"الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 03:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-14-2004, 01:01 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
"الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!!

    كنت أعد في قراءة خاصة للفريضة الغائبة الحقيقية في عصرنا هذا، ألا وهي "الحوار" والتي أرى أنها فريضة بنص الآية الكريمة " في قوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن}النحل: 125"، وأساءل هنا هل فريضة "الحوار" هذه غائبة أم مغيبة!!! ولماذا!!!
    أثناء بحثي وجدت هذا المقال فرأيت إشراككم في قراءته، و"الحوار" حول ما جاء به.

    "الفريضة الغائبة" أو "مانيفستو" الحركات الجهادية والإرهابية

    ننشر تعقيب الشيخ جمال البنّا على كتاب "الفريضة الغائبة" مرفقاً (على حلقتين) بنص "الفريضة الغائبة" نفسه، الذي كان العقيد عبّود الزمر قد أمر بـ"إعدامه" (أي بأعدام الكتاب) قبل اعتقاله مع رفاقه لأن من كان يقتني الكتاب كان حتماً عضواً في جماعات "الجهاد".أي أن الكتاب كان، بدون قصد، بمثابة بطاقة عضوية "رسمية" في تنظيم سرّي.
    ولا بد من ملاحظة, وهي أن نقطة "التفرقة بين العدو القريب والعدو البعيد" التي ترد في "الفريضة الغائبة"، والتي يشير الشيخ البنّا إلى أهمّيتها، كانت تمثّل الفاصل بين "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" المصريتين من جهة، وخط بن لادن من جهة أخرى. فكانت هاتان الجماعتان تعطيان الأولوية للإطاحة بالنظام المصري، في حين كان بن لادن، وكان لقبه في أدبيات جماعة "الجهاد" هو "المقاول"، يصرّ على قتال الأميركيين أولاً. وقد استمرّت "الجماعة الإسلامية"، على العموم، على خط قتال "العدو القريب"، أي النظام المصري، في حين انحازت جماعة "الجهاد"، بزعامة الظواهري، مرغمةً، إلى دعوة بن لادن بعد أن سحقتها قوى الأمن المصرية وخلافاتها الداخلية. ثم جاءت عملية 11 سبتمبر الإرهابية الكبرى لتجبر كل الجماعات الأصولية في كل أنحاء العالم على الإلتحاق بـ"القاعدة"، بعد أن باتت جميعها عرضة للملاحقة الأميركية. وهكذا نجح بن لادن في وضع يده على الحركة الأصولية في العالم، شاءت أم أبت.
    وفي النهاية، فإن "الفريضة الغائبة" بإيجازه ودقّته قد يكون أهم "مانيفستو" أصدرته الحركة الإسلامية الأصولية في تاريخها كله. ويندر ألا تجد فيه أيا من القضايا النظرية والعملية التي تتّسم بها الحركات الأصولية الإرهابية حالياً.

    بيار عقل
    *

    جماعة الجهاد والجماعات الإسلامية
    وكتاب "الفريضة الغائبة"

    جمال البنا
    اشتهرت جماعة الجهاد عندما نجح خالد الاسلامبولي وزملاؤه في اغتيال السادات رحمه الله وسط حرسه وفي إحدى مناسبات الاحتفال واستعراض القوة.
    وبقدر ما رزق هذا الحدث من إذاعة ونشر لما اتسم به من جرأة وشجاعة و"دراماتيكية"، ولما انتهى إليه من مصرع "آخر فراعنة مصر" وصاحب "الصدمات والتحولات" الخ... بقدر ما ذاع وانتشر الحديث عن جماعة الجهاد .
    وسالت أنهار الصحف أحاديث بعد أحاديث عن هذه الجماعة وشيخها الكفيف عمر عبد الرحمن وكتابها الغامض: "الفريضة الغائبة" الذي اعتُبِرَ وثيقة إعدام السادات ووضعه المهندس محمد عبد السلام فرج .
    ولم يرزق كتاب "الفريضة الغائبة" انتشارا أو ذيوعاً لأن الجماعة نفسها أحرقت نسخ الكتاب، ولم يبق منه إلا نسخ معدودة، ضمت إحداها إلى أوراق التحقيق في قضية اغتيال السادات..
    وتمكن بذلك المحامون من الإطلاع عليه.

    كتاب الفريضة الغائبة

    قدمت إلينا إحدى دور النشر صورة كتاب الفريضة الغائبة المأخوذة من أوراق التحقيق. وطلبت أن نعلق عليه ونشرته في كتاب باسم "الفريضة الغائبة جهاد السيف أم جهاد العقل".
    وتعرض تعليقنا عندما طبع لمضايقات، أدت إلى حذف الكثير منه، وظهرت أثار ذلك في عدم انتظام السياق، وما تخلل الصفحات من بياض..
    وقلنا في مقدمة الكتاب:
    "غفر الله لصاحب "الفريضة الغائبة". لقد أحاطت به وتحكمت فيه فتنة يضل فيها العليم، ويضيق بها الحليم، وتَنبَهِم فيها المعالم، وتنمحي المراسم.. فلا عجب إذا زلت الأقلام وطاشت الأحلام" .
    ومن قبل، قَتَلَ لفيف من المسلمين "عثمان" وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً، وكفروا عليا، وهو من هو، وتقربوا إلى الله بدمه! ..
    وقد كان العهد قريباً بالنبي، والقرآن غضا طريا، والألفة والمحبة أقرب إليهم وأمثل بهم..
    ومن أجل هذا فإننا كرجال فكر نتصفح التاريخ، ونستعرض الأحداث في القديم والحديث لا نرى فيما رآه صاحب الفريضة الغائبة، وما انتهى إليه إلا فصلاً من مأساة التعقيد الاجتماعي عندما تتراكم الأخطاء، وتتشابك التصرفات من حل سقيم أو إرجاء عقيم.
    ولا يعد هناك إلا القطع..
    ونحن نعذره، ونلتمس له المغفرة، ولا نرى فيما ذهب إليه فكره – على خطئه – شراً محضاً، ولا في سبيله – على شططه – سوءا خالصاً.
    وإن كنا نختلف معه جملة وتفصيلاً، ونؤمن أنه لو قدر له ولجماعته النصر لاستحلوا دماء كل معارض، ولأخرسوا أصوات كل مخالف ولما رأوا فيه إلا فاجراً كفاراً.
    ولكننا نستلهم الإسلام وتوجيهه: "صِل مَن قطعك، وأحسِن إلى من أساء إليك".
    كما نؤمن بحرية الفكر، وحق كل كاتب في أن يكتب ما يمليه فكره كائنا ما كان". انتهى ..
    وليس في كتاب الفريضة الغائبة إلا القليل جدا الذي يعد جديداً على فكر جماعات الرفض فهو يضم – تقريباً – مقدمة وثلاثة فصول ..
    ففي المقدمة يشير الكتاب إلى أهمية الجهاد وأنه: "السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الإسلام من جديد" وأن: "طواغيت هذه الأرض لن تزول إلا بقوة السيف" وأن الإسلام مقبل، وأنه سيفتح روما كما فتح القسطنطينية".
    وتبدأ الفصول وهي باختصار:

    الفصل الأول :

    يعالج الفصل الأول "إقامة الدولة الإسلامية" وهذه الإقامة "فرض أنكره بعض المسلمين وتغافل عنه البعض" والكتاب يثبت وجوب إقامتها بأن الدولة الإسلامية هي أداة الحكم بما أنزل الله وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولا خلاف في أن الحكم بما أنزل الله واجب..
    ويرى الكاتب أن إعلان الخلافة الإسلامية يعتمد على وجود النواة وهي الدولة الإسلامية. ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
    ويتساءل الكاتب "هل نحن نعيش في دولة إسلامية"، ويرد بفتوى للإمام أبى حنيفة وبعض أصحابه حول دار الإسلام ودار الكفر، ويجزم بأن "الأحكام التي تعلو المسلمين هي أحكام الكفر، وضعها كفار وسيّروا عليها المسلمين". وأن حكام المسلمين في ردة عن الإسلام "لأنهم تربوا على موائد الاستعمار سواء الصليبية أو الشيوعية أو الصهيونية، فهم لا يحملون من الإسلام إلا الأسماء، وإن صلوا وصاموا وادّعوا أنهم مسلمون، وقد استقرت السُنة على أن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي. وأن علماء المسلمين قد اتفقوا على أن الطائفة إن امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة وصيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق.." .
    ويجرى الكاتب مقارنة بين التتار وحكام اليوم يستشهد فيها بكلام لابن تيمية في هذا الصدد. بل هو يورد مجموعة فتاوى لابن تيمية في هذا الصدد تتضمن حكم مساعدتهم، وحكم الجنود المسلمين الذين يرفضون الخدمة في جيش التتار، وحكم أموالهم، وحكم قتالهم، وأن قتالهم ليس قتال وَحُكمُ من والاهم من المسلمين، وَحُكمُ من يخرج للقتال في صفهم مكرهاً الخ ...

    الفصل الثاني :

    يعرض الفصل الثاني ("آراء وأهواء") بعض الآراء "لإزالة هؤلاء الحكام وإقامة حكم الله" ويفندها. فهناك من يرى إقامة الجمعيات الخيرية، أو يفضل الانشغال بالطاعة والتربية وكثرة العبادة، أو إنشاء حزب إسلامي، أو الاجتهاد للحصول على المناصب بحيث تملأ المراكز بالطبيب المسلم والمهندس المسلم الخ. ومنهم من يقول إن الطريق لإقامة الدولة هي الدعوة فقط وإقامة قاعدة عريضة، وهناك من يرى الهجرة أو الانشغال بطلب العلم.
    والكاتب يفند هذه المذاهب كلها بمختلف التأويلات.

    الفصل الثالث :

    يدلل الفصل الثالث على أن "أمة الإسلام تختلف عن الأمم الأخرى في أمر القتال"، ومفتاح الفصل أن "هذه الأمة تختلف عن الأمم الأخرى في أمر القتال. ففي الأمم السابقة كان الله سبحانه وتعالى ينزل عذابه على الكفار وأعداء دينه بالسنن الكونية، كالخسف والغرق والصيحة والريح. وهذا الوضع يختلف مع أمة محمد، فالله سبحانه وتعالى يخاطبهم قائلاً لهم (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) {14 التوبة}. أي أن على المسلم أولاً أن ينفذ الأمر بالقتال بيده، ثم بعد ذلك يتدخل الله سبحانه وتعالى بالسنن الكونية، وبذلك يتحقق النصر على أيدي المؤمنين من عند الله سبحانه وتعالى.
    وبصدد تفصيل ذلك، يشير الكتاب إلى "الخروج على الحاكم" وهو يستشهد بما ذهب إليه ابن تيمية "كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين". ثم يناقش الفصل نقطة هامة هي "التفرقة بين العدو القريب والعدو البعيد" – وبعبارة أخرى أيهما أولى بأن توجه إليه الحرب أولاً الاستعمار أو الذين يحكمون بغير ما أنزل الله؟ وهو يرى الثاني. ويرد على من يقول "إن الجهاد في الإسلام للدفاع فقط" وإن الإسلام لم ينتشر بالسيف ويرى أنه "قول باطل" ويستدل على ذلك بخطابات النبي إلى الملوك وكذلك بآية السيف التي نسخت 114 آية من آيات الموادعة والصفح والسماح.
    ويفند الفصل بعض الدعاوى التي تثبط عن القتال كدعوى أننا نعيش في مجتمع مكي، ويرى أن "القتال الآن فرض على كل مسلم" وأن الجهاد مراتب وليس مراحل. أما خشية الفشل فإن الله تعالى يعدنا بالنصر وادعاء عدم وجود القيادة يُْسَتدْرَك بأن توكل إلى الأحسن إسلاماً.
    * * *
    من هذا العرض لكتاب "الفريضة الغائبة" يتضح أنه ليس فيه جديد عن مفهوم جماعات الرافضة الجديدة..
    فهو – مثلاً – يهيم بالخلافة ويرى أنها ركن من أركان الإسلام. "فمن مات وليس في عنقه بيعه مات ميته جاهلية".
    والكتاب يكفّر المجتمع الحديث كبقية جماعات الرفض..
    ويرفض صور العمل الإسلامي البديلة كإقامة الجمعيات الخيرية، أو التربية الخ...
    وهذا ما انتهى إليه قبلهم حزب التحرير.
    وربما كان الجديد في الفريضة الغائبة هو تعميق قضية "الخروج" على الحاكم، وأن "الحكام المسلمين أولى بالقتال من المستعمرين".
    ولا يتسع المجال لتفنيد هذه الدعاوى، فهذا ما قمنا به في الكتاب، وحسبنا الإشارة إلى النقطة الرئيسية في جماعات الجهاد، وهي "الجهاد".
    فحتى لو قصرنا التعبير على أضيق معانيه وهو "القتال" ..
    فهل يُتَصوّر استخدام القتال للقضاء على الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله ! .
    هل سيمكن لأي هيئة أن تؤسس جيشا كجيش الدولة فيه دبابات ومدافع وطائرات ؟! .
    أو هل سيأخذ القتال شكل الاغتيالات؟.
    إن أي دارس لتاريخ الحركات السياسية يتبين استحالة تكوين جيش. ويتبين كذلك عقم أسلوب الاغتيالات.
    "فالقتال" لا يجدي كأسلوب في اقتلاع الحكام البغاة.
    وإذا أرادوا أن يتجهوا بقتالهم نحو الكفرة، وأن يفتحوا روما.
    فهل سيمكنهم تحقيق الانتصار بالسيف في عصر الصواريخ والطائرات الخ، إذا أرادوا حقا الانتصار فعليهم أن يدرسوا "التكنولوجيا" الحديثة، وأن يعكفوا عليها.
    وعليهم أن يعلموا أن النصوص وحدها والعكوف عليها دون العمل لن تفيدهم فتيلاً، وإنما تفيدهم علوم واكتشافات الأوربيين والأمريكان الكفرة وأهل الجاهلية.
    * * *
    مع إن هذه الكلمات المحدودة تكفي لنسف فكر جماعة الجهاد، فإن الجماعة واصلت البقاء!.
    واكتسب شيخها (الشيخ عمر عبد الرحمن) الذي أفلت من قضية اغتيال السادات شهرة مدوية.
    لأن العملية عملية مناخ يتغذى على الأخطاء.
    ولأن فساد النظم لا يقل عن فساد الأفكار.
    وما ظلت النظم الحاكمة الفاسدة، تتسلح بالإرهاب والديكتاتورية فستظهر أمثال دعوات الرفض على اختلاف صورها.
    رغم ما تتسم به من بطلان لأنها رد فعل للفساد، والفساد لا يولد إلا فساداً.
    * * *
    أدى فرار جزء كبير من قيادات الجهاد إلى الخارج والمحاكمات التي غيبت معظم القادة الذين لم يتيسر لهم الفرار، وما تلا ذلك كله من تطورات إلى أن تستقل مجموعة وتحمل إسم "الجماعة الإسلامية" معظم قيادتها ممن فر إلى الخارج وتعاون فصيل منها مع بن لادن في مقاومته للغزو السوفيتي لأفغانستان وتحريرها منه كما اشترك فصيل آخر في البوسنة والهرسك، بينما ظل فريق محدود يعمل "تحت الأرض".
    وليس هناك فرق بين جماعة الجهاد التي قامت باغتيال السادات، وبين الجماعة الإسلامية والقاسم الرئيسي بينهما هو فكرة الجهاد ورفض النظم القائمة المستمدة من فكرة سيد قطب عن الجهاد بالدرجة الأولى.
    وجاء في "ميثاق العمل الإسلامي" الذي وضعته الجماعة الإسلامية :
    أن الإسلام جاء ليدخل الخلق كلهم في دين الله تعالى وشرعه (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ).
    وجاء أيضاً ليمحو الشرك في كل صوره من فوق ظهر الأرض "حتى يعبد الله وحده لا شريك له" كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
    نعم كان القتال دعوة للتوحيد بنص حديث رسول الله "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله".
    كان القتال دعوة للتوحيد لأن الإمبراطوريات والممالك أبت بسلطانها ونفوذها أن تسمح لدعوة التوحيد ودعاته بالنفاذ إلى أرض الله وخلق الله بحجة أن هذه أرضها هي، وهؤلاء رعاياها، فكان لابد من القتال.
    وكان القتال سحقا للشرك بإزالة هذه الطواغيت التي علت تلك المجتمعات حاكمة آمرة ناهية، تشرع للناس وتحمل الناس على التحاكم لشرعتها وتجبرهم لها رغبة ورهبة.
    كان لابد من القتال لإزالة كل سلطان يُعبَد من دون الله، لإزالة كل سلطان يقف في وجه دعوة الإسلام، لإزالة كل سلطان يأبى أن يدخل في دين الله ويستكبر ويرفض أن يذعن ويدفع الجزية، ويصر على أن يعلو ويهيمن.
    كان لابد من القتال، لإزالة الفتنة وسحق الشرك، وإعلاء شرع الله (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ).
    إن أحد لم يخلق من دون الله. وإن أحداً لم يخلق مع الله. لذا فإنه ليس من حق أحد أن يشرع من دون الله. ليس من حق أحد أن يشرع مع الله. قال ابن تيمية "ليس لأحد أن يحكم بين أحد من خلق الله، لا بين المسلمين، ولا الكفار. إلا بحكم الله ورسوله".
    "إن الناس لم يخلقوا الأرض التي عليها يحيون وعليها تقوم مجتمعاتهم، لذا فإنه ليس من حقهم أن يهيمنوا أو يهيمن بعضهم ليشرع ويحكم ويأمر وينهي من دون الله"
    إننا كمسلمين – مأمورون أن لا ندع أي طائفة على وجه الأرض تحكم الناس بغير شرع الله، فمن أبى ذلك ورفض الإذعان قاتلناه.
    يقولون: هذه وصاية منكم على البشرية!!.. نقول: هذه وصاية شرع الله ودينه على أرض الله وخلقه، نحن مأمورون بتحقيقها لصالح البشرية بوصفنا خير أمة أخرجت للناس.
    إن الإسلام ليس مجرد عقيدة في القلب فقط حتى نقنع بحكايتها باللسان والدفاع عنها بالقلم والبرهان ثم نمضى قائلين:"فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ". لا، هذا فهم أعوج مبتور. إن الإسلام منهج حياة، إنه شرع الله الذي جاء ليسيِّر حياة الخلق. لذا فنحن لا نكتفي بخطبة أو موعظة نقول فيها "عقيدتنا" وندافع عنها وكفى. كما أنا لا نقنع بحلقة علم نعُلم فيها أو نتعلم بعض المناسك والشعائر وكفى. بل لابد وأن ننطلق بهذا الدين دعوة باللسان، وحجة بالبيان، ودعوة بالحسنى، وجهاداً بالسيف. أما اللسان والبيان والحسنى فللقلوب والعقول، فإن آمنت فيها ونعمت، وإن أبت فالجزية والصغار وعلو أحكام الإسلام على الديار، فإن امتنعت واستكبرت وعاندت ولم تسلم لنا القيادة فالسيف السيف. حتى تنزاح هذه الطواغيت، وبعد ذلك نقول(فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر).
    وركاكة وطفولية هذا التفكير، وأنه ليس إلا عاطفة جامحة، هو مما لا نجد أنفسنا في حاجة لتفنيده، لا من الناحية الأصولية ولا من الناحية العملية والمنطقية. ويكفي فحسب أن يقول أنهم عكسوا مقصد الشريعة من الجهاد.
    ****
    ونتيجة لاستسلامهم لهذا الفهم السقيم، ولأن القضية أصبحت عداوة ما بين السلطة وبينهم، فإنهم تورطوا في عمليات اغتيال وتدمير لم تثمر إلا في تشديد القبضة وإصدار الأحكام بالسجن أو الإعدام عليهم وختموا هذه التصرفات الطائشة بمذبحة الأقصر التي قتل فيها أكثر من خمسين سائحاً أوربيا بريئا جاءوا ليشهدوا عظمة المصريين القدماء فقضت عليهم خِسّةُ فئة ضالة نسبت نفسها إلى مصر والإسلام وهما منهم براء.
    إن الدوي الذي أثارته هذه المذبحة، وحقيقة أن ضحاياها لا علاقة لهم بالإسلام أو الصراع الدائر ما بين الإسلاميين والحكومة، والإساءة الكبرى التي أوجدتها لمصر واقتصادها، جعلت زعماء هذه الحركة الذين كانوا يقضون السنوات التي حكم عليهم بها يعيدون النظر. وهكذا بعد عشرين عاماً من الضلال والتهور انتهوا إلى خطأ اجتهاداتهم وأعلنوا ما أطلق عليه "مبادرة وقف العنف".
    ففي الخامس من يوليو سنة 1997 وأثناء نظر القضية العسكرية 235 فوجئ الحاضرون بأحد الإخوة المتهمين في هذه القضية وهو يقف في مواجهة رجال الإعلام ليلقي بيانا مذيلا بتوقيع القادة التاريخيين للجماعة الإسلامية يدعو الإخوة لإيقاف العمليات القتالية وحقن الدماء.
    وكانت هذه المبادرة من طرف واحد، وقيل أن الشيخ عمر عبد الرحمن أرسل يؤيدها من محبسه في أمريكا وقيل إن آخرين عارضوها، كما أحاطت بها بعض الشبهات في الداخل. وأصدر "القادة التاريخيون" كما أطلق عليهم عدداً من الكتيبات شرحوا فيها وجهة نظرهم الجديدة تحت عنوان "سلسلة تصحيح المفاهيم" ضمّت:
    1. مبادرة وقف العنف رؤية واقعية ونظرية وشرعية.
    2. النصح والتبين في تصحيح مفاهيم المحتسبين.
    3. تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء.
    4. الغلو في الدين وتكفير المسلمين.
    وألفها أسامة إبراهيم حافظ، وعاصم عبد الماجد، وعلي محمد على الشريف وحمدي عبد الرحمن عبد العظيم وناجح إبراهيم عبد الله. وراجعها وأقرها كرم محمد زهدي، أسامة إبراهيم حافظ، فؤاد محمود الدواليبي، عاصم عبد الماجد محمد، ومحمد عصام الدين دربالة.
    وكل واحد في حدود 160 صفحة من القطع المتوسط.
    ولا جدال أن هذه خطوة سليمة، فالرجوع إلى الحق فضيلة، ولكن ما لاحظناه أنهم استندوا إلى أقاويل الفقهاء والسلف في دعم اتجاههم الجديد. وقد كان أفضل شيء تبيّنهم أن الجهاد ليس وسيلة لأسلمه العالم أو توصيل دعوة الإسلام إليه، كما زعم سيد قطب. ومع هذا فإنهم ما ظلوا يعتمدون على المراجع التراثية التقليدية، ولا يستهدفون العلم والمنطق، فهناك احتمال أن يجدوا في أقوال السلف والفقهاء وما يمكن أن يضلهم مرة أخرى.
                  

10-14-2004, 03:49 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!! (Re: nadus2000)

    الجهاد

    الفريضة الغائبة

    بقلم

    محمد عبد السلام فرج



    (الجزء الثاني)

    بسم الله الرحمن الرحيم


    بيان أن أمة الإسلام تختلف عن الأمم الأخرى

    في أمر القتال


    يوضح الله تعالى أن هذه الأمة تختلف عن الأمم الأخرى في أمر القتال ففي الأمم السابقة كان الله سبحانه وتعالى ينزل عذابه على الكفار وأعداء دينه بالسنن الكونية كالخسف والغرق والصيحة والريح .. وهذا الوضع يختلف مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالله سبحانه وتعالى يخاطبهم قائلاً لهم: « قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين « التوبة: 14 أي أنه على المسلم أولاً أن ينفذ الأمر بالقتال بيده ثم بعد ذلك يتدخل الله سبحانه وتعالى بالسنن الكونية وبذلك يتحقق النصر على أيدي المؤمنين من عند الله سبحانه وتعالى.

    الخروج على الحاكم

    جاء في صحيح مسلم بشرح النووي عن جنادة بن أبي أُمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان. ( كفراً بواحاً): أي ظاهراً والمراد بالكفر هنا المعاصي، عندكم فيه من الله برهان: أي تعلمونه من دين الله (. ويقول النووي في شرح الحديث: قال القاضي عياض أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل، قال وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها وكذلك قال عند جمهورهم البدعة، قال: وقال بعض البصريين تنعقد له وتستدام له لأنه متأول، قال القاضي: فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر. انتهى 12/229 وهذا الباب هو أيضاً رد على القائلين بأنه لا يجوز القتال إلا تحت خليفة أو أمير . ويقول ابن تيمية: ( كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين ). مجموع الفتاوي 28/510 .


    العدو القريب والعدو البعيد

    وهناك قول بأن ميدان الجهاد اليوم هو تحرير القدس كأرض مقدسة والحقيقة أن تحرير الأراضي المقدسة أمر شرعي واجب على كل مسلم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن بأنه كيس فطن أي أنه يعرف ما ينفع وما يضر ويقدم الحلول الحاسمة الجذرية وهذه نقطة تستلزم توضيح الآتي:

    أولاً: إن قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد .

    ثانياً: إن دماء المسلمين ستنزف حتى وإن تحقق النصر .. فالسؤال الآن هل هذا النصر لصالح الدولة الإسلامية القائمة؟ أم أن هذا النصر هو لصالح الحكم الكافر وهو تثبيت لأركان الدولة الخارجة عن شرع الله .. وهؤلاء الحكام إنما ينتهزون فرصة أفكار هؤلاء المسلمين الوطنية في تحقيق أغراضهم غير الإسلامية وإن كان ظاهرها الإسلام فالقتال يجب أن يكون تحت راية مسلمة وقيادة مسلمة ولا خلاف في ذلك.

    ثالثاً: إن أساس وجود الاستعمار في بلاد الإسلام هم هؤلاء الحكام فالبدء بالقضاء على الاستعمار هو عمل غير مجدٍ وغير مفيد وما هو إلا مضيعة للوقت، فعلينا أن نركز على قضيتنا الإسلامية وهي إقامة شرع الله أولاً في بلادنا وجعل كلمة الله هي العليا، فلاشك أن ميدان الجهاد الأول هو اقتلاع تلك القيادات الكافرة واستبدالها بالنظام الإسلامي الكامل ومن هنا تكون الانطلاقة.

    الرد على من يقول أن الجهاد في الإسلام للدفاع فقط

    ويجدر بنا في هذا الصدد الرد على من قال إن الجهاد في الإسلام للدفاع وإن الإسلام لم ينتشر بالسيف وهذا قول باطل ردده عدد كبير ممن يبرز في مجال الدعوة الإسلامية والصواب يجيب عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل ( أي الجهاد في سبيل الله ) قال: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) . هذا الحديث في الصحيحين ومسند الإمام أحمد عن أبي موسى، فالقتال في الإسلام هو لرفع كلمة الله في الأرض سواء هجوماً أو دفاعاً، والإسلام انتشر بالسيف ولكن في وجه أئمة الكفر الذين حجبوه عن البشر، وبعد ذلك لا يكره أحد .. فواجب على المسلمين أن يرفعوا السيوف في وجوه القادة الذي يحجبون الحق ويظهرون الباطل وإلا لن يصل الحق إلى قلوب الناس. واقرأ معي رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ... عن ابن عباس في صحيح البخاري. ونصها:

    بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى ... أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، واسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون. وتضيف نص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ايضاً: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك. وأخرج البيهقي نص رسالة الرسول إلى أهل نجران وهي: باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران .. سلام عليكم فإني أحمد إليكم إله اسحاق ويعقوب، أما بعد: فإني أدعوك إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد .. فإن أبيتم فالجزية .. فإن أبيتم فقد آذنتكم بالحرب .. والسلام. وقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسائل مشابهة إلى المقوقس وإلى ملك اليمامة وإلى المنذر بن ساوى عظيم البحرين وإلى الحارث بن أبي شمر الغسانى وإلى الحارث بن عبد كلال الحميري وإلى ملك عمان وغيرهم.

    آية السيف

    ولقد تكلم أغلب المفسرين في آية من آيات القرآن وسموها آية السيف، وهي قول الله سبحانه وتعالى: « فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد « التوبة } الآية:5{

    قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: ( قال الضحاك بن مزاحم: أنها نسخت كل عهد بين النبي « وبين أحد من المشركين وكل عقد وكل مدة وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت براءة.
    ويقول الحافظ محمد بن أحمد بن جزي الكلبي صاحب تفسير التسهيل لعلوم التنزيل: ( ونجد هنا ما جاء من نسخ مسألة الكفار والعفو عنهم والإعراض والصبر على أذاهم بالأمر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه فإنه وقع منه في القرآن مائة وأربع عشرة آية من أربع وخمسين سورة نسخ ذلك كله بقوله « .. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..» « كتب عليكم القتال ..» .

    وقال الحسين بن فضل فيها: آية السيف هذه نسخت كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء، فالعجب ممن يستدل بالآيات المنسوخة على ترك القتال والجهاد، وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن حزم في الناسخ والمنسوخ } باب الإعراض عن المشركين { : في مائة وأربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة، نسخ الكل بقوله عز وجل « .. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..» سنذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى. ويقول الإمام المحقق أبو القاسم هبة الله بن سلامة: « .. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..» الآية الخامسة من سورة التوبة وهي ناسخة ولكن نسخت من القرآن مائة آية وأربعة وعشرين ثم صار آخرها ناسخاً لأولها وهي قوله تعالى:

    « . . فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ..» . كتاب الناسخ والمنسوخ .


    فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب

    وقال السدي والضحاك: إن آية السيف منسوخة بآية « فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداء « محمد: 4 وهي أشد على المشركين من آية السيف وقال قتادة: بالعكس ولا أعلم أحد خالف القول بالمنسوخ سوى السيوطي قال في كتاب الإتقان: الأمر حين الضعف والقلة بالصبر والصفح ، ثم نسخ بإيجاب القتال وهذا في الحقيقة ليس نسخاً بل هو من قسم المنسأ كما قال تعالى: « أو ننسأها « فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوي المسلمون، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية في ذلك منسوخة بآية السيف وليس كذلك بل هي من المنسأ وقال مكي: ذكر جماعة أن ما ورد من الخطاب مشعراً بالتوقيت والغاية مثل قوله تعالى « فاعفو واصفحوا حتى يأتي الله بأمره « البقرة 109. محكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل. انتهى كلام السيوطي. وبالرغم من مخالفة السيوطي لكل الأقوال السابقة مما لا يدع مجالاً للشك بأن الصواب هو الأخذ بالقول الأول، فبالإضافة إلى ذلك فإنه قد أخطأ من فهم أن القول بعدم نسخ آيات العفو والصفح يعني فريضتي الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإسقاط فرض الجهاد فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة ) ويقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف في كتاب علم أصول الفقه ص 277 فإن كونه ماضياً إلى يوم القيامة يدل على أنه باقٍ ما بقيت الدنيا، وتعطيل الجهاد بحجة النسأ ليس إيقاف للغزو فقط ولكنه إيقاف لنية الغزو أيضاً وخطورة ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ( من لم يغزو أو تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية) رواه مسلم عن أبي هريرة. والأمر المتفق عليه أن المسلمين كي يجاهدوا لابد لهم من قوة ولكن كيف تتحقق هذه القوة وأنت معطل لفرض الجهاد والله سبحانه وتعالى يقول: « ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم ..» التوبة: 46. فكونك لا تريد الخروج يتلوه ترك للعدة فالمسلم الذي أوقف فرض الجهاد كيف له أن يأخذ بأسباب القوة؟

    ويقول « ( إذا ضن الناس بالدرهم والدينار، وتبايعوا بالعينة، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، وأخذوا أذناب البقر أنزل الله عليهم من السماء بلاء فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم ). رواه الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما.

    مواقف المسلمين في القتال

    جيوش المسلمين على مر العصور قليلي العدد والعدة، وكانوا يواجهون جيوشاً أضعافهم ويحتج البعض بأن تلك خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام. والرد على ذلك هو أن وعد الله بالنصر دائم مادامت السماوات والأرض، ومن الممكن أن تتطلع على ما حدث مع ظهير الدين بابر الذي واجه الملك الهندوكي( دانا سنجي ) وجيشه عشرون ألفاً فقط وجيش الملك الهندوكي مائتا ألف، وانتصر القائد المسلم بعد توبته عن شرب الخمر .. وغيره كثيرون.

    وهناك من يدعي أننا نعيش في مجتمع مكي مجتهداً في ذلك كي يحصل على رخصة بترك الجهاد في سبيل الله، فإن من يضع نفسه في مجتمع مكي لكي يترك فريضة الجهاد فعليه أن يترك الصوم والصلاة، وأن يأكل الربا لأن الربا لم يحرم إلا في المدينة... والصواب هو أن مكة هي فترة نشأة الدعوة ، ويقول الله سبحانه وتعالى: « ..اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً..» المائدة: 3 وهذه الآيات قد نسخت كل هذه الأفكار النمطية بحجة أننا مكيون، فنحن لا نبدأ كما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نأخذ بما انتهى إليه الشرع .. ونحن لسنا في مجتمع مكي ولسنا أيضاً في مجتمع مدني ولكي تعرف المجتمع الذي نعيش فيه راجع فصل ( الدار التي نعيش فيها ) .

    القتال الآن فرض على كل مسلم

    والله سبحانه وتعالى عندما فرض الصيام قال « .. كتب عليك الصيام ..» البقرة:183 وفي أمر القتال قال « كتب عليكم القتال ..» أي أن القتال فرض وذلك رد على من قال أن الفرض هو الجهاد، ومن هنا يقول أنني إذا قمت بواجب الدعوة فقد أديت الفرض لأن ذلك جهاد، وإذا خرجت في طلب العلم فأنا في سبيل الله حتى أرجع بنص الحديث فبذلك قد أديت الفرض. فالغرض واضح بالنص القرآني أن القتال هو المواجهة والدم. والسؤال الآن: متى يكون الجهاد فرض عين؟ … يتعين الجهاد في ثلاثة مواضع:

    أولاً - إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حُرم على من حضر الانصراف وتعين عليهم المقام لقوله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار « الأنفال: 15 .

    ثانياً - إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم.

    ثالثاً - إذا استنفر الإمام قوماً لَزمهُم النفير لقوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير « التوبة: 38-39 . وقال « ( إذا استُنفِرتُم فانفروا ) . . . انتهى.

    وبالنسبة للأقطار الإسلامية فإن العدو يقيم في ديارهم ... بل أصبح العدو يمتلك زمام الأمور وذلك العدو هم هؤلاء الحكام الذين انتزعوا قيادة المسلمين ومن هنا فجهادهم فرض عين، هذا بالإضافة إلى أن الجهاد الإسلامي اليوم يحتاج إلى قطرة عرق كل مسلم.

    واعلم أنه إذا كان الجهاد فرض عين فليس هناك استئذان للوالدين في الخروج للجهاد كما قال الفقهاء فمثله كمثل الصلاة والصوم.

    مراتب الجهاد وليس مراحل الجهاد

    الواضح أن الجهاد اليوم فرض علي كل مسلم وبالرغم من ذلك نجد أن هناك من يحتج بأنه يحتاج إلى تربية نفسه، وأن الجهاد مراحل وأنه مازال في مرحلة جهاد النفس ويستدل على ذلك بقول الإمام ابن القيم .. الذي قسم الجهاد إلى مراتب:

    1- جهاد النفس.

    2- جهاد الشيطان.

    3- جهاد الكفار والمنافقين.

    وهذا الاستدلال ينبئ من خلفه إما عن جهل كامن أو جبن فاحش ذلك لأن ابن القيم قسم الجهاد إلى مراتب ولم يقسمه إلى مراحل، وإلا فعلينا أن نتوقف عن مجاهدة الشيطان حتى ننتهي من مرحلة جهاد النفس، والحقيقة أن الثلاثة مراتب تسير سوياً في خط مستقيم ونحن لا ننكر أن أقوانا إيماناً وأكثرنا مجاهدة لنفسه أكثرنا ثباتاً، ولكن من يدرس السيرة يجد أنه عندما ينادي منادي الجهاد كان الجميع ينفر في سبيل الله حتى مرتكبي الكبيرة وحديثي العهد بالإسلام، ويروي أن رجلاً أسلم أثناء القتال ونزل في المعركة فسقط شهيداً فقال صلى الله عليه وسلم: ( عملٌ قليل وأجرٌ كبير ). وقصة أبي محجن الثقفي الذي كان يدمن الخمر وبلاؤه في حرب فارس مشهور، وذكر ابن القيم أن حديث ( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر .. قيل ما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال: جهاد النفس )، إنه حديث موضوع } المنار المنيف { وما قُصد بوضع هذا الحديث إلا التقليل من شأن القتال بالسيف لشغل المسلمين عن قتال الكفار والمنافقين.

    خشية الفشل

    وهناك من قال بأننا نخشى أن نقيم الدولة ثم بعد يوم أو يومين يحدث رد فعل مضاد يقضي على كل ما أنجزناه. والرد على ذلك هو أن إقامة الدولة الإسلامية هو تنفيذ لأمر الله ولسنا مطالبون بالنتائج والذي يتشدق بهذا القول الذي لا فائدة من ورائه إلا تثبيط المسلمين عن تأدية واجبهم الشرعي بإقامة شرع الله قد نسى أنه بمجرد سقوط الحكم الكافر فكل شيء سوف يصبح بأيدي المسلمين بما يستحيل معه سقوط الدولة المسلمة ثم إن قوانين الإسلام ليست قاصرة ولا ضعيفة عن إخضاع كل مفسد في الأرض خارج عن أمر الله. وبالإضافة إلى ذلك فإن قوانين الله كلها عدل ولن تجد سوى كل ترحاب حتى ممن لا يعرف الإسلام، ولتوضيح موقف المنافقين في عدائهم للمسلمين يطمئن الذين يخشون الفشل بقول المولى عز وجل « ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون، لئِن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئِن نصروهم لَيُوَلُّنَّ الأدبار ثم لا يُنصرون « الحشر:11-12، وهذا وعد الله فإنهم ( المنافقين ) إذا رأوا أن القوة في صف الإسلام سوف يعودون مذعنين فلا تنخدع لهذه الأصوات فإنه سرعان ما تخمد وتنطفئ، وموقف المنافقين سوف يكون موقف كل أعداء الإسلام ويقول الله تعالى: « إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم « محمد:7

    القيادة

    وهناك من يحتج بعدم وجود قيادة تقود مسيرة الجهاد، وهناك من يعلق أمر الجهاد على وجود أمير أو خليفة، والقائلون لهذا القول هم الذين ضيعوا القيادة، وأوقفوا مسيرة الجهاد، والرسول صلى الله عليه وسلم يحض المسلمين في أحاديثه على تكوين القيادات ... يروي أبو داود في كتاب الجهاد قال: قال « : ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ). ومن هنا ندرك أن قيادة المسلمين بأيديهم هم الذين يظهرونها ويقول « ( من استعمل على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين ) رواه الحاكم واشار السيوطي إلى صحته. فينبغي أن تكون للأحسن إسلاماً ويقول « لأبي ذر ( إنك ضعيف وإنها أمانة ) وينبغي أن تكون للأقوى والأمر نسبي .. فليس هناك حجة لمن يدعي فقدان القيادة فإنهم يستطيعون أن يخرجوا من أنفسهم القيادة، وإذا كان في القيادة شيء من القصور فما من شيء إلا ويمكن اكتسابه ... أما أن تُفقد بحجة فقدان القيادة فهذا لا يجوز، فقد نجد فقيهاً ولكن ليس عالماً بأحوال الزمان والقيادة والتنظيم وقد نجد العكس ولكن هذا لا يعفينا من إيجاد القيادة وأن نخرج أنسبنا لقيادتنا في وجود الشورى، والنواقص يمكن استكمالها .. والآن لم تعد هناك حجة لمسلم في ترك فريضة الجهاد الملقاة على عاتقه، فلا بد من البدء وبكل جهد في تنظيم عملية الجهاد لإعادة الإسلام لهذه الأمة وإقامة الدولة واستئصال طواغيت لا يزيدون عن كونهم بشر لم يجدوا أمامهم من يقنعهم بأمر الله سبحانه وتعالى.

    البيعة على القتال والموت

    أخرج البخاري عن سلمة رضي الله عنه قال: بايعت النبي « ثم عدلت إلى ظل شجرة فلما خَفَّ الناس قال: يا ابن الأكوع ألا تبايع؟ فقلت: بايعت يا رسول الله، قال أيضاً: فبايعته الثانية فقلت له يا أبا سلمة على أي شيء كنتم يومئذ تبايعون؟ قال: على الموت .. أخرجه أيضاً مسلم والترمذي .. وأخرج البخاري أيضاً عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: ( لما كان زمن الحرة أتاه آت فقال: إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت فقال: لا أبايع على هذا أحداً بعد رسول الله « ) أخرجه أيضاً مسلم والبيهقي. والرواية السابقة تُفيد جواز البيعة على الموت ولسنا بصدد دراسة موقف عبد الله بن زيد وهناك فارق بين بيعة الموت والبيعة المطلقة للخليفة فقط، وليس معنى ذلك أن أمير الجهاد لا يطاع فقد قال رسول الله « : ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني ) . متفق عليه. وعن ابن عباس في قوله تعالى: « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم .. « النساء: 59 نزلت في عبد الله بن حذافة بعثه رسول الله في سرية ( أي كان أمير جهاد ) .

    التحريض على القتال في سبيل الله

    ولا يجب على المسلم إلا أن يعد نفسه للجهاد في سبيل الله ... والرسول « يقول: ( تضمّن الله لمن خرج في سبيله لا يُخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمانٌ بي وتصديقٌ برسلي فهو ضامنٌ أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجرٍ أو غنيمة..) رواه مسلم عن أبي هريرة. ويقول « : ( من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ). رواه مسلم عن سهل بن حنيف. وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد قال: لا أجده. فقال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم فلا تفتر وتصوم فلا تفطر؟ فقال: ومن يستطيع ذلك. رواه البخاري. وقال أبو هريرة: إن فرس المجاهد ليمتن ( يتحرك ) في طوله يكتب له حسنات.. رواه البخاري. ويقول « : ( إن للشهيد عند الله ست خصال .. أن يُغفر له في أول دفقة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلى حلة الإيمان، ويُزوج من الحور العين ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار … ويُشفّع في سبعين من أقاربه ). رواه الترمذي وصححه.

    عقوبة ترك الجهاد

    ترك الجهاد هو السبب فيما يعيش فيه المسلمون اليوم من ذل ومهانة وتفرق وتمزق فقد صدق فيهم قول المولى عز وجل: « يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير « التوبة: 38-39

    ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآيات: هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول الله « في غزوة تبوك حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر وحمارة القيظ فقال تعالى: « يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله ...» أي إذا دُعِيتُم إلى الجهاد في سبيل الله « اثاقلتم إلى الأرض « أي تكاسلتم ومِلتُم إلى المقام في الدعة والخفض وطيب الثمار « أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة « أي ما لكم فعلتم هكذا رضاً منكم بالدنيا بدلاً من الآخرة، ثم زهد تبارك وتعالى في الدنيا ورغب في الآخرة فقال « فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل « ثم توعد الله تعالى من ترك الجهاد فقال « إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً « قال ابن عباس: استنفر رسول الله « حياً من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم « ويستبدل قوماً غيركم « أي لنصرة نبيه وإقامة دينه كما قال تعالى « وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم « « ولا تضروه شيئاً « أي ولا تضروا الله شيئاً بتوليكم عن الجهاد ونكولكم وتثاقلكم عنه. انتهى. ابن كثير 2/342

    ويقول « : ( إذا ضن الناس بالدرهم والدينار وتبايعوا بالعينة، وتركوا الجهاد في سبيل الله وأخذوا أذناب البقر أنزل عليهم من السماء بلاء .. فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم ) ولا يجب على مسلم أن يرضى أن يكون الآن في صفوف النساء كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جهادهم في الحج والعمرة.

    شبهات فقهية والرد عليها

    هناك من يخشى الدخول في هذا النوع من القتال محتجاً بأن الذين يواجهونه هم جنود فيهم المسلم وفيهم الكافر .. فكيف نقاتل مسلمين ورسول الله « يقول: إن القاتل والمقتول في النار. ولقد تعرض شيخ الإسلام ابن تيمية لنفس السؤال فكانت مسألة من مسائل مجموع الفتاوى 28/546-547-548: في جنود يمتنعون عن قتال التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرهاً معهم ( والجواب ) يقول ابن تيمية: فمن شك في قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام وحيث وجب قتالهم قوتلوا وإن كان فيهم المُكره باتفاق المسلمين كما قال العباس لما أُسر يوم بدر: يا رسول الله إني خرجت مكرهاً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله، وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا ( أي احتموا ) بمن عندهم من أسرى المسلمين وخِيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا، فإنهم يقاتلون، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم وإن لم يخف على المسلمين ففي جواز القتال المفضي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء، وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيداً، فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قُتل من المسلمين يكون شهيداً ومن قتل وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيداً، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( يغزو هذا البيت جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خُسِفَ بهم فقيل يا رسول الله فيهم المكره فقال: يبعثون على نياتهم ) فإذا كان الذي ينزله الله بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغير المكره فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين، كما قال تعالى « قل هل تربصون بنا إلا أحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ..» . ونحن لا نعلم المكره ولا نقدر على التمييز فإذا قتلناهم بأمر الله كنا في ذلك مأجورين ومعذورين وكانوا هم على نياتهم فمن كان مكرهاً لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يُقتل من عسكر المسلمين وأما إذا هرب أحدهم فإن من الناس من يجعل قتالهم قتال البغاة المتأولين وهؤلاء إذا كان لهم طائفة ممتنعة فهل يجوز اتباع مدبرهم وقتل أسيرهم والإجهاز على جريحهم؟ على قولين للعلماء مشهورين … فقيل: لا يفعل ذلك، لأن منادي علي بن أبي طالب نادى يوم الجمل لا يتبع مدبر ولا يُجهز على جريح ولا يقتل أسير، وقيل بل يفعل ذلك لأنه يوم الجمل لم يكن لهم طائفة ممتنعة وكان المقصود من القتال دفعهم فلما اندفعوا لم يكن إلى ذلك حاجة، بمنزلة دفع الصائل وقد روي أنه يوم الجمل وصفين كان أمرهم بخلاف ذلك، فمن جعلهم بمنزلة البغاة المتأولين جعل فيهم هذين القولين .. والصواب أن هؤلاء ليسوا من البغاة المتأولين ، لأن هؤلاء ليس لهم تأويل سائغ أصلاً .. وإنما هم من جنس الخوارج المارقين، ومانعي الزكاة، وأهل الطائف والخُرَّمِية ونحوهم ممن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الإسلام. وهذا موضع اشتبه على كثير من الناس من الفقهاء .. انتهى.

    أسلوب القتال المناسب

    مع تقدم الزمن وتطور البشرية يبدو تساؤل ... لا شك أن أساليب القتال الحديثة قد تختلف شيئاً ما عن أساليب القتال في عهد النبي « .. فما هو أسلوب قتال المسلم في العصر الحديث؟ وهل له أن يعمل عقله ورأيه؟

    من فنون القتال في الإسلام

    يقول النبي « : ( الحرب خدعة ) ويقول النووي في شرح الحديث ( اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل ). ومعلوم أنه لا عهد بيننا وبينهم حيث أنهم محاربون لدين الله سبحانه وتعالى والمسلمون أحرار في اختيار أسلوب القتال المناسب على أن نحقق الخدعة وننال النصر بأقل الخسائر وأيسر السبل.

    أسلوب القتال في غزوة الأحزاب

    بعد أن نجح اليهود في تأليب الأحزاب الكافرة على النبي « ودعوته وأصبح الوضع خطيراً، رسم المسلمون على عجل خطة فريدة لم يسمع العرب عنها من قبل، فهم لا يعرفون إلا قتال الميادين المكشوفة وتلك الخطة أشار بها سلمان الفارسي، وهي حفر خندق عميق يحيط بالمدينة من ناحية السهل ويفصل بين المدافعين والمغيرين، فأسلوب القتال ليس وحياً ولا سنة ثابتة وكأن المسلم له أن يعمل عقله ويدبر ويخطط والأمر يعود فيه للشورى.

    الكذب على الأعداء
    وقد صح في الحديث الكذب في ثلاثة أشياء. قال الطبري إنما يجوز من الكذب في الحرب المعاريض دون حقيقة الكذب فإنه لا يحل .. هذا كلامه .. والظاهر هو إباحة حقيقة نفس الكذب، لكن الاقتصار على التعريض أفضل والله أعلم. من شرح النووي 12/45 .

    تخطيطات إسلامية

    من خلال دراسة السرايا يخرج المسلم بتخطيطات إسلامية وخدع قتالية تمضي أحكامها على كثير من المسلمين، ونذكر على سبيل المثال:
    1- سرية مقتل كعب بن الأشرف في السنة الثالثة من الهجرة: عن جابر بن عبد الله قال رسول الله « : من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله ( أنا يا رسول الله ) أتحب أن أقتله؟ قال نعم. قال: فأذن لي أن أقول شيئاً ( وهو استئذان من النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتكلم كلاماً وحتى لو كان منافياً للإيمان وذلك لإظهار الكفر أمام كعب بن الأشرف فأذن به). قال « : قل، قال: فأتاه محمد بن مسلمة وذكره ما بينهم قال إن هذا الرجل ( يقصد النبي « ) قد أراد الصدقة وعنانا ( وهذا القول ظاهره إنكار الصدقة والتعدي عليه « وهذا كفر ) .. وقد يفيد بأنه من الممكن للمسلم إظهار موالاته الكاملة للعدو في الحرب ولو وصل الأمر إلى إظهار الشرك والكفر. وإني قد أتيتك استحلفك فلما سمعه قال وأيضاً والله لتملنه قال: إنا قد تبعناه ونكره أن ندعه حتى ننظر إلى شيء يصير أمره وقد أردت أن تسلفني سلفاً. قال فما ترهنوني نسائكم؟ … قال: أنت أجمل العرب أنرهنك نسائنا؟ قال: ترهنوني أولادكم. قال: يسب ابن أحدنا فيقال: رهنت في وسقين من تمر ولكن نرهنك اللَّأمة ( أي السلاح ) قال: نعم. فواعده أن يأتيه بالحرب فأتى عبس بن حبر وعباد بن بشر فجاؤا فدعوه ليلاً فنزل إليهم قال سفيان: قال غير عمرو قالت امرأته: إني لأسمع صوتاً كأنه صوت دم قال: إنما هذا محمد ورضيعه أبو نائلة إن الكريم لو دعى إلى طعنة ليلاً لأجاب قال محمد: إني إذا جاء فسوف أمُدّ يدي إلى رأسه، فإذا استمكنت منه فدونكم ( وتلك هي طريقة للتمكن من قتله حيث أنه كان ضخم الجثة قوي البنية ) قال: فلما نزل، نزل وهو متوشح قالوا: نجد منك ريح الطيب قال: نعم تحتي فلانة أعطر نساء العرب قال أفتأذن لي أن أشم منه؟ قال: نعم فشم ثم قال: أتأذن لي أن أعود؟ قال: فاستمكن منه ثم قال: دونكم فقتلوه. ( متفق عليه ) [ الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية ص70 -71 ]. وفي هذه القصة من الفوائد الكثيرة في فن القتال. وقد زعم بعض المستشرقين ومن في قلوبهم مرض أن مقتل كعب بن الأشرف كان غدراً وخيانة له والرد عليهم هو أن ذلك الكافر قد نقض عقده وأمعن في إيذاء المسلمين وقد جاء اليهود إلى النبي « بعد مقتل كعب بن الأشرف فقالوا يا محمد: قد طرق ( قتل) صاحبنا الليلة وهو سيد من ساداتنا، وقد قتل غيلة بلا جرم ولا حدث علمناه . . قال النبي « أنه لو فر كما فر غيره ممن هو على مثل رأيه ما اغتيل، ولكنه أذانا وهجانا بالشعر ولم يفعل هذا أحد منكم إلا كان للسيف.
    2- سرية عبد الله بن أنيس رضي الله عنه: وكانت في السنة الرابعة وسببها أن النبي « بلغه أن خالد بن سفيان الهُذلي يُقيم بِعُرنة وأنه يجمع الجموع لحرب المسلمين فأمر رسول الله « عبد الله بن أنيس بقتله .. قال عبد الله قلت يا رسول الله انعته لي ( صفه لي ) حتى أعرفه فقال « ( إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان .. وأية ما بينك وبينه ذلك ). قال: واستأذنت رسول الله « أن أقول ( هو نفس إذن محمد بن مسلمة ) فأذن لي ثم قال لي: انتسب إلى خزاعة .. وهذا كذب ولكنه مباح. قال عبد الله: فعرفته بنعت ( أي بوصف ) رسول الله « وشعرت بالخوف منه فقلت صدق رسول الله. قال عبد الله وكان وقت عصر قد دخل حين رأيته فخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع والسجود، فلما انتهيت إليه قال: ممن الرجل؟ قلت: من خزاعة … سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك ( ففي هذا القول إظهار الموالاة ) قال: أجل إني لأجمع له قال عبد الله: فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثي وأنشدته وقلت عجباً له، أحدث محمد من هذا الدين الحدث! فرق الآباء وسفه أحلامهم ( وهذا القول كفر) .. قال أبي سفيان إنه لم يلق أحد يشبهني، وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه وهم يطيقون به، فقال هلم يا أخا خزاعة فدنوت منه .. فقال اجلس .. قال عبد الله: فجلست معه حتى إذا مدَّ الناس وناموا اغتلته فقتلته وأخذت رأسه ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه. فلما قدمت المدينة وجدت رسول الله « فلما رآني قال: أفلح الوجه .. قلت أفلح وجهك يا رسول الله ثم وضعت الرأس بين يديه وأخبرته خبري.
    3- قصة نعيم بن مسعود في غزوة الأحزاب: لما جاء نعيم بن مسعود مسلماً أوصاه أن يكتم إسلامه ورده إلى المشركين يوقع بينهم .. فذهب نعيم إلى بني قريظة وقال لهم على هيئة النصيحة: لا تقاتلوا مع القوم ( يقصد قريش وغطفان ) حتى تأخذوا رهناً من أشرافهم يكونون بأيديكم .. وذلك بعد أن أقنعهم أن قريشاً وغطفان بصفتهم ليسوا من أهل المدينة فإن حدث شيء لحقوا ببلادهم وتركوهم للنبي « فقالوا له: لقد أشرت بالرأي: ثم أتى قريشاً وأخبرهم أن يهود بني قريظة قد ندموا على تحالفهم معكم وأرسلوا إلى محمد يقولون ( هل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين رجالاً من أشرافهم .. فتضرب أعناقهم) وأتى غطفان فقال مثل ذلك، فأرسل ابو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم: أغدوا للقتال حتى نناجز محمداً .. فأجابوا بأن هذا يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئاً ولن نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا فإنا نخشى إن اشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم، فلما رجعت الرسل قالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم به نعيم بن مسعود لهو الحق. إنا والله لا ندفع إليكم رجلاً واحداً من رجالنا، فقالت بنو قريظة إن الذي ذكر لكم نعيم لهو الحق ومن هنا انتسب نعيم للفرقة في صفوف الأحزاب.

    نقطة هامة:

    جواز انغماس المسلم في صفوف الكفار إن كان في ذلك مصلحة للمسلمين.

    يقول ابن تيمية في الفتاوي 28/540-541 وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي « قصة أصحاب الأخدود .. وفيها أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة الدين ولهذا جَوَّز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين. انتهى. ويعني كلام ابن تيمية جواز انغماس المسلم في صفوف الجيش الكافر وإن أدى ذلك إلى قتله حتى قبل أن يرى بعينه الفائدة من انغماسه.

    الدعوة قبل القتال

    جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير إنذار .. روى الإمام مسلم عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال قال فكتب اليّ: إنما كان ذلك في أول الإسلام قد أغار رسول الله « على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبى سبيهم، وأصاب يومئذ ( قال يحيى: أحسبه قال ) جويرية ( أو قال البتة ) ابنة الحارث.
    الشرح: قال النووي: في هذا الحديث جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار بالإغارة وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب حكاها المازري والقاضي .. أحدها يجب الإنذار مطلقاً قال مالك وغيره .. وهذا ضعيف .. والثاني لا يجب مطلقاً وهذا أضعف منه أو باطل .. والثالث يجب إن لم تبلغهم الدعوة ولا يجب إن بلغتهم لكن يستحب وهذا هو الصحيح وبه قال نافع مولى ابن عمر والحسن البصري والثوري والليث والشافعي وأبو ثور وابن المنذر والجمهور .. قال ابن المنذر وهو قول أكثر أهل العلم .. انتهى. صحيح مسلم شرح النووي 12/35-36

    جواز تبييت الكفار ورميهم وإن

    أدى ذلك إلى قتل ذراريهم

    عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال قلت: يا رسول الله إنا نُصيب في البيَات من ذراري المشركين ( ذريتهم ) قال: هم منهم .. رواه مسلم
    الشرح: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم صبيان المشركين الذين يُبيتون فيصاب من نسائهم وصبيانهم بالقتل فقال هم من آبائهم أي لا بأس لأن أحكام آبائهم جارية عليهم في الميراث وفي النكاح وفي القصاص وفي الديات وغير ذلك، والمراد إذا لم يُ تَ عمدوا من غير ضرورة. انتهى .. صحيح مسلم شرح النووي 12/49

    الكف عن قصد النساء والرهبان والشيوخ بالقتل

    عن ابن عمر قال: وُجِدَت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي « فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ( رواه الجماعة إلا النسائي ).
    ويروي أحمد وأبو داود أنه في إحدى الغزوات مر رسول الله « على مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا ينظرون إليها يعني وهم يتعجبون من خَلْقها حتى لحقهم رسول الله « فقال: ما كانت هذه لتقاتل ، فقال لأحدهم الحق خالداً فقل له: لا تقتلوا ذرية ولا عسيفاً ( أي أجيراً ). وحديث ابن عباس السابق في جواز قتل الذراري لا يتناقض مع هذا الحديث حيث أن لكل منهما حالة تختلف عن الأخرى.

    الاستعانة بمشرك

    عن عائشة رضي الله عنها قالت خرج رسول الله « قبل بدر فلما كان بحرّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله « حين رأوه فلما أدركه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله قال: لا. قال: فارجع فلن أستعين بمشرك ... قالت: ثم رجع فأدركنا بالبيداء فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله قال: نعم. فقال « فانطلق. ( رواه مسلم ) .. يقول النووي وقد جاء في الحديث الآخر أن النبي « استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه فأخذ طائفة من العلماء بالحديث الأول على إطلاقه وقال الشافعي وآخرون: إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعانة به استعين به وإلا فيكره .وحمل الحديثين على هذين الحالين، وإذا حضر الكافر بالإذن رضخ له ولا يسهم له، وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والجمهور وقال الزهري والأوزاعي: يسهم له والله أعلم .. انتهى. صحيح مسلم بشرح النووي 12/199.
    ويقول مالك في الاستعانة بالمشركين والكفرة: إلا أن يكونوا خداماً للمسلمين فيجوز... وقال أبو حنيفة يستعان بهم ويعاونون على الإطلاق متى كان الإسلام هو الغالب والجاري عليهم، فإن كان حكم الشرك هو الغالب كره الاستعانة بهم.
    وقال الشافعي يجوز ذلك بشرطين: أحدهما أن يكون المسلمين قلة ويكون المشركون كثرة، والثاني أن يعلم من المشركين حُسن رأي في الإسلام وميل إليه ومتى استعان بهم رضخ لهم ولم يسهم ( أي أعطاهم مكافأة ولم يشركهم في سهام المسلمين من الغنيمة )

    جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها

    روى الإمام مسلم عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البُوَيرَة. زاد قتيبة وابن رمح في حديثهما فأنزل الله عز وجل: « ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين « الحشر: 5 قال النووي في شرح الحديث: جواز قطع شجر الكفار وإحراقه. صحيح مسلم شرح النووي 12/50
    أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( بعث النبي « سرية عيناً وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت رضي الله عنه .. فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عُسفان ومكة ذُكروا لِحَيٍّ من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلاً نزلوه .. فلما انتهى عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد ، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلاً. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم خبر عنا نبيك، فقاتلوهم حتى قتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل. وبقي خبيب وزيد ورجل آخر رضي الله عنهم، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها. فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم فجرَّروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، وذكر قصة قتل خبيب إلى أن قال: استجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا.

    تنظيم الجيش المسلم

    عن عمار بن ياسر: أن رسول الله « كان يستحب الرجل أن يقاتل تحت راية قومه. رواه أحمد.
    عن البراء بن عازب: قال رسول الله « ( إنكم ستلقون العدو غداً فإن شعاركم ... لا ينصرون ) رواه أحمد. وعن الحسن عن قيس بن عباد قال: كان أصحاب رسول الله « يكرهون الصوت عند القتال. رواه أبو داود.
    وعن كعب بن مالك: أن النبي « خرج في يوم الخميس في غزوة تبوك وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. متفق عليه. وعن النعمان بن مقرن: أن النبي « كان إذا لم يقاتل في أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر .. رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم وأصله في البخاري بلفظ ( إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلاة ).

    استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو وأدعية القتال

    من أدعية الرسول « في القتال: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم .. صحيح مسلم 12/47


    أمر هام يجب التنبيه عليه

    الإخلاص في الجهاد في سبيل الله: والإخلاص هو تجريد قصد التقرب إلى الله عز وجل من جميع الشوائب .. وقيل هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.

    وفي كتاب تلبيس إبليس ص 146-147 باب تلبيس إبليس على الغزاة قال الإمام ابن الجوزي: قد لبس إبليس على خلق كثير فخرجوا إلى الجهاد ونيتهم المباهاة والرياء ليُقال فلان غاز وربما كان المقصود أن يُقال شجاع أو كان طلب الغنيمة وإنما الأعمال بالنيات. وعن أبي موسى قال جاء رجل إلى النبي « فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال « من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. أخرجاه في الصحيحين.

    وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال إياكم أن تقولوا مات فلان شهيداً أو قتل شهيداً فإن الرجل ليقاتل ليغنم ويقاتل ليذكر ويقاتل ليُرى مكانه. وبالإسناد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي « أنه قال: أول الناس يقضي فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد فأُتِىَ به فعرَّفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى قتلت قال كذبت ولكنك قاتلت ليقال هو جرئ فقد قيل ثم أمر به فَسُحِبَ على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها .. فقال: ما عملت فيها قال: تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت القرآن .. فقال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم فقد قيل وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار .. ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها فقال: ما تركت من سبيل أنت تحبه أن ينفق فيها إلا انفقت فيها لك. قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أُمِرَ به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار. انفرد بإخراجه مسلم.

    وبإسناد مرفوع عن أبي حاتم الرازي قال سمعت عبدة بن سليمان يقول: كنا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم فصادفنا العدو فلما التقى الصفان خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله ثم آخر فقتله ثم آخر فطعنه فقتله ثم آخر فقتله ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه الرجل فقتله، فازدحم الناس عليه فكنت فيمن ازدحم عليه فإذا هو ملثم وجهه بكمه فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو عبد الله بن المبارك فقال: وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا قلت: فانظروا رحمكم الله إلى هذا السيد المخلص كيف خاف على إخلاصه برؤية الناس له ومدحهم إياه فستر نفسه. وقد كان إبراهيم بن أدهم يقاتل فإذا غنموا لم يأخذ شيئاً من الغنيمة ليوفر له الأجر.

    وقد لبس إبليس على المجاهد إذا غنم، فربما أخذ من الغنيمة ما ليس له أخذه فإما أن يكون قليل العلم فيرى أن أموال الكفار مباحة لمن أخذها ولا يدري أن الغلول من الغنائم معصية. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله « إلى خيبر ففتح الله علينا فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً وغنمنا المتاع والطعام والثياب ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله « عبدٌ له، فلما نزلنا قام عبد رسول الله « بحل رحله فرمى بسهم فكان فيه حتفه فلما قلنا له هنيئاً له الشهادة يا رسول الله فقال: كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه ناراً أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم، قال ففزع الناس. فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال: أصبته يوم خيبر فقال رسول الله « : شراك من نار أو شراكان من نار.

    وقد يكون الغازي عالماً بالتحريم إلا أنه يرى الشيء الكثير فلا يصبر عنه، وربما ظن أن جهاده يدفع عنه ما فعل. وها هنا يتبين أثر الإيمان والعلم.

    روينا بإسناد عن هبيرة بن الأشعث عن أبي عبيدة العنبري قال: لما هبط المسلمون المداين وجمعوا الأقباض ، أقبل رجل بحق معه فدفعه إلى صاحب الأقباض فقال الذين معه ما رأينا مثل هذا قط ما يعد له ما عندنا ولا ما يقاربه فقال له هل أخذت منه شيئاً؟ فقال أما والله، لولا الله ما أتيتكم به، فعرفوا أن للرجل شأناً، فقالوا: من أنت؟ فقال والله لا أخبركم لتحمدوني ولا أغريكم لتقرظوني ولكن أحمد الله وأرضى بثوابه فأتبعوه رجلاً حتى انتهى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس.

    هناك من يتم استبعاده عن الطريق

    فانتبهوا إن للشدائد أصلاً وذروا ما تزين الأهواء. فهو يطلب منهم الانتماء الفتي ويدعوهم إلى الإفصاح عما ستروه من دافع حب الراحة وتجنب المشقة وهو نفسه الدافع الذي حكاه القرآن عن المخلفين في سورة التوبة عندما يقول الله تعالى: « فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون « التوبة: 81

    إن هؤلاء لهم نموذج لضعف الهمة وطراوة الإرادة وكثيرين هم الذين يشفقون من المتاعب وينفرون من الجهد ويؤثرون الراحة الرخيصة على الكدح الكريم ويفضلون السلامة الذليلة على الخطر العزيز وهم يتساقطون أعياء خلف الصفوف الجادة الزاحفة العارفة بتكاليف الدعوات، ولكن هذه الصفوف تظل في طريقها المملوء بالعقبات والأشواك لأنها تدرك بفطرتها أن كفاح العقبات والأشواك فطرة في الإنسان وأنه ألذ وأجمل من القعود والتخلف والراحة البليدة التي لا تليق بالرجال. تفسير في ظلال القرآن 3/1682 .

    هؤلاء الذين آثروا الراحة على الجهد في - ساعة العسرة - وتخلفوا عن الركب في أول مرة هؤلاء لا يصلحون للكفاح ولا يُرجَون لجهاد ولا يجوز أن يؤخذوا بالسماحة والتغاضي ولا أن يتاح لهم شرف الجهاد الذي تخلوا عنه راضين. « فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً إنكم رضيم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين « التوبة: 83 . إن الدعوات في حاجة إلى طبائع صلبة مستقيمة ثابتة مصممة تصمد في الكفاح الطويل الشاق والصف الذي يتخلله الضعاف المسترخون لا يصمد لأنهم يخذلونه في ساعة الشدة فيشيعون فيه الخذلان والضعف والاضطراب .. فالذين يضعفون ويتخلفون يجب نبذهم بعيداً عن الصف وقاية له من التخلخل والهزيمة والتسامح مع الذين يتخلفون عن الصف في ساعة الشدة، ثم يعودون إليه في ساعة الرخاء، جناية على الصف كله. تفسير في ظلال القرآن 3/1683 .

    فتاوي الفقهاء في تنقية الصف

    كان للسلف أقوال كثيرة في ذلك فمثال كلام السلف الأول من ذلك استعراض الإمام الشافعي في كتاب الأم لحوادث المنافقين المتتالية عن المشاركة في الغزوات النبوية الكريمة وتنبيه إلى من يشتهر في أجيال المسلمين بعد ذلك بمثل ما وصف به أولئك المنافقون فإنه يقاس عليهم ويعاقب بمثل ما عوقبوا به.

    يقول الشافعي ( رحمه الله تعالى ): غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغزا معه بعض من يعرف نفاقه فانخذل يوم أحد عنه بثلثمائة ثم شهدوا معه يوم الخندق فتكلموا بما حكى الله عز وجل من قولهم: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق فشهدها معه عدداً فتكلموا بما حكى الله تعالى من قولهم : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل وغير ذلك مما حكى الله عز وجل من نفاقهم .. ثم غزا غزوة تبوك فشهدها معه قوم منهم قد نفروا ليلة العقبة ليقتلوه فوقاه الله عز وجل شرهم وتخلف آخرون منهم فيمن بحضرته ثم أنزل الله عز وجل في غزوة تبوك من أخبارهم فقال سبحانه وتعالى « ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين « التوبة: 46

    قال الشافعي: فأظهر الله عز وجل لرسوله أسرارهم وخبر السماعين لهم وابتغائهم أن يفتنوا من معه بالكذب والإرجاف والتخذيل لهم فأخبره سبحانه وتعالى أنه كره انبعاثهم فثبطهم إذ كانوا على هذه النية كان فيهم ما دل على أن الله عز وجل أمر أن يمنع من عرف بما عرفوا به من أن يغزو مع المسلمين لأنه ضرر عليهم.

    يقول الشافعي: فمن شهد بمثل ما وصف الله تعالى المنافقين لم يحل للإمام أن يدعه يغزو معه ولم يكن لو غزا معه أن يسهم له ولا يرضخ لأنه ممن منع الله عز وجل أن يغزو مع المسلمين لطلبه فتنته وتخذيله إياهم وأن فيهم من يستمع له بالغفلة والقرابة والصداقة وإن هذا قد يكون ضرراً عليهم من كثير من عدوهم. الأُم للإمام الشافعي4/89 .

    واستمر الفقه على هذا حتى استلم رايته ابن قدامة المقدسي فقال: ولا يستصحب الأمير معه مخذلاً وهو الذي يثبط الناس عن الغزو ويُزَهِّدَهم في الخروج إليه والقتال والجهاد، مثل أن يقول الحر أو البرد الشديد والمشقة شديدة، ولا تؤمن هزيمة هذا الجيش وأشباه هذا، ولا مرجفاً وهو الذي يقول: قد هلكت سرية المسلمين وما لهم مدد ولا طاقة لهم بالكفار والكفار لهم قوة ومدد وصبر ولا يثبت لهم أحد ونحو هذا ولا من يعين على المسلمين بالتجسس للكفار وإطلاعهم على عورات المسلمين ومكاتبتهم بأخبارهم ودلالتهم على عوراتهم أو إيواء جواسيسهم ولا من يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بالفساد لقول الله تعالى: « ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين، لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة « التوبة: 46-47 . ولأن هؤلاء مضرة على المسلمين فيلزمه منعهم ( المغنى لابن قدامة 8/351 ).

    غرور الفقيه يمنع تأميره

    إننا نجد في فقه عمر بن عبد العزيز رحمه الله ما يسوغ إبعاد الصادق صاحب الخير عن المسئولية إذا كان فيه نوع من حب الظهور والخيلاء سداً للذريعة وصيانة له من احتمالات الافتتان والجناية على نفسه وعلى الدعوة.

    فقد روى أن الراشد الخامس لما وُلِّىَ الخلافة أرسل إلى أبي عبيد المذحجي وكان فقيه في فقه الحديث من شيوخ الأوزاعي ومالك. وممن يستعين به الخليفة سليمان بن عبد الملك فقال له عمر: هذا الطريق إلى فلسطين وأنت من أهلها فالحق بها فقيل له يا أمير المؤمنين لو رأيت أبا عبيد وتشميره للخير فقال: ذاك أحق ألا نفتنه كانت فيه أبهة للعامة. ( تهذيب التهذيب 12/158 ) .

    ولقادة جماعات المسلمين هذا اليوم أن يقولوا لكل داعية يتطلع للسمعة والجاه والمكانة الاجتماعية المرموقة مثل الذي قاله عمر لأبي عبيد، ويفهموه أنك قد أخطأت بداية الطريق إلى مرادك فمررت بديار دعوة التواضع والبذل والالتزام الخططي وهذه الطريق على ديار أشكالك فالحق بهم.
                  

10-14-2004, 05:46 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48786

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!! (Re: nadus2000)

    أخي الكريم نادوس
    تحية طيبة

    شكرا للبوست والرسالة التي قلت فيها:


    Quote: كنت أعد في قراءة خاصة للفريضة الغائبة الحقيقية في عصرنا هذا، ألا وهي "الحوار" والتي أرى أنها فريضة بنص الآية الكريمة " في قوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن}النحل: 125"، وأساءل هنا هل فريضة "الحوار" هذه غائبة أم مغيبة!!! ولماذا!!!


    فريضة الحوار غائبة في دولنا لأن الحوار ليس من ثقافتنا، أو قل أن مجتمعاتنا لم تنشأ على قيم قبول الآخر المختلف في الدين والعنصر واللغة.. وفريضة الحوار في أحيان كثيرة مغيبة أيضا وذلك وسط النخب المتعلمة التي تستطيع الحوار، مع أن بعض النخب المتعلمة اختارت طريق المشاركة مع السلطات القابضة، مثلهم مثل علماء السلاطين في كل حقب التاريخ الإسلامي العربي.. وقد تضافرت مختلف العوامل لتغييب فرص الحوار القليلة.. أهم هذه العوامل هي الطريقة التي تُحكم بها بلداننا.. وثاني هذه العوامل هي الصراع العربي الإسرائيلي الذي كان مظهرا من مظاهر الصراع الرأسمالي ضد الشيوعية حتى نهاية الحرب الباردة، وثالث هذه العوامل هي الطريقة التي تدير بها أمريكا حربها ضد الإرهاب، وهناك بعض الدول التي استغلت هذه الحرب لتمرير أجندتها الخاصة، وأخص بالذكر هنا إسرائيل وروسيا وبعض الدول العربية مثل السعودية ومصر والأردن.. ورابع هذه العوامل هو تنامي ثقافة "الفريضة الغائبة" أو "السلفية الجهادية" وهذه نشأت عبر العقود نتيجة لكل العوامل السابقة..
                  

10-14-2004, 07:49 AM

abdalla BABIKER

تاريخ التسجيل: 09-14-2003
مجموع المشاركات: 2260

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!! (Re: nadus2000)
                  

10-18-2004, 03:11 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!! (Re: abdalla BABIKER)

    شكرا أخ ياسر
    وشكرا أخ عبدالله بابكر

    للإطلالة والتعليق.....
                  

12-22-2004, 02:01 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "الفريضة الغائبة" هل هو الحوار أم الجهاد!!!!!!! (Re: nadus2000)

    ما زالنا في إنتظار ما لم يقال حول هذا الموضوع
    فهل وهل!!!!!!!!!!!!!!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de