|
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها (Re: Ghassan Ghosn)
|
أخي عبدالله،
سلامٌ وتحية.
للتوضيح: أنا لم أشارك في إعداد أيٍّ من تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في العالم العربي التي يُصِرّون على تسمِيتها تقاريرَ التنمية "الإنسانية" العربيّة – وهي، في رأيي، غيرُ صحيحة – بل ترجمتُ "تقرير التنمية البشرية" (العالمي) ثلاثَ سنواتٍ متتالية، 2003/4/5.
http://hdr.undp.org/reports/global/2003/arabic/pdf/hdr2003_ar_complete.pdf http://hdr.undp.org/reports/global/2004/arabic/pdf/hdr04_ar_complete.pdf http://hdr.undp.org/reports/global/2005/arabic/pdf/hdr05_ar_complete.pdf
ولَسوف أرسِل إلى بريدك الجديد بعضَ ممّا كتبتُه سابقًا – وبالمناسبة، فإن إحدى الصَّبايا التي تَطبع لي ترجماتي وكتاباتي منذ سنواتٍ عدّة ستبدأ في مطلع الأسبوع المقبل في تحويل/طباعة كلّ كتاباتي المحفوظة بالـ(pdf)، والموجودةِ في قُصاصات، إلى نظام ’الوُورد‘ – لكي أنقِّحها وأنشرها إن شاء الله في ثلاثة كتبٍ مختلفة: لغة/ترجمة، سياسة، متفرِّقات. -------- أخي أبا العسل – أو هل يقول لك هذا ’البْرانْشْ‘: (Father of Honey )
شكرًا جزيلاً لك، ولولا طباعتي السُّلَحفاتيّة لَتمكَّنتُ من المشاركة على نحوٍ أكبر.
أوّلاً، أُحيلكَ وبقيةَ الإخوة إلى ما كتبتُه عن الترجمة في موضوع "لماذا نكتب؟"
لماذا نكتب ؟
ثانيًا، هذه بعضُ الفقرات مما كتبتُه في مقالٍ بعنوان "الترجمة، وما أدراهُم بالترجمة!" نشرتْه صحيفةُ "السّفير" في 3/10/1997 ضمْن محورٍ عن الترجمة:
كثيرةٌ، في أيام العزِّ والازدهار هذه، هي طَواويسُ الثقافة التي تتباهى في الترجمة، مثلما في شاطر الشِّعر ومشطور النَّثر… وما بينهما، وفي مسائل الإعتام والإبهام، وبقية مظاهر الترقّي الثقافي والفكري. لكنني، على الرغم من الألم والغضب، ما عدتُ أستغربُ هذا الانحطاطَ في مجتمعاتٍ تَلهث، و"تستقتِل"، للّحاق بعالم الأنانية المادية، واقتباس "القِيَم الحضارية" الاستهلاكية. فلقد صرنا، في معظمنا، وفي معظم أمورنا، نتلقّى – ونتقبّل – أمصالَ التفاهات والتُّرَّهات من كل حدْبٍ وصوب، دونما أيِّ اعتراضٍ أو احتجاج: إما لأننا لا نعرف أخطاءها وأخطارها، وإما لأننا لا نأبه، وإما لأننا لا نرى في الاحتجاج جدوى، وإما لأننا نفضِّل الغناء للشّرِّ عن بُعد – بدلَ التصدّي له ومكافحته!
فعندما يَكثر الجهلُ والغرور والعناد (والكلامُ هنا عن موضوع مِحْوَرنا)، ويزداد جشعُ أرباب العمل وسوءُ أوضاع "العمال"، ويَقلّ الاهتمامُ والاعتزاز بالإنتاج والإنجاز، ويَندر وجودُ النقد البنّاء والمراقبة الجدِّية العالِمة (بدلَ المتعالِمة)، "تسود الرداءةُ سوقَ الترجمة" بِحَسب تعبير فخري صالح ("الحياة" 17/3/97). ويتبيّن محلِّلو التّرجمات العربية الفاسدةِ المفسِدة، "أولاً، الأبعادَ الكارثية التي بلغتها أوضاع الترجَمة حاليًّا في العالم العربي، وثانيًا، المستوى المنحَطَّ تمامًا لإلمام هذا النوع من المترجمين باللغة المنقول عنها كما باللغة المنقول إليها، وثالثًا، مدى الإساءة التي يتعرّض لها القارئُ الذي يعتمد مثلَ هذه الترجمات مصدرًا لمعلوماته ورافدًا لثقافته ومرجِعًا لأحكامه" (صادق جلال العظم، "ما بعدَ ذهنية التحريم"، مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي، نيقوسيا – قبرص، 1997، ص. 20). (...)
الترجمــة في كلِّ شيءٍ وأمْر، نُترجِم. فحتى في الإشارة، في النظرة، في الصمت… نترجِم، ونُصِرُّ على أنّ قائل الكلمة، أو مُوجِّهَ الغمْزة، هكذا عناها! نُترجِم كما نَفهم، لكنّنا أحيانًا كثيرة نترجِم كما يُناسِبنا أو يُوافِق مِزاجنا. نُترجِم بسرعة، ومن دون ترَوٍّ، لكي يصير ذا قيمة، نسبيًّا، ذاك المبلغُ الضئيل الذي تتصدّق به علينا دُورُ النشر، وشركاتُ المطبوعات من صحف ومجلات، ومحطات التلڤزيون، وغيرُها. نَحذف، نُضيف، نَتصرَّف ("بامتياز" كما يقول الدكتورُ العظم)، بحَسب أهوائنا، أو بسبب جهلنا. ومن مساوئنا الكبرى في الترجمة، كما في أمورٍِ عديدة أخرى، الادِّعاءُ والغرور. فنحن نعرف، ونؤمن (ونَجزم) بأننا نعرف، كلَّ شيء عن كلِّ شيء. نحن أربابُها، بصرْف النظر عمّا تشير إليه هذه الـ"ها". لا نَبحث، ولا نُنقّب، ولا نَتحرّى، ومعاذ اللّه أن نسأل! معلوماتنا العامةُ ضئيلة، قديمةُ العهد، محدودة؛ إذ لا نقرأ إلاّ في ما ندَر، وعن سياساتنا المحلية (وساسَتِنا الفُضَلاء، وما يقولونه في هذا الموضوع أو ذاك)، أو عن الشَّعوَذة، والفضائح. ولا نَطَّلِع على ما يجري في العالم، اللّهم إلا في مجالات الأزياء، والعُطور، وفي مجتمع "البِكيني"، وتطوّرِ العلاقة الحميمة بين هذا وتلك في… المسلسلات المكسيكية! (...)
الترجمة، في رأيي واعتقادي (وهذا ما أوضحتُه بعدَ – وبسبب – ترجمتي كتابَ أدوارد سعيد "صُوَر المثقف")، هي موْهِبة، ومعرِفة، وممارَسة، ومِرانة، ومُرونة، وفنّ، وعِلْم، وتطبيق. فهي "أصعبُ من التأليف عند مَن يُريد مُراعاة الأصل وضبطَ إبراز مادّةٍ راقية مثْلِه" (فرح أنطون). غايتُها "أن تُعْفينا من قراءة الأصل، وشأنُها أن تجعل نصَّ الموضوع يبقى إيّاه بعد ترجمته. وهذه المسألة، مسألةُ وحْدة هُوِيَّة النَّص في اللغتَين، هي التي تُشكِّل الصعوبة الأساسية في طريق نظريّة الترجمة" (لطيف زيتوني، استنادًا إلى أقوال جان-رينيه لادْميرال في "الموسوعة الكبرى"). عمرُها من عمْر رغبة الإنسان في التّعرُّف إلى الآخر، وفي فهْمه وإفهامه – وقَلَّ من أُوتي أن يَفهم ويُفهِم.
عمْرُ الخلاف عليها، والاختلاف فيها، من عُمْرها، بلْ من عُمر الخلاف على الكتابة والمُشافَهة نفسَيْهما؛ ومن عمْر الاختلاف فيهما، وحولَهما. فأنا وأنا – كما أقول لطُلاّبي من دون مبالغة، وربّما بسذاجة – لا نتَّفق فيها، بين يومٍ وآخر، إلا نادرًا (راجِع مقالاتي، في هذا الصدد، في "السفير" 8 و9 و10 تموز/يوليو 1996؛ وفي "الحياة" 16 و17 و18 تموز/يوليو، و17 و18 و19 كانون الأول/ديسمبر 1996). (...)
من "الخطايا" العديدة جدًّا لمُترجِمي الأفلام والمُسلسَلات، وكثُرٌ منهم طلابٌ أو مُتَدَرِّجون تَستغلِّهم مكاتبُ الترجمة أو محطاتُ التلڤزيون أنفسُها (ولا يُترجِمون نصوصًا مكتوبة، بل ما يَنقلونه عن أشرِطةِ تسجيلٍ عادية، ومن دون مشاهدة الفيلم): • "أميركا، أميركا" بدَلَ "أعجوبة، أعجوبة" A miracle, a miracle. • "جبَل دانتي يتكلم" بدل "قمة (جبل) دانتي" Dante’s Peak، السبب: انتقالُ حرْف "S"، في مُخَيِّلة المترجِم، من الكلمة الأولى إلى الثانية: Dante speak. • "حَدِّد العدالة"، بدَل "العدالة الإلهية" Divine Justice. الكلمةُ الأولى سُمِعت: Define. • "لديه التهابٌ في فِكْره" (مثْل المترجِم، والمُصحِّح). سَمِع المترجِمُ النابغة thought بدَل throat، أي الحلْق، أو الحُلْقوم؛ الذي لا "راحة" له من كلِّ هذه الغَصّات والالتِهابات. • "آباؤنا الأربعة" (فيلم Kindergarten Cop) – الأصل، كلمةٌ واحدة forefathers، أي أجدادُنا أو أسْلافنا، وليس كلمتين four fathers، أي آباء أربعة! ترى، كيف يُترجِم هؤلاء الكلمةَ المُقابِلة – foremothers؟ أمَّهاتنا الأربع؟ • "لا تقلقي بشأن باقة العروس، سوف أعَضُّ نفسي"! أنا الذي سأعَضُّ نفسي حنَقًا وغيْظًا وقَرَفًا، بسبب هؤلاء الأفذاذ. فالشِّقُّ الثاني من الجُملة: I'll buy it myself، أي سأبتاعها (أو أبتاعها بنَفْسي)، وليس: I'll bite myself!
(...)
مَثَلان صارِخان أختتِمُ هذه المداخَلة، أو العُجالة، بنموذجَيْن من "أروع" مآثر مترجِمي الأفلام والمُسلسلات، و... "الدكاترة". أ- نقلَت صحيفةُ دايْلي سْتار اللبنانية، في 22/1/97، عن وكالة أنباء رويترز، ما معناهُ أنّ مسؤولاً مصريًّا رفيعَ المنصب والمستوى الثقافي على السّواء قال لمترجِمي الأفلام ومراقِبيها: حسِّنوا لغتَكم أو ابْحثوا عن وظائفَ جديدة. والسبب، الذي يُشبه القشّةَ الأخيرة، جملةٌ فاقِدةُ المعنى كلّيًّا - لكنّها أذهلَت المشاهِدين، بمَن فيهم ذاك المسؤول - بتحويلها اسمَ الكوميديِّ الراحل W.C. Fields إلى "حقول المرحاض" (استعملَتْ ترجمةُ الترجمة في الدّايْلي سْتار كلمتَي toilet pastures). ب- في كتاب "إيران: ماضيها وحاضرها"، الصادرِ عن دار الكتاب المصري ودارِ الكتاب اللبناني، طبعة ثانية 1985، "ترجمة عن الإنكليزية: دكتور عبد النعيم محمد حسنين، أستاذ كرسي ورئيس قسم اللغات الشرقية وآدابها بكلية الآداب جامعة عين شمس": يكتب ’سيادتُه‘ عن مشروعٍ إيراني ما يلي (بما في ذلك الأسماءُ والصفات، بالإنكليزية): "تمّ تنفيذه ... تحت الإدارة المباشرة للدكتور ليل ج. هيدن Dr. Lyle J. Hayden، والزارع إلينوي برد – Illinois bred، والمدرب كورنيل تريند Cornell Trained، و..." (ص 200)! على الرّغم من عدم اطِّلاعي على الكتاب الأصلي، الذي ألّفه دونالد وِلْبر Wilbur، فإني أراهن – وأتعهَّد مسبقًا، في حال الخطأ، بتوجيه أحرِّ اعتذارٍ علني للدكتور المترجِم وإلى دارَيْ النَّشر المعروفتين – بأنّ ذاك المشروعَ نُفِّذ بإدارة إنسانٍ واحد، لا غير، هو الدكتور "لايْل جاي. هايدِنْ"، الذي نشأ وتربّى في ولاية إيلينُوي الأميركية (Illinois-bred)، وتلقّى علومَه العالية - أو تثقّف - في جامعة كورنيل (Cornell-trained)! ومن المؤكَّد أنه عالِمٌ "شديدُ الاندِفاع" bred-in-the-bone scientist ، وهو ما يُذكِّر بالقول المأثور: "What is bred in the bone will not come out of the flesh"
الذي يختار لتفسيره صاحبُ "المغني الكبير"، حسن سعيد الكرمي، هذا البيتَ المُلائم: ومهما تكُن عند امرئٍ مِن خليقةٍ وإن خالَها تَخفى على النّاس تُعلَمِ
وللحديث صلَةٌ، بل صِلات! ---- مع تحيّاتي للجميع. غسّان
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-11-07, 07:19 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | الفاتح ميرغني | 11-12-07, 04:02 AM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | المسافر | 11-12-07, 04:55 AM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-12-07, 11:37 AM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Fadl Karrar | 11-12-07, 11:57 AM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-12-07, 12:53 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | nada ali | 11-12-07, 02:19 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | عبد الله عقيد | 11-12-07, 02:40 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-12-07, 09:53 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | عبد الله عقيد | 11-13-07, 03:00 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-13-07, 04:22 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-13-07, 04:30 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-13-07, 04:50 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-14-07, 06:48 AM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | عبد الله عقيد | 11-14-07, 09:11 AM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-16-07, 01:10 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-22-07, 12:37 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | عبد الله عقيد | 11-22-07, 02:10 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | ابوعسل السيد احمد | 11-22-07, 03:20 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-22-07, 09:31 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | هشام آدم | 11-23-07, 03:04 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | هشام آدم | 11-23-07, 03:29 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | هشام آدم | 11-23-07, 03:38 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | د.عبد المطلب صديق | 11-23-07, 04:46 PM |
Re: الترجمة، ومدى الاهتمام بها | Ghassan Ghosn | 11-24-07, 00:05 AM |
|
|
|