|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ثم أعطاني "جيري" وصايا السفر. "ليليان" أعطتني صورة حفيدتها وأخرى تجمع الأم والبنت والحفيدة قبل أن تبقيني في حضنها مسافة. "جيف" أكد لي أنني بمثابة شقيقه برغم إختلاف اللون والدين.. ثم طلب مني طلبا غريبا.. أن أقف عند تقاطع شارعين حددهما بالإسم في محل إقامتي الجديدة وألتقط صورة ثم أبعثها له عبر عنوانه البريدي. أما " وين".. رئيسنا في العمل.. فقد كان وداعه رسميا تماما.هكذا.. بدأ ينتابني الإحساس بالتعامل مع الأشياء والوجوه الأليفة لآخر مرة. حتى أني شعرت.. بينما أكتب تقرير الوردية الأخيرة.. وكأنني أكتب وصية عند حافة الحياة.
سأعود إلى تفاصيل المشاهد أعلاه!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: ابو جهينة)
|
أستاذي العزيز "أبوجهينة":
لا أملك سوى أن أشيد بملاحظتك أعلاه حول شخصية "جيري". ملاحظة تنم عن حس إبداعي عال. ذلك أن وراء طلبه توجد حقا قصة. ومع ذلك، يبدو لي "جيري"، في هذا السياق، مثل غيره من أكثرية أهل وأصدقاء ومعارف، أنظر إليهم الآن عبر ما مضى من أيام وشهور وسنوات، فلا يفارقني أسى تسبقه على الدوام دهشة،إذ كيف تفرقت بنا السبل وتباعد المصير هنا وهناك من غير أن "يتاح" لنا معرفة بعضنا البعض معرفة حقة. وأشكر لك مرورك الجميل من هنا.
تخريمة:
سأعود إلى سرد الرحلة تفصيلا ريثما تستقر بي الحال بعد الإنتقال من مدينة إلى أخرى أطيب فرصا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أقبل "جيري" يجر جثته البدينة عبر بهو بنك "إسكوتشيا" المغلق خلال عطلة نهاية الإسبوع، قادما من موقف السيارات أسفل المجمع التجاري الضخم، حيث يعمل لنفس الشركة التي أنتمي إليها كموظف أمن. كنت أرقبه وهو يتقدم نحو مكتبي من شاشة لشاشة، وقد استقر في نفسي شعور حزين، ذلك أني لن أرى هيئته تلك بعد ساعات قليلة إلى الأبد، إذ أني سأغادر تلك المدينة بعد أيام ثلاثة على الأرجح، وليس لي فيها شأن الغرباء المنفيين ما يجبرني على العودة إليها مرة أخرى، مع أن أماندا -فتاتي السابقة- ظلت تؤكد على مدى نحو الشهرين من إنفصالنا المأساوي أنها تحمل شيئا ما في بطنها، قبل أن تختفي منذ شهر بغير أثر يدل على أنها كانت في يوم ما محور كوني وملاذي الحميم.
يتبع:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أخيرا توقف "جيري" أمام باب المكتب الخارجي. رأيته يخرج المفتاح رقم 14 من جيب بنطلون البحرية الأيمن. كان علي أن أنتظر دهرا ريثما يطوي الأقدام القليلة للطرقة الداخلية ذات الإضاءة الخافتة لأراه سادا فراغ الباب العريض الذي يطل على دورتي المياه بينما يجاور باب غرفة عمال النظافة المجاورة بدورها لغرفة التهوية التي تعلو أصواتها وتخفت بين فترة وأخرى. ظننته في البداية قد جاء كعادته لإستخدام دورة المياه تلك المخصصة للرجال بالطبع. سألني بكياسته المتقنة عن سير الأحوال في مجال مسئوليتي. أخبرته أن الأمن مستتب تماما. وطرحت عليه من باب المجاملة ذات السؤال. قال:
- "لا شيء ذو بال حدث على الجانب الآخر". - "الأحوال تكون هادئة في مثل هذ الوقت من العام.. ياجيري". - "أتمنى أن تسير كذلك دائما". - "بالطبع لا أحد يرغب في حدوث مشكلة ما". - "لكنك تعلم أن الأحوال تسوء هنا خلال الشتاء.. يا هميد". - "نعم.. مزيد من السكارى والمشردين وما لا يعلمه إلا الله".
في هذه الأثناء، رأيت على إحدى شاشات المراقبة التابعة لمنطقة بنك "سي. أي. بي. سي" عاشقين يذوبان في قبلة طويلة. وحين تطلعت إلى وجه "جيري"، الذي اتخذ مجلسه على مقعد متحرك إلى الجوار، كان مشدودا إلى نفس الشاشة، ولا بد أنه تذكر بدوره في تلك اللحظة وجه فتاة "لا يريد أن يذكره"، ذلك أن "جيري" يعيش وحيدا بعد رحيل أمه في العام الماضي، لكني أذكر أن "ليليان" قالت شيئا ما عن علة في قلبه، قلت مبددا الوحشة التي هبطت على المكان:
- "دعهما، فهذا أمر لا يخل بأمن"!.
وهنا حدث أمر غريب. انفلتت الفتاة من أحضانه فجأة. واجهت وجه الكاميرا عن قرب شديد. ثم أرسلت أصبعين من شفتيها لاهية. وكأن شيئا لم يكن. قال جيري: "هل ستغادر المدينة بالفعل"؟!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كنت قد أخبرته بذلك بعيد بداية الوردية عند منتصف اليوم. وبدا من رد فعله آنذاك أن "ليليان" نشرت الخبر على نطاق واسع. لكنه على نحو ما أبدى تقديره أنني أخبرته على نحو شخصي. وسألني إن كان لدي صداقات في العاصمة "أوتاوا". قلت له: "القليل.. القليل القليل.. يا جيري". وحكيت له طرفا من بعض ذكرياتي في القاهرة. هذا ليس زمن صداقات. هذا زمان التيه الجماعي الكبير. زمن المصالح الفردية الضيقة وموت القيم. قال لي: " لا تحزن". وأضاف بعد برهة:"أنت ذكي.. سنك لا تزال صغيرة.. وأنا على ثقة أنك ستحقق نجاحات عديدة هناك". لم أعلق بشيء، إذ أخذت أفكر حول أشياء حدثت هنا وهناك، حين أعادني إليه صوته المبحوح من جديد، وقد بدأ يسرد شيئا من ذكرياته في "أوتاوا" قبل عشرين عاما، لأكتشف مرة أخرى كيف أن وراء كل بدين في هذا العالم حب جارف إلى الطعام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
لم تمض سوى أيام قليلة على وجودي في "أتاوا"، حتى تبين لي ما طرأ على الصورة المتكونة في ذهن "جيري" عن المدينة، إذ جرت مياه كثيرة أسفل الجسر منذ أن غادرها قبل عشرين عاما أويزيد، لكنني وطنت نفسي في الأخير على ألا أخبره عما حدث للمدينة بعد ذهابه بفترة قد تطول أوتقصر، ليس من العدل أن أفجعه قائلا إن الصورة التي ظللت تحملها في رأسك على مدى عقدين لم يعد لها من وجود.. البتة!.
آن جلسة الوداع تلك، ومضت عيناه وراء النظارة الطبية، وملامح وجهه الطيبة بدت التجاعيد تغادرها شيئا فشيئا، وخيل لي للحظة وكأنه يتحدث بجسده كله عن وجبات طعام غنية بثمن بخس في كافتريا البرلمان. كان من المحزن برغم نحافتي ألا أبدي له إهتماما يفوق إهتمامه بالطعام، بل ورحت أسأله بجدية تامة عن كيفية النفاذ إلى مطعم الصفوة المتفسخة في كل مكان، ولم يخب ظني، إذ رد علي بجدية أشد أنه لا بد لي من معرفة شخص يعمل داخل مبنى البرلمان، وبينما أخذ يبحث معي في نواح تفصيلية لبلوغ ذلك المأرب، كنت قد بدأت أدعو الله بكل جوارحي ألا تنطلق تلك الضحكة المحبوسة في داخلي على حين غرة. وقد كان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: وبينما أخذ يبحث معي في نواح تفصيلية لبلوغ ذلك المأرب، كنت قد بدأت أدعو الله بكل جوارحي ألا تنطلق تلك الضحكة المحبوسة في داخلي على حين غرة. وقد كان. |
صديقي الرقمي
حميد
شاره مرور فاقعه الحمره
Quote: مع أن أماندا -فتاتي السابقة- ظلت تؤكد على مدى نحو الشهرين من إنفصالنا المأساوي أنها تحمل شيئا ما في بطنها، قبل أن تختفي منذ شهر بغير أثر يدل على أنها كانت في يوم ما محور كوني وملاذي الحميم.
|
تقول الكثير ببساطه مذهله
محبتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: salah elamin)
|
عالية:
حمدا لله لعودتك بكل هذا الألق.. وذلك يعني ضمن أشياء أخرى أن زهيرا في طريقه إلى الشفاء تماما.. وقلبي معكم.
صلاح:
لكم أضحكني تعليقك هذا الصباح.. بل وتذكرت "بطة" وأشياء أخرى كيد ود الجعلي الممدودة دائما في هيئة احتجاجية.. بيد أني كنت أعمل ك SECURITY GUARD.. وبالمناسبة سأكتب عن الأمنجي السابق قريبا.. وكذلك صديقه الحالي.. الذي يخطط الآن للإنضمام للحركة الشعبية على نحو ما.. فتأمل الأمنجي!!!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ظل "جيري" ينهج فوق مجلسه ذاك برغم مرور نحو النصف ساعة من وصوله، بينما تكومت كرشه أمامه مثل ثلاجة صغيرة، وبدت جوانبه متدفقة إلى خارج المقعد ذي العجلات البلاستيكية السوداء المصمتة، وقد راح بين حين وحين يزيل بيده الضخمة تلك القطرات البلورية المتكونة أعلى جبينه المتغضن على الرغم من لسعة برودة خفيفة داخل المكتب كانت تنبعث من مكيف ماركة "كارير" مثبت قرب الحافة الجنوبية للسقف المرتفع قليلا.
"إذا وصلت إلى "أتاوا" لا بد أن تأخذ حذرك بينما تسير في شوارعها"، علا صوت "جيري"، وقد مد ظهره إلى الأمام، مقوسا ذراعيه، باسطا كفيه فوق ركبتيه المتباعدتين، وصمت بعيد ذلك قليلا على ما يبدو ليتأكد من وقع تحذيره الغامض، فيما شرع يتطلع إلى صفحة وجهي كمن يقرأ في كتاب الغيب بطيبة آسرة.
وبدأت أقاوم تلك الضحكة البليدة من جديد، إذ سبق له قبل أشهر أن نصحني بعدم السير على جوانب الشوارع، زاعما بجدية تامة أن بعض الناس في تلك الأيام يقفزون على أكتاف المارة من البلكونات القريبة لا سيما خلال الساعات المتأخرة من الليل، وافقته وقتها ظاهريا، وقد تيقنت تماما إذا كان الحال مثلما يصف لا بد لي من الآن فصاعدا أن أسير في الشوارع مثل سيارة من غير "خطرات" أومصابيح أمامية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
وقال "جيري" أخيرا: "إذا حدث وإن كنت سائرا في شوارع "أتاوا"، فلا ترمي مثلا بعقب سيجارة كيفما اتفق، وقتها سيبرزون أمامك من حيث لا تعلم، ويجبرونك على دفع غرامة فورية، وأنت بالتأكيد يا هميد في وضع مالي لا تحسد عليه".
هنا وبصدق شديدأخذت نصحه مأخذ الجد. كان علي بالفعل أن أتخلص من عادات كثيرة غير حضارية. وهو ما بدأت العمل به تدريجيا بعد شهرين تقريبا من وصولي إلى كندا، فمنذ ذلك الحين لم أعد أتبول عند ناصية شارع جانبي أوعلى ظهر بناية ككلب، وإن كان الحنين يعاودني إلى ذلك على طريقة "من نسي قديمه تاه"، مع أن "أماندا" وقت أن نذهب ليلا لجلب المزيد من الشراب كانت تحثني على فعلها حين تراني متضايقا، لعلها كانت متأثرة هنا بأحد جذورها الاحتجاجية كخليط مباشر من هنود حمر وبيض.
ما أن أخذت في التجول عبر شوارع "أتاوا" بعد يوم واحد من وصولي، حتى أحزنني أن الصورة المتكونة عن المدينة في ذهن "جيري" لم تعد بمثل ذلك النقاء، ففي أيامه كان عدد السكان حوالي ثلاثمائة ألف نسمة، أما الآن فزاد عددها إلى نحو الثلاثة ملايين أغلبهم من العالم الثالث، الذين جلبوا لها على ما يبدو جرثومة الفوضى وأشياء أخرى، ومع ذلك ما زلت مصمما على ألا أخدش ذكريات "جيري" الثاوية على مدى عقدين أويزيد عن المدينة، وذلك أقل شيء يمكن تقديمه لصديق بدا لي على الدوام مهموما كيف يعامل الناس بمحبة، مع أنه إذا حدث في يوم من الأيام وأن قام بزيارة إلى منطقة ما في الشرق الأوسط فسيجد حتما من يطالب برأسه الضخمة المثبتة إلى عنقه الغليظ على وجه السرعة الجهادية!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
حميد 1/انت على مرمى حجر من تلفوني ...ارجوا ان أسمع صوتك
اتنين وانا اقرأ هذا السّرد المدهِش ، بدأت عيوني تسير في الشوارع بطريقة مختلفة ، القبل المزقولة في شفاه الطرقات ، بدأت اراها بعيون سردك هذا مختلفه ، اشياء كثيرة جعلت علاقتي بالمكان حاجة مختلفة. وسأسكن هنا قليلا ريثما أهيئ خطواتي لرحيل قريب خارج كل هذا الفضاء . تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
هكذا تقاطعت طريقانا أنا و"جيري" من غير توقع. وقبل أن يذهب كل منا مرة أخرى في طريق مختلفة تمام، لم ينس "جيري" أن يضع على مائدتي وبسخاء آخر حصيلة تجاربه في هذه الحياة، والحق كاد كل ذلك أن يجعلني أجهش بالبكاء بغتة، ولا غرابة.
"إذا حدث وأن ذهبت بسيارتك خلال إجازة ما إلى أمريكا، منيسوتاأوداكوتا أوغيرهما، ثم توقفت في ساح لمطعم فخم فلا يغرنك، إذ سيأتيك شبان ما أن يلمحوا نمرة العربة الكندية، ويقولون لك سيدي دعنا نحرس السيارة إلى حين عودتك، ادفع لهم وقتها ومن دون أدنى نقاش حوالي العشرين دولارا أمريكيا في الحال، وإلا ستجد سيارتك مهشمة وربما تماما، أوعلى الأقل سيدمرون المصابيح والزجاج".
- "ولكن هذا ليس عدلا.. يا جيري"!. - "هذا ما يحدث عادة.. وأكثر من ذلك، حين تقود سيارتك عبر الطرق البرية من مدينة إلى أخرى، سيتعمدون إصابتك من الخلف، أويدفعونك إلى المنحدر". - "وأين القانون هنا"؟. - "للأسف القانون في صف الأمريكي مسبقا، القاضي لا يفعل هنا شيئا سوى أن يقول لك وبكل بساطة ادفع له تعويضا". - "وما رأي الحكومة هنا"؟. - "لا شيء.. فقط ينصحونك بالدفع.. يا هميد". - "ولماذا لا نعاملهم بالمثل هنا"؟!.
لم يعلق "جيري" بشيء هذه المرة، إذ كان مهموما أكثر على ما يبدو بنصيحة أخرى، وقال: "كذلك حين تدخل إلى دورة مياه عامة في أمريكا، وأنت جالس على مقعد المرحاض تقضي حاجتك، انتبه جيدا إلى المرحاضين المجاورين، فربما تمتد يد أسفل الحواجز الخشبية الفاصلة، وتغرس في ساقك دبوسا ملوثا بمرض مميت أومخدر كالهروين، إنهم يفعلون ذلك أيضا".
ونهض "جيري" كمن أدى مهمة جليلة. ومثلما فعلت أول مرة، ظللت أرقبه من شاشة لشاشة، وهو يغادر المكتب، يتجه نحو أحد السلالم المتحركة، يدلف إلى بهو بنك "اسكوتشيا" الرخامي المغلق، متجها بكل تلك الجثة المهولة صوب موقف السيارات أسفل الأرض.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
البرنس ! أتابع كتاباتك بتطلع حقيقي الي شيئ جديد ولكن .... أنت غريب حقا ! أين أوتاوا هذه من أتاوا التي أعيش فيها منذ 6 سنوات؟ وكيف زرتها ولم نرك فيها يا أخ القرطاس والقلم ؟ أقول هذا وأتطلع الي رؤيتك هنا في العاصمة وبالجد مصطفى مدثر بالمناسبة أول مرة أدخل بوست في هذا المنبر منذ سنة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: mustafa mudathir)
|
عزيزي مصطفى:
لم يمض على وجودي سوى أيام قليلة. أرتب خلالها بعض الأوراق والوثائق والسكن. ومع ذلك:
هذا هو الصيف. وأنا قتيل هذه المدينة الأخير. ذلك أن العيش في "أتاوا" يبدو منذ اللحظة الأولى أشبه بالحياة وسط غابة على درجة عالية من الإتقان أوالتنظيم. منازل بحدائق على أحدث طراز مختفية بين أشجار شديدة الخضرة وارفة.. مصابيح تشرئب من داخل الأغصان كثمار مضيئة.. نسائم حانية تحمل ألحان عصافير وتصافح الآذان كيد أم تمسح شعر طفل وليد.. وجوه فتيات جميلات يبتسمن في سيرهن الواثق المرح.. سماء معطاءة.. رعد أصم يذكرك بين حين وحين أن الهدوء نعمة وسكينة.. لا شيء يعكر صفو الفردوس.. سوى الحنين إلى شيء عجيب يدعى "الوطن"!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
درجت "أماندا" على زيارتي أثناء العمل في الأوقات التي أحمل خلالها الكومبيوتر إلى المكتب لإستغلال الساعات الهادئة في أغراض تتعلق بالبحث الأكاديمي وأشياء أخرى. كانت تقول إنها تشعر بالضجر من غير عمل تمارسه، وقد حرمتها الحديث عبر غرف الدردشة في موقع "ياهو" إلى أصدقاء وصديقات وراء البحار، بينما يمتد دوام عملي إلى أكثر من نصف اليوم عادة، وهي محقة في هذا تماما، بيد أني كنت أدفعها دائما إلى البحث عن عمل أومواصلة الدراسة دون جدوى.
ومنذ أن رآها "جيري" للمرة الأولى، ما انفك يسألني عنها على فترات، وهي حين تراه عبر الشاشة عند باب المكتب الخارجي، أوعندما تتناهى إليها حركة المفتاح رقم 14 على القفل في الدقائق التي تكون فيها غرفة التهوية ساكنة، كانت تنطوي على نفسها وتلوذ إلى هدوء غريب.
في الواقع، "جيري" لم يجلس إليها سوى مرة واحدة، عدا ذلك كان يحييها على طريقته الدمثة، قبل أن يدلف إلى دورة المياه ويخرج إلى حيث أتى في صمت، لكنه في تلك المرة برهن عن خبرته كموظف أمن حقيقي، عندما تابع أسئلته الاستطلاعية على نحو جعل "أماندا" تنظر إلي بتوسل، إلى أن سألني في ذلك اليوم إن كان لدي فتاتي أخت أكبر عمرا أم لا.
لسبب ما بدا لي في تلك اللحظة، بينما أخذت أتطلع إلى حياء وامض أطل وراء نظارتيه الطبيتين، مثل كهل قدم للتو من إحدى قرى شرق النيل في السودان، طارحا عند حافة اليأس بين قوم مجهولين مسألة على درجة عالية من الخطورة، ومثل ذلك السؤال لا يطرح في تلك المدينة عادة. قلت:
- "لا". - "لا عليك". - "لماذا تسأل.. يا جيري"؟!. - "لا شيء".
في الحق، كان لدى "أماندا" أكثر من شقيقة كبرى أغلبهن مرتبطات، ذلك ألا جمال يتبقى في هذا العالم من دون طارق أوبشرى أوحتى مقدام، وكل الاحتمالات وارد. وماأن يغادر "جيري"، متجها من جديد إلى موقف السيارات أسفل الأرض، حيث يغالب تلوثا وعتمة كئيبة وضجيج مراوح وشفاطات هواء ضخمة وذكرى رحيل والدته قبل عام، حتى تهجم "أماندا" على الأسطوانات الغنائية المتراكمة ل"ليليان"، وتبدأ في نسخ بعض أجزائها على جهاز الكومبيوتر، أسألها وقد عاد إليها وجهها الأليف:
- "ما الذي تفعلينه بأغاني الريف القديمة"؟!. - "حبيبي.. لا تنسى أنني نشأت في الريف مع والدي". - "بيد أنك تدمين "فيفتي سينتس" و"ماريو" وما لا يعلمه سوى الله من قبيلة ( الهيب هوب)". - "يا إلهي.. ليلة السبت في مدينة صغيرة.. أحب هذه الأغنية.. فقط استمع إليها.. يا وليم"!.
هكذا هكذا، تتحكم البدايات في مساراتنا أحيانا، وحتى بعد أن عرفت اسمي الحقيقي ثلاثيا، لا تناديني في اللحظات الحميمة الخاصة الخاصة وحتى النهاية سوى بذلك الإسم: وليم!!!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
"حفيدتي"، "بنتي"، "زوجي السابق"، تلك أحب الكلمات إلى "عزيزتي ليليان" كما أحب أن أدعوها دائما. امرأة على بوابة نهاية الخدمة، تحتفظ بشعر مراهقة ذهبي لامع، متوسطة الطول، رشيقة القوام لا تزال، على مدى نحو العامين أسلمها الوردية وأتسلمها منها في اليوم التالي، وما أن تراني في كل مرة حتى أحس أنها في حاجة أخرى لذات الكلمات، "تبدين هذا الصباح جميلة يا عزيزتي ليليان"، هكذا لا أجعلها تنتظر طويلا، هنا يشرق وجهها، ترتبك لوهلة، قبل أن تغادر المكتب دائما على عجل، سوى في تلك المرة، إذ مكثت معي بعد إنتهاء ورديتها أكثر مما ينبغي!.
| |
|
|
|
|
|
|
انك الان في قلب المكان وتجعله يتحدث-ما ذا تصنف ما كتبت؟ (Re: عبد الحميد البرنس)
|
سررت جدا من انك الان في قلب المكان وتجعله يتحدث كما سررت بما كتبته قبل ذلك عن تجربتك كحارس , واسمح لي ان استخدم كلمة حارس بدلا من استخدامك لكلمة رجل امن, والتي قد تفهم للذين يعيشون في تلك ا لمجتمعات, فكلمة حارس او قل غفير اقرب للفهم وسر سعادتي وسروري ينطلق من ضرورة ان تكون لنا مساهمة في رصد وتأريخ وجودنا في الامكنة التي ذهبنا اليها قسرا وما تكتبه مرتبط بحوارنا في بوستك عن العبور بين الثقافات والناس ولي سؤال: ما ذا تصنف ما كتبت؟ ام انها بروفات وتمارين ابداعية لنصوص قصصية او روائية قادمة؟
مع محبتي
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: انك الان في قلب المكان وتجعله يتحدث-ما ذا تصنف ما كتبت؟ (Re: هشام مدنى)
|
شقيقي هشام مدني:
لا تستغرب أن أشيد هنا بتعاملك مع الناس بنقاء سريرة ومحبة. وهذا أمر نادر في أيامنا هذه. ودمتم.
عزيزي المشاء العظيم:
سررت لحضورك إلى هنا كثيرا. وهو شهادة أعتز بها عن حق لعلمي من أن ثمة مسافة دائمة ما بينك وبين المجاملة. وهي السمة التي قد تجلب لصاحبها الكثير من العدوات في عالمنا. أقول لك اخسر العالم واكسب ذاتك هكذا دائما. والحكم على قيمة ما نكتب لا تحدده مساحة مكانية ضيقة أوحتى لحظة زمنية محددة. وعلى أية حال من وظائفنا أن نكتب من دون إصدار أحكام قيمة مجانية كيفما اتفق. وما أفعله هنا بصدق هو كتابة مباشرة من غير مراجعة كتمرين عملي لإعادة كتابة مسودة رواية "إنسان المكان" المنجزة خلال العام 2000 في مصر. محبتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: انك الان في قلب المكان وتجعله يتحدث-ما ذا تصنف ما كتبت؟ (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ظللنا أنا وليليان متعانقين لمسافة. وبالكاد حبست دموعي أثناء ذلك. حين حضرت إلى المكتب، بدا عليها وجوم ثقيل على غير العادة، وما كان لعيني المدربة على أحزان البشر الخفية أن تجهل المأساة التي ألمت بها في ذلك الصباح. وسألتها:
- "عزيزتي "ليليان" ما الذي أصابك"؟!. - "ابنتي دوريان". - "ما عليها"؟. - "هاتفتني منذ قليل". - "ثم ماذا". - "قالت إنها تشعر أنها قبيحة وغير مرغوبة".
كنت أعلم أنها مطلقة. وحين جاءت مرة لاصطحاب أمها بسيارتها، بدا لي أنها أقل جمالا منها بكثير، حتى أني فكرت لسبب ما أن "ليليان" قد حبلت بها في لحظة كراهية مباغتة للعالم. وأخيرا خرج صوتي:
- "ولكن يا عزيزتي "ليليان" نحن لا نتحكم في أشكالنا لحظة قدومنا إلى هذا العالم". - "أخبرتها كذلك.. يا هميد". - "بيد أني أرى شيئا آخر". - "ما هو"؟!. - "لا بد ل"دوريان" أن تتقبل شكلها بأية حال".
وقلت حين غرقت "ليليان" في صمتها مرة أخرى:
| |
|
|
|
|
|
|
قد يساء فهمها حين تنتقل ,وتهاجر الى ثقافة اخرى ,مثل الثقافة السودانية (Re: عبد الحميد البرنس)
|
قال الاخ الكريم هشام مدني :
Quote: اتابع فقط.... وما الفرق بينهما؟
Quote: واسمح لي ان استخدم كلمة حارس بدلا من استخدامك لكلمة رجل امن, |
اعود لمكانى للمتابعة |
ما قلت به ليس كلاما جوهريا في ما يقول به البرنس من سرد جميل, ولكن ذلك جزء من عاداتنا –ككتاب ونقاد- في "تكريب " الكلام ,والبحث عن أقرب ما يمكن ان يكون مناسبا لمقتضى الحال, وكذلك القارئ فكلمة رجل امن مفهومة لمن عاشوا في مجتمعات غربية, لكن قد يساء فهمها حين تنتقل ,وتهاجر الى ثقافة اخرى ,مثل الثقافة السودانية, والتي ,بحكم الديكتاتوريات المتواصلة ,قد خلقت معنى مغايرا لما تسميه المجتمعات الغربية ب ضابط امن Security Officer . أرجو ان يكون ردي مقنعا مع تقديري وارقد عافية
وساعود للتعقيب على بعض مما قال به صديقنا البرنس المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قد يساء فهمها حين تنتقل ,وتهاجر الى ثقافة اخرى ,مثل الثقافة السودانية (Re: osama elkhawad)
|
- "أنا يا "ليليان" مررت خلال حياتي الماضية بأحزان كثيرة لا مبرر لها، لكن أكثرها قسوة كان إكتشافي أني ظللت كل ذلك الوقت بلا صداقات حقيقية، ذلك ما تميط عنه اللثام عادة المحطات الأصعب، وقد تعود "دوريان" غدا أواليوم إلى تقبل شكلها كواقعة طبيعية كغروب شمس هذا اليوم بعد ساعات، ولكن كيف أطرد ذكرى عزيز خان بوجبة طعام رخيص في مدينة لا ترحم مثل القاهرة، ها أنت تنسين أحزان "دوريان" متطلعة إلى قصص من عالم غريب تماما، هكذا الأحزان واحدة وأشكالها تختلف هنا وهناك، ولو جاز لي أن أهب "دوريان" بعضا من خبرات متواضعة، لهمست في أذنها أن تواصل طريقها دائما بصبر وشجاعة ومحبة ولا تركن إلى المأساة طويلا".
بتلقائية تامة وهدوء، وضعت "ليليان" يدها على كتفي، وقالت بينما تنظر عميقا داخل عيني: "أنت لا تزال صغيرا، كيف حدث وأن طفح قلبك بالأحزان هكذا مبكرا"؟!.
ابتسمت لها في بلاهة. ولا بد أني كنت أتحدث مثل واعظ وقف في ذلك المسجد يخطب في المصلين بعد صلاة العصر حول "فضيلة الصبر". وكان مثل هذا النوع من الحديث يجذب أحيانا "ليليان" مثل كاثولوكية طيبة لا تذهب للكنيسة ولكنها فكرت قبل سنوات بعيدة في "إنقاذ" طفل كما تقول من "آفركا"، لولا ضيق ذات اليد التي لا تزال تدفعها على ما يبدو إلى لعب القمار في ساعة ما من أيام الأحد الهادئة، مضحية بساعات النوم القليلة المتاحة لها، وقد رسخ في ذهنها كما يظن "سايمون" حارس بنك "اسكوتشيا" الهندي أن في إمكانها النوم خلال وردية الليل من غير أن يحس بها أحد. وقلت ل"ليليان": "لعله تشيرشل ذلك القائل: مطلقا.. مطلقا.. مطلقا لا تستلم".
بدأت "ليليان" تلملم أغراضها، وقد انفصلت عن عناقي لها كأم، تمنت لي وردية هادئة، ورجوت لها أحلاما سعيدة، وما أن خرجت وبدأت أتتبعها بأسى من شاشة لشاشة، حتى أدركت كم هو ثقيل على النفس أن تحمل والدة جميلة أحزان إبنة لا حظ لها مما ملكت الأم من ملاحة.
وفجأة وضح لي أني وسط كل تلك التفاصيل كنت أبحث عن سؤال "بتهوفن" الخالد الذي صدرت به مجموعة نصوصي القصصية الأولى والقائل: "رباه ما سر كل هذه التعاسة العظيمة"؟!.
سأعود لنقاش المشاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قد يساء فهمها حين تنتقل ,وتهاجر الى ثقافة اخرى ,مثل الثقافة السودانية (Re: عبد الحميد البرنس)
|
شقيقي هشام:
ما طرحه المشاء هنا ليس ترفا، بل هو مسألة ضرورية ومهمة من صميم العملية الإبداعية، فعلى الكاتب دائما مراعاة الظلال الثقافية لكلمة ما والتحولات التي تطرأ عليها من سياق تاريخي لآخر، فمثلا نحن نقول في السودان "مرة" في إشارة إلى المرأة، لكن الكلمة نفسها قد يتم تداولها في بحري مصر لوصف امرأة "منحلة" حسب النسق القيمي الأخلاقي هناك. وأكثر من ذلك، قد نفاضل بين عدة صيغ من فعل واحد لوصف حالة معينة على مستوى الدرجة، مثل "استمع".. "أصاخ السمع".. "أرهف أذنيه".. " أنصت".. وما إلى ذلك.
| |
|
|
|
|
|
|
لو جاء ماركس مثلا او لينين هنا لاتهم بالعنف اللفظي (Re: عبد الحميد البرنس)
|
قلت يا برنس: عزيزي المشاء العظيم:
Quote: سررت لحضورك إلى هنا كثيرا. وهو شهادة أعتز بها عن حق لعلمي من أن ثمة مسافة دائمة ما بينك وبين المجاملة. وهي السمة التي قد تجلب لصاحبها الكثير من العدوات في عالمنا. أقول لك اخسر العالم واكسب ذاتك هكذا دائما. والحكم على قيمة ما نكتب لا تحدده مساحة مكانية ضيقة أوحتى لحظة زمنية محددة. وعلى أية حال من وظائفنا أن نكتب من دون إصدار أحكام قيمة مجانية كيفما اتفق. |
لا اكترث كثيرا بالمجاملة ,ولم أعتد عليها الا في شروط اجتماعية معينة, وقد لاحقتني اوصافا لا تشبهني,وهي مبذولة لمن اراد ان يبحث عنها,وقمت بالرد على ذلك
ولعل ذلك مرتبط بعاملين: الانتقال من الكتابة التقليدية كما اسميتها في مكان اخر,الى الكتابة الاسفيرية,في ظل منبر متعدد وبه اجيال مختلفة وامزجة اكثر اختلافا
اما العامل الثاني فمرتبط بما يكتبه الكاتب التقليدي كما في حالتي , فهناك كتاب سجاليون, وهناك كتاب غير سجاليين,بحكم ما يكتبونها,كان تكون شاعرا ,وتنشر نصا شعريا وفي المقابل هنالك كتاب عديمي الخبرة بالسجالات ,ولم يسبق لهم الدخول فيها في منابر الكتابة التقليدية ,
ولهذا فهم يهربون من النقاش , وليست لهم الطاقة اللازمة لمواصلة السجال, واحيانا يكشف السجال عن ضعف تكوينهم الثقافي والفكري
عموما نحن نواجه تجربة جديدة ,يدخل فيها الكتاب والمبدعون بمنابر متخصصة ,كما في حالة سودان للجميع, والمتهم بانه منبر للصفوة
وهنا امثلة لتجربة الكتاب في المنابر الاسفيرية ,كما في حالة الاستاذة نجاةمحمد علي ,والاستاذ محسن خالد تواضع الخاتم و فضيلي ... أم فـرعـنة محسـن خـالد ؟ موقع سودان للجميع لم يقدم أي دعوة للمدعو سجيمان ولم ولن...ر ببالنا أن نفعل ذلك
وهنالك عامل اخر,يتمثل في ان المنابر الاسفيرية الجماهيرية يغلب عليها الطابع الاسري التقليدي ,بأن تكون مهذبا ومتواضعا,وليس لدي اعتراض على صفتي التهذيب والتواضع, والا تعبر عن رايك الا بطريقة المطايبة, ولو جاء ماركس مثلا او لينين هنا لاتهم بالعنف اللفظي,
وهو مصطلح اطلقه بشرى الفاضل بدون تمعن وبدون دراية بتاريخ المناقشات والسجالات الفكرية في العالم كله,
فهو ينطلق من نفس المفهوم التقليدي المطايبي ,ويبدو ان لذلك علاقة بقلة خبرته في السجالات الفكرية والثقافية
وقد ووجه الاستاذ حسن موسى بنفس ما ووجهت به من انتقاد من قبل القراء الذين ليست لهم خبرة كافية في الالمام بضروب المساجلات في كل ثقافات العالم
وهنا رده على المعترضين على لغته الحادة ,وعنفه اللفظي ,لو استلفنا مصطلح بشرى الفاضل المنجور ,رغم قصوره:
Quote: لا اعتذار عن عنف النبرة الادبية، نبرتي ،و عدوانيتها المزعومة، فهو خيار بين خيارات الخطاب الادبي الذي في حوزتي، كما لا أعتذر عن انفعالي و علو نفسي، فتلك ضريبة التعبير الجمالي الاناني و أنا في مقام التعبير و لن أتنازل عن شبر منه بحال.
وان كان بين ذوي قرباي الايديولوجيين من يلومني على علو نفسي و يعظني بضبط النبرة وتجنب الانفعال ،على زعم أن الانفعال آفة المشروع التربوي، فما ذلك الا لأنهم يقيمون في مقام جمالي مخالف لمقام التعبير الذي اخترته لنفسي عن سبق القصد.
أنا أراهم في مقام الترشيد التطبيقي الذي يفترض فيه أن يقوم الذين يعلمون بتطبيق معارفهم لترشيد الذين لا يعلمون، أو كما جاء في الاثر : " و هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون؟"
و مقام الترشيد التطبيقي، على منافعه النبيلة البادية، يثير في خاطري شيء من الريبة في كفاءته( على المدى الطويل)، كونه مقام محفوف بمزالق الوصاية و غوايات التسلّط على خواطر الآخرين. و طموح التسلط على خواطر الغير يروّعني، و ان تم باسم أطيب النوايا، كما هو الحال غالبا، كونه يملك أن ينمسخ في أي لحظة من لحظات فعل الترشيد الى مجرد مشروع سيطرة فارغ من أي محتوى انساني ،ناهيك عن كونه يفرغ علاقة طرفي فعل السيطرة من قيمة التعبير الحر الجامح الفالت على الاعراف و القوانين. |
ما أريد قوله اننا في ظل تجربة جديدة افرزتها ثورة الأنفوميديا وعلينا الا نستبق الكلام عنها, لكنني بحسي افهم ان هنالك عاملا جديدا , قد لا يكون الكثير من القراء قد انتبهوا اليه كما ان هنالك عاملا اخر يتمثل في ان الجيل الجديد مثلا لا يعرف حسن موسى ,بمساهماته المقدرة , وبما قام به من انجاز على مستوى التشكيل ومستوى الخطاب التشكيلي النقدي, ومساهماته مع بولا في نقد الهوية , وكلامه المهم عن الحداثة والقدامة , ولغته الرفيعة التي تنحت الكلام نحتا وهم غير ملومين لانهم لا يعرفون حسن موسى, والملام هو مشهد النسيان الذي يعيشه الكاتب والمبدع السوداني
محبتي يا برنس
وواصل سردك
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قد يساء فهمها حين تنتقل ,وتهاجر الى ثقافة اخرى ,مثل الثقافة السودانية (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الاخ عبد الحميد لك التحايا عندما طالعت العنوان قبل عدة أيام كنت اتوقع ان الحكاية سرد لاحداثيات رحلة عادية ولكني وجدت ان القصة روعة وسردك غاية الجمال ,, العام الفائت كنت في طريق العودة من رحلة طويلة بدأت من ولاية نيو هامشير وحتي ولاية نبراسكا وهي مسافة تبلغ حوالي الف وخمسمائة ميل ,ومعي صديقي محمد عبد الله شريف, وفي طريق العودة قررنا ان نتوقف قليلا عند شلالات نياجرا ,, وبينما نحن نتجول هناك وجدنا انفسنا امام باب حديدي صغير رمادي اللون يتالف من قضبان حديدية صغيرة واعلاه يافطة صغيرة مكتوب عليها ( كندا ) , وبدون ادنى تردد ولج صديقي محمد تلك البوابة ,, وحاول سريعا العودة ولكن اتضح ان البوابة اتجاه واحد يمكنك الدخول من خلالها ولكن لا يمكنك العودة ,, وهكذا وجدنا انفسنا في غفلة من الزمن في دولتين مختلفتين ,, تاريخهما مختلف ,,, وقوانينها مختلفة ,,, وحكامها مختلفين ,,,, تحدثنا ولا يفصلنا سوى سور من الاسلاك ,,, تحدثنا عن مفهوم السفر ,,, قلت له : يا محمد اكثر من ثلاثة ايام ونحن نضرب بطون الابل عبر السهول الامريكية ,,, ولكن سفرك الحقيقي هو عبورك تلك البوابة الصغيرة ,,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يا برنس يا بهى
فى المقولة
إحذروا البرد الذى قتل أخاكم اباذر أو فقد قتل أخاكم اباذر
أظنها كانت الوحشة وهى فى الأساس، جذر الشوق المكين
وأقول
إحذر الشوق يا برنس فوالله لا أعرف قاتلا أشد سطوة وباسا منه
يتحالف مع غبار المسافات، جليد الفيافى وإن جاملك أو تكرم عليك فهو يمنحك حرية أن تختار كيفية موتك
التحايا التحايا يا برنس وشوق أخضر القسمات
لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: ahmad almalik)
|
I had met Abdelhamid through (A) a really good friend of mine in the summer of 2003. (A) told Abdelhamid he knew a couple of nice girls that were single. So we all agreed that we would all meet at Abdelhamid’s house for an occasional drink and friendly conversation. Later that same night I realized that Abdelhamid was a very loving and caring individual. So I decided to make my move. I asked him if he wanted me to accompany him on going to get a couple of drinks. He said yes, so we walked and talked all the way to our destination and back to his house.
When we arrived (A) was talking with my friend Jessica. We all had a couple more drinks and talked amongst each other. I knew that I and Abdelhamid had something so great in common. I never realized that until February 2005. I didn’t realize it earlier because I was really young at the time and all I wanted to do was live life to the fullest. Now that I am a little older and more experienced with life, I discovered that I am ready for a steady relationship.
We are currently in a strong relationship that is based on love, respect, and honesty. Our feelings toward each other are mutual. We encourage each other to better our lives in a positive way, meaning we avoid any destructive conflict.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: sudania2000)
|
وعليكم السلام.. يا سودانية.. ومرحب حبابك ألف.. وهذه مناسبة طيبة للرد أيضا على بعض ما جاء في مساهمة أخي معروف أعلاه.. ذلك أنه كان في عزمي أن أمضي قدما في توصيف رحلة الأتوبيس عبر الساحل الشرقي لكندا على نحو تفصيلي لا سيما منظر الكثير والكثير من البحيرات في أوقات مختلفة.. ولكن على ما يبدو أن البشر يحتلون في داخلي دائما مساحات أكبر من الأشياء.. وعموما يظل أفق الكتابة هنا متعدد الاحتمالات. ودمتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يبدو أنني ساهمت في تبدل "ليليان" على نحو ما، ولم لا، فنحن أيضا لدينا ما نعطيه للناس، وعلاقة البشر لها دائما وجهان متلازمان: التأثير والتأثر. ولا كيف بدأت المسألة على وجه الدقة، لكني وجدت نفسي بمرور الوقت أعطيها تذكرة البص كأول فعل أقوم به لحظة دخولي إلى المكتب، وتكون عادة صالحة لساعة تالية. كنت أتصرف حيال ذلك كمن يمد يده بمخدر لمدمن عند ناصية شارع عام، وهي كانت تتقبلها شاكرة حامدة بنفس الطريقة المرتبكة، بيد أنها لا تفعل معي نفس الأمر لحظة تسلم الوردية مرة أخرى ليلا والعذر يكون غالبا كما أركت أول مرة أن إبنتها "دوريان" قامت بتوصيلها بسيارتها الخاصة ماركة "فورد". ومع ذلك كنت سعيدا، إذ كانت تحضر قبل بدء ورديتها بأكثر من ساعة، تحررني من الأسر مبكرا، بعد أن نتقاسم طعام الإنسانية بيننا لبعض الوقت في حالات نفسية مختلفة. كنا نضع المائدة على دفء المسافة القصيرة، هي تمضغ ببطء مغالبة آلام الأسنان وأشياء أخرى مزمنة في المعدة أوتشير إليها أحيانا كشرخ قديم في جدار الروح، وأنا كنت ألتهم اللقم التهاما، لكأنني في سبيلي إلى تعويض أشياء عديدة ضاعت مني في هذا العالم، مع أن الطيب صالح قال من قبل أن صديقه يوسف إدريس أراد إلتهام الكعكة دفعة واحدة فاختنق ومات. وما أن أوصد الباب وأسير خارج المكتب في طريقي إلى محطة البص، حتى أدرك وعلى نحو ما أن "ليليان" تتابعني في هذه اللحظة من شاشة لشاشة، وأتعجب كيف ينقلب السحر على الساحر أحيانا؟!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: elsharief)
|
صديقي أحمد الملك الذي لم أره سوى عبر حكايات بعض أصدقائي الكتاب المصريين وهذا المنبر: أدرك ما رميت إليه بحساسية سارد ضخم.. لكن عالم أماندا يتطلب رواية كاملة.. وهذا جزء مما وطنت نفسي لفعله مستقبلا.
شقيقي الشريف: شكرا لذكرى قريبة.. مرورك الجميل من هنا.. ولك دائما مثل ما في قلب أمي لي من دعاء. والوصايا علامة على الطريق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ذات يوم بعيد يعود إلى علاقتي الأولى بالمكان وحياة الناس اليومية، رأيت عبر كاميرا تغطي منطقة مصرف " تي.دي" الذي يملكه أحد أثرياء كندا من اليهود منظرا غريبا جعلني أذهب إلى المنطقة المعنية على وجه السرعة، وحتى تلك اللحظة، لم يكن في ذهني شيء محدد يمكن القيام به. ولو أن أحدا من الناس قال لي وقتها إن ياسر عرفات وشارون جلسا يتبادلان النكات بلسان عربي مبين على مرمى حجر من الأقصى لما أثار الأمر حيرتي على ذلك النحو. على أية حال ذلك حدث بالفعل في كندا نفسها.
كنت قد رأيت رجلا يخلع سرواله ويبدأ نهارا جهارا في التبرز في منطقة ما من السلالم الحجرية المؤدية إلى البنك. وقد بدا وهو يفعل ذلك وكأنه يجلس في مرحاض داخل بيته. ولكني حين وصلت إليه كان قد أكمل مهمته على خير وجه وشرع في ربط حزامه الجليدي مغادرا مسرح العمليات برمته. وكأن شيئا لم يكن. اقترب مني بخطى واثقة. وسأل بهدوء كيف يخرج من هنا إلى منطقة " سان بونيفس". كانت رائحة شراب رخيص يدعى "بلاك بول" تفوح من كيانه كله. كنت في قمة الغيظ. وكان قاموسي من الانجليزية خاليا من الشتائم. ومع ذلك، خاطبته بالعربي وبلا وعي قائلا قرب أنفه المكتسي بالعرق: "دي عملية بسويها راجل ود ناس يا ود الكلب يا وسخ"!.
وأخذ يتطلع إلي بدهشة وذهول شديد ومسكنة لا نهائية، وقد كنت أرتدي بطبيعة الحال البدلة الرسمية مزودا بكافة وسائل الإتصال اللا سلكية، وبوسعي أن أحيله كما يقال في مصر في مثل هذه المواقف إلى "ستين ألف داهية"، لكنه بدا لي على حين غرة بائسا فقيرا يعاني من أمر ما، بينما أخذت أبدو في عيني نفسي ولسبب ما مثل كلب امبريالي لا ينقصه الحماس أوالولاء. إذ ذاك فقط ابتسمت في وجهه. ثم قمت بنفسي بقيادته إلى باب الخروج المؤدي إلى منطقة "سان بونيفس". ولم أره بعد ذلك مطلقا.
للمشهد بقية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عدت إلى المكتب، ضاربا الأخماس والأسداس، وجلست لفترة من الوقت مطرقا أفكر في مغزى ذلك السلوك البشري المباغت، إلى أن رفعت رأسي، ودهمني الضحك كمجنون حقيقي، ولم يكن مبعث الضحك سوى تلك الكاميرا التابعة لمصرف "تي.دي" نفسها.
فما إن يدلف الناس إلى المبنى، أويهمون بالخروج، حتى يقطعون تلك السلالم الحجرية المتعاقبة ركضا، وقد وضعوا أياديهم على أنوفهم من قوة الرائحة القوية المحبوسة النتنة التي كانت تنبعث على ما يبدو من البراز المقنطر بكثافة، حتى أني تساءلت بعد أيام بيني وبين نفسي: لماذا يحب الناس روائحهم الخاصة بينما يكرهون كراهية الموت روائح الآخرين إلى ذلك الحد أولك الدرجة؟!.
في تلك الأثناء، دلفت إلى المكتب زميلتي "سدني"، التي جاءت في ذلك اليوم لتعويض غياب "جيري" لأمر ما ألم به، وما أن أخذت بدورها حظها من الضحك، وقد علمت بحيرتي، حتى رفعت سماعة الهاتف، وأخبرت "الكنترول" بلهجة مهذبة أن شخصا ما أراح نفسه على السلالم المؤدية إلى مصرف "تي.دي".
بعد نصف الساعة تقريبا، أرسلوا لنا عامل نظافة تعود ملامحه إلى منطقة أمريكا الجنوبية، رأيته يؤدي وظيفته عبر الكاميرا كإنسان بلا أنف، وقبل أن ينصرف أخبرني من خلال الهاتف ألا أثر هناك الآن لما حدث، قمت بتوجيه شكري إليه بصوت يشبه صوت عبدالرحمن آحمد القوي راجيا له ليلة سعيدة.
يا لها من وظيفة.
ويا لها من خرية تاريخية لا تنسى... البتة!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الخامسة صباحا في "أتاوا". قبل قليل أيقظني طائر جميل، لعله الكروان، لأن في صوته طلاوة أشبه بتلاوة شيخ حسن في كوستي. ذكرني ذلك أوراد أمي وهي تهمهم بها بعد صلاة الفجر. وجدتني أفتح باب المنزل الخارجي. لا تزال الأشياء في الحديقة غارقة في سكينتها وثمة عتمة خفيفة تخفي ملامحها. كان من الممكن بسط الذكريات فوق ملاءة الهواء الباردة.. التمعن فيها بحنو ومحبة.. والإنصات أكثر وأكثر لشدو الأشياء. لو لا أن علي ملء بعض الفورمات ليوم بايخ آخر من إجراءات بيروقراطية طويلة ومملة كضيف ثقيل أقبل بعد الإعلان عن زيارته عشرات المرات.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي المشاء:
يؤسفني الإعلان أنني شخصيا أقع بصورة أوأخرى ضمن ضحايا ما تسميه أنت في سياقات مختلفة "مشهد النسيان"، فعلى الرغم من الهالة المحيطة بهما، وأعني تلك الشبكة الضخمة المتكونة من المعجبين وغيرهم، إلا أنني حتى الآن لم أتعرف على نحو مباشر كاف على كل من بولا وحسن موسى، سواء أحدث ذلك عبر نقاشات منتظمة أومطبوعة ما أو وسيلة أخرى ملموسة للتواصل الفكري أوالثقافي، وهذا الغموض وإن بدا محببا على نحو ما أحيانا، إلا أنه يعمل أكثر على أسطرتهما على نحو متزايد، وهو ما يعمل في الأخير ضد منطلقاتهما الفكرية التي وصلتني حتى الآن في حدود ضيقة ألمحت إليها وسأعمل على تفصيلها لاحقا.
ما أريد توصيله هنا بداية يتمثل بكلمات أخرى مفادها أنني أتخوف وفق ملاحظة ورصد لخطابات مختلفة على مدى سنوات من وأد المشروع الفكري والإبداعي لكل من موسى وبولا من خلال تسويقهما على نطاق واسع عبر مفهوم تقليدي سائد أطلق عليه "علاقة الشيخ والحوار" من غير الالتفات حقا إلى تجاوز عناوين طرحهما هنا وهناك بواسطة منهج نقدي قائم في آن على عمليتي الوصف والتحليل.
ويمكن الإشارة هنا، منعا لتناقض ظاهري، إلى أن البرنس والخواض مثلا حين يقولا أحيانا "شيخي أسامة" أو"أبي بولا"، فذلك يعني جوهريا محاولة منهما لقلب مفاهيم تقليدية سائدة من داخلها بهدف تثويرها أوتفكيكها وإعادة إنتاجها من ثم في علاقات تقدمية مفارقة تماما للعلاقات المنتجة لها، ولعل ذلك ما ذهب إليه أيضا سميح القاسم جماليا بعد نكسة 67 من إستخدام لرموز أوتناص أوغير ذلك من علامات ذات مرجعية دينية إسلامية.
لي عودة وأخرى تالية:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عبد الحميد لك الشكر ، الحقيقة أنني حين قرات ما كتبت في البداية حول اماندا شعرت كما لو أنك غير راغب في العودة لتلك الذكري مرة اخري. عموما الصورة ستتضح لاحقا من صفحة مذكراتها ومن اشاراتك الاخري في سياق السرد الهادئ ، تطفو بعض الوجوه الي السطح لتتواري وجوه اخري في العتمة. ضحكت لقصة الرجل الذي تبرز في العراء، تذكرت صديقا سودانيا فعل الشئ نفسه صباحاباكرا وهو يوزع الجرائد، كان قد اسرف في اكل الشطة مساء والنتيجة ان يمزق سكون الصباح بأعاصير بطنه، فتح رجل هولندي نافذة قريبة وانتهره : لا تفعل ذلك أيها السيد! قال لي كتمت الغيظ حتي اليوم التالي حين فتحت النافذة منتصف النهار لأجد شابا هولنديا يتهيأ لعمل الشئ نفسه في غابة صغيرة خلف البيت الذي أسكن فيه، تركته يتهيأ تماما ليعملها وفي اللحظة المناسبة صرخت فيه: لا تفعل ذلك ايها السيد!، فولي الادبار! بعد ذلك، قال، بردت بطني! نتابع...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Dearest: Abdelhamid Ali,
Good morning my love!! I just thought I would explain myself a little better than last night. I just want you to know that I was not kidding about the love I feel for you. I felt like this for quite some time, but I have a weakness about expressing my feelings for someone. I just hope that god has some great things ahead for me and you together as a couple. That is if you still want to be with me. I totally understand that you have a lot of things going on in your life, but I just want to be a part of that and to help you through it. I am so sorry for the past on how I acted toward you. I just hope you can forgive me. I like how we discuss our issues, and we ask each others opinions. To tell you the truth I have never wrote a letter like this to someone I really care for. Also I felt very sad and betrayed last night when you told me you were in love with your cosin. I just hope that I can be the love of your life!! Also I tried calling you a lot of times when I was away, but there was never no answer and you know that I do not leave messages. I always thought of you when I was away and I even called you on Valentines Day to see if you wanted to be my date for dinner. I tried to call you over Christmas, but there was still no answer. So you can not say that I didn’t think of you, because you were always in my mind. I even thought of you when I heard Bob Marley!! I believe that if were a couple we can accomplish a lot of things that we never thought possible. I just have to let you know that I can not be the second one you love, I always have to be the first!! I am terribly sorry for my past but I can not change that now. Well wake me if you have any questions about what I had to say I LOVE YOU ABDELHAMID!!
LOVE,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كنت أجلس على بلكونة في صحبة أصدقاء، وعلى المائدة شراب مشكل وطعام طيب ترفده الونسة فتشعر بين وقت وآخر وكأن الفناء لا وجود له، ولم يخطر على ذهني مطلقا أنني مقبل بعد ثوان قليلة نحو غرام عاصف لم يصادفني مثله من قبل، البتة!.
آنذاك رن جرس الهاتف على حين غرة. أمسك صاحب المنزل السماعة المتحركة. وأخذ يتفوه ببعض المجاملات. وحين مرر لي السماعة، ووسط أجواء محتفلة على الجانب الآخر تطغى عليها أصوات نسائية مرحة أطلقها السكر، جاءني صوت صديقي (أ) مبتهجا على غير لهجته الجافة في التعامل مع العالم الخارجي برغم طيبته الإستثنائية المفرطة، ويبدو لي ذلك الآن كسلوك صادر عن خبرة أنهكت صاحبها صدمات في الناس بلا نهاية أوحدود، فآثر بصورة ما أن يحمي ذاته بستار كثيف من القسوة الظاهرية، فالعالم يبدو الآن وفي أحيان كثيرة كمجال غير صالح للتعامل بطيبة أومحبة.
طلب مني (أ) أن أحضر في الحال و"على جناح السرعة". سألته وسط ضحكاته الصاخبة الرنانة لماذا يا (أ). قال إن جارتين تزورانه للمرة الأولى من دون موعد سابق. وقد أحضرتا معهما من الشراب ما يجعل جيشا يسير بعد ساعات معدودة على رأسه.آنئذ حملت سماعة الهاتف وذهبت إلى غرفة داخلية. قلت له وأنا أغلق الباب جيدا ورائي ولكنك لا تشرب. قال اشرب أنت فقط معهما وأنا سأنتظر. وسألته بغباء متعمد وأنا أكتم ضحكة كعادتي حين يبدو لي العالم من خلال إنسان ما على درجة من البراءة قائلا وما الذي تنتظره يا (أ) بعد شرابي مع ضيفتيك. وقد انتهرني ماضيا في صدقه البهي: "البرنس إنت بليد ولا شك".
في الواقع، كنت و(أ) وقتها حديثي عهد بمعرفة كل منا للآخر. وما صداقتنا آنذاك إن جاز تسمية ذلك صداقة سوى نوع من خوف غريزي للعيش بصورة ما كقطيع في بلاد لا تشبه مطلقا منابت جذورنا البعيدة النائية في شيء.
تخريمة: لي عودة لمتابعة نقاش المشاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الي البرنس في أفاقه الرحبة
عندما كان يكتب الاستاذ الطيب صالح في الصفحة الاخيرة مقالاته الرائعة عن ابي الطيب المتنبي
والمنسي وعنت له، ولسببا ما ،الكتابة عن السكان الاصليين في استراليا(الابوروجينز) واحدث تحوله
الدرامي هذا ردة فعل عند اؤلئك النفر الشغوفين الذين ظلوا يتابعون تلك المقالات الثرية ، ولم
يعتريني ما اعترى هؤلا من ردة في التكيف مع ما كان يكتب لادراكي ان الكاتب لايجب ان يخضع لرغبة
القراء عند الكتابة.
وجدت طريقة مساهماتك بالكتابة في هذا المنبر اقرب الي طريقة الطيب صالح في الانتقال من موضوع
الي اخر مع الاحتفاظ الدائم بالوهج الذي يربط بينك وبين من يقرأون لك .. فبالله طوف بنا كيفا شئت
في مرابعك الغنية سوا ان كانت ببرودة صقيع كندا او سخانة ازقتنا ورواكيبنااو دفء ام الدنياوغير
ذلك من المحطات التي ارهفت فيها السمع وبصرت فيها بمآقأ غير ماقيك ..
الحنين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: حيدر حسن ميرغني)
|
عودة إلى المشاء:
فحسن موسى قرأت له مقالا واحدا لا غير تم نشره منذ سنوات في أحد أعداد مجلة "كتابات سودانية"، والحق كان على ما رسخ في وعيي متميزا إلى حد بعيد، ولكي أكون أمينا أكثر، لا أذكر ما إذا كان ذلك قد تم في الواقع نتيجة قراءة موضوعية، أم تحت تأثير دعاية شفاهية منبهرة دائما ولا تطرح لك سوى معرفة غير علمية به، وهي معرفة تضعه كسلطة فوق مستوى النقد.
في تلك الأيام، ما أن أقابل "مثقفا" بلدياتنا أو"أديبا" وتأتي السيرة، حتى "أسمع" عبارات من قبيل "والله حسن موسى دا كتاب كتابة".. أو"يا زول حسن موسى شدة ما شاطر لمن غلب الفرنسيين في لغتم وعينوه مدرس إبتدائي في الريف.. ودي درجة في فرنسا واليبان (لا أدري ما الذي أدخل اليابان هنا وقتها) تتطلب تأهيلا عندهم أكبر من تأهيل أستاذ الجامعة.. وطبعا هنا الإهتمام بالنشء أكتر"، لكن العارفين منهم كانوا يقولون لك إنه يصدر هذه الأيام صحيفة إلكترونية تدعى "جهنم"، ثم يستفيضون في شرح دلالات التمرد من خلال العنوان "جهنم"، ويربطون ذلك وعلى نحو ما بقصيدة أمل دنقل التي يقول مطلعها "المجد للشيطان"، وحين تسألهم عن عنوانها لا تنقصهم عادة الأعذار على شاكلة "تصور ضاع مني وما عارف ألقاه لحدي الآن".
للأسف هذا النهج في التعامل مع العالم سائد وسط كثير من الناس، وهو لا يقتصر هنا على موسى وبولا فحسب، بل يشمل الطيب صالح على سعة تحققه عبر مستويات عدة نفسه، حيث ظللت أسمع وأسمع وأسمع عنه، إلى أن قرأته بصورة فعلية ومباشرة في مصر أثناء الإجازة التي قضيناها أنا وهاشم ميرغني الحاج في مدينة المنصورة معا، كان ذلك عند بداية التسعينيات، وكنت وقتها لا أزال أسيرا لبعض أشكال الزيف الاجتماعي السائد، حيث بدا "عيبا" أن أخبر هاشم أني لم أقرأ الطيب صالح حتى الآن سوى عبر آخرين طالعه أغلبهم بصورة غير مباشرة من خلال مقال عن رائعة ما له منشور في إصدارة ما.
على أية حال، كل ذلك لا يعني انتقاصا من قدر حسن موسى مهما بدا في نظر عارفيه هنا وهناك، بقدر ما هو بيان لفشلي حتى الآن في الوصول إليه وصولا (حقيقيا) مثلما حدث لي مع عملاقنا (أقول هذا الآن بثقة) الطيب صالح، بقدر ما هو محاولة في نقض منهج تقليدي فج إنتاج المعرفة سائد حتى داخل عقول ل"كتاب كبار"!!!!!.
لي عودة (لا سيما إلى ما أسميته أنت عبر سخرية عالية (المطايبة) السائدة في المنبر مثلا):
تخريمة:
لي عودة ل(قراءة) صديقي الحنين والتعقيب عليه لاحقا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Dearest ; My future husband, I know I am guilty of leaving you to wonder what happened to me, I am also aware of the feeling that you had for me, I hope that you still feel this way about me, because I feel really strongly about me and you. I just want you to be your girlfriend or wife.... I am deeply sorry for the way I treated you in the past but everything is going to change. I am a new person and I am ready to start my life with a man that I really love and admire. I really admire you because you show and teach me things that I did snow!! I really look forward to being your wife and mother of your children.... Our love appears to be greater than ever, our love uplifts our days of struggle in life, our love will be forever. Nobody could ever invade the love that we share, there is no one that can compare. We share various bright and special times, I do not think this a crime, to love and cherish one another!! My love for you grows each and every time I see your handsome face or hear your lovely voice..... BAHIYBUK HABEBE YOUR WIFE,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الحنين:
أنت هكذا، هكذا عهدي بك، تتحدث عن عمق الأشياء ببساطة آسرة هي ذات طريقة تعاملك مع العالم الفعلي بمحبة لمن تراه أصيلا، أنا هنا لا أرمي إلى إشادة أسبغتها علي لا أستحقها، بقدر ما أحيل إلى ملاحظتك المهمة أن الكاتب من حسن الأمور أن يكتب عن الأشياء التي يرغب فيها هو، لأن ذلك يعني في أحد مظانه الكتابة ب"محبة"، وذلك بالضبط ما يجعل الحياة في عيني الناس أكثر احتمالا وأوسع أفقا.
ودمتم (كما تقول بصدق).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عدت إلى البلكونة، حيث كان أصدقائي كسياسيين سابقين يتداولون أمرا حول أسعار الدولار "هذه الأيام" في السودان، وبدا أن جلستهم أثناء محادثتي ل(أ) داخل تلك الغرفة قد تحولت إلى شيء آخر حزين، عندما أخذ إثنان منهما في التراشق اللفظي فجأة، وكان ذلك مدعاة للإنزواء ومحاولة التطلع من فوق فروع شجرة الآش القريبة إلى منحنى الشارع البعيد المعتم.
أوضحت ل"أ" أني لا أستطيع الحضور الآن للأسف الشديد. وطلبت منه أن يدع إحدى الفتاتين تتحدث إلي. حين أنهيت مكالمتي الأولى مع "أماندا"، مرت نحو دقيقة على الأكثر، قبل أن يأتيني صوت (أ) مرة ثانية حاملا كل تلك الحسرة اللا نهائية على أمل بدا قريبا ثم ابتعد إلى حين: "يعني الليلة نبيت من غير عشا يا البرنس". أكدت له أنه ليس من العدل أن أترك دعوة أقامها لي أصدقاء على وجه الخصوص. ويبدو أنه لم يجد غير تلك الكلمات كمتنفس لغضبه: "مرة أخرى.. لا تخبرني عن صداقة في الدنيا دي". ثم أغلق سماعة الهاتف بعنف وفجأة. جلست لثوان داخل الغرفة محاولا تجنب التفكير فيما حدث ما أمكن.
أليس مساء الغد بقريب؟!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبداللطيف خليل محمد على)
|
أهلا من الأعماق بعودة أخي العزيز عبداللطيف بعد غياب من المنبر!.
عزيزي المشاء:
ويمكن القول، وفق تصوري الخاص أيضا، إن الرؤية أكثر وضوحا، فيما يدور الحديث حول بولا، مع أنه محاط أكثر بذات الإشكالية "الخارجية"، التي يفرضها عليك واقع لا يحتمل النظر إلى الناس إلا عبر مفهومي "إله" و"شيطان".
ومن ذلك أنه سبق لي وأن تعرفت إليه شخصيا في القاهرة أكثر من مرة، لكن شبكة "المريدين" دائما لا تترك مساحة للقاء يمكن القول إنه على درجة من العمق، ومن ذلك (على ما أذكر) لقائي به قبيل منتصف التسعينات (أونحو ذلك) مع بشرى الفاضل وصلاح الزين و"آخرين" في مركز (الدراسات السودانية)، كنت أتحدث إلى مبدعنا بشرى عن أشياء لا أذكرها الآن (قطعا بشرى لا يذكر شيئا من ذلك هذه اللحظة)، كان هو يتقدمنا بخطوات في صحبة صلاح الزين و"آخرين"، عندما هبط الجميع إلى شارع "شانبليون"، وأخذوا يغذون السير نحو ميدان التحرير، حيث موقف الأتوبيسات المركزي وتوافر عربات الأجرة الخاصة. أذكر أن بشرى استوقفه بعد خطوات قليلة. وقال شيئا ما يتعلق بلفت نظره إلى وجودي. حدث ذلك أثناء إنشغاله بالحديث. ومع ذلك، التفت نحوي، وقد لاحظت برقم قصر المدة أن له أذن جيدة، بينما كان ينظر إلي في نفس الوقت نظرته إلى مسألة شائكة ك"الهوية". لا أدري ما حدث بعد ذلك، لكن الجميع ذهب في اتجاه، وذهبت في اتجاه آخر، وقد رسخ في ذهني أمران: ملابس بولا البسيطة وحذائه القديم وطريقته في الحديث التي ذكرتني وعلى نحو ما بفيلسوف إغريقي خرج من صفحات التاريخ وهبط إلى صيف القاهرة القائظ على حين غرة ومعه صلاح الزين ورهط من إغريق "آخرين"، ثم طيبة بشرى وتواضعه الجم على المستوى الإنساني، وما يحدث في بعض الأحيان على صفحات هذا المنبر لا يزال بعد طور الدهشة يثير حيرتي إلى حد بعيد.
لي عودة:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كان لسان حال "أ"، خلال ذلك المساء، وعلى مدار تلك الجلسة داخل شقتي ذات الغرفتين، ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة وثانية بثانية، يتمثل في هذه العبارة: "وبعدين يا "البرنسي".. متين تخلسوا نضميكم دا.. عشان أقوم أسوق القحبة دي لأقرب سرير".
لقد فعل يومها كل شيء لقتل الوقت. لم يترك نافذة وإلا أطل منها. دخل الحمام. توضأ. أدى صلاة العشاء في غرفة أستخدمها كمكتب. أخذ الهاتف وأجرى مكالمة دولية ما. ومع كل مساعيه الحميده تلك، ظلت الفتاتان تشربان كلما تقدم المساء مثل حوض رمل جاف في نهار قائظ. وكاد ذلك يذهب بعقله فيما بدا لي بغير رجعة. وقد اتضح لي تماما أنه لا يعرف لذلك الأمر سبيلا آخر سوى سبيل ديك الجن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي المشاء:
بالتأكيد ستترك فراغا ضخما بذهاب من المنبر، لكن لغتك مريحة تفتح الباب ولا تغلقه، والعزاء أكثر أنه ستكون بعد عملية التبييض تلك إضافة حقيقية إلى المشهد النقدي في السودان. ولعل ذلك يعكس تجربة جديدة على مستوى إنجاز كتابة ما خلال إتصال مباشر مع القاريء كمحاور نشط معروف لديك ككاتب. كما سيعكس على المستوى النفسي مدى تحررنا ككتاب من أسر الخوف المصاحب لدفع العمل للنشر عادة.هذا وأتوقع عودتك من جانبي في أية لحظة. محبتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ظل يشغلني طلب "جيري" طوال الأيام الماضية. ما أن أعبر سؤالا حتى أجد أمامي آخر كبحر بلا ساحل. ما معنى أن أذهب إلى تقاطع شارعين أتخذ فيهما صورة وأرسلها له بعد ذلك. صديق (أقصد معرفة من بعيد جدا، لأنه حين يمشي في الشارع يترك وراءه دخانا أسود كعربة في شوارع أم بدة، وأنا ليس لدي أصدقاء يلوثون العالم المحيط) قال حين أخبرته بطلب صاحبنا من دون أن أذكر له هويته إن ذلك طلب وراءه شخص عبيط ولابد. أدركت من إجابته برغم إهانته لشخص لا يعرفه أن المكان الذي أشار إليه "جيري" غير مهم إلى هذه الدرجة. لكني حين قلبت الطلب مرة أخرى تبين لي أن أحد الشارعين يحمل إسم عائلة "جيري". هكذا هكذا، أراد "جيري" أن يجعلني بعد تفكير عميق أن أبحث في تاريخ الشارع، لأتبين على نحو ما أنه من عائلة أحدثت أمرا هاما في التاريخ الكندي، وما وضعه الحالي البائس سوى خلل حدث فجأة في مسار جينات عبقرية. ومع ذلك، وكيما تكتمل الصورة في ذهني، تلزمني زيارة ميدانية في القريب إلى الموقع الذي أشار إليه "جيري" بغموض شديد، أجل!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بالأمس أصيلا، أجريت مكالمة هاتفية، أمكنني خلالها سماع صوت جيري الطيب المحب، وذلك بعد أيام من شقاء متصل بين مكاتب بيروقراطية عليك أن تجيب على أسئلتها المرهقة كشرط للعبور نحو أية محطة تالية بوضوح ودقة، حتى أنني رأيت في المنام قبل يومين، وقد سألتني موظفة عجوز بمكر عن عدد الشعرات المكونة لفروة النمر الهندي في البنجاب على وجه الخصوص، قلت لها أن في جسد الإنسان مليون شعرة وقلب واحد، قالت أعرف تلك الحقيقة العلمية، لكنك لم تجب على سؤالي حول عدد الأقدام البحرية ما بين سدني وجزر القمر، عندها صحوت من نوم مكتظا بإرادة غامضة لمهاتفة "جيري" خلال اليوم بأية وسيلة. وقد كان.
كان "جيري" سعيدا وهو يلمس جدوى النصائح التي أسداها لي كصديق صدوق، بينما أحزنه أني لم أنصت جيدا لنصحه حول النظافة المطلقة لشوارع "أتاوا"، عندما علم أنهم فرضوا علي غرامة لحظة أن وقع من جيبي منديل ورقي سهوا، وعلى أية حال تلك كذبة كان لابد منها لترسيخ الصورة الزاهية المتكونة في ذهنه عن المدينة منذ عقدين أويزيد، ولو أن "جيري" كان خبيثا لسألني عن قيمة تلك الغرامة، لكنه ظل مهذبا كعادته إلى الدرجة التي لم يسألني خلالها عن أمر تلك الصورة بين تقاطع شارعين.
"جيري" لا يتحدث عن الناس عادة بخير أوشر، ربما لذلك آثرت ألا أسأله عن أحوال الناس هناك، وخاصة ما حدث للعزيزة "ليليان" من تطورات في غيابي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أول ما صحوت من نومي، وكانت رأسي مثقلة بصخب الأصدقاء الليلة الماضية، خالجني شعور جميل أن اليوم سيكون مختلفا عن سائر الأيام، وقد كان بالفعل نقطة تحول في حياتي كلها اتخذت مجراها العميق بعد فترة، عندما طلبت مني "أماندا" أخيرا أن أنزع وصلة الهاتف عند منتصف الليل، قائلة بأجفان أسدلتها لذة السكر على أبواب لذة أخرى:"هذا وقتي الخاص.. يا وليم"!.
ظللت أسفل الدش مسافة، أغالب ثقل الرأسي، متذكرا طرفا من ملاسنات الليلة الماضية بين أصدقائي كسياسيين سابقين، قام بعضهم في القاهرة قبل سنوات تبدو بعيدة ونائية بتفصيل بعض البدل، وقد بدا له آنذاك لسبب ما أن النظام في طريقه إلى زوال قريب، لعله كان يطمح في تقلد منصب رفيع ما، ويبدو لي الآن أن للمنفى مكافآت مختلفة غير تلك التي تروقني منها التفسخ في منفى أكثر بعدا داخل وظيفة هامشية في بلد متقدم كغسيل الأطباق في مطعم راق وفاخر.
كان بخار الماء الدافيء يغطي مرآة الحمام، حين شرعت في تجفيف نفسي، ومن هناك، ولسبب ما، أخذ يطفو على سطح ذاكرتي، جزء من حوار دار بين عثمان علي وسيف الدين المبارك في مسودة روايتي "إنسان المكان":
"أكاد أراكم، يا عثمان علي، تثملون ببطء، بين أحضان ذلك الامبريالي القابع وراء المحيط، وحين يشتد بأحدكم حنينه الثوري، يقف على رءوس الرفاق التي أحناها السكر، منشدا كلمات ذلك الإنسان الصادق النبيل:
أبانا الذي في المباحث.. كيف تموت؟! وأغنية الثورة الأبدية ليست تموت".
وقال أحدهم الليلة الماضية:
- "لعب عيال"!!!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
وقتها، لولا قليل من الصبر، لما كانت حالي أفضل حالا من حال "أ"، كلانا سليل كبت مزمن عريق، والسنوات العجاف مضت، وهاهي واحة التحقق قاب قوسين أوأدنى بعد ثلاثين سنة أمضيناها في صحراء شمسها الحرمان مشتعلة على مدار اليوم.. رمالها الرغبة.. ودابتها أمل في الله لم ينقطع.
كانت تشير إلى السابعة مساء، حين رن جرس الهاتف، وجاءني صوت "أ"، قائلا إنهم الآن في الطريق، قلت له "ابشر يا سيدي، فالطعام طيب، الشراب وفير، إضاءة حالمة، المكان نظيف، وبي توق إلى ونسة عجمية وغناء أعجمي ورقصة عجمية مع سيدة الغيب، ثم الذوبان في لغة عالمية حتى الفجر".
وقال "أ" أخيرا:
- "البرنسي كلامك سمح.. علة يا زول جنس شعرك دا.. الليلة دي.. سيبو تب.. وعلي كمان الله إن شوفتهن بعد شوية علة تبول في لباسك عديل.. يا زول أنا شغلة ما نجيضة ما بسويها تب.. إنت عارفني كويس.. وأنقولك تاني: الشغل كلو حا يكون الليلة دي بس أمسك لي أضبح ليك من غير ففلسة كتيرة.. اتفقنا يا زول"؟!.
هكذا بدأ "أ" ينسج أسطورته الخاصة في الإيقاع بالفتاتين، وقد تناسى أن الصدفة وحدها أوقعتهما في طريقه ليلة أمس، لكنها الرغبة العميقة التي كانت تظهر في ونساته للقيام بعمل بطولي خارق في زمن تلاشت فيه البطولات الكبرى تماما.
ما أثار إنتباهي بعد ذلك أن "أ" كان يعبر عن تبرمه على رأس كل ساعة قائلا بالعربي الفصيح: "البرنسي الخدم ديل ما كفاهن شراب".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Hey baby....wats up....Why are you hating on my friends...you are the only one i go to bed with so you dont have to hate...Me and you are husband and wife so why are you trying to think that i am talking all the time to my friends.You are the one that is always on that stupid sudaneseonline....... So you shouldnt even talk!!!!!!! JUST REMEMBER I LOVE YOU AND ONLY YOU...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
"ألبرت" رجل كندي في حوالي الأربعين. عملت معه كحارس ليلي لفترة. كان ذلك خلال أول شتاء لي في كندا. ذات يوم، قال لي إنه في الأصل من ميناء شيرشل على خليج "ساوندر بي". وصمت مطرقا لسبب ما.
كانت الثلوج متراكمة وراء المدخل الزجاجي للبناية السكنية الضخمة، والناس القليلون من المارة يعبرون سريعا في ملابسهم الثقيلة، وقد أدخلوا أيديهم داخل جيوبهم إلتماسا للدفء، بينما بدت أشجار الآش عارية من أوراقها الصيفية الخضراء تماما.
وسألت "ألبرت" إن كان يقوم بزيارة والديه بين فترة وأخرى. أدار وجهه ناحيتي قائلا: "أنا لا أعرف ما هو أبي". وأضاف بعد أن رأى طيف حيرة ما يقف ولابد عند ناصية وجهي قبل أن يتلاشى سريعا في مشاعر أخرى صقلتها الخبرة:
"المسألة بسيطة جدا، كل ما هنالك أن أمي قابلت رجلا ما تجهله في إحتفال صغير، أعجبا ببعضهما البعض، ثملا وسط أناس مبتهجين، رقصا معا، ثم أتيح لهما الإنفراد داخل حجرة ما وقتا، قبل أن يفترقا للأبد، هكذا أتيت بعيد ذلك إلى هذا العالم".
ونظرت إليه نظرة مختلفة.
كان "ألبرت" نفسه.
وبدأت أتذكر قصة ل"كارلوس فونتيس"، الأب الروحي لماركيز، كان عنوانها على ما أتذكر "قل لهم ألا يقتلوني"، قال الإبن لقاتل أبيه بعد أن عثر عليه أخيرا: "كنا صغارا، لهذا لم يخبروننا بما حدث له، بيد أننا لم نكف نسأل عنه لسنوات طويلة، وليس من العدل أن تعلم في عمر متقدم أن ما كنت تبحث عنه طوال هذه المدة لا وجود له"!.
طلب مني ألبرت القيام إلى جراج السيارات المجاور للبناية لتفقدها. وتلك كانت رحلة شاقة نقوم بها بالتناوب على رأس كل ساعة. قلت له في مرة: "لابد أن تكون لك مصادر روحية قوية للعيش في مثل هذا الشتاء بسلامة نفسية". كنت أقصد الأنثى وأحن إليها في ذات الوقت. قال "ألبرت" إن الروحنيات لا صلة لها بالبرد. ونصحني: "فقط.. كل واشرب وتدثر جيدا.. ويكف البرد عن الوجود تماما".
في طريقي إلى جراج السيارات، بدأت أفكر كيف يمكن أن نعيش في هذا العالم بكل تلك الحيوية ونحن نجهل آباءنا تماما؟!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
إبتلعته الحيره عندما جاء الى أتوا ولا يعرف غير السفاره لا بل عنوانها الذى لا يمكن أن يصل إليه إلا بعربة أجره....وعنوان آخر لصيدلية تحمل حلا سحرى لداء ألم بوالدته التى كانت فى غرفة الإنعاش تنتظر ذلك الإكسير....أقام فى أتوا ساعيا بين الصيدلية والسفاره ثم حوانيت الشوام والمغاربه لتناول الشاورمه والفلافل والشيش كباب...هروبا من سى إف سى وكنتكى وماكدونالد...أشواقه كانت تتساقط بعدأن ضاقت بها سعته للقاء البرنس الذى لم يلتقيه الا إسفيريا...كما يعشق صديقى اللدود...على حد قول رجاء العباس لياسر عرمان...قرأ البرنس حتى عشق حروفه وسكن فيها لا بل سكنته...حدثنى فى دكان اللحام العالم وأقول لحام بغضا فى قصاب التى تتجانس مع ما لا أرضاه له...لحام حائز على درجة الدكتوراه فى المايكروبايولجى ذهبت لابحثا عن عتى ولكنى نلتها بعد سرد شغل البرنس جزء كبير منه...ولربما يعرف أهل البرنس من كوستى ولكنه يعرف البرنس أكثر...وكان يمنى الروح بلقياه فما أستطاع حتى قفى عائدا الى كالقرى دون أن يرى الشخص الوحيد الذى يعرفه بأتوا......
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: حيدر حسن ميرغني)
|
عزيزي المنصور ود عبدالله:
إذا كان حضورك خلال فترة تواجدي المحدود، فتلك بالنسبة لي لعمري كارثة، لكن "أتاوا" في أحد وجوهها بالضبط ما ذكرت أنت، ولعل ما أثار شجون الحنين حيدر هنا هو الصدق والدقة والشفافية التي كتبت بها مداخلتك البسيطة والعميقة في آن أعلاه. لك أصدق الود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ل"ألبرت" عادات ثابتة يمارسها كل وردية ليل بدقة متناهية كساعة في شركة طيران كبرى. يدلف إلى البناية بوجه ممتعض لسبب بدا لي على الدوام مجهولا. ينهمك على الفور في تحضير أوراق التقرير ومراجعة توجيهات وردية المساء فتشعر أنه لا يقوم بحراسة مجرد بناية سكنية وجودنا فيها كحراس يندرج لتحصينها المحكم في باب الترف أوالخوف الزائد. ربما لهذا كان بعض السكان يتجاهل تحيات "ألبرت" التي لا تخلو عادة من مسحة نفاق. ومع ذلك كان "ألبرت" يأتي على نفسه ليستقبل لاشيء مقابل تحياته المتكررة والتي بدت لي حين وضعت نفسي كساكن مثل ذبابة في نهار قائظ بعيد ماأن تطردها من أمام وجهك حتى تعود على نحو أكثر طنينا. لا أشك أن "ألبرت" كرئيس مباشر لي كان يعاني في لحظات القهر تلك من وجودي. لذا كما ظننت دائما كان يرسلني دائما إلى مكان ما. كأن يأمرني بتفقد الطوابق العليا أوالجراج المكشوف المجاور للبناية. ومرات يوجهني بتوزيع البريد أسفل أعقاب الأبواب المغلقة حيث كان يطيب لي إستراق السمع لما أراه مثيرا مبددا بذلك آلام الوحدة التي تغلغلت داخل عظامي منذ أمد بعيد. كان ذلك بالطبع قبل أن تستقر "أماندا" في حياتي كحقيقة يومية أتمنى لها على أبواب النوم كل ليلة ولمدى أشهر متصلة أحلاما سعيدا. "هل قمت بالمهمة"، يسألني "ألبرت" فور وصولي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بدا لي بمرور الوقت أن "ألبرت" يعاني من غرام سقفه اليأس ولا أمل. كنت أرى ذلك خلال الساعتين الأخيرتين من عمر الوردية عادة، حيث تبدأ الحركة تدب عند مدخل البناية صعودا وهبوطا، بينما تبدو الأشياء أكثر وضوحا في الخارج، وقد أخذ الامتعاض يغادر وجه "ألبرت" استعدادا لملاقاة الحدث السعيد.
كان ثمة فتاة تدعى "سلفيا"، تقوم بترويض كلبها في الخارج مرتدية بدلة رياضية، قبل أن تعود بعد وقت أدراجها، استعدادا للذهاب إلى مكتبها، حيث تعمل لحساب مؤسسة حكومية في وظيفة مرموقة. والحال كتلك بدا "ألبرت" المسكين خارجا من حساباتها إلى النهاية. وقد انتقل تملقه من "سلفيا" إلى كلبها نفسه. وهو كلب على أية حال لم يكن يشعر براحة غريزية لسبب ما تجاه "ألبرت". ولعل ذلك ما زاد من نفور "سلفيا" الجميلة أكثر.
ومرة كادت تحدث كارثة حقيقية. لولا أن "سلفيا" جذبت كلبها على نحو كاد أن يفقدها توازنها بعيد الدرجات المنحدرة بعد منطقة المصاعد. آنذاك اقترب "ألبرت" منه كثيرا. وأراد أن يمرر يده على رأسه. "سلفيا" ابتسمت للمرة الأولى بعد نحو شهر من عملي هناك. ويبدو أن التملق ليس خاصية ملازمة لرئيسي في العمل وحده فحسب. إذ رحت أكرر على مسامعه في الوردية التالية وبحماسة شديدة، مؤكدا كراهيتي للكلاب، بل وتبرعت بأن قلت له إني أشتم الناس عادة بأولاد الكلب، مع أني حين عادت "سلفيا" لتمشية كلبها بعد ساعات وكان هو غائبا في الحمام لفترة أعربت لها على عجل عن مدى حبي للكلاب لا سيما من فصيلة كلبها الإنجليزية ذات الوجه الإنساني المعبر عن أدق المشاعر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بعد عام على وجه التقريب، حدث وأن رن جرس الهاتف في تمام الثامنة مساء في منزلي، كانت "أماند" قد خرجت في صحبة شقيقتيها "مليسا" و"مليشا" إلى زيارة والدتهن والمبيت معها في "أوسبرن فيلدج"، وكان علي أن أتدبر حالي كما قالت "أماندا. ضاحكة مع ساعات الليل التالية.
كانت المكالمة من كنترول الشركة في مدينة "أدمنتون"، أوضحت الموظفة أن لديهم حالة طواريء ما، ومن ثم طلبت مني إذا لم أمانع أن أعمل الليلة، كدت أن أعتذر وبي رغبة غامضة في تناول شراب ما، لولا أنها سارعت وأوضحت إسم الموقع، حيث يعمل صديقي "ألبرت"، وما كان لي أن أرفض ذلك في كل الأحوال، مع أنه سيتبقى لي نحو ثلاث ساعات بعد إنتهاء الوردية في الثامنة من صباح اليوم التالي من بدء محاضرتي في الجامعة، إذ مضى قرابة العام منذ آخر وردية لي هناك، وكان ذلك يمثل جانبا مهما من حياتي ككاتب، أن أطالع وجوه الناس وتضاريس المكان بعد فترة طويلة من الغياب، وقد كان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كالعادة حضرت قبل "ألبرت" بنصف الساعة، أجريت عملية التسليم والتسلم مع وردية المساء، وجلست أنتظره متطلعا إلى مدخل البناية الزجاجي. كان شجر الآش نفسه في مثل هذا الوقت من العام الماضي. الجليد أبيض متراكم والفضاء مضاء بلا ثمس أوقمر. أخبرني "ألبرت" أن السحب الكثيفة القريبة تعكس أضواء المدينة عليها لذلك تكون الرؤية بمثل هذا الوضوح. هكذا لم يعد هناك من يدهشني كغريب تحلق طيور بلاده عاليا التماسا للبرد في نهار قائظ عدا "أماندا" التي تصر على أن تظل النافذة مشرعة في عز الزمهرير مقدار شبر أويقل.
فتحت ل"ألبرت" الباب عن طريق مفتاح التحكم الآلي. "أهلا هميد"، قال ألبرت بعد نحو العام من غيابي. حمدت له سرا انه لا يزال يذكر أسمي بغض النظر أنه قال ذلك بذات الوجه الممتعض. وضع شنطته "الهاند باك" السوداء الكبيرة على الكاونتر بذات الطريقة. كنت أعرف محتوياتها جيدا. هكذا أخرج مجموعة عصائر صغيرة مشكلة من ماركة "صن لايت" الرخيصة وقطعا من بيتزا مجمدة صغيرة رخيصة الثمن كذلك كان يجلبها خلال عطلة الأسبوع من محلات "سوبر ستور" الضخمة وقطعتين شوكلاتة من "كادبري". كان ذلك كل زاده لوردية الليل لم يقم بتغييره مرة واحدة. ونظرت إلى الشاشة أرقبه وهو يحمل زاده إلى ثلاجة المطبخ عبر الطرقة الأرضية الطويلة المضاءة بقوة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ذات مساء بعيد، أوقف صديقي سيارته الحديثة ذات الدفع الرباعي عند إحدى الإستراحات على جانبي طريق الإسكندرية القاهرة الصحراوي، دلف إلى المسجد يؤدي صلاة العشاء وينام بعدها داخل العربة قليلا، بينما بدت بالنسبة لي سانحة طيبة للتعبير عن إحدى عاداتي القروية القديمة في قرية مجهولة أعلى النيل الأبيض لا تحتوي أغلب أكواخها على مراحيض ملحقة.
هكذا ابتعدت من محيط الإستراحة، متقدما بفرحة طفولية صوب كتلة الليل البهيم المترامي، حيث أمكنني التبول على صفحة العراء السوداء المتربة بكل ذلك الحنين كتلميذ يعشق الشخبطة أثناء حصة مملة، ثم بحثت بعيني قط عن "درابة" ما لتجفيف البلل، وقد كان.
حين استدرت عائدا، أمكنني رؤية صديقي خارجا من المسجد متجها صوب عربته، أعرف شعور المؤمن الورع جيدا حين ينجز عملا عظيما كالصلاة، كانت فرحتي لفرحته المقدسة لا تضاهى، كان علي أن أفعل مثله، وقد طمعت في رحمة الله دوما أكثر من عذابه، ولو أن الله عاملنا بمثل تشددهم وضيق أفقهم لما تبقى في الكون كائن ما منذ آلاف السنين، "الله محبة"، هكذا يقول المسيحيون، ولسبب ما تناهى إلى ذهني بكل ذلك الصفاء ما حكاه شيخي قطب الأقطاب الطيب صالح في هذا المقام.
"الإنسان يا محيميد.. الحياة يا محيميد مافيها غير حاجتين: الصداقة والمحبة. وما تقول لي لا حسب ولا جاه ولا مال. يوم الحساب.. يوم يقف الخلق بين يدي ذي العزة والجلال شايلين صلاتهم وزكاتهم وحجهم وصيامهم وتهجدهم وسجودهم، سوف أقول يا صاحب الجلال والجبروت.. عبدك المسكين الطاهر ودبلال ولد حواء بت العريبي يقف بين يديك خالي الجراب منقطع الأسباب، ما عنده شيء يضعه في ميزان عدلك سوى المحبة".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ثم راعني حشد بشري غامض، كان الأمر أشبه بتجمعات جماهيرية تكتظ في ساح ضيقة لتصغي لزعيم يساري عند منتصف الستينيات في مدينة عمالية كعطبره، أوهو أشبه بزحمة قرب بوابة الدرجة الثالثة في استاد الخرطوم قبيل مباراة مهمة طرفاه الهلال والمريخ، ولا أحد كان بوسعه إدراك ما يحدث تماما حتى بعد أن يجلس ويرى ويتمعن كافة تفاصيل المجهد الأسطوري.
كان أحد مقاهي الإستراحة ذات المحلات المتفرقة على جانبي الطريق ممتلئا على آخره بالذكور من عمر المراهقة فصاعدا، أناس يجلسون على الأرضية الأسمنتية للمقهى، آخرون يشرئبون بأعناقهم وأمشاط أقدامهم متجهين بكلياتهم صوب ركن داخلي وراء النوافذ الكبيرة المشرعة، الجو شديد الحرارة، رائحة العرق تتجمع من أجساد فقيرة صفراء من هنا وهناك وتنشر مزيجها النتن فوق ملاءة رطوبة راكدة، ولا أحد يبالي في قبضة الصمت المطبق تماما، بينما حناجر عطشى تبتلع لعاب لذة غامضة بلا جدوى.
شققت طريقي وسط الزحام إلى الداخل، هناك بدا البؤس في هيئة شاشة تلفزيونية ضخمة معلقة عند أحد الأركان، وقد ظهر عليها فيلم بلا صوت يعرض مشهدا جنسيا تماثليا لفتاتين بيضاوين عاريتين تماما تتناوبان غرس أداة بلاستيكية مبالغ فيها تشبه العضو الذكري. رجعت أدراجي ملتمسا الهواء الطلق مرة أخرى. وقد أدركت شيئا فشيئا أن الإستراحة تقع إلى جوار حامية أو وحدة تجنيد عسكرية. أيقظت صديقي. وكغريب يخاطب غريبا طلبت منه مغادرة هذا المكان على وجه السرعة.
لا أدري ما الذي جعلني أتذكر دفعة واحدة كل تلك المشاهد، بينما أترقب عودة "ألبرت" من المطبخ في أية لحظة، بعد أن يضع زاده لهذه الوردية داخل الثلاجة المكتظة بحاجيات العاملين خلال النهار، لا شك أن لدي رغبة الآن لا تقاوم لمعرفة ما حدث ل"ألبرت" منذ آخر مرة رأيته خلالها، ولكن كيف أجد مدخلا مناسبا للسؤال عن "سلفيا"وكلبها ودالكلب والكلبة؟!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بدا واضحا وهو يقبل من المطبخ عبر الطرقة الأرضية الطويلة المضاءة بقوة أن ثمة شيء تغير في مشية "ألبرت" العسكرية السريعة المنتظمة. صارت بطيئة مثقلة لكأن شيئا ما يجذبها إلى أسفل. ماأن وصل إلى كاونتر "السكيورتي" حتى جلس إلى جانبي غير مكترث بالمرة بتوصيات وردية المساء أوالإحتفاء كعادته القديمة بأوراق التقرير. كان يجلس صامتا ناظرا إلى نقطة ما في الفراغ ممددا رجليه أمامه مشبكا يديه فوق رأسه خاليا من أية رغبة في الحديث. وباختصار كان رجلا ميتا.
عندما حانت مواعيد تفقد الجراج للمرة الأولى لم يحرك ساكنا. فقط بدأ في كتابة التقرير بتثاؤب. ولمحته عند نقطة معينة يسطر شيئا ما مفاده أنه تم تفقد الجراج ولا شيء غير طبيعي حدث في مثل هذه الساعة لتدوينه NOTHING UNUSUAL HAPPENED TO REPORT AT THIS TIME. وبدا لي في تلك اللحظة أن مسألة حضوره متأخرا إلى الوردية كان بمثابة علامة مبكرة لما يحدث له الآن. أوكان جرثمة أخذت تدمر شيئا فشيئا جهاز المناعة لسائر أفعاله المنتظمة الأخرى والدقيقة كساعة في شركة طيران كبرى. وعلى أية حال لقد راقني كل ذلك كوليد شرعي للفوضى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
"على مدى خمس سنوات متصلة لم يحدث أمر ذو بال في هذا المكان"، بدأ "ألبرت" يتحدث أخيرا، وقد نشط في ذلك فجأة، قال: "لا شيء"، وأضاف كشخصية خارجة للتو من إحدى صفحات مسرحية عبثية ل"صامويل بكيت": " لا شيء حدث هنا بالمرة". وكما شرع في الحديث صمت. وخيل لي أنه ينظر إلى شيء بعيد قابع في أعماقه السحيقة كالأسى. ولو أن الصمت استمر ثانية أخرى لعانقته كما يعانق الأشقاء بعضهم البعض وقت محنة وشرعنا نبكي معا لأسباب مختلفة. لكن شخصا ما أخذ يركل على حين غرة بوابة البناية الزجاجية من الخارج بقدميه في حالة من السكر الكامل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد المنعم سيد احمد)
|
صديقي الأعز منعم:
منحني حضورك الجميل زخما شأن تلك السنوات الخالية (نسبيا). حتما سأزوركم في عروس الساحل الشرقي برغم خوفي الغريزي من المدن الكبيرة. أتدري لو أن أخي التجاني يوسف بشير كان منفيا هذه الأيام لما إختار غير "أتاوا" كمكان صالح للعيش. إذ تجمع في مزيج خلاب مابين الغاب والمدنية الأكثر حداثة في آن. حتى أني أتساءل دائما إن كانت مصابيح تلك التي تشرئب من داخل الأغصان أم ثمار مضيئة. تحياتي للأولاد ولك. محبتي.
في ذلك المساء الخريفي البعيد، جلسنا للتو حول مائدة داخل صالة المعيشة النظيفة ذات الإضاءة الخافتة الحالمة، أنا و"أ" و"جيسكا" و"أماندا"، كانت تطل علينا لوحة فان جوخ "نجوم الليل" وزيتية ل"رينوار" تصور أوراقا نباتية تطفو فوق بحيرة ساكنة أول الفجر وتبدو متعبة على نحو ما بعد رحلة مع تيار كسول توقف بعد مسيرة استغرقت الليلة كلها، بينما مثلت صورة "بيكاسو" الأصلع قبل عقد أويزيد من موته نشازا لا أعرف كيف قمت بوضعه بيدي نفسها على الحائط الأوسط بين اللوحتين المتقابلتين.
كنت قد قررت قضاء السهرة بيني وبين نفسي مع "جيسكا"، إذ لا يعقل من باب اللياقة أن أستأثر بالفتاة الأجمل "أماندا"، فيما بدا لي تغاضيا عن جهود "أ" الحثيثة في هذا الشأن، لكنني كإنسان أدمن لسبب ما العيش في مكان ومراقبته في آن لمحت "أماندا" وهي توميء ل"جيسكا" أن تجلس مجاورة لمقعد "أ" الذي فرغ في تلك اللحظة لقيامه بإعداد طبق طعام ل"جيسكا" التي أعلنت عن شراهة بدائية منذ الوهلة الأولى، "أماندا" عللت ذلك فيما بعد بأنها شعرت دفعة واحدة بوجود شيء يربط بيني وبينها، وأضافت بكثير من الصراحة أنها أحبت دائما رجالا من ذوي القامات الطويلة، وربما بدا هذا الحديث جارحا ل"أ" إذا ما قد تناهى إليه، ولشقائه كان لا يعشق بدوره سوى المرأة الطويلة، بينما أعشقها كيفما كانت ولا أبالي حتى بوجود عاهة واضحة في موقع ما من جسدها الملغز مثل سر من آلاف الطبقات.. كل طبقة لها مفاتيحها الخاصة وأنغامها المختلفة تماما.
لحداثة عهدي بالمكان آنذاك وأساليب عيشهم، بدا أن اختياري ل"موتسارت" كخلفية موسيقية شديدة العذوبة خطوة غير موفقة تماما، عندما أخرجت "أماندا" من حقيبة يدها أسطوانة غنائية جديدة ل"فيفتي سنتس" وطلبت بلباقة أن أقوم بتجريبها، خطفتها "جيسكا" التي شرعت منذ وقت في دفع جرعات متتالية إلى بطنها من "فودكا" محلية بنكهة البرتقال، وهي عائدة متمايلة مع لحن "الراب" الصاخب رفعت رأسها الغبية ورأت صورة الأصلع مفكرا، ولم يكن من المستغرب في ظل مجتمع التعدد والتنوع الكندي أن تسألني عما إذا كان "بيكاسو" وكانت تجهله تماما ينتمي لي بصلة قرابة ما، ويبدو أن مثل تلك الملاحظة قد دفعت "أ" إلى الضحك بصوت حمار فعلي دفع بدوره الفتاتين إلى التطلع بدهشة وحيرة متى يتوقف كل هذا العناء.
بدا واضحا بمرور الوقت أن "أماندا" أخذت تلعب دور مندوبة مبيعات، وهي تسوق نفسها على نحو بدا لي غامضا وقتها، لا كبضاعة إستهلاكية، ولكن كشيء دائم أبدي يرافقنا العمر كله، وكنت سعيدا في قرارة نفسي، إذ حان الوقت ليعثر المنفي الغريب أخيرا على من ستفتح له باب بيته من الداخل وتسأله في غضب مصطنع حميم: "أين تأخرت كل هذا الوقت". يا للنساء!!!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كنت في رحلة داخل كندا استغرقت أياما.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Dearest The Love Of My Life, Hello baby!! I missed you all day today. I just wanted you to know that I will try my hardest to succeed in school and work. I want to be able to buy our children beautiful things that he or she desires..... I love you so much Abdelhamid. I have to wait for my forms from back home. I will call my old work on Monday. Also I will call that school to see what there decision is on when I would start. Well your going to be home any time now I can not wait.I want to kiss your
Love always your wife,
| |
|
|
|
|
|
|
|