النساء المجنونات والغائبات هن الأجمل

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 03:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-24-2004, 02:05 PM

Elsadiq
<aElsadiq
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1657

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النساء المجنونات والغائبات هن الأجمل





    أُحبها، أُريدها، تلك المرأة المستحيلة. المرأة الغائبة، المنتظرة، المرأة التي توحي لك بالمجيء ولا تجيء، المرأة التي تقف على الشارع المقابل لبيتك، تحت شجرة الجوز الكبيرة، تبتسم، تأكل المكان بعينها، لكنها ترفض الدخول، المرأة التي لا تتوقعها أبداً، تصطدم بها على درج في عمارة، فتشل وجودك من أول رمشة عين وحين تتجاوزك، تحني جسمك، لتراها ثانية، فترتطم بالزجاج وضجيج الموظفين النيئ ورطوبة المؤسسة ورائحة النساء العاديات، المرأة التي تجلس في قاعة انتظار طبيب الأسنان، قبالتك تماماً. منزعجة كطفلة، وضجرة كبحيرة. أنت تراها جيداً. هي لا تراك أبداً. المرأة التي تتساقط تحت صهيل يديك اعترافاً تلو اعتراف، أول هذه الاعترافات أن باكورة إحساسها بجسدها كانت حين نام قط أسود على شمس نهدها الصغير الخائف في الهزيع الأخير من صيف متوحش. المرأة التي تبلل دموعها صدرك دون أن تعرف بالضبط معنى هذه الدموع، أهي دموع الخوف والندم أم هي دموع الفرح والوصول، المرأة التي تحبك بصمت وخوف لكنها لا تجرؤ على الاعتراف، وفجأة وفيما أنتما في نزهة برية، تهجم عليك بعينيها ويدها وروحها ودموعها. وتهمس لك: ألم تكن تعرف؟ ألم تحس؟؟ فتفاجأ أنت، أنت الذي تعبدها بصمت مكابر أيضاً ولم تكن تجرؤ على الاعتراف. وتهمس لها: ألم تكوني تعرفي؟؟ ألم تحسي؟؟.

    المرأة التي لا تجد وقتاً لمطالب جسدها، ووصايا روحها فهي تعمل وتدرس، تسافر كثيراً، وتنام في القطارات والطائرات. وفجأة تدرك أن ثمة سماء عظيمة تتكون بين نهديها، إن هي حبستها أكثر فسينفجر الكون بطائراته وجامعاته ومصانعه، فتطلق سراح الصرخة حفاظاً على سلامة روحها وجسدها وسلامة العالم وبقائه. تتحرش بالراكب المستغرق في كتاب بجانبها في الطائرة، يسقط الكتاب على الأرض وتسقط يدٌ مشعرة إلى الأسفل. وتصل الطائرة إلى المطار بسلام عميق ولكنه خَدِر. يذهب الراكب الذي لم تعرف اسمه وجنسيته في طريق وهي في طريق، المرأة التي تراها خلف النافذة تنبض بالحضور، تشع بالنداء وحين تمسح بيدك على الزجاج تختفي المراة ويتجمع في يدك الماء الأصفر.

    أنا والمؤسسة وبطن صديقتي

    بيني وبين المؤسسات في بلدي غربة غريبة، لا أستطيع أن أجد لها تفسيراً واضحاً، وبيني وبين بطن صديقتي سلام غريب لا أستطيع أن أجد له تفسيراً واضحاً. لكن ما العلاقة بين بطن الصديقة والمؤسسة؟ هذا ما لا أستطيع أن أجد تفسيراً له أيضاً. والحقيقة أن حوادث ومواقف ومشاعر كثيرة في حياتي لا أستطيع أن أجد تفسيراً واضحاً لها فمثلاً ما الذي يجعلني أحتاج بقوة رؤية المسخ مهيب البرغوثي كل يوم رغم الحشرات التي تفوح من روحه، ولكن هذا موضوع آخر، لأعد إلى البطن – السلام والمؤسسة- الحرب، ما الذي يجعلني أتعثر حين أهم بدخول مؤسسة؟ ما الذي يُربك ملامحي ويهز ثقتي بنفسي حين أجلس مع صديقي الذي يعمل في مؤسسة فاخرة؟؟ لماذا أتلعثم في كلامي حين يكلمني رئيس مؤسسة؟ لماذا تثير ريبتي المؤسسة الناجحة في بلادي؟؟ تلك الرائحة الأرستقراطية للسجاد الأرضي، ذلك البريق الساحر للستائر، وسامة المدراء، توفر الوقت للموظفين للضحك والاسترخاء والتحرش بالسكرتيرات، النسكافيه الساخن، ومؤخرة السكرتيرة الجاهزة لاقتحام، عنجهية المراسلين، وغموض ابتساماتهم، الغرف الخلفية المقفلة، السيارات الغريبة اللامعة التي تأتي وتذهب، بركابها الصامتين البدينين، وسائقيها الضجرين، لماذا اغتاظ وأكاد أفقد أعصابي قهراً حين أرى ورشة عمل، حين أساق بحكم مهنتي اللعينة الى ورشات عمل، اشعر أني أساق الى مشنقتي، ورشة العمل : حيث يتحلق عدد من الأشخاص الفرحين حول طاولة مستديرة، ويقف شخص أنيق، مبتسم وبيده أوراق يتجول بينهم موزعاً الدفاتر والأقلام. وتبدأ الثرثرات الجوفاء والنقاشات الصاخبة والاستعراضات المرضية، وفي نهاية الورشة (وهو أسوأ جزء فيها) تكتب التوصيات وتوزع على المعنيين. ويذهب كل الى قاعه المنتن، اكثر بلاد العالم هوسا بالورشات هي بلادي، لماذا؟؟ اهي المؤسسات الأهلية الكثيرة بأموالها العزيرة التي تدعي رعاية الطفولة والمرأة والأسرة؟ اهو الفراغ والاحتلال والتشوش الوطني ؟ اهو الرغبة في الانشغال هربا من ضيق أمكنة وضيق حياة وضيق روح؟؟ لم أصمد في ورشة عمل دعيت لها أو فرضت عليّ أكثر من ربع ساعة، أتحجج بالحاجة إلى المرحاض وأهرب من الباب إلى الريح والطرقات البكر والحرية، وشتائم الباعة الأحرار، لا أؤمن بأهمية الدورات وورشات العمل أبداً، أراها طريقة ذهن فارغ يستعرض امتلاءات خفيفة مزورة وعابرة هنا أو هناك. ولكن هذا موضوع آخر، لأعد إلى بطن صديقتي- السلام وإلى المؤسسة – الحرب والاغتراب. لبطن صديقتي وقع غريب على خدي حين تدمر الجسور وتقفل السدود أو تنسف، ويهطل الكذب مدراراً على هذا العالم. وتغبش الرؤيا، ألجأ إلى بطن صديقتي، حيث هناك فقط تعيش الغابات المطرية، وتسكن العصافير المطاردة، حيث هناك فقط يولد الندى وتختمر عجينة الحلم، تسطع الرؤيا وتلتئم الجروح، لبطن صديقتي احتمالات معانٍ عديدة، فهو حمال أوجه، وهو نص مركب من أجناس وأعراق وشعوب وسلالات ومدن وأساطير موغلة في الانقراض. لكنها تؤشر على حنين الطبيعة إلى بكارتها وامتدادها وتاريخها وخلودها وجنونها وانقلاباتها الشريفة والشريرة، في المؤسسة تكذب السكرتيرة بناءً على وصايا المدير، لكن بطن صديقتي لا يكذب، هو يعطيني وصيته كاملة وعذراء وحميمة. في المؤسسة تكتب تقارير الجواسيس في الغرف المقفلة، وتصاغ المؤامرات بأخس الأساليب وأقذر الطرق، بطن صديقتي الهادئ والصلب برخاوة خفيفة يكتب على خدي وشفاهي نصوص المطر الأول والبذور الأولى. الحكمة الأولى، الدخان الأول، الحريق الأول، في المؤسسة تعطي السكرتيرة الغبية نهدها لمديرها الشهواني المتعرق بعد أن يخرج الموظفون إلى بيوتهم.

    على بطن صديقتي لا يعيش موظفون أو مدراء أو تقارير أو سكرتيرات، على بطن صديقتي لا غرف مواربة ولا أجراس إنذار أو حريق، على بطن صديقتي تغني المرتفعات أغنيات اللقاء العظيم ما بين الشلال والنهر، ما بين السمكة المتمردة والمقهورة واليابسة الرخوة المشققة. لا حراس على بطن صديقتي، لا أقفال لا أجراس لدخول أو خروج.

    في المؤسسة لا تحدث معجزات، لا أساطير هناك لا شعر، لا موسيقى، على بطن صديقتي تندلع القيثارات غزيرة في وجه الصخور، وتتداخل الأسطورة مع الواقع فيما يشبه أضغاث أحلام. على بطن صديقتي أنام ألف عام، في المؤسسة يتصلب الوعي الشرير الدنيء. ويتجمد لدرجة الصحو المجرم المتواصل، صحو الأفاعي حين تنهمر فوق مخبئها أقدام البشر الغادين والرائحين.

    في المؤسسة لا أجنحة ولا أحلام، لا أشجار، ولا طيور ولا أطفال، على بطن صديقتي ترقص البشرية رقصة الطفولة القادمة البهية البريئة والميلاد الهائل، على بطن صديقتي يدندن المستحيل ويكتمل القمر، في المؤسسة تزدهر الجنازات ويعشش الهوان، وتموت الروح، على بطن حبيبتي أتحول إلى شامة وأختفي من دنيا البشر دنيا المؤسسات. شامة من صمت وعاج على سفح البطن الرخامي بطن العالم المستحيل. يا ذئب بطنها افترسني، وأخفني عن هذا العالم المترامي العتمة والكذب والصحراء.



    http://www.alimbaratur.com/All_Pages/Huqul_Stuff/Huqul_69/Huqul_69.htm
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de