أدب الغرباء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-20-2004, 10:33 PM

EMU إيمو
<aEMU إيمو
تاريخ التسجيل: 02-16-2002
مجموع المشاركات: 2924

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أدب الغرباء

    حين أسس الإمام حسن البنا جماعته -الإخوان المسلمين- عام 1928 كان الفن أحد أهم المساحات التي حددها لحركة جماعته ذات الطابع الإصلاحي الشامل، واجتمعت للبنا جملة من السمات والأفكار والظروف سمحت بوجود محوري للفن في دائرة تصوره وحركته كان أهمها نشأته الصوفية التي وسعت في آفاق فكره وفقهه السني السلفي إلى أقصى حدوده، وطبيعة مشروعه الإصلاحي الشمولي الذي قدم الإسلام -على غير صورته التقليدية التي كان يمثلها علماء الدين- كمنهج شامل للحياة، ومن ثم فلم يكن ليغيب عنه جانب المتعة والترفيه، إضافة إلى خصوصية هذه المرحلة الليبرالية التي عاشت فيها مصر حقبة من الليبرالية الحقيقية أنعشت فيها -رغم قسوة الاحتلال البريطاني- روح الحرية والحركة؛ وهو ما انعكس على أفكار وممارسات كل تياراته الفكرية والسياسية بما فيها الإسلامية.

    لم يترك البنا وقتا في كسر الصورة الذهنية السلبية التي تكونت في أذهان المتدينين عن الفن، وتجاوز الجانب التنظيري تماما مفضلا أن يقدم الفن بالصورة التي يرى أنها الأمثل: الفن الهادف المفيد! وهو فن للمتعة فيه رسالة وليست هدفا في ذاتها.

    أدخل البنا في برامج تكوين جماعته -التي كانت تتمتع بالقانونية وقتها- عددا من الأشكال الفنية بدأت بالنشيد الديني والإسكتش الذي يقدم في الرحلات والحفلات بل ولقاءات الجماعة الدينية الخاصة.. وقد تطور النشيد الديني باتجاه النشيد السياسي مع توغل الجماعة وانغماسها في السياسة وما صاحب نمو الجماعة وانتشارها بعدما وصل عدد أعضائها قبل وفاته (1949) إلى نصف المليون من تعداد مصر البالغ 17 مليون نسمة وقتها (بحسب ما كتبه إحسان عبد القدوس في روزاليوسف وقتها)، وكان نشيد "يا معشر الإخوان" الذي كتبه الشيخ أحمد حسن الباقوري من أشهر أناشيد هذه الفترة وكان أقرب إلى النشيد الحماسي الديني الذي يبث الحماسة ويساعد في حشد القواعد وتعبئتها على إيقاع ثوري تترد بين كلماته فاصلة جذابة تقول:

    عن حوضكم حيث الرسول محمد
    يا معشر الإخوان لا تترددوا

    في دعوة الإسلام عزوا واسعدوا
    نادتكم الفردوس فامضوا نحوها




    عبد الرحمن البنا مؤسس مسرح الإخوان

    وكان أهم تطور شهدته هذه الفترة في علاقة الإخوان بالفن تأسيس عبد الرحمن شقيق الشيخ حسن البنا لأول مسرح إسلامي عرف باسم "مسرح الإخوان المسلمين" الذي بدأ -وهذه المفاجأة- بتقديم أعمال عاطفية ورومانسية أولها مسرحية "جميل بثينة" التي تتناول إحدى أشهر القصص الغرامية في التاريخ العربي!

    والملاحظة الجديرة بالانتباه أن مسرح الإخوان لم يتوقف عند الأسئلة التقليدية التي تطرح حتى الآن بين الإسلاميين وجماهير المتدينين عموما وتتمحور حول الفن، وأهمها سؤال المرأة: مبدأ وحدود مشاركتها في الأعمال الفنية وما يتفرع عنه من إشكالات فقهية وفكرية؛ إذ شارك في هذا المسرح نساء بينهن كبرى نجمات المسرح المصري في ذلك الوقت وعلى رأسهن فاطمة رشدي، وكانت عروضه تقدم في المسارح المعروفة بما فيها مسرح الأوبرا، ويشترك في إدارته عناصر من خارج الإخوان بل وغير مسلمين أيضا؛ فكان المسئول عن الدعاية من خارج تنظيم الإخوان وكان مسيحيا!

    حقق مسرح الإخوان نجاحا كبيرا بمعايير وقته؛ فقد كان أقرب للمسرح الجماهيري الشعبي يجول أنحاء البلاد ويعتمد على شبكة التنظيم المتغلغلة في كل مدن وقرى مصر، ولم يكن مسرحا للنخبة بالعاصمة -القاهرة- فقط، كما كان محضنا تخرج فيه عدد من أبرز أعلام المسرح العربي مثل محمد السبع وعبد البديع العربي ومحمود المليجي وسراج منير وإبراهيم الشامي وعبد المنعم مدبولي الذي صار علما لواحدة من أشهر مدارس الكوميديا العربية عرفت باسمه (المدبوليزم)!

    وهناك حديث في الأدبيات الإخوانية غير المكتوبة عن محاولات لحسن البنا نفسه لدخول مجال السينما بمساعدة بعض نجوم هذه الفترة الذين عرفوا بميولهم الدينية، مثل الفنان حسين صدقي الذي اعتزل الفن في آخر حياته ووقف منه موقفا سلبيا انتهى بإحراق نيجاتيف عدد من أفلامه، وتردد القول بأنه تأثر في موقفه الأخير بعلاقته الفكرية والشخصية بالمرحوم سيد قطب. ولكن علاقة البنا بصدقي -غير المؤكدة تاريخيا- لم تثمر شيئا.

    صدام مع الثورة واتصال بالوهابية

    وبنجاح ثورة الضباط الأحرار في يوليو 1952 بدأ عصر جديد للإخوان انتهى بالصدام الكبير مع الإخوان (1954)، وكانت نتيجته تصفية شاملة وعنيفة للجماعة انتهت بحلها قانونيا لتسلك طريقا مختلفا أثر على الحالة الإسلامية عموما طوال عقدي الخمسينيات والستينيات؛ ففي أجواء السجن والاعتقالات بدأ طريق العمل السري، وتحت الأرض لم يكن ممكنا الحديث عن مسرح أو فنون إلا ما كان يقدمه المساجين الإخوان من فقرات وإسكتشات ترفيهية، ونشأ وتغذى اتجاه للتشدد والتحريم كان أول ما طاله الفن باعتباره الحلقة الأضعف في منظومة الاجتهاد الإسلامي.

    وفي السبعينيات تغذى تيار التشدد والتحريم من تيار الوهابية التي تمددت مع المد السعودي بالمنطقة عقب ارتفاع أسعار النفط، وصار الفن في أذهان الجيل الجديد من الإسلاميين أقرب إلى الحرام إن لم يكن حراما قطعيا، وساعد على تفشي هذه النظرة ما اشتهر به الوسط الفني من انحلال وتهتك وفساد وفضائح أخلاقية، وكان أهم أسبابها انتشار السينما التجارية طوال عقد السبعينيات وما أنتجته من أعمال فنية رديئة.

    ظلت الحركة الإسلامية الناشئة عفوية وبسيطة ومفتقدة للإطار الفكري المحدد طيلة هذا العقد -السبعينيات- ولكن مع سيطرة الإخوان على مسارها وربطها من جديد بالمسار العام للحركة الإسلامية الأم -التي تقوم على مشروع سياسي شمولي- استعاد الفن وجوده بين الإسلاميين لكن بتعديلات جديدة فرضتها التغيرات؛ فقد صار فنا "نظيفا" كما عاد من بوابة وحيدة هي البوابة الجهادية الحماسية وليست فيها مساحات أخرى "الرومانسية مثلا" كالسابق.

    فقد نشأ النشيد الحماسي الذي يدعو إلى الجهاد والبذل والتضحية والصبر على الأذى من أجل الإسلام، وانتشر في كل المناسبات: التظاهرات السياسية والمؤتمرات والرحلات والحفلات بما فيها أعراس الزواج التي لم تخل كثير منها من نشيد يهدر فيه المنشد متأثرا: تدلت الحبال لتشنق الرجال!!

    لقد سيطرت الروح النضالية التطهرية التضحانية على أناشيد هذه الفترة حتى صار نشيد "لبيك إسلام البطولة" أقرب إلى النشيد القومي للإسلاميين في هذا الوقت يحفظونه عن ظهر قلب ويرددونه بحماسة وتأثر، خاصة عجز بيته الأول الذي يقول: لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما!

    وتطور الحال مع استلهام مآسي الإخوان وعذابات السجون في الحقبة الناصرية "البائدة" والتي أثمر اجترارها تيارا من المقالات والكتب والمذكرات والإبداعات... لا يجمع بينها إلا كونها غارقة في المأساوية والطوباوية، فكان أشهر سلاسلها يحمل اسم "أدب الغرباء"، وأشهر أناشيدها ذلك الذي صاغه وافتتحه الأديب "الشهيد" سيد قطب بقوله:

    أخي أنت حر بتلك القيود
    أخي أنت حر وراء السدود


    والمفارقة ليست فقط في أن مثل هذه الأناشيد كان لها فعل السحر في جذب الآلاف من أبناء الصحوة إلى الحركة الإسلامية، بل في كونها كانت مصدر متعتهم وتربيتهم الدينية في آن واحد، ولأنها كانت تربية شبه عسكرية، فقد كان أحد كلاسيكياتها نشيدها الثوري الجهادي الذي يدعو أتباعها إلى الاستعداد لجولة جيش الحق مع قوى البغي في معركة المصير:

    ويعتد للموقف الفاصل
    هو الحق يحشد أجناده

    ودكوا به دولة الباطل
    فصفوا الكتائب آساده


    إلى المتعة والترفيه النظيف

    ومع عقدي الثمانينيات والتسعينيات تغير الحال بعد التوسع الإخواني الكبير في العمل العام والنشاط السياسي، وهو التوسع الذي فرض عليهم اقترابهم من الشارع المصري ومزاجه وروحه، وكان من متطلبات هذا الاقتراب ونتائجه في آن واحد تغير المزاج الإخواني وانحسار الروح الوهابية التي كانت قد غلبت على الجماعة وسرت في معظم كوادرها التي انضمت إليها في عقد السبعينيات بل وانسحبت على أجيال سابقة عليه، وكان الفن المرايا التي عكست هذه التغيرات بوضوح.

    وشهد نهاية عقد الثمانينيات تأسيس عدد محدود من الفرق الإسلامية للإنشاد لملاحقة فورة العمل الإسلامي ومده المكتسح في شتى مناشط الحياة: المساجد واتحادات الطلاب والنقابات المهنية والمجالس النيابية بما فيها البرلمان. وفي التسعينيات تغير الوضع كما وكيفا فزاد عدد هذه الفرق وتمددت المساحة التي تغطيها بعد أن انتقلت من التطوع والمجانية إلى عالم الاحتراف، وهو عالم جوهره التطور الدائم وتحكمه اقتصاديات السوق.

    فكان أن تخلت هذه الفرق تدريجيا عن مقاطعة الآلات الموسيقية حتى صارت الآن تستخدمها جميعا من دون منع، بل إنها استعانت في هذا المجال بموسيقيين محترفين ممن يعملون مع كبار الفنانين (مثل الموزع الموسيقي حسن إش إش)، وأدخلت بعض الفرق ألحانا وجملا موسيقية لأغان لا علاقة لها بالإسلامية؛ فاستعانت إحدى الفرق الإسلامية بلحن أغنية للمطربة اللبنانية المسيحية جوليا بطرس، واقتبست فرقة أخرى أغنية عمرو دياب "من كم سنة وأنا ميال ميال وفي حبك أنا مشغول البال" فسارت على وزنها ولحنها في أغنية خاصة بها تقول: "من كم سنة وأنا ديني الإسلام وشريعتي أنا سنة وقرآن"!

    واستدعى مسار الاحتراف الاستعانة بمؤلفين محترفين لوضع كلمات الأغاني (مثل مؤلف الأغاني المعروف باهر الحريري)؛ إذ تطلب الحال أن تتناسب كلمات الأغاني مع السياق والتغيرات الاجتماعية الجديدة، فكان أن ظهرت أغان خاصة تتناسب والأفراح والأعراس والمناسبات السعيدة التي لم يعد مقبولا ولا مناسبا لها الأغاني الثورية الجهادية التي سادت من قبل؛ فبدأنا نسمع بأغان مثل "جوزناه وخلصنا منه" و"يا طيور غردي" و"تاني أحلى زفة"...

    بل استلزم المزاج الإسلامي الجديد إعادة توزيع وغناء الأغاني الكلاسيكية الثورية مرة أخرى لتناسب جيلا جديدا من الإسلاميين أكثر إقبالا على الحياة وإقداما على المتعة دون شعور بالذنب، وتكفي مقارنة سريعة بين الإصدار السبعيني القديم وبين التوزيع الجديد لأغنية مثل "ثوار" لنعلم كيف خفت نبرة ونغمة الجهادية الثورية حتى في كلاسيكيات النشيد الإسلامي الذي تقلصت فيه مساحة الثوري الجهادي إلى أدنى حدودها لتفسح المجال واسعا أمام الأغنية "الإسلامية" ذات الطابع الترفيهي وربما الساخر. لقد تغير "إسلام البطولة" وصار هناك إسلام آخر "جميل" كالذي تغنت به إحدى الفرق الإسلامية قائلة: "إسلامنا ده حلو جميل"!

    والآن يزيد عدد فرق الغناء الإسلامي المرخصة في مصر عن 50 فرقة بينها 5 للنساء والفتيات (غير عشرات أخر غير مرخصة وغير محترفة)، وتزداد لديها مساحة الاجتماعي والحياتي عن مساحة الجهادي والثوري، ولكن تبقى المظلة الأساسية وهي مظلة "المتعة النظيفة"؛ فهو فن بعيد عن الاختلاط بين الجنسين وخال من كل عناصر الإثارة، وهو فن منزوع منه العنصر النسائي بالأساس!

    إسلام اونلاين
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de