|
قوز الفكي ادم (Re: Ali Alameen)
|
خرجت من اسمنت و أسفلت يسمى بالخرطوم وهي مدينة لا تأخذ من الخريف و المطر إلا البعوض و الكدر في اتجاه "قوز ابروف" هذه الجميلة التي تقع علي مسافة ليست بالبعيدة من ملتقي نهر الدندر الابن الطائش و المتمرد من أبيه النيل الأزرق و"ابروف" هو جدي لامي و أنا اذكر هذه المعلومة لان" ابروف" لم يورثنا شيء غير هذه القرية التي نفتخر أحيانا مضطرين غير عادْين بأننا مؤسسوها.
ذهبت إلى هناك لقضاء عطلة عيد الفطر المبارك هروباً من مدن الإسفلت التي لا تأخذ من الخريف إلا البعوض ولا تأخذ من البعوض إلا الملاريا ذهبت إلي هناك لأمتع نظري بذلك الهمس المثير بين الدندر و الأزرق كأنما يسر احديهما للأخر عن جمال تلك القرية ذهبت إلي هناك لأشهد التقاء العيد و الخريف و الشتاء على رمال قريتي. انا لا اكتب شعرا و لا اكذب فقد كانت قريتي في هذا العيد جميلة جدا و لست مسئولا إن لم تكن جميلة في وقت أخر. وجدي عند ما أسس هذه القرية لم يكن معجبا بالتقاء الدندر و الأزرق عندها أو كان معجبا بتلك التلال الرملية "القيزان" التي تحيط بها من ثلاث اتجاهات. فمن جهة الغرب يوجد قوز" الفكي ادم " و "الفكي ادم" هذا من المفترض أن يكون مدفونا في أعلى التل بين الرايتين إذ يوجد ما يشبه القبر و لكن لا توجد جثة مدفونة تحته و يقال أن الفكي ادم تبين في هذا المكان في شكل ماء على هذه البقعة من التل التي تأخذ الآن شكل القبر وأنا لا ادري لأي قبيلة أو طائفة ينتمي هذا الفكي و لكني سمعت أمي عندما تقترب من قبره المفترض تخلع حذاءها وتبدأ في الرجز يا ود داوود يالقلبت المرعفين عود و كنت أري الكثير من العيدان في ذاك المكان وكنت أحاول جاهداً أن أميز العود العادي من العود المرعفين ورغم أنني لم أر المرعفين قط فقد أخذت شكله من احد هذه الأعواد . في اعلي التل يوجد قبر الفكي المفترض وعند رأسه و قدميه توجد أدوات غريبة سكين من الحجر و برمة و بقية أواني من الفخار لا ادري لأي حقبة زمنية تعود فالناس هنا لم يتجاوزوا العصر الحجري كثيرا. كانت أمي تضع زيارتها في تلك الأواني المقدسة و تجدد طلباتها بان يحفظ الفكي أخي الكبير بالتعاون مع ود"بانقا" و بعد ذلك تقوم بقطع شريط من الرايات و تربطه حول ذراعي عرفت لاحقا أن هذه الشريط يسمي عزيمة. كان الفكي ادم يأخذ منا التمر و السكر ونأخذ منه خرق من القماش البالي و تراب من القبر الخيالي يسميه الناس نور نقوم بالتهامه طلبا للبركة. كنت أحس أن أمي لم تكن مقتنعة بما تفعله كما كنت أحس ذلك في كل أهل القرية .أتذكر كيف كنت أعود مرة أخرى لهذا المكان وحدي ليس من اجل السكر الذي وضعته أمي في تلك الأواني الغريبة بل كانت هناك أشياء أخرى تستهويني في هذا المكان هذا المكان ملئ برائحة التاريخ ويحمل سرا ينتظر من يبحث عنه و كنت ابحث عنه حسب مقدرتي كنت ابحث في تلك الأرض الرملية باحثا عن نوع من الخرز الدقيق الملون تجده متناثرا بين الرمال يسمى بالسكسك تجمعه الفتيات لينظمن منه عقداً أما أنا فقد كنت اجمعه عسى أن يقودني إلى ما وراءه و اسأل نفسي من أين أتى و من كان يلبسه ومما أثار فضولي في هذا الموضوع أن احد أصدقاء الطفولة ذكر لي أنهم قد وجدوا هذا السكسك في شكل عقد كامل على عنق هيكل امرأة كنت أريد أن اعرف من كان يسكن في هذا المكان قبلنا ألان توقفت زياراتي لهذا المكان إذ لا ينبغي لشخص مثلي في قريتنا أن يبحث وراء هذه الترهات فعندنا ينبذ الكثير من الأشياء لغير ما سبب.
|
|
|
|
|
|
|
|
|