|
|
 الاتحاديون من جنينة السيد إلى جنة القواعد - 17ديسمبر موعد انعقاد الهيئة العامة
|
بحلول 17 ديسمبر موعد إنعقاد الهيئة العامة ..
الاتحاديون من جنينة السيد الي جنة القواعد
في مقال سابق له تحدث الاستاذ عادل ابراهيم حمد متسائلاً عمن ذا الذي يخرج الاتحاديين من الجنينة الي الحنة ؟! (الصحافة 12 نوفمبر 2003م) وفي معرض مقاله تطرق للوضع الشائه الذي يوجد فيه الحزب مؤكداً ان الصورة مقلوبة في نظر الكثيرين ، وأن هنالك نوع من الانهزامية يعيشها الاتحاديون إزاء وجود الختمية في الحزب ، وتتمثل الصورة المعكوسة في ان مرشد الطريقة صار متنفذاً في شؤون الحزب السياسية ، وأصبح يدير الحزب بذات عقلية مرشد الطريقة الذي لا يتناقش بل تستلهم منه البركات ، وهذا بحسب رأي الكاتب يقود للاضطراب والارتباك ونشر المغالطات .
ما يمكن ان يستشف من حديث الاستاذ عادل ان هنالك نوعاً من وجود مفارق للحالة البديهية التي يجب ان يكون عليها الحزب السياسي ، والذي هو ليس حكراً بل مجالاً مفتوحاً للفعل بحسب القدرة علي العطاء لا الميراث او التوهم بإمتلاك مفاتيح الحقيقة ، كما أن مجال فعل الحزب هو أرض الواقع بكل ما يكتنفه من مطبات وعثرات تحتشد امام ممارسي السياسة ، فتتجلي عندها ملكاتهم ومهاراتهم في التغلب عليها بحسبان الحد الادني من الخسائر فيما يعرف إصطلاحاً بفن الممكن ، وهذا بدوره يتطلب قيادة تنفذ للواقع بعين عليمة بماهياته من حيث الجغرافيا والديمغرافيا ، ومن حيث السيكولوجيا والانثربولوجيا . ومن ثم معرفة كيفية التعامل مع موازين القوي داخل فسيفياء الواقع ، ذو الرؤي المتعددة والمتناقضة المصالح والمتشعبة الميول . كل هذا يحسب بحسبان اهل الظاهر ممن يتحدثون بلغة جدل الواقع . والجدل هنا ليس رديف السفسطة ، ولا يبحث عنه تعريفاً في مترادفات مثل الديماغوجيا Demagogy ، وانما هو حركة تفاعل حيوية بين الواقع بكل ما يحويه من موجودات ، وبين وضوح الخطاب لا فصله ، ففصل الخطاب يقع في مجال معرفي مغاير بل مناقض لجدل الواقع ، واعلاها الحمولات الايدولوجية التي تفصح عن رغبة الفاعل فيما يريد ان يهندس فيه الواقع ، والمسيم الذي يريد ان يصبغه به . ومجموع الحمولات الايدلوجية ينظر لها في علم السياسة باعتبارها الرؤية الاستراتيجية التي يريد الفاعل تنفيذها في الواقع المعاش ... كل هذا عتاد لمن لا قابلية سياسية له دونه خرت القتاد .
ففيما هو واضح الان ان الفعل السياسي لا يعتد بالنسب ، ولا يحفل به ، وينفر من الحسب الا لمن اتسعت مواعينه وثقلت موازينه في تحمل مشقة المعرفة في إطار جدل الواقع وتفاعلها معه من خلال اكتناه قوانينه التي تحركه في الاقتصاد ، الاجتماع والثقافة السائدة ، وهذا لا يتأتي كذلك لمن انعزل في ابراجه العاجية ، وتربع في عليائه منتظراً ان تزحف اليه الجموع لنيل الخير والبركات . بل لمن يذهب لهذه الجموع في القري والبوداي والنجوع ، يتحسس نبضها ، ويطلع علي الآمها ومواطن اوجاعها وينغمس في همها اليومي في معاشهم وتعليمهم وصحتهم ، لا من يطلق عليهم ميكرتزمات السوق المسعورة تمتص دمائهم وهم بعد في فقر مدقع يقبعون .
ان وعاء الاتحاديين لم يكن خالياً من مثل هذه القيادة التي تسعي بين الناس في نجوعهم ، فقد قدم الشهيد المناضل الشريف حسين الهندي نموذجاً لم يزل الاتحاديون يستدعونه بشكل اقرب للنستولجيا ، وهو بعد لا يمثل لهم نموذج القيادة الميدانية فحسب ، وانما كان يجسد حلماً اوشكوا ان يحققوه في الاصلاح الزراعي وكادر العمال ، لولا مايو 69 التي قطعت الطريق علي ذلك الطريق ليعيد الشريف تجسيد نفسه كبطل منافح ومكافح لا من اجل الديمقراطية فحسب ، وانما من اجل استرداد ذلك العالم الذي شيد هياكله . وقد كان خير خلف لخير سلف بعد ان اختار الله الي جواره كوكبة الجيل الاتحادي المؤسسي ، بوفاة قائد مسيرة الحركة الاتحادية في سجون النظام المايوي الزعيم الراحل اسماعيل الازهري .
ان الخروج من جنينة السيد لابد الا يحسب في طور العقوق او في اتجاه شخصنة الامور ، او حتي في اطار التدافع نحو امجاد الاسر ، وانما باستيعاب الحقائق الماثلة علي المستوي المحلي في داخل السودان وفي العالم من حوله . ان فكرة القائد الملهم قد صارت بعض ذكري من الماضي .
وان الشخصية التي يحصل عليها الاجماع ويلتف حولها الناس تحولت في عرف الاجيال الصاعدة محل تندر وتهكم . وان الدعوة لها تنبع من الادواء السلوكية في علم النفس التي تدخل في ناطق امراض (الرهاب) ان كان في خوض التجارب ، او في تجريب الفشل . هذه مؤشرات مما اكتنف الواقع من تغير والذي ينتظمه تغيير جذري حتي علي مستوي الخطاب وكيفيات الاستقطاب ، فقد حلت ورش العمل والاوراق العلمية المحكمة التي تخضع للمراجعة والتقويم محل الليالي السياسية ذات الخطب النارية التي تلهب الحماس وتهيج السامعين ولا تكاد تجيب علي اسئلة الواقع بتعقيداته المختلفة ، بما فيها من نقص في فرص العمل وخصصة للخدمات الضرورية اللازمة لحياة الانسان ورفاهه الاقتصادي والاجتماعي .
ان الواقع الدولي الذي تتصاعد فيه موجه العولمة التي كادت ان تبتلع الجميع يفرض نوعاً من تشكيلات وتكتلات جديدة لا مجال فيها للحياد ايجابياً كان ام سلبياً بل البحث عن قوي حية تقف في وجه تسليع العالم ورسملته . لذا فإن الخروج من جنينية السيد لا يعني بالضرورة خروجاً مادياً ، بل خروجاً معنوياً يبدل منهجاً بمنهج ، ونمط تفكير بآخر ، تاسيساً علي ذلك لابد من الوضع في الاعتبار ان منهج الاشارة لابد ان يكون بديله منهج الحوار الحر الديمقراطي بين انداد متكافئين . وان فكرة الخضوع للامر الواقع والتمشي مع معطياته يمسخ ماهية الحزب السياسي من اصله . ولابد هنا من التاكيد علي ان التغير الذي طرأ علي التركيبة الاجتماعية وفي خريطة الوعي السياسي لن يجعل في يوم ما الصحف تخرج بعنوان بارز يفيد بان (السيدين قد اجتمعا لتوزيع الحقائب الوزارية في الائتلاف الجديد) ولعل هذا ما يمكن ان يفهم من فحوي تصريحات احد كبار قادة الحركة باقان أموم بأن (دولة الجلابة قد انتهت) ذلك ان المسرح السياسي قد ولجه لاعبون جدد . وان اشكال الولاء قد اختلفت ، وان ضغوط الحياة وصروفها قد صارت اكثر ضراوة عما كانت عليه من قبل . فالجماهير لم يعد لديها ما تخسره اكثر مما خسرت وان هواجس البديل لديها تعد اكثر الحاحاً من قضية تخلصها من حكم الديكتاتورية الراهنة . وان قائمة الاسئلة التي تطرح الان هي اسئلة الوجود الراهن هنا والآن Here and Now فقد أكدت مرارات التجربة التي خاضوها مع اطروحات التيار الديني ودولة البعث الحضاري ، وان قضاياً المعاد لم تعد شأن الحكام فهي شأن فردي لا حاكم فيه الاَّ الله .
محمد عبد الحميد
___________________
الأشقاء والشقيقات الكرام
اعتذر عن الغيبة نسبة لظروف الامتحانات .. ودعواتكم معانا
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
Hani Abuelgasim
معتز تروتسكى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست