الـبـريتـانـيكـا

Quote: ( كيف تكتب موضوعات الموسوعة ) ... ((البريتانيكا )) ؟؟ تعتبر عملية تجميع المعلومات التى رافقت الاعداد للطبعة (15) من الموسوعة ال(بريتانيكا) – Britannica – مثيرة للاعجاب . اذ انطلق رؤساء تحرير الموسوعة ومنتجوها من الصفر لينجزوا عملا عظيما يزرع الشك في قلب اكثر العلماء معرفة . وقد صدرت الطبعة الاولي من (البريتانيكا) في العام 1771 م , وتالفت من 2659 صفحة موزعة على ثلاثة مجلدات ,ثم تم تحديث الموسوعة وتوسيعها على مدي قرنين من الزمان ,بحيث صدرت الطبعة الرابعة عشرة منها في عام 1929م .وقد حظيت هذه الطبعة باهتمام بالغ اذ تمت مراجعتها 41 مرة في جهد يهدف الي الحفاظ تميزها وقابليتها لمجاراة التطور العلمي والتقنى للقرن العشرين . ومع ذلك ادرك مستشارو التحرير للموسوعة والباحثون وبخاصة منتجها (وليم بنتون) الحاجة الي موسوعة جديدة تماما .. تلبي مطالب هذا القرن والقرن الذي يليه , وبالتالي انطلق مشروع الطبعة الخامسة عشرة من (الـبريتانيكا) في العام 1960 , وانتهي بصدور الموسوعة في العام 1974 , أي جهد 168 شهر واستلزم جهد عدد مهول من المتخصصين بلغ 300 محرر , و 200 مستشار , و 4000 مساهم . كاضخم عمل من نوعه في تاريخ البشرية . وكان لابد قبل البدء , ان يتم تحديد مايجب ان تتضمنه تلك الموسوعة وكيفية تنظيم الاطار الشامل للمعرفة الانسانية وبالتالي فقد تسلم مدير التخطيط في الموسوعة , مورتيمرج . ادلر , وهو مؤسس ورئيس مؤسسة الابحاث الفلسفية , مهمة التصميم الفكري للموسوعة . وعلى مدي سنتين عمل ادلر جنبا الي جنب مع 162 باحثا على وضع اطار معرفي يعتبر العمود الفقري للموسوعة . وقد صدر هذا الاطار في كتاب كدليل لفهم العمل فهما شاملا . وهذ الدليل الذي سمي بـ (التمهيد ) هو _ على حد قول ادلر – (دائرة معرفة ) مقسمة الي عشر فئات : المادة والطاقة , الارض , الحياة على الارض , الحياة البشرية , الفن , المجتمع البشري , التقنية , الدين , تاريخ الانسانية , وفروع المعرفة . وتؤمن هذه الفكرة الثورية في تنظيم اية موسوعة نمطا موضوعيا للولوج الي عالم التظيم الهجائي العام للموسوعة .كما احتوي هذا الدليل نصا انشائيا في بداية كل حقل معرفة من الاقسام العشرة كتبه عالم معروف في كل حقل وقدم فيه لكل جنب من جوانب المعرفة واصفا المنظار العام ومبينا وجه العلاقة بين كل حقل من حقول المعرفة , اما الخطوة التالية فقد كانت توزيع كل قسم من الاقسام العشرة على عدة فئات , واجزاء واقسام اجزاء .. وفروع اقسام .... الخ .. بما مجموعه ( 15 الف) تقسيم ككل . وعلى سبيل المثال : تم تقسيم موضوع الفن الي ( القسم 1 : الفن عموما ) و ( القسم 2 : الفنون الخاصة ) وتضمن ( الفن عموما ) (1) نظرية الفنون وترتيباتها ... (2) اختبار بعض الاعمال ونقدها... (3) نصوص شديدة الدقة للفن . ثم تم تقسيم كل هذه الموضوعات بدورها الي عدة صفحات من العناوين الفرعية الدقيقة وكل فرع الي اقسام و .. الخ . كما وضع امام كل تمهيد اشارة تعرف القارئ ببعض النصوص وفروع النصوص ومراجع اخرى تتضمنها الموسوعة . ويذكر هنا ان عالم الموسوعة الفرنسي الذي عاش في القرن الثامن عشر , دنيس ديدور , اهتم شخصيا بهذه الوسيلة التى تهدف الي ترتيب المعرفة بحسب رؤوس الموضوعات , وبعدما انتهي ادلر ورفاقه من العمل المرهق على الدليل , انتقل جهدهم الى التاكد من التزام كل باحث في الموضوع الموكل اليه ضمن الحدود المرسومة له بدقة , وهو الامر الذي احجم حوالى الـ 200 باحث عن قبول العرض . وقد انتقي كبير المحررين بنفسه كل المرشحين لكتابة النصوص الطويلة التى تتضمنها الموسوعة الموسعه ((المعرفة الشاملة )) .وغالبا ما عمد المحررون البالغ عددهم اثني عشر ( واحد لكل قسم بالاضافة الي محررين للجغرافيا وكتابة السير ) الي استشارة المستشارين الاكاديميين باستمرار حول اهلية بعض العلماء للكتابة في مجالات اختصاصهم . وعند الانتهاء من العمل قام كبير الباحثين بتقديم توصية رسمية الي رئيس تحرير الموسوعة وارن و. بريس , الذي كان من الضرورى الرجوع اليه عند كل خطوة , وكثيرا ما دارت مناقشات مطولة حول المواضيع , والتى تضمنت توصيات من ادلر ومن م . هتشنر , رئيس مجلس المحررين . فاذا ما وصلت المجادلات بين بريس والمحررين الى طريق مسدود , انتقلوا جميعا لطلب النصح من كليات جامعة شيكاغو , وكلما دعت الحاجة كانوا يخطون خطوة اضافية الى الامام باتصالهم بافراد من العلماء او بلجان مختصة من جامعات ( اكسفورد , وكامبريدج , ولندن , وادينبرغ , وتورنتو , وطوكيو , وجامعة استراليا الوطنية .) . وبهدف اضفاء الصبغة الدولية على الموسوعة كان المحررون ينتقون واحدا من كل ثلاثة مرشحين لكل موضوع من خارج انكلترا وامريكا .. ومع ان كافة اعضاء التحرير شاركوا في عملية التحرير الا ان بريس والمحرر التنفيذي فليب و.غوتز قاما بالجهد الاكبر , لدرجة انهما كانا يراجعان احيانا حوالي 200 الف كلمة بالاسبوع . وقد صدرت الموسوعه وهي تضم في المجموع حوالي 19 جزء , وتتضمن 4207 نصا موثوقا , وكل واحد من هذه النصوص يحوي مابين( 250 - 750 )الف كلمة . اما اللذين يرغبون بمرجع اسرع واكثر اختصارا , فان الطبعة الخامسة عشرة من الـ (بريتانيكا ) تضم ايضا موسوعة مصغرة ((المعرفة المصغرة )) . وهذه الاخيرة تتالف من عشرة اجزاء وتحوى 102 الف مدخل , وفيها سير لاشخاص معروفين , وامم , وسياسات , ومواضيع زراعية , وثقافية , وحيوانية , وغيرها ...كما تشكل هذه الموسوعة المصغرة ايضا فهرسا للموسوعة المكبرة . وبعد هذا السرد , يمكن القول ان تطوير ونشر الطبعة الخامسة عشرة من موسوعة( البريتانيكا ) , والذي كلف حوالي 32 مليون دولار اميركي . قد خرج في النهاية بمجموعة مؤلفة من 43 مليون كلمة , تشكل شمولية المعرفة الانسانية .