العلمانية وأيديولوجيا الصراع على المفهوم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-04-2004, 08:05 PM

Elsadiq
<aElsadiq
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1657

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العلمانية وأيديولوجيا الصراع على المفهوم




    رضوان جودت زيادة
    باحــث ســـوري
    [email protected]

    منذ دخول مصطلح العلمانية إلى الأدبيات السياسية العربية وهو يشهد تجاذباً وصراعاً حاداً حوله وعليه ومن أجله ، بحيث انقسم المثقفون العرب إلى مناضلين من أجله وآخرين مكافحين ضده ، واكتسى المفهوم طابعاً صراعياً يستخدم تارةً من أجل جبه الآخر ونفيه ، وتارة أخرى من أجل تأكيد أسبقية الذات ونخبويتها وغدى الكلام الكثير عن العلمانية محط سجال أيديولوجي أكثر منه من أجل إزالة التباس مفهومي أو توضيح معرفي ، ومما يؤكد ذلك أن المفهوم بعد كل هذه المعارك التي خاضها ما زال ملتبساً وعصياً على التحديد و البلورة .

    ما يحاوله عبد الوهاب المسيري وعزيز العظمة هنا في كتاب (العلمانية تحت المجهر) الصادر عن دار الفكر بدمشق ،هو النظر إلى المفهوم من زاويتين أو لنقل تقديم رؤيتين متغايرتين عن المفهوم تحثان الخطى من أجل تحديد المصطلح أولاً ونفي غموضه والتباسه ثانياً ، إلا أن النجاح يبدو أنه أخفقهما أو أنهما لم يستطيعا التوصل إليه ، فظل بعيداً عنهما ، ذلك أن كلاً منهما إنما نظر إلى العلمانية في ضوء توظيفاتها المعاصرة .

    فالمسيري درس العلمانية وفقاً لمتنها الاجتماعي الغربي الحالي رابطاً بإلحاح بينها وبين مفهوم النسبية الغربي وموجة تيار ما بعد الحداثة الرائج حالياً في الغرب ، أما العظمة فيبدو أنه قد سئم البحث في دلالاتها ومعانيها بعد جهده في كتاب (العلمانية من منظور مختلف) والآخر (دنيا الدين في حاضر العرب) فأراد أن يقدم مرافعةً خلاصتها النهائية تقول أن الادعاء بأن المجتمعات العربية هي مجتمعات متدينة هو ادعاء كاذب وخاطئ وأن العلمانية تمثل الحل الوحيد لمأزق التخلف العربي الراهن الذي تسوده الرؤى الميتافيزيقية والخرافية ، وهو لذلك أشبه بالإسلاميين الذين يرفعون شعار (الإسلام هو الحل) بكل تعقيداته وغموضه ، ليختزلوا الراهن والمستقبل في شعار ضبابي يزيد الأمور تعقيداً والتباساً رغم ادعائهم أنه يمثل حلاً ناجزاً وجاهزاً .

    يفتتح المسيري نصه بمدخل تاريخي ودلالي يتتبع فيه ألفاظ الكلمة في لغاتها الأصلية ومعانيها وتحولاتها التي خضعت لها مع تطور السياق التاريخي مؤكداً باستمرار على المرجعية الغربية للكلمة ورابطاً إياها بالفلسفة الغربية السائدة القائمة على خطابٍ سيطرت عليه فكرة واحدية العلوم ، والإيمان بأن ثمة قانوناً واحداً يسري على الإنسان والطبيعة ، ولذلك اتجهت العلوم الاجتماعية والإنسانية نحو النماذج الكمية والمادية ، تلك الرؤية منعت علم الاجتماع الغربي من إدراك العلمانية كرؤية شاملة للكون ، وهذا العلم بحكم كونه المعني الأول بتلك الدلالات الاجتماعية لمفهوم العلمانية لم يستطع أن يرصد الواقع العلماني الحديث باعتباره كلاً متماسكاً ، ويضرب المسيري أمثلة عديدة على ذلك يسهب فيها في إبراز الطابع العلماني للحياة في الغرب والنزعة الاستهلاكية المسيطرة عليه التي لم تنتج أو تخرج إلا من فلسفة علمانية تمثل المرجعية والخلفية بالنسبة إليها ، بدءاً من السينما مراراً بالأدب والمسرح الإعلاني التلفزيوني وانتهاءً بالفنون التشكيلية ويتوقف في النهاية عند جاك دريدا زعيم التفكيكيين الذي يصف وجهه بأنه أصبح كئيباً ، ويعتبر أنه قد أعلن عالم ما بعد الحداثة ، حيث لايوجد هدف أو مركز أو غاية ، وحيث تفشل اللغة الإنسانية في تحقيق التواصل بين البشر ، وبفشل اللغة تختفي القيم تماماً ، ويتفكك الإنسان .

    يبدو المسيري في قراءته للفكر الغربي أقرب إلى الاختزال والتبسيط وهو يعلل ذلك بأنه لا يريد الغوص معهم في فلسفتهم كي لا يستغرقه ذلك ويمنعه من الرؤية الشاملة الخارجية كما يسميها، إلا أن رؤيته تلك أعاقته عن إدراك التغيرات والاختلافات الثاوية داخل النص الغربي بحكم كونه نص تاريخي وكل ما نتبعه في قراءته لا يعدو سوى أن يرصد مظاهر لتحولات هذا الفكر في بعض تعيناته التاريخية ، بحيث أن الأحكام الأخلاقية التي ألقاها تتطلب تؤدة كبيرة قبل إخراجها وتعميمها ، ذلك أن الحياة الاجتماعية والثقافية الغربية تتواصل عن طريق أقنيتها المختلفة بحيث تؤدي باستمرار إلى تطورها وتجديدها وغالبية النزعات القصوية إنما تهدف إلى إلغاء التمركز المشكل تاريخياً وإعادته إلى حجمه التاريخي وهذا ما لعبته السريالية وترغب نزعة ما بعد الحداثة في تأديته ، والتي لم يكن جاك دريدا قد أعلن عنها ، إذ أنه نفى علاقته بها تماماً وأكثر من مرة ، بقدر ما تعود إلى رموزها مع ليوتار وإيهاب حسن وجان بودريار وغيرهم . يطلب المسيري بعد ذلك إعادة النظر في كل مصطلحات العلوم الاجتماعية ذات الأصل الغربي ، لصياغة نماذج ومصطلحات جديدة تتفق مع تجربتها الوجودية المعينة بعد سقوط التجربة الاشتراكية وبعد علمنة السلوك في العالم الغربي ، وضمور رقعة الحياة الخاصة و تهميش المسيحية تماماً وظهور أدبيات غربية مراجعة تساعدنا في عملية التعريف وإعادة التعريف ، وهو لذلك يعتبر أن استيرادنا لمصطلح العلمانية كاستيرادنا لغيره من المصطلحات ، وحمد تطور المفهوم لدنيا مع المعجم اللغوي العربي الأول أواخر القرن التاسع عشر ولم يتسع مجاله الدلالي كما حدث في الغرب ، وهو لذلك يتمنى لو يستطيع استخدام مصطلح آخر أقل شيوعاً لكنه أكثر شمولاً وعمقاً ودقة وحياداً ، ولكنه إذ يرى صعوبة ذلك الأمر فإنه يدعو إلى إعادة تعريف مصطلح (العلمانية) بحيث يصبح مجاله الدلالي أكثر اتساعاً وشمولاً .

    وعندما يبدأ في عملية إعادة التعريف هذه في ضوء الفلسفة الغربية المرجعية يعيد النظر في هذه الفلسفة أيضاً التي رفعت من الحيز الطبيعي المادي الموجود في الإنسان وألغت الجانب الروحي الإنساني فيه مما انتهى بها إلى تحويل الإنسان كسلعة استهلاكية فقط يتم تداولها في السوق القائم حساباته على أساس الربح والخسارة .

    وهو لذلك يرصد علاقة المصطلح بالدين والتعاريف الغربية المختلفة التي تحاول أن تعرف العلمانية في ضوء علاقتها مع الدين ، فالعلمانية لدى البعض ليست لها علاقة بالدين ،ولدى آخرين تهدف إلى تهميش البعد الديني في الحياة الإنسانية ، ويعرف الإنسان وفق هذه الرؤية في ضوء أبعاده واحتياجاته المادية ، فحدوده هي حدود المادة ، أهدافه وغاياته وأخلاقه مادية ، سلوكه و تطلعاته وأشواقه مادية لا توجد مسافة تفصل بينه وبين الطبيعة أو المادة ، ومن ثم لا يوجد حيز إنساني مستقل يتحرك فيه الإنسان بقدر من الاستقلال والحرية ولذا فهو لا يمكن دراسته إلا في إطار النماذج الطبيعية المادية .
    وهو يربط بين العلمانية والامبريالية إذ يعتبرهما صنوان ، والامبريالية هنا تعني نزعة إلغاء الآخر وتهميشه وتأكيد مركزية الإنسان الغربي ، عندها تصبح العلمانية معادية للإنسان على مستوى القول والنموذج المعلن ، فهي قد لا تنكر وجود الخالق أو مركزية الإنسان في الكون بشكل صريح ومباشر ولكنها على المستوى النموذجي الفعال ، تستبعد الإله ، وأية مطلقات ، من عملية الحصول على المعرفة ، ومن عملية صياغة المنظومات الأخلاقية ، كما تستبعد الإنسان من مركز الكون بشراسة وبحدة وتنكر عليه مركزيته وحريته .

    وأمام هذا الطرح المغالي في نسب شرور الغرب ومعه شرورنا إلى العلمانية يأتي طرح العظمة لينسب فضائل الغرب إلى تطبيقه لمفهوم العلمانية ولينسب تخلفنا إلى عدم تطبيقنا لهذا المفهوم بأصوله الصحيحة ، إذ يعتبر أن مصطلح العلمانية من أكثر المصطلحات شيوعاً وغموضاً بنفس الوقت في الفكر العربي المعاصر ، وأن استخدامه الكبير ألغى وظيفته التحديدية أو التوضيحية ، ذلك أن العلمانية ليست شعاراً سياسياً وإنما هي في الواقع مساومة ضمنية لحركة المجتمع والفكر في عصر الحداثة ، تلك الحركة التي نحّت أرباب الوظائف الدينية ، وبالتالي ألغت المرجعية الدينية ، وإذا كان السياق التاريخي الغربي قد فرض نوعاً من نشأة المصطلح بهذه الصيغة الخبرية فإنه يؤكد أن العلمانية لدينا أيضاً ليست شأناً خارجاً على تاريخنا وواقعنا وشيمنا ، ذلك أنه صحيح أن الكنيسة غائبة عن الإسلام بما هي سلك يتوسط بين الأسرار الربانية وبين المؤمنين من الرعية ، إلا أنها واقعياً وعملياً نشأت ، بمعنى بروز سلك كهنوتي في الإسلام منذ العهدين السلجوقي والأيوبي ، وكون هذا السلك مؤسسة سوسيولوجية وعلمية وعبادية سيطرت على مجال التشريع والقضاء والعبادة والتربية ، وتميز أعضاؤها عن غيرهم من الناس بزي خاص وبامتيازات خاصة وسيطروا على إدارة الأوقاف وأموالها .

    ثم بعد ذلك يستغرق ويغوص في نفي حضور الشأن الديني في مجتمعاتنا ويعود ويكرر أن ذلك وهم صنعته المؤسسات الحكومية الإعلانية دون أن يستذكر أن هذه المؤسسات غالباً ما دعت أنها علمانية وغير منغمسة في الشأن الديني ، إلا أنه يصر على أن مجتمعاتنا الحالية تعيش حياة من العلمانية ، وأن الذين يعتبرون أن العلمانية إنما هي نخبوية في المجتمعات العربية لا ينظرون إلى أن واقع التحول التاريخي والتمايز والصراع الاجتماعيين الذين لا قوام لمجتمعات فعلية دونهما ، وهو لذلك يرى أن استمرارنا في سياق العلمانية هو استمرارنا مع تاريخ دولنا التنظيماتية والوطنية التي عملت على تحويلنا من النصاب الأهلي إلى النصاب المدني .

    ويبقى السؤال أنه ما دام الاثنان قد اتفقا على أن العلمانية إنما تمثل رؤية شمولية وكلية ، نجدهما يختصرانها في علاقتها مع الدين ، بحيث يرغب المسيري دوماً في إلقاء اللوم على العلمانية في تهميش الدين في حياتنا الاجتماعية ، أما العظمة فيصر على أن الدين ليس له حضور مركزي في حياتنا وأن العلمانية تمثل الواقع الاجتماعي الذي نحيا من خلاله ووفقه ، وهذا مامنعنا دوماً من إدراك المفهوم في سياقه التاريخي وأعادنا دوماً إلى توظيفه الأيديولوجي ، مما يؤكد عدم براءة المفهوم معرفياً ويؤكد دوماً حضوره السياسي في ضوء دلالاته الدعائية والأيديولوجية .


    http://almultaka.net/makalat.php?subaction=showfull&id=...&start_from=&ucat=3&
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de