دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: هشام مدنى)
|
يبدو أن كل ما جناه "الأمنجي السابق" خلال مشواره الوظيفي يتمثل الآن في تلك الزيارات الليلية التي يقوم بها ضحاياه في شكل كوابيس مفزعة أدخلت الخوف إلى قاموس حياته لأول مرة. وهي كوابيس لا مفر منها سوى بقول (بسم الله الرحمن الرحيم). وهنا تحديدا تكمن مصيبته الكبرى. لذا حين يشكو إلى صاحبه الخليفة بدري ما بدري الذي يعاني من ذات المشكلة يشير إلى (بسم الله الرحمن الرحيم) بكلمة (المعيليمة). وذات مرة قالاها بالصدفة فضاعت نفسيهما منهما لعدة أيام. ولم ينقذهما سوى لجوء الخليفة بدري ما بدري إلى إطلاق متصل لموجات متتالية من الظراط الكثيف. وهي على مايبدو الموهبة الوحيدة التي حباه الله بها. وكان المسئولون في الأجهزة الأمنجاوية يصنفون تلك الموهبة ضمن الآليات القمعية المتاحة في لحظات الطواريء. والجميع يذكر هنا هجوم أجهزة الإعلام الغربية على غياب الحريات الأساسية في البلاد. الأمر الذي دفعهم إلى إرسال مندوبين لمراقبة مسيرة الطلاب السلمية إلى مقر جلالته للتنديد بالإختفاء المستمر للمعارضين السياسيين. لم تكن هناك أدنى علامة على وجود أمنجي حول المتظاهرين. لم تكن هناك مجنزرة أودبابة واحدة أوحتى كاسحة ألغام مصفحة كما كان يحدث أثناء المظاهرات السابقة. ومع ذلك (كما جاء في تلك التقارير الصحفية) حدثت حالات فرار تلقائي بالجملة وإغماء جماعي. وقد أشار مراسل وكالة رويتر ديفيد جنسون وقتها أنه لاحظ وجود شخص في مركز الأحداث يشبه (فيلا مدللا). وما حدث ببساطة شديدة أنه تم إرسال الخليفة بدري ما بدري إلى قلب المظاهرة لإطلاق ما تبقى في بطنه من (لوبا عفن).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: msd)
|
كانت تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، الحجرة تسبح في ظلام دامس كثيف، رطوبة صيفية خانقة، وصمت مطبق يحكم قبضته على الأشياء في الخارج، عندما هب الأمنجي السابق من نومه دفعة واحدة، متصببا عرقا، مرتعد الفرائص لاهث الأنفاس جاف الحلق واللسان، قائلا: (بسم الله الرحمن الرحيم).
نهض بعدها بصعوبة سائرا صوب الحمام. هناك كاد قلبه يتوقف من النبض تماما. إذ ما أن أطل على المرآة الكبيرة المصقولة المثبتة على الحائط فوق الحوض الرخامي حتى أدرك خطأه الفادح. هكذا أخذ يتذكر كلمة "المعيليمة" بتحسر وروع شديدين. آنذاك لم يكن ليطالع في المرآة سوى الفراغ وصورة الحائط وراء ظهره المختفي. وما كاد أن يصيبه بالسكتة القلبية بالفعل أنه تذكر على حين غرة أن ظراط صاحبه الخليفة بدري ما بدري في حجرة مغلقة هو الوسيلة الوحيدة لإستعادة هيئته الملموسة العيانية مرة أخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أزعج الخليفة بدري ما بدري الذي أرسلته حكومة الجنرال لتسميم حياة المنفيين أنه لم يعثر على صاحبه الأمنجي السابق في كل مكان وزمان طلبه خلاله. حتى أنه لم يره في المحل التجاري الضخم حيث كان يطيب لهما شتم العاملات في المقاهي بلغة عربية دارجة لم يكن يفهمن منها بعقليتهن الانجليزية سوى أنهن في الغالب في مواجهة معتوهين غاضبين لسبب أوآخر بلسان أجنبي. والأمنجي السابق الذي فقد جسده عن طريق قول (بسم الله الرحمن الرحيم) عن طريق الخطأ لم يكن قادرا في تلك الحالة سوى على تحريك أشياء صغيرة مثل مفتاح النور بثقله الهوائي. لذا كان من المتعذر عليه أن يستجيب لأشياء أخرى مثل سماعة الهاتف الذي لم يتوقف من الرنين نتيجة لإتصالات الخليفة بدري ما بدري المتكررة في عصبية واضحة. ما كان يزعج الخليفة بدري ما بدري الذي ينتمي كأمنجي حالي إلى "حكومة الطلاب العسكرية الرسالية المقدسة" أنه لم يكن ليفعل شيئا في تحركاته النشطة إلا وفق ما تمليه عليه خبرة الأمنجي السابق في صناعة الفتن والدسائس والمؤامرات الصغيرة التي أثبتت حتى الآن نجاعتها في تسميم حياة المنفيين الذين كانوا من قبل أصحاب مواقف صلبة متماسكة قبل أن ينشد أغلبهم السكينة قليلا في حضن الدولار بعد مشقة طويلة أصابتهم في منافي وسيطة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أخيرا تبادر إلى كرش الخليفة بدري ما بدري لحظة جوع أن صاحبه الأمنجي السابق قد قال ولابد (تلك العبارة) عوضا عن كلمة (المعيليمة). هنا شعر براحة ما. ذلك أنه سيؤدي بعد ساعات خدمة جليلة ل"صديق في محنة". لم يضع زمنا طويلا عندما قرر الذهاب فورا إلى دكان الهندي لشراء كمية من (لوبا عفن) تكفي لإطعام (فيل مدلل). لا شك أن اليوم هو يوم الظراط العالمي لأهداف نبيلة مثل إستعادة جسد صديق قال على حين غلطة (بسم الله الرحمن الرحيم). هكذا توجه الخليفة بدري ما بدري إلى شقة الأمنجي السابق بعد أن أخذت أمعاؤه تصدر أصواتا لايعلم إلا الله ماهي!!!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما تكتبه الان يعتبر مساهمة متميزة في ما كنا نقول به عن "خطاب ا لرحيل السوداني" (Re: osama elkhawad)
|
كان الخليفة بدري ما بدري قد هضم "لوبا عفن" كعادته في فترة وجيزة. وأخذ يغذي السير صوب صاحبه الذي تحول إلى كائن هواء لا تراه العين. وقد بدت عليه علامات من الجدية كمن يوشك على آداء مهمة عاجلة وضرورية. وفي الواقع أن إهتمامه دائما بصاحبه الأمنجي السابق خاصة في مثل هكذا أحوال لم يكن عملا ناجما عن شفقة بقدر ما هو خوف من أن يجد نفسه وحيدا إزاء حياكة مؤامرات رخيصة بلا رأس تدبر هو منها مجرد تماما كيوم ولدته أمه. وكان على علم تام أن الأمنجي السابق يتواجد الآن في شقته مغلقا كل الأبواب والنوافذ. ذلك أنه يخشى الخروج بكيانه الهوائي. ومن يدري!. ربما تهب ريح قوية على المدينة مثل إعصار كاترينا على حين غرة. قد تحمله إلى مكان آخر خارج الكرة الأرضية برمتها.
كان الخليفة بدري ما بدري يمتلك نسخة من مفتاح شقة الأمنجي السابق. لكن مراقبين لحقل التواصل الإجتماعي يستغربون بشدة كيف أمكنه الحصول على مفاتيح بوابتين لعمارتين سكنيتين (احداهما تحتوي شقة صاحبه) لا تحتويان على مكان إقامته. ويهمس البعض أنه لولا أصول تربية تمنعهم من تبليغ الجهات المختصة في ذلك البلد (الأجنبي). وأضاف بعض الذين بدأ صبرهم في النفاد لسبب يتعلق بغياب المنطق الذي أوجدهم كمنفيين مرة أخرى وجها لوجه أمام ما كانوا هربوا منه من قبل في وطنهم الأصلي أنهم قد يعملون في أية لحظة بحكمة الممثل المصري (إسماعيل يسن في الحربية) والقائلة (بحر الأذى واسع). لكن كان يوجد بالقرب منهم دائما عقلاء يستوقفونهم قائلين: "يا جماعة أنحنا ناس سودانيين في الآخر". وكان من بدأ صبرهم ينفد يبصقون دائما في أي مكان ك"سفافين تمباك سابقين" قبل أن يردوا عليهم بقول شاعر مجهول مات في خمارة قائلين: "هكذا تدعون الحسكنيت ينمو على أرواحكم"!!!.
عودة إلى مساهمة الصديق المشاء بعد نوم ما بعد وردية ليل شاقة وطويلة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما تكتبه الان يعتبر مساهمة متميزة في ما كنا نقول به عن "خطاب ا لرحيل السوداني" (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي المشاء العظيم:
مهما تعددت تسميات المكان في هذا السياق، فإذا أقلنا غربة أومنفى أومهجر، فإن هذا الفضاء الجديد بالنسبة لي يظل قبل كل شيء شكلا من أشكال مواجهة الذات للذات، سواء على مستوى القدرة على التأقلم مع آليات الواقع الجديد اللغوية والثقافية، أوعلى مستوى النظر إلى سيرة الواقع القديم من بعد يعمل على تخليصنا كثيرا من أسر الصراعات اليومية الصغيرة بوصفها عوامل تقلل كثيرا من درجة الموضوعية تجاه طرح ما.
ويمكن القول هنا، على مستوى تمنيات روبرت اروين أن يقرأ ضمن الأدب المكتوب في العربية "قصصاً تعبر عن لسان حال جنرال ذي أربع نجمات أو شيخ ثري وروايات تتحدث عن عالم المنغمسين في الملذات، أو بيروقراطيي الثقافة الموسرين"، إنه سبق للطيب صالح أن أشار ك(كاتب واع) إلى إشكالية مقاربة موضوعات معينة من داخل فضاء الثقافة العربية جماليا، عاقدا في الوقت نفسه مقارنة مع الفضاء الثقافي الأمريكي اللاتيني حيث الكاتب غالبا لا يحده أمر على مستوى المؤثرات الثقافية سوى موهبته أوقدراته الإبداعية، ولعل ذلك كما تلاحظ قد عطل نمو الجزء الثاني من هذا البوست كثيرا، وهي مسألة لم أستطع حلها سوى بالهروب إلى هذا الجزء الثالث بإعتبار أن ما أفعله هنا وهذه حقيقة هو (مجرد تمارين لكتابة في مكان آخر). أتجنب دائما بدافع المحبة ألا يحدث ما أكتب حزنا في نفوس أصدقائي ما أمكن. ولا أدري مدى موضوعية مثل هكذا قول. لكني مع كل ذلك أقول ما أريد توصيله بصورة ما. وربما ترى هنا بعض التناقض!!!.
أما عن (الموت) كما هو مشار إليه في سياق حديثك، أرى أنه الخلفية الخفية أوالمعلنة كسؤال لكل أدب جيد، أقول هذا بعيدا من درجات تقبل الناس له وفق مرجعياتهم المعرفية والثقافية أودرجة تطورهم الفكري و(المادي)، والأخيرة مسألة مهمة على صعيد التعامل مع الموت. محبتي إلى حين لقاء قريب حول مفهوم الرحيل في ظل (لاهوت الوردة).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما تكتبه الان يعتبر مساهمة متميزة في ما كنا نقول به عن "خطاب ا لرحيل السوداني" (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بصق الأسانسير شحنته التي تشبه فيلا مدللا في الطابق الحادي عشر. وقفل فمه بسرعة عائدا تلقائيا إلى الطابق الأرضي بعد أن ناله شيء من ريح "لوبا عفن". لكأنه يخشى من عودة الخليفة بدري ما بدري من دون أن يتاح له فرصة أن يلتقط أنفاسه لبعض الوقت. فكر في طريق عودته كيف فتح ذراعيه قبل محنته الأخيرة لحسناء ذات أريج مسكر للأسف الشديد كانت قد غادرته إلى الطابق الثاني في عجلة من أمرها. وقال في سهوم غريب لكم يحزنني أن الطيبين والطيبات لا يبقون داخلي طويلا. وما أن إستقر به المقام أخيرا حتى أطلق تنهيدة طويلة ممزوجة بالأشمئزاز من بشر لا يعلم إلا الله من أية طينة تم جلبهم إلى هذا العالم. وبعد قليل تفوه بعبارة عربية بلكنة أجنبية كان قد لقنها له مبدع عراقي ثمل خلال أوباته إلى وحشته في الطابق السابع آخر الليل قائلا: "اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه"!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما تكتبه الان يعتبر مساهمة متميزة في ما كنا نقول به عن "خطاب ا لرحيل السوداني" (Re: عبد الحميد البرنس)
|
فتح الخليفة بدري ما بدري باب شقة الأمنجي السابق في الطابق الحادي عشر. وأنصت إلى ما بداخلها. بعد لحظات تناهى إليه صوت محتضر يقول له: "أوعك تقعد على السرير". فهم أن صاحبه يرقد هناك منتظرا إستعادة جسده الذي اختفى بمجرد أن نطق (بسم الله الرحمن الرحيم) على سبيل الخطأ في أعقاب ذلك الكابوس الليلي الذي شهد عودة ضحيته محسن بوجهه الوديع وملامحه المؤنبة. ولم يكن الخليفة بدري ما بدري ليسمع وسط الأنين الهوائي لصاحبه الأمنجي السابق الذي يشبه مرور ريح ميتة أسفل مرحاض قديم أنين الكرسي أسفله. تلك القطعة من خشب التيك تمنت لحظتها كما حدث في سالف الأيام لو أن النجار لم يقم بصنعها. مأساة ذلك الكرسي لم تكن في الثقل وحده. بل كانت تؤرقه كثيرا مسألة الإنصات الاجباري لمؤامراتهما الصغيرة التي لا تنتهي. ولكم تمنى لو أن سيدته السابقة لم تتخلص منه ساعة عطف ل(شحاد) ملحاح. كانت سيدة طيبة، مسيحية في منتصف الخمسين، تذهب إلى الكنيسة في الآحاد، وتجلس عليه في بلكونة أرضية مطلة على حديقة في ميدان عام يرتادها عشاق من جنسيات مختلفة. وقتها كان ينصت معها أحيانا إلى صوت كمان يحمله عازف متجول عجوز تعكس ألحانه العذبة الآسرة لقاء عاشقين من الهنود الحمر على ضفاف نهر في داكوتا الجنوبية قبل ألف عام. الآن، الآن الآن، يبدو مصيره بائساإلى درجة الحزن والبكاء، إذ كتب عليه الإنصات على مايبدو لصانعي القبح في العالم حتى الممات. لكن أكثر ما يؤرقه في هذه الثانية هو العملية الوشيكة لتحرير سيده الشحاد من حالته الهوائية والتي ستستمر فوق رأسه تحديدا عبر سلسلة لا نهائية من الظراط القاتل. "يا ليتني لم أكن كرسيا"، قال في سره. وفوض أمره إلى الله محبة في غرفة مليئة بالكراهية تماما.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما تكتبه الان يعتبر مساهمة متميزة في ما كنا نقول به عن "خطاب ا لرحيل السوداني" (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عبدالحميد أخوي..أكل العيش يبعد..وأول ما أدخل هنا أجي هنا للبوست دا (الثالث)..أنسخ وألصق ما فاتني..واطبع لأقراء في أول خميس بعدالطباعة..بدأت أنقرش: يعني أمارس شيء من خيانة وأعدك بأنني لن أتوقف إلا في أخر كلمة تقفل بها ّ"السيرة العطرة" دي. تعرف يابرنس أزعجني التداخل في الجزء الأول بين الأمنجي السابق وكبير البصاصين كما شوشني لحد ما "حدة" الإنتقال الزمني في سرد الراوي لكثير من المحطات، كما أن الراوي - بالنسبة للمكان - حدد المنفى بوضوح (ميع تنويهك عن عدم حقيقة الأشخاص ولذلك تستأهل التهديد..لوووول)، ولكنه رغم الإيحاء القاطع بمكان المنشأ والتأكيد الجازم بمكان المنفى فإن ذلك لم "يزعجني" لأني عللته بأن مكان المنشأ تم الإيحاء به ليكون أي مكان ما دام أن "كبير البصاصين" هذا هو حالة لا يخلو منها أي مكان في جميع البقاع..تحياتي ومودتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: للأسف (أغلب) ما ننسبهم إلى (المبدعين) في فضائنا مفرغين من (الحرية الداخلية). وهذا يعود في تصوري إلى مناهجهم (النقلية) في تلقي العالم. لذا يشار دوما إلى أن (الزمن) هو (غربال) حقيقي للقيمة المتبقية لما نتعامل معه بوصفه إبداعا!. |
هذه كلمات حكيمة. وبها شجاعة نادرة. ألا تخشى غضبهم؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: Adil Osman)
|
عزيزي عادل عثمان:
بداية أسعدني مرورك الجميل على ضفاف (سيرة الأمنجية) التي سأتبعها ب(سيرة القطاع). وما طرحته أنت للتو تساؤل مهم وضروري على مائدة إعادة النظر في بعض قضايا العقلانية المطروحة هنا وهناك. وهنا يطيب لي القول إنني لا أخشى ردود أفعال سلبية ما على ما (أحاول) كتابته، طالما أن لدي قناعة راسخة بضرورة بناء رؤيتي للعالم على قيم إنسانية عليا مثل الحق والخير والعدل والجمال، وهي قيم لا يوجد أعلى منها عندي سوى (الحب)، وهو حب يتركز لدي في تقديسي ل"الضعف البشري" الذي هو سعي دائم نحو (التجاوز) أو(الكمال المستحيل).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
"طييييييييييييط.. طووووووووووووووط.. طريط طيط طريط طيييييط... بووووووووووم.. طآآآآآآخ طرخ طييييييخ"، هكذا هكذا بدأت أولى محاولات الخليفة بدري ما بدري المستميتة لتحرير الأمنجي السابق من سجنه الهوائي الذى أخفى جسده تماما بعد أن نطق (بسم الله الرحمن الرحيم) على سبيل الخطأ في أعقاب ذلك الكابوس الليلي (الفظيع). ومع أن ذلك تم فوق رأس كرسي خشبي كان ينصت في صحبة سيدته السابقة إلى صوت كمان يحمله رجل عجوز، إلا أن الخليفة بدري ما بدري لم يسمع بهيئته التي تشبه هيئة فيل مدلل كل تلك التوسلات التي أخذ يصدرها الكرسي المسكين في أعقاب كل ظرطة كما لو أن القيامة قد قامت بالفعل، كان هم الخليفة بدري ما بدري مركزا خلال تلك اللحظات العصيبة على السرير الذي تستلقي عليه هيئة الأمنجي السابق غير المرئية، وقد تمنى بكل جوارحه ألا يخذله مخزون بطنه المهضوم من (لوبا عفن) قبل أن تظهر إلى الوجود كل أعضاء جسد صاحبه وتخرج من سجنها الهواء كاملة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
العينان الشيطانيتان كانتا أول ما ظهر من جسد الأمنجي السابق عند مشارف الظرطة الثانية القوية المركزة الكثافة التي جعلت عظام الكرسي الخشبي تتقطق كما حشرجة روح أنهكتها حياة شقية بائسة. كانتا ترتفعان فوق الوسادة وتنظران إلى الخليفة بدري ما بدري في توسل أن يتم جميله في أسرع وقت ممكن. عينان منطفئتان كعيني ضبع على مشارف الشيخوخة ذات يوم شتائي بارد. لم تكونا على أية حال ذات العينين المرعبتين اللتين أصابتا في طفولتيهما "شامة الجعلية" جارة والدة الأمنجي السابق بالفزع وجعلتاها تكلم زوجها عصر كل يوم بضرورة السفر إلى أقصى مدينة في العالم قائلة بصوت أقرب إلى الغناء: "أنا ماشة نيالا.. لا لا لا لا". لم تكن شامة الجعلية تدري وقتها أنها بخوفها ذاك تضع النغمة الأولى التي سينهض عليها نشيد الدبابين المقدس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
"طووووووووووووووووووووووووووووووووووط". لولا أن الله وهب لنا القدرة على إحتمال ظرتاتنا و(التكيف) منها لأغمي في الحال على الخليفة بدري ما بدري نفسه. ولم يكن أمام الأمنجي السابق في سبيل إستعادة جسده بتلك الطريقة النتنة سوى إحتمال المأساة برمتها على طريقة (خادم الفكي مجبورة علي الصلاه). أما الكرسي الذي شهد حياة أروستقراطية لفترة تمتع خلالها بصوت كمان يحمله رجل عجوز فقد بدأ يتكلم على نحو غير مترابط لا يعلمه سوى الله. حتى أنه حاول عبثا إستعادة ذكرياته أيام كان شجرة في الغابة كوسيلة وحيدة لمقاومة مثل هكذا وضع بائس. وعلى أية حال لم يكن وجوده ليسعفه وسط كل تلك القنابل (الذكية) المحمولة بطائرة بشرية في حجم الخليفة بدري ما بدري تشبه بي 52 في إستعادة ذكرى جميلة واحدة. حقا لا تثريب عليه. ففي مثل ذلك الوضع القدري كان من رابع المستحيلات تذكر لقاء حميم بين عصفور وعصفورة فوق غصن يؤرجحه نسيم عليل على مشارف الشروق!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: Abuobaida Elmahi)
|
أبوعبيدة:
هكذا أنا أراوغها كثيرا. أعني الكتابة هناك. حديثك هنا هز تلك البركة الراكدة كما فعل من قبل حديث محمد خليفة محمد جميل والمطر. حديث أصدقاء نادرين من طراز إنساني رفيع. وبعد أن قرأت ما كتبت أرسلت على الفور بطلب إلى القاهرة لجلب إستيكر حروف عربية فأنا الآن أكتب بالماوس من صفحة سودانيزأونلاين. وإلى إعادة كتابة مسودة رواية (إنسان المكان) أعدك أن أظل مع هؤلاء الأمنجية ومن بعدهما (القطاع) وأهمية هذه المسألة تتمثل في أنه:
بعد عشرين عاما من ولادة القطاع:
أصبحت الصداقات من ذكرى الماضي البعيد.
وبعد أربعين سنة:
الحلة كلها وقفت بالعكاكيز ضد بعضها البعض.
وبعد ستين حولا:
صار الناس يعلقون على ظهورهم أوراق حكومية مثل نمر العربات تثبت شرفهم ونقاء أخلاقهم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
البرنس عبدالحميد أخوي العزيز
أشكرك على التعقيب على ملاحظاتي التي لم أقصد أن تكون نقدية بقدر ما قصدت أن تكون بمثابة تسجيل حضور لأن مشغوليات الحياة تجبر الواحد على البعد عن البورد وعندما ألقى فرقة أدخل البورد لأتابع أين أنتهى السرد لغرضين..الأول: جاذبية الموضوع..الثاني: لحاجة في نفس يعقوب سأفصح لك عنها في الوقت المناسب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الذين لا يؤمنون بلعبة الحظ يشيرون دائما إلى حقيقة مفادها أن البدايات تحدد النهايات إلى حد بعيد. وربما تنطبق حكمتهم هذه بحذافيرها على الأمنجي السابق كما لم تنطبق على أحد قبله من بين ملايين الأمنجية الذين مروا على ظهر الأرض عبر التاريخ. ذلك أن الأمنجي السابق منذ أن قدم أوراق موهبته في الجلسة الثنائية المغلقة في مكتب (أب ضلا مافي) لم يكل لحظة من صنع الأعمال الصغيرة التافهة إلى الدرجة التي نال خلالها شهرة واسعة بين الجزارين وستات النبق والبنقليس وهبابات النار المصنوعة من سعف النخيل اللائي كن يجلسن أمام المستشفيات أيام الزيارة وبائعي الباسطة قبالة سينما "برمبل" والحبشيات اللاجيئات اللائي كن يتكسبن في بيوتهن من مهنة يبذلن خلالها الكثير من الأنين لصفوف من رجال يرتدي أغلبهم نظارات سوداء في الليل أويدفنون رءوسهم في قراءة الصحيفة الوحيدة في البلاد على ضوء النجوم البعيدة أويتلثمون بعمائمهم كطوارق الصحراء.
| |
|
|
|
|
|
|
عزيزي ابوعبيدة -جاذبية "الونسة" وفخاخها غير المرئية (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي ابوعبيدة سلامات معليش فقد قرات تعليقك المهم قبل شوية واتفق معك تماما في كلامك الاتي:
Quote: فهذا المنفذ الرهيب لا يختلف عن الصحافة بشئ كلاهما يفرضان علي المبدع سياق يتعارض مع أجواء الكتابة .,,,, .... كلاهما جلابي رقيب وأنت لا تحتاج سوي وعيك رقيبا. .... .... ألهم إلا إذا أستخدما لنشر منجز ومكتمل. ما رأيك يا مشاء? |
في ما يتعلق بتجربتي هنا ,احاول فعلا ان اتحرر الى حد كبير من جاذبية "الونسة" وفخاخها غير المرئية وكذلك الطبخ و الارتجال لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوق الاسفيري فمثلا زعم احدهم انه سيكتب بحثا عن فيلسوف مشهور
وكان ان اتم بحثه الخطير خلال ثلاثة ايام فتصور مثل هذه العجلة!!!! وفعلا فقد حصد الهباء من مثل ذلك البحث, و عفر صورته النقدية بشكل لم يسبق له مثيل
وحتى في السجالات- الحامية احيانا- احاول بقدر الامكان الا انزلق وراء الشخصي والاني والرغبة في تحقيق انتصار سريع "نوك اوت" من الجولة الاولى,لانني لا اتصور انها مصارعة اصلا
"المنفذ" هذا-كما تفضلت بتسميته- مفيد في ما يختص بمشاريع ابداعية محددة ,يمكن ان تلقى "فيد باك "يساعد على تطورها و نضوجها بشكل مرض
تحياتي لك المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عزيزي ابوعبيدة -جاذبية "الونسة" وفخاخها غير المرئية (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أنت تعلم أن هذه المهنة قد تنتهي بثورة من الثورات في أي وقت، عندها فقط ستجد نفسك في الشارع بلا مورد للرزق أوحيلة، للأسف في البلاد المتقدمة يستفيدون من خبراتنا في الشركات التجارية الخاصة كمستشارين، ولعل هذا الخوف من المستقبل هو سبب حديثي إليك وأنت لا تزال في أول يوم وظيفة، لذا عليك أن تفتح أذنك جيدا قبل أن تصبح مستغلا أومطاردا من قبل أمنجية عهد قادم لا سيما البليدين منهم. كان الأمنجي السابق في ليالي الشتاء الطويلة يتذكر تلك النصائح بحسرة وألم. وقد بدا له الحاضر كلما رأى الخليفة بدري ما بدري أمامه مثل ظرطة كبيرة بلا نظير أوشبيه في عالم الظراريط اللانهائي!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عزيزي ابوعبيدة -جاذبية "الونسة" وفخاخها غير المرئية (Re: عبد الحميد البرنس)
|
في مهنة كمهنتنا هذه، يجب أن تتجنب أذى العامة ما أمكن، إن الجري وراء العيش وأكله هو أكبر أمنجي لمراقبتهم في النهار والليل، والأمن لا يهدده سوى أولئك النفر القليل الذين يهمسون بأصواتهم أويرفعونها كلما سنحت الفرصة قائلين بفصاحة ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وبعض هؤلاء ستراه بعد قليل وقد تحول إلى وجبات طعام حية لتماسيح الجناب الأعلى. هنا تحولت من الدهشة عينا الأمنجي السابق إلى كرتين زجاجيتين خاليتين تماما من الحياة. وقد تيقن بما لا يدع مجالا للشك أن مهنته كأمنجي أكثر تعقيدا مما كان يتصوره كمجرد إبتزاز لتحقيق مكاسب صغيرة من بائعات البنقليس أمام بوابة المستشفى في أيام زيارة المرضى الأسبوعية. ومع ذلك سرعان ما يشتهر الأمنجي السابق كما ألمحنا بوصفه أكثر الأمنجية إنشغالا بسفاسف الأمور في العصر الحديث برمته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Re:الأمنجي السابق وصاحبه الخليفة بدري ما بدري 3-5 (Re: banadieha)
|
شقيقي الحبيب "بناديها":
لك دائما مثل ما في قلب أمي لي من دعاء. لكن تلك كتابة (مباشرة) وليدة لحظاتها الآنية. وعادة حين يتعلق الأمر ب(محاولة) إبداع شيء ما فإنني أعيد كتابة العمل الواحد أكثر من خمسين مرة (وهذا على سبيل المثال في حده الأدنى). بيد أن ما تمدني به من مثل هكذا طاقة لمواصلة السير سيدفعني إلى إعادة النظر في موضوعة (الأمنجي) كعمل جاد. مما يتطلب بذل الكثير من الجهد والعرق. ولا أدري الآن كيف أعاد لي فعلك الجميل هذا جملة أشياء ظننت أنها قد يبست في دواخلي منذ فترة. دمت أخا عزيزا كريما.
| |
|
|
|
|
|
|
|