|
سلطة الأزمة .... الجبهة الإسلامية نموذجا .(عز الدين الشريف)
|
نقلا عن سودانايل: 21/9/2004
ان الأنظمة العسكرية في صراع دائم في عدة جبهات: فهي في صراع مع الشرعية التي تفتقر إليها عند النظر إلى الشعب مانح هذه الشرعية، وهي في صراع مع معارضيها خصوصا في بلدان لامست الديموقراطية وأدركت معنى الحرية، ومن بعد فهي في صراع فيما بينها من أطراف، ذلك ان طريقة الاستيلاء على السلطة تغري الكثيرين باخذ مواقع متقدمة طالما ان الأمر أتى غلابا وانعدمت الكفاءة والمهنية! بل قد يصل الأمر إلى حد محاولة تسنم السلطة نفسها من قبل البعض في مثل هذا النوع من الحكومات، ولا غرو. وبرغم تدثر الجبهة الإسلامية بالدين فيما يخص مشروعها الحضاري وايدلوجيتها المفارقة للعصر واستيلائها على السلطة في 1989م في وقت كانت رياح الديموقراطية تهب على العالم اجمع، إلا ان هذا التدثر لم يعصمها من الانقسام ولو ظاهريا، فتفجرت الصراعات إلى العلن منذ 1999 وبلغت حدا بعيدا وصل لدرجة القتل لا "الفراق" بالحسنى كما في المحاولة الانقلابية الأخيرة المزعومة في بدايات هذا الشهر. وهذه نتيجة منطقية لتزاوج غير منطقي بين المدنيين والعسكريين. وبالغة ما بلغت الحكومات العسكرية، في عالم اليوم، فإنها إلى ذهاب، ولو احتمت بجبال من الجيوش والأجهزة الأمنية والكادر المسير لجهاز للدولة، ذلك ان ديموقراطية الحكم أضحت منهج العصر والمدخل السليم للتنمية واحترام حقوق الإنسان. التاريخ السياسي السوداني المعاصر، ومنذ استقلال البلاد في منتصف خمسينيات القرن الماضي، يقول انه ما مرت حكومة عسكرية دون ان تكون هنالك انقلابات في باطنها، حدث ذلك منذ أول حكومة عسكرية مرت على البلاد وحتى تاريخ المحاولة الأخيرة التي سلفت الإشارة إليها. وعلى قادة الإنقاذ ان لا يبدون حيرتهم في الأمر كما بدا على النائب الأول في المؤتمر الصحفي الذي عقده في 13/9/2004م، ذلك ان ما اختطته من طريقة للتعامل مع الواقع السياسي السوداني لا يمكن إلا ان يؤدي إلى نفس محاولات الانقلاب على الآخر عسكريا وهذه شراكة في الفكرة والفهم والمنهج جمعت صف الإسلاميين وما زالت... ان الأزمة التي أوصلتها الإنقاذ إلى أقصى درجاتها وضعت البلاد على حافة هاوية كبيرة والحديث الذي أدلى به المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور قطبي المهدي والذي اعترف فيه بان البلاد تعيش أزمة "حقيقية" (سودانايل، نقلا عن الحياة 13/9/2004) يوضح مدى قناعة سلطة الإنقاذ بما آلت إليه الأمور. تشابك الأزمات والمشاكل بدءا من حالة التذبذب التي تعيشها السلطة تجاه مفاوضاتها مع الحركة الشعبية في نيفاشا وما تفضي إليه هذه المفاوضات من تغيير في الوضع السياسي والدستوري وذلك ما يجعل البعض داخل الإنقاذ يفضلون بقاء الحال على ما كان عليه، مرورا بمشكلة دارفور التي صنعها النظام بنفسه كجزء من وهم ايدلوجيا العنصر والدين إلى الوضع الاقتصادي المتأزم وطرق السلطة في تعاملها مع معارضيها يجعل من الإنقاذ سلطة أزمة بحق وهذا عين ما عبر عنه مساعد رئيس الجمهورية (ان الأوضاع السياسية الراهنة تشبه تلك التي كانت سائدة في نهاية الفترة الديموقراطية الثالثة التي أدت الى انقلاب "الإنقاذ" وانهاء حكم رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي في حزيران (يونيو) العام 1989, مشيراً الى "حال القلق التي تعتمل في الصدور والضبابية التي تكتنف مستقبل البلاد ومصيرها" – "سودانايل، نقلا عن الحياة 13/9/2004"). وإذا كان هذا هو حال الحكومة وحقيقة الوضع في بلد كالسودان لا يمثل فيه حزب الإسلاميين، حاكما ومعارضا، كل أهله أو اغلبهم، بحسابات أخر انتخابات جرت في البلاد، فما الذي يدعو إلى التبضع في سوق المبادرات والجلوس في ثلاثة عواصم افريقية لمفاوضة معارضيها من حمل منهم السلاح ومن لم يحمله؟ وإذا كانت هناك حرب على جبهتين (الجنوب والغرب) وثالثة (الشرق) في طريقها للاشتعال وسبق ان أعلن مقاتلي دارفور قدرتهم على نقل المعارك إلى وسط السودان وهنالك معارضة بطول البلاد وعرضها من خلال جماهير أحزاب التجمع وحزب الأمة وأخيرا المؤتمر الشعبي اوليس من الواجب الجلوس لطاولة واحدة قبل ان يستفحل الأمر بأكثر مما هو حادث؟ سيل المشاكل والازمات الذي يجتاح الحكومة يجعل الرهان على الجلوس إلى التفاوض في عدة عواصم كسبا للوقت لتفكيك أو تفكك أو ضرب المعارضة رهانا خاسرا بكل المقاييس، ذلك ان عامل الوقت يجعل النخر يتقدم أكثر في مفاصل السلطة وذلك ما أثبتته الوقائع في السنوات الماضية وهاهي مجموعة أخرى تتقدم إلى الرئاسة بمذكرة من بينها اسلاميين تنفيذيين في الحكومة واعضاء في الحزب الحاكم يقودهم د. الطيب زين العابدين تسعى لتوسيع دائرة اتخاذ القرار في وسط الإسلاميين بدلا عن حصرها في فئة محددة كما تناقلته الصحف ومواقع الانترنت في بداية سبتمبر الحالي. ان البلاد في حاجة لانقاذ الإنقاذ منها، ذلك حقيقة ما يمكن ان يقال عن سلطة أزمة كهذه تصنع الأزمات عن وعي وقصد، فتارة تلقي باللائمة على جيرانها، وتارة على القوى الدولية، وأزمة دارفور اقرب نموذج إلى تصوير الحال بعكس حقيقته، أي الزعم بالمخطط الخارجي، كذلك تتجنب إعطاء خطاب واضح وواحد وإذا كان مثل هذا الصنيع يعد عملا تكتيكيا، فانه يوضح مدى الاختلاف من ناحية ومن ناحية أخرى فهذا أمر لا تقدم عليه سلطة تعرف معنى تصريحاتها بأي حال. لم يتبق إلا ان تنظر السلطة في حقيقة ما بلغته الأزمة في البلاد، وإذا كان هنالك من موقف صحيح يمكن ان تتخذه الإنقاذ فاليكن بالتداعي لعقد مؤتمر قومي لحل أزمة البلاد على المستوى السياسي والدستوري أولا. 20/9/2004 انتهي
للمراسله
عزالدين الشريف/السعودية [email protected]
ملحوظه : كاتب المقال هو صديق عزيز كاتب جيد رصين اللغه والعباره قمت بانزال هذا المقال حتي ينال حظه من النقاش ولما طرحه الكاتب عز الدين من اراء اعتقد انها ستكون مفيده لو نظر اليها بعين الاعتبار ودمتم جميعا . خضر
|
|
|
|
|
|
|
|
|