|
|
 التحالف الاستراتيجي للمهمشين (من لم يدرس الكتاب الأسود فهو مطعون في ثقافته)
|
التحالف الاستراتيجي للمهمشين هو الحل
أبو بكر القاضي: التحالف الاستراتيجي للمهمشين هو الحل
«من لم يدرس الكتاب الأسود فهو مطعون في ثقافته»‚ هذا هو شعار المرحلة في الدوحة وسط قاعدة الجالية السودانية المقيمة بدولة قطر‚ فكرة دراسة الكتاب الاسود تبلورت في جلسة افطار رمضانية في العشر الخواتيم‚ نظمها ابناء الاقليم الجنوبي بالدوحة لاخوانهم المسلمين السودانيين كناية عن التعبير عن مشاركتهم لأشقائهم مناسبتهم الدينية‚ وهو تعبير عن التسامح السوداني المتفرد‚ فقد نطق الشخص الذي وجه لي الدعوة بعبارة التسامح كثقافة في جنوب السودان‚ وقال البيت الواحد فيه المسيحي والمسلم والروماني‚ والكل يحترم معتقدات الآخر وشعائره ويشاركه مناسباته الدينية بمنتهى التسامح والقبول‚ جمعت جلسة الافطار المشار اليها كل ألوان الطيف السوداني‚ وتداعى الحديث وتشعب‚ وتناول التهميش الثقافي كأخطر سلاح لإبادة الشعوب السودانية من الجذور وذلك بالقضاء على لغاتها‚ واغانيها واساطيرها وحجواتها واشعارها بلغاتها المحلية التي تسمى ازدراء بـ «الرطانة»‚ كما تناول الحديث التهميش السياسي والاقتصادي - الثروة - وبهذا التداعي المنطقي قرر الحضور تحويل هذا المنبر الاجتماعي الثقافي التسامحي الى منبر دائم شهري يتناول الحضور فيه (كتابا سودانيا) وقد وقع الاختيار على الكتاب الاسود كأول كتاب تتم دراسته‚ ما هو الكتاب الأسود؟ ومن الذي ألفه؟ هو الكتاب الذي صدر في السودان دون اسم لمؤلفه وذلك قبيل نهاية القرن الماضي‚ وفحوى الكتاب يدل عند صدوره على ان الذين كتبوه هم من ابناء غرب السودان‚ وقد تزامن توزيع الكتاب مع المفاصلة التي تمت بين جناحي الحركة الاسلامية (المؤتمر الوطني والشعبي) حيث انحاز ابناء الشمال من الاسلاميين للحزب الوطني وانحاز ابناء الغرب والجنوب للمؤتمر الشعبي‚ هذا التلازم الزمني جعل كثيرا من المحللين والكتاب يربطون بين الكتاب الأسود وتحول حزب المؤتمر الشعبي للمعارضة ولاحقا عندما خرجت قيادات حركة العدل والمساواة للخارج واعلنت على موقعها على شبكة المعلومات - الانترنت - هذه الحركة عن نسبة الكتاب اليها وظهر الكتاب على موقعها www‚sudanjem‚com‚ فحوى الكتاب الأسود؟ الكتاب في جزئه الأول مكون من ستة فصول‚ الفصل الأول تعريف بالسودان وموارده والفصل الثاني يتناول التعريف بالدولة وسلطاتها وهذان يعتبران فصولا تمهيدية‚ اخطر فصلين من الكتاب هما الفصل الثالث - (صور من اختلال ميزان تقسيم السلطة)‚ والفصل الرابع - (صدر من اختلال ميزان الثروة)‚ ومصدر الخطورة في الارقام والجداول والحقائق الناصعة و التي تصلح كأساس للتحليل‚ تؤكد هذه الارقام هيمنة الاقلية من ابناء الشمالية على السلطة والثروة في السودان منذ الاستقلال وحتى اليوم‚ واعود الى جلسة الافطار المنوه بها والتي افرزت منبرا دائما للبحث ودراسة الكتب التي تتناول قضايا الثقافة والفكر السوداني فاعتذر للقراء عن عدم رصدها ونشر فحواها في الحين‚ لذلك كفّرت عن غلطتي برصد اللقاء التسامحي لأبناء دار فور‚ كما قررت رصد وتوثيق اللقاءات القادمة لأن العقول التي تحضرها هي عقول كبيرة‚ والقضايا والحوارات جديرة بالتوثيق والنشر‚ أرقام الكتاب الأسود تتحدث عن اختلال ميزان السلطة: أولا : التهميش السياسي خلال الفترة من (1954 - 1964) العهد الوطني إلى الاستقلال وعهد عبود بلغت جملة المناصب الدستورية خلال تلك الحقبة (ثلاثة وسبعين منصبا دستوريا)‚ كانت نسبة تمثيل الاقاليم الخمسة كما يلي: 1 - الاقليم الشرقي : منصب دستوري واحد بنسبة 1‚4%‚ 2 - الاقليم الشمالي : 58 منصبا بنسبة 79‚5%‚ 3 - الاقليم الأوسط : عدد 2 (منصبان) بنسبة 2‚8%‚ 4 - الاقليم الجنوبي : 12 منصبا بنسبة 16‚4%‚ 5 - الاقليم الغربي : صفر (لم ينجح أحد)‚ علما بأن توزيع السكان حسب احصاء 1986 للاقاليم الخمسة المذكورة يفيد بأن عدد سكان الاقليم الشمالي يعادل 5‚4% من نسبة السكان وسكان الاقليم الغربي يعادلون 32‚6% من مجموع السكان‚ وقد لاحظ الكتاب ان المجلس العسكري الذي عينه الفريق ابراهيم عبود كان مبنيا على الطائفية و الفريق عبود نفسه كان من اتباع الطائفة الختمية والتي شكلت القاعدة الشعبية لحكومة عبود ولذلك كان أثر الغرب فيه لم يظهر‚ كما ان الحكومات الاتحادية الثلاث الاولى (في الاعوام 1954‚ 1955‚ 1956 وكلها بزعامة الازهري) كانت مبنية على نفس القاعدة الشعبية (الختمية)‚ والكتاب بابرازه لهذه النقطة انما يمهد ذهن القارئ لتبدل الاحوال قليلا بالنسبة لأهل الغرب عندما آلت السلطة لزعامة حزب الامة بقيادة السيد الصادق المهدي في الديمقراطية الثالثة (1986 - 1989)‚ ثانيا : فترة الديمقراطية الثانية اكتوبر (1964 - 1969) مجمل المناصب الدستورية لهذه الفترة كانت 81 منصبا‚ وكان توزيع التمثيل فيها على النحو التالي: 1 - الاقليم الشرقي 2 (منصبان) بنسبة 2‚05%‚ 2 - الاقليم الشمالي 55 منصبا بنسبة 67‚9%‚ 3 - الاقليم الاوسط 5 مناصب بنسبة 6‚2%‚ 4 - الاقليم الجنوبي 14 منصبا بنسبة 17‚3%‚ 5 - الاقليم الغربي 5 مناصب بنسبة 2‚6%‚ هذا وقد اشار الكتاب الأسود الى مفارقة هامة تتعلق بحكومة سر الختم الخليفة التي ساهم الجنوبيون والغرابة في وجودها الا انها مثلت الشرق بمنصبين اما الاقليم الغربي (فلم ينجح أحد) وكذلك الاقليم الاوسط اذا وضعنا في الاعتبار ان الذين مثلوه من اصول قادمة من الاقليم الشمالي‚ ثالثا : حكومة الرئيس جعفر محمد نميري (1969 - 1985) كانت جملة المناصب الدستورية في عهد مايو منصبا لطول فترة العهد وكثرة التعديلات الوزارية‚ وقد كان توزيع المناصب على النحو التالي: 1 - الاقليم الشرقي 4 مناصب بنسبة 3‚5%‚ 2 - الاقليم الشمالي 79 منصبا بنسبة 68‚7%‚ 3 - الاقليم الاوسط 19 منصبا بنسبة 16‚5%‚ 4 - الاقليم الجنوبي 9 بنسبة 7‚8%‚ 5 - الاقليم الغربي 4 مناصب بنسبة 3‚5%‚ اما المجلس العسكري الانتقالي بعد الانتفاضة في عام 1985 فقد كان تشكيله على ذات النسق‚ الاقليم الشرقي (صفر)‚ الاقليم الشمالي واحد وعشرون‚ الاوسط ثلاثة‚ والجنوبي خمسة والغربي واحد فقط وبذلك احتفظ الاقليم الشمالي بنسبة 70% من عدد 30 مقعدا‚ رابعا : الديمقراطية الثالثة (1986 - 1989) كانت حصيلتها في التمثيل الوزاري كما يلي: 1 - الاقليم الشرقي 3 مناصب بنسبة 2‚6%‚ 2 - الاقليم الشمالي 55 منصبا بنسبة 47‚4%‚ 3 - الاقليم الاوسط 17 منصبا بنسبة 14‚7%‚ 4 - الاقليم الجنوبي 15 منصبا بنسبة 12‚9%‚ 5 - الاقليم الغربي 26 منصبا بنسبة 22‚4%‚ وقد علق الكتاب الأسود على هذه الارقام قائلا: بذا يكون الصادق المهدي هو الوحيد الذي قارب الكمال في تحقيقه المشاركة الكاملة في الحكم والتمثيل الشامل لجميع اقاليم السودان في حكومته ورغم احتفاظ الاقليم الشمالي بتفوقه الا انه ولأول مرة يتولى احد ابناء الغرب والوسط منصب وزير المالية وهم (ابراهيم منعم منصور‚ ود‚ بشير عمر ود‚ عمر نور الدائم (رحمه الله) وللحق والتاريخ فقد انصف السيد الصادق المهدي جميع اهل السودان في حكومته‚ وان لم يكن التمثيل فيها بنسبة الكثافة السكانية‚ خامسا : عهد ثورة الانقاذ (1989 - 1999) مجلس قيادة ثورة الانقاذ تكون من 15 عضوا كان التمثيل فيه عشرة للاقليم الشمالي‚ وعضوين للاقليم الجنوبي وثلاثة للاقليم الغربي و(صفرا) لكل من الاقليم الشرقي والاوسط! وقد علل الكتاب الأسود تحسن تمثيل الغرب في مجلس قيادة الثورة لايلاء القرابة في الحركة الاسلامية‚ وقد لاحظ الكتاب ان التوسع في تمثيل القرابة كان على حساب الاقليم الشرقي والاوسط (لم ينجح احد) وبذلك هزمت شعاراتها وداست عليها على ابواب التمكين فكان تمكينا لعنصر جهوي‚ لا تمكينا للمبادئ والشعارات‚ بلغت جملة المناصب الدستورية في الفترة من 1989-1999 تاريخ المفاصلة بين الوطني والشعبي 202 منصب توزعت كما يلي: 1 - الاقليم الشرقي 6 مناصب (لمحمد طاهر إبلا وحده منها خمسة مواقع) بنسبة 3%‚ 2 - الاقليم الشمالي 120 منصبا بنسبة 59‚4%‚ 3 - الاقليم الاوسط 18 منصبا بنسبة 8‚9%‚ 4 - الاقليم الجنوبي 30 منصبا بنسبة 14‚9%‚ 5 - الاقليم الغربي 28 بنسبة 13‚8%‚ تعليقا على هذه الارقام يقول الكتاب الأسود : هذه المعادلة الغريبة والصورة المقلوبة ادت الى سلسلة متتالية من النتائج والآثار السالبة في مجال دفة ادارة الحكم‚ وكذا في مجال توزيع الثروة‚ وبها تكون الانقاذ قد هدمت بيدها ما بنته من سنين‚ واسقطت الراية التي جمعت لها كل السودان‚ واكدت انها ليست بالنغمة النشاز في تحقيق اهداف منظومة الحكم المتعاقبة على السودان‚ والالتزام بمقرراتها وتقاليدها واعرافها غير المعلنة‚ والمتفق عليها باستحلاب هذا الوطن‚ وايثار الاقربين من الاهل دون الابعدين والولاء قبل الكفاءات‚ ثم تتبع الكتاب التشكيلات الوزارية اللاحقة بعيدا عن المفاصلة ليس بالارقام والنسب وانما بالاسماء ويظهر من قوائم الاسماء الهيمنة الكاملة للاقليم الشمالي على حساب الاقاليم الاخرى‚ وقد علق الكتاب الأسود على هذه المرحلة بالقول: وبعد رحيل د‚ رياك مشار بقيّ بالقصر احد عشر دستوريا احدهم من جنوب الرنك والباقي من شمال الجيلي ليحكموا بلدا امتداده من بورتسودان الى الجنينة‚ ومن غولي الى حلفا والحكم على شيء هو جزء من تصوره‚ فكيف لهذه المجموعة ان تتصور باقي السودان وكم منهم قد اتيحت له الفرصة لرؤية ثلث مساحة السودان ناهيك عن رؤيته كاملا؟ التحالف الاستراتيجي للمهمشين هو الحل 1 - الكتاب الأسود هو منفستو الثورة لكافة المهمشين‚ دون تمييز‚ فقد تبين ان التهميش السياسي والاقتصادي ليس قاصرا على الجنوبيين فحسب‚ وانما يشمل اهل غرب السودان‚ واهل الشرق‚ بل كشف الكتاب الأسود عن حجم التهميش حتى بالنسبة للاقليم الاوسط‚ اكثر من ذلك فقد كشف عن التهميش الذي لحق بقبيلتي المحس والمناصير في الاقليم الشمالي‚ 2 - وقع التهميش من قبل جميع الحكومات منذ الاستقلال وحتى اليوم مع ملاحظة تحسن الوضع قليلا في الديمقراطية الثالثة (1986 - 1989) في عهد حكومة الصادق المهدي‚ وبالطبع لم يكن ذلك منحة او كرما من السيد الصادق وانما انتزع ابناء الغرب (بكري عديل‚ د‚ مادبو‚ ود‚ بشير عمر) هذا الحق بتمردهم على الحزب‚ وقد دفع هؤلاء المتمردون ثمنا باهظا هو وظائفهم في الوزارات والامتيازات‚ ان هذا الامر يعني ببساطة انه من الغفلة بمكان الركون الى الاحزاب التي تسببت في التهميش وهي (الاتحادي‚ الامة‚ والاحزاب الاسلامية «وطني وشعبي»)‚ 3 - حركات التحرير في الجنوب او دارفور والشرق او جبال النوبة جنوب النيل الازرق يجب ان تكون حركات دائمة لمدة (50 سنة)‚ لحين تكوين هوية وشخصية السودان الجديد‚ فالمكاسب يجب ان تحمى بذات ادوات التحرير ومن يرمي سلاحه قبل مضي (50 سنة) تنطبق عليه قصة الراعي الذي استغنى عن ثوبه قبل انتهاء موسم البرد‚ 4 - الحل في التحالف الاستراتيجي لمدة (50 سنة) بين المهمشين في اطار مشروع السودان الجديد لاكمال مهمة التحرير من التهميش وحماية المكاسب من الانتكاسة وتذكروا نقض العهود واسألوا رياك مشار ولام اكول‚
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست