|
|
 HILARIOUS
|
المطربون الشعبيون في مصر يتحدون القوانين والنقابة تتبرأ منهم..MANGOOL MIN ALSHARQALAWSAT
بعيدون عن الفضائيات قريبون من الجزارين والسباكين * كلمات أغانيهم «كان الخروف حنّين وقلبه أطيب قلب.. أتاريها معزة خاينة..»
القاهرة: فتوح سلمان
عندما ظهر المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم قبل سنوات ونال بعضا من الشهرة التي استمرت في الازدهار عاما تلو الآخر، نظر البعض له على انه لون جديد من الغناء، واعتبره آخرون شخصية كاريكاتورية مميزة بألوانها واكسواراتها ، لكن شعبان عبد الرحيم لم يكن لونا جديدا في الغناء وملابسه وأحذيته الملونة المتناغمة مع قماش تنجيد الكراسي، كما وصفها بنفسه في لقاء تلفزيوني، ليست ابتكارا من عنده، فهو واحد فقط من بين آلاف ممن تصنفهم نقابة الموسيقيين في مصر بتعبير «مطرب شعبي»، ويتميزون جميعا بسمات واحدة نختصرها في ملابس لامعة ملونة ومنقوشة وسلاسل ذهبية وأحذية خضراء وحمراء وبنفسجية وصوت أجش تتفاوت خشونته من مطرب لآخر، ويتشابهون جميعا في نوعية الأغاني والألحان التي يؤدونها، منهم من يصادفه الحظ ويصعد للأضواء، وأغلبهم يبقى حبيس المكيروباصات والأفراح الشعبية، وهؤلاء هم من يسيطرون على سوق الأفراح الشعبية التي تقام في الشوارع وفوق أسطح المنازل، وتتنوع الاسماء ما بين «أربة وبيجو وبليه وعربي وعنتر وحنفي«.
ويحظى هذا النوع من المطربين بجماهيرية كبيرة جدا، لكنها جماهيرية من نوع مختلف بعيدة عن زحام الفضائيات ومحطات الـ«F.M»، فهم نجوم في المناطق الشعبية وفي مواقف السرفيس وبين سائقي سيارات الأجرة والميكروباص، خاصة ان عددا كبيرا من شركات الانتاج الصغيرة التي تنتج للمطربين الشعبين تقوم بتوزيع شرائطها مجانا في مواقف الميكروباص للترويج لها، وهي طريقة أرخص كثيرا من اعلانات الفضائيات ومن التعامل مع وكالات الاعلانات، لكن هذا ليس هو السبب الوحيد لحرص سائقي الميكروباص خاصة الذين يخدمون مناطق شعبية على سماع وشراء هذا اللون من الغناء، فهناك أيضا ثمة ارتباط واضح بين كلمات الأغاني التي يؤديها المطربون الشعبيون وتلك العبارات التي يكتبها سائقو الميكروباص على الزجاج الخلفي لسياراتهم، مثل «الأدب أصل والنزاهة طبع»، «شايل على كتافي هموم بالكوم، والقلب مليان جروح»، و«الناس بقت مافيا واخدينها بالعافية». كذلك يتميز هذا النوع من شرائط الكاسيت بانخفاض أسعاره فلا تتعدى جنيهين ونصف جنيه، في حين يباع الكاسيت العادي بعشرة جنيهات كاملة، وهي كما وصفها أحد سائقي التاكسي، «مليانة تفاريح»، والسائق محق تماما في وصفه لمحتوى هذه الشرائط لأنها أولا وأخيرا تسجل في الأفراح الشعبية وليس في استديوهات الصوت المتخصصة.
* اختبارات نقابة الموسيقيين
* وعلى الرغم من ان نقابة الموسيقيين المصريين تجري اختبارات صوتية قبل أن تمنح تصريحها للمطرب، لكن ذلك لا يمنع من يجد في نفسه الموهبة من ممارسة المهنة بغض النظر عن رأي النقابة ولذلك فأغلبهم يعملون من دون تصاريح، وذلك على ذمة نقيب الموسيقيين حسن أبو السعود، الذي لا يذكر حتى عددهم المسجل رسميا بالنقابة ويعتبر ما يؤدونه نوعا من الكوميديا.
ولأن الكاسيت يسجل في الأفراح فليست هناك أغان محددة خاصة بالمطرب ويتحدد الأمر حسب مزاج المطرب ومدى انسجامه في الغناء فالفرقة الموسيقية تعزف لحنها المتكرر والمطرب يغني كوبليه ثم يتوقف ليحيي الجمهور والمعازيم «أبو رشا وأبو عواكه والحاج محمود واللي باصين من فوق السطح»، ويحيي شركة الإنتاج التي أسهمت في خروج الكاسيت للنور، ويبدأ غناءه قائلا: «عزيزي المشاهد عزيزي المستمع يسعدنا أن نقدم لكم أجمل فرح»، ثم يقفز ليغني كوبليه لوردة أو مها صبري أو أم كلثوم أو شادية، ثم يعود لغناء كوبليه شعبي له أو لغيره من المطربين مثل «بولمه يا بولمه سلملي على أمك»، وهي أغنية طويلة شهيرة في الأفراح يعدد فيها المطرب الشعبي مزايا والدة الشاب بولمه، هناك أيضا أغنية أخرى تحمل اسم «يا حاجة»، وهو نفسه اسم الشريط الذي توضح البيانات المكتوبة عليه انه من انتاج شركة انتاج فني عنوانها «محطة الكاوتش بمنشية ناصر»، والأغنية عبارة عن رسالة من المطرب الى الحاجة، وتقول الكلمات «حاجة يا حاجة أنا عايز أجوز بنتك، بس تساعديني يا حاجة وتقولي للحاج يا حاجة»، وإن كان للجزء الأكثر امتاعا في الكلمات عندما يحدد المطرب كرامات بنت الحاجة، فهي حامل وعندها عيال وتمر أمام كمين الشرطة متعاطية البانجو ولا يوقفها أحد وهي أيضا «في وشها كام تعويرة إنما الرك على السيرة».
وتتجسد رائعة الروائع الموسيقية في أغنية «الخروف والمعزة»، وهي أغنية يبدأها المطرب الشهير بمنطقة حلوان جنوب القاهرة بالسلام والتحية على البط والوز والأرانب «اللي منورين فرحنا» ويقول المطلع «كان الخروف حنين وقلبه طيب قلب اتاريها معزة خاينة وعارفة قبله كلب». وقبل أن يختم المطرب وصلته يبدأ في تعديد أسماء فرقته الموسيقية وأصحاب شركة الانتاج. والحقيقة ان أسماءهم شيء لا يفوتنا ذكره، فهم كما راح يعددهم أحد المطربين على أنغام الموسيقى «محمد كفته ومحمد عضمه وحوده الشرقاوي وسيد سكنية ومحسن مارادونا وسامح الديناصور».
* شهرة محلية
* والمطربون الشعبيون بعيدون بالطبع عن الاعلام والفضائيات وقليل منهم من يصادفه الحظ وينتج فيديو كليب خاص فلذلك هم يعتمدون على شهرتهم المحلية بين أبناء المناطق التي يسكنون بها فتجد مطربا مشهورا في منطقة حلوان وأخر في عابدين أو العمرانية ولكل محافظة في مصرمطربوها الخصوصيون، والملاحظ في سوق الأغاني الشعبية أن أغلب التسجيلات تأتي من المحافظات والأقاليم خاصة الشرقية والبحيرة بالوجه البحري أو بني سويف بالصعيد ربما لقرب المحافظات الثلاث من القاهرة والاسكندرية، ويلعب الموال دورا مهما جدا في أداء المطربين، فبين كل فقرة غنائية وأخرى يرتجل المطرب موالا سواء عن الهموم أو القلب الجريح أو الحبيبة الخائنة أو عن الجزارين أو السباكين وربما موال «ردح» للحبيب ومعايرة له عن الهجر بعد كل ما بذل من أجله من تضيحات مثل «امتى حيطمر فيك وتقر وتعترف»، وبعض الاغاني مليئة بالتلميحات والايحاءات الجنسية والاداء الساخن للكورس النسائي المصاحب مثل «يا لله يا بت لاغيه، يا لله يا بت قوليله، خلي أمه تدعيله، وعيب يا حفيظة اختشي، وتعالي يا نونو ومتقوليش بعدين، وطفي النور يا سعد الاتنين بيحبوا بعض، وأوعي الفحت أوعي تنزل تحت».
ولا تخلو أيضا من تلميحات عن المزاج والكيف مثل «اسحب يا بني اسحب، وشد يا خويا شد»، والمقصود بالسحب هي أنفاس الحشيش من الجوزة، كما يقول «محمد»، وهو شاب خريج معهد الكونسرفتوار اضطرته الظروف للعمل في فرقة أحد المطربين الشعبيين ليستكمل دراسته قبل أن يلتحق بدار الأوبرا المصرية، والذي يشرح لنا أن بعض المطربين والموسيقيين لا بد لهم من تعاطي المخدرات قبل الصعود الى خشبة المسرح حتى يتسلطن الفنان «ويعمل دماغ»، وأغلبهم يفضلون الحشيش عن أي صنف آخر، لأن تأثيره يكون أطول.
* سرقات فنية
* لأن المطربين الشعبيين مظلومون وليس لهم من يدافع عنهم ويحفظ حقوقهم، فهم يبتكرون طرقهم الخاصة للدفاع عن حقوقهم، منهم مطرب يدعى «ياسر رماح»، وهو يتهم شعبان عبد الرحيم بسرقته، ودفاعا عن حقه حرص المطرب على تسجيل أغنية خاصة على شريط كاسيت يباع في الأسواق ويحمل ما يلزم من أرقام تصاريح وموافقة من المصنفات الفنية، ويؤديها المطرب أيضا في الأفراح ضمانا لأكبر عدد من المستمعين، وتقول الكلمات «أنا بتحدى شعبان، بتحدى شعبان وابنه كمان معاه، والناس تبقى سمعاني وسمعاه، شعبان أخد مني كلام عطيته له هدية، نسي اسمي او أم كبير المكوجية، تدورفي القرار تتعب تلاقي مرار، أنا من هنا يا شعبولا، من مدينة دمنهور، ببعت أول انذار، عايز صحفي جرئ أقوله على الحقيقة، بغني شعبي على كل لون، شعبان أكل حقي اذاعة وتلفزيون، هييه»، ولا ينسى رماح أن يوصل رسالته للسيد نقيب الموسيقيين ويطالب بإعادة حقه المنهوب، النقيب ضحك من قلبه عندما استمع من خلالنا للكلمات واعتبرها نكته، وهو يؤكد ان موضوع المطربين الشعبيين من أصعب الملفات المفتوحة أمام النقابة، فأغلب المطربين يعملون بدون تصاريح، ويبقى الحل الوحيد في يد الرقابة العامة على المصنفات التي توافق على طبع الشرائط من دون مراجعة الكلمات أو التأكد من حصول المطرب على تصريح بالغناء، لكنه يعد بسرعة التصدي لهذا النوع من الاسفاف خاصة مع بدء تطبيق القوانين الجديدة للنقابة العام المقبل.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
Agab
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست