذراعك، ولكنك قريبة من هدفك، وهذا ما يجب أن يُشعرك بالسعادة، فتبتسمين له مرة أخرى ابتسامة من النوع الذي يطفو على الوجه، ليست تلك الابتسامة الصادقة التي تنبع من أعماق قلبك. مضى وقتٌ طويل على آخر ابتسامة أطلقتها من أعماقك على أي حال. ولستِ متأكدةً من قدرتك على فعل ذلك مرة أخرى. علاوة على ذلك، فالابتسامة الصفراء أسهل بهذه الطريقة حتى وإن كانت مؤلمة لحنكك. إنها الابتسامة التي لا تتطلب التوغّل في الأعماق للبحث عن سبب. هذا النوع من الابتسامات مرضٍ للطرف الآخر ولو بشكل آني.

    أوبي .. هو الرجل الأول الذي تقعين في حبه. تتزوجينه فتكون حياتك كأسطورة الجنيّات: زوج له ابتسامة كفلقة القمر حين تمامه، تضيء أنوار ابتسامته الغرفة، وتضيء عالمك. تسرق قلبك من الوهلة الأولى التي يبعث بها إليك بين زحمة الحاضرين في حفل زفافٍ ما. يقول إنه القدر وحده ذلك الذي جمع بينكما، عندما أخبرته أنك وجلت الغرفة الخطأ. فمكان حفل ابنة خالتك الثانية في البهو في الطابق العلوي. وبطريقةٍ ما، دون أن تستمتعي إلى إرشادات أمك، دخلت إلى هذه الصالة. ولم تأبهي لذلك، فلم تكوني تحبين ابنة خالتك هذه كثيراً، ما أعجبك هو هذا الرجل ذو الشارب الثخين الذي يعلو شفته العلوية. له صوتٌ يشبه الدمدمة المنخفضة. وعندما أخبرك بهذا الصوت المحبب لديك بأن القدر هو ما جمع بينكما، أحببتِ العالم، أحببتِ القدر! "القدر شيء جميل، لقد دفع بك إلى البهو الخطأ لتلتقي بالذي ستغرمين به. سوف توضحين لوالدتك لاحقاً الأسباب التي دعت للتخلف عن حضور حفل زواج ابنة خالتك، ستوبخك على ذلك دون شك. وستنبهك إلى أن الجميع سوف يعزون غيابك هذا إلى غيرتك منها. وبعد كل ذلك، فابنة خالتك الذي فوّتِ حفل زفافها أصغر منك بثلاثة أعوام، وما زال أمامها فرصة الحصول على عريس آخر. سوف تبكي، وتلطم، وتسأل الله لِم حملها عبء ابنة مثلك! وماذا فعلت في حياتها حتى تستحق هذه العقوبة! وعن أي شيء يتم عقابها على هذا النحو! وسوف تنوح بأنك فتاة عاقة، وبأنك عار، وكيف لمثلك أن تأمل في الحصول على زوجٍ ، طالما أنك تفوتين حفلات الزفاف التي يحضرها العديد من الشباب الصالحين للزواج! أتعلمين أن ابنة خالتك لها أربعة أحماء كلهم في سن الزواج؟ "لقد عاقب الرب إيو بأن أعطاها أسوأ ابنة على الإطلاق." سوف تقول أمك وتفعل كل ذلك، ولكن لن تأبهي لشيء على الإطلاق. سوف لن تهتمي لكل ذلك، لأنك واثقة بأن القدر تحوطكِ بعنايتها

    في غرفة نومكِ الصغيرة، رقصت أمك عندما أخبرتها ذات يوم بأن ثمة رجل يريد التقدم لخطبتك. وتمايلت طرباً وهي تلوح بالمنديل في الهواء منشدةً تراتيل تثني فيها على الرب الذي ابتسم في وجهها أخيراً: chim di mma chim di mma onye si na chim adighi mma bia fulu ife o melu m ooo chim ooo, tanku you

    وأخذتك بين أحضانها في سعادة غامرة، ضاغطة على أنفك مقابل عنقها، أمك أطول منك ببضعة إنشات فقط. وكنتِ تخشين أن تختنق من السعادة. ولكن تلك السعادة عبأت ساعدها بقوة أدهشتك كثيراً، وبالكاد تمكنتِ من التحرر من عناقها المؤلم. وانتابك الدهشة، فقد مضى وقت طويل منذ أن عانقت آخر مرة. في الحقيقة، فإنك بالكاد تتذكرين متى كان ذلك.

    وعندما غادر أوبي المنزل، ستقول أمك بأنه لم يكن شرهاً في أكله، وأنه لم يملئ فمه بالطعام بالقدر الذي يمنعه من الكلام، وستقول: "الرجال الشرهون لا ينفعون كأزواج صالحين" وعندها سوف تتساءل "هل ذلك هو السبب الذي جعلها تقوم بطهي الطعام، فقط لتختبره!!" وبعد لقاءه بأعمامك، سوف يقوم أوبي بتقديم المهر ويجلب النبيذ للمعازيم من أقاربك. أنت لا تريدين حفل عرس تقليدي، بل تريدين أن توفري هذا المال لإقامة حفل زفاف أفخم من ذلك. تريدين حفل زفاف تتحدث عنه المدينة بأكملها. وأقيم حفل زفافك في يوم سبتٍ كثير الرذاذ، وأخبرتك أمك بقلق بالغ عن تشاؤمها من حفلات الزواج التي تقام في الأيام الماطر، وعن أن ذلك سوء طالع غير حسن أبداً. ولكنك تضربين بكلامها عرض الحائط بضحكة عالية ووكزة من راحة كفك، تردين عليها بأن ما تقول ليس إلا مجرد خرافات وحسب. وأنكِ لا تؤمنين بهذه الخرافة أبداً، بل أنت فوق هذه الخرافات، وأن لا قوة فوقك. فتبتسم أمك، غير أن عينيها ما تزالان ترمقان بقلق.

    أمك ترتدي دثاراً أحمراً وبلوزة بيضاء ذات رباط وياقات طويل تصل إلى أذنها. إنها هدية أوبي لها، إنه أول طقم سهرة لها منذ سنوات. لقد أحببتها كثيراً، ولا تريدين لسعادتها هذه أن تخبو بسبب هذا المطر. فتبتسمين في وجهها وتقولين لها "لا تقلقي " وأن كل شيء سينتهي على ما يرام. فتضع كفها الرقيق عليك وتخبرك بأنك تبدين جميلة للغاية في ثياب العرس، غير أنها تتمنى أن لو اخترت ثوب زفاف أبيض، لأنه أكثر عذرية وبتولية، وأنتِ كذلك. أليس كذلك؟ غير أنك تتظاهرين بأنك لم تسمعيها، فلقد تناقشتما بما فيه الكفاية حول موضوع فستان الزفاف من قبل. ولكن سعيدة بأنها نسيت موضوع المطر، ولم تعد لذكره مرة أخرى.

    القدّاس ممتلئ عن آخره، لدرجة اضطر معها البعض للوقوف خارج الكنيسة مجتمعين تحت مظلات فقط حتى يتسنى لهم سماعك وأنت تقولين لأوبي (بصوتٍ أجش وفي عينيك دموع الفرح) بأنك ستكونين له للأبد للأبد للأبد. وإنه لنذر يسير عليك أن تقطعيه على نفسك لأنك حتى لا تتصورين أن تكوني لشخصٍ آخر غيره، فهو قمة مُرادك، توأم روحك، وهو قدرك الجميل. إنه ملاذك المُشتهى، عندما تمشين في الممر ممسكة بمئزر فستان زفافك الأبيض، والأشابين يرشونك بالنثارات والأرز. وحين تدخل حبة أرز في عينك اليسرى، فلا تجاهدين نفسك كثيراً لإخراجها بأن تفركي وتفركين، الأمر الذي يصيب عينيك بالإحمرار، وتجعلهما تبدوان ملتهبتين في صور الزفاف.

    وتمر الأيام سريعاً، وتنجبين ثلاثة أيام أصحاء في عامين: توأم جميل من الإناث تحملان ابتسامة والدهما وأنف أمهما التي يدعوها أوبي بالأنف المثالي! وابن هو قرة عينك، يحمل من ملامح والده الكثير. وهو الذي فرحت أمك عند مولده. كان مجيئه ضمانة لك ولمكانتك في بيت زوجك. أنت الآن تملكين أطفالاً من ذلك النوع الذي يحب الأغرباء مداعبتهم وقرص وجناتهم والمسح على شعورهم وهم يقولون "ما أجملهم من أطفال!"

    تشي : إنهم أطفال رائعون فعلاً. يبدون أصحاء ونشيطين كدجاجات مزرعة أوكوكو التي مرح طوال اليوم. يجب أن تكوني فخوراً بأن لديك أطفال كهؤلاء. انظري كيف أن بشرتهم متورّدة ونضرة، هذه علامة من علامات الصحة . Ndi uwa oma !

    لديك منزل من دورين في أهدأ مكان في المدينة، إنه برهان أكيد على حياة هادئة ومريحة. هذا الموكيت المفروش من الجدار إلى الجدار، وسجادة وثيرة من النوع الذي تغطس فيه الأقدام، وتلفزيون ملون عملاق يُعجب به الضيوف، وتقول عنه جاراتك في غيرة " إنه تماماً كشاشة السينما، ماذا تفعل بتلفزيون بهذا الحجم؟" ويحتل حيزاً كبيراً من غرفة الجلوس. كما أن لديك محرك أقراص مدمجة تستمعين به أنت وأوبي إلى موسيقاكم المفضّلة. كلاكما مغرمان بأغنيات باري وايت وعندما تناهى إلى سمعك أنه قد مات بكيت بحرقة شديدة. والأولاد يملكون غرفة نوم مزوّدة بتكييف هوائي لحمايتهم من حرارة الجو التي تبدو كالحمى المرتفعة، كذلك الصالون الذي تستخدمه والدتك دائماً مزوّد أيضاً بمكيّف هواء، ومع ذلك فهي لم تستخدمه. تقول أنه يشعرها بأنها في ثلاجة موتى. ورغم أنها طاعنة في السن إلا أنها لم تم بعد.

    ولكن كل ذلك تهشم، كما يتهشم طقم الصحون الصينية عندما توفي أوبي عن عمر يناهز السادسة والثلاثين، وكان عمرك عندئذ أربعة وثلاثين، ولا يمكنك حتى البدء في التقاط القطعة المتهشمة والمتناثرة. لقد مات أوبي في سن مبكرة جداً، وأرادت حماتك أن تعرف ما الذي جعل القدر يقسو على ابنها بهذا الشكل. لذا فإنها قامت بدعوة كاهن الكنيسة إلى منزلك وطلبت منه أن يجيبها عن هذا السؤال الذي يضرم في داخلها "من المتسبب في موت ولدي رغم صغر سنه؟" أشعل الكاهن ذو الشعر الأجعد بخوره في جميع غرف المنزل، وكان ردائه الكنائسي يكنس السجادة التي ابتلعت أقدامه الحافية، ثم قرع جرسه الصغير، وبدأ بإنشاد تعاويذه بصوتٍ عالٍ. كان صوته غريباً كأنه يغني، ولكنه لم يكن يغني في الحقيقة. وتلفت يمنة ويسرى ثم وجه أصابع الاتهام نحوك أنتِ. أشار بسبباته التي كانت مضمدة بضماد طبي. عندما أشار إليك كأنه يمدّ إليك بسيجار. أخبر الكاهن حماتك بأن ثمة علاقة زواج بينك وبين روح الماء وأن هذه الزيجة تمت في المحيط ، وأن روح الماء هذه هي التي شعرت بالغيرة تجاه أوبي، لذا فقد ابتلته بالمرض والعلل حتى لقي مصرعه. كانت تلك هي المرة الأولى التي تسمعين فيها عن هذه الزيجة، ولكن لم يصدقك أحد. وكان ذلك الخبر المضحك المبكي. فكيف لهم أن يصدقوا أن وجود علاقة زوجية تربط بين البشر والأرواح؟ صفقت حماتك في وجهك، وأوشكت أن تبصق في وجهك لجرأتك على رش الكاهن. هزّ الكاهن رأسه بلطف، وقَبل زجاجة الكولا التي قدمته له حماتك.

    "ليس من الطبيعي أن يموت شاب في سريره دون علّةٍ تذكر" هكذا صرّحت حماتك متلقية الدعم والتأييد اللازمين من الأقارب متخذة ذلك حجة جيدة لطردكِ من البيت المكيّف، ذا الطابقين الذي يقع في أهدأ مكان في المدينة. وصرخت في احتجاج "قال الطبيب الذي أشرف على حالة أوبي، بأنه مات على إثر نوبية قلبية. وهذا ما يوضحه تقرير الطبيب الشرعي" ولكن لم يصغ إليك أحدهم. بل إن حماتك المتبخّرة قاطعتك قائلةً: "أنتِ قتلتِ ابني، لماذا لا تنصرفين غير مأسوفٍ عليك لتبقي مع زوجك "روح الماء"؟ لماذا؟ من المؤكد أنك نجحت في خداعنا جميعاً، ولكن لا يمكنك أن تخدعي الكاهن، فهو مكشوفٌ عنه الحاجب، ويراكِ على حقيقتك ." وبدأت في الانتحاب بينما كان عم أوبي يؤكد لها بأنك سوف تدفعين ثمن ما فعلته . ثمن شيء لم تقترفيه. كيف لك أن تدفعي ثمن ترهات الكاهن وخيالاته المريضة؟ خيالاته المجعّدة كشعره!
    وخرجت من المنزل لا تحملين سوى ثيابك والتوأم المنتحبتين. لقد خرجت الآن من المنزل المكيّف المريح، ذا الطابقين. بينما ستحتفظ عائلة أوبي بولدك الذي سيبلغ من العمر الآن أربع سنوات. إنه لهم، وسيرث اسم العائلة. بينما سيتركون لك طفلتيك اللتين تبلغان خمس سنوات. فهم لا يريدون حمل أعباء تربية بنات هن من رحم امرأة شيطانية. وبدأت أم أوبي تمشي في أرجاء المنزل بكل تبجح مع أخوانها الاثنين الأصغر سناً. من الآن فصاعداً ستكون هي سيدة البيت. وسوف لن يكون مرحباً بوجودك فيه بعد اليوم، ولو حتى لمجرد رؤية ابنك الذي يشبه والده تماماً. ابنك الذي هو قطعة منه، بينما كنت تحتضنينه في جنازة أوبي، ومازلت تبكين حتى تورمت عيناك وأصبحتا كقبضة الكف.

    والدك متوفى، وأمك فقيرة معدمة، كانت تعتمد عليك في إعالتها. وليس لديك أقارب لتطلبي منهم المساعدة. وهنالك أفواه مفتوحة لا بد لك من إطعامها، وقد قطعت عهداً على نفسك بأن يذهب أطفالك إلى المدارس، فهذا ما كنتِ تحلمين به دائماً أنت وأوبي. ولست بحاجة إلى أن تنهكي نفسك كي تسمعيه يقول لك: "أوتشي، يجب أن يذهب أطفالنا إلى المدرسة وأن يصلوا إلى أعلى السلم الأكاديمي. أريد أن أراهم في أعلى المراتب." وفي الوقت ذاته، فلا يمكنك الحصول على وظيفة لأنك غير مؤهلة للحصول عليها. فلم تتجاوزي المراحل الابتدائية كحدٍ أدنى. فوالدك كانت دائماً ما تقول أن كل ما تحتاجه المرأة في حياتها هو أن تحصل على زوج شهم وملائم. بالتأكيد لقد كانت مخطئة فالمرأة بحاجة لأكثر من ذلك، فهي تحتاج إلى نسيب شهمٍ أيضاً، وعلاوةً على ذلك فهي بحاجة إلى التعليم، إلى الوظيفة، إلى الاستقلالية، وهذا ما تريدين منحه لبناتك بالمقابل.

    ومن أجل تحقيق هذه الأحلام، فقد قمت باستئجار غرفة بائسة، فحين تركتِ بناتك في شقتك الواقعة في الجانب الآخر من المدينة. هن يعتقدن بأنك تعملين في مستشفى الجامعة. وكنت محظوظة، إذ أنك ما زلت تحافظين على رشاقتك ونظراتك كثمرة الطماطم اليانعة للتو حتى بعد عمليات الولادة المتكررة. فما زال بطنك مشدوداً ما خلا انتفاخٍ ضئيل بحجم برتقالة في منطقة ما تحت الصُرّة. ويشهد لكل الجميع بأنك ما تزالين تبدين كما ولو أنك في السادسة عشر. ورغم ذلك فلديك قناعة بأن كل ذلك لا يعدو كونه مجاملات لا تطابق الواقع. ووالدتك تقول بأن قوامك لادن كالمطاط، ومهما تم شدّه فإنه يعود لسيرته الأولى. ويبدو أن قوامك هذا هو وسيلة عيشك الآن.

    في الليلة الأولى لك في العمل، تشعرين بالخجل البالغ. وساروتكِ الرغبة في أن تغمضي عينيك عندما بدأ ذلك الرجل البدين ذو الكرش، في تقبيل شفتيك، ولقمهما بين أسنانه، أغلقتِ ساقيك جيداً، ولكنه تجرأ على فتحهما بالقوة، وبدا ضاحكاً وهو يقول: "كأنني بكِ عذراء!" وأعجبه ذلك كثيراً. اعتقد أنك تتصنعين الخجل، وأن ما تقومين به هو نوع من الإغراء. بدأ يشعر بالمتعة والاشتهاء، وعندما أوشك على بلوغ ذورته، لمعت عيناه كما تلمع عينا القط في الظلام. وبعدما انتهى، مدّ يده على محفظته الجلدية التي تحوي في إحدى جوانبها على نقوش وكتابات مذهّبة وأخرج مجموعة من الأوراق المالية، عبّقت الغرفة برائحة البنك المركزي. لقد كان سعيداً بقضاء تلك الليلة معك، ولذا فقد دفع أجراً كبيراً مقابل ذلك. كان المال الذي دفع لك يكفي لتسديد قسط إيجار شقتك لشهرين مقدمين. والإغراء المالي الكبير الذي لقيتِه هو ما ساعدك على التخلص من هذا الخجل المقيت.

    وعندما همس لك الرجل ذو اليدين اللتان تشبه ورق الصنفرة في أذنك، أقفلت أنفك من رائحة أنفاسه النتنة التي تشبه رائحة السمك الني التي تباع في سوق كينياتا المحلي. وتذكرين نعم الله عليك: فابنتاكِ في مدرسة خاصة الآن، ووالدتك تحفهما برعايتها، وخططك لاعتزال هذا العمل القذر أوشكت على الانتهاء. وعندها سوف تصبحين مالكة لأكبر فرن آلي في إنيوجو. وها أنتِ ترين الفرن الآلي وقد تم تشييده: بواجهته البيضاء ومنقوش عليها اسم المحل "خبز الأحلام" باللون الأحمر. وأنوار نيون عملاقة تشع في الأعلى ويذيع صيت فرنك الآلي من مدينة إنيوجو وحتى أونيتشا




    * كاتبة بلجيكية من أصل نيجيري
                  

العنوان الكاتب Date
الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-11-07, 07:19 PM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها الفاتح ميرغني11-12-07, 04:02 AM
    Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها المسافر11-12-07, 04:55 AM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-12-07, 11:37 AM
    Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Fadl Karrar11-12-07, 11:57 AM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-12-07, 12:53 PM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها nada ali11-12-07, 02:19 PM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها عبد الله عقيد11-12-07, 02:40 PM
    Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-12-07, 09:53 PM
      Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها عبد الله عقيد11-13-07, 03:00 PM
        Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-13-07, 04:22 PM
        Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-13-07, 04:30 PM
          Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-13-07, 04:50 PM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-14-07, 06:48 AM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها عبد الله عقيد11-14-07, 09:11 AM
    Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-16-07, 01:10 PM
      Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-22-07, 12:37 PM
        Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها عبد الله عقيد11-22-07, 02:10 PM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها ابوعسل السيد احمد11-22-07, 03:20 PM
  Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-22-07, 09:31 PM
    Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها هشام آدم11-23-07, 03:04 PM
      Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها هشام آدم11-23-07, 03:29 PM
        Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها هشام آدم11-23-07, 03:38 PM
          Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها د.عبد المطلب صديق11-23-07, 04:46 PM
            Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها Ghassan Ghosn11-24-07, 00:05 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de