كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 07:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-12-2004, 08:32 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟

    كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟



    هذه دعوة لتجميع ما كتب في لإعلام العربي عن أزمة دار فور و يمكنكم الإسهام بمداخلاتكم ، نقدا أو اتفاقا مع ما يكتب....

    عمر




    Al Khaleej newspaper 13.07.04
    دار تفور .............................. نورة بنت مسلّم
    في دارفور تغلي الأوضاع الانسانية على صاج الفقر والتشرد والصيف، وفيها أيضاً ضحايا ليسوا جدداً على مخلفات السياسية وشظايا النزاعات، والتي تعتبر في النهاية ترجمة صريحة لأن يكون الأبرياء والضعفاء هم ضحايا القوى المتصارعة.

    لن نقول ماذا يحدث، أو لِمَ يحدث، كلها تساؤلات خارج نطاق الوضع الانساني المتدهور هناك لبشر وأسر وجوع وفقر وأمراض وتشرد وتشرذم. هذا هو المهم، وهو الأجدى بأن نقول: أين أيادينا عنهم؟ أين المساعدات الانسانية العربية والاسلامية؟ أم ترى بعضنا لا يدرك أين تقع هذه (الدار التي تفور) برزاياها ورزحها تحت وطأة الحاجة؟

    لقد اعتدنا حضورنا الانساني في المصائب والكوارث، واعتدنا أيضاً أن يتجاوز إمدادنا وفيضنا دولاً منكوبة حدود الجوار والقومية والعقيدة، وهو شيء يسجل لنا، لكن ما يسجل على الجميع الآن، وعطفاً على ما يحدث هناك، ألا يحرك أحد ساكناً وأن توجد هيئات عالمية ولجان دولية انسانية وطبية تعبر عن قلقها واستيائها مما يحدث هناك، وأن يتحدث أهالي هذا الاقليم العربي المكلوم نقلاً عن مراسل قناة “العربية” ويعبروا عن استغرابهم لعدم الوجود الانساني العربي والاسلامي هناك.

    أحياناً نشك في قدرتنا على الالتفات والتقاط المسؤولية من احساس صعب وشاق، وهو التفاتتنا التي يجب أن تسبقها إشارة دولية انسانية تشعرنا بالحرج، أو اننا فعلاً لا نملك الوقت الذي يكاد يخنقنا لنميّز بين الأفراح والأتراح، ونعتبر كليهما في النهاية مناسبات وواجبات.

    صحيح ان المآسي في عالمنا تزداد، واننا بتنا نشعر بالحرج من هذا القارئ الذي نصر على التعليق على ما يحدث على مرأى منه كل يوم، وأن ما من ساعة نهار صافية ورقيقة نروح بها عن نفسه، لكن الحقيقة اننا جميعاً محاصرون بهذا القدر والذي يتزامن مع جراحات عدة وأوجاع بعضها مكبوت ومحكوم، وبعضها متمرد وظاهر ومنشق عن مسألة المداراة التي تحرص عليها أساليبنا العامة في التعامل مع الأحداث.

    لكن الأكثر إلزاماً وصراحة هو ما يفرض نفسه، ومن الصعوبة بمكان أن تخيّرني الأحداث بين الكتابة عن مثل هذه المأساة لاقليم دارفور، أو أغنية البرتقالة التي أعادت الى فولكلور الشارع اعتبار الفواكه وقيمتها العاطفية قبل الغذائية.

    بعض المصائب تأتي بنفسها وتقتحم الانتباه الغافل والساكن، وبعضها الآخر ينتظر حاجتنا الى تفاصيلها عندما نفاجأ بأن الفواجع في “ترمومتر” أقدارنا ترتفع، وفي واقعنا تزداد تضخماً وتراكماً ، ويليق بنا فعلاً أن نقول: على قدر أهل المآسي تأتي المصائب!



    نورة بنت مسلّم

                  

07-12-2004, 08:35 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    Al Khaleej newspaper 04.07.04


    باول والسودان و"الحرب العالمية النفطية" .......... سعد محيو
    (I)

    المشهد كان مثيراً حقاً:

    كولن باول، وزير خارجية الدولة الاعظم الوحيدة في العالم، يدير ظهره للانقسامات والانشطارات الخطيرة بين ضفتي القارتين الامريكية والاوروبية فاحشتي الثراء، وييمم وجهه نحو أعمق أعماق القارة الافريقية السمراء فاحشة الفقر.

    ليس هذا فحسب، بل عمد باول أيضا الى تعريض نفسه الى أكبر مخاطر امنية، حين تجوّل في دارفور التي تعج طرقاتها بكمائن الميليشيات المتصارعة. ومن هناك أطلق تحذيرات قاسية الى الحكومة السودانية، بأنها ستكون على موعد مع عقوبات أقسى في مجلس الأمن، ما لم توقف المذبحة الانسانية في ذلك الاقليم.

    ماذا جرى؟ ومن أين أتى باول بكل هذه الشجاعة الشخصية والحماسة الاخلاقية، التي جعلته يقفز فوق طعنات أولاد العم الاوروبيين، وورطات الاقرباء العبرانيين، ليكرّس كل وقته لهذه المهمة الانسانية النبيلة في السودان؟



    (II)

    نسارع الى القول هنا اننا لسنا في وارد الدفاع عن مركزية سياسية استبدادية في الخرطوم، لم تسفر خلال السنوات الخمسين الماضية سوى عن حروب دائمة، عدا حفنة سنوات سلام بين 1972 و1983. فالفيدرالية الديمقراطية قدر سياسي لهذه الدولة العربية- الافريقية، متطابق مع قدرها الجغرافي الذي جعلها الاكبر والاكثر تنوعاً إثنياً ودينياً في القارة الافريقية، والذي حباها بنهرين كبيرين وتاريخيين (النيل الابيض والنيل الازرق) وخيرات زراعية وموارد طبيعية لا حدود لها.

    لكن، وبعض قول كل شيء عن سلبيات وسوءات الحكومة السودانية، نأتي الى موبقات الحكومة الامريكية.

    فلا أحد كان قادرا حتى الآن على إقناع أحد، ان يقظة الضمير الامريكية المفاجئة لحروب جنوب السودان، ثم انفجارات دارفور في غربه، (وربما حروب جبال النوبة وضفاف النيل الابيض)، كانت يقظة ضمير حقاً، لا يقظة نفطية واستراتيجية.

    ولهذا العجز عن الاقناع سبب معروف: كل آثار الأقدام الامريكية في السودان تقود الى حقول النفط لا الى حقول القمح. وبرغم أن اللوبي المسيحي البروتستانتي القوي في الولايات المتحدة الداعم لمسيحيي جنوب السودان (ووثنييه !)، لعب على مدار السنوات الماضية دورا في بلورة السياسات الامريكية الراهنة إزاء هذه الدولة العربية، إلا أن هذه السياسات لم “تنضج” إلا بعد أن وصل بوش الى سدة الرئاسة العام 2000 على أكتاف شركات النفط الكبرى الامريكية.

    وكان لافتاً، على أي حال، أن يدلي الرئيس الامريكي بخطاب في 3 أيار/ مايو 2001 امام اللجنة اليهودية الامريكية، يركّز فيه لا على العراق وإيران والشرق الاوسط الكبير، بل على السودان. فهو اتهم حكومة الخرطوم “بشن حرب ضد مواطنيها المسيحيين والتقليديين”، وأعلن عن نيته “لفت أنظار العالم كله الى الفظائع في السودان”.

    وبقية القصة معروفة: ضغوط أمريكية عنيفة منذ ذلك الحين على نظام عمر البشير لحمله على تغيير لون جلده، ولتكريس التدخل الامريكي في كل شاردة وواردة في الوضع الداخلي السوداني، من أدغال الجنوب الى سهوب دارفور.

    وحصيلة القصة معروفة أيضا: نجاح هذه الضغوط، استسلام البشير، وبدء تحّرك شركات النفط الغربية الرئيسية “إيسكون” و”شل” و”توتال” للعودة الى الساح السوداني لمنافسة (وربما للحلول محل) “سي.ان بي.سي” الصينية، و”أو.ان.جي.سي” الهندية، وبتروناس الماليزية.

    إنتاج النفط السوداني يبلغ الآن نحو 250 ألف برميل يوميا يصدر في معظمه، عدا 60 ألف برميل تخصص للاستهلاك المحلي. لكن رقم الانتاج مرشح للقفز الى 500 ألف برميل العام ،2005 وربما الى أكثر بكثير خلال السنوات العشر المقبلة، لأن المحللين يعتقدون أن مناطق سودانية عدة تسبح فوق بحيرات كاملة من البترول.

    بيد ان اهتمامات واشنطن لا تقتصر على النفط، رغم أولويته القصوى. فكما انها خططت لكي يكون العراق منصة انطلاق نحو السيطرة على الشرق الاوسط الكبير (ومنه الى قارة أوراسيا الاوسع)، كذلك هي تعتبر السيطرة على السودان منصة الانطلاق المفترضة الرئيسية للإطباق على القارة الافريقية برمتها.



    (III)

    هل كان هذا التطابق والتقاطع بين المصالح النفطية والاهداف الاستراتيجية والحماسة البروتستانتية الدينية، المحفز الرئيسي لحماسة باول الانسانية الشديدة في دارفور؟

    حتما. لا بل أكثر: يمكن القول من دون تردد ان المصالح الاستراتيجية والحمى البروتستانتية، تصبان في الواقع في برميل واحد. برميل مملوء بالنفط.

    ومن يشكك في هذه المقولة، ما عليه سوى استعراض ما تفعله الولايات المتحدة في كل بقعة، (مهما صغر حجمها)، تتضمن نفطا (مهما قلت نسبته) من جبال آسيا الوسطى الى صحارى العراق وشبه الجزيرة العربية، مرورا حتى بجليد ألاسكا رغم تمتعه بالحماية البيئية، إذ حينذاك ربما يقترب من القناعة بأن ما يجري الآن، لا يقل كونه حقا “حرباً عالمية نفطية” شاملة.

    والسودان الآن يتربع على رأس أولويات هذه الحرب، في “جبهتها الافريقية”.



    سعد محيو



                  

07-12-2004, 08:46 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    إنزال أميركي... مزحة ثقيلة
    أحمد الربعي

    الأوضاع في منطقة دارفور في السودان دليل على ازمة اخلاقية عربية كبرى تشمل الحكومات والشعوب ومؤسسات المجتمع المدني.
    هناك مأساة انسانية كبرى ضحيتها مليون شخص بين مشرد وجائع، والمنظمات الانسانية الدولية والأمم المتحدة ومنظماتها تعمل على مدار الساعة لمساعدة الناس، وتقارير منظمات حقوق الانسان مرعبة رغم التطمينات الرسمية السودانية، ورغم كل ما يقال في الخرطوم عن مبالغات وعن سوء نية دولية بالتعامل مع القضية.
    الأمين العام للأمم المتحدة سيصل الى دارفور لتقصي الازمة الانسانية ووزير خارجية اكبر دولة في العالم سيصل الى دارفور بعد ضغوطات كبيرة من مؤسسات المجتمع المدني الأميركية والأوروبية، بينما لا نرى وزيرا عربيا، ولا حتى منظمات انسانية خيرية عربية تفعل شيئا.
    أتحدىأي انسان ان يجد في الفضائيات العربية المشغولة بمقاومة الفلوجة، وبانتصارات الارهاب في العراق شيئا عن هذه المأساة الانسانية رغم انها تحدث في بلد عربي وضحاياها من المسلمين.
    الحكومة السودانية اتخذت قرارا صائبا بوقف تسليح عصابات الجنجاويد ولكن بعد خراب البصرة كما يقول العرب، قد قامت حكومات سودانية بتسليح هذه العصابات واطلاق يدها حتى كبرت واصبحت خارج نطاق السيطرة.
    هناك ازمة اخلاقية عربية لا نريد ان نعترف بها، فجريمة سجن أبو غريب حركت الكثيرين وهو أمر طيب ولكن جرائم صدام بحق العراقيين في أبو غريب وغيره لم تكن تعني شيئا لكثير من المثقفين العرب، ولكن لأن الذي عذب العراقيين هو أميركي فقد كانت الغضبة ضد الأميركي وليست من اجل العراقي، وكذلك الحال فقد دامت الحرب السودانية عشرات السنين ولم يكترث العرب بملايين الضحايا ولا بالمجاعات. واعتقد ان الحل لأزمة دارفور هو بانزال قوات أميركية لأن ذلك سيجعل الفضائيات والاحزاب العربية تنتفض للشرف العربي وللانسان العربي وستقوم حملة شعواء للتضامن مع السودان. وبالتأكيد نحن نمزح. ولكنها مزحة ثقيلة مطلوبة.


    التعليــقــــــــــات
    صموئيل بولس عبد المسيح
    هولندا
    28/06/2004
    صدق الأستاذ أحمد الربعي حينما افتتح مقالته بهذه الكلمات الصريحة الموجعة :
    ( الأوضاع في منطقة دارفور في السودان دليل على ازمة اخلاقية عربية كبرى تشمل الحكومات والشعوب ومؤسسات المجتمع المدني .. )
    والحقيقة أن التفسير الوحيد لكل هذا الظلم الحادث في دار فور ، وفي أماكن عربية أخرى كثيرة ، هو ( موت الضمير) والذي يموت ضميره لا يخشى الله ،ويفقد الأخلاق، فيفعل كل شيء وأي شيء ، حتى ذبح البشر .
    فذوي الضمائر الحية فقط هم الذين يخشون الله ويتحلون بالإنسانية والأخلاق فلا يرضون بالظلم أبداً ، ويشهدون للحق حتى لو كان ضد أنفسهم .
    ومن المفترض في العرب المسلمون أنهم أناس مؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالعدل والإحسان والمعروف ، وينهون عن المنكر..
    فضلاً على أن القرآن يقول عنهم :
    ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ..)
    لكن واقع الحال المنظور على الساحة الآن يؤكد اختفاء هذه الفضائل الحميدة وإستبدالها بما يغايرها، أخطرها الموافقة على الظلم، أو التغاضي عنه، فصدام ظلم العراقيين، وألقى بالنبالم والكيماوي على نساء وأطفال الأكراد، وصمت العرب ولم يدينوا مظالمه وجرائمه.
    وارتكبت مجازر في الجزائر والصومال وجنوب السودان وصعيد مصر، وصمت العرب ولم يدينوا هذا الظلم. وتعرض كثيرون من أصحاب الرأي والفكر إلى الإعدام والاغتيال والاعتقال والتعذيب والنفي، وصمت العرب ولم يدينوا هذا الظلم. وهاهو الظلم يتكرر في دار فور، وهانحن نكرر عار الصمت. بينما نملأ الدنيا صراخاً عما يحدث في العراق وفلسطين، رغم أن ما يحدث بهما - رغم استنكارنا له - لا يقاس بما حدث وما يزال يحدث في أماكن أخرى، وعلى رأسها دار فور. وهذا يدل على ضمائرنا قد ماتت لأننا لا ندين الظلم بالمطلق، بل بحسب الانتقاء!
    وهذا نوع من الكذب والرياء والنقاق وفقدان الاحترام للذات. فالإنسان السوي الذي يخشى الله بالحق، هو إنسان عنده ضمير (حي) يجعله يدين الظلم أينما وقع وبغض النظر عمن وقع.
    ويوم نعود ونقدر قيمة النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، سيعود العالم ويحترمنا.
    أما الآن، فنحن متهمون بالإرهاب والعنصرية والأبرياء منا متهمون بعار الصمت.
    وسوف يلاحقنا هذا العار ويلاحق أولادنا من بعدنا، وسوف يذكر التاريخ أن أهالي دار فور كانوا يذبحون ويبيدون بتأييد من بعضنا، وبصمت من بعضنا الآخر.
    ويبقى الإعلام ، وخصوصاً الفضائي ، في قفص الإتهام ، بسبب غضه البصر عن كل هذا الإجرام وتقديم القتلة على أنهم أبطال ومجاهدون في سبيل الله ،وفي سبيل الأمة .. كما تفعل فضائيات اليوم التي ماتت ضمائر القائمين عليها حتى أنهم صاروا يبرئون المذنب ويذنبون البرىء ، وهذا قمة الظلم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

    نظرياً ضمائرنا وإذا ماتت ضمائر البشر فعلى الأرض السلام لأن الضمائر الحية لا ترضى بالظلم أبداً من نتاج انعدام الضمير من قبيل أزمة ضمير. فلماذا فلا نعترف بالحقيقة ونقول أن النظام العربي أصبح يعاني من أزمة ضمير؟

    وميض الموسوي
    عراقي مقيم في كندا
    28/06/2004
    ازدواجية الفكر العربي ظاهرة غريبة رغم شيوعها في الطبقة التي يطلق عليها (الطبقة المثقفة) من كتاب وأدباء وسياسيين وأساتذة الخ.
    لكن الأغرب من ذلك عزيزي احمد إن كل من يذكر شيء من عيوب العرب يتهم بالخيانة والعمالة والصهيونية, حتى لو كان الفاعل جمال عبد الناصر. فاحذر.
    غريب حقاً هذا الفكر الذي يعتقد بأنهم معصومين من الخطأ او الشذوذ.
    خالد ابواحمد - صحفي سوداني
    البحرين
    28/06/2004
    ما جري في دارفور ويجري الآن, جاء من خلال الدعوة الي المشروع الاسلامي السوداني, والحقيقة التي لا يعلمها الاعلام العربي وللأسف يعلمها الاعلام الغربي ان (المشروع) الاسلامي الذي جاءت به حكومة (الانقاذ) في السودان راح ضحيته أكثر من ثلاثة ملايين قتيل وأكثر من اربعة ملايين مهاجر ما بين دول الخليج العربي والقارة الاوربية والاميريكية, وليس ذلك فحسب بل ان الطرح (الاسلامي) والتطبيق الفعلي لمشروع الانقاذ اطاح بكل الاعراف والتقاليد السودانية السمحة وكما اطاح بالمروءة والشهامة والامانة التي كان يتصف بها شعب السودان, فحتي تعيش داخل السودان لا بد ان تنافق وتكذب وترتشي وتفعل كا تؤمر به, لذا انهد ركن ركين في اخلاق السودانيين الذين تفاءلوا خيرا عندما جاءت الانقاذ, ولكن اصبحت وبالا عليهم..
    ومشكلة دارفور لها أبعاد عنصرية مرتبطة بشكل او آخر بفهمم (الاسلاميين) في تصفية مخالفيهم الراي, وقد حاولوا اغتيال الرئيس المصري مبارك وهذه مثبتة لدي المخابرات الاثيوبية والمصرية والاميركية, وقد اغتالوا بالفعل مجموعة كبيرة من رفقائهم لأنهم يملكون أدلة دامغة على تورط النائب الاول ومجموعته في التحضير ثم التنفيذ لأغتيال حسني مبارك.
    ومشكلة دارفور كشفتها امكانيات ابناء المنطقة الفكرية والاكاديمية للأعلام الخارجي ولكن هناك العديد من الفضائح في الابادات الجماعية الي هذه اللحظة لم تجد التطرق اليها لخوف اصحاب القضية من فتك (الاسلاميين) بهم( اقراء مقالتي المنشورة في صحيفة الوسط البحرينية وموقع التجديد العربي حول فشل المشروع الاسلامي السوداني دراسة)
    اشكرك الاستاذ الربعي للمرة الثانية على دورك الكبير الذي لعبته وتلعبه في عكس هموم الامة.
    أيمن الدالاتي
    الوطن العربي
    28/06/2004

    لاأرى اعتقاد الربعي بإنزال قوات أمريكية في السودان مجرد مزحة ثقيلة كما روج الكاتب بمقالته هذه.. بل أراها أمنية لمن يهيمون بحب أميركا ومشروعها.
    أوسكار الراهب
    فلسطين
    28/06/2004
    الكاتب احمد الربعي
    قبل ان تكتب عن السودان وتكتب عن أزمة العرب الأخلاقية حري بالكاتب أن يكتب عن مساهمات الكويت في هذه الأزمة وما فعلته بالعراق وفلسطين. العرب وخاصة الأمريكيين منهم لديهم أزمة أخلاقية قديمة ومزمنة قبل السودان لأنهم لا يستطيعوا عمل شيء للشعب الفلسطيني المضطهد يوميا وللقدس المهودة مع سبق الاصرار وللشعب العراقي المنهك. وحتى يكون لكم مصداقية عندما تكتبون عن السودان مارأيك بالكتابة عن البدون في الكويت مثلا أليست هذه مسألة إنسانية وأخلاقية، أم هذه أيضا مزحة ثقيلة.





                  

07-14-2004, 07:48 AM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    Al Bayan newspaper



    المؤامرة على دارفور تستهدف مصر


    بقلم :يوسف الشريف

    على عكس كل التوقعات السياسية وقع اختيار قمة الاتحاد الافريقي في أديس أبابا على استضافة جنوب افريقيا ـ وليس مصر ـ للبرلمان الافريقي، ولعل هذا الموقف يذكرنا بتفضيل جنوب افريقيا على مصر في استضافة المونديال الكروي، بينما الحقيقة المؤلمة تشي بتراجع الدور المصري في افريقيا تباعا، واذا كانت مصر قد ساهمت في دعم مختلف حركات التحرر في افريقيا أواخر الخمسينيات وحتى نهاية الستينيات، حتى حققت العديد من الشعوب الافريقية استقلالها، ثم اذا بالطلبة واللاجئين السياسيين الأفارقة الذين كانت تعج بهم الجامعات .


    والمنتديات السياسية في مصر، يتربعون على سدة السلطة والنفوذ في أوطانهم، فلعله من هنا كان رد الجميل لمصر، عندما أجمعت كل الدول الافريقية على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل رغم ابتلاء مصر آنذاك بنكسة الخامس من يونيو 1967، لا باعتبار مصر دولة عربية أو اسلامية، وانما لانتمائها «أولا» لافريقيا، ثم لأن ميثاق منظمة الوحدة الافريقية «ثانيا» يلزم بالتآزر ومقاومة العدوان اذا ما تعرضت له أي من الدول الأعضاء.


    على أن الأزمة السياسية في السودان كشفت عن مدى التراجع الخطير للدور المصري في افريقيا بشكل عام وفي السودان بوجه خاص، ورغم أن السودان أهم بلد في العالم بالنسبة لمصر، وما يربط البلدين من الوشائج والأواصر والمصالح والأمن القومي المتبادل يؤهلهما ولا شك للولوج الآمن الى الشراكة المصيرية أو التكامل السياسي والاقتصادي وربما الوحدة الاندماجية، الا أن المبادرة المصرية الليبية التي كانت ترنو الى حل الأزمة السياسية في السودان سرعان ما خبى بريقها وزخمها تدريجيا، حتى باتت الساحة مهيأة لأمريكا لتضرب بهذه المبادرة عرض الحائط، وتعلن تبنيها ورعايتها لمبادرة دول الايجاد.


    والأدهى والأمر أن تستبعد مصر وليبيا من المشاركة ولو بصفة مراقب في مفاوضات السلام التي شهدتها المنتجعات الكينية في ماشاكوس وناكورو ونيفاشا، بينما كان الحضور والمشاركة متاحا لدول بعيدة آلاف الأميال عن السودان ولا تربطها به وشائج أو علاقات كما هو الحال بالنسبة لمصر وليبيا، وبينها النرويج وايطاليا على سبيل المثال، وهكذا بات على السودان وحده أن يتجرع مرارات التدخل والاملاءات الأمريكية في غياب الدور المصري سواء في افريقيا أو في السودان.


    وأن نتوقع نفاذ المؤامرة الكبرى الرامية الى فصل جنوب السودان عن الوطن الأم، الى حين نضوج طبخة التآمر الأمريكي الدولي على اقليم دارفور، خاصة بعدما وافقت الخرطوم مرغمة على استقبال قوات أفريقية لحفظ السلام في دارفور، في ضوء التصريح الذي أدلى به وزير خارجية السودان الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، مؤكدا أن السودان يستقبل هذه القوات في اطار البروتوكول الخاص بمجلس السلام والأمن الافريقي، وأن بلاده وافقت على هذا القرار بالرغم من قدرتها واستعدادها لتوفير الحماية الشخصية لمجموعة المراقبين الدوليين في دارفور».


    واذا كانت حكومة الانقاذ تتحمل خطايا وأوزار الكوارث التي لحقت بالسودان على مدى خمسة عشر عاما منذ استيلائها على السلطة في السودان، خاصة أن مسئوليتها مباشرة عما لحق بسكان دارفور من قتل وتجويع ودمار شديد، الا أن عجزها واخفاقها غير المبرر عن وقف نزيف الأزمة عند حد، لا يعفي مصر من التحشد الدبلوماسي والاعلامي للوقوف بصلابة في مواجهة المؤامرة الثانية على وحدة السودان في دارفور، وذلك أن الأخطار التي تتهدد وحدة وسيادة السودان، انما تتهدد مصر بنفس القوة ولنفس المبررات والأهداف كما لو أن التفاعل الايجابي أو السلبي في علاقات البلدين أشبه بنظرية الأواني المستطرقة!.


    ـ كاتب مصري


                  

07-25-2004, 08:15 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    Al Khaleej newspaper
    22.07.04

    ماذا تريد الولايات المتحدة من السودان؟
    اميل أمين



    “نرى مزيدا من الكلمات لا الأفعال في هذه المرحلة، ونعتقد انه يجب أن يكون مجلس الأمن جاهزا لاتخاذ قرار، إذ أصبح واضحا أن الحكومة السودانية لا تنفذ تعهداتها”.

    بهذه الكلمات لريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية عبرت الولايات المتحدة عن توجهها في الأيام القادمة جهة السودان وهو توجه يدعو للقلق والتساؤل.

    أما القلق فلأنه يثير أزمة حقيقية لهذا البلد إذا فرضت عليه عقوبات دولية، وأما عن التساؤل فلأن العلاقة بين الولايات المتحدة والسودان باتت لغزا غريب الأطوار من الطرف الأمريكي على الأقل، إذ انه بعد تحسن نوعي في العلاقة يمهد لتوقيع اتفاق سلام بين الشمال والجنوب تجيء أزمة دارفور ليجد السودان ذاته مرة جديدة في فوهة المدفع الأمريكي، والأغرب هنا أن الرئيس الأمريكي جورج بوش يأتي بنفسه على قمة القائمة التي تتزعم الحملة ضد السودان.



    تمثل دارفور خُمس الأراضي السودانية وتاريخها مملوء بالصراعات بين بعض القبائل العربية والإفريقية هناك، خصوصا في مواسم الأمطار أو نقص الطعام، وقد ساعد على تأجيج الصراع انتشار السلاح في أيدي القبائل بسبب الحرب الأهلية في تشاد المجاورة للإقليم وانتقال السلاح والمحاربين إلى دارفور حيث تمتد فروعهم القبلية هناك خصوصا قبيلة الزغاوة، وقد وقعت صراعات عديدة في سنوات سابقة وانتهت دون أن يفطن لها أحد إلا انه هذه المرة حظيت بتغطية أوروبية أمريكية واسعة أسهمت في توسيع شقة الخلاف والصراع بين القبائل.

    لماذا هذه المرة دون ما سبق؟ يرى البعض أن ما حدث في دارفور وان كان لا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا إلا أن هناك شكلا من أشكال التطهير العرقي قد ارتكبت جرائمه ضد بعض القبائل الإفريقية في الغرب وهو ما أورده السفير الأمريكي المتجول للتحقيق في جرائم الحرب بيير - ريتشارد بروسبر عندما ابلغ لجنة الشؤون الإفريقية المتفرعة عن لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب بالكونجرس الأمريكي التي تبحث موضوع التصدي لجرائم الحرب في إفريقيا يوم 23 يونيو/حزيران 2004 بأنه “توجد مؤشرات تدل على ارتكاب عمليات قتل جماعي في إقليم دارفور في غرب السودان، وان هناك دليلا على دعم الحكومة السودانية المستمر للميليشيا ومعرفتها بالانتهاكات التي ترتكب ضد المدنيين الأبرياء”.

    ولم يقتصر الأمر على مجرد الإبلاغ بل تعداه إلى مرحلة إصدار التبريرات التي تهيئ للمحاكمات بقوله للكونجرس “إن واشنطن لديها أدلة على ارتكاب 7 مسؤولين سودانيين وغيرهم من مسؤولي ميليشيا جنجويد جرائم حرب”.

    والحقيقة أن كلمة التطهير العرقي قد تلقى في العالم اجمع وقعا مزعجا إنسانيا، وتاريخ الصراع بين الشمال والجنوب كان قد رسخ في العقلية الغربية رصيدا سلبيا كبيرا للسودان، لذا فقد كان من الطبيعي أن يطالب برلمانيون أمريكيون بينهم نواب من السود في نداء إلى الرئيس جورج بوش في يونيو الماضي بالتدخل العسكري في دارفور من اجل وقف ما وصفوه بالإبادة الجارية هناك فيما زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تشدد على “انه يجب أن نتحرك فورا كي نحول دون استمرار المذبحة وتكرار عملية الإبادة التي وقعت في رواندا عام 1993 وأسفرت عن سقوط 800 ألف ضحية”.



    غرب السودان بعد جنوبه

    ماذا تريد الولايات المتحدة من السودان؟ تساؤل بديهي لا يمكن الإجابة عنه إلا في ضوء دورها الإمبراطوري على الصعيد العالمي، وفي تقديري إن السودان يشكل بالنسبة لها أرضا خصبة للانطلاق إلى قلب القارة الإفريقية لتحقيق أهدافها العسكرية والاقتصادية في القرن الأمريكي الجديد.

    والمؤكد أن ما يحدث في السودان ليس أمرا اعتباطيا فبعد أن ألقت بثقلها لمصلحة جون قرنق في الجنوب ها هي تتحرك ومن جديد في الغرب وربما يكون الوقت غير ملائم بالنسبة لها للتدخل العسكري هناك، لكنها مع ذلك تسخر الأمم المتحدة لمصلحة هذا التحرك الهادف لتطبيق سيناريو ما جرى في الجنوب على دارفور، وما بين التدخل العسكري والتدخل الأممي -إن جاز التعبير- فإن الولايات المتحدة تبحث عن خلق منطقة نفوذ أمريكية قوية في شرق إفريقيا تعد بديلاً مناسباً لمناطق نفوذها الملغومة في منطقة الخليج العربي.

    ومما يؤكد أن شيئا جديا وجديدا سيحدث في الأيام القادمة زيارة كل من وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ومن بعده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.

    لم يكن باول بمفرده إنما رافقه في رحلته 95 شخصا بينهم 15 صحافياً أمريكيا وهو ما تستلزمه الحملات الدعائية العدائية ضد السودان وهي أول زيارة من نوعها يقوم بها وزير للخارجية الأمريكية إلى السودان منذ عام 1978.

    ومما يرسخ الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تضمر شيئا ما في يقينها للسودان حتى ولو خضع لكل الضغوط ورضخ لتنفيذ كل ما يطلب منه ما حدث في أعقاب توقيع اتفاق سلام الجنوب حينما أطلق باول حزمة من التهديدات للضغط على الحكومة السودانية لمنع هجمات ميليشيا الجنجويد العربية على السكان المنحدرين من أصول إفريقية في المنطقة بقوله “إن رسالته للمسؤولين في الخرطوم هي انه عليهم ألا يتوقعوا أي نمو في العلاقات السودانية الأمريكية أو أي فوائد من العلاقة السودانية الأمريكية حتى يصححوا من سلوكهم في دارفور”.

    ومن جنوب السودان إلى غربه يطفو على السطح تساؤل مهم وحساس: هل هناك علاقة ما بين الجنوبيين والغربيين أو بين قرنق وجماعته من جهة ومتمردي دارفور من جهة ثانية؟

    يلزمنا الرجوع هذه المرة إلى المركز السوداني للخدمات الصحافية الذي أشار إلى دور الجنوبيين في تأجيج الصراع وإشعال الأزمة إذ وصلت -صباح يوم 27 يونيو 2004 إلى منطقة “جبل مرة” مقر التمرد في دارفور- طائرة عمودية تتبع للحركة الشعبية بقيادة العقيد جون قرنق تحمل عددا من الصحافيين النرويجيين لتصوير عدد من الأفلام والملفات التي تعمل على تصعيد حملة ادعاءات التطهير العرقي والإبادة الجماعية بدارفور.

    وقد قالت بعض الأقلام إن هناك علاقة ما نشأت بين متمردي دارفور ومتمردي الجنوب بدعوى الوساطة بينهم وبين الخرطوم لوقف القتال، كما أشاروا إلى أن متمردي الجنوب قد سعوا لإثارة القلاقل في الغرب في الثمانينات من القرن الماضي بهدف توسيع التمرد جهة الغرب للضغط على الخرطوم مما اضطر حكومة المهدي في ذلك الوقت لتسليح قبائل دارفور لمواجهة المتمردين، ومع فشل مد التمرد إلى الغرب فشلت خطة قرنق ولكن متمردي الجنوب يعودون الآن لتوثيق تحالفهم مع متمردي الغرب تحت غطاء الوساطة وهو ما قد يشكل ضغطا اكبر على الخرطوم.



    مطالب دارفور ومخاوف الخرطوم

    وإذا كانت الإجابة عن التساؤل السابق “ماذا تريد أمريكا من السودان؟” متشعبة وتتراوح بين الأهداف العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى الإيديولوجية الدينية منها، وهو ما سنأتي عليه لاحقا، فإن الطبيعي أن يتساءل المرء ماذا يريد متمردو دارفور من تمردهم؟ الواقع أن المتتبع لتصاعد الأزمة في دارفور يلحظ أن مطالب هؤلاء قد تخطت حاجز العدالة في توزيع الثروة إلى المطالبة بالحكم الذاتي والاستقلال بل تزايدت شروطهم للدخول في أي مفاوضات مع الحكومة، وقد كان آخر هذه المطالب من وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إقامة منطقة حظر للطيران العسكري وتسهيل حرية الحركة لعمال الإغاثة وإجراء محاكمات جرائم حرب لعناصر ميليشيا جنجويد العربية التي قامت بعمليات نهب وحرق في دارفور قبل الشروع في أي مفاوضات سياسية مع الخرطوم.

    ووقفه متأنية أمام كلمة “منطقة حظر للطيران العسكري” تجعلنا نعتقد أن سيناريو التقسيم العراقي ربما سيتكرر في السودان.

    ولعل هذا ما حدا بالحكومة السودانية للتحذير من فرض عقوبات دولية عليها بسبب ما يجري هناك لأنه في تقديرها سيؤدي إلى مأزق شبيه بالمأزق العراقي، وهذا ما أورده صراحة وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل بقوله “إن التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على بلاده لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع، وان الأصوات الأمريكية والبريطانية التي تطالب بفرض عقوبات على السودان هي تلك الأصوات التي جرت العالم إلى المشكلة العراقية، فهل ستجر هذه الأصوات العالم إلى مشكلة جديدة؟” هكذا تساءل الوزير السوداني مؤكدا انه سيكون من الصعب عليه أن يخرج نفسه منها وتلك هي المشكلة دارفور.



    أمريكا ومؤامرة تقسيم السودان

    يقولون انه في بعض الأحايين يكون سوء الظن من الفطنة لكنه في الحالة السودانية نجد جمهور المحللين يذهب إلى انه في كل الأحايين، وليس في بعضها، ليس اشد من حديث “المؤامرة” سوء ظن.

    فهل هناك مؤامرة تحاك ضد السودان تستهدف هويته وتركيبته كما تساءل وزير الخارجية السوداني؟

    أما عن الإجابة فقد جاءت من القاهرة هذه المرة وعلى لسان السفير السوداني فيها احمد عبدالحليم الذي اتهم الولايات المتحدة بالتآمر على السودان من خلال إخراج أزمة دارفور عن سياقها واتخاذها ذريعة لاستهداف بلاده.

    وفي رأي السفير السوداني أن هناك استراتيجية أمريكية مدعومة بريطانياً للتآمر على السودان منذ فترات سابقة، وقد أشار إلى أن المؤامرة اتخذت شكل محاصرة السودان بجيرانه في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كما اتخذت شكل الاعتماد على المخابرات “الإسرائيلية” وعلاقتها مع دول جوار السودان، لافتا إلى أن عام 1997 شهد تحرك ثلاثة جيوش إفريقية للتحرش بالسودان، بل كان قائد غرفة العمليات في “عنتيبي” بأوغندا عميدا في الجيش “الإسرائيلي” ويقوم بتوجيه العمليات.



    نفوذ واستخبارات

    وفي الإجابة عن الأهداف الأمريكية من الوجود في السودان تتداخل الخطوط والخيوط، فالسودان بالنسبة لأمريكا كان هدفا منذ أيام الحرب الباردة، إذ كانت الولايات المتحدة تبحث عن موطئ قدم لها هناك تحسبا للتغلغل الشيوعي الذي كان قد بدأ يأتي أُكله في القارة السمراء، لذا فقد جاء عرض المعونة الأمريكية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي.

    وعبر أكثر من خمسين عاما كانت العلاقات تتراوح ما بين قطع العلاقات الدبلوماسية بصورة كاملة وبين التمثيل النسبي مرورا بفترات كان السودان فيها حليفا قويا للولايات المتحدة، وقد تجلت هذه العلاقات القوية في فترة حكم النميري الذي أيد مصر في توقعيها لاتفاقية كامب ديفيد مع “إسرائيل” والذي تبنى موقفا مناوئا لكل من ليبيا وإثيوبيا وهما الأقرب إلى التحالف مع الاتحاد السوفييتي.

    كان السودان في هذه الفترة قاعدة أمريكية دبلوماسية وسياسية من خلال سفارتها التي احتفظت فيها بأكبر وجود دبلوماسي على أراضيه إذ بلغ نحو 300 موظف وهو حجم لا تبرره العلاقات الثنائية بين البلدين وإنما ليصبح نقطة انطلاق وتحرك إقليمي.

    لكن مع وصول الفريق عمر البشير في يونيو/حزيران من عام 1989 تعمقت حالة العداء بين الطرفين بسبب توجهات النظام الإسلامية ووقوفه في الصف المناوئ للتحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة ضد الغزو العراقي للكويت عام 1990 ومعاداته للسياسات الأمريكية وحلفائها في المنطقتين العربية والإفريقية، وكذلك للشكوك الأمريكية حول وجود صلة للنظام بالمنظمات الإرهابية وضلوعه في عملية تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993.

    أما أسوا الأيام فقد بدأت مع وضع الولايات المتحدة السودان على لائحة الدول التي ترعى الإرهاب في أغسطس/آب ،1993 وهو ما اتبع بعد ذلك بثلاث سنوات بتقديم مبلغ 20 مليون دولار إلى جيران السودان الثلاثة إثيوبيا وإريتريا وأوغندا لدعم تجهيزاتها العسكرية في مواجهة السودان.

    لكن تغيرا إيجابياً طرأ على العلاقة الأمريكية السودانية عندما سمح السودان لكل من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي بإرسال مبعوثين بل وفتح مكتب للتحقيق في الوجود الإرهابي الأجنبي على أراضي البلاد.

    أما عن إيجابية وأهمية هذه الخطوة فإنها تنبع من أنها أسست لتعاون استخباري بين البلدين قبل خمسة اشهر كاملة على أحداث 11 سبتمبر/ ايلول التي دفعت الولايات المتحدة للبحث عن أي عون استخباري فيما يتعلق بتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة ابن لادن، والسودان الذي استضاف ابن لادن عدة سنوات يملك الكثير مما يمكن أن يقدمه في هذا المجال، وهو ما فتح الباب أمام أسلوب جديد في التعامل مع النظام في الخرطوم يهدف إلى وقف الحرب ضد الإرهاب ودعم سياسة الإدارة فيما يتعلق بميدان الطاقة النفطية والتركيز على الإمدادات وتنويعها لتقليل الاعتماد على منطقة الخليج العربي.



    نفط وبعثات تبشيرية

    وفي تطلعنا إلى إيجاد إجابة عما تبغيه واشنطن من السودان وتأثير هذه الأهداف في مستقبل السودان نتوقف أمام عاملين رئيسيين في العلاقة هما العامل الاقتصادي المتمثل في النفط السوداني، والآخر أيديولوجي ديني يتعلق بالرؤية الدينية المحافظة للإدارة الأمريكية الحالية في علاقتها مع نظام أصولي إسلامي تراه مضادا لحركتها.

    أما عن النفط فحدث ولا حرج ذلك لأنه مع اقتراب سعر برميل البترول الأمريكي الخفيف من 40 دولارا فإن البحث عن بدائل رخيصة يصبح أمرا استراتيجيا وحيويا لأي إدارة أمريكية ولعل هذا ما حدا بالولايات المتحدة لأن تمارس ضغوطا هائلة على الشماليين والجنوبيين في السودان كما فعلت من قبل مع المغرب وإسبانيا -رغم فشلها في حل قضية فلسطين والعراق مثلا- من اجل النفط الرخيص المتوافر بكثرة هناك، وإذا وضعنا في عين الاعتبار أن الإدارة الأمريكية الحالية ليست إلا مجموعة من رؤساء ومديري شركات نفطية لأصبح من الواضح لماذا الاهتمام بالسودان جنوبا وشمالا، والآن غربا في دارفور، والذي يحتوي بدوره على كميات ليست قليلة منه.

    ولعل جون دانفورث المبعوث الأمريكي إلى السودان قد عبر بصراحة عن هذا الهدف بقوله “إن وقف الحرب الأهلية في السودان يمكن أن يفتح الباب أمامه ليصبح دولة نفطية كبرى في إفريقيا”، ويضيف انه تم تكليفه من قبل بعض إدارات الحكومة الأمريكية بإعداد ملف عن النفط السوداني وكيفية توزيع عائداته وشدد على أن احتياطي النفط السوداني ينتج حاليا 205 آلاف برميل يوميا تكفي حاجته ويصدر الباقي.

    والحادث انه إذا كانت إدارة بوش الجمهورية قد تهيأت لوضع يدها على نفط الجنوب فلماذا لا تضع يديها بالمطلق على ما يوجد في الغرب خاصة أنها تؤمن بأنها من خلال شركة شيفرون الأمريكية كانت أول من اكتشف النفط السوداني الذي تستمع به الشركات الصينية والماليزية والهندية؟

    ويتبقى في الأمر البعد الديني في القضية السودانية لكن ماذا عن هذا البعد الجديد؟

    بعد فترة قصيرة من دخول بوش البيت الأبيض استقبل مستشاره السياسي كارل روف وفدا من شخصين يمثلان تحالفا من اليمين المسيحي حيث تحدثا عن ضرورة قيام الإدارة بالتدخل لوقف الحرب الأهلية في السودان.

    أما الرجلان فهما “تشارلز كولسون” الذي أمضى سبعة اشهر سجينا لدوره في فضيحة ووترجيت الشهيرة وخرج ليصبح مسيحيا أصوليا و”ديفيد سابر ستاين” وهو ناشط في مجال الحريات والقضايا الليبرالية.

    وبرغم أن روف مهتم بالبعد الداخلي للإدارة الحالية إلا انه وعد الرجلين بأنه سيتهم بموضوع السودان وقد كان أن سافر باول إلى كينيا حيث التقى بطرفي النزاع وحثهما على إنهائه.

    والواقع أن وراء الاهتمام بالسودان هو نظرة الحكومة اليمينية الأمريكية ذات الاتجاهات المسيحية لهذا البلد الأصولي الذي يتصارع فيه، كما يرون، الشماليون مع الجنوبيين، والطرف الأول من المسلمين الأصوليين المتهمين بدعم الإرهاب فيما أهل الجنوب من المسيحيين الذين وجدت البعثات التبشيرية عندهم أرضا خصبة للعمل، كما كثر الحديث عن دور مجلس الكنائس العالمي هناك والضغوط التي مارسها على الأوروبيين والأمريكيين لإحقاق حقوق الجنوبيين كما أسموها.

    والمؤكد أن الاهتمام الذي أبداه روف بقضية السودان وانعكس على الإدارة الأمريكية فيما بعد يعود إلى الثقل الذي تتمتع به القاعدة المسيحية التي وفرت لبوش40% من الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات الماضية وانه لإعادة انتخابه في نهاية العام الجاري لا بد له من ضمان أصوات هذه القاعدة مرة أخرى.



    العودة إلى دارفور

    ومما لا شك فيه أن تحقيق تسوية سلمية في الجنوب من جهة، وإدراك تسوية ما لأزمة دارفور والتي يشعر الأمريكي العادي أنها أزمة إنسانية ذات أبعاد أخلاقية سيمكنان لبوش من زيادة احتمال إعادة انتخابه بعد تدني المؤشرات الخاصة به أمام منافسه الديمقراطي جون كيري، لذا فإنه لا يهم أن يتحقق ذلك بأي شكل من الأشكال حتى ولو كان من قبيل استصدار عقوبات من مجلس الأمن على السودان.

    وفي مشهد دارفور تحاول الولايات المتحدة أن تتزيا مرة جديدة بثوب حارسة حقوق الإنسان، وفي محاولتها هذه تريد التغطية على فضيحتها الكبرى في العراق وما ارتكبته قوات الاحتلال هناك من انتهاكات إنسانية بشعة في حق المعتقلين العراقيين.



                  

07-26-2004, 01:56 AM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    بروفيسور حسن مكّى
    جريدة الراى العام




    المكون الاسلامي في السياسة والثقافة السودانية

    لم يقدر الكثير من الباحثين القدرات الذاتية التي يتحرك بها، المكون الاسلامي في الحياة السودانية، وهو المكون الضابط للحياة في السودان الوسيط، على مستوى العائلة والمجتمع والدولة، وقد ارتبط فك الخط، ومحو الامية والكتابة بالثقافة الاسلامية، وظل التراث السوداني المكتوب من بدايات القرن السادس عشر الميلادي مرتبطا بالثقافة الاسلامية، وقراءة القرآن نسخا وحفظا، ومطلوبات الحياة من تعامل مع الازمات، والامراض مرورا بقضايا الارض وتوزيع التركات وامور المعاش والمعاد، ويكاد المكون الاسلامي يحيط بحياة الانساني السوداني الروحية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى في ظل غياب الدولة، حيث يحرص السوداني على الحضور المسجدي، ويسمى المولود كامتداد للمسميات الاسلامية العربية: آمنة، وعائشة وفاطمة ومحمد وابوبكر الخ..

    كما ان المناسبات الدينية والحوليات والاعياد تحدد ايقاع الزمان والمكان. كما يندر ان يخلو منزل من كتاب دين او مدائح او حجاب او ما يرمز للتدين، كما ان الانتماء في السودان كان مركوزا في القبيلة والطريقة، وكما تباهت القبائل بعروبتها فقد تباهى المريدون باقطابهم واخوانهم، كما تباروا بابراز السلسلة الصوفية في تدرج المعرفة السجادية (الباطنية) وسط شيوخهم.

    ولعل مثالاً بسيطاً يمكن ان يكشف عن مدى تغلغل دفع الالتزام الديني في العقل السوداني عامة، ويمكن ان يبرز ذلك في التدافع العفوي لاداء صلاة الجمعة، حيث تفيض المساجد بالمصلين علما بانه لا اوضاع المساجد، ولا ما فيها من خطاب ديني يغري بهذا التدافع والتزاحم.

    ولكن يجئ ذلك نتاج نداء داخلي عميق تغلغل في العقل السوداني، يجعله يكابد الحر والزحمة واحيانا الملل، الذي يفرضه اداء الخطباء الذين لا يعرفون الاداء الخطابي، ومطلوبات ما قل ودل، والاعجاز دائماً في الايجاز. وقارن هذا التدافع العفوي في الحضور المسجدي مع الجهد المبذول لندوة فكرية او اجتماعية او سياسية وما يصاحبها من دعاية واتصال، ومحاولات حشد واعداد ولكن مع ذلك لا يتعدى الحضور النذر اليسير من جمهور مسجد متوسط يأتون لصلاة الجمعة طواعية مثلا بينما تكلف الندوات الملايين ولكن دون طائل.

    ولذلك سيظل العقل السوداني متحركا ومتفاعلا مع الدعوات الدينية، وسيظل نصيبها من الاستجابة كبيرا، على ضغوط العولمة وصيحات اللا دينية، وقد خيم الانجليز في دنيا السودان اكثر من خمسين عاما وبذلوا ما بذلوا في سبيل اخماد جذوة الدعوات الدينية، ولكن برزت لهم الدعوات الدينية، حتى من بين يدي اكبر مشاريعهم الثقافية، كلية غردون التذكارية والكلية الحربية ومؤتمر الخريجين، ممثلاً في الحركات الاسلامية وغيرها. واندثر جيل الافندية المربوط بالتراث الانجليزي او الغربي وظل العقل السوداني يراوح في دائرته الاسلامية.


    مضمون التدين السوداني:
    ولكن لا يعني ذلك ان الخطاب السوداني الديني استطاع ان يستجيب الى مطلوبات النهضة في السودان، او ان يقود الى التنمية العقلية، وتقاصر الخطاب الديني عن تفجير طاقات العقل السوداني لان الخطاب الديني ظل خطابا تلقينيا قائما على الاجترار والتكرار وارتبط بالتراث القديم وآليات السلطنة الزرقاء في التغيير ولم يتحول الى خطاب ابداعي او تجديدي، ولم يتجاسر على الاستحواذ على مكونات عقل نقدي تفتحي، وظل الخطاب الديني السوداني يقوم على شحن العواطف والتباكي على الماضي، وترديد احاديث المقامات والطامات، ولذلك انفصل الخطاب الديني عن مطلوبات النهضة ومطلوبات الاحياء ومطلوبات تفعيل العقل وتنزيل الطاقات لدائرة الفعل الحضاري والعلمي والاقتصادي.

    وادى ذلك لانفصام الخطاب الديني عن الخطاب التنموي والنهضوي بينما ظل الخطاب التنموي والنهضوي خطابا هامشيا وغير مؤثر، لانه ارتبط بالآخر وارتبط بالتبعية، سواء كانت التبعية للاسترليني او لمنطق الدولار، وسيظل الخطاب التنموي التحديثي غير فعال لانه استبعد لغة الدين وتحاشى المخاطبة من خلال الوسائط المكونة للعقل السوداني والذي ظلت تحركه اشواق التدين.


    التدين السوداني واضطراب الشأن السياسي:
    وربما صح جزئياً القول بأن الحركة الاسلامية السودانية فشلت نسبيا في تفجير طاقات التدين في اتجاه التنمية والنهضة، وارتبط خطابها تاريخيا بفكرة الاصلاح القانوني كاساس للتحول الحضاري، ولذلك تمحور خطابها حول فكرة الدستور الاسلامي التي ادت الى استقطاب ما بين النخب الحاكمة والجماهير، كما زادت من توتر العلاقات ما بين الخارج و الداخل، كما ان الخارج استغل قضايا الاقليات والكنائس وطموحات النخب في تعقيد هذه القضية والتي عرفت بقضية صلة الدين بالدولة.

    ويبدو ان الحركة الاسلامية انتبهت للمردود المحدود للدعوة للدستور الاسلامي في النصف الثاني من عقد السبعينات، حينما تعدل خطابها واصبحت تهتم بالخدمات الاجتماعية والاغاثة والتعليم، في مجتمع فقير تظل الخدمات في اولويات مطلوباته، ولذلك اصابت جهود منظمة الدعوة الاسلامية ونظـائرها في بناء المساجد وحفر الآبار واقامة المراكز الخدمية والصحية والاغاثة نجاحا كبيرا ولعلها السر في الانعطاف الكبير نحو الخطاب الاسلامي الذي برز وسط النساء والطلاب مما ادي الى تعزيز مكانة الحركة الاسلامية كقوة سياسية في المجتمع السوداني.

    ومع ذلك فان الخطاب الديني التقليدي ظل يراوح مكان الصدارة، ممثلا في خطاب الصحوة الاسلامية كما بشر بها السيد الصادق المهدي او الجمهورية الاسلامية كما روج لها السيد محمد عثمان الميرغني، بينما ظلت الحركات التي ابتعدت عن اللغة الدينية حركات هامشية في الوسط السوداني باستثناء الطارئ الجنوبي والذي اختار لغة العنف والصراع مع الدولة في اطار التحالف مع الخارج ممثلا في اسرائيل والكنائس والحركات المستخفة باوزان التدين في الشمال والاستخبارات الاجنبية، وروح التعصب والزنوجة في دول الجوار الافريقي.

    اما مضمون الحركات التي تتكلم باسم الثورة في دارفور وجنوب النيل الازرق والشرق وغيرها، فلا يكاد يوجد لهذه الحركات مضمون، ولذلك فانها تعمد لتغذية المواطن بالكراهية وبث ثقافة الكراهية وثقافة العنف لملء المساحات الفارغة في خطابها حتى اصبح الشعار في بعض مناطق السودان، وفي غناء الحكامات (ان نهب ساعتين خير من اغتراب سنتين) ومثل هذا الخطاب لا يمكن ان تبرز منه خطط اقتصادية او برامج سياسية او اصلاحات روحية وان ادى الى تفويض سلطة الدولة، كما ان الحركات التي تتكلم باسم القبيلة او الجهة لا مستقبل لها، و بات سندها الاجنبي، لانها اهملت العقل الجمعي لاهل السودان وحصرت نفسها في الحيز المحلي. بينما النهضة اساسها العقل القومي او الجمعي وكل خطاب متحيز منفصل عن الخطاب الجمعي للعقل السوداني، سيظل محدوداً ومقصورا وعاجزا عن متابعة الترقيات القومية والجمعية التي تجمع ولا تفرق، وكل خطاب يقوم على تجزئة المجزأ، وتفتيت المتفتت، هو خطاب عاجز وقاصر قد يصلح للتفتيت والتدمير ولكنه لن يكون البديل الحي الذي يحرك الاشواق الكامنة في العقل السوداني والداعية لبروز الامة السودانية، والداعية للتناصر والتوحد على اساس الاشواق الكامنة في العقل السوداني.


    الخطاب الديني للانقاذ وقضايا دارفور والاقليات:
    ومهما يكن، حائط الخطاب الديني السوداني من التنميط والاجترار، الاّ ان الخطاب الديني على تقليديته و محدوديته حافظ على الهوية السودانية الوسطية وعلى التماسك الاجتماعي وخلق شخصية روحية اخلاقية، عابرة للحواجز القبلية والجغرافية في اطار لا مركزيات الطرق الصوفية وفي اطار الاوراد المنمطة ليس على امتداد دارفور ولكن على امتداد الحزام السوداني، وحينما قاوم رابح فضل الله السوداني الغزو الفرنسي لم تنته روح المقاومة مع رابح وانما تجددت في الخطاب الديني في ابشي في تشاد وفي السلطان تاج الدين في دار مساليت الى ان فقد الفرنسيون صوابهم في عام 1917 فيما عرف بمجزرة الكبكب في ابشي، حينما تم تفطيس وقتل كل من فيه رائحة علم ديني.

    وتجددت المقاومة على يد علي دينار، الذي جعل من اوارد التجانية اساسا للصمود العقلي والتماسك الروحي في دارفور، الى ان استعان عليه الانجليز بالطائرات الحربية واخوانه من قبيلة الكبابيش الذي سعوا في الصف الانجليزي لتصفية بقايا اخر سلطنة اسلامية تقليدية في الحزام السوداني، حيث تم كذلك تصفية مملكة سوكتو وهاجر السلطان مايرنو الى منطقة سنار الحالية طلبا للنصرة الدينية ولكنه فر من بطش الانجليز الى ديار اخرى كان قد استلبها الانجليز.

    وسعى الانجليز والفرنسيون لاعادة صياغة انسان الحزام السوداني، ما بعد تقويض السلطنات و المشايخ والمهدويين، حتى برز في ظروف الاستقلال في ديار عثمان دان فودي واحمد بمبا والطريقة المريدية ورابح فضل الله ومحمد احمد المهدي، سنغور ونكروما ونايريري واحمد بيلو وتمبل باي والمهدية الجديدة والازهري وكما نجح الاستعمار في ازاحة احمد بيلو ونكروما الا انه فوجئ ببروز للحركة الوطنية حتى في دارفور التي شهدت مصرع علي دينار حيث برزت حركة فرولينا في نيالا لرد تشاد الى مسار سلطنة برنو ووداي، وبالفعل نجحت حركة تحرير تشاد فرولينا الى رد السلطان السياسي الى الجماعة المسلمة بعد ان استلبه الاستعمار لمصلحة النخب المنصرة وكما انتصرت دارفور للاسلام في الحزام السوداني، انتصرت كسلا للجماعة الوطنية في اريتريا الى ان برزت دولة اريترية في اطار تحالف اسلامي، نصراني بعد ان كانت خالصة لنصرانية الكنيسة الاثيوبية.

    وتقاطع اشعاع الثقافة الاسلامية من السودان مع ما بقى من مكونات الثقافة الاسلامية في الحزام السوداني فكانت عباد الرحمن في السنغال وحركات الشريعة في نيجيريا وحركات المقاومة على امتداد الحزام السوداني ممثلة في جهاد الحفاظ على الكينونة الاسلامية واداء العبادات وحفظ روح الجماعة وبهذا الاعتبار، فان دارفور تمثل واسطة عقد الحزام السوداني فهي صمام الامان لحركة المد الاسلامي في افريقيا الفرانكفونية وكذلك في السودان الشرقي.

    ولكن للاسف الشديد، صدأت النخب في دارفور واصبحت مطية للعصبية وركبت مركب القبيلة واستنصرت بالاجنبي لاسباب كثيرة منها ان مطلوبات السياسي والامني ازدادت على الثقافي وتردت مكانة الثقافي.

    واذا كانت نخب دارفور بالامس تجلب المخمل للكعبة وتبني الاوقاف وتنشئ الاروقة الدينية في الازهر والحجاز، الا ان دارفور تبدل حال نخبها في الخمسين سنة الاخيرة ومع حضور اكبر عدد لحفظة كتاب الله في انحاء جبل مرة، الا انه اصبح حفظ اجترار دون فقه او فهم. و انتقلت القيادة الشعبية من الفقهاء والوعاظ نتيجة لضربات التصحر وصراعات المرعى والقبائل الى العصبيات و امراء الحرب والحكامات واصبح سيد الموقف نهب لساعتين ولا اغتراب سنتين.

    وجاء السياسي من كل حدب ليملأ الفراغ، نخب دارفور المستلبة وطرفا الحركة الاسلامية كذلك جعلوا من دارفور ساحة لصراعهم الذي فشلت الخرطوم في حله، فتسلح بعض الاسلاميين بعباءات الزرقة، بينما اتجه الاخر الى رداء قريش والقبيلة العربية. وجاءت الاستخبارات الاجنبية لتصفي حساباتها مع ما تبقى من حاضر دارفور المرتبط بهوية الحزام السوداني الاسلامي لمصلحة الحزام السوداني الجديد الذي يمثله قرنق ويبتعث في اطاره تمبل باي الجديد او فلوكس مالوم او سنغور وفي اطار يقظة التوظيف الامني والسياسي تراجع الروحي والفكر ي والثقافي.

    ولذلك لا عجب ان مات الابداع في دارفور، ونسيت الحكومة نسبة لاولوية الامني، مطلوبات الدعوة واصلاح المساجد وتجديد حركة الذاكرين واقامة معارض الكتب والمهرجانات الثقافية والشعرية والابداعية والرياضية وخبا الحضور المسجدي لمصلحة العصبيات وتلاشى صوت العقل وسط الحركة الاسلامية لمصلحة اوهام قريش والزرقة واستمر القتل وطرب الاخر الذي كان يريد الفتنة حتى يجد سبلاً للتغلغل فكانت هذه السلطة الدولية، التي انتهت بنا الى مجلس الامن والعقوبات والابتزاز وبدلا من الصرف على الثقافي والروحي لاعادة مسار دارفور ازداد الصرف على الامن والسياسة كانما دارفور لم تعرف الثقافي.


    امراء الحرب لا يمثلون مستقبل دارفور ولا يشبهون ثقافة السودان
    ومهما كان خط و قوة الدعم الذي يجده امراء الحرب في دارفور، فان امراء حرب دارفور، بدون الميراث الثقافي لا يسوون شيئا. ولن يعدو ان يكونوا امراء حرب لا غير، ولن يبرز منهم قائد على سجية الخليفة عبد الله التعايشي او علي دينار او رابح فضل الله لان هؤلاء تحركوا بالثقافي ولم يتحركوا بعقلية الثارات وتصفية الحسابات وتحرك قادة الحزام السوداني بالثقافي العابر للحواجز السياسية، والجغرافية والعرقية ولم يتحركوا كفور او زغاوة او مساليت وبذلك تلاحقت شعاراتهم ودعوتهم مع اشواق الحزام السوداني ومع نداء الداخل.

    اما امراء الحرب الجدد فلن يتجاوز صدى منطلقاتهم الظروف الآنية التي شكلتهم ويظل المستقبل رهينا بالثقافي الذي برز منه وتشكل ونضج في اطاره عقل الحزام السوداني وتكاملت فيه شخصية دارفور.

    جاء حلف الاطلسي ممثلا في باول وفيشر ودي فيلبان ليستر عورة خلافه وصراعه في امر العراق ورواندا وليستريح الضمير الغربي/ الامريكي في معسكرات لاجئي دارفور بعد جرائم سجن ابو غريب وخيبة افغانستان وقانون تحريم الحجاب و يريد ان يخرج من اطلال وانقاض وخرائب دارفور سنغور ونايريري ويدفن الى الابد علي دينار ورابح فضل الله فهل ينجح وهذا ما اراه يطل من بين ثنايا تحدث في دارفور والله اعلم.
                  

07-27-2004, 10:47 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    جنجويد ..................................................... جمعة اللامي


    "اتخذتَ إلهاً مِنْ ذهب وفضة، فأي فرق بينك وبين الوثني، سوى انه يعبد وثناً واحداً، وأنت تعبد مائة!"

    (دانتي اليجيري)



    تعيس هو ذلك المواطن العربي الذي يجعل من “موسى هلال” نموذجه وقدوته، في منزله، أو بين أبناء بلدته، أو ضمن قبيلته، أو في أروقة منظومته السياسية أو الثقافية، لأن مصير “موسى هلال”، مهما لقي من تصفيق، ومهما وجد من إطراء، ومهما نظر الى هيئته في مرآة نفسه فقط، لن يكون أحسن من مصير ذلك الذي احتفر لنفسه حفرة ظن انها خندق، فكان ان اقتيد كالخروف، وليس كما اقتيدت ملكة تدمر!

    ولكن، من هو “موسى هلال”؟

    إنه مواطن عربي، أسمر اللون، كأن افريقيا أعطته لون أديمها، وكأن العروبة لم تزل كامنة في اعماقه، يوم كان الشقيق يغدر بابن عمه، وحين كان المولى يتآمر على سيده، وساعة كانت المغازي دليل الرجولة، وحقبة تسيّد فيها الرمز الذكوري على كل ما سواه، فكان ان حصلنا على هجين يمتطي هجيناً، يخرج على الناس بكرة وأصيلاً، تسبقه صراخات القتلى، وتتبعه انكسارات النساء.

    ميادين “موسى هلال” كثيرة، لكن أكثرها وضوحاً، قرية “بوبا” في دارفور، كما يروي بعض المراسلين الاجانب الذين زاروها تسللاً من تشاد، وحرد زملاؤنا العرب فوق مكاتبهم يتابعون شأنا آخر في عقر ديارهم، ولكن بطريقة الذي تأتيه المعلومات، مهذبة، ومشذبة، ومرضياً عنها، ثم يروّسها بعبارة: “خاص”!

    عفواً، هذا ليس قدحاً بزملائنا الإعلاميين العرب، فالجسم الإعلامي العربي يزخر بنموذج “موسى هلال”، ولا حاجة الى مراجعة قوائم اسماء زملائنا الذين فصلوا من اعمالهم على امتداد الرقعة العربية، ولا حاجة كذلك الى العودة الى قائمة الذين اغتيلوا بكاتم الصوت في عقد السبعينات من القرن الماضي، لأن المعروف لا يُعرف.

    نعود الى قرية “بوبا” الدارفورية، فلقد كانت تتألف من 300 منزل، بينما هي اليوم أطلال، بعدما قصفتها قوات الحكومة السودانية قبل تسعة أشهر، ثم اغارت عليها قوات “موسى هلال”، ففتكت بالرجال، وتم اغتصاب شابات عديدات، ثم انسحبت “على متون الجياد”.

    “موسى هلال” يبلغ من العمر 43 سنة، متزوج من 3 نساء، وله 13 ولداً، اعتقل أكثر من مرة، في الأولى قتل 17 افريقيا، وفي غيرها سطا على مصرف، وهو الآن يقول انه “القائد الأوحد” ل 300 ألف عربي سوداني.

    انه زعيم الجنجويد، أو “الجن الذين على ظهور الخيل”، كما يُعرفون الآن، وربما سيأتي احدنا فيصفهم بأنهم الذين “ولدوا على ظهور الخيل” مثل أبناء عمومتهم في الشيشان.

    لكن “موسى هلال”، يتقاضى الآن مرتباً من الحكومة السودانية، ويُسمح له بالإغارة على من يشاء. وهذا الى حين. وحين يحين حين آخر، سوف يقال له: قِفْ، يا جنجويد!

    وإذ ذاك يكون “جنجويد” آخر، ربما بثياب الاصلاح الأمريكي، قد آن ظهوره، في السودان. أو في العراق.. أو في..؟!



    جمعة اللامي


    Al Khaleej News paper
                  

07-30-2004, 12:20 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    العراق ثم السودان ثم.. ................... سعد محيو




    (I )

    متى التمرد في جبال النوبة وضفاف النيل الابيض؟

    هذا السؤال لم يعد افتراضيا، بعد أن قاد سلام جنوب السودان الى الحرب في غرب السودان، وبعد ان بدأت كل القوى التقسيمية في البلاد، خاصة في النوبة ومناطق النيل الابيض وغيرها، تشعر بأن زمن الوحدة ولّى، وأن عصر الانفصال بدأ.

    وهو شعور في محله تماما.

    فأي حدث داخلي في السودان، بات يتحول بسرعة فائقة الآن الى حدث خارجي بامتياز. وأي قرار سيادي تتخذه الخرطوم، باتت تجابهه واشنطن ولندن وسيدني فوراً بقرارات “فوق سيادية” ترفع إما شعار الاخلاق والانسانية، او لواء التدخل الوقائي في “الدول الفاشلة”.

    البداية كانت في الجنوب، الذي تم تبرير التدخل الامريكي الكثيف فيه بفشل الحكومة المركزية في وقف الحرب الدموية المتواصلة على أرضه منذ عقود.

    بيد ان هذا التدخل سرعان ما تمدد أيضا الى الغرب في دارفور، برغم ان الازمة هناك لم تبدأ سوى العام ،2003 وبرغم ان الخرطوم وافقت على التفاوض مع زعماء التمرد في تنظيمي “حركة العدالة والمساواة” و”حركة تحرير السودان”. إلا أن هذين الاخيرين رفضا الحل السياسي لسبب غير خفي: الرهان على أن التدخلات العسكرية الخارجية، لا المساومات الداخلية، هي التي ستحسم الموقف في النهاية.

    (II )

    كل هذه التطورات المتلاهثة التي يمسك بعضها بخناق بعض، وضعت، وستضع أكثر، وحدة السودان أرضاً وشعباً على أكف كل عفاريت التفتيت الخارجي.

    وهنا نحن لا نتحدث عن احتمال تفكيك السلطة المركزية السودانية، تمهيدا لتحويلها الى سلطة فيدرالية ديمقراطية، (فهذا في النهاية خيار يتطابق مع قدر السودان الجغرافي- الديموغرافي)، بل عن تفتيت الكيان برمته الى كيانات أو حتى الى دول مستقلة عدة.

    العديد من المحللين البريطانيين يؤكدون وجود مثل هذا التوجه. والعديد منهم واثق بأن اتفاق السلام في الجنوب سيؤدي في النهاية الى استقلال الجنوب، وان اتفاق دارفور العتيد سيقود الى انفصال الاقليم. وكذا الامر بالنسبة لجبال النوبة ومناطق النيل الابيض.. الخ.

    لكن، لماذا هذه الرغبة الامريكية البريطانية الملحاحة في تقسيم السودان وتفتيته؟

    ثمة اجتهادان هنا.

    الاول، ان الهدف الأمريكي الحقيقي كان في البداية تفتيت إيران وسوريا. لكن، وحين تعثر مشروع الهيمنة الكاملة على العراق بسبب اندلاع المقاومة فيه، يممت إدارة بوش وجهها صوب السودان لأنه الحلقة الاضعف الثانية في الشرق العربي بعد بلاد ما بين النهرين.

    والثاني، ان المسألة لا علاقة لها بالعراق ولا بالحلقة الاضعف، بل ترتبط بوجود قرار امريكي أصلي منذ ثلاثة اعوام بدفع السودان الموحد الى الانهيار وإن “على نار خفيفة”. ويدعم أنصار هذا الاجتهاد وجهة نظرهم بالتذكير بأن الرئيس الامريكي جورج بوش أعلن في 3 أيار/ مايو 2001 أمام اللجنة اليهودية- الامريكية، أنه سيركز كل جهوده لا على العراق او الشرق الاوسط الكبير، بل على السودان.

    أحداث 11 سبتمبر/ أيلول غيرت هذا المسار نحو العراق. بيد أن هذا، كما يتبين الآن، كان تغييراً مؤقتا، إذ سرعان ما تحركت واشنطن نحو نيل الخرطوم، فور غسل يديها من دجلة بغداد.

    للوهلة الاولى، قد يبدو أن هذين اجتهادان متباينان. لكن أي تدقيق سريع عن كثب فيهما، يكشف عن أنهما متطابقان تماماً، إذ هما متفقان على وجود تخطيط امريكي ما لتفكيك كل الشرق الاوسط العربي وتفتيته، بغض النظر عن نقطة البداية او النهاية فيه.

    لا بل أكثر، خطورة هذا المشروع تتجلى أكثر ما تتجلى في ليونته الشديدة، فحين تستعصي احدى الحلقات، يتم الانتقال سريعا الى حلقة أخرى. وهذا تأكيد مضاعف على أن هذا التوجه ليس عشوائيا أو قصير المدى، بل هو وليد إعداد بعيد المدى.

    (III )

    هل هذه الخلاصة تكرار لنظرية المؤامرة الشهيرة التي ابتلي بها العقل العربي منذ قرنين من الزمن؟

    كلا. والسبب بسيط:

    مفهوم نظام الشرق الاوسط الجديد “الاسرائيلي” او الكبير والموسع (الغربي)، لن تقوم له قائمة إلا على رفات مفهوم النظام الاقليمي العربي. ونهاية هذا الاخير تبدأ حين تنهار أو تتشظى الوحدات المكونة له، أي الدول العربية.

    في العراق كانت البداية، والآن في السودان.

    وغداً؟

    فتشوا عن “الحلقة الأضعف” الثالثة في السلسلة العربية!



    سعد محيو


    Al Khaleej newspaper 30.07.04
                  

08-03-2004, 08:29 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    أزمة دارفور وقرار مجلس الأمن................عيسى بن محمد الزدجالي
    أصدر مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة الماضي قراراً يمهل الحكومة السودانية فترة 30 يوماً لمعالجة الأزمة الإنسانية والأمنية في إقليم دارفور، وتضمن القرار الذي قدمته الإدارة الأمريكية تحذيراً للحكومة السودانية بفرض عقوبات ضدها إذا لم تقم بخطوات إيجابية تجاه حل الأزمة.

    وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان خلال زيارته إقليم دارفور في غرب السودان في الفترة ما بين 29 يونيو/ حزيران حتى 3 يوليو/ تموز قد اتفق مع الحكومة السودانية في بيان مشترك على تحديد فترة 90 يوماً كمهلة زمنية أمام الحكومة السودانية حتى تتمكن من إعادة الاستقرار وبسط الأمن وإعادة النازحين إلى قراهم التي هربوا منها بسبب النزاع الدائر في هذا الإقليم بين الفصائل المسلحة المناوئة للحكومة وفرسان القبائل العربية داخل الإقليم أو ما يُسمى ب “الجنجويد”. وقد تزامنت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لإقليم دارفور مع وجود وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في الإقليم نفسه حيث كانت وجهات نظر الرجلين أنان وباول متطابقة بضرورة منح الحكومة السودانية مهلة زمنية قبل أن يتدخل المجتمع الدولي لحل هذه الأزمة.

    لكن كانت المفاجأة التغيير السريع في موقف الحكومة الأمريكية تجاه الأزمة بعد مغادرة باول للخرطوم حيث بدأ التصعيد الأمريكي وتحريض المجتمع الدولي نحو الحل العسكري لأزمة دارفور. وانساق الإعلام الغربي كعادته وراء التصريحات والضغوط الأمريكية، وبدأ الجميع يتحدثون عن إبادة جماعية وعن حرب بين العرب والأفارقة من دون أن يقدموا دليلاً واحداً يثبت صدقية ما يتحدثون عنه.. وتجاهلوا عن قصد كل المبادرات التي قامت بها الحكومة السودانية وما زالت من أجل تنفيذ ما اتفقت عليه مع الأمم المتحدة، بل لم يهتم الإعلام الغربي وحتى الإدارة الأمريكية بفرض ضغوط مماثلة على الفصائل المتمردة في إقليم دارفور من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة السودانية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.

    نحن ندرك أن الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور عميقة جداً، وتحتاج إلى جهود مكثفة حتى يعود النازحون إلى قراهم ليمارسوا حياتهم الطبيعية، ولكن ضرب طبول الحرب عقد هذه الأزمة وضاعف من حجم المعاناة على سكان الإقليم وأضعف حماس المجتمع الدولي لتقديم المساعدات المطلوبة. فالعمل الإنساني يحتاج إلى أجواء سلام وليس بيئة تهددها الحرب من كل جانب، علماً بأن أزمة دارفور ليست وليدة اليوم، إنما هي أزمة تاريخية صاحبت كل الحكومات التي تعاقبت على حكم السودان منذ استقلاله عام ،1956 ولكنها تفاقمت في العهد الحالي بعد أن ضاقت مساحة الأرض الصالحة للزراعة والرعي بسبب موجة الجفاف التي تضرب غرب القارة الإفريقية. فإقليم دارفور الذي انضم إلى السودان بحدوده الجغرافية الحالية عام 1916 يتشكل من قبائل إفريقية تمارس الزراعة وقبائل عربية تملك الثروة الحيوانية وتمارس الرعي، ولهذا لا بد من حصر أسباب تفجر الأزمة في إطار التنمية والخلافات القبلية المحدودة الناتجة عن الاحتكاك بين المزارعين والرعاة من دون أن نضفي بعداً سياسياً يصوّر الأزمة وكأنها حرب بين الأفارقة والعرب كما يفعل الإعلام الغربي الآن.

    هناك العديد من الأزمات التي تحوّلت إلى حروب إبادة في وسط غرب القارة الإفريقية ولم تعرها الحكومة الأمريكية أي اهتمام مثلما تفعل الآن في أزمة دارفور عندما بعثت وزير خارجيتها إلى الخرطوم كأول مسؤول أمريكي كبير يزور السودان منذ آخر زيارة قام بها بوش الأب عام 1985 عندما كان نائباً للرئيس الأمريكي السابق ريجان.. الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول سر الاهتمام الأمريكي المفاجئ بهذا الإقليم، خاصة ان الحكومة الأمريكية الحالية قد أسهمت بقدر كبير في إنهاء الحرب التي كانت دائرة لمدة 40 عاماً في جنوب السودان والاتفاقية التي وُقعت أخيراً في كينيا بين نائب الرئيس السوداني وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان، فلماذا تريد الحكومة الأمريكية إياها أن تشعل حرباً جديدة في غرب السودان؟



    Al Khaleej newspaper 004.08.04
                  

08-03-2004, 08:32 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ (Re: Omar)

    "الكذابون".................................سعد محيو
    (I)

    لم يحدث قبل الآن أن كذب الغرب الأنجلو-أمريكي، كما يفعل الآن. ولم يحدث أن كانت حضارة هدفاً لهذا الكذب، كما الحضارة العربية والإسلامية.

    كذابو عام ،2001 حين قالوا إنهم سيحتلون أفغانستان لأسر أسامة بن لادن، وتحديث البلاد وتوحيدها، والقضاء على تجارة الأفيون. أسامة ما زال حياً ويركل. البلاد لم تتوحد بل ازدادت تفتتاً على يد أمراء الحرب المتحالفين مع أمريكا. أما صناعة الأفيون وتجارته، فازدادتا بشكل انفجاري.

    وكذابو عام ،2003 حين زحفوا على العراق، أولاً بحجة إنقاذ السلام العالمي من أسلحة الدمار الشامل، ثم بحجج الانتصار لقيم الأخلاق الإنسانية الديمقراطية، ثم الآن بتبرير خوض “المعركة النهائية” على الإرهاب فوق أرض العراق بعيداً عن الأرض الأمريكية.

    وهم يكذبون الآن كذباً مراً، حين يدّعون وجود شلالات دم في دارفور، فيما كل اهتماماتهم الحقيقية منصبّة على شلالات النفط في هذا الإقليم الغربي من السودان، وقبله على بحيرات البترول والغاز في الإقليم الجنوبي.



    (II)

    قبل يومين، أعلنت الحكومة الأمريكية حال الاستنفار من الدرجة الأولى، محذرة من هجمات وشيكة ل “القاعدة” على المراكز الكبرى للمال والاقتصاد في نيويورك وواشنطن.

    لنستمع هنا إلى ما تقوله بعض الشخصيات الأمريكية عن هذه المسألة:

    مساعدو جون كيري: “البيت الأبيض يتلاعب بالإنذارات حول الإرهاب لتحقيق مكاسب سياسية. إنه أعلن الاستنفار الراهن، فور خورج كيري من المؤتمر الناجح للحزب الديمقراطي في بوسطن. أي، بكلمات أقل تهذيباً: البيت الأبيض يكذب”.

    هوارد دين (المرشح السابق للرئاسة): “أخشى أنه في كل مرة يحدث شيء غير ملائم له، يبرز الرئيس بوش ورقته الرابحة التي هي ليست شيئاً آخر سوى ورقة الإرهاب. من المستحيل معرفة ما إذا كانت التحذيرات من الهجمات الإرهابية حقيقية أم سياسية”.

    أي، بكلمات أقل دبلوماسية: بوش ربما يكذب.

    السيناتور تشارلز شومر: “إدارة بوش تحذرنا منذ ثلاث سنوات بعد 11 سبتمبر/ أيلول من تهديدات مستمرة، معظمها أو كلها لم يقع”.

    أي، بكلمات أكثر مباشرة: الإدارة تستخدم الكذب سياسة.

    بالطبع، قد تحدث بالفعل بعض الهجمات على بعض المواقع الاقتصادية الأمريكية. لكن هنا حقيقتان: الأولى (وهذا باعتراف وزير الأمن الأمريكي نفسه توم ريدج) أن أي هجمات من هذا النوع، لن تكون سوى خربشات ناعمة على سطح فولاذ الاقتصاد الأمريكي الأقوى والأغنى في العالم. والثاني (وهذا باعتراف البيت الأبيض نفسه) أن تنظيم “القاعدة” تعرض خلال السنوات الأخيرة إلى حصار قاس في العالم، قلص كثيراً من قدرته على حرية الحركة. هذا في حين ان أمريكا تمكنت في هذه المدّة نفسها من إحداث نقلة نوعية ضخمة في قدراتها الاستخبارية والأمنية والتنظيمية.

    الآن، ومادام الأمر على هذا النحو، لماذا هذا التضخيم الكبير، واليومي في الواقع، لخطر الإرهاب؟ ولماذا هذا التخويف الكبير، والدائم في الواقع، لكل من الشعب الأمريكي ولكل الشعوب الأخرى في آن، من تهديدات تدّعي واشنطن ذاتها أنها نجحت في وضعها داخل قفص محدد؟

    مرة أخرى، لندع الغربيين يجيبون.

    جون لافلاند، الباحث في مؤسسة “ساندرز ريسرتش للأبحاث”: كل النوازع الأخلاقية التي ساقها توني بلير وجورج بوش لتبرير الحروب التي خاضاها وسيخوضانها في كل مكان تحت شعار محاربة الإرهاب، ثبت أنها كاذبة. إنها ببساطة حروب استعمارية.



    (III)

    حروب استعمارية؟

    وما الجديد في ذلك؟ ألم تكن بريطانيا حتى الأمس فقط امبراطورية تفاخر ب “استعماريتها الحضارية” (عبء الرجل الأبيض) وتنشئ وزارة خاصة بذلك؟ أليست الامبراطورية الأمريكية الراهنة هي الوريث الشرعي لابنة عمها الامبراطورية الاستعمارية البريطانية؟

    أجل، بالطبع. لكن المشكلة هنا أن الأمريكيين، على عكس البريطانيين، يدّعون أنهم غير استعماريين، أو حتى بأنهم يكرهون الاستعمار الذي قاتلوه هم أنفسهم. ولذا، يجدون أنفسهم مندفعين إلى وضع غير مريح: تفسير سياسات وحروب استعمارية بحتة، على انها سياسات أخلاقية بحتة. والأنكى: تفسير القتال من أجل كل قطرة نفط في كل أنحاء العالم، على انه قتال من أجل قطرات ندى الحب والعطاء والإنسانية.

    هذه هي المعضلة الحقيقية التي يعيشها سياسيو الغرب الأنجلو-أمريكي.

    وهي معضلة لا يبدو أن ثمّة مخرجاً منها الآن سوى الكذب، ومزيد من الكذب.

    لكن إلى متى؟

    حسناً. إلى أن يكتشف “الغنم” (وهم هنا كل شعوب العالم، بمن فيهم الأمريكيون) أن بلير وبوش ليسا الراعيين المدافعين عن القطيع، بل هما الذئب نفسه!


    Al Khaleej newspaper 04.08.04
                  

08-17-2004, 07:58 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دارفور ومخطط تقسيم السودان.................أحمد المرشد (Re: Omar)

    آخــر تحديــــث 2004-08-18

    دارفور ومخطط تقسيم السودان.................أحمد المرشد
    انفجار أزمة دارفور في السودان في نفس العام الذي تمت فيه تسوية مشكلة الجنوب أمر لا يمكن أن يخضع لقانون المصادفة، خاصة بعدما اكتسبت هذه الأزمة أبعاداً دولية بفضل حالة التأهب الفرنسي المبكرة، ومع الإنذار الأمريكي الذي يمهل الحكومة السودانية 30 يوماً فقط لحل الأزمة من جذورها.

    وإذا كانت الحكومة السودانية أعلنت أن المهلة الأمريكية أشبه بإعلان حرب، فإن أكثر المتفائلين يرى أن الحرب قد بدأت بالفعل بوسائل غير تقليدية. فقد بدأت - شأنها شأن الحروب الأمريكية الأخيرة - على شاشات التليفزيون وفي أروقة الأمم المتحدة، وأن الهدف من هذه الحرب هو تقسيم السودان إلى ثلاث دول، دولتان إفريقيتان في الجنوب والغرب، وثالثة عربية في باقي مناطق السودان أو في البقية الباقية من هذا البلد الذي كنا نعتبره سلة غذاء العالم العربي رغم أن مشاكله بدأت وتفاقمت بسبب الفقر والجوع اللذين كانا المحرك الأساسي لصراع استمر على مدى 20 عاماً في الجنوب وانتهى بتوقيع إتفاقية “ماتشاكوس” بين جون قرنق، وحكومة الرئيس عمر البشير، والاتفاق على تقاسم النفوذ والسلطة، وتعيين قرنق نائباً لرئيس الجمهورية.

    لقد توهمنا أن مشاكل السودان قد انتهت بعد اتفاق “ماتشاكوس” الذي أنهى أطول حرب أهلية شهدها بلد عربي، وهي الحرب التي أنهكت السودان الذي لم يعرف الاستقرار منذ استقلاله قبل 44 عاماً (1956) إلا على مدى 11 عاماً فقط، وكانت السنوات الأخرى هي سنوات حروب واضطرابات.. توهمنا ذلك لأننا ندرك حقيقة ما يدور خلف الكواليس، أو لأننا أفقنا من نومنا - كالعادة - في اللحظات قبل الأخيرة. ففي الوقت الذي كشف فيه بعضهم عن خطر كامن وراء اتفاق “ماتشاكوس” الذي حدد فترة انتقالية عمرها ست سنوات ليقرر أهالي الجنوب مصيرهم. وقيل إنها قد تكون السنوات السابقة للانفصال، ودللوا على ذلك بتصرفات قرنق نفسه الذي أصبح يتصرف كرئيس دولة في نطاق نفوذه بعد توقيعه للاتفاق.. في هذا الوقت تفجر الصراع في دارفور من قبل حركتين لم تكونا معروفتين على الساحة السودانية بقوة وهما “حركة جيش تحرير السودان” و”حركة العدل والمساواة” وتصاعدت بسرعة وتيرة الصراع ليصل إلى الذروة في زمن قياسي.

    والمثير في الأمر أن الولايات المتحدة تحاول تصوير الصراع في دارفور صراعاً بين الميليشيات العربية والقبائل الإفريقية، في محاولة لإظهار العرب معتدين، وفي محاولة لتأكيد مزاعمها حول أعمال التطهير العرقي أو ما تسميه عمليات الإبادة الجماعية، وهي مزاعم تفتقد الحد الأدنى من الحقيقة، ورغم ذلك ترددها في كل لحظة آلة الإعلام الأمريكية بخبث ودهاء منقطعي النظير.

    والحقيقة أن دارفور التي أصبحت في دائرة اهتمام العالم هي إقليم تبلغ مساحته نصف مليون كيلومتر مربع، أي بحجم العراق أو ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ويبلغ عدد سكانه سبعة ملايين نسمة وفقاً لإحصاء أجري عام ،1993 وتعيش هناك 85 قبيلة عربية إفريقية، أكبرها قبيلة “الفور” التي اتخذ الإقليم اسمه من اسمها، فهو اختصار لكلمتي “ديارفور” ويشكل الأفارقة 60% من سكان الإقليم، وقد تولى أبناء قبيلة الفور منصب حكام الإقليم منذ عام ،1956 وهو تاريخ استقلال السودان، ولم يحتل هذا المنصب أبناء القبائل العربية ولم ينافسوا عليه.

    أما ميليشيات “الجنجويد” التي تتهم الإدارة الأمريكية الحكومة السودانية بتسليحها، وبأنها وراء مقتل 50 ألف شخص من مواطني الإقليم، وهجرة حوالي مليون آخرين إلى تشاد، وأنها تقوم بأعمال تطهير عرقية، فعناصرها في الحقيقة ليسوا من سكان الإقليم، بل هم ليسوا سوى عصابات من قطاع الطرق، تمارس القتل ولا تلتزم بالقانون وهناك من يؤكد أن جذور الجنجويد تعود إلى حقبة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري حين لجأ إلى تجنيد المرحلين من قبائل الرزيقات والمسيرية في جنوب دارفور وكردفان لمواجهة حركة قرنق، وقد انضم المرحّلون إلى الميليشيات الرسمية للحكومة السودانية عام 89 في أعقاب تسلم الرئيس عمر البشير السلطة.

    ورغم اعتراف جميع الأطراف السودانية، بمن فيها الرئيس البشير نفسه بتجاوزات “الجنجويد”، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يصرون على البدء بنزع أسلحتهم وحدهم، من دون الحديث عن نزع أسلحة مقاتلي دارفور من حركتي التمرد هناك، وهو ما تعتبره الأطراف السودانية الرسمية معادلة تقوية من تطلق عليهم المتمردين، أو الانفصاليين.

    وهذه المخاوف الرسمية في السودان هي بالفعل الأقرب إلى الحقيقة، خاصة بعد التصاعد الدراماتيكي المفاجئ للصراع في دارفور، وبدء الأطراف المتحاربة من دارفور في المناداة باتفاق مماثل لاتفاق “ماتشاكوس” لتقاسم السلطة والثروة.. وقد يصل الأمر إلى المطالبة بحق “تقرير المصير”.

    ومما يدعم هذه المخاوف ويعمل على تأكيدها مشاركة قوات تشادية في الحرب الدائرة هناك إلى جانب المتمردين والانفصاليين، وهو أمر لم ينكره رئيس ما يسمى “حركة تحرير السودان” في دارفور في أحاديثه لوسائل الإعلام، وإن كان قد حاول تبريره بتداخل القبائل بين دارفور وتشاد، وبأن قيادة الحركة لاتزال في يد أهالي دارفور.

    وبالنسبة لكثير من الدوائر السياسية فإن ما يدور في السودان هو بمثابة سيناريو حقيقي لتقسيم السودان إلى ثلاث دول، وهم يؤكدون ذلك بحقائق عدة:

    أولاً: إن الولايات المتحدة اختارت السودان كأول محطة لها في إفريقيا بعد الحرب الباردة، وقد لعب هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية آنذاك دوراً بارزاً في هذا المجال عبر تحالفه الشهير مع حسن الترابي، فلما انقلبت الإدارة الأمريكية على الترابي، لم يكن أمامها سوى جون قرنق، الذي قدمت له وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت جميع المساعدات التي مكنته من مواصلة الحرب لأكثر من عقدين من الزمان.

    ثانياً: إن قرنق الذي بدأ حياته يدعو لتنظيم شيوعي قد غير اتجاهه بشكل كبير، بعدما عاش في الولايات المتحدة لفترات متفاوتة بلغ مجموعها أكثر من عشر سنوات، استفاد خلالها من بعثة دراسية بالمدرسة العسكرية في فورت بنين بولاية جورجيا، ونال خلالها الدكتوراة في الاقتصاد الزراعي، وكان موضوعها حول مشروع إنشاء قناة جونجلي التي تضيف حوالي خمسة مليارات متر مكعب من مياه النيل إلى مصر والسودان.. والمثير للدهشة أنه وجه ميليشياته إلى تدمير الحفار الفرنسي الأضخم من نوعه في العالم بعد أن قطع شوطاً في حفر القناة.

    ثالثا: إن هناك معلومات أثارها الصحافي الفرنسي بجريدة “لوموند” إيريك رولو حول التحاق جون قرنق بدورة عسكرية في “إسرائيل”، وذلك في مقال نشرته مجلة “الحوادث” اللبنانية في منتصف الثمانينات.

    هذه العوامل تؤكد أن هناك صلة ما بين أحداث الجنوب التي اعتقدنا - أو توهمنا - انتهاءها باتفاق “ماتشاكوس” وبين أحداث دارفور التي تصاعدت فجأة، وأن هناك دوراً أمريكياً بين ما دار ويدور في المنطقتين.. وأن ما يدور في دارفور جزء من سيناريو متكامل لتقسيم السودان إلى ثلاث دول، على غرار ما يتم الإعداد له في العراق.

    كنا نسمع منذ أكثر من ربع قرن من الزمان عن محاولات تفتيت وتقسيم دول العالم العربي إلى دويلات صغيرة وضعيفة وكنا لا نصدقها أو نستبعد حدوثها، ولكن يبدو أن تنفيذ هذه السيناريوهات قد دخل أكثر مراحله جدية.

    وعلينا من الآن ألا نسأل أنفسنا فقط ماذا سنفعل إزاء ما يدور، بل أن نسأل أنفسنا أيضاً ماذا سنفعل تجاه السيناريوهات القادمة؟ فإذا كانت البداية بالعراق والسودان، فإن هناك دولاً عربية أخرى يجب ألا تقف مكتوفة الأيدي لتنتظر دورها.



    * كاتب بحريني

                  

09-22-2004, 00:00 AM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دارفور ولعبة المصالح .... (Re: Omar)

    دارفور ولعبة المصالح

    بقلم :احمد عمرابي

    هل حققت الولايات المتحدة انتصاراً دبلوماسياً بعد ان اجاز مجلس الأمن الدولي مشروع قرارها الاخير الموجه ضد السودان؟ابتداءً نقول انه ليس من الدقة ان نصف الصيغة اللغوية التي بموجبها حظي القرار بأغلبية اصوات الدول الاعضاء في المجلس بأنها صيغة اميركية صرفة. فعلى مدى اسابيع اضطرت الولايات المتحدة الى اجراء ثلاثة تعديلات لغوية على صيغة المشروع الأصلية حتى تصير مقبولة لدى اغلبية الاعضاء.


    فقد ووجهت الصيغة الاصلية باعتراضات عدة من عدد من ممثلي الدول الاعضاء ابرزها الصين وروسيا والجزائر وباكستان. ومع اشتداد حدة المناقشات انضمت الى جبهة المعارضة اسبانيا. بل ان بريطانيا ـ الحليف الدولي الأول للولايات المتحدة عارضت بعض العبارات المتشددة.


    وهكذا فإن مشروع القرار الاميركي فقد صيغته الاميركية في صيغته النهائية. ولكي نفهم هذه الحقيقة بصورة دقيقة علينا ان نستدعي الى الذهن نقطتين:


    أولاهما: ارادت واشنطن ان يوافق المجلس على «فرض» عقوبات على السودان بينما نصت الصيغة المجازة على ان «يدرس» المجلس فرض عقوبات.


    ثانيهما: اسقط من الصيغة النهائية تحديد مدى زمن معين يتعرض السودان لدى انقضائه للعقوبات المحتملة على عكس ما كانت تهدف اليه الولايات المتحدة.


    وما يمكن استخلاصه من هذه النتيجة ان القرار الذي اجازه مجلس الامن بالاغلبية في صيغته النهائية المخففة لا يمثل انتصاراً دبلوماسياً كاملاً للولايات المتحدة.. وبنفس القدر لا يمثل هزيمة دبلوماسية كاملة للسودان. الامر الذي يطرح بدوره سؤالاً: كيف يجد القرار طريقه الى التطبيق بهذه الصيغة الضعيفة؟


    ان من الواضح اولاً ان عدداً كبيراً من الدول الاعضاء في مجلس الامن غير متحمسة لمبدأ تطبيق عقوبات على السودان ـ بما في ذلك دول اوروبية ذات وزن. فعشية صدور القرار قال وزير الدولة البريطاني في مؤتمر صحفي في الخرطوم ان فرض عقوبات على السودان في محاولة «لوقف الفظائع» في منطقة دارفور «يمكن ان يحدث آثاراً عكسية تشمل سحب الحكومة السودانية تعاونها».


    وفي السياق نفسه تحدث وزير خارجية اسبانيا ـ ايضاً في الخرطوم ـ قائلاً انه لا يحبذ فرض عقوبات ومضيفاً ان «من الصعب على السودان ان يستجيب بنسبة مئة في المئة لمطالبة المجموعة الدولية».


    ومما يجدر ذكره ايضاً انه بينما كان ممثل الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن جون دانفورث يناضل من اجل استقطاب تأييد القوى الدولية وحشده ضد السودان اعلن الوزير الاسباني على الملأ ان اسبانيا قررت اعادة فتح سفارتها في الخرطوم «قريباً جداً» بعد 12 عاماً من اغلاقها.


    ولكي ندرك مدى الصعوبة العملية التي ستواجه قرار مجلس الأمن بشأن السودان في مرحلة التطبيق فإن علينا ان نتأمل موقف الصين ـ القوة الدولية الكبرى التي تتزعم المعارضة ضد الولايات المتحدة داخل المجلس.


    فور صدور قرار المجلس اعلن المندوب الصيني في مجلس الامن وانج جوانجيا امام الصحفيين ان الصين سوف تستخدم «الفيتو» ضد اي قرار في المستقبل يفرض عقوبات على السودان. واضاف قائلاً: «هذه رسالة».


    وكما رأينا فإن قرار المجلس لا ينطوي على «فرض عقوبات» ضربة لازب وانما «دراسة فرض عقوبات» في وقت ما غير محدد في المستقبل» ومعنى تصريح الدبلوماسي الصيني هو ان الصين سوف تتصدى لاحباط اية محاولة اميركية في المستقبل تستهدف اللجوء الى سلاح العقوبات ضد السودان.


    هذا الموقف الصيني الحازم لا ينبغي ان يكون مثار دهشة لأنه يدخل في سياق لعبة صراع المصالح.


    فإذا كانت الولايات المتحدة تريد للعقوبات ضد السودان ان تستهدف القطاع النفطي فإن المساهم الأعظم في مشروع النفط السوداني هو شركة النفط الصينية الحكومية. فالصين وحدها تستأثر بنسبة 45 في المئة من رأسمال الكونسورتيوم الدولي العامل في القطاع النفطي السوداني.


    Al Bayan newspaper 21.09.2004
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de