من ينقذ الإنقاذ من نفسها؟(1)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 06:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-06-2004, 07:01 AM

الطيب إبرهيم عيسي


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من ينقذ الإنقاذ من نفسها؟(1)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من ينقذ الإنقاذ من نفسها؟ (1)
    الطيب إبراهيم عيسي
    أدخلت حكومة الإنقاذ نفسها ـ ومن أسف أدخلت البلاد معها ـ في مأزق لا يحسدها عـــــليه أحد، ولست أدري كيف تجد السبيل للخروج منه ؟ وهي التي لا تتعامل مع الواقع الماثل الذي يتعامل معه الناس, بل تلجأ الي الخيال والأوهام التي ترضي طموحها وتستمد منها واقعها الخاص بها، وتبني عليها سياساتها وبرامجها وأقوالها، وإن خالف ذلك واقع الناس وحقائق الأشياء كل المخالفة، وتتمادي في ذلك بإصرار غريب وقوة عين لا تصدق !! ومن عجب هي تصدق واقعها هذا الذي إختلقته إختلاقاً! وتصر عليه بالصراخ والعويل، وأن المؤامرة العالمية والحسد والحقد علي إنجازات الإنقاذ هي وراء كل هذا ، وأن العالم كله علي ضلال وكاذب ومخاتل وهي فقط علي صواب،! جموع الشعب السوداني، والأتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، والإتحــــــــــــــاد الأروبي، وأمريكا، والأمم المتحدة، كلهم علي ضلال ومخدوعون عن الحقيقة التي تعرفها هي ولا أحد غيرها،!ومع إصرار حكومة الإنقاذ علي موقفها الغريب والعجيب هذا! إضطرت ـ مرغمة ـ أن توقع بياناً مشتركاً مع الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان في ختام زيارته للخرطوم، وقد نشرت صحيفة الأيام ترجمة له في عددها رقم : (7935) الصادر بتاريخ الأحد الموافق 4/7/2004م وللوقوف علي حقيقة هذا المأزق يجدر بنا أن نستعرض إستعراضاً وافياً فقرات هذا البيان المشترك، ثم نفسر هذه الفقرات ونحللها، لنري ماذا تقول نصوصها الجلية الواضحة، وماذا تقول الحكومة أو ممثلوها بشأن ذلك ؟!
    يبدأ البيان المشترك بديباجة تقول فقراتها:ـ
    1/ تعبيراً عن الإهتمام العميق بالأوضاع الخطيرة في دارفور، وإحساساً بالقلق تجاه أعداد النازحين في دار فور واللاجئين في تشاد، والأوضاع البالغة القسوة التي قد تتدهور الي مدي مأساوي مالم يتم تداركها علي نحو عاجل .
    2/ وإدراكاً للحاجة الملحة لإيقاف الهجمات المستمرة علي المدنيين المستهدفين من سكان إقليم دارفور، وبصفة خاصة من قبل الجنجويد وغيرهم من الجماعات المسلحة الخارجة, ولتأكيد الحاجة الي الأمن في الإقليم، بما يتوافق والإتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار، الموقع بين حكومة السودان والجماعات المتمردة (حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة) في مايو 2004م ، وإقتناعاً بالحاجة الملحة الي إيقاف كافة إنتهاكات حقوق الإنسان في دار فور.
    3/ وإقتناعاً أيضاَ بالحاجة الملحة الي مواصلة المباحثات بين حكومة السودان والجماعات المتمردة في دارفور، للوصول سريعاً الي تسوية نهائية تستطيع مخاطبة أسباب الصراع الحقيقية.
    4/ وإدراكاً للأثر الإيجابي الذي سيترتب علي إتفاق السلام المرتقب في الجنوب، علي تسوية الصراع في دارفور، وتأسيس السلام الدائم في كافة أنحاء السودان.
    5/ وإعترافاً بالتحسن الذي طرأ مؤخراً من جانب حكومة السودان, نحو توفير مداخل إنسانية للأمم المتحدة في إقليم دار فور، بما ذلك المنظمات الإنسانية ومراقبو الإتحاد الإفريقي، وترحيباً بالزيادة الملحوظة نحو توفير العون الأنساني للنازحين وغيرهم، من الجماعات التي يحتمل تعرضها لمخاطر الصراع من قبل السلطات المحلية والقومية والوكالات العالمية، والمنظمات غير الحكومية، فإن الأمم المتحدة تتعهد بالآتي :ـ
    أ/ بذل أقصي ما في وسعها لتخفيف وطأة العوز الإنساني للمتأثرين بالصراع فــــــــــي دارفور، واللاجئين السودانيين في تشاد ، بما يتوافق وخطة عملها الإنساني التي يبلغ مداها تسعين يوماً .
    ب/ ستعمل الأمم المتحدة علي النشر العاجل لمراقبي وقف إطلاق النار المعينين من قبل الإتحاد الإفريقي.
    جـ/ تقف علي أتم إستعداد للقيام بدور الوساطة في الجنوب وفي دارفور.
    د/ تلتزم ـ ترتيباً علي قرارات مجلس الأمن ـ بالمساعدة في تطبيق الأتفاقيات التي يتم التوصل إليها في جنوب السودان وفي دارفور. ولتحقيق ذلك فإن الأمم المتحدة ستمضي في الترتيبات التي بدأتها للقيام بدور محتمل لحفظ السلام، حينما يتم التوصل الي تلك الإتفاقيات. وفي مقابل ذلك تتعهد حكومة السودان بما يلي :ـ
    أـ فيما يخص القضايا الإنسانية : تأجيل كافة القيود المفروضة علي العون الإنساني فــــي دارفور، وإزالة أية عقبات أمام العمل الإنساني بما يتضمن :ـ
    بـ ـ تعليق القيود علي تأشيرات الدخول لكافة العاملين في مجال العون الإنساني، والسماح بحرية الحركة للعاملين في مجاله في كافة أنحاء إقليم دارفور.
    جـ ـ السماح بدون إبطاء بالتسجيل المؤقت للمنظمات غير الحكومية، عبر إخطار مبسط تتقدم به مفوضية العون الإنساني إنابة عن تلك المنظمات، علي أن تنتهي إجراءات التسجيل المستديم خلال فترة تسعين يوماً.
    د ـ تعليق كافة القيود المتعلقة بإستيراد وإستخدام المعينات الخاصة بالمساعدات الإنسانية.
    هـ ـ فيما يخص حقوق الإنسان إتخاذ إجراءات راسخة لإنهاء محاولات التنصل والتحلل من الجرائم والإنتهاكات التي أرتكبت في حق المواطنين .
    وـ إجراء تحقيق فوري في كافة حالات الإنتهاكات ، بما في ذلك الإنتهاكات التي تلفت أنتباهها اليها الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي وغيرها.
    جـ ـ التأكيد علي أن لجنة التحقيق المستقلة المكونة بموجب القرار الجمهوري في مايو 2004م تتلقي الموارد الضرورية لكي تؤدي عملها، وأن توصياتها سيتم تنفيذها بكاملها .
    ط ـ التأكيد علي أن كل الأفراد والجماعات الذين يواجهون تهماً بإنتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان سيقدمون إلي محاكم عادلة دون إبطاء.
    ظ ـ السماح بنشر مراقبين لحقوق الإنسان, وإنشاء نظام عادل يراعي التقاليد المحلية، ليسمح للنساء اللائي تعرضن لإعتداءات جنسية، بتوجيه التهم الي من يشتبه في إرتكابهم لتلك الإعتداءات.
    وفيما يختص بالأمن :ـ
    أ/ نشر قوة شرطة موثوق بها في كافة أماكن النازحين, بالإضافة الي الأماكن التي تبدو عرضة لأية هجمات.
    ب/ تدريب كل وحدات الشرطة علي قانون حقوق الإنسان وتحميلهم مسئولية الدفاع عن ذلك القانون.
    جـ/ التأكد من عدم وجود مليشيات في المناطق المحيطة بمعسكرات النازحين.
    د/ البدء فوراً في نزع أسلحة الجنجويد وغيرهم من الجماعات المسلحة الخارجة, والتأكيد علي إتخاذ إجراء فوري لإعادة بناء الثقة بين السكان الذين يحتمل أن يتعرضوا لمخاطر الصراع، وأن أية عودة للاجئين لقراهم تتم بشكل طوعي، تمشياً مع الإتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار الساري حالياً.
    وفيما يختص بالتسوية السياسية للصراع في دارفور:ـ
    أ/ مواصلة المباحثات السياسية بشأن دارفور في أسرع وقت ممكن، للوصول الي حل شامل يكون مقبولاً لكل أطراف الصراع.
    ب/ وحيث أن السلام في دارفور يمثل ضرورة للسلام في الجنوب، فيجب الترحيب بدور المجتمع الدولي للمساعدة في تنفيذ أي إتفاق سلام مرتقب في دارفور.
    والبند الأخير في هذا البيان، يتحدث عن آلية مشتركة لتفيذ بنوده تحت قيادة وزير الخارجية وممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، لمتابعة التنفيذ ورفع تقارير دورية عن سيره.
    وقد وقع في هذا البيان وزير العدل عن حكومة السودان، والسيد كوفي عنان عن الأمم المتحدة.
    * قراءة في البيان:
    إن البيان المشترك، بصفة الإشتراك هذه يعني أن الطرفين الموقعين عليه، يتفقان تماماًعلي المعاني والعبارات والمضمون الذي يحتوي عليه، وأنه يجئ تعبيراً واضحاً ومحدداً عن هذا الإتفاق الذي تم بين الطرفين.
    وبناءاً علي هذا المعني يمكن أن نستعرض فقرات الديباجة لنري المعاني والمضامين المتفق عليها من الطرفين الموقعين علي هذا البيان المشترك، حيث نري الفقرة الأولي منها، تؤكد الأوضاع الخطيرة في دارفور, والإحساس بالقلق تجاه النازحين واللاجئين ، وتصف الأوضاع هناك بأنها بالغة القسوة، وبأنها قد تتدهور الي حدّ المأساة مالم يتم تداركها بالسرعة اللازمة.
    وتوكد الفقرة الثانية من هذه الديباجة الحاجة الملحة لإيقاف الهجمات التي تصفها بأنها مستمرة علي المدنيين المستهدفين من سكان الإقليم، وذلك من قبل الجنجويد والجماعات المسلــــحة الخارجة, وتدعو إلي توفير الأمن إتساقاً مع الإتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار الموقع بين الحكومة وحركة تحرير السودان، وحركة العدالة والمساواة,وتؤكد هذه الفقرة أيضاً الأقتناع بالحاجة الملحة إلي إيقاف كافة إنتهاكات حقوق الإنسان بالإقليم.
    وتؤكد الفقرة الثالثة إقتناع الطرفين بالحاجة الملحة لمواصلة المباحثات بين الحكومة وحملة السلاح للوصول سريعاً الي تسوية نهائية تستطيع مخاطبة أسباب الصراع الحقيقية, وتتحدث الفقرة الرابعة من الديباجة عن إدراك الطرفين, للأثر الإيجابي الذي سيترتب علـــــــــــــــي إتفاقية نيفاشا، وإنعكاس ذلك علي تسوية الصراع في دارفور وتأسيس السلام الدائم في أنحــــــــاء السودان، وتعترف الفقرة الخامسة بالتحسن الذي طرأ من جانب الحكومة، نحو توفير مداخل إنسانية للأمم المتحدة في الإقليم، بما في ذلك المنظمات الإنسانية ومراقبي الإتحاد الأفريقي.
    أما فيما يختص ببنود البيان المشترك، فإن البنود الأربعة الأولي منه، وهي من (أ ـ د) فهي خاصة بالتزامات الأمم المتحدة تجاه هذه المشكلة، وما تقوم به من جهد لعلاجها وصولاً الي السلام الدائم.
    أما التزامات الحكومة في هذا البيان المشترك فهي تنقسم الي عدة محاور، يتعلق المحور الأول منها بالقضايا الإنسانية، وبه أربعة بنود هي: تأجيل كافة القيود المفروضة علي العون الإنساني بالإقليم وتعليق القيود علي تأشيرات الدخول للعاملين في مجال العون الإنساني، والتسجيل المؤقت للمنظمات غير الحكومية عبر إخطار مبسط، علي أن تنتهي إجراءات التسجيل في خلال تسعين يوماً، وتعليق كافة القيود المتعلقة بإستيراد وإسخدام المعينات الخاصة بالمساعدات الإنسانية.
    أما المحور الثاني فهو خاص بحقوق الإنسان ويتضمن خمسة بنود هي: البند الأول منها يتحدث عن إتخاذ إجراءات وصفت بأنها راسخة لإنهاء محاولات التنصل أو التحلل من الجرائم والإنتهاكات التي أرتكبت في حق المواطنين، وهذا يعني أن تتحمل الحكومة المسؤلية كاملة تجاه المسؤلين عن هذه الجرائم، وإلزامهم بما يترتب عليها من محاسبة, ويتحدث البند الثاني، وهو مرتبط بالبند الأول عن إجراء تحقيق فوري في كافة حالات الإنتهاكات، بما فيها تلك التي تلفت إنتباهها اليها الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وغيرها، وهذا التزام واضح لا لبس فيه، لا نظن أن الحكومة فعلت شيئا حياله ، غير تشكيل لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف، التي لم تذهب الي دارفور الا مؤخراً ولا ندري متي تنتهي من تحقيقها، مع أن البند يتحدث عن فورية إجراءات التحقيق.
    أما البند الثالث من هذا المحور فهو يتحدث عن هذه اللجنة، وضرورة توفير الموارد لها حتي تؤدي عملها بالصورة المطلوبة، وأن يتم تنفيذ توصياتها عند رفعها بصورة كاملة.
    ويتحدث البند الرابع عن التأكيد بتقديم كل المتهمين بإنتهاكات حقوق الإنسان الي محاكمة عادلة ودون إبطاء، ومع التزام الحكومة الواضح في هذا البند للأمم المتحدة، الا أن الذين تحدثت الحكومة عن تقديمهم للمحاكمة بإعتبارهم من الجنجويد،وعرضتهم أمام الصحفيين بسجن نيالا، لا نظن أنهم هم الذين يعنيهم هذا البند، من الذين قاموا بقتل المواطنين الأبرياء وسلب ونهب ممتلكاتهم، وحرق قراهم، وإجبارهم علي النزوح واللجوء، وهولاء الذين يعنيهم هذاالبند لم نلمس حتي الآن أن الحكومة فعلت شيئاً تجاههم، بل نراها تتفادي ذلك بحيل وممحكات كثيرة.
    أما البند الرابع من هذا المحور فهو يتحدث عن السماح بنشر مراقبين لحقوق الإنسان وإنشاء نظام عادل يراعي التقاليد المحلية، حتي يسمح للنساء اللائي تعرضن للإغتصاب بتوجيه التهم للمشتبه فيهم، وقد شكل وزير العدل مؤخراً لجنة تضم مستشارات قانونيات وضابطات شرطة للقيام بهذه المهمة.
    ويتعلق المحور الرابع من التزامات الحكومة مع الأمم المتحدة من خلال هذا البيان المشترك بالجوانب الأمنية وهو يحتوي علي أربعة بنود، يتحدث البند الأول منها عن نشر قوة شرطة موثوق بها في كافة أماكن النازحين، والأماكن التي تبدو عرضة للهجمات، ويثور سؤال هنا عن صفة هذه الشرطة التي وصفت بالموثوق فيها ، وهذه الثقة ينبغي أن تصدر من هؤلاء النازحين المراد توفير الأمن لهم من قبل هذه الشرطة، فهل هؤلاء الشرطة الذين يجري توزيعهم الآن علي أنحـــاء دارفور ، من قبل وزير الداخلية وممثل رئيس الجمهورية، تنطبق عليهم هذه الصفة؟ خاصة وهذا الرجل من أصحاب الأجندة الحربية منذ كانت هذه المشكلة في بداياتها ولم تزد مطالبها عن المطالب المحلية، كما أن حملة السلاح يتهمون الحكومة الآن بتقنين صفة الجنجويد وذلك من خلال إستيعابهم في القوات النظامية بما فيها الشرطة وقد أكدت تصريحات بعض المسؤلين المنشورة بالصحف هذا الإتجاه، من بينها تصريحات ممثل رئيس الجمهورية نفسه، وهي منشورة بصحيفة الصحافة العدد 398 بتاريخ الأثنين الموافق 5/7/2004م حيث قال : (إن نزع السلاح في دارفور غير ممكن عملياً وإن الحكومة ستعمل علي تقنينه والسيطرة عليه، من خلال إستيعاب حامليه تحت إمرة القوات النظامية) وإذا كان الأمر كذلك فإن صفة الموثوقية لا تتوافر في هذه القوات الشرطية حتي يطمئن، اليها النازحون واللاجئون ويبدأوا في العودة الطوعية حسب الإتفاق.
    ويتحدث البند الثاني من هذا المحور ، عن تدريب كل وحدات الشرطة علي قانون حماية حقوق الإنسان، وتحميلهم مسئولية الدفاع عنه وفي هذا الشأن، فإن كانت صفة الموثوقية لم تتوافر كما رأينا في البند الأول فإن الإلتزام بتطبيق قانون حقوق الإنسان والدفاع عنه ، بالضرورة لـــــن يتوافر ، لأنه يقتضي توافر مهنية رفيعة ومحايدة، وهي في هذه الظروف محل شك وإرتياب! ويتحث البند الثالث من هذا المحور عن التأكيد علي عدم وجود مليشيات في المناطق المحيطة بمعسكرات النازحين.
    أما البند الرابع من هذا المحور وهو يمثل بيت القصيد في هذا الإتفاق، وهو المادة الأساسية لكل وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية خلال هذه الفترة, وهو موضوع الجنجويد حيث يقـــول نصه:- ( البدء فوراً في نزع أسلحة الجنجويد وغيرهم من الجماعات المسلحة الخارجة، والتأكيد علي إتخاذ إجراء فوري لإعادة بناء الثقة بين السكان الذين يحتمل أن يتعرضوا لمخــــاطر الصراع، وأن أية عودة للاجئين الي قراهم، تتم بشكل طوعي، تمشياً مع الإتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار الساري حالياً).
    من هم الجنجويد ؟
    يجدر بنا قبل أن نحلل هذا البند ونفسره وصولاً لمضمون الإتفاق بين الطرفين بشأنه، يجدر بنا أن نقف موقفاً موضوعياً بشأن كلمة (جنجويد) من ناحية لغوية ومن ناحية إصطلاحية وما تعنيه هذه الكلمة من الناحيتين، وذلك حتي نصل الي المقصود منها حين تستخدمها وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، وحين تستخدمها أجهزة ومنظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
    إن هذه الكلمة (جنجويد) معروفة ومستخدمة في اللهجة العربية لمجموعة قبائل البقارة بدارفور وتشاد، وهي لغة تطلق علي مجموعة الأطفال حين ما يكونون في حالة لعب وصخب يزعــج الكبار، كما تطلق علي أية مجموعة كبيرة من الأطفال في أي مظهر كانت، وتطلق ذات الكلمة في ذات اللهجة علي الشباب في مقتبل العمر الذي يمتاز بالحيوية والعنفوان والجرأة والمغامرة بدخول المخاطر وإقتحام الصعاب بلا وجل أو مهابة، وذلك حينما تكون هذه المجموعات الشبابية في حالة إستعداد وتعبئة وإستنفار لدفع الأذي عن أهاليهم وجماعتهم، أو في حالة فزع جماعي لإسترداد المال المسروق، أو حالة إغارة علي جماعات معادية لسحقها وسلب مالها، أو حالة الأهبة والإستعداد لصد جماعة أخري معادية بادرت بالهجوم علي الجماعة الأولي.
    وهذه الكلمة بهذا المعني الذي يعني باكورة الشباب والعنفوان، وشدة الجلد لمواجهة الصعاب وإقتحام الأهوال، تكاد تكون موازية لكلمة (الجنيات ، والعيال) جمع جنى في لهجة السودان النيلي الشمالي الأوسط كما وردت في الأغاني الشعبية التي تدل علي الفروسية والحماسة حين تقول: (دَقُو لدِنْقِرُم جُوني العيال مارقين* نادُوا ليَّ علِي الفارس البقود تسعين).
    تتردد كثيراً كلمة الجنيات والعيال في المأثورات الشعبية في هذه المنطقة ، وهي ترد في الغالب في سياق الأعجاب والإطراء لهذه الفئة التي تدفع الأذي وتجلب المغانم وتؤسس الشرف والسؤدد لذويها، كما أن العمر الشبابي في حد ذاته هو مدعاة للإعجاب ولفت الأنظار، ذلك هو المعني اللغوي لكلمة جنجويد في لهجة البقارة. أما المعني الإصطلاحي فقد تبلور بصورة واضحة لا لبس فيها وهو يعني المجموعات المسلحة من القبائل العربية ، والتي تستخدم الخيول والجمـال بصورة أساسية ، في مقابل المجموعات المسلحة من قبيلة الفور التي تسمي مليشيا، تبلور هذا المصطلح بهذه المعاني خلال الحرب القبلية بين قبيلة الفور ومجموعة من القبائل العربية قدرت بحوالي سبع وعشرين قبيلة, وذلك خلال الفترة من 87-1988م، حيث عقد مؤتمر للصلح في فترة حكومة السيد الصادق المهدي، وتجدد عقده في 1989م بعد فترة قليلة من قيام إنقلاب الإنقاذ، حيث وصل الي إتفاق بين الأطراف المتحاربة لم تنفذ كل قراراته وتوصياته، وكان ذلك واحداً من الأسباب التي أدت الي أندلاع المعارك من جديد بدارفور وتطورت بصورة دراماتيكية حتي وصلت الي هذا المستوي المأساوي الفاجع الذي نعيشه الآن.
    وأطلق نفس الأسم (جنجويد) علي المجموعات المسلحة من القبائل العربية في حربها القبلية ضد قبيلة المساليت، خلال الأعوام 95 ، 96 ، 1997م في مقابل المجموعات المسلحة من المساليت التي تسمي مليشيا كما هو الحال عند قبيلة الفور.
    إذن أن كلمة الجنجويد بهذا المعني الإصطلاحي هم الذين تتحدث عنهم المنظمات الطوعية التابعة للأمم المتحدة وغيرها، وهم كذلك الذين يعنيهم المجتمع الدولي بمن فيه الأتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية،والجامعة العربية والإتحاد الإفريقي، بإعتبار أن هذه الجماعات المسلحة من قبل الحكومة، في إطار الإستنفار الذي أعلنته لمجابهة التمرد بدارفور، هي التي قامت بحرق وتدمير القري حرقاً كاملاً، بعد نهبها وتقتيل أهلها وإجبار من تبقي منهم علي قيد الحياة علي النزوح لأن هدفهم الأساسي هو الإستيلاء علي الأرض حتي تكون مراعي لحيواناتهم التي عانت من القحط والمحل بمراعيها التقليدية في الشمال، وهذه الجماعات تنتمي لبعض القبائل العربية من رعاة الإبل بشمال وغرب دارفور ، وكذلك تنتمي لبعض القبائل ذات الأصول العربية بديار الفور والمساليت، والبعض الآخر وافد من خارج الحدود.
    في الحلقة القادمة نستعرض شهادات المجتمع الدولي التي تؤكد مفهوم الجنجويد الذي أوردناه و مغالطات الحكومة بشأنه.


    تنويه :
    تم نشر هذا المقال بصحيفة الأيام العددين (7982_ 7984) بتاريخ السبت والاثنين الموافق 28و3/8/2004م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de