|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: nassar elhaj)
|
أبوجهينة, أوجلال داوؤد, اسم بدأ يطرق أبواب المشهد السردي القائم في السودان فجأة وبقوة, وهو في هذا ليس ضربا من الإستثناء في شبه غياب وسط ثقافي محلي فاعل ذي ملامح يمكننا عادة من ملاحظة مختلف مراحل تطورات موهبة ما, فقد سبقه من قبل أسماء برزت في حياتنا المحلية فجأة, ولا أذكر هنا الطيب صالح وعماد محجوب وليلى أبوالعلا وطارق الطيب وآرثر غابريال وأمير تاج السر ومحسن خالد وغيرهم ممن تلمس طريقه بمفرده أونشأ في سياق وسط ثقافي خارجي قبل أن يتم تصديره إلى بيئته الأم ككاتب مكتمل الأدوات أويكاد. وهنا ملاحظات نقدية تحاول تسليط الضوء ماأمكن على عالم جلال داوؤد القصصي البديع:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ولعلي هنا أبدأ برؤية سابقة لي وردت في بوست (أبوجهينة):
الدكان ...
Quote: "الدكان", هو عنوان هذا النص, أوهو نموذج مصغر للسوق بمعنى العالم وما ينطوي عليه من علاقات متشابكة, لكنه في هذا النص عالم شديد الشاعرية, يبدأ من شخصية حمد التاجر وينتهي إليها ممتزجا بها ومعيدا إنتاج نفسه في آن, وهي شخصية على هذا النحو ذات حس إنساني عال ومرهف قوامه (الحب) ككلمة مفتاحية تميز عالم "أبوجهينة" وتحيل إليه في حدود مطالعتنا لأعماله الإبداعية حتى الآن, بل هي شخصية تطابق الحب بما ينطوي عليه من معاني التعاطف والتضحية والغفران أوالتجاوز, وربما لكل هذا قدمها إلينا أبوجهينة في لمسة بالغة الذكاء كشخصية وافدة على المكان عاكسا بذلك غربة القيم والمشاعر الإنسانية النبيلة في عالم تم توصيف قسوته ببراعة بأكثر من طريقة, ولعل من بينها ذلك التوصيف الدقيق المشبع بالحياة لأحد مظاهر الطبيعة (المطر), وجلي أن "أبوجهينة" يكتب بذاكرة بصرية حادة تحتفظ بالكثير من صور بيئة ذات خصوصية في مفرداتها اللغوية وعلاقاتها ومظاهرها الطبيعية, وليس أدل من بداية النص. وأعيد لمنتهى عذوبته نشره ها هنا:
"ينقطع التيار الكهربائي ما أن تَنْقر قطراتُ المطر الأولى النوافذ و الأسـقف ، و تَقْرَعُ حباته بإلحاح ( الطشـت المعدني ) المتكيء على الجدار مُحْدِثةً إيقاعاً مُتسارِع الوتيرة .. السماء تتمسك بالغيوم في عنادٍ فيزداد تراكمه في زحْفٍ حثيث ليكتسي لوناً رمادياً داكناً كلما مالت الشمس نحو المغيب.... الشمس تغيب برهةً خلف غمامةٍ مُنْفَردة .. لتُطل من بين فرجات سُحُبٍ مسرعة ، ثم تختبيء مُجَدَّداً بينما ينبثق شـعاعها في كل الإتجاهات من أطرافِ رُكَام الغمام كأذْرُعٍ مُمتدة في ضراعةٍ و توسُّل. البرق يُزَيِّن صفحةَ السماء بلوحاتٍ ذات وميض يجهر العيون.. تَنْفَلِت خطوطها طولاً و عرضاً . نسمات باردة تَهُبُّ على دفعات تلطف الجو فتَلْفَح الوجوه التي قاستْ القَيْظ طوال النهار .. تلوذ دجاجات بالأركان تتحاشى البلل ، مُتَمَلْمِلةً تبحث عن الدفء تحت أجنحة بعضها البعض.. صوت خروفٍ متروك في الحوش يأتي بلا إنقطاع و كأنه يلفت الإنتباه ليجدوا له ملاذاً من هذا المنهمر ..".
إلى ذلك, ومستفيدا من إحدى التقنيات السينمائية المتمثلة في إسترجاع الماضي Flashback, لا يقدم أبوجهينة كما ألمحنا شخصية (حمد) كشخصية مسطحة, أوعالقة في الهواء, أورهينة لحظيتها وراهنيتها, بل يستدعى الكثير من وقائعها السابقة على نحو يساهم في تعميق رؤية العالم ويدفع بحركة السرد إلى الأمام لتتفجر الدلالة الكلية للنص عند خاتمته في عذوبة ينهض وراءها وعي دقيق بحرفية السرد أوتقنياته, ذلك أن حمد الذي يمنح الحب للعالم المحيط به يفتقر في واقع الأمر إلى الحب في أعماقه السحيقة:
"يمتليء الدفتر ديوناً .. و ذاكرته أسراراً .. يستهلكه العمل المتواصل .. و يختلط كيانه بوتيرة الحى و رتابة أيامه .. و ينهك تفكيره كثيراً أن أحداً من أهل الحى لم يبادر يوماً بسؤاله إنت يا حمد ما بتفكر في العِرِس ؟). يتمنى لو يسألونه هذا السؤال ... فالإجابة عليه ترقد على طرف لسانه".
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أبوجهينة كاتب يتميز بثراء الموضوعات كما ونوعا, فقصصه تصور مقاطع من حياة شخصيات تنتمي إلى خلفيات مجتمعية وثقافية مختلفة, شخصيات حية تعبر عن ذاتها بخطاب يناسبها ويحدد وعيها وموقعها في العالم ولا يفرض عليها تصورات تجعل منها مجرد دمى ميتة أوأقنعة تكمن وراءها أفكاره هو الذاتية, ففي قصة:
الشريط ...
نطالع شخصية علوية, وهي شخصية نجح أبوجهينة ببساطة آسرة في أن يجعل منها نموذجا إنسانيا بالغ الدلالة على تشوقات البشر الأبدية للحب والأمان والدفء في عالم شديد القسوة تنكسر الأحلام فيه عادة على عتبة الواقع الصلبة وما يسببه ذلك من تشوهات وجراحات نفسية لا يخفف من وطأتها مرور الزمن. وقريبا من هذا النموذج, تطالعنا شخصية الراوي في قصة:
سارا .. و الموشوم على الجبين
حيث نلمس ذلك الخيط القدري الذي يصنع مصير الشخصية, سواء في حدود مقاومتها الهشة كما في حالة علوية, أوفي حدود الإقرار بقصورها في مواجهة أحداث ماضية كما في حالة الراوي المشار إليه, ف(سارا .. و الموشوم على الجبين) نص سردي جميل يعبر في وجه عن مأساة عالم لكائن بشري (حر) خارجيا (مكبل) داخليا. ليس بمقدوره التعاطي مع العالم المختلف أوالخارجي من منطلق حقيقة تؤسسها لحظة آنية (مختلفة عن حصيلته المعرفية المتكونة لديه منذ الصغر). ثمة شيء ثقيل وغامض قادم من التاريخ أوالعادات كشبح يكبت بركان مشاعر الرجل تجاه المرأة على نحو يصل إلى القاريء في شكل إيحاء. لكن السرد الذي يتم على خلفية شفيفة من الإعترافات الصادقة يبدو كفعل خلاق لذلك الكائن نحو تحرره أوإعادة بناء ذاته على نحو أكثر إنسانية.
ولنا عودة:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
حقا ابو جهينة كاتب يلامس الوجدان
لا اكذب اذ قلت انك تشم روائح البئة التي يكتب عنها... فهو دقيق التصوير يسجل النبضات الخفية لشخوصه بحساسية عالية.. علوية ابكتني كثيرا ..وأحسست كأني أعرفها.. ويمكن ان اتماثل معها..
التحية للصديق جلال فهو يستحق كل حديث جميل..
ويا برنس بيسحروك ولا استشهاد واحد دي "موبالغة"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الله عقيد)
|
حبيب (ألبي) البرنس عبدالحميد البرنس
محبة و مودة و تقدير
أولاً التهاني ممتدة إلى أن حين الفرحة الكبيرة لك و لإلهام.
ثانياً :
تعرف يا برنس
أقرأ تحليلك للقصة ، فأعود و أقرأ قصتي التي كتبتها فكأني كتبتها من جديد لأول مرة .. و هذا ما يسمى تحريك كوامن غير ملموسة أو أغوار غير مسبورة في النص المكتوب أو المسموع ..
واصل .. فأنا أستمتع من أول و جديد
القومة ليك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: ابو جهينة)
|
سلاااام وتحية فى حضرة الادباء والمبدعين... الاخ العريس البرنس تحية مجرتقة ابو جهينة لوحة البلد المشرفة من كل الاتجاهات نغم طنبور مبارى النيل وشايل فى حشاه الريد.. يسالم ادروب ويقالد خليل العازه وناس ملوال ..ويدندن نغم حنية من بارة وينتكى تحت ضل نخيل ينسج من الخيال لوحة تعطر الساحات وترجعنا لى زمنا بعيــــد ولى وفات التحية للاخ الصديق ابو جهينة بقدر سماحته جوانا والتحية لك اخى البرنس وللعروس شكرا لكم جميعا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ابا جهينة .. عالم من المحبات .. وجملو موزون وكلها محسوسة بدقة .. لاتجد فيها ابدا الحشو اللغوي البجي مع الاعتياد .. ماعارف كلامي ده شكلو ما مفهوم لكني حاسي بيهو .. ابو جيهنة سبب جمال بورداب الرياض لك يا برنس تباريكي بزواجك ولابوالجلاجل عميق المودات والسلام ..
صديق لحمزاوي ايضا ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: DKEEN)
|
عزيزي عبد العزيز المكين
حفظه الله و أبقاه
Quote: ماعارف كلامي ده شكلو ما مفهوم لكني حاسي بيهو .. |
كلامك وصل واضح جدا و عليه أشكرك يا إبن عمي العزيز
Quote: ابو جيهنة سبب جمال بورداب الرياض |
و أنت رقم لا يمكن تخطيه يا عبدالعزيز دون أي مبالغة ..
شكرا أرقد عافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
تماما يا حميد ..
هو أبو جهينة ، حتى في ختامه للكلام يقول لك : أرقد عافية .. أترى كيف يكون ( المريد ) ؟؟؟ أهي صوفية في الرجل تمنحه كل هذا الصفاء الودود ( يتصيد ) بها تفاصيلنا السرية في أوج فعلها الإنساني ؟
هذا رجل مسكون بحب مطلق ينثره أينما حل و يسبغه على سرده الجراحي لتفاصيل الحميمية فينا .. تتنشق حتى رائحة كوز السبيل حين يحدثك عنه .. يدخلك إلى رحم المفردة تشهد حركتها النطفية كأبدع ما يكون تكوين خلقها .. لا تملك إلا أن يأخذك الطرب اللغوي و يطوِّف فيك وبك عوالم تنضح استغراقا في كيمياء السوداناوية .
أبو جهينة .. أيها الجميل .. أرقد عافية .. و قوم
شكرا يا برنس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: newbie)
|
مثلما رأينا سابقا, يرسم "أبوجهينة" عبر مجمل نصوصه القصصية شخصيات دائمة البحث عن علاقة إنسانية دافئة تعبر عن نزوع عميق إلى الحب, وهو بحث لا يكلل غالبا لسبب نفسي أواجتماعي أوآخر بالنجاح, ما يعطي لمفهوم الصراع حيويته ودلالته عبر هذا النص أوذاك ويدفع بحركة السرد إلى الأمام بكل ما يحمله ذلك من إستحواذ لإهتمام القاريء وإثارة لتشوقاته إلى معرفة مصير هذه الشخصية أوتلك, وهو ما يمكن مطالعته عند قراءة هذا النص:
النيل يفيض أحيانا في باريس
فمنذ البداية تتطالعنا شخصية مليئة بمشاعر دفينة تعجز عن ترجمتها إلى واقع معاش قوامه التواصل مع الآخر, سواء لقصور لغوي أومادي, ما يمنح السرد تلك الغلالة من الأسى ويعطي للذاكرة دورا محوريا لكسر جهامة عالم ذي معادلات رقمية قاسية مثل باريس, لنستعيد مشاهد وذكريات عالم آخر مثل الخرطوم لا يزال يتمتع بالكثير من البراءة وقدرة الذات على الفعل حتى لو جاء ذلك في صيغة عبث طفولي مثل بعثرة خطوط النمل بينما لا يتيح واقع الغربة المكانية بكل ما يحمله من هيمنة سوى فعل مراقبة صامت لما يحدث أويمكن حدوثه, ولعلنا نلمس ذلك لدى مطالعة مقدمة النص:
Quote: باريس بداية الثمانينات،،، الربيع على الأبواب شارع الشانزليزيه ، الشارع الذي لا يهدأ و لا يكل و لا يمل. حركة دؤؤب ترجعني إلى أيام الطفولة عندما كنا نراقب النمل يخرج من جحوره في خط متعرج و البعض يعود في إتجاه معاكس يحمل فتات الغذاء ، ثم ينتابنا الملل من المراقبة ، فنبعثر خطوطه فيتناثر هنا و هناك يتخبط متلمسا طريقه. هنا تفكيري هو المبعثر ، و لكنني لا أمل المراقبة. تمر فتاة ذات سحنة إسكندنافية ، أتابعها بنظري ، حتى تجلس على كرسي قريب ، و تتحدث إلى النادل بلغة فرنسية. أصرف النظر عنها قفز إلى ذهني ميدان أبو جنزير ، إبتسمت و سحابة حزن تغلف إبتسامتي |
هذا التراوح في السرد ما بين مراقبة واقع معاش وإستعادة وقائع عالم مفقود يعطي للسرد ديناميكيته في مرحلة أولى قبل أن يتحول إلى تراوح أكثر تعقيدا من مجرد تلك التواترات النفسية السريعة التي تتم بواسطة جمل قصيرة متعاقبة تحمل مضامين عاكسة لحركة الذاكرة والواقع القائم في آن عندما يقدم لنا "أبوجهينة" شخصية أخرى تساهم في الكشف عن ثراء الشخصية الأساسية الراوية للأحداث, وأعني شخصية (الجنوبية):
Quote: وقفتْ أمامي ، طويلة كالرمح الدينكاوي ، ببشرتها الأبنوسية ، و شعرها المقصوص كاريه كما الصبية ، أناقة لا تخطؤها العين ، و إبتسمت إبتسامة فضحت عن أسنان تشع كزهور الياسمين في إناء أسود ، جمال صارخ ، لفت إنتباه الفرنجة قبل أبناء العالم الثالث اللائذون بزجاجات البيرة و الدخان الرخيص ، و في صوت يشبه الهمس قالت بنصف إبتسامة الأخ سوداني |
من هنا فصاعدا نكتشف أبعاد الغربة الزمانية لراوية الأحداث, وهي غربة تتفجر دلالتها في موازاة الغربة المكانية أوالباريسية كعجز عن القيام بفعل الحب حتى على مستوى الملامسة برغم الإيحاء أوالتصريح علانية في أكثر من سياق عن حاجة الراوية الماسة إلى الحب والرغبة فيه, وبرغم ما يبدو من إحتفاء زائف بقيم مرجعية مثل الحياء الذي يلعب هنا دور الغطاء لنسق ثقافي بأكمله شديد الإختلال ينتج ذواتا لا تعيش سوى في الظلمة وتدمن التفكير بطرق ملتوية عن رغائبها الأكثر أصالة:
Quote: سرنا على قدمينا حتى قوس النصر ، ثم عرجنا على البرج ، نظرتْ خجلى إلى فتاة و فتى يتبادلان القبل على العشب المبلل ، فأشاحت بوجهها و حمرة الخجل لم تخفيها سمرة لونها ، إنه العفاف البكر الكامن فيها إستوقفنا سائح عجوز طلب أن يلتقط صورة لها ، رفضت أنا و طلبت منه الإبتعاد ، و لكنها قالت يعني حيوديها وين الصورة ؟ عجوز و بيتسلى فصار العجوز يلتقط لها الصور و هو يحدجني بنظرات التحدي و الإنتصار دلفنا إلى إحدى دور السينما ، الفيلم كان تراجيديا ، و نظرت إليها من طرف خفي ، فوجدتها تكفكف دمعاتها خلسة قامت فجأة و طلبت مني أن نغادر ، فقد تمادى شاب و شابة أمامنا ، كأنهما لم يجدا محلا لممارسة ما يفعلانه إلا في السينما
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: Tumadir)
|
الأخت العزيزة جدا تماضر شيخ الدين
سلام كبير و تقدير راسخ
Quote: قصصه بتجى من نسيج القلب مباشرة ممتعه ومحبة ..وغزيرة غزارة روحو وطيبة طيبة نفسوالعامرة. |
شكرا ممتدا على هذه الشهادة التي أعتز بها كثيراً. وفقك الله و حفظك لأسرتك و رد غربتك. أرقدي عافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
ابوجهينة يا برنس زحمة من تاريخ جميل لي مدن جميلة في ازمان مضت .. يحدثك عن القبطة والاغاريق كانو قادم من ثلاثينات الخرطوم وعطبرة.. من المؤكد ان ابداع الرجل ينساب من سلام نفسه الموغلة الياسمين .. جلال داوود كلامكم عندو محض استنتاج جميل لانكم ما لاقيتوهو في لحظيات صفاءه.. انا لا استنتج حين اذكر صفاء نفس ذلك الانسان .. فقد كنت حاضرا بعض الصفا..
جلال حاله جمال ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الله عقيد)
|
غني عن القول إن الزمن كمفهوم عام ظل يلعب دورا محوريا في بناء النصوص السردية الحديثة, وهو ما ينعكس بجلاء شديد على عملية تشكيل تلك النصوص, بل وعلى مستوى مضامين تلك النصوص وما تقارب به وضعية الإنسان في هذا العالم من تساؤلات اجتماعية تاريخية ووجودية ونفسية, حيث نلحظ بإستمرار محاولات رصد تلك التغيرات التي يحدثها مرور الزمن على الناس والأشياء, وما يطرحه ذلك بدوره من محاولات لعقل تلك الوضعية الفانية أوإعادة وضعها في سياق بديل للعيش على نحو أكثر إتساقا مع الرغبات الأساسية للإنسان, حتى ليكاد يشكل مفهوم الزمن على ذلك النحو جوهر كل عمل سردي أصيل أوجاد. ولعل ذلك ما سيكشف عنه النقد التطبيقي لدى مقاربة نص "أبوجهينة":
كوز السبيل ... ( بانوراما )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الجميلين
الهام البرنس
سلام مدجج بالاماني الحلوه
ولك الشكر على استضافت هذا القلم وتسليط الضوء
عليه
حقا وجدت في كتاباته ملامسة الوجدان واحترام
عقلية القارئ والغوص الي اعمق من ذلك
فحين تبداء بالخوض في قراة موضوعا له تتمني
ان لا تكون له نهايه حيث تجد المعاني تتولد
بين السطور والجمال يتدفق في بساطه ليعزف
علي اوتار احاسيسك معني الانجذاب الى النص
وعدم التوقف عن القرايه مهما كلف الامر
فمودتي الكامله لك اديبنا ابو جهينه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: احمد العربي)
|
الي هذا الجمال مرة اخرى اقدم اذن للتداخل مره ثانيه
ارى وهذا راى يخصني في كتابات ابو جهينه
انه يبدع في اصعب ما تتكون منه الروايه اذا افترضنا ان الروايه تتكون من (بدايه, وموضوع الروايه، وخاتمتها) وحسب معرفتي المتواضعه ان اصعب ما في الروايه هو كيفية التعامل مع البدايه فنجد دائما البدايه الإشكاليه والموجهه للمشروع المعرفي البدايه المؤسسه الطامحه للتدخل في احد مجالات النشاط العقلي هي القيمه الحقيقيه والمنفذ السليم الي طبقات الروايه او القصه وهنا نجد ان ابو جهينه ما ان يبداء بالكتابه الا ويحملك من الكلمه الاولي الي التفاعل والترغب لما هو قادم فبدايات القصه اللازمه او القاصره إن جازت التسميه لايمتد تأثيرها الي غير الفاعل اي الكاتب وهذا ما تخلص منه ابو جهينه واذا كان النص يتسم بتعدد الابعاد وتراكب المستويات وطرح تفاصيل خفيه تحترم العقل المخاطب في اعتقادي وجب علينا تسميته بالنص الكامل وهذا ما يحلو لي ان اصف به كل النصوص التي قرأتها له فهنا علينا ان نتعامل مع كلمة نص روائي كان ام قصصي بمهناها الشامل والذي يعتبر الواقع او (الإطار المرجعي) ايضا نصا ليس فقط لان عملية فهمنا للواقع عمليه تناصٌيه في المحل الاول لاننا لانفهم العالم بعقل غفل لا شئ فيه وانما نفهمه عبر مرشح معارفنا وخبراتنا ورؤانا ونجد ان اي واقع يتحول لكلمات تنصب في قالب روايه يحتمل العديد من القراءات وهنا تظهر التباينات في الكتابه وبمجرد ان كان الكاتب او القاص يسرد لنا الاشياء كما حاله هو يكون التشكك في نصه وارد فابو جهينه يكتب بنضوج كامل وممعن في التأكد من نضوجه وثبات قلمه واخذ المواضيع بصوره ابداعيه متكامله وعقل متفتح اما من ناحية اللغه فوسيلة النص الي تأكيد جدارته هي طريقة استعمال اللغه باسلوب ادبي يتجاوز مسالة الإخبار او الإبلاغ اللغويه الي آفاق الإستخدام الفني للغه. والذي يستفيد من طاقة اللغه الابلاغيه دون شك وعدم التقيد الصارم والابحار في تزيين النص بالغموض اللفظي فالتعبير الفني باللغه يعمد بالدرجه الاولي الي استثمار كل طاقتها الإيحائيه وقدراتها الرمزيه وبساطة اللفظ مع قوة المعني والإيحاء وهذا ما لفت انتباهي الي كتابات هذا الاديب
فله التقدم والديمومه وهذا نموزج يعجبني جدا وجلبته للتحليل والمطابقه بما اسلفت
Quote: مسرحية من فصل واحد
أهدي هذه المسرحية للأخ ود قاسم و بشكل موغل في الخصوصية لعزابة الرياض و كل أعضاء المنبر و عضواته كما تهديها صاحبة القصة لعمو ترهاقا و عمو حمزاوي و كل البورداب و البوردابيات من غير فرز ..
المشهد الأول :
يجلس أمام الكمبيوتر .. يداعب مفاتيح اللوحة بعصبية واضحة .. يبث شوقا ( في الماسنجر ) الداخلي .. يضع بكل أناة و صبر ردا يحاول جاهدا أن يكون أنيقا و منمقا يفوح منه ما يعتلج بدواخله و هو يتخيلها بإستدعاء صورتها التي أسفل إسمها في البورد . يتلقى ردا باهتا هزيلا لا يتناسب و ما يبثه من رقة .. ردا لا يَمِتُّ إلى ما يكتب بِصِلَة .. لا ييأس .. بل يزداد إصرارا .. يلقمها كلماتا أكثر إلتهابا .. و ينتظر متلهفا ردا أكثر حرارة .. تواصل برودها و إلتفافها حول الكلمات .. همهم بكلمات ، حمِد الله أنها لن تسمعها منه. تأكد أنها مراوغة من الدرجة الأولى .. أو ربما الغزل عبر هذا الفضاء الجديد لا زال يكتنفه الغموض و شيء من الحذر .. معها كل الحق إذن في هذه الحالة. يواصل قذائف حبه و زخات ولهه و لوعته .. ترد عليه و كأنها تهز كتفيها لا مبالية ..
المشهد الثاني :
أحسَتْ بأن حرارة إندفاعه قد بدأتْ في التراجع .. فبدأتْ هي برفع وتيرة الحديث .. و بدأتْ هجوما معاكسا و منظَّما .. وتيرة الحبيب في تراجع مستمر و كأنه قد بدأ يمل عدم إكتراثها .. أو ربما بدأ تكتيكا يعتمد التقهقر و التراجع لجَرِّ الطرف الآخر إلى منطقته ثم يبدأ في رمى شباكه بدقة. فاجأته برسالة تحيطها قلوب حمراء تقفز في إستفزاز : بحبك يا عنكبوتي .. شباكك و لا ( أوهن من بيت العنكبوت ) ولا حاجة .. إنت صياد ماهر .. أساليبك أخطبوطية ..( ثم وضعتْ هنا وجه تعبيري يمد لسانا أحمرا و كأنه قد شرب للتو عصير كركدي ساخن ) ..
المشهد الثالث :
كلَّمتْه .. و لما كلمتْه .. كلَّ أصبعه من النقر على اللوحة .. و تثاءب .. و الليل ما زال مشروع جنين في الأحشاء .. فهو يواصل يومه منذ الصباح الباكر دونما راحة بين العمل و شاشة الجهاز.. تنقلا من الماسنجر إلى البريد الأليكتروني .. ثم إلى المنبر .. ثم رد عليها في ( بوست ) ردا مغلفا لا تفهمه إلا هي .. فردتْ بأن وضعتْ وجها يعتمر نظارة سوداء كرجال المباحث و المخبرين و تقصد بذلك ( فهمتك يا لئيم ) ..
المشهد الرابع :
أطفأ الجهاز و رقد .. لم تطفيء الجهاز .. و لم ترقد .. نقرتْ على أيقونة الماسنجر .. لا حياة لمن تدعوه للنزال .. طال أرقه و أيقوناتها التعبيرية تتقافز حول وسادته و أمام جفنيه و خلف مخيخه.. قام إلى الجهاز و كأنه سيتفاجأ بمن سيقول له : مش قلتَ حتنوم .. ليه صحيت ؟.. وجدها تحاول القفز إلى جهازه كقطة تشابي للوصول لكورية اللبن المتدلية من ( المشلعيب ) .. جلس القرفصاء أمام كلماتها .. ثم أضمر حاجة .. و أبرم أمرا .. ( تتزوجيني يا سايبرية ؟ ) لم ترتجف أصابعه .. و لكن ظل وجهه ترتسم على قسماته عدة إنفعلات بعدد توقعاته لإجابتها على طلبه .. قالت بسرعة : أيوة .. ( قالتها و كأنها تقبل دعوة للفسحة على الكورنيش ) .. هنا .. لا مكان لإحمرار الخدود .. و التواري خجلا و كسوفا .. فالكمبيوتر قد جعل الوجوه ( خناجرا ) و الأنامل ( سيوفا بلا أغماد ) و الخدود في لون الدبلان ..
المشهد الأخير :
غرفة البالتوك تضم : الحبيب العنكبوتي و المحبوبة السايبرية و وكيل العروس ( عمها و هو ولي أمرها و متصفح مواظب ) لأن أبوها مغترب ( عامل تربية نحل على الحدود مع اليمن السعيد مع أن تخصصه مساعد طبي ) و ما جايب خبر النت و لا الفضاء السايبري و لم يسمع بهما قط.. و الشاهِد الأول عضو منبر و معه مأذون قريبه ( عندو فكرة بسيطة عن الإنترنت و عالم الكمبيوتر ) ..و شاهد ثان عضو منبر برضو .. و عضوة صديقة حميمة للشاهد الثاني و جارته ( حيطة بالحيطة ) لزوم الزغاريد ( و هي متصفحة و ليست عضوة ، قامت بعمل بروفات على الزغاريد أمام المايك و مراية دولابهم المكسورة ) .. و بدأتْ الطقوس العنكبوتية .. يللا يا مولانا إتكلم الخط معاك .. مولانا مستغربا و مندهشا و هو ينقل بصره بين الشاشة و الإسبيكر و الموجودين معه : هم حسع كلهم معانا في الخط ؟ يعني ما بقدر أشوفهم ؟ أيوة معانا كلهم .. بس ما بتقدر تشوفهم .. قال و هو يرفع جاجبى الدهشة : هم وين حسع ؟ العريس في نجران و العروس في الإمارات و أنا و إنت هنا و الشاهد التاني في أمدرمان و الزغاريد على زميلة ساكنة جنبهم.. مولانا بصوت خفيض يشوبه الخبث و قليل من الإرتياب : دة عرس سحاحير ولا عرس بشر ؟ يللا يا مولانا إبتدي ما تضيع وقتنا .. مولانا متنحنحا : العريس موجود ؟ حاضر .. مولانا : العروس موجودة ؟ العروس : معاك يا شيخنا .. ( يسمع صوت بنات معها راخيات الإضنين ) .. مولانا : صوتِك بيقطّع مالو يا بنية ؟ العروس متنرفزة : سيبك من صوتي و واصل يا مولانا .. مولانا : وكيل العروس وين مالو قاطع الحس و الحركة ؟ العم وكيل العروس : داير بي حسي شنو ياخي ؟ خلصنا قبال الخط ما يقطع .. مولانا : قول وراى يا عريس .. بأنني بكامل قواى العقلية و حالتي المعتبرة و عضويتي التامة بالمنبر أطلب يد إبنة أخيك على سنة الله و رسوله .. الشاهد الثاني هامسا : شوفوا فلسفة شيخنا .. جاب سيرة المنبر عشان يقولوا الولد فاهم الشغلة .. صوت يكرر الجملة خلف المأذون .. العروس : سجمي .. دة ما صوت خطيبي العنكبوتي .. يا هناى إنت وين ؟ الشاهد الثاني فرِحا: صراحة دة أنا الكررت الجملة .. و أنا المفروض إتزوجك .. لأني أنا الكنت بكتب ليهو الردود إنطلاقا من كلماتك الحلوة يا حلوة .. هو ما عندو غرض فيك و لا بيعرف يكتب جنس الكلام داك الخلاكي تتمسكي بى.. ممكن نغير الأدوار ؟ يعني ممكن تتزوجيني ؟ مولانا : يا أخوانا مش كفاية إنقلابات في البلد كمان بقت في الزواج ؟ الحاصل شنو ؟ العم : معليش يا مولانا .. بنجيبك تاني .. الظاهر في خلط في الباسووردز و تبادل للأسماء و المراكز..
( قبل أن يُسدَل الستار .. يظهر صاحب المنبر على الخط و هو يؤكد إقالة كل المذكورين أعلاه من المنبر و يعقد إتفاقا مع المأذون السايبري ليكون مأذون المنبر المعتمد كخدمة جديدة من خلال البورد ) ..
( في الخلفية أغنية مع تغيير طفيف في الكلمات : شوف عيني الحبيب بي حكمة كاتْب البوست ) ..
أرقد عافية
***
الرابط
زواج سايبري |
لكم مودتي واسف للاطاله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: احمد العربي)
|
مودتي
الجميلين الهام والبرنس
Quote: تعرف يا برنس
أقرأ تحليلك للقصة ، فأعود و أقرأ قصتي التي كتبتها فكأني كتبتها من جديد لأول مرة .. و هذا ما يسمى تحريك كوامن غير ملموسة أو أغوار غير مسبورة في النص المكتوب أو المسموع ..
|
هذا ما اقصده تماما
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: محسن خالد)
|
يا أخوانا أنا كنت ماشي برد على أحبابنا المتداخلين و المتداخلات هني بالدور .. و لكن أديبنا محسن خالد جاط لى الرصة و جوبك الترتيب .. عشان كدة بستميحكم عذرا و أسمحوا لى أرد على الزول السمح دة قبالكم ..
عزيزي محسن .. رسلت ليك رسالة قبال أرد عليك هني ..
تعرف يا أبو خالد .. أي زول يبدا كلامو بكلمة ( عارف ) أو ( تعرف ) .. أعرف إنو الكلام الجاي كلام شحمان و معتق... معليش يمكن يكون في الكلام دة نرجسية لأنو بستعمل الكلمتين ديل كتير ..
Quote: المحل دا أخضر مادام فيه أبو جهينة ود قاسم صديق الموج وكل كبارنا البنحبهم، وفوق روسينا تيجان |
شهادة عالية يا أبو خالد و وسام رفيع .. لك الشكر آلاف
Quote: أبو جهينة متفنّنٌ كبير،. في قلمه إمتاع ومؤانسة،.. دِرْبة ماهلة وشفتنة صبيان |
و دة ال مخليني لي حسع بحسب نفسي في ريعان الشباب
و يكفينا منك هذا الحب ، نحمله زادا في هذا الوطن الإسفيري .. أرقد بألف عافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: ابو جهينة)
|
عزيزي دكين عشا البايتات
سلام و أنت في مقرك الشتوي بالشرقية
Quote: زحمة من تاريخ جميل لي مدن جميلة في ازمان مضت .. يحدثك عن القبطة والاغاريق كانو قادم من ثلاثينات الخرطوم وعطبرة.. |
عُشْرة هؤلاء القوم الطيبين كانت لها الأثر البليغ في مسيرة حياتي .. و على وجه الخصوص الأقباط.
Quote: انا لا استنتج حين اذكر صفاء نفس ذلك الانسان .. فقد كنت حاضرا بعض الصفا.. |
و للحقيقة أقول بأن صراحتك و طيبة نفسك هي التي تؤثر في محدثك .. سنأتي على سيرتك مطولاً هنا .. و إلى ذاك الحين أرقد عافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الأخ عبدالحميد البرنس
أبو جهينة من الأقلام الراقية التي نحترمها ونقدرها حق تقدير وكنا نبحث عن فرصة لنعبر عن له حبنا وتقديرنا لم يكتب وأننا نتابع بإهتمام بالغ ما يكتب وها أنت تمنحنا أخي البرنس شكراً لك أخي عبدالحميد البرنس أيها الزقازيقي المطبوع وشكراً لصاحب القلم الجاد أبوجهينة ومزيداً من الإبداع والرقي
مع تحياتي عادل عبدالرحمن إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
يحتار المرء لثراء هذا النص في بساطته وتعقده في آن في تحديد أكثر أبعاده دلالة على جماليته وتميزه من بين الكثير من النصوص الأخرى لأبي جهينة نفسه. ولعل في عنوانه "كوز السبيل ... ( بانوراما )" ما يضعنا ومنذ البداية أمام توقع الدخول إلى عوالم مشهدية تتشكل جوهريا عبر تقنية التداعي القائم على الرصد البصري والتذكر الذي يعطي لهذا الرصد عمقه في التاريخ عبر رصد آخر تمثله جملة الأحداث والأقوال المكونة لسيرة (كوز السبيل). وهو تداع وإن بدا حرا إلا أن إعادة النظر إليه تكشف عن حق عن مدى مكر الكاتب وبراعته في نسج هذه الخيوط المشهدية التي تكاد تنوب عن زمنين نقيضين يتشاركان في بناء المعنى العام للنص من حيث هو صراع بين قيم الحب وقيم الكراهية, وأبوجهينة لا يغفل أثناء ذلك أن يعضد ماهية هذا الصراع بدلالة الأسماء نفسها التي ترمز لأطرافه وتشير إليها كما يعكس مثلا سياق العبارة التاليةQuote: السبيل به ثلاث أزيار .. فالرابع أصابه حجر في مقتل بعد أن قذف (((ود جبرالله)))) حجراً ليصيب به (((ودالخير)))) .. فأخطأ الهدف .. |
وأكثر من ذلك, لا يكتفي أبوجهينة بما يمكن أن يستنبطه القاريء ضمنيا من حيث التفكير في رمزية الأسماء ودلالتها هنا أوهناك, بل يلجأ إلى تصريح علني ومباشر حين يتعلق الأمر بالشخصية المحورية في النص, وأعني (الخير), حسبما يشير إليه سياق هذه الجملة التقريريةQuote: تعج نفس ( الخير ) بصفاتٍ تؤكد أنه إسم على مسمى .. |
يقيم أبوجهينة ومنذ البداية تطابقا مدهشا بين سيرتي هذه الشخصية و(كوز السبيل), سواء على مستوى التطورات أوعلى مستوى المصير المشترك, وهي سيرة تعكس هنا وهناك رحلة العطاء وغربته في عالم جهم, وهو ما يمكن أن يتلمسه القاريء كذلك ضمنيا أوصراحةQuote: كوز السبيل يشبه (الخير) صاحب السبيل.. فالخير كريم (لامِنْ مدفق) مثله مثل الأزيار عندما تملؤها (زينب) على دفعات بالجردل من الحنفية. تقول عنه زينب أن ( إيدو مقدودة ) فلا يفرق بين الكرم و إستغلال الناس له. و (الخير) مكبل كالكوز إلى ( زينب ) .. و لكن بسلسلة من نوع آخر .. مقيد ببُخْل (زينب ) فلا يتعدى كرمه حوش أسرتها. تلوك الألسن إشاعة مفادها أن (الخير) مربوط ( بعمل ) جلبتْه ( زينب ) من مشعوذ يقطن أطراف قريتها البعيدة.. زينب تقول أن الناس يستمرءون الكرم فيتمادون في الإستزادة .. ( الخير) ذو معدنٍ أصيل .. لا يصدأ كما الكوز .. يهب ما يلقاه يمنة و يسرة .. في غفلة من ( زينب ) .. تماماً كأزيار السبيل .. يتناقص ماؤها لتعود تمتليء من جديد .. الأزيار تعج أطرافها الخارجية بطحالب تشترك مع نسمات الصيف العابرة في تبريد الماء .. ليعود إلى حرارته الأولى بفعل نفحات الهجير. تعج نفس ( الخير ) بصفاتٍ تؤكد أنه إسم على مسمى .. |
على نحو عام, يبدو لي هذا النص بمثابة مرثية بالغة الشفافية لقيم جميلة مثل الحب والعطاء ظلت تقاوم قبل أن تنحسر أوتتلاشى أوتكاد, والنص هذا يعمل على تصويرها عبر ثلاث مراحل: ازدهارها وتفتحها كما يعكس المقتطف السابق, مقاومتها ومعاناتها في عالم معاكسQuote: و الكلب الراقد أسفل الزير يحسده المارة على مرقده البارد. السبيل به ثلاث أزيار .. فالرابع أصابه حجر في مقتل بعد أن قذف (ود جبرالله) حجراً ليصيب به (ودالخير) .. فأخطأ الهدف .. ( القِحِف) يتناثر هنا و هناك و لكنه لم يبرح ساحة السبيل و كأنه لا يزال يتشبث بالماء و الظل و صوت الكوز يكسر حاجز سطح الماء ليل نهار .. ( التذكارات ) تملأ جدران السبيل .. مكتوبة بالفحم و الطباشير .. سقف السبيل ( الزنكي ) يحتجز على جوانبه عدة أكياس نايلون ضلتْ طريقها.. و علب فارغة .. و ( كورة شُرَّاب ) .. و أشياء فقدتْ معالمها بفعل الشمس و الغبار. ( الخير) يطرد الكلب الراقد تحت الأزيار .. و يفتح أغطيتها للتأكد من إمتلاءها. يقف الكلب غير بعيد .. فهو يعرف أن وقفته في الهجير لن تطول .. يقف (سيد الكارو ) .. يكرع كوزين على عجل .. و يدلق ماءاً على عنق حصانه الهزيل .. يتابعه الكلب أملاً في الرجوع إلى مرقده البارد مرة أخرى .. تقف مجموعة من طلاب المدارس .. يشربون و يلهون بالماء .. يقذفونه بوابل من الحجارة .. |
ثم أخيرا موات هذه القيم الجميلة وانحسارهاQuote: ما عاد المكان بارداً ... الريح تصفر على فم الزير الفارغ ... تقف عصفورة تروم قطرة ماء .. ثم تنطلق صوب الفضاء العريض .. يتمدد الكلب رامياً رأسه إلى الخلف .. طار ( زنك ) السقف بفعل عاصفة عاتية ليلة الأمس .. فزع الكلب من زخات المطر تنقر على جسده النحيل فإنطلق يبحث عن مأوى آخر .. و كنخلةٍ توقفت عن طرْح الثمر .. وقف السبيل كبقايا آثار يحكي عن أيام مضتْ .. وقف أهل الحى يودعون بنظرات صامتة ( الخير ) و ( زينب ) .. لملموا حاجياتهم ... و ألقوا نظرة أخيرة على جدران البيت .. ثم على السبيل الذي شهد ردْحاً من حياتهما .. و نجاح تجارته .. و إسرافه الذي قاومته ( زينب ) دون طائل .. ثم إفلاسه .. تؤنبه بنظرات عتاب على إسرافه الذي لم تستطع كبح جماحه كثيراً .. بمساعدة جيرانه .. رفع الزير المتبقي على عربة الكارو كذكرى لأيامه الخوالي .. و أوصاهم بالسبيل خيراً .. بينما بقايا سلسلة الكوز تتأرجح كأنها تودعهما .. |
وأكثر ما يميز هذا النص, برغم ما يبدو منه من طابع تقريري أحيانا, أن الزمن يتم رصده غالبا بحرفية وصفية عالية توضح مدى تأثيراته العميقة على الناس والأشياء, وهي حرفية تسندها مقدرة لغوية تشي عنها أفعال من قبيل "و الأزيار (((تقلص))) عددها", "الصدأ (((يأكل))) أطراف كوز الماء المعلق في السبيل بسلسلة طويلة", "و (((تزداد))) الطحالب سماكة", "( القِحِف) يتناثر هنا و هناك و لكنه لم يبرح ساحة السبيل و كأنه لا يزال (((يتشبث))) بالماء و الظل", "ثم (((يتناقص))) الماء رويداً رويداً في الزير", "و كنخلةٍ (((توقفت))) عن طرْح الثمر .. وقف السبيل كبقايا آثار يحكي عن أيام مضتْ", "و أشياء (((فقدتْ))) معالمها بفعل الشمس و الغبار", "(((بدأتْ))) الطحالب في الموت من أعلى الزير .. لتتخذ لوناً أخضرأً باهتاً .. لتتساقط متناثرة على جسد الكلب الضامر الذي ما عاد يرى إلا لِماماً".. إلخ.
التحية مجددا لمبدعنا "أبوجهينة" وعالمه السردي الجميل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: ابو جهينة)
|
صديقنا عاصم:
أجمل التحايا القلبية لك ولهاجر والعيال.
صديقنا "أبوجهينة":
لقد أردت فحسب أن ألقي القليل من الوصف والتحليل على عالمك السردي الساحر الواثق من غير إدعاء. وهو عمل جاء من جانبي للأسف الشديد وسط أعباء لا يعلم سوى الله ما هي. وهو عمل يظل في النهاية مجرد ملاحظات غير منهجية لا ترقى إلى مستوى النقد (الإحترافي) صادرة عن زاوية سارد آخر. وهنا أرجو أن يواصل النقاد المحترفون الكشف عن جماليات عالم أبوجهينة في زمن أضحت فيه الأعمال المطروحة تتحدد وإلى حد بعيد بمدى ما يملكه كاتب ما من شبكة علاقات شخصية وغيرها من العوامل اللاعقلانية مثل الإنتماء الآيديولوجي أوالمزاج الشخصي. وإلى هنا, سأتفرغ تاليا على مستوى الكتابة لعالمي السردي على نحو حاسم أوجذري.
محبتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي البرنس
تحايا ملؤها المودة
Quote: وهو عمل جاء من جانبي للأسف الشديد وسط أعباء لا يعلم سوى الله ما هي. |
لذا .. ففوق شكري لك .. أضيف إمتناني اللامحدود .. و عذري الوحيد أن كنت أنا مصرا لتنطلق على سجيتك رغم معرفتي بأعباءك .. عذري هو كما قلت بأنني ( أقرؤني ) من جديد عبر تحليلك .. فلك العتبى حتى ترضى
Quote: في زمن أضحت فيه الأعمال المطروحة تتحدد وإلى حد بعيد بمدى ما يملكه كاتب ما من شبكة علاقات شخصية وغيرها من العوامل اللاعقلانية مثل الإنتماء الآيديولوجي أوالمزاج الشخصي. |
أوافقك تماما في هذه النقطة
Quote: وإلى هنا, سأتفرغ تاليا على مستوى الكتابة لعالمي السردي على نحو حاسم أوجذري. |
وفقك اللله و سدد خطاك و أنار طريقك و تمنياتي لك بحياة ملؤها السعادة و المحبة و الوئام أكرر الشكر و إلى لقاء قريب .. أرقد بألف عافية و إلهام ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: ابو جهينة)
|
الأخ العزيز / عبد الحميد البرنس الأخ العزيز / أبو جهينة ..
تحية الإعجاب بالتجلي والانحناء للألق الجميل ...
ما كل هذا البهاء يا شباب !!.. عبدالحميد ... لقد أظهرت براعة تحليلية رائعة عبر أسلوبك السلس الجذاب ... برافو عليك وينصر دينك يا رجل ...
أبو جهينه .. لسوء حظي إني لم أطلع على هذه الدرر التي تحدث عنها الأستاذ / عبد الحميد .. وياخي مادمت في الرياض القريبة دي .. ورينا كيف نتحصل عليها ... ,اريد هنا فقط أن أعيد الجميع لموضوع تعالوا شوفوا حلفا القديمة .. وبالذات عند مداخلتك ووصفك المبهر حقاً لرحلة النزوح ليلاً عير القطار ... يا سلام يا أبوجهينه ... لقد حشرتني معك عنوة في تلك الزحمة فكنت أشعر بالأنفاس والعبرات المخنوقة .. وسحابات الدمع وهي تتكون عابرة القلب إلى العيون ... ولم أتمالك نفسي حقيقة من البكاء تأثراً بروعة وصفك لهذه القصة الواقعية ... بأسلوبك الما معقول ذلك ... وخاصة قصة الرجل المتماسك العم طلسم والد البلابل .. حين لم يتمالك نفسه أخيراً وانفجر بالبكاء ... إلى حد إنني تداخلت واقترحت القيام بإنتاج فيلم عن هذه المأساة وأن تكون يا أبا جهينة أحد كتابه أو حتى الكاتب الوحيد ... شفت كيف يابن عمي إلى أي حد أنت مذهل ورائع ... سلمت يداك .. والله درك ... ومزيداً من هذا التألق الباذخ ...
مع خالص الشكر والتجلة ؛؛؛
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: إدريس محمد إبراهيم)
|
عزيزي جداً إدريس و إبن عمب الحبيب
سلام كبير و تحية ملؤها الإعزاز
أشكرك كثيراً على كلماتك الطيبة ..
Quote: اريد هنا فقط أن أعيد الجميع لموضوع تعالوا شوفوا حلفا القديمة .. وبالذات عند مداخلتك ووصفك المبهر حقاً لرحلة النزوح ليلاً عير القطار ... يا سلام يا أبوجهينه ... لقد حشرتني معك عنوة في تلك الزحمة فكنت أشعر بالأنفاس والعبرات المخنوقة .. وسحابات الدمع وهي تتكون عابرة القلب إلى العيون ... ولم أتمالك نفسي حقيقة من البكاء تأثراً بروعة وصفك لهذه القصة الواقعية ... بأسلوبك الما معقول ذلك ... وخاصة قصة الرجل المتماسك العم طلسم والد البلابل .. حين لم يتمالك نفسه أخيراً وانفجر بالبكاء ... إلى حد إنني تداخلت واقترحت القيام بإنتاج فيلم عن هذه المأساة وأن تكون يا أبا جهينة أحد كتابه أو حتى الكاتب الوحيد ... شفت كيف يابن عمي إلى أي حد أنت مذهل ورائع ... سلمت يداك .. والله درك ... ومزيداً من هذا التألق الباذخ ... |
هناك حلم يراودني و هو أن نقوم بعمل فيلم تسجيلي كامل عن حلفا بكل تداعيات الرحيل و تاريخ المدينة العريق و أهلها السمحين و حياتهم الآن هناك .. إيدي على إيدك .. ستجدني كيفما تراودك هذه الأحلام عن وادي حلفا.
أرقد عافية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبوجهينة.. عالم قصصي بديع عماده المحبة: (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي البرنس
Quote: لقد أردت فحسب أن ألقي القليل من الوصف والتحليل على عالمك السردي الساحر الواثق من غير إدعاء. وهو عمل جاء من جانبي للأسف الشديد وسط أعباء لا يعلم سوى الله ما هي. وهو عمل يظل في النهاية مجرد ملاحظات غير منهجية لا ترقى إلى مستوى النقد (الإحترافي) صادرة عن زاوية سارد آخر. وهنا أرجو أن يواصل النقاد المحترفون الكشف عن جماليات عالم أبوجهينة في زمن أضحت فيه الأعمال المطروحة تتحدد وإلى حد بعيد بمدى ما يملكه كاتب ما من شبكة علاقات شخصية وغيرها من العوامل اللاعقلانية مثل الإنتماء الآيديولوجي أوالمزاج الشخصي. وإلى هنا, سأتفرغ تاليا على مستوى الكتابة لعالمي السردي على نحو حاسم أوجذري. |
لقد إقتبست الكثير من تشريحك لهذا العالم القصصي و أوردته في المجموعة الأولى التي كانت تعاني من مشاكل بيروقراطية كثيرة إنتهينا منها و لله الحمد.
فلك الشكر مع تمنياتي لكما بهناء دائم
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
|