دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: سعت إليه سيدة مصرية على مشارف الثلاثين، كانت جميلة كما لو أنها تضرعت إلى الله لحظة الخلق أن يوجدها على مثال ولا أروع. كان كل شيء فيها يغري بالعناق. وقد وشى عن تاريخ عريق من «التغذية الجيدة»، كانت تخاطبه بلغة إنكليزية ذات لكنة أميركية سليمة، تطلب توقيعه على عمل مترجم له. فجأة، أخذ يتقمص دور «عطيل»، وقد بدا مثل شخصية خارجة للتو من كتاب «موسم الهجرة إلى الشمال»، قائلاً بإنكليزية ذات لكنة سودانية خالصة: «على الرحب والسعة». |
أهلا بعودتك يا عبدالحميد..عدت وشيخك الطيب في عالم اخر..اللغة فيه غير اللغة..والخطاب غير الخطاب.. ابق معنا لتجمل وجه هذا المكان.. ولتعيد ذكرى شيخك الراحل بهذه الكتابة التي فيها نفس الطيب .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: «ريشة بيضاء في الماء الأسود، ريشة بيضاء في اتجاه المجد».
«سببت لنا فجأة هذا الألم الكبير، لأنها بيضاء إلى هذا الحد ولأنها كذلك، قبل المساء...».
|
ترك لنا روائع قلما يجود بها كاتب آخر له لونيته الخاصة والخالصة وتاريخاً أدبياً جميلاً
ـــــــــ حمداً لله على سلامة حرفك هنا يا برنس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: انعام عبد الحفيظ)
|
البرنس سلام مربع قد اكتب عن الطيب صالح فى مرة قادمة ولكن وجودك هنا يغرى بان نقرأ ونكتب ابقى هنا يا صديقى ياخى افتش فيك من زمن المقريزى عبد الحميد بابتعادك ترتكب فاحشة بينه كنت اعرف ان اشرعة الكتابه ستمتلى عندك ذات يوم ولكن اين؟؟ هذا ماكان يؤرقنى.. ما تجهحهنا عليك الله.. تعال الى هنا دائما او ابقى!!!! ايهما اقرب الى التقوى،،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عمران حسن صالح)
|
البرنس حسبتها من العنوان أنها قصيده فوجدتها أكثر شاعرية من القصيد ووقفت معه ذلك الطيب إستقبل الناس عند خانق تلك القاعه ثم سبقتهم لأختار لأذنى وعينى مكاننا يمكنى منه ثانية وحدث عندما جاءته تلك الثلاثينيه بلهجة يانكيها وكأنى به يردد الله يكبرن الكبرنى وسمحن لا بل ثملت من لكنة إنجليزيته التى لا لحن فيها بل ترتيل بانت مخارج حروفه بلا هنات البرنس عود أحمدا وخاص وخالص السلام
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: elsharief)
|
تحية لهذا المرور الجميل:
وبعد:
منذ أن رحل الطيب, أخذ يتضاعف لدي, ذلك الإحساس الحاد بزوال الناس والأشياء, سيما وأن مثله كالنجوم دالة على عصر كامل من التحولات العميقة على مختلف الصعد. لقد كان (رحمه الله) مؤرخا واسع الخيال قدم لنا ما يجري داخل وخارج الذات البشرية على نحو آسر. ولعلي أمام كل هذا الفراغ الذي تسبب فيه رحيله ألتمس العزاء مرة أخرى من احدى مقولات سان بيرس الشعرية: "هذه الدموع (يا صديقي) لم تكن أبدا دموع فانية". أخيرا, أرجو أن يتاح لي الوقت للمزيد من المشاركات. دمتم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الأديب الصديق عبد الحميد البرنس سلام ومحبة وشوق وينك يا رجل : : دعني أشارك الرثاء لشيخنا الحبيب الطيب صالح ... : :
طولُ البكاءِ يحرقُنا
ويورثُنا الظلامْ
كلُ الخفوقِ الغرِ
هائجةً إذا نحن
احترفنا الحزنَ
في الفقدِ الهمام
أحزانُنا ثكلى مبعثرةً
كأن نشيجَها عيبٌ
عروضي يضجُ به الكلامْ
من أين يأتي الوزنُ
هاك الوزنَ
هل نستعطفُ الحركاتِ
تضبطه .. وهل تأتي سلام ؟
أخذتَ سراجَ القلبِ
كلَ النبضِ فاعله
وهذا بكاؤنا الليلي
يتبعُكَ كظلٍ للشمسِ قام
ياهذا الوعد الذي في قلبي نام
حُزنُنا المحقونُ بالحبِ الخرافي
عودّنا الهيام
أبقى نشيجَ الشوقِ
لا نامت بنبض القلبِ هائجةٌ
ولا الطيفُ استدام
يا بوحَ ـ بنت محمود ـ يأتينا مع الفجرِ الغمامُ
تحملُه البِشاراتُ السندسية
وشجرةُ ( القنديل ) تشهدُ حبَه
مريودُ دعني أشاركك التجلّدَ
استفقْ ..
مريوم عذبّها الغرام ..
لا القبرُ ناح الفجرَ
لا ( الرواسُ ) يذكر ليلَه
لا ( الزينُ ) يعبدً ربه
ولا حتى العطاءات البكرِ ( لضوءِ البيتِ )
ولا ( هيلين )
تمنحنا التصبّرَ والكلام
كل الذي أدماك بالكلماتِ
أدمى قلبنا المحزون
يا صالحَ الطِيبِ
لا .. مثل ما قال الضلاليُ المُلامْ
لكنَّ هو الموت
هو القبر
مريومُ بين الماء
تنتظرُ التزودَ بالغرام ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عروة علي موسى)
|
بكيت بكيت بكيت . الدم لا يندفع الى أطرافى وانا بين تنهدات الناس فى مقابر البكرى . بكيت وأحسست بالحزن يثقل قلبى وأحسست أن كل تلك العوالم الجميلة قد استدارت ومضت .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: طارق جبريل)
|
العزيز الشاعر عروة علي موسى:
إذا نظرنا إلى الفجيعة من زاوية أخرى, ندرك أن الطيب لم يمت, (بل صعد), أوحدث له مايحدث للطاقة من تحولات. ستفنى أجيال وأجيال لاحقة, سيفيض النيل وينحسر آلاف المرات, وسيزداد وهج أعماله كلما تقدم الوقت. كيف ولا!, وهو من تلك القلة النادرة التي تهب ماتكتب بعضا من روحها.
ذلك شيخي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: العزيز الشاعر عروة علي موسى:
إذا نظرنا إلى الفجيعة من زاوية أخرى, ندرك أن الطيب لم يمت, (بل صعد), أوحدث له مايحدث للطاقة من تحولات. ستفنى أجيال وأجيال لاحقة, سيفيض النيل وينحسر آلاف المرات, وسيزداد وهج أعماله كلما تقدم الوقت. كيف ولا!, وهو من تلك القلة النادرة التي تهب ماتكتب بعضا من روحها.
ذلك شيخي. |
عزيزنا الطيب الآخر البرنس.. وياما في السودان من طيبين آخرين أيضاً ودوماً..
هو شيخنا جميعاً ما فيه الكفاية وفرض العين.. مراحب بعودتك .. ونحتاجك أليفاً دافئ الكلمات وأعذبها .. كما يعبر حيناً صديقنا زوربا.. كن معنا وبيننا في هذا المكان دوماً.. وتعال .. ما تغيب طويلاً. وتحيات عبرك لعروة علي موسى على قصيدته الحميمة في رثاء أحب الشيوخ إلينا. مع وافر التقدير .. وواصل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: Osman Musa)
|
صديقنا عثمان موسى:
ذلك إحساس عميق باليتم. كنت أرجو من تراب الدبة (تلك القرية التي شهدت الميلاد عام 1929) أن يضم جسده المنهك (لا مقابر البكري). ربما لتكتمل الدائرة. ربما لكي لايشعر بغربة أبدية في تلك العاصمة التي أجاد تصويرها قبل من عل.
أتابع هذه الأيام ما أمكن قراءة كتاب Barack Obama الذي صدر منذ نحو عشر سنوات تقريبا بعنوان Dreams from My Father وهوالكتاب الذي حمل عنوانا فرعيا A Story of Race and Inheritance عكس جوهر محتواه بدقة. ما لفت انتباهي حتى الآن هو تلك الموهبة الروائية الفذة التي يتمتع بها Barack Obama على مستوى البناء المعماري للأحداث.
إلى هنا مع محبة دائمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: شول اشوانق دينق)
|
"الخرطوم من عل, في هذه الساعة قبل الفجر, تبدو كرأس أصلع, بلا نسق. بقع صغيرة من الضوء الأصفر والأزرق.. مساحات واسعة من الظلام, الضوء ضحل, مثل مياه البرك.. المدينة غائمة المعالم, مثل حلم لم يتجسد بعد. لكنك تستطيع أن تتبين النهر, مضيئا بنور ذاتي, مثل وجه رجل عابد. المدينة, في هذه الساعة عند الفجر, نائمة في أسمالها مثل طفل يتيم.. المدن تزداد جمالا أوقبحا في هذه الساعة, حين يختفي العنصر البشري, الذي يموه الألوان ويشوه زوايا النظر, وتبقى المدينة في جوهرها, بحجارتها وأشجارها تحت قبة السماء"- الطيب صالح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: Osman Musa)
|
صديقنا عثمان موسى:
شكرا. فقط كنت أستمتع خلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة بمشاغل الولدين محمد وأنيس. أحيانا, أفكر أن لحمودي شخصية فنان, يقتل نفسه لعبا وضحكا ومزاحا, وفجأة يخلد إلى عزلة يتأمل خلالها العالم من خلال عينيه الواسعتين, وقد صمم على صون عزلته أمام أخيه الصغير بشتى الوسائل. أنيس أخذ يبدو لي أكثر فأكثر قريبا إلى شخصية عالم من ناحية تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها. كن بخير وسعادة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: العزيز حد الدهشة طارق جبريل:
إلى الآن لم أفرغ من تأمل صورة البروفايل خاصتك. "ملح الأرض", صورة تعيد إلى وعي هذه المقولة التي تعكس جوهر مساهمة الطيب الإبداعية. لكن هذا الحنان.. كل هذه الطيبة.. اللذان يشرقان من هذه الصورة, قد لايقوى قلبي على احتمالهما طويلا. ربما لهذا يطيب لي أكثر في هذا العالم أن أتأمل ما وسع التأمل تلك المقولة لصديقي إبراهيم أصلان:
ما أعاننا على البقاء (أنت يا من هناك).. أننا كنا أكثر منك قسوة وأقل طيبة |
حبيبنا البرنس كيفنك ابوي
تلك ليلة لا تنسى يا صديق الزمن الجميل طلب شيخنا الطيب صالح قراصة بالويكة فكانت الحاجة عشة بت ابو دية رحمها الله له بالمرصاد اكل حتى غاصت انامله بين الويكة والقراصة وجيئ بالشطة والبصل الاخضر شبع وارتوى ثم جيئ بالشاي بالهبهان والقرفة وحينها انفرجت اسارير شيخنا الطيب فتحاور هو وجبيرين ود الطيب والدنا اطال الله عمره لم يتركوا شيئا للصدفة طرقوا كل شئ كانت ذاكرتهم تختزن كما هائلا لتلك القرى عند منحنى النيل تحدثوا عن النخيل والمنقة والبرسيم وحتى انواع الحمير كان شيخ الطيب مسرورا بليلة عند منحنى النيل وبكل طقوسها لكن على بعد مرمى حجر من الاطلسي كنا انا وشقيقي طلحة شهودا على هذا الالق في شقتي واسعفتنا آلة التسجيل تلك الليلة فخرجنا بكنز من شيخنا الطيب فيه مجموعة من الدرر... كان الرجل على سجيته وتلك (الكفتيرة) التي امامه حاصرتها بت ابو دية مرات ومرات حتى لا يمل الرجل جلسته بيننا حين انتبهنا للوقت كانت الخامسة والنصف صباحا بعدها غادرنا الرجل الى لندن وكتب عن تلك الليلة: (((هؤلاء قوم اقحاح))) وادخلتنا تلك الجملة في حرج كبير...
يا برنس سلم لي علي الوليدات وامهم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: Dr.Elsadig Abdalla)
|
أيها البرنس الجميل أين أنت يارجل؟
مشتاقين كتير فى حضرة الا ديب الطيب صالح الف رحمه ونور عليه..
ومازلت تستنشق وتنتج عصارة المعنى فى ماهية أبداع الاخرين وانت منهم...
والله ليك وحشه وشوق لتلكم الايام ( الحى العاشر) وعزالدين الجلاد ..
عوض أبوجديرى
[email protected]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: awad abugdeiri)
|
حسن.. أخي.. الكاتب المبدع: تحية ثرية. أسعدني مرورك عبر هذه المساحة لرثاء الطيب ذلك الإنسان المحب. كيف ولا, وهو القائل: "الإنسان يا محيميد.. الحياة يا محيميد مافيها غير حاجتين: الصداقة والمحبة. وماتقول لي لا حسب ولا جاه ولا مال. يوم الحساب.. يوم يقف الخلق بين يدي ذي العزة والجلال شايلين صلاتهم وزكاتهم وحجهم وصيامهم وتهجدهم وسجودهم, سوف أقول يا صاحب الجلال والجبروت.. عبدك المسكين الطاهر ود بلال ولد حواء بنت العريبي يقف بين يديك خالي الجراب منقطع الأسباب, ماعنده شيء يضعه في ميزان عدلك سوى المحبة".
كن بخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: كنا انا وشقيقي طلحة شهودا على هذا الالق في شقتي واسعفتنا آلة التسجيل تلك الليلة فخرجنا بكنز من شيخنا الطيب فيه مجموعة من الدرر |
هل لنا أن ننتظر ذلك الكنز هنا يا أخي ؟؟..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: فتحي الصديق)
|
شول اشوانق دينق: تحية مصدرها القلب وشكر.
"كان القمر يبتسم بطريقة ما, وكان الضوء كأنه نبع لن يجف أبدا, وكانت أصوات الحياة في ودحامد متناسقة متماسكة تجعلك تحس بأن الموت معنى آخر من معاني الحياة لا أكثر. كل شيء موجود وسيظل موجودا. لن تنشب حرب ولن تسفك دماء.. وسوف تلد النساء بلا ألم والموتى سوف يدفنون بلا بكاء".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: هل لنا أن ننتظر ذلك الكنز هنا يا أخي ؟؟.. |
لعل أخي فتحي الصديق, يعثر على مبتغاه في (السيرة الذاتية) للطيب صالح التي قام بتحريرها الزميل طلحة جبريل. إذ إن (ملابسات) ذلك المجلس الذي أشار إليه طارق تمت ربما تمت على هامش تلك (السيرة). لكنها ملابسات مهمة في زعمي. الملابسات التي لم يرد ذكرها في السيرة. ذلك الزخم من المسكوت عنه يعمل في تصوري على إضاءة الكثير من الجوانب الإنسانية وربما الإبداعية للطيب. هنا أيضا تبرز كعامل إضاءة مساعد كتابات صالح عن المدن العربية والغربية على حد سواء. فمثلا يرد إلى ذهني الآن بعض من أحداث زيارته إلى ألمانيا حين آثر أن يستبدل خلسة تذكرة الدرجة الثانية التي منحها إياه مضيفوه الألمان بالدرجة الأولى على نفقته الخاصة في رحلة بالقطار من مدينة ألمانية إلى أخرى (لو كنت في مكانه لسعيت نحو الدرجة الثالثة أوالرابعة حتى واضعا ما فاض من مبلغ في جيبي). إنني أرمي من طرف خفي هنا إلى أن الطيب ظل وفيا لعالم الطبقات العليا في الغرب من حيث معرفته الدقيقة بمختلف مستوياته. ككاتب أرى أن عوالمي في كندا على درجة واسعة من الاختلاف من زاوية ملامستي الدقيقة لعالم الطبقات الدنيا. فمثلا من الممكن أن أكتب بتفصيل دقيق عن شخصية عامل نظافة هاجر إلى كندا للتو من إحدى دويلات الكاريبي المنسية. عالم مصطفى سعيد يقع خارج تجاربي الإنسانية وكذلك (منسي). باختصار, أرى أن مبدعا وناقدا مثل الألماني تسفايج ما كان له أن يسبر الأغوار السحيقة لعالم دستويفسكي بكل ذلك العمق لو لم يهتم بتلك التفاصيل المتعلقة بسنوات تنقله في أوربا. تلك التفاصيل التي تقع خارج روائعه المعروفة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: osama elkhawad)
|
د. الصادق: سعيد بك وشوق..
"اجتمعت النقائض في عرس الزين. جواري الواحة غنين ورقصن تحت سمع الإمام وبصره. كان المشايخ يرتلون القرآن الكريم في بيت, والجواري يرقصن في بيت, والمداحون يقرعون الطار في بيت. كان فرحا كأنه مجموعة أفراح. وتقاطر عرب القوز وفريق الطلحة. وجاء الناس من بحري وقبلي, وغنت فطومة ورقصت سلامة. لم تبق امرأة لم تزغرد ولا رجل لم يهتز ويطرب.. وكانت الدائرة تتسع وتضيق, والأصوات تغطس وتطفو, والطبول ترعد وتزمجر, والزين واقف في مكانه في قلب الدائرة, بقامته الطويلة, وجسمه النحيل, فكأنه صاري المركب".
هكذا, أدرك أن الطيب (شأن العظماء من الكتاب والفلاسفة والمصلحين وغيرهم ممن صاغ حياة الناس على مستوى عام وشامل) ظل ((الحب)) يشكل رؤيته للعالم على نحو جوهري. ذلك ما أدركته كذلك لحظة أن أعدت أخيرا النظر في سيرة حياة غاندي عبر أكثر من محور. كيف ولا, وهو القائل: "لقد بدأت أدرك, أكثر فأكثر, امكانيات الحب الشامل اللانهائية".
يبدو لي, حين يتعلق الأمر بالكتابة, أن الحب هو الجسر الوحيد لمرور الكاتب من المحلية إلى آفاق إنسانية أكثر رحابة وثراء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
والله زمن ياأبوجديري!.
"الذين حضروا أيام الإنجليز من المخضرمين أمثالي، يذكرون أن في المديرية الشمالية، كانوا يشقون قنوات على ضفتي النيل على طول امتداده في ذلك الإقليم. كان لذلك فائدتان .. حين يفيض النيل يفتحون تلك القنوات، فيسيل الماء على الضفتين، فتمتص الأرض الظمأى فائض الماء على الضفتين، فلا يحدث الخراب والدمار الذي يُحدثه إذا لم يجد متنفساً. وقد كان ذلك في ظني هو الهدف الأهم من فتح القنوات. الفائدة الثانية هي أن ماء الفيضان يصل إلى أماكن لا يصلها عادة، فتكون زراعات ومراعي أغنام وغابات طلح وسيال وعُشر، وغير ذلك. كل ذلك كان يثبت الأرض الرملية ويقي من رياح السموم، ويبسط الظل على عدوتي النيل. وكان في بلدنا غابة كبيرة من أشجار الطلح ويسقيها النيل من تلك القنوات من عام إلى عام. وقد نمت وازدهرت لأن الحكومة كانت تمنع منعاً باتاً قطع أي شجرة إلا بإذن خاص وفي حالات نادرة. من تلك الحالات النادرة، قطع طلحة العرس، فقد كان من طقوسهم في الأعراس، أنهم يمشون إلى الغابة في زفة عظيمة، فيقطعون شجرة طلح ويعودون بها إلى دار العروس. أذكر وأنا صبي في الأربعينات عرساً كانت له شنة ورنة، من تلك الأعراس التي يُورخ بها، وتظل أصداؤها تتردد زمناً طويلاً. كان العريس إسماعيل ود صبير، وكانت العروس ابنة المرحوم عبد الله عباس، الذي كان يومئذٍ من كبار موظفي الجمارك، وكان من أوائل خريجي كلية غردون، من أهلنا. إضافة إلى أن أم العروس كان ابنة عبد الحليم فضل عمدة العفاض. إنما الذي أعطى العرس بهاءه ورونقه وأصداءه البعيدة فوق ذلك كله، أن أخت العريس، زينب بت صبير، عملت لأخيها سيرة لم يحدث مثلها من قبل ولا من بعد. كانت شابة وضيئة الحسن، متزوجة ولكن لا أظن أن سنها كانت تزيد على خمسة وعشرين عاماً. أذكر لونها العسلي وثغرها البراق ووقفتها النبيلة، وصوتها العجيب الذي تعجز الكلمات عن وصفه. بدت لي تحت ضوء المصابيح، ولا بد أنها ظهرت كذلك لأهل البلد كلهم، كأنها طيف ملائكي حل علينا من كوكب آخر. سرنا كالمسحورين يحدونا صوتها الأسطوري، من دار العروس في (كرمكول) شاقين طريق البلد من الغرب إلى الشرق، حتى وصلنا عند الغابة عند (دبة الفقراء). ظلت تغني كأنها ترتجل حتى قطعنا الطلحة وعدنا بها إلى كرمكول .. ربما أكثر من ثلاث ساعات، وربما أربع، وصوتها يزداد عُمقاً ومدى وجاذبية، والصور والمعاني تصل إلى وجداننا منها مثل رفيف أجنحة القطا: جيد لي أنا، جيد لي بي ذاته يا نمر الخلا الفارد سلاحاته حين صرت أكبر سناً وأكثر إدراكاً، فهمت أن زينب بت صبير صنعت (فناً) عظيماً في تلك الليلة، خلقت أسطورة لأخيها، فإذا هو أجمل وأكرم وأشجع وأغنى .. وأدخلت أهل البلد قاطبة في نسيج عالمها الأسطوري، فإذا بلدنا كما نعرفها وزيادة، وإذا نحن جميعاً كما نعرف أنفسنا وأكثر .. وكذلك يصنع الفن العظيم. إنما الحياة كانت بالفعل حلوة في تلك الأيام.. حلوة حلاوة لا يعرف طعمها إلا من ذاقها، فماذا كان عندنا يومئذٍ ولم يعد عندنا اليوم؟ لم يمهل القدر زينب بت صبير.. بعد أشهر معدودات من تلك الليلة المشهودة اختطفها الموت فجأة دون علة واضحة، رحمها الله، كأنها كانت حقيقة طيفاً ألم بالبلد ثم عاد من حيث أتى. لا توجد اليوم أعراس كالعرس الذي غنت فيه زينب، في أي من قرى شمال السودان، فقد فرغت القرى من أهليها الذين تفرقوا أيدى سبأ.. اختفت الغابات على الضفتين وهاجرت القماري بشجوها. النيل الرحيم الودود عادة، ظل في العهود الأخيرة يطمس المعالمم ويمحو الآثار، كأنه يريد أن يقول شيئاً.. كأنه ضاق بحبسه بين الضفتين .. فمتى تفتح القنوات للنهر وللبشر؟ ومتى تهدأ ثورة النيل؟ ومتى تعود القماري بشجوها؟".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عود على بدء:
Quote: أهلا بعودتك يا عبدالحميد..عدت وشيخك الطيب في عالم اخر..اللغة فيه غير اللغة..والخطاب غير الخطاب.. ابق معنا لتجمل وجه هذا المكان.. ولتعيد ذكرى شيخك الراحل بهذه الكتابة التي فيها نفس الطيب . |
عزيزي فتحي:
تلك ملاحظة ذكية, إذ إن المرثية تحمل بالفعل ما تسميه أنت (نفس الطيب). بكلمة واحدة:
"الأسلوب".
بعبارة أخرى, لم تكن مرثية, بل احتفالية, وما فعلته هنا لم يكن سوى محاولة لذكرى فضائل الراحل المقيم على اللغة من خلال تقمص معماره السردي, سواء على مستوى بنائه للجملة كوحدة صغرى, أوعلى مستوى تداخل الأزمنة وتفتتها في إطار وحدة كلية. لكن حزني على الطيب أكبر من أن أحتمله وحدي. وهنا يدخل تضمين آخر للطيب صالح: "سان جون بيرس, يا له من شاعر!".
كن بخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: طارق جبريل)
|
Quote: Quote: «ريشة بيضاء في الماء الأسود، ريشة بيضاء في اتجاه المجد».
«سببت لنا فجأة هذا الألم الكبير، لأنها بيضاء إلى هذا الحد ولأنها كذلك، قبل المساء...».
ترك لنا روائع قلما يجود بها كاتب آخر له لونيته الخاصة والخالصة وتاريخاً أدبياً جميلاً
ـــــــــ حمداً لله على سلامة حرفك هنا يا برنس |
يا انعام (سلام); وذلك وصف دقيق للطيب. هو من عينة أولئك المجدين المجيديين الجيدين, الذين كلما أطلت التأمل في منجزهم, أرتلها في سري, تلك الآيات بالغة الدلالة من إنجيل متى: "ادخلوا من الباب الضيق, لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك, وكثيرون هم الذين يدخلون منه!, ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة, وقليلون هم الذين يجدونه!".
هكذا حين يذكر الطيب صالح يبدو العالم مكانا محتملا للعيش أوالتآخي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: البرنس سلام مربع قد اكتب عن الطيب صالح فى مرة قادمة ولكن وجودك هنا يغرى بان نقرأ ونكتب ابقى هنا يا صديقى ياخى افتش فيك من زمن المقريزى عبد الحميد بابتعادك ترتكب فاحشة بينه كنت اعرف ان اشرعة الكتابه ستمتلى عندك ذات يوم ولكن اين؟؟ هذا ماكان يؤرقنى.. ما تجهحهنا عليك الله.. تعال الى هنا دائما او ابقى!!!! ايهما اقرب الى التقوى،،،، |
الموج:
ثمة رذاذ يداعب وجه المدينة الصباحي. الشمس محتجبة وراء ستارة من السحب الرمادية الكثيفة. ومع ذلك, معالم المكان لاتزال مغمورة بضوء حان. ولاشيء يرهف حاسة السمع عندي في مثل هذه الساعة سوى Beethoven..
Violin Sonata No. 5 "Spring
"آه.. لو تعلمين.. أي حزن يبعث المطر, وكيف يشعر الوحيد بالضياع.. إذا انهمر".
وتلك مشاعر طيبة تجاه أخيك. مع وعد, كلما جاءتني الكتابة, حثثت الخطى إلى رحاب هذا المنبر الجميل, لاسيما وقد صارت لدي فيه صداقات عمادها: الكلمة. كن بخير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: Osman Musa)
|
Quote: الكاتب بداهة لاينتج رؤيته للعالم من فراغ |
نعم أيها البرنس
وكيف له أن يعيد سرد الحكاية دون رؤية وشوف عميق لألم الذات فى رحلتها دأخل الزمن الابداعى
بخصوصية خاصة جدا بقلق ألاكتشاف والتحرر من براثن غول الأ جترار ؟
لك حبى العميق..
عوض أبوجديرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عوض أبوجديرى)
|
Quote: البرنس حسبتها من العنوان أنها قصيده فوجدتها أكثر شاعرية من القصيد ووقفت معه ذلك الطيب إستقبل الناس عند خانق تلك القاعه ثم سبقتهم لأختار لأذنى وعينى مكاننا يمكنى منه ثانية وحدث عندما جاءته تلك الثلاثينيه بلهجة يانكيها وكأنى به يردد الله يكبرن الكبرنى وسمحن لا بل ثملت من لكنة إنجليزيته التى لا لحن فيها بل ترتيل بانت مخارج حروفه بلا هنات البرنس عود أحمدا وخاص وخالص السلام
منصور |
الأديب والأخ العزيز منصور المفتاح:
ذلك هو الطيب صالح..
جمال العمق والبساطة في ميزان عدل:
"قلت لي حاج سعيد: إذاعة السجم دي تنبح طول اليوم أصلها حسها دا ما ينغرش. إنت يا حاج العمال والفلاحين ديل بلدهم وين؟ قال لي: يا مغفل العمال والفلاحين مو ياهن نحن.. قلت: أنا أخوك هسع نحن اسمنا العمال والفلاحين. قال لي: أيوه.. طيب أها وزيادة الإنتاج يعني شنو؟ قال لي: الإنتاج مو ياهو السجم البنسوي فيه دا, وزيادة الإنتاج يعني تخت السجم فوق الرماد!".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
حيدر (حنين), ذلك الصديق الذي أشعرني من خلال شغف نادر في زمان بعيد بالطيب صالح أن الكتابة يمكن أن تنطوي على خطر عظيم. معه أعيد قراءة كتابة معطونة في خمر التعاطف الإنساني العميق لغاندي "لقد كنت دائما عاجزا عن أن أفهم كيف يستطيع الناس أن يستشعروا الرفعة والجاه من طريق إذلال اخوانهم في الإنسانية". لعل التأمل يدفع بالحريات الداخلية لمواهب هذا البلد " نحو أفق بعيد". محبة لتلك الأيام التي لا تزال "تعيد الماء والأنهار إلى صحراء" هذه العلاقات الماثلة كأحزان لا مبرر لها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: عودا حميدا
نشتاق حرفك يا رجل |
عزيزي نوفل عبد الرحيم حسن:
أشكرك. منذ وقت بعيد, صارت الكتابة بالنسبة لي حاجة.. ضرورة.. وسيلة جوهرية ضمن وسائل بقائي الأخرى. كنت أعمل لفترة داخل أحد السجون الكندية. السجن موت (ياأخي). فكرت وقتها أن السجن الحقيقي لكاتب هو ببساطة أن تحول في اللحظة الحاسمة بينه وبين وسائل تجسيد رؤيته للعالم. ربما لهذا أضحى وجودي ككاتب أمرا من الندرة بمكان. ذلك أن الأشياء تأخذ لدي الآن فترة أكثر طولا من الموران الداخلي قبل أن تجد طريقها إلى الورق. مثلا رحيل الطيب صالح. ظللت أفكر في ماهية ذلك الرحيل لمدى أشهر. وحين فرغت أخيرا من مساهمتي وجدت أن كتبا صدرت في المناسبة. أجل, الأحداث تمر لدي بمصفاة داخلية على درجة من البطء. أحاول جاهدا أن أستبعد من سردي ماهو يومي أوعارض. حتى إنني أفكر أحيانا أن مساهماتي الماضية في هذا المنبر كانت محاولة عملية ولاجدوى لتهشيم الرهبة المرضية من الكتابة في داخلي. ربما (أقول ربما) كان هذا أمرا مشتركا بيني وبين عادل القصاص وأحمد الملك وعبداللطيف علي الفكي وبولا. حسن موسى أبوسريع يقع خارج هذا الإطار (وجه ضاحك). محبة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: مرحب بالعودة يا حميد |
الشريف الشريف:
شكرا. شكر مكرر للصديق عثمان موسى .تحية عبره للمبدع الجميل خطاب. رمضان كريم لصديقاتي وأصدقائي هنا وهناك. سلام.. إلى أن نلتقي مرة أخرى عبر نص سردي مطول أعمل عليه الآن وعبر الأشهر القادمة لحساب مطبوعة عربية.
هكذا, يبدو لي المنظر الآسر للبحيرات في أوقات مختلفة!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مرثية للطيب صالح (Re: ابو جهينة)
|
المبدع "أبوجهينة":
ثلاثة السؤال عنها مجتمعة تحدد مدى ذلك الشيء الجميل الذي يدعى سعادة: الحب.. الصحة.. والعمل. شوق لك ولأصدقاء آخرين مثل الشاعر الفذ المطر لولا إيقاع الحياة العنيف في هذه المدينة الغربية. ومع ذلك, أسترق بعض القراءات. هذه الأيام, أقرأ في أوراق من حياة ظاهرة طبيعية بالغة التعقيد تسمى:
Vincent van Gogh
لفت انتباهي أنه قبل أن يغادر Nuenen إلى عالم المدن أهدى واحدا من أفضل أعماله an autumn landscape إلى صديق مالبث أن لفت نظره إلى أن اللوحة خالية من توقيع. في البدء, أعلن أنه سيوقع على عمله لاحقا, إلا أن الفنان المغمور وقتها استدرك قائلا:
actually it isn't necessary, they will surely regonize my work later on and write about me when I am dead and gone
مع مودة دائمة
| |
|
|
|
|
|
|
|