دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الدكتور النور حماد
بعد التحايا و السلام
نشكرك جزيل الشكر على هذا العمل الانساني الكبير و ما أحوجنا لعمل من هذا النوع و هو حقا عمل نوعي, هذا بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا معه, و من كانت له / لها حجة فما عليه / عليها الا ( منازلة) هذا الفكر حجة بحجة فقد انتهى الزمن الذي تهدر فيه حياة الناس بسبب الافكار التي يحملونها او فلنكن ( دقيقين) و نقول المجتمع الانساني في طريقه للقضاء على هذه الكارثة الانسانية كارثة اغتيال الناس بسبب الافكار بينما يعربد سارقي البسمة من الناس في كل بقاع المخروبةو ليس المعمورة, لذلك نريد منك المزيد من هذا العمل الوطني الكبير فهل من مزيد, كما اننا نتقدم للاخ عبد الله بولا بجزيل الشكر و ياها الكانت محرية كما نشكر العزيزة نجاة محمد علي على متابعة هذا العمل و محاولة تصحيح الاخطاء المطبعية و نشكرا كثيرا من قام بطباعة هذا العمل. و دمتم لنا جميعا و دامت لنا العزيزة نجاة محمد علي.
برير اسماعيل يوسف المملكة المتحدة 29/06 /2004
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Nagat Mohamed Ali)
|
سلامات وعوافي شكرا د.النور علي اشراكنا في الاطلاع علي هذا التامل العميق في الفكرة والذي بلغه د.بولا بطول نظره وحكمته وقوة عباراته ..وحقيقة ننتظر باقي المقال حتي يكتمل مذاق هذه الوجبة الدسمة..فنحن مازلنا واقفون في مرحلة القراءة فقط دون القدرة علي التعليق اوابداء وجهة النظر كما ينبغي لذلك نتمني من كثير اطلاعنا علي كتابات مبدعينا الفكرية والثقافية والادبية ان تثمر بفضل الله فيستحكم لنا الراي ويشتد فينا العود ..فقط نبتغي التعلم منكم ومايشجعنا هو تواضعكم واجتهادكم وطولت بالكم... كثير احترامنا لك د.النور وللفنان د.بولا علي امل ان ينعم الله عليكما من جزيل فيوضاته وان يبلغكم مقاصدكم في سلام ومحبة وكثير الدعاء لكل الزملاء الشرفاء المتداخلين ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
مواصلة دراسة بولا عن مساهمة الأستاذ محمود محمد طه في حركة التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر (3)
و على هذا الفهم للإكتمال والتكامل تتأسس ملاحظاتي النقدية لمساهمة الأستاذ الجليلة. وسأقتصر هنا، نزولاً إلى مقتضيات الحيز، على ملاحظات جزئية، وأتمنى أن يغفر لي كونها أصول الموضوع: في قضية الحرية التي اعتبرها الأستاذ محمود "أصل الأصول" فأصاب بذلك كبد الحقيقة. لقد أبديت آنفا تحفظاً على ما أسماه الأستاذ بإمكان "تبرير استعمال السيف في الإسلام" بأنه قد استخدمه لا "كمدية الجزار، وإنما كمبضع الطبيب". وقد أرجعت تحفظي إلى كون هذه المقولة لا تقف مرفوعة القامة تماماً أمام وقائع التاريخ الفعلية. وساكتفي هنا بمثل حروب الردة وما صاحبها من الغلو في القتل و الفتك على يدي صحابي جليل وقائد عظيم هو خالد بن الوليد، غلواً لم يسلم من نقد و احتجاج بعض أجلاء الصحابة أنفسهم، ومثل مقتل عثمان على أيدي جماعة ضمت في عدادها بعض الصحابة الكبار. هذا فضلاً عن الفتنة الكبرى التي أشهر فيها نفر من عظماء الصحابة السيف في وجوه بعضهم بعضا!! ولا أرى في هذا استعمالا للسيف كمبضع الطبيب. و المسألة تحتاج للنظر. وقد أبديت آنفا أيضا قلة قناعتي بمسوغات الرق في الإسلام كما جاءت في تحليل الأستاذ. فأقول أن الحجتين اللتين قدمهما الأستاذ في تفسير وضعية الرق في الإسلام ليستا في قوة منطقه المتصل بمفهوم الحرية في بعده المنطلق من الأخذ في الحسبان برقي معارف الأمم وشرائعها. فالحجة الأولى التي تتأسس على مفهوم المعاوضة لاتنسجم مع الحقيقة التاريخية من أن الأمم التي أخضعها السيف وأجاز استرقاقها "حكم الوقت"، كانت على قدرٍ كبيرٍ من التحضر والتطور في معارفها وعقائدها وأنظمتها الإجتماعية، مع الإعتبار التام لنسبية مستوى تطورها التاريخي مما كان يمكن أن يغني عن اللجوء إلى منهج للمعاوضة في غلظة الرق في منحى تدريجها إلى الدين الجديد و"ترويض" عقولها وقلوبها على القبول به. والشاهد أن الحضارة الإسلامية لم تقم، في وجوهها المشرقة بالذات من فنون وعلوم و معارف، دون أن تستند إلى تراث الرقي و التحضر الذي كان لهذه الأمم، و لن يكون من الإفتراء والهوى أن أقول أن الغالبية العظمى ممن ساهموا في تأسيس و تطوير هذه العلوم و المعارف هم من بين الذين وطئهم عار الإسترقاق والولاء. إن حجة الأستاذ الرئيسة في دواعي تطوير التشريع هي الإرتقاء الحضاري، و ارتفاع مستوى الفهم والإستعداد للفهم لمطالب الدين الرفيعة، ولا أرى أن الإسترقاق كان حلاً مناسبا لتدريج أمم كان رقيها بالذات هو مصدر مساهماتها المتميزة في حضارة الإسلام. ولعلني أضيف أن "حجة" حكمة الإسترقاق بقرينة المعاوضة والمران على الطاعة لله بالتمرس والمران على الطاعة في حق من رفض أن يكون "عبدا للرب" فجُعل "عبداً للعبد جزاءاً وفاقا" لا تفسر، فيما لا تفسره وهو أكثر من أن يستوعبه هذا الحيز، أقول لا تفسر العناء النفسي الذي وقع على بعض ضحايا الرق من الصحابة الأجلاء مثل بلال وعمار ممن كان بعض الأصحاب أنفسهم يعيرونهم بأصولهم في سورات الغضب. صحيح أن التشريع لا يد له في استرقاق بلال وعمار وأمثالهم، ولايد له في مثل هذه التجاوزات، إلا أنهم عانوا من ظلال التمييز المضمر في الخواطر الخفية مما هو عندي متصل بحسم التشريع أو التفسير في موضوع الرق. ويبدو لي أن حجة "الحكمة" التي قضت "بالإبقاء على نظام الرق" بقرينة كون الإسلام "نزل على مجتمع الرق فيه جزء من النظام الإجتماعي"، وبأن هذا مما كانت تقتضيه "حاجة الأفراد المسترقين، وحاجة المجتمع، الإجتماعية والإقتصادية"،(29) تبدو لي أضعف من أختها. وسأستبعد من مناقشتي تمامًا "حاجة الأفراد المسترقين إلى الإسترقاق" في أي سياقٍ وردت وتحت أي حجة أتت. وأتوجه إلى الشق الثاني من الحجة فأتساءل عما إذا كان إقتصاد المجتمع العربي قبل الإسلام يتأسس على الرق بالصورة التي كان يمكن أن تؤدي إلى انهياره لو إن تشريع الرق في الدين الجديد كان أكثر حسماً، أو لنقل، أسرع تدريجا. لا يبدو لي أن آراء علماء تاريخ الإقتصاد السياسي المعاصرين تميل إلى تأكيد هذه الفرضية. و جملة القول عندي أن تبرير تشريع الرق عندي غير مقنع وهو بحاجة إلى قراءة نقدية أكثر تحرياً في وقائع التاريخ الفعلية في داخل دائرة المجددين ذوي المرجعية الدينية أساساً. ولا شك في أن ملاحظتي بصورتها هذه مبتسرة جدا وأتمنى أن تتاح لي فرصة أوسع لتطويرها بالحوار.
يلي الجزء الرابع والأخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Nagat Mohamed Ali)
|
الأخت الكريمة نجاة شكرا على المجهود الكبير الذي قمت به في التصحيح. لقد سحبت الجزئين اللذين سبق أن رفعتهما إلى البورد أمس، واللذين لاحظت أنت كثرة الأخطاء فيهما. وما من شك أن التصحيح يحتاج إلى أكثر من شخص واحد، ليكتمل تماما. وأعتذر بشدة عن العجلة. وقد بعثت إليك بالنص الكامل على بريدك الإلكتروني. لقد قمت بمراجعته جهد طاقني. أرجو أن تراجعيه مرة أخرى، وترفعي الجزء الأخير المتبقي من النص إلى البورد. تصلني الكثير من الرسائل الإلكترونية من الأصدقاء اللذين يستعجلون إتمام إنزال النص. ولكن الجودة يجب أن تظل مقدمة على أي شيء آخر. لكل شكري وتقديري مرة أخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Nagat Mohamed Ali)
|
شكرا عزيزي وأستاذي النور،
هكذا تضع، وبعزم من حديد، وبعقل مديد، وقول سديد، ما أسميه نقداً فكرياً مبدعا. فإن الناقد الجاد هو الذي يرى مزايا الخصم - أوالرفيق- الفكري قبل أن يرى عيوبه، ثم لا يتوارى خلف الأستار حين يرى العيوب. وهكذا أستاذنا الدكتور عبد الله بولا، وإن لم نتفق معه، في كل مجريات قلمه، الحسام!!
وليقارن أحبابي وقرائي في خيط الأخ المتعالم أسامة الخواض، بين مزاعم أسامة بأنه ناقد وأكاديمي، وباحث، وبين هذا الناقد، الأكاديمي، الباحث، الفارس، الفذ، الأصيل!!! وقتها سيعلم هؤلاء القراء بأنني حين أقسو على أسامة، فلأنني اطلعت على نتاج قمم سوامق، لا أرضى له إلا أن يكون مثلهم، بالتتلمذ عليهم، لا بالتطاول، المحزن، المؤسي، المؤسف، غير المؤدب بأدب الحوار الفكري الجاد!!!
أستاذنا الدكتور عبد الله بولا، فارس أصيل، من فرسان الكلمة. ولهذا فإني أحبه وأحترمه، وإن اختلفت معه، اختلافا لم يرق له في بعض حين. ويوم قلت في هذا المنبر الحر بأن ما قرأته له في هذا المقال يعتبر أميز ما كتبه مثقف سوداني عن فكر الأستاذ محمود، لم أكن أجامله، ولم أكن أتحامل على غيره. وقد سرني، أيما سرور، أن رأيي طابق رأيك في هذا الشأن-يا أستاذي، وأخي الحبيي، وصديقي، ونديدي الفنان، الفارس، النبيل. أو ربما طابق رأيي رأيك، لا أذكر!! ولكني أذكر طربي الشديد يوم قرأت هذا المقال المتفرد، وأنا في صحبة أخي الحبيب طه أبو قرجة، وهو طازج بعد لم يقرأه إلا قلة، شرفني الله بأن كنت منهم في ربيع العام 1998، في منزله العامر بالبحرين، وأنا في زيارة جليلة، خطيرة الشأن، تعالج أمر السلام في السودان. وهناك بدات مبادرتي للسلام، التي ككلت بآيات السرية، حتى تتوجت فيما بعض ما تراه ماثلاً اليوم. وربما تعرف بأن دكتور محمد يوسف أحمد مصطفى، صاحب الرحم القوية مع عمر البشير، وأستاذي وزميلي في جامعة الخرطوم، وشريكي في الرأي في شأن السودان الجديد، والعضو القيادي في الحركة الشعبية، كان من صناع ألق تلك الزيارة المتفردة. من تلك الزيارة بذرت بذور "تفكيك التنظيم، وتنظيم التفكيك..." في شأن السودان الجديد، وبدأ مشروع السلام الراهن. وإني لأرجو أن أجد من الوقت والعافية ما يمكني من نقل مقالي الذي بدأ تلك الرحلة في الايام القليلة القادمة. فإن وجدت أنت الوقت، يا أستاذي الفاضل، في إن المقال برمته موجود في خيط "الحركة؟" للأخ عمر القراي في صالوننا الفكري الخاص. ولتقم بنقله، إن رغبت في ذلك. وإن لم تفعل فإني سأفعل بعد حين، أرجو ألا يطول!!!
وبهذه المناسبة أقول بأن مقالتي والأخ محمد يوسف عن "تفكيك التنظيم وتنظيم التفكيك..." التي أطلقت العنان لمصطلح "تفكيك..." في الخطاب المعارض لنظام الإنقاذ، في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، تأثرت، بدرجة كبيرة، بطربي بقراءة مقال عبد الله بولا. فقد كتبته في نفس تلك الأيام، الثلاثة المشهودة، في صحبة أخي الحبيب، طيب الذكر، طه أبو قرجة، وفي صحبة أختي نوال الطاهر النيل، وأطفالهما الأماجد، وكرمهما الفياض بالبحرين. ولا أبالغ يالنور، حين أقول ما قلت. فأنا رجل طروب، تطربني الكلمة الصادقة، النابعة من فارس، فنان، مجود لفنونه، وهكذا الأستاذ الدكتور عبد الله بولا!!!!
فقد ملأتني هذه المقالة لهذا الأستاذ الفارس -التي أتحفتنا أنت بها ههنا- طرباً شديداً، شعرت بعده بأننا عاجزون، كجمهوريين عن أن نخلد إرث الأستاذ محمود، بمثلما يفعل عبد الله بولا!!!! فقررت أن أفعل شيئاً، فكانت مقالة "التفكيك...."
ألم أقل لك يا عبد الله بولا، بأنك أستاذي، من حيث تدري، ولا تدري!!! ولهذا فأنت عندي مديد، مجيد، وإن تطاولت عليك بعض حين، فإني أطمح في عفوك وغفرانك، أيها الأستاذ الصفوح!!!!
وعبر أستاذي النور، إنى أسألك الغفران والصفح، إن نابك مني، ما ينوب الأب من الإبن العاق!!!! هذا بعد أن جللتني، أختي، الأم الرؤوم، نجاة محمد على، بآيأت الصفح والعفو والغفران، من حيث تدري، ولا تدري!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ النور والأخ الاستاذ الفاضل عبد الله بولا المحترمين تحيتي ومحبتي لم أملك وأنا أقرأ هذا المقال العلمي الا أن أنحني احتراما، وقد تملكتني رعشة شعورية عميقة وأنا أتابع بيانه وهو ينساب في أدب جم وعلم رفيع ولغة سالكة لا تنطع فيهاولا تقعر . وقد أعجبتني بشكل خاص الأجزاء الخاصة بالنقد المؤدب الموثق الذي حاول صاحبه أن يعرضه في صورة تفتح الطريق لمزيد من النقاش والتداول المعمق بعيدا عن غوغائية الهتاف وانفعالات التعالم.ولا أظنه يخفى على الأخ الأستاذ بولا أن بعض مما ذكره في صورة انتقادات كانت من المواضيع الدارجة التي كانت متداولة في جلسات الجمهوريين الخاصة وفي بيوتهم وفي جلسات الأستاذ، ومن داخل أروقة الفكرة الجمهورية نفسها، وبصورة مشروعة لا تخرج طارحها من حمى الفكرة الجمهورية ولا تشكك في صدقيته وعقيدته. وذلك لأنه ليس بالضرورة أن الشخص الذي التزم الفكرة الحمهورية قد توصل الى تصالح تام ويقين علمي كامل بكل أطروحاتها.فهناك دائما مساحة للخواطر والشكوك وهي مساحة مشروعة ومعترف بهادينيا وسلوكيا، وان أختلف تعامل الجمهوريين مع هذه الخواطر والشكوك وطريقة تعايشهم معها. وأذكر أنني حضرت مجلسا للاستاذ محمود حضر فيه طالبان من طلاب الجامعة فسألهم الأستاذ محمود عن مدى قناعتهم بالفكرة الجمهورية، فقال أحدهم بحماس ملتهب، أن قناعته بها مائة في المائة، وقال الاخر خمسين في المائة.وحينما غادر الطالبان المجلس علق الأستاذ محمود محتفيا بالذي قال ان قناعته خمسين في المائة متسائلا: من أين أتي الاخر بهذه المائة في المائة؟ فالفكرة الجمهورية لم يكن غرضها أبدا التابع الساكت "المخموم" وان كان هدفها دائما المفكر المؤدب الصبور الذي يأتي البيوت من أبوابهاولا يتقحمها تقحمافجا. فالفكرة الجمهورية هي في الحقيقة منهجيةعملية لطرح التساؤلات بكل أنواعها، دون أي قيودغير قيود الأدب والفكر، وهي أيضا، وفي نفس الوقت، منهجية للتوصل لاجابات مرضية تمكن صاحبها من التواؤم الفكري مع بئيته الخاصة، والتصالح مع نفسه. فالمعرفة فيها وسيلة وليست غاية.ولذلك فانني قد أتشارك مع الأخ الأستاذ بولا في بعض تساؤلاته ومن داخل التزامي بالفكرة، فالاختلاف بيننا اختلاف مقدار وليس اختلاف نوع. وذلك لأنني حينماالتزمت الفكرة الجمهورية لم يعني ذلك وقتهاأنني قد توصلت ليقين عملي بكل اطروحاتها، وان كنت على قناعة فكرية، أو قل نظرية، كاملة بها. لقد كان ذلك قرارا مني بمحاولة عن اجابات على التساؤلاتي الوجودية بمنهجية الفكرة، بعد أن تبضعت وتسوقت في عدد من بقالات الفكر، وتوصلت لقناعة أن لا منهجية غيرها للاجابة المريحة على الأسئلة الوجودية المؤرقة التي تؤرق كل المفكريين أو يجب أن تؤرقهم.شكرا أخي أستاذ عبد الله بولا وشكرا أخي د. النور على هذا البوست الراقي الذي يستحق كل حفاوة واهتمام وتقدير. أحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: degna)
|
بداية أقول أني سمعت عن هذه المقالة الكثير قبل أن تقع عليها عيناي .. وعندما قرأتها أخيرا وجدت أنها لم تكن تقل عن الوصف الذي سمعته عنها
وهذه أيضا محاولة من جانبي لشرح فهمي للنقاط التي أثارها الدكتور الأستاذ عبدالله بولا.. وأرجو أن تأتي لائقة بهذا المقام الفكري.. وكما أورد الدكتور الأستاذ أحمد الحسين فإن من النقاط التي أثارها الأستاذ بولا هنا لنقاط مثارة من طرف الكثير من الجمهوريين أنفسهم منذ زمن الحركة الجمهورية وربما إلى الآن (في اعتقادي).. وأنا لا أطمح سوى لأن أشرح فهمي الخاص لتلك النقاط.. فهذه اذا (محاولة للتعقيب) على محاولة الأستاذ بولا النقدية.. و لندلف مباشرة إلى النقاط
الأستاذ بولا ينتقد حجة الأستاذ في تشريع الجهاد في عهد الرسالة الأولى عندما قال بأن الإسلام استخدم السيف "كمبضع الطبيب، و ليس كمدية الجزار" ويقول في سياق نقده الآتي: "أرجعت تحفظي إلى كون هذه المقولة لا تقف مرفوعة القامة تماماً أمام وقائع التاريخ الفعلية. وساكتفي هنا بمثل حروب الردة وما صاحبها من الغلو في القتل و الفتك على يدي صحابي جليل وقائد عظيم هو خالد بن الوليد، غلواً لم يسلم من نقد و احتجاج بعض أجلاء الصحابة أنفسهم، ومثل مقتل عثمان على أيدي جماعة ضمت في عدادها بعض الصحابة الكبار. هذا فضلاً عن الفتنة الكبرى التي أشهر فيها نفر من عظماء الصحابة السيف في وجوه بعضهم بعضا!! ولا أرى في هذا استعمالا للسيف كمبضع الطبيب. و المسألة تحتاج للنظر." نقول هنا أن الأستاذ محمود لم يكن يبرر وقائعا تاريخية جرت باسم الإسلام.. وإنما كان يبرر حكمة التشريع ذاتها.. وهو لم يقل أن المسلمين لم يحيدوا عن ضوابط ذلك التشريع.. فهذه بطبيعة الحال لا تخفى على عين أي مشاهد مستبصر بديهيا كما أفاد الأستاذ بولا.. والأستاذ بولا يورد ما يفهمنا أنه ينتقد وقائع التاريخ الفعلية في هذه النقطة و ليس التشريع.. كما نرى في قوله"لا تقف مرفوعة القامة تماماً أمام وقائع التاريخ (الفعلية)" والقوسان حول كلمة "الفعلية" من عندي.. وهو يذكر أيضا في مقطع أعلى من نفس المقالة "ومع دقة هذا الحجاج، فهو يبدو لي غير متسقٍ مع وقائع التاريخ، في مستوى الممارسة الفعلية للمسلمين، على كل حال." فهنا إذا مربط الفرس.. فالواضح أن الأستاذ في سياق تبيينه لمواقع التطوير بين شريعتي الرسالة الأولى والثانية كان يتحدث عن التشريع لا عن مستوى تطبيق المسلمين لذلك التشريع.. ونلاحظ هنا أن الأمثلة التي أوردها الأستاذ بولا نفسها قد أتت بعد انتقال المشرع – النبي عليه الصلاة و السلام- كما يورد أيضا أن كبار الصحابة أنفسهم لم يقفوا موقفا مؤيدا لتلك الممارسات التي خرقت "التشريع" الذي يبرره الأستاذ محمود في سياقه الزمني المعين.. والصحابة- كما هو واضح من وقائع التاريخ - كانوا يختلفون في مستويات فهمهم وتطبيقهم للتشريع الذي أتاهم به نبيهم ومعلمهم، حتى أن أكبر صحابة رسول الله (أبوبكر وعمر) كانا على اختلاف في موضوع محاربة المرتدين. كما أن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء قد خالفا أبي بكر وعمر فور وفاة النبي في موضوع الخلافة.. هذا يقودنا إلى القول بأن السياق الذي كان يتحدث فيه الأستاذ لم يستوجب منه ولم يكن ليطالبه بالدفاع عن ما حدث من مخالفة لشريعة الرسالة الأولى من جانب الصحابة الكرام ومن أتى بعدهم.. وما كان الأستاذ ليفعل ذلك (في اعتقادي) لو قاده السياق إلى هذه المسألة.. ويجدر بي هنا ذكر نقطة صغيرة عن موضوع الفتنة الكبرى كموضوع جانبي يتعلق بقضية النقد، إذ أنه قد ورد عن الأستاذ أنه كان ينصح الجمهوريين بقراءة كتاب (الفتنة الكبرى) للدكتور طه حسين، و ذلك- كما وردني- حتى يعرفوا دقة و خطورة موضوع "النفس" الذي لم يسلم منه حتى كبار الصحابة.. وقد ورد عنه أنه طلب يوما من الناس في مجلسه أن يقولوا ما يرون في ابن عباس- ترجمان القرآن و حبر الأمة- ثم بعد أن سمع منهم رايهم (و كان في معظمه مليئا بالإجلال و التقديس) جعلهم يقرأون عن موقفه من الإمام علي بن أبي طالب في أيام الفتنة الكبرى من كتاب (الفتنة الكبرى)، إذ يسجل التاريخ أن ابن عباس لم ينصر عليا ولم يواجهه بعدم نصرته له بطريقة يتعجب لها القارئ على أقل تقدير، و تلك قصة تراجع في موضعها ولكن ما نريد الإشارة إليه منها أنها ذات دلائل كبيرة، منها أن الأستاذ كان شديد الوعي بوقائع التاريخ التي حدثت فيها مخالفات للتشريع من جانب قامات سامقة في تاريخ الإسلام، ولم يكن ليتغاضى عن انتقادها لو استدعاه الموقف لذلك في كتابه "الرسالة الثانية من الإسلام".
ويقول الأستاذ بولا بأن حجاج الأستاذ محمود في موضوع الرق كان أضعف من حجاجه في المناطق الأخرى .. ويعلل ذلك بالتعليق على مقولة الأستاذ محمود "فكأن الانسان عندما دعي ليكون عبداً لله فأعرض، دل إعراضه هذا على جهلٍ يحتاج إلى فترة مرانة، يستعد أثناءها للدخول، عن طواعية، في العبودية لله، فجُعل في هذه الفترة عبداً للمخلوق ليتمرس على الطاعة التي هي واجب العبد. والمعاوضة هنا هي أنه حين رفض أن يكون عبداً للرب، وهو طليق، ومكنت الهزيمة منه، جُعل عبداً للعبد، جزاءً وفاقا. "ومن يعمل، مثقال ذرة، شراً، يره".. يعلق الأستاذ بولا على هذه النقطة قائلا "فالحجة الأولى التي تتأسس على مفهوم المعاوضة لاتنسجم مع الحقيقة التاريخية من أن الأمم التي أخضعها السيف وأجاز استرقاقها "حكم الوقت"، كانت على قدرٍ كبيرٍ من التحضر والتطور في معارفها وعقائدها وأنظمتها الإجتماعية، مع الإعتبار التام لنسبية مستوى تطورها التاريخي مما كان يمكن أن يغني عن اللجوء إلى منهج للمعاوضة في غلظة الرق في منحى تدريجها إلى الدين الجديد و"ترويض" عقولها وقلوبها على القبول به. والشاهد أن الحضارة الإسلامية لم تقم، في وجوهها المشرقة بالذات من فنون وعلوم و معارف، دون أن تستند إلى تراث الرقي و التحضر الذي كان لهذه الأمم، و لن يكون من الإفتراء والهوى أن أقول أن الغالبية العظمى ممن ساهموا في تأسيس و تطوير هذه العلوم و المعارف هم من بين الذين وطئهم عار الإسترقاق والولاء." إن منطق النقد المتماسك في هذه النقطة لا يحتاج إلى إشارة مني للقارئ.. و أنا لا ادعي أني أملك رأيا يستحق الإعلان تعقيبا على هذه النقطة التي أثارها الأستاذ بولا هنا، و لكني سأعقب على نقطة أخرى جاءت في نفس سياق نقده لحجة الأستاذ في تبرير الرق.. يقول الأستاذ بولا في تلك النقطة: "ويبدو لي أن حجة "الحكمة" التي قضت "بالإبقاء على نظام الرق" بقرينة كون الإسلام "نزل على مجتمع الرق فيه جزء من النظام الإجتماعي"، وبأن هذا مما كانت تقتضيه "حاجة الأفراد المسترقين، وحاجة المجتمع، الإجتماعية والإقتصادية"،(29) تبدو لي أضعف من أختها. وسأستبعد من مناقشتي تمامًا "حاجة الأفراد المسترقين إلى الإسترقاق" في أي سياقٍ وردت وتحت أي حجة أتت." و بما أن الأستاذ بولا استبعد من مناقشته "حاجة الأفراد المسترقين إلى الإسترقاق"، في أي سياق وردت وتحت أي حجة أتت، فنحن أيضا سنستبعدها، ليس لنفس السبب الذي استبعدها الأستاذ بولا من أجله ولكن حتى يكون تعقيبنا على النقاط التي أثارها الأستاذ بولا دون سواها.. أنا أعتقد أن استقراء التاريخ يبين لنا بشكل واضح أن مؤسسة الرق كانت فعلا "حاجة إجتماعية و اقتصادية" للمجتمعات الإنسانية التي عاشت على سطح الأرض في ذلك الزمان.. وليسمح لي الأستاذ بولا أن أقول أنا من جانبي أن قوله: "لا يبدو لي أن آراء علماء تاريخ الإقتصاد السياسي المعاصرين تميل إلى تأكيد هذه الفرضية." ليسمح لي الأستاذ بولا بأن أقول أنه "يبدو لي ذلك" من قرائتي الشخصية للتاريخ و تاريخ الإقتصاد السياسي تحديدا.. و أنا لا أريد المواصلة كثيرا في هذه النقطة لأنها- كما يتضح للقارئ- واسعة التصويب جدا، و الأستاذ بولا على أية حال لم ينتقدها بقدر ما تساءل عن مدى صحتها واقعيا (في نظري)، ونحن نرى أن مدى صحتها واقعيا "يطابق" استنتاجاتنا من قراءة تاريخ تطور المجتمع البشري على هذه الارض.. و إذا قام الأستاذ بولا بالتعقيب على هذه النقطة بإسهاب أكثر فحينها نرجو أن نستطيع العودة و نناقشه بإسهاب أيضا في هذه النقطة.
و نواصل
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
أما النقطتان اللتان كانتا الأكثر إمتاعا لي في قرائتهما من النقاط التي أثارها الأستاذ بولا، فهما قضيتا المرأة،و مفهوم الدين الأفضل.. ذلك لاني أرى أن النقد فيها قد أخذ منحى "فلسفيا" عميقا، و كم أعشق أنا هذه المناحي التي يكون الإبحار فيها غاية في حد ذاته أحيانا، من أجل إثراء حياة الفكر و حياة الشعور، و هما هما ما نعيش من أجله في الأساس.. و ليكن تعقيبي الأول على قضية المرأة
في البدء أحب أن أثبت نقاطا أعتقد أن تثبيتها مهم جدا قبل الولوج في هذه النقطة.. و ذلك حتى أوضح للقارئ النقطة التي يبدأ منها الحوار، فالاستاذ بولا يقول: "وبدا لي أن هذا التمييز "الخفي" وإن لن يكون له تأثير ملموس في مجرى التشريع في الواقع المباشر، على إفتراض الإقتناع بمنطق الرسالة الثانية، إلا أنه ينطوي على معان من التراتب لا بد أن تترك أثرها في الخواطر الخفية." ما يهمني من هذا المقطع هو قول الأستاذ بولا "و إن لم يكن له تأثير ملموس في مجرى التشريع في الواقع المباشر" و قد حمدت هذه المقولة للأستاذ بولا كثير الحمد، ذلك لأنها تحدد بوضوح للقارئ موقع النقطة التي ينطلق منها النقاش، و هذه النقطة هي " أنه ينطوي على معان من التراتب لا بد أن تترك أثرها في الخواطر الخفية." في رأي الأستاذ بولا.. و هذه المنطقة كما يلاحظ القارئ هي منطقة غاية في الدقة.. هي منطقة "الخواطر الخفية"، فالأستاذ بولا هنا يأت الفكر الجمهوري في ميدانه الأساسي.. ميدانه الرئيسي.. و هو ميدان "علم النفس البشرية".. و لأن يأت رجل الفكر الجمهوري في هذا الميدان و بهذا النقد المؤسس لهو أمر لا يأت إلا من فروسية فكرية يستحقها الأستاذ بولا استحقاقا لا مجاملة فيه في هذا المقال.
في هذه النقطة.. ليسمح لي القراء أن أحيلهم إلى بوست قديم تم فيه نقاش هذه القضية، ولا أريد بهذه الإحالة أن أشتت قراءة القارئ إذ أن بإمكان القارئ أن يواصل قراءة تعقيبنا هذا دون الحاجة لقراءة هذا الخيط الذي سنضعه ودون أن يحس بوجود حلقة مفقودة لا بد من وجودها (في زعمنا)، ذلك لأن الخيط المعني يتناول النقطة من جانب الفرق بين التمييز الأخلاقي في درجات الأخلاق (وهو عندنا موجود وحتمي) والتمييز القانوني في نظرة القانون والمجتمع (وهذه بطبيعة الحال أمرها مفروغ منه وقطعي في الفكرة الجمهورية).. فقط نريد أن نذكر أن التفاوت والتمييز في الأخلاق الذي أشرنا إليه لا يعني التمييز بين المرأة والرجل، و إنما يعني التمييز بين قامة كل فرد بشري أخلاقيا، إذ أن الفكرة الجمهورية تزعم (حسب فهمي) أنه لا يوجد في الأصل شخصان اثنان (رجلان أو امرأتان أو رجل وامرأة) يقفان في درجة متساوية من الأخلاق.. إذ لا بد من التفاوت وإن كان دقيقا أو غير منظور بالعين المجردة.. وهذه النقطة مبذولة على أية حال في كتاب الأستاذ "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" بشكل كاف في نظري، والأستاذ بولا قد أشار إليها أيضا إشارة منصفة في مقاله.. فإليكم الرابط للبوست المذكور و هو بعنوان (تكرموا بإنزال الفلسفة من السماء إلى لأرض)
تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض!
والآن نواصل في أصل القضية، فالأستاذ بولا ينتقد الأستاذ محمود في نقطة هي تعد من (المنطق الداخلي) للدين، أو المعرفة الداخلية له، والأستاذ بولا قد أشار لمسألة المنطق الداخلي هذه في مقاله في موضع فيه.. ما نريد الإشارة إليه هو أن الأستاذ بولا يعلم تماما أن الأستاذ محمود ينطلق من قاعدة دينية في تبرير تشريع يقيمه الأستاذ بولا من وجهة نظر إنسانية محايدة بواسطة ما تواضعت عليه إنسانية اليوم في قضايا الحرية و المساواة، وهذه النقطة النقدية التي أثارها الأستاذ بولا تكون أكثر تأكيدا وأهمية عندما يكون المقال منشور أساسا في مجلة متخصصة في دراسات حقوق الإنسان.. إذ أن المقال لو كان منشورا في مجلة دينية مثلا لكانت هذه النقطة غير ذات أهمية مقارنة بغيرها من النقاط المثارة، وربما حتى لو كانت مجلة ثقافية متنوعة لا تتقصد مجال حقوق الإنسان بالذات.. لماذا؟ لأن الموضوع في مستوى القانون والتشريع مفروغ منه وبإقرار الأستاذ بولا نفسه، فالفكرة الجمهورية تتحدث عن المساواة التامة في نظر القانون والمجتمع بين الجنسين بشكل واضح، ولكن القارئ لمجلة متخصصة في دراسات حقوق الإنسان يتطلع بطبيعة الحال إلى أبعد من ذلك، حيث اساس القيمة التي نبعت منها فكرة المساواة هذه، إذ لابد من أن يكون الأساس قويما حتى يستقيم الإستخلاص، إذ لا يستقيم الظل و العود أعوج.. مأخذنا على الأستاذ بولا في هذه النقطة هو أنه لم يتحدث فيها بإسهاب كافي، خاصة فيما يتعلق بالقول الذي ذكر أنه غالبا ما يكون نهاية النقاش في هذه النقطة مع الجمهوريين، و هو قول (هذا الأمر أمر ذوق)، و الأستاذ بولا يعرف "الذوق" في مقاله بـ "أي لا تقوم فيه للبرهان قائمة." فهل هذا التعريف صحيح؟ أنا لا أعتقد ذلك.. فـ"الذوق" لا يعني "لا تقوم فيه للبرهان قائمة" و إنما "لا تقوم فيه للبرهان الخارجي قائمة في اعتبار الفرد" أي أن الفرد لا يتحقق بالبرهان عن طريق إجابة جاهزة تأتيه من خارج وعيه الخاص، فلا بد أن يحصل عليها هو بنفسه حتى "تقوم لها قائمة" عنده، و هذه المسألة هي أساس مطلب السلوك التعبدي الذي دعا له الأستاذ محمود و الجمهوريين.. و هو فهم أصيل و قديم من التراث الإنساني، إذ أن مفهوم "العلم اللدني" (والملتصق بمفهوم الذوق) يضعه البعض كثيرا في مواضع التهويم و البهموت.. في حين ان تعريفه البسيط هو "الحيازة على البرهان من الداخل وليس من الخارج". و ربما يفسره بشكل أكبر تفسير الأستاذ بمثال "الموزة"، فهو يقول ما معناه أن الذي يسمع عن الموزة ليس كالذي رآها.. و الذي رآها ليس كالذي أمسكها بيده و تحسسها.. و الذي تحسسها فقط ليس كالذي أكلها و خبر طعمها شخصيا.. نلاحظ هنا تفاوت درجات المعرفة لنفس الشيء و هو هنا "الموزة"، فما بالنا بمعارف عميقة واسعة تتعلق بأمر خلق الكون و أصل الوجود و دقائق الأسباب و المسببات في حياة الإنسان و الحياة بكل أشكالها؟.. أليس من المقنع أن تكون هناك مرحلة "ذوق" لا يصل لها الشخص بالإجابة الجاهزة من الخارج؟ بل بالبرهان الداخلي و ليس بسواه؟ إن هذا لأمر يدل على دقة مفهوم الحرية و"الفردية" و"الحرية الفردية المطلقة" التي تحدث عنها الأستاذ كثيرا.. وهذا أمر مدعو له كل إنسان، من حيث هو إنسان، رجالا ونساءا، ليحققوا به فرديتهم وحريتهم الفردية المطلقة.. إن التأمل في هذه النقطة يفضي بنا إلى أن الأستاذ محمود تجاوز بشكل كبير موضوع "الخواطر الخفية هذا" وسبر غوره، وعالج مشكلته، وسلمنا منهاج هذا العلاج وندبنا جميعا إليه في "طريق محمد" و"تعلموا كيف تصلون" و"رسالة الصلاة" وغيرها من الكتب التي تحدثت عن هذه القضية بعمق لم يتناوله قبله أو بعده أحد قط إلى الآن.. لقد كان هذا التناول لمفهوم "الذوق" لأن فيه تكمن الإجابة على نقد الأستاذ بولا في موضوع "الخواطر الخفية" في نظري.. و بفهمه نفهم أن الأستاذ محمود قد عالج مشكلة الخواطر الخفية هذه خير علاج ولم يتركها.. بل قد كانت هي همه الأكبر كما نستطيع الإستنتاج من حجم كتاباته في هذا الموضوع على أقل تقدير.. وأرجو أن أكون قد وضحت فهمي بشكل كاف في هذه النقطة
و نواصل
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
أما النقطة الأخيرة، وهي موضوع "الدين الأفضل" فهذه أيضا تتعلق بمفهوم السلوك و "الذوق"، فالصوفية دوما يركزون على موضوع "التوحيد" وأن "الوجود لا يدخله باطل " في فهمهم التوحيدي، والأستاذ قد أسس لفكرته على قواعد هذا البناء التوحيدي، فقول الصوفية "الرحمة بخلق الله أولى من الغيرة على دين الله، لان الغيرة من الغيرية، و لا غيرية في هذا الوجود" هو قول يدعمه الأستاذ محمود بكل ثقله الفكري.. المكتوب و المجسد.
هذا من الناحية التوحيدية الصرفة، أما من الناحية المتنزلة لارض الناس من حيث الممارسة اليومية، فهنا يجب أن نعي حقيقة مهمة، وهي أن الدين يتضمن الدعوة لممارسة معينة، في العبادة على وجه التخصيص، وبدون مفهوم "الدين الأفضل" لن يكون هناك أي مبرر لشخص ما للدعوة إلى دينه و فكره الذي يؤمن به، أيا كان شكل ممارسته، فنحن- بهذا الفهم- لا نستطيع أن نمنع الشيعة من جلد أنفسهم حتى التخضب بالدم في يوم عاشوراء، إذ أن هذه الممارسة الدينية ليست أفضل من ممارسة الدعوة السلمية و الحزن النبيل الوقور على موت السيد الحسين بن علي، ولا نستطيع أن نمنع المسيحيين الفلبينيين من صلب أنفسهم في ذكرى صلب السيد المسيح، إذ أن هذه الممارسة الدينية ليست أفضل من أن يتذاكر الناس قصة حياة المسيح و محاولة التأدب و التحلي بوصاياه الأخلاقية السامية، بل الأدهى من ذلك أننا لا نستطيع أن نتقد الممارسة الدينية للإرهابيين الذين يفجرون أنفسهم ويقتلون الأرواح البريئة، لأن تلك الممارسة الدينية ليست أفضل من الدعوة السلمية.. كل هذا بمنظور أنه "لا يوجد دين أفضل"، و أنا أعلم الأستاذ بولا لا يعني ذلك، و لكن التغاضي عن أن الدين يحمل جانب ممارسة يومية توزن به أفضليته على غيره "من ناحية انسانية بحتة" لهو أمر حري بكل مهتم بحقوق الإنسان أن لا يتفاداه.. هذه ببساطة منهجية تقييم "الدين الأفضل"، و هي كما نرى منهجية انسانية لا علاقة لها بالعقيدة و الخواطر الداخلية الخفية، فالدين الذي يورث أتباعه حسا أسمى و فكرا أصفى و أخلاقا أكرم هو "الدين الأفضل"، بتقرير الواقع الإنساني لا بتقرير العقيدة الدينية.
من هنا نجد أيضا أن تعليق الأستاذ بولا الذي يقول فيه: "وقد أميل إلى ترجيح كون السبب قائماً في أن مفهوم الوجود في فكر الأستاذ، الذي ليس هو فكر صوفي "تقليدي" ببساطة، وإن كان للفكر الصوفي فيه نصيب يقره هو بنفسه، لم يتجاوز مع ذلك، تجاوزاً بعيداً، معنى الوجود الجاهز (الجاهز في واقعه النهائي) الذي يميز الميتافيزيقا، بصفة عامة، والميتافيزيقا الصوفية على وجه الخصوص، حتى في مستوياتها الرفيعة، (وأنا بالطبع لا أستخدم مصطلح ميتافيزيقا هنا بالمعنى القدحى)، أقول أن مفهوم الوجود الجاهز المحكم الغائية، والمحكوم بها هذا، والذي لا مجال فيه للصدفة الصرفة والخطأ "الصرف" الإحتمال "المفتوح"، هو مفهوم يفضي إلى مناطق مغلقة كثيرة محرمة على المنطق الإشكالي، هذا المفهوم هو الذي يلقي بثقله على مفهوم الواقع وأصالة حقائق الواقع في تحليل الأستاذ، (أقول ربما...)". نرى أن هذا تعليق يحتاج لإعادة النظر أيضا، إذ أن مفهوم "الصدفة الصرفة" و "الخطأ الصرف" و"الإحتمال المفتوح" هو هو المفهوم الذي يناقض قيم حقوق الإنسان من أساسها، و يقتلعها من جذورها، و بالتالي يمكن أن نقول أن المنطق الإشكالي (حسب تعريف الأستاذ بولا) هو أساسا "المنطقة المغلقة المحرمة" من منظور قضايا حقوق الإنسان في الحرية و المساواة، و أعتقد أن هذا الفهم واضح، إذ كيف ندعو لحقوق الإنسان إذا كنا لا نضع حدودا للخطا و الصواب دون وجود "إحتمال مفتوح" يلامس أرض الناس.. فمفهوم "الصرافة" في حد ذاته يناقض مفهوم "التشريع" الأرضي الملموس، و بالتالي ينقض مفهوم أي تشريع إنساني يسعى للتواضع على قيم دفعت البشرية ثمنا باهظا عبر تاريخها الطويل للثبات عليها و على أرضها.. و لا أريد الإسهاب أكثر في هذه النقطة أيضا لانها متسعة و متشعبة بشكل قد يصرفنا عن أصل النقاط المراد التعقيب عليها هنا
أما بعد.. فهذه محاولة متواضعة للتعقيب على محاولة جليلة.. فلي أن أطلب العذر إن لم تكن في المستوى المطلوب.. من الأستاذ بولا و من القراء الكرام
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
شكرا قصي (ياهو ذاتو) لقد استمتعت بتعقيبك أيما متعة. وقد شكل تعقيبك ضربة بداية موفقة جدا لما ننتظره من محاروة أستاذنا عبدالله بولا. نرجو أن يعود بالسلامة من رحلته خارج فرنسا، ويجد من الوقت ما يمكنه من الإطلال علينا. ونرجو منه السماح إن فلتت منا أخطاء في طباعة نصه، بعد مجهودك الكبير، ومجهودي، والمجهود الأكبر لرفيقة دربه، الدكتورة نجاة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
لقد فرغت للتو من قراءة ورقة الأستاذ عبد الله بولا..
الشكر لكل الذين ساعدوا في إيصالها للمنبر.. سوف أواصل القراءة، وعندما يسمح الوقت سأحاول التعليق..
والسلام للأخ عبد الله والأخت نجاة.. وسلام على زينب في الخالدين "وردت سيرتها العطرة في الورقة، ولم أتمكن من حبس دموعي، فقد عرفتها وأعجبت بشجاعتها وثورتها، وقد تشرفت بمرافقة الأستاذ محمود إلى العزاء فيها، رحمها الله رحمة واسعة"..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الأخ النور والإخوة المتداخلين،
حقيقةً أنا في حيرةٍ من أمري لا أعرف من أين أبدأ. طيب. ولأبدأ بحديث النور في مداخلةٍ أو مداخلاتٍ له بالمنبر، في بوست الترحيب ببولا أو بوست أسامة الخواض عن مفهوم البدائية، حول نشر مقال بولا على صفحات المنبر. ثم أشير إلى توضيح بولا في بوست الأخ عبد المنعم عجب الفيا، الأفرو عربية، حين أبدى رأيه واضحاً في أمر نشر كتاباته بالمنبر. وأتساءل: هل أستُشير بولا مباشرةً في نشر هذه الدراسة؟ وهل أعرب عن موافقته؟ وهل قبل بمشاركةٍ في حوارٍ جديد قبل أن ينتهي من ردوده على المرحبين به؟
على كلٍ، لا أعتقد، ولكني وجدت نفسي أمام خيارات صعبة، فاخترت أيسرها للناس وأصعبها على نفسي: تصحيح النص الذي نزل، ليس دون استشارة بولا، وبأخطاء مطبعية تفوق الوصف وتمس في مواضع كثيرة بالمعاني، كما رأيتم. كان هذا الخيار صعباً لأنني أوافق بولا على رأيه في توقيت وشروط نشر نصوصه، جملةً وتفصيلا، ثم لأن الوقت الذي قضيته في تصحيح الأخطاء المطبعية، بمراجعتها ومقارنتها مع الأصل(وليس من قراءتي للنص المطبوع وحدها)، أخذ مني كل عطلة نهاية الأسبوع، فحرمني بذلك، لا أيدي لا كراعي، من الاستمتاع بقليل من الوقت مع بناتي ومن إكمال التشطيبات التي أجريها على بحثي لنيل الدكتوراه، والتي منحني لقبها بعض الأصدقاء في البورد قبل أن تمنحني له جامعة السوربون، وكنت أبحث عن مدخلٍ مناسب لأطلب منهم الكف عن إضافته لأسمي. وعلى كل حالٍ، أنا منه قاب قوسين أو أدنى. وهذا موضوع آخر، شغلتني عنه أيضاً، وعلى مدى سبعة أعوام، مثل هذه المشاكل التي تتقاطع مع ترتيب وقتي دون إرادتي.
وطالما أصبح النص بين أيديكم. فلأبدأ بتعليقٍ أول، يتصل بمستوى الحوار. وأخص أولاً الدكتور حيدر بدوي، الذي جاءت كلماته مرةً أخرى في حق أسامة الخواض منافيةً لأسس الحوار السليم. وأرجو منه، لمرةٍ، أتمنى أن تكون الأخيرة، أن يعصم نفسه عن العبارات التي تفسد جو النقاش، خاصةً وإننا فهمنا وحفظنا عن ظهر قلب رأيه في أسامة. وأتمنى أن يتحلى الجميع برحابة الصدر. ففكر الأستاذ محمود، مثل أي فكرٍ كبير آخر، لا يعلو على النقد.
ولي تعليق أخير على كلمات الأخ النور: "شكرا للأخوين حيدر بدوي وأحمد الحسين أتوقع منكما ومن غيركما من الجمهوريين تناول ورقة بولا بالتوسيع وبمناقشة ما أثار من قضايا، كلٌ من زاويته، ومشهده. سأعود للتعليق قريبا إن شاء الله."
وكنت أتمنى أن يكون حديثك موجهاً "لكل المهتمين بالأمر"، أو "للجمهوريين وغيرهم".
وللجميع خالص تقديري نجاة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Nagat Mohamed Ali)
|
شكرا الأخت نجاة، على المداخلة
بطبيعة الحال، دعوة الحوار مفتوحة للجميع. ولم يجيء تخصيصي للجمهوريين، بغرض حصر الأمر في المنتمين للفكرة الجمهورية، وإنما جاء في معرض شكر كل من الأخوين د. أحمد مصطفى الحسين، ود. حيدر بدوي على زيارتهما للبوست. كل ما في الأمر أنني حسبت أن الحوار حول هذه الورقة أمر مفتوح للجميع. وأن ذلك مما يقع ضمن ما هو معلوم بالضرورة. ومع ذلك فإن تسبيب تخصيصي للجمهوريين قد استند، فيما أستند إليه، إلى حقيقة أن ورقة بولا قد ناقشت فكرة تعنيهم بالإنتماء، بشكل أخص، قبل أن تعني غيرهم. ومع ذلك، تبقى الدعوة للمناقشة مفتوحة للجميع، ومفهومة ضمنا، حسب تقديري. والحوار الفكري، لا يحتاج، بطبيعة الحال، إلى دعوة، فهو حق مكفول لكل من رأى أن يدخل من أعضاء البورد.
أما فيما يتعلق بسؤالك عن سؤالي بولا عن موافقته على نشر الورقة في البورد. فأنا لم أساله سؤالا مباشرا عن موافقته. غير أنني سبق أن أشرت من قبل، في معرض ترحيبي ببولا، إلى أنني سوف أقوم بنشر هذه الورقة في وقت لاحق. ولم أسمع من بولا اعتراضا على ذلك. ألأمر الذي حسبته موافقة ضمنية. يضاف إلى ذلك أن الورقة قد جرى نشرها في مجلة عامة، ويمكن لكل من يريد التعليق عليها في أي منبر يشاء، القيام بذلك، دون أخذ أذن. وقد قمت أنا بسحب النص حين أخبرتني أن به أخطاء كثيرة، ليقيني أن من حق صاحب أي نص، على من يقوم بنشر نصه، أو الإفتباس منه، بغرض مناقشته، ضمان سلامة النص من التحريف، ومن الأخطاء المخلة بالمعنى. وقد تكرمت أنت مشكورة بمراجعته بالمستوى الذي يرضيك، وأرجو أن يكون ذلك مرضيا لبولا أيضا.
ختاما أتطلع إلى تفاكر، ومثاقفة، معافاة، في هذا البوست. وأحسب أن ورقة بولا، بطبيعتها التي رآها بها الجميع الآن، تفرض مثل هذه المثاقفة المعافاة. أعلم أن بولا مشغول، ولم يفرغ بعد من رد التحايا الكثيرة من المرحبين به. ولكن ذلك لا يضير في تقديري ومتى ما وجد بولا فرصة للإطلال علينا، فمرحبا به. لا أريد أن يتحول هذا البوست إلى سجال، أو مناظرة مع بولا، لا من جانبي، ولا من جانب غيري، بقدر ما أرجو أن يكون مساحة للتفاكر، وتسليط الضوء على ما أثارته الورقة من قضايا، هامة. فقد كان غرضي منذ البداية الإحتفاء بهذه الورقة المتميزة. والإحتفاء يحوي الأخذ والرد، ويحوي التفاكر، وإبداء الملاحظات، هنا وهناك.
لذا لزم التوضيح، مع خالص شكري وتقديري لك، ولأستاذنا عبدالله بولا، مع أمنياتنا له بسلامة العودة.
| |
|
|
|
|
|
|
لماذا اتعامل مع شتائم وتهديدات دكتور حيدر بشكل جدي؟لانه ارهابي ومريض نفسيا (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الدكتور النور حمد سلام
تعمدت الا ادخل الى هذا البوست حتى لا اعطى اي احد فرصة للانحراف به عن مقاصده الاساسية
بالرغم انني اجل بولا فهو واحد من اساتذتي في الكتابة قبل ان اعرفه وهو صديق عزيز بعد ان عرفته شخصيا وعلى قدر من الطرافة والظرف مما يجعلك تشك في الحدة والسخرية التي تتمير بها كتاباته الاولى
واكتفيت بالمتابعة على ان ارسل ملاحظاتي لبولا بشكل شخصي بالتلفون او الايميل ولكن كل ذلك لم ينفع فقد قام الدكتور حيدر صادق بسبي وشتمي حين قال:
Quote: وليقارن أحبابي وقرائي في خيط الأخ المتعالم أسامة الخواض، بين مزاعم أسامة بأنه ناقد وأكاديمي، وباحث، وبين هذا الناقد، الأكاديمي، الباحث، الفارس، الفذ، الأصيل!!! وقتها سيعلم هؤلاء القراء بأنني حين أقسو على أسامة، فلأنني اطلعت على نتاج قمم سوامق، لا أرضى له إلا أن يكون مثلهم، بالتتلمذ عليهم، لا بالتطاول، المحزن، المؤسي، المؤسف، غير المؤدب بأدب الحوار الفكري الجاد!!!
|
وسكت عليه , وقلت لن اساعده فهو واحد من هادمي اللذات والبوستات
وحين نبهتك له الاستاذة نجاة لم تعلق عليه اخي النور , وانت صاحب البوست وهذا يعني ضمنيا انك موافق عليه, ولو انك علقت لما دخلت هذا الخيط , ولكن بما ان السكات رضا, فانني لن اسكت عن ذلك
Quote: وذلك لسببين: الاول ان الدكتور حيدر ارهابي في تفكيره وثانيا -كما ذكر هو في بوست اخر-انه مريض نفسيا ,ولا اقول ذلك للسخرية منه ,كلا وحاشا, فانا اتمنى له من كل قلبي عاجل الشفاء, لكنني في الوقت نفسه لن اسمح له بان اكون موضوعا لهلاويسه ووساوسه القهرية, وغيرها من اشكال البارانويا |
وساعود بعد قليل لاثبات ارهابه الفكري ولماذا اتعامل مع شتائمه وسبابه و تهديداته لي بشكل جدي
وساعود
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
حيدر بدوي صادق ارهابيا :الجزء الاول :
مرفق نماذج من شتائم دكتور حيدر لي والتي تعكس ارهابه الفكري وعدم قبوله بالاخر المختلف معظم الاقواس من عندي لتنبيه القارئ الى شتائم وسباب وتهديدات الدكتور حيدر , وكيف ان خطابه لا يختلف عن الكيزان واسامة بن لادن وطالبان الارهابيين
فاول خطابه لي افتتحه بالاتي:
Quote: الأخ المتعالم "المتعالي" أسامة، أرجو أن تسمح لي بأن أقول لك بأنني، وعلى طول ما عرفت من "مكابرة المكابرين"، لم أر مثل "مكابرتك السفسطائية غير-الأكاديمية" هذه!!
|
Quote: لا يطأها" المتكبرون"، "المتعالمون"، و"المتعالون"، إلا وتحرقهم أنوارها ونيرانها |
|
Quote: سيزعجهم أن يدعي" مدعٍ" مثلك أنه نهل من علومهم. أنت يا سيدي رجل "متزمت" "ضل طريقه إلى قوى اليسار الجديد"، ثم إلى الفكر الغربي
|
Quote: أما أنت" فمآربك الدنيوية" مشعور بها، وواضحة لكل ذي بصر يتابع ما تكتب. وواضح لي بأنك "باحث عن شهرة" و"عن مجد"، حتى لو كان ذلك" بالتطاول" على مفكرين أفذاذ مثل الأستاذ محمود محمد طه، أو على أناس تفضلوا بأن ظنوك في حلبة المبدعين، وما أنت منهم!!
|
Quote: وما أنت غير رجل "متعال"ٍ "متعالم،" يغرق نفسه في شبر ماء "غربي"" آسن"، لم يعد حتى سقاة هذا الماء يستسيغونه، لو كنت تعلم ما يدور في ردهات البحث العلمي في مجالك الذي تدعيه!!
أنت رجل ذكي بلا شك. ولكنك رجل" موتور"، تجعل من "سوء الأدب" مع معلميك منهجاً" للتطاول" عليهم. وما هكذا يصبح العلماء علماء.
وما هكذا يكون المعلم معلماً، إن كنت تعد نفسك لمثل هذا الدور، الذي يبدو لي أنك تمارسه لاشعورياً، دون أن تتأهل له أخلاقياً ومهنياً.!!! |
فأنت تجوز لنفسك أن تكون "المشاء"
وهو لا يعلم ان الاخرين هم الذين اطلقوا على تلك التسمية استنادا الى نصوصي الشعرية التي لا يعرفها الدكتور وكتابي "خطاب المشاء"
Quote: ثم يواصل سخريته واتهامه لي بالجهل حين يقول:
وأستظيع أن أقول لك، بدون أدنى مبالغة، بأنك ظلمت الرجل ظلم الحسن، والحسين، إن كنت تعرف من هما الحسن والحسين!!
وقد تصديت لمن علموني فقرعتك، وانصرفت لشأني لأنه لا وقت لي للسير في وحل النفوس المنتفخة .
أنت يا عزيز رجل موتور، مغرور، ليس إلا!!!
Quote: بأن عدداً غير هين من المشاركين في هذا الخيط -ممن تحدثت معهم، أو قرأت لهم ههنا، دون أن أتشرف بالحديث معهم- يوافقونني الرأي بأنك رجل "متعالٍ"، "حسن الظن" بنفسه، "وسئ الظن بالآخرين". |
،
ويواصل شتائمه:
Quote: ولم أرك ههنا إلا "متطاولا"ً،" متعالياً"! |
.
ثم يواصل :
Quote: وقد رأيت، ببساطة شديدة، بأن الأخ الكريم أسامة خرق الشروط الأساسية للحوار" المؤدب" الموزون المثمر أن يتعامل أسامة" بتعالٍ"ٍ، و"سفسطائية"، و"تعالم"، عهدناهم في أساتذتنا الغربيين، لمجرد كونه امتلك "هياكل" منهجية ونظرية، فهذا لا يجوز السكوت عليه!! |
Quote: ، وإن لم يرد، فإني غير مستعد لتضييع وقتي مع من" تنتفخ ذواتهم "حتى لا يكادون يرون غيرهم من الناس!! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
معذرة لهذا الخطا الفني سنعيد الجزء الاول حول دكتور حيدر ارهابيا:
مرفق نماذج من شتائم دكتور حيدر لي والتي تعكس ارهابه الفكري وعدم قبوله بالاخر المختلف معظم الاقواس من عندي لتنبيه القارئ الى شتائم وسباب وتهديدات الدكتور حيدر وكيف ان خطابه لا يختلف عن الكيزان واسامة بن لادن وطالبان الارهابيين
Quote: فاول خطابه لي افتتحه بالاتي: الأخ المتعالم "المتعالي" أسامة، أرجو أن تسمح لي بأن أقول لك بأنني، وعلى طول ما عرفت من "مكابرة المكابرين"، لم أر مثل "مكابرتك السفسطائية غير-الأكاديمية" هذه!! ثم يقول عن الحقول المعرفية التي :
لا يطأها" المتكبرون"، "المتعالمون"، و"المتعالون"، إلا وتحرقهم أنوارها ونيرانها ثم يتحدث عن المدارس الغربية والمفكرين الغربيين الذين :
سيزعجهم أن يدعي" مدعٍ" مثلك أنه نهل من علومهم. أنت يا سيدي رجل "متزمت" "ضل طريقه إلى قوى اليسار الجديد"، ثم إلى الفكر الغربي
ويواصل شتائمه قائلا ك أما أنت" فمآربك الدنيوية" مشعور بها، وواضحة لكل ذي بصر يتابع ما تكتب. وواضح لي بأنك "باحث عن شهرة" و"عن مجد"، حتى لو كان ذلك" بالتطاول" على مفكرين أفذاذ مثل الأستاذ محمود محمد طه، أو على أناس تفضلوا بأن ظنوك في حلبة المبدعين، وما أنت منهم!!
وما أنت غير رجل "متعال"ٍ "متعالم،" يغرق نفسه في شبر ماء "غربي"" آسن"، لم يعد حتى سقاة هذا الماء يستسيغونه، لو كنت تعلم ما يدور في ردهات البحث العلمي في مجالك الذي تدعيه!!
أنت رجل ذكي بلا شك. ولكنك رجل" موتور"، تجعل من "سوء الأدب" مع معلميك منهجاً" للتطاول" عليهم. وما هكذا يصبح العلماء علماء.
وما هكذا يكون المعلم معلماً، إن كنت تعد نفسك لمثل هذا الدور، الذي يبدو لي أنك تمارسه لاشعورياً، دون أن تتأهل له أخلاقياً ومهنياً.!!!
فأنت تجوز لنفسك أن تكون "المشاء"
وهو لا يعلم ان الاخرين هم الذين اطلقوا على تلك التسمية استنادا الى نصوصي الشعرية التي لا يعرفها الدكتور وكتابي "خطاب المشاء" ثم يواصل سخريته واتهامه لي بالجهل حين يقول: وأستظيع أن أقول لك، بدون أدنى مبالغة، بأنك ظلمت الرجل ظلم الحسن، والحسين، إن كنت تعرف من هما الحسن والحسين!! وقد تصديت لمن علموني فقرعتك، وانصرفت لشأني لأنه لا وقت لي للسير في وحل النفوس المنتفخة.
أنت يا عزيز رجل موتور، مغرور، ليس إلا!!!
، بأن عدداً غير هين من المشاركين في هذا الخيط -ممن تحدثت معهم، أو قرأت لهم ههنا، دون أن أتشرف بالحديث معهم- يوافقونني الرأي بأنك رجل "متعالٍ"، "حسن الظن" بنفسه، "وسئ الظن بالآخرين". ويواصل شتائمه:
ولم أرك ههنا إلا "متطاولا"ً،" متعالياً"! ثم يواصل :
وقد رأيت، ببساطة شديدة، بأن الأخ الكريم أسامة خرق الشروط الأساسية للحوار" المؤدب" الموزون المثمر أن يتعامل أسامة" بتعالٍ"ٍ، و"سفسطائية"، و"تعالم"، عهدناهم في أساتذتنا الغربيين، لمجرد كونه امتلك "هياكل" منهجية ونظرية، فهذا لا يجوز السكوت عليه!!
ويقول
، وإن لم يرد، فإني غير مستعد لتضييع وقتي مع من" تنتفخ ذواتهم "حتى لا يكادون
|
يرون غيرهم من الناس!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: osama elkhawad)
|
Dear Nagat, Please forgive me for writing in English. I am forced to this with the system I am using right now to covey this message. Let me begin, by saying that I don't know why you get offended by my cirticism of Osama Elkhawad. I would have respected your opinion had it not singled me out. Elnour, in his openning statement in this thread, mentioned Osama, in unflattering critical terms. Yet, you decided only to pick on me!!! You should understand that my criticsim of Osama is not personal, as he makes it to be. Osama is a stark representative of a wide spread phenomenon amnog the Sudanese intellegencia. And that is why I spent so much time to knock his aggorgance down, and that of his likes, throuh discussing his flawed methods and content of thinking.
His every move and turn now is proving that I did the right thing, even though a good many of my good frineds begged me not to waste time and effort with him. But becuase I thought, and still think, he is smart, and because he is a repersenative of a wide spread phenomenon, I spent some of my time trying to help him mend some of his ways. Now, that Osama has completely changed the course of discussion here by trying to make me the "subject" of this post, I hope you will cave in with an opinion on this transgression!!. Osama is indeed an arrogant man, with a terriblly inflated ego. I have mentioned this to compare him with what I think is genuine scholarship, which you husband's paper, in my humble judgement, represents. What is wrong with such a comparison?? And again, I will remind you that it was drawn before mine by Elnour, at the beginning of this thread!!
I sense a very unhealthy anger in the way you express yourself when it comes to expressions of some strong opinions of mine!! This was the second time, I get this sense. Once when I crtiicised your husband's unfair presentaion of Haydar Ibrahim Ali's thinking on the "intellectual quagmire" that errupted between them in the past. And the second when I criticised Osama.
Please know that, as Republicans, we never said that we don't welcome criticism of our frames of reference. On the contrary, we happily welcome critisiam form someone who understands what we say!! Osama has just recently begun to comprehened what we say. May be he is a new reader to Al-Ustanz Mahmoud, and to the writings of the Republicans. Yet, he arrogantly presents himself as someone who "knows it all." Someone needed to step up to the plate to tell him what I told him, and I don't regret it! A final note to you, ya Nagat. Please forgive me for having used a title infront of your name, if that in anyway offends you. I truly thought that you completed your Ph.D, and I meant no offense at all. I wish you every success in completing the final touches of your disseration.
Dear Osama, You are proving my point by spreading your angry grudges in this thread. Again, I will say this: I am not the "subject" here, whetherr I am sick, or halucinating or not. Nor was I the "subject" of your discussion when you made me such in the thread of your egotistic crtitism of Al-Ustaz Mahmoud. I am just someone who didn't like the way you present yourself, and your ideas, and the content of those ideas!! You have to learn to live with the fact that there are people in this world who may not see you as you, and some of your frineds, see yourself!! The same thing applies to me. I have to live with the fact that some people, like you, may not like the way I think or express myslef. I am perfectly comofortable with this fact of life, even though I would have loved it if the whole world loved what I wrote!!!
I am really saddened that you don't know the diffenece between insult with intent, and the painfully constructive criticism. I know that what I did in your thread hurts you. However, you have to understand that I meant to say what I thought in the most articulate and candid of terms. If they seem too strong for your tase and that of Nagat, I am sorry. Many of those who sopke to me thought I have been more lenient than I should be, while others said I am just wasting my time with you -as I mentioned earlier in my response to Nagat. When a piece of writing generates such a diverse range of opinions, then you know, as a writer, that you have done a good job! As for my health, please know that I, at least, have the brain and the guts to make the likes of you look bad!! Look at how bankrupt you have become, just like some others before you, Republicans and non-Republicans alike, when all the venues of logic are shut on your face!!
Please come back to your senses, and calm down, to know that no genuine thinker or social/political activist has escaped being thought of as "sick" -while, in time, his/her accusers turned out to be such. I admitted being disturbed by the volume of injustices that were leveled against me, and couragously sought help for it. If you were a true believer in the western traditons you so "extremely" and unthougtfully advocate, you would have admired the fact that I openly spoke about this. Unfortunatley, you use the West, and its wonderful intellectual tradiotns to promote yourself, and your egotistic indulgenies. Such a man ceases to be respected in the annals of intellectual decency and honesty!
Dear Elanour, I am sorry to have been forced to drag the discussion in this direction. But, I think, you would understand that I was made the subject of this thread while I shouldn't have been dragged into it as the "subject," while I was just a contributor who made a comment.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الحلقة الثانية حول دكتور حيدر بدوي صادق ارهابيا:
وبدا يتهمنا بالسرقة , وسكتنا عليه , وقلنا ربما ان الرجل خرج عن طوره لاسباب مرضية حين قال:
"أنت رجل ذكي، بلا شك. وهذا جعلك سارقاً "أكاديمياً" ذكياً. وإني مشفق عليك من هذا الحال "المزري" من عدم "لأمانة الفكرية"!! مأ أرجوه لك هو أن تقلع عن "إدعاءاتك"، وتقبل على نقد الفكر الجمهوري من زاوية غير زاوية "الذات المنتفخة" التي منها تتناول هذا القكر "الإنساني" بغير علم"، ولا هدي، ولا كتاب منير"!! ثم قارن بيني وبين عبدالله على اراهيم قائلا: ولم أحفل بمجاراة ذلك الرجل، لأنه لم يصل إلى درجة" الإسفاف" التي وصلت إليها أنت، ولم تبلغ ذاته "المنتفخة" مبلغ " ذاتك "المنتفخة" من "تقيح"!!!
أما أنت، فإنك لا تفهم الفكر الجمهوري، وتظن أنك تفهمه!!! ثم تريد نقده، بإسم التناص!!
عليك أن تتبحر قليلاً في علوم السيمياء وتحليل الخطاب، ثم في الفكر الجمهوري نفسه، قبل أن تفعل ذلك، يا عزيزي" المغرور". هذا ما عنيته بالبحار التي لا تحسن السباحة فيها. وهناك بحار أخرى، في علوم الاتصال، وأسلوب الخطاب، الكتابي والخطابي، يحسن بك أن تتمرس عليها قبل أن تطلق العنان لأرائك النيئة عن التناص.
لكنه عاد من جديد لاتهامنا بالسرقة , مما يعني انه كان في كامل قواه العقلية حين قال مرة ثانية مهددا لنا بكشف سرقاتنا "
نعم عليك أن تتواضع، "للتلقي" أولاً. ثم "تتواضع" أيضاً للعطاء، بغير منة، وبغير تعالٍ!! أما أن تسوق بعض"خطاب مابعد الحداثة" و"تسرق بعضه"، وكانك مبدعه، لمن لم تتيسر لهم فرص الإطلاع على هذا الخطاب البديع، فهذا لا يجوز!!!
ويواصل تهديده بكشف سرقاتنا قائلا: وإن أردت أن أدلل لك، "من كتاباتك نفسها" بأنك" سارق"، فسأفعل!! وبيني وبينك القراء من أبناء شعبنا الذكي، الذي لا تنطلي عليه أحابيل المتعولمين،" المتعالمين"، "المتعالين" من أمثالك، من المستخفين بالرجال الأحرار!!!
ثم يواصل شتائمه :
أنت" رجل مفلس"
ثم يستدعي على القراء بنزعته الارهابية قائلا:
"ألم أقل لكم أعزائي القراء، بأن هذا الرجل، صاحب ذات" منتفخة"، "متعفنة" "بالغرور"، و نافث لسماجة الهوس الأكاديمي الغربي، الذي أشبعنا استهزاء بمقدراتنا، وكياناتنا. هذا رجل "قوقازي" "أبيض" في سحنة داكنة. فلا تنخدعوا" بسرقاته الأكاديمية"، وتنميقه للكلام!!
وليعرف هو، وليعرف غيره، بأنني لست ضد البشرة البيضاء،
فهي أيضاً مثل السوداء جميلة!!
ولكن "أن ينكر الواحد منا ذاته، ويتحوصل بذات أخرى"،" فهذا ما لا يجوز السكوت عليه"، إن كنا نريد بأسامة الخواض -المبتدئ في عالم البحث العملي- خيراً!!!
ثم يقول متوعدا على طريقة الرباطية وقطاع الطرق:
"ولا مرحباً بك، إن كنت تظن بأنك ستمرر على ما مررته على غيري من "سوء أدب" و "سوء ظن" و "سوء طوية" في حق الفكر، والمفكرين، في هذا "المنبر الحر"!!!!
ثم كرر كلامه عن السرقة قائلا لا فض فوه:
ومن هذه الفضائل الأمانة العلمية، التي تفتقر، يا أسامة، إليها أيما افتقار، في يومك هذا. ولكنا نرجوك أن تستعيدها، لأنك بها جدير، على الأقل في مستوى طاقاتك الطبيعية،
لا الأخلاقية!!!
وإني أنصحك، كأخ سبقك قليلاً، في مجالات البحث العلمي، والفكر الحر، بأن تحرر نفسك، من نفسك، ومن "انتفاختها" "الزائفة".
فإن هذه "الانتفاخة" تؤدي إلى "تقيح" أراه ماثلاً في هذا الخيط،
الذي لم تفسده إلا أنت، بيديك "الآثمتين"،
"وبجبروتك" "المزعوم" في عالم البحث العلمي المبدع، الذي يجب أن يدخله الداخلون سجداً!!!!
ويختتم تهديداته الارهابية قائلا:
Quote: وان صبرنا عليك لسنوات، فلأنه لم يكن لدينا الوقت للخوض في مياه "آسنة"،
" متقيحة"، منتفحة،" " بالنرجسية" ، أيها "الخواض فيها!!"!
أما الآن،
وقد جئتنا في عتبة دارنا، فالويل لك،
ثم الويل لك،
ثم الويل لك!!!
والويل لكل أفاك،
سارق،
أثيم،
عتل بعد ذلك زنيم!!!!
|
وحينما طالبته بكشف تلك السرقات "كب الزوغة" ,
ولولا انني سوداني ,
و اراف بموقفه الحالي,
وبعائلته,
لكان لي معه موقف اخر
ولكنني في نفس الوقت ,
ساخذ تهديداته لي بشكل جدي,
لانه ارهابي, وايضا مريض نفسيا
واذا اجتمع الارهاب مع المرض النفسي فكل شيئ ممكن
خاصة وانه يعرف اين اقيم
وساعمل كل ما بوسعي لحماية نفسي
وارقدوا عافية
المشاء
(عدل بواسطة osama elkhawad on 06-30-2004, 00:32 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: osama elkhawad)
|
الأخ الكريم حيدر نعم لفد أشرت في بداية هذا البوست إلى نموذجين من نماذج نقد فكر الأستاذ محمود محمد طه، ووصفتهما بأنهما نموذجين متعجلين. وقلت في وصفهما أنهما أشبه ما يكونان بعملية (سلق البيض). وقد ذكرت أن هذين النموذجين طالعاني في بوست "البدائية" للأستاذ أسامة الخواض، وكذلك في ما نُقل مما كتبه أخينا ابوبكر القاضي بصحيفة الوطن القطرية. غير أنني لم أجنح إلى حاد العبارة، أو إلى جارحها إطلاقا. فأنا أحرص حرصا شديدا على عدم "شخصنة" الردود. ولذلك لا أرى من المناسب أن تجعل من مفدمتي لهذا البوست تبريرا على هجومك الذي نحى منحى شخصيا في الرد على الأخ اسامة الخواض. فعبارات مثل: (ذات منتفخة متعفنة بالغرور) و(المتعالم المتعالي) و(الويل لك) عبارات غير مناسبة، وغير ضرورية. وهي لا تُقال من أجل إيضاح أي نقطة موضوعية بقدر ما تقال من أجل النيل من الشخص، والعمد إلى تجريحه. يضاف إلى ذلك أخي حيدر أن أغلب ما جرى بينك وبين الأستاذ أسامة الخواض كان قد جرى قبل بداية هذا البوست!
الأخ اسامة ليس من المناسب القفز إلى تقرير أنني أوافق الأخ حيدر فيما ذهب إليه. فلو أنني اوافق على اللغة التي استخدمها الأأخ حيدر لأستخدمتها معك. خاصة وأنني دخلت بوست "البدائية" الذي افترعته أنت. وكما تعلم فإنني قد زهدت في مواصلة الحوار في بوست "البدائية" وتوقفت عن مواصلة المشاركة فيه، وأكتفيت بالقراءة فقط. والسبب أن مناخه لم يرق لي. أنا لا أحب أنواع النقاش المتسمة بالحدة، وبروح المنافسة التي تسم عادة تجارب السباق في مضمار محدد الطول. كما أكره الحرص على الوصول إلى نتيجة من شاكلة إفحام الخصم، والإنتصار عليه بالضربة القاضية. وفد لاحظت تقافزك بين النقاط في ذلك الحوار، شأن من يحاول أن يسجل نقاطا، لا شأن من يحرص حرصا أصيلا على التثاقف والمفاكرة. والمعرفة عندي لا تسوي شيئا إن هي لم تفلح في تزيين صاحبها بدماثة الخلق، وطيبة النفس، والسماحة التي تبلغ درجة التنازل عن الحق للآخرين، إنقاذا للنفس من أن تقع في مشهد الضد. كان أبي، ومرشدي، ومُسَلِّكِي الأستاذ محمود محمد طه يقول لنا، لا تجعلوا خصومكم يجرونكم إلى مشهد الضد. أي لا تقابلوا السيئة بالسيئة، واعفوا، وأصفحوا. وحين يجرك ضدك إلى مشهده من العنف اليدوي، أو اللفظي، أو إلى صورة من صور الحرص على النتيجة، أيا كانت، فإنه يجعلك تخسر نفسك، وتخسر قضيتك برمتها. خاصة أن كانت فضية المعرفة عندك لا تنفصل عن فضية التغيير الهادف إلى إنماء كل ما هو إنساني، وكل ما هو مبرأ من كل سمات القهر، والعنف. المعرفة من الزاوية التي أرى منها الأمور، هي ما انعكس على الذات العارفة، سماحة، وسعة، وخلقا. وما عدا ذلك محض زبد، والزبد يذهب جفاء.
ما ضركما، لو فوت أحدكما للآخر تجاوزاته؟ أرجو منكما مخلصا، أن تقلعا عن الشحناء، والبغضاء، واتجها إلى النقاط الموضوعية، وهي فيما أرى، بِعَدِّ الحصى والتراب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الاخ الفاضل عمر عبدالله
قبل ان تقول اقتراحك كان عليك ان تقول الحق
فانا سكت عن سب وشتم الدكتور حيدر لي رغم معزة بولا
ولم يحرك الدكتور النور حمد ولا اي احد من القراء
وعندما تحدثت الاستاذة نجاة عن شتم حيدر لي
لم يعلق النور حمد على ذلك
فارجو ان يكون واضحا من هو الذي ساهم في ما نحن بصدده من مشاكل
ونقل المقال الى بوست اخر ليس هو الحل
فيمكن ان ياتيك ثانية الارهابي حيدر ويبوظ لك البوست
فارجو ان تتكلمو ا معه في هذا الصدد
ونحن نعرف مشاكله النفسية
ونحترمها
لكن عليه ان يتوقف عن "فكها" فينا
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دا شنو يا اسامة؟ (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الاخ الاستاذ اسامة
ما فعلته الان لا يقوم به الا انسان : محرش ،او تخريبي !
لانو ما في اي سبب اخر يخليك تنقل ما دار بينك وبين حيدر الي هذا البوست
لقد تعاطفنا معك وقرعنا حيدر وكانت استجابة كريمة من الطرفين لوقف التشاحن
وعدت انت للاستمرار في بوستك - البدائية - كالعادة
ولم يبدر من حيدر بعد ذلك اي شي وان ما قاله هنا في هذا البوست كلام عادي جدا
ولا يبرر هذه الثورة التي بدرت منك الان ،والتي يبدوا جليا انها مصطنعة،
لذلك قلت لك اما ان تكون محرش او تخريبي ،
وارجو ان تخيب ظني ، وتوقف هذه المشاحنات يا اخي اسامة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: osama elkhawad)
|
لسؤ الحظ أنه كل ما ظننت أن هناك بوستا فكريا يمكن أن يشارك فيه الفرد ويتمتع بتلك المشاركة دخلت النفوس بالعرض والطول لتجعل من البوست المعني ساحة لمعركة مفتعلة.لماذا لا ندع هذا البوست الضؤ كما أراد له صاحبه أن يكون. الأخ أسامة مع محبتي لك وعظيم احترامي الا أنني أعتقد أنك افتعلت هذا العراك في هذا البوست وحاولت أن تزج بالأخ د. النور زجا حتى تؤجج الأمر . كان يمكن أن تواصل الرد على د.حيدر في بوستك دون أن تورطنا في معركة لا نملكأأسلحتها.أرجو ترك البوست يسير في طريقه الطبيعي دون عجاج. الأخت نجاة تحيتي ومحبتي.استغربت فعلا اعتراضك على نشر مقال الأخ بولا دون استئذانه. الأخ قصي والله تمتعت أيما متعة بردك العميق الذي جاء ودون أي مجاملة في مستوى مقالةالأخ الأستاذ عبد الله بولا والذي يترج ليس فقط لمعرفة نظرية بالفكرة الجمهورية وانما باشراقات سلوكية. ولا أبالغ أذا قلت أنني لا أملك ردا أحسن مما قدمت أنتز أحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
Quote: عزيزي احمد الحسين
محبتي بلا حدود
ولماذا لم تتكلم مع الاخ حيدر حينما شتمني في هذا البوست؟
ولماذا لم ينبه اخي النور حيدر حينما نبهته الاستاذة نجاة او كان المفروض قبل ان تنبهه
فالشتيمه واضحة وهو كتبها بالبنط الاسود الداكن ووضع تحتها خطا؟؟
سبق ان قلت انني قررت عدم المشاركة في البوست حتى افوت على اخرين واولهم حيدر فرصة هدم البوست
وهذا للاسف ما حاوله الاخ حيدر
عظيم محبتي واتمنى لكم بوستا هادئا
بس كلموا زولكم دا
المشاء |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: osama elkhawad)
|
Osama Alkhawad> I am totally disappointed in you!!! Wny does this wonderful intellectual discussion have to turn into something about you? You want to get even with Dr. Hayder get your own post ya Akhi. To hijack this one so as to secure a good number of viewers for your personal grudges is completely out of line. please open your own post and saffi hisabatak away from this one. We are sick and tired of personal name calling and the day a window of cool breeze opens someone coopts it for their personal purposes. We are not interested in the match between you and hyder so please take it somewhere else. I am sorry i have to say this but this silence in the face of such behavior have emboldened people to inflate their egos at our expense.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: KANDAKE)
|
Dear Kandake and ALL On my part, I apologize for any unintended egotistic self-indulgence. If any of the techniques of faulse self-inflation and promotion were sensed in my response to Osama or Nagat, I am deeply sorry. I certainly didn't mean to make the discussion persoanl. What concerns most, if not all of us is much beyoond our own selves and ends. We are concerned with a people -real people- not just "ideas." And becsuse most of us here, know the plight and flight of real people -very ordinary people- toward freedom, I apologize to you. I further aplolgize to you because only good people -like most of you- know the purposes of good ideas, and how to translate them into DEEDS, not just WORDS!!!!!!
Thanks for all of those of you, who cut to the essence of what I have oultined above!!! Let us stand firm against personalization of any "true" intellectual discussion, for this kind of stance is essential for the TRIUMPH OF FREEDOM itself.
(عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-30-2004, 03:36 PM) (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-30-2004, 03:42 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
Dear Elnour, With all due respect, I don't think I was wrong in comparing your handling of Osama's utterly "unacceptable intellectual behavior" to THAT OF ABDALLA BOLA'S -in his wonderful piece about our frame of reference. Please rest assured that I have not done this to score a point. I just wanted to tell Nagat that she was "utterly" unfair to me, as she was to you, by insinuating a sense of incrimination for the wonderful job you have done to give Abdalla himself a wider reading, in a good forum. I am sure that he will be happy, if he is more concerned with the dissemination of his ideas, more than he is with copy right laws! I hope that, he and Nagat, will not disappoint us by leaning toward petty concerns over the nobler goal of having free thinking, and free ideas take have their natural flow, in a natural direction.
But I have to tell you, my dear mentor and friend, no "weird" behavior from "any" Sudanese intellectual surprises me any more. I have seen enough in this world not trust intellecutal dishonesty. And I am deeply sorry to say that I have seen a lot of this dsihonesty, even among the best of the best of intellectuals in the Sudan. I have seen it among the Repblican men and women of the Sudan, as I have never seen it before. So, I am not going to be surprised to see it in this forum, where most have not had the privillege and good fortune of being disciples, and sons and daughters, of the greatest man who ever lived on this planet.
As for my language with Osama, I strongly 'still' think that he deserved it, for he is not just an individual, he "represents" a widely spread phenomenon among Sudanese intellectuals that need to be "squarely" dealt with. I 'strongly' think that we have let this phenomenon "sweep" us by the side. And I 'strongly' think that we have 'hidden" ourselves behind the "faulse niceties" of intellectual discourse for so long!! This, in my judgement, is in itself a form of intellectual honesty that deforms any serious intellectual discussion.
You may disagee with me on this one! I know you did, and I know that you sitll do. But I am not willing to budge to the likes of Osama any further. Becuase doing so is giving up the gauntlet of the intellectual scene for those who don't deserve to be part of it in the first place, unless they clean up their act. Entering into intellectual discussion should, in no way, be unlike entering a temple, no matter if we are religious or not!! This will be the guiding rule with which I will abide to protedt my absolute individual freedom, and that of others around me, who want to enjoy fair and honest intellectual discussion!
Intellectual discussion demands honesty, self effacement, decency, self sacrifice -as you brilinatly said to Osama. If these values are absent, then the discussion is only self promotion, and self inflation. This, I am tired of seeing in this board. And I am not going to tolerate anyone who tries to 'poison' our tools of discussion, because I have pledged to be a positive force in this Free Forum, not a PASSIVE ONE!!!
(عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-30-2004, 03:32 PM) (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-30-2004, 03:35 PM) (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 06-30-2004, 04:05 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
في زعمي أن فكر الأستاذ محمود محمد طه، لم يلق، حتى يومنا هذا، مقاربات نقدية، معمقة، ارتفعت إلى مستوى الطرح الذي أظهر به الأستاذ محمود فكرته، وروج لها به، في أوساط المقتفين السودانيين عن طريق الكلمة المكتوبة، والمحاضرة والندوة. ومقالة أستاذنا عبدالله بولا، التي نحن بصددها الآن، تُعَدُّ استثناءً في هذا المنحى. فهي، في تقديري، أهم ورقة كتبها دارس لفكر الأستاذ محمود محمد طه، على الإطلاق. وتأتي أهميتها لكونها صدرت من كاتب لم يبال بقول رأيه في بؤس طروحات المؤسسة الدينية الإسلامية السلفية، بكل تجلياتها. وهذه في حد ذاتها، سمة نادرة، إن لم نقل منعدمة تماماً ،وسط المثقفين، هذه الأيام.
نعم، هناك بعض الدراسات القليلة، المتفرقة، وكثير من المقالات ذات الصبغة الصحفية، التي لم تتعد مجرد الإشادة، وإبداء الحرص، على تخليد ذكرى الأستاذ محمود محمد طه، ووقفته الجليلة أمام أعداء الفكر، وماقتيه، وقتلة الأنبياء، والحكماء، والمفكرين. وما من شك أن تخليد ذكرى الأستاذ محمود، أمرٌ له قيمته، خاصةً وأنه رجل وقف مع حقه، وحق غيره من الناس، في التفكير، وفي التعبير عن التفكير، حتى الموت. وقف الأستاذ محمود حتى النهاية، مثلما وقف عظماء الرجال في التاريخ، ممن حفظ لهم التاريخ حسن صنيعهم. ولذلك فإن أي عمل يهدف إلى تخليد ذكرى الأستاذ محمود محمد طه عملٌ مقدر، وسيجد مكانه في بساط التاريخ، حين يخرج إقليمنا الحزين هذا، من مرحلة المخاض الفكرية العسيرة، التي يمر بها الآن. كما أن مجرد الإشادة بأفكاره، في إقليم ثقافي يحرم كل رأي لا يتماشى مع ما تقرره المؤسسات القابضة، أمرٌ له قيمته، التاريخية، أيضاً. غير أن المقاربات النقدية المُفَكِّرة، والمُتَأَمِّلة، كما هو حال مقاربة أستاذنا عبدالله بولا، فإنها تمثل فئة أخرى تماما. لأنها تدخل في زمرة أكثر صنوف الإحتفاء مَعْنَىً، وأكثرها إسهاما بَنَّاءً في تنمية المعرفة، وترسيخ تقاليد الإحتفاء بالأفكار الكبيرة، وبالمفكرين الكبار.
لا تكمن قيمة الأفكار في مجرد تماسك منطقها الداخلي، وحسب، وإنما في تماسك منطقها الداخلي، مضافا إليه قدرتها على جر الواقع جرَّاً، لمجادلتها، بما تفرضه على ذلك الواقع المعين، من ضرورة الدخول معها في حوار. وهذا ما عناه كارل ماركس حين قال بضرورة تغيير الواقع، وعدم الإكتفاء بمجرد تفسيره. من هنا تجيء قيمة مقاربة عبد الله بولا النقدية، فهي مما يسهم في تغذية عملية جدال فكر الأستاذ محمود ـ وهو فكر مستقبلي ـ، مع تجليات الواقع. ونحن لذلك، نحتفي احتفاءً أصيلاً بورقة بولا، وكل ما يسير في هذه الوجهة العارفة، المنصفة، التي أسست لها. ومقاربة شأن مقاربة بولا النقدية، لمما يحفزنا نحن الذين تشربنا فكر الأستاذ محمود، على إعادة النظر في تجربتنا، وفي اندياحاتها في فضاء الواقع، بعد ما يقارب عشرين عاما من ذلك الفصل الماساوي، الذي غيب عنا الأستاذ محمود، وشتتنا في أرجاء المعمورة، أيما شتات.
لقد حظينا نحن الجمهوريين، بشهود نمط حياة الأستاذ محمود الفريد. فقد وقفنا يوما بعد يوم، على مدى سنواتٍ، وسنوات، على أنموذج جديدٍ للمثقف الذي يعيش ما يقول. والعمل المصاقب للقول، المصاقب للفكرة، أهم ما ميز حياة الأستاذ محمود. قال الأستاذ محمود محمد طه: إن شر الدعاة الوعاظ الذين يقولون ما لا يفعلون. وجوهر فكرة الأستاذ محمود محمد طه يمكن تلخيصه، في أن التغيير إنما يجب أن يبدأ بتغيير الفرد لنفسه. ولا يمكن للفرد أن يقوم بتغيير نفسه، من غير أن يتيسر له رسم صورة صحيحة عن البيئة التي يعيش فيها. يقول الأستاذ محمود إن السؤال الذي واجه الإنسان في بداية التاريخ، حين وقف منتصب القامة، وأجال ناظريه في البيئة المحيطة به، يعود اليوم، أكثر حسميةً من أي وقتٍ مضى. قال الأستاذ محمود، إن الحياة البشرية قد تطورت في القرون الأخيرة تطورا كبيراً، غير أن النفس البشرية لم تتطور تطورا متناسباً مع تطور أساليب العيش التي شهدتها الألفيتان الأخيرتان من عمر البشرية. وقال الأستاذ محمود إننا نعيش في أخريات مرحلة "البشر"، ولمَّا ندخل بعد، مرحلة "الإنسان" وقال أيضا، إن حواس الإنسان سبعاً، وليست خمساً. وإن الحاستين السادسة والسابعة، هما الآن قيد الإمتخاض في بنية الأفراد المتقدمين. هذه مجرد كبسولات، التقطها من طروحات الأستاذ محمود محمد طه. وهي إنما تمثل تلخيصاً مخلا جداً بفكر الرجل. غير أنني أردت أن أنطلق من ذلك التلخيص، على علاته، للقول بأننا أمام مفكر من عيار عيار خاص. وهو مفكر يري علم النفس علماً اساسياً. ويرى في التجربة "الروحية" ـ ولا أقول "الدينية" حتى لا تنصرف الأذهان للتنميط، والتبسيط ـ مجالاً لاغنى عنه، من أجل مخض "الإنسان" من مادة "البشر" وإخراجه إلى حيز الوجود.
هل هذا تهويم؟ لا!! هذه هي صورة الواقع لمن يتأمل الواقع. فمشاكل البشرية في زمننا الحاضر، هذا، ليست في ضمور القدرة على تنمية الثروة، كما كان الحال بالأمس، وليست في توسيع مصادر الغذاء، وإحداث التنمية، بقدر ما هي في الأخلاق. بَيْعُ المثقفين أنفسهم للمالكين، وتكريسهم علمهم لإنتاج صور الفكر السياسي، والفكر الإقتصادي، ورسم مناهج التعليم، التي تبقي على المظالم، هي آفة العصر الحاضر، كما كانت آفة العصور الغوابر. إذن، سؤال الأخلاق، سؤال مهم، وهو سؤال لا يمكن القفز فوقه، ولا يمكن "دغمسته" كما فعلت "الوضعية" "العلموية"، وما سُمي بـ "المادية التاريخية". سؤال الأخلاق ظل المطب الموجع للفكر الوضعي، كما هو هو المطب الموجع للفكر الديني المؤسسي السلطوي، وبنفس القدر! فأين إذن المفر؟!
أخلص مما تقدم إلى أن فكرة الأستاذ محمود ليست "فكرة دينية" بالمعنى المالوف للأديان. وأنا ازعم أن الأستاذ محمود قد جاء بعلم لاهوت جديد. وهو لاهوت يُخرج الفكرة الجمهورية من دائرة ما يمكن وصفه بأنها فكرة ذات "مرجعيةٍ دينيةٍ"، بالمعنى المألوف للمرجعيات الدينية. وهذا المنحى المفاهيمي الجديد، ليس من عندنا نحن الجمهوريين وحدنا. فمناهج النقد الحديثة، قد طالت هذا الفضاء أيضا حين دعت لترك منظومة المتضادات الفلسفية، التقليدية، وراء ظهرها. وهي ما يسمى بالـ dichotomies ومن هذه المتضادات، "ديني"، و"علماني"، و"فيزيقي"، و"ميتافيزيقي". ولقد تكرم استاذنا عبدالله بولا، بالإشارة إلى أن كلمة ميتافيزيقي التي وصف بها فكر الأستاذ محمود، لاتعني المعنى السالب للكلمة. ومع ذلك فإن في نفسي شيء من حتى في هذا الموضع. ولربما عدت إلى ذلك لاحقا.
جاء في مقدمة الطبعة الثامنة لكتاب "طريق محمد" للاستاذ محمود محمد طه، ما يلي:
((وكل إنسان من الناس، بالغا ما بلغ من الرفعة، له ((إله)) غير ((الله)) ذلك ((الإله)) هو تصوره هو ((لله)).. وما من تصور (( لله)) إلا و((الله)) من حيث ذاته العلية، بخلافه، فوقعت الشقة بين التصور والحقيقة.. وكل العباد إنما محاولتهم أن ينطبق تصورهم على الحقيقة، ليكون ((إلههم)) ((الله))، وهيهات!! وإلى ذلك المطلب الرفيع الإشارة بقوله تعالى: ((وأقيموا الوزن بالقسط، ولا تخسروا الميزان)) فكان في إحدى كفّتي الميزان ((الله)) - ((الحقيقة))، وفي الكفة الأخرى ((الإله)).. وفكرة الإله تبدأ من ((الباطل)) وتدخل مداخل ((الحق)).. وإنما يطلب الحق ((الحقيقة)).. يطلب الحق أن ينطبق على الحقيقة تمام الانطباق.. ((فالإله))، بمعنى آخر، هو تصورنا ((لله))، وهو تصور، مهما بلغ من الكمال، قاصر قصورا مزريا، حتى أن النبي الكريم قد قال(أعلم عالم، بجانب الله، أحمق من بعير..)).. بإيجاز، من الناحية العملية، والتطبيقية، فإن ((إله)) كل إنسان إنما هو ((نفسه)).. ولما كانت نفوسنا هي حجبنا الناهضة بين عقولنا وبين الحقيقة ـ ((الله))، فقد قال المعصوم عنها: ((إن أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك)).. وقال أحد العارفين عنها: ((وجودك ذنب لا يقاس به ذنب)).. وهذه النفس إنما هي النفس ((السفلى))، وقد سميت بالنفس ((الأمارة))، وهي تنزل من النفس ((الكاملة)) ـ نسبية الكمال ـ وهي نفس ((الإنسان الكامل)).. وهذه، بدورها، إنما هي تنزل عن النفس ((الكاملة)) ـ مطلقة الكمال ـ وهي نفس ((الله)).. وإنما سير العباد كله مجاهدة للارتقاء من النفس ((الأمارة)) إلى النفس ((الكاملة)) ـ إلى نفس الله.. وهذا سير سرمدي، يقع البدء فيه، ولا يتفق الفراغ منه.. وإلى هذا السير المجيد الإشارة بالآية الكريمة: ((قل يا أيها الناس!! قد جاءكم الحق من ربكم، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، وما أنا عليكم بوكيل)).. من اهتدى فإنما يهتدي إلى نفسه ((العليا)) ـ ((الكاملة)) ـ ومن ضل فإنما يضل في متاهات نفسه ((السفلى))... انتهى نص الأستاذ محمود محمد طه.
هذا حديث رجل لايرى الأمور منفصلة، أو متعارضة. هذا حديث رجل يرى "المعنى" أيا كان، إنما هو من صنع بشري. فالحقيقة في بهموتها متمنعة حصينة. وقد ظل المجهود البشري في تجلياته اللاهوتية والفلسفية يحاول بناء هرم المعنى من الأرض فصاعدا، وليس العكس. الأستاذ محمود، هو ذات الرجل الذي قال في كتابه الإسلام، الذي صدر ستينات الفرن الماضي، إن الدين قد نشأ في الأرض، وألمت به أسباب السماء فهذبته. فالدين حين نشأ في الآرض، إنما أنشأته الضرورة، ولقد كانت تلك الضرورة، "ضرورة حياة، أو وموت" ـ إن صح التعبير ـ فالدين لم ينشأ زيادة، أو نافلة، أو أنه نشأ اعتباطا. وإنما نشأ لضرورة تطور الكائن البشري، وارتفاعه من مرتبة الحيوان، إلى مرتبة البشر. ثم إن الدين، من حيث هو، أصبح جزءاً لا يمكن فصله من بنية العقل الباطن في كل نفس بشرية. ولذلك فإن النزعات الإلحادية التي تعمى عن رؤية المركب، في علاقة الدين بتكوين العقل الباطن، إنما هي نزعات تبسيطية، سوف يتم قبرها مع كل وثوقيات "الوضعية" "العلموية". غير أنني لا أقول ذلك، لأستاذنا عبدالله بولا، لكوني أعلم يقينا، أن ذلك لا ينطبق عليه. فهو ممن يرون المركب، ويعرفون الملتبس من الأمور الدقيقة. وهو كبيرنا الذي علمنا هذه الصنوف من السحر. ومن أجل ذلك كان احتفالي بمقاله، وسيكون.
نقطة أخرى أحب أن اشير إليها، وهي أن القيود، والكبت الذي رسبه التدين في أعمق أعماق العقل الباطن لا يمكن التخلص منه، بشكل سليم، يعصم المسيرة من نكسات الإرتداد، إلى التبسيط والتسطيح، والإبتذال، بوسيلة غير الوسيلة التي كانت قد أنشأته في المقام الأول. وهنا يحضوني المثل السوداني القائل: "العنسيدة بدقوها بجلدها". وقد كانت تلك الوسيلة التي شكلت صورة العقل الباطن، إنما هي الحس الروحاني المشرج في كل مهجة بشرية. وكما قال غارودي، فإن الوضعية لا تعني العالم من دون الله وحسب، وإنما تعني العالم من دون الإنسان أيضا.
أحب أن أقترح على استاذي بولا، أن يعيد النظر، في تصنيفه لفكر الأستاذ محمود محمود محمد طه، ضمن منظومة الأفكار الغائية ذات النهاية المغلقة. نعم لقد قرر الأستاذ محمود محمد طه، في كتابه اسئلة وأجوبة، أن الغائية في أصل الدين. غير أن الغائية عنده ليست مغلقة. فهو قد قال بلولبية الوجود، ولولبية الزمان والمكان، ولم يقل بكرويتهما. وقد ذكر أن الدورة الوجودية التي تحتوينا الآن، والممتدة بين "الفتق" و"الرتق"، ليست سوى حلقة واحدة، في سلسلة طويلة، لم تبدأ عند بداية، ولن تنتهي عند نهاية. وكل ذلك الحكي، لا يمثل صورة الأمر على ماهو عليه، بقدر ما يمثل صورة العصا التي يتوكأ عليها العقل، حتى يسلم قياده للقلب. وهذا معنى قول المتصوفة: ((سيْرُك منك، وصولك إليك)). وكل ذلك مما يحتاج إلى مطولات في الشرح لا يتسع المجال لها، هنا.
إنقسم المشهد الفكري، في الشرق الإسلامي في القرنين الماضيين بين منحيين: أحدهما المنحى السلفي لإحياء دولة الشريعة، بكل تجلياته المختلفة، من وهابية، وإخوان مسلمين، ونظم حكم شيعية. أما المنحى الثاني، فقد مثلته النزعة الغربانية، اي المعجبة بلاتجربة الغربية، والمتطلعة إلى تذويب الثقافات الشرقية في مجرى نهر التجربة الغربية. هذا المنحى يستبطن مسلمات "العلموية" ووثوقياتها القائلة بنهاية الروحانية، مرة واحدة، وإلى الأبد!! ويعتقد جازما في حتمية سيادة البراغماتية اللذائذية، الفردية، التي تختزل كل المعاني الإنسانية في الذات. أصحاب هذا المنحى يظهرون تمسكا سطحيا بالمفاهيم الدينية التقليدية، بل ويتعبدون بعبادتها، ولكن بعيدا عن منحها أي سلطة لتوجيه شؤون الحياة اليومية. فذلك متروك "للعلموية" وبقايا السلطوية اليهوديمسيحية وتجلياتهما في آليات الرأسمال القابضة على أعنة الأمور. ولقد اختلف منهج الأستاذ محمود، عن كلا المنهجين المشار إليهما، عاليه. الفكر عند الأستاذ محمود غايته تحقيق الحرية الفردية المطلقة، وإسعاد الفرد، من رجل وإمرأة، ورفع المظالم، الموروث منها والمكتسب. هكذا كان فكر الأستاذ محمود، وأهم من ذلك، هكذا كانت حياته.
الإسلام عنصر قائم في مركب ثقافتنا، ولا يتجاهله إلا الثوريون، الفوقيون، التبسيطيون، الذي يظنون أنهم يملكون إجابة على كل سؤال، ويظنون أن من حقهم التصرف نيابة عن الجماهير. ولعل ضرورة استصحاب موروث التجربة الدينية، ومخزونها الثر من بذور أشجار القسط والعدالة، هو ما حدا بمفكر، مثل هادي العلوي لإعطاء التجربة الصوفية الكونية، مكانا هاما في طروحاته. ولعل ذات الأمر، هو ما حدا بكل من روجيه غارودي، ومحمد أركون، وطائفة من دعاة نهج "لاهوت التحرر" إلى اعتبار البعد الروحاني في طروحاتهم أيضا.
يقول أستاذنا عبدالله بولا، بـ "المنهج الإشكالي". وأزعم أنني قادر على تلمس ما يرمي إليه أستاذنا بولا، بذلك. غير أن مثل هذا "المنهج الإشكالي"، ليس سهل الولوج لغير الصفوة، بل وربما صفوة الصفوة. ميزة فكر الأستاذ محمود أنه استخدم آلية الدين، وهي آلية شديدة الشعبية، ليعبر بها من ضيق القيود، إلى باحات الحرية، ومن حقب الظلم الطويل، إلى كفالة الحقوق الأساسية، وكفالة العيش الكريم لجميع الأفراد. فمشلكة التغيير دائما تكمن في قيادتها بواسطة الصفوة. وأعني هنا الصفوة التي تختلط عليها أغراضها الضيقة في أحراز الجاه، والسلطان، والأبهة، بما تتصوره هي لما هو مصلحة عامة. وقد كان ذلك هو حال التجربة التاريخية، مع الصفوة، في غالب الأمر. الشاهد أن نقل الناس من موروث ديني طويل، سادته عقيدة جامدة مصمتة، قفزة واحدة، إلى "متاهات الشك" أمر لا يسير مع مقتضيات الحكمة. قال الأستاذ محمود مرة إن فكر العارف مثل "بابور الزلط"، وقال إن "بابور الزلط" "لا يفط". فهو يمسح ما تحته مسحا شافيا، ولا يترك فجوة. وهذا يعني أن المفكر الرحب الفكر، يستصحب في حركته للتغيير كل العناصر التاريخية، الفاعلة، والقابلة للتفعيل الإيجابي، في رسم صورة المستقبل. وهذا ما قام به الأستاذ محمود، ولم يجد الشرح الكافي والوافي حتى الآن. ويشمل ذلك التقصير كل المثقفين بما فيهم نحن الجمهوريين.
ظل الأستاذ محمود محمد طه يحدثنا كثيرا عن ما اصطلح هو على تسميته بـ (إنزال الفكرة إلى الواقع)، و(رفع الواقع إلى مستوى الفكرة). وقد بدأت تتضح لي أبعاد مقولات الأستاذ محمود تلك، بعد زمن طويل نسبياً من قولها. مما أكد لدي، أن الزمن عنصر مهم في جلاء الأفكار. وهو عنصر لا يمكن القفز فوقه. فهناك أمور لا يجليها المفكر، بمجرد الطرح الفكري، وإنما يجليها الواقع حين يشير من خلال تجلياته، إلى المفاهيم الصحيحة، حين تتجسد الحاجة المُلجئة إليها في تجليات الواقع. ومن الأمثلة المعينة على شرح ما تقدم، يمكن استخدام تجربة الجمهوريين في السودان، في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. فقد أنفق الجمهوريون، آنذاك، زمنا طويلا في محاولة تبيين بؤس الخطاب الإسلامي السلفي، وفي تحسيس المثقفين بخطر الهوس الديني على الحياة، المتمدينة، وعلى مكتسبات التحضر. غير أن ذلك الخطر، لم يتضح تماما إلا بعد، تجربة حكم الجبهة الإسلامية في السودان، التي أطفأت بجدارة، لاتجارى، وفي زمن قياسي، كل بريق الخطاب الإسلاموي العاطفي، التهييجي، التحشيدي، الدموي، الصدامي، الذي زحف علينا من مصر، منذ منتصف القرن الماضي. ولابد أيضا، من الإشارة إلى أن تجربة الثورة الإيرانية، قد أسهمت، هي الأخرى، في تبيين خطل فكرة الدولة الدينية. وقد فعلت ذلك بأكثر مما استطعنا نحن إبانته، للمسلمين، في خطابنا الفكري، والسياسي، حولها. كما بانت طرافة، ومفارقة فكرة الدولة الدينية لأبسط مقتضيات العقل، والحكمة، في تولي طالبان للسلطة في أفغانستان. ثم أفاق المسلمون، والعالم من حولهم، إلى خطر الهوس الديني، بصورة لم يسبق لها مثيل، عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2002. وهكذا تتضح صورة إقتراب الواقع وملامسته للمفاهيم عن طريق التجربة العملية. فالمفكرون الطليعيون، يحاولون دائما، اختصار الطريق للناس، ولكن قلَّ أن يسمع الناس للمفكرين الطليعيين في وقتهم. هذا متواتر في التاريخ!! فغالبية الناس إنما تفهم من حركة الواقع، بأكثر مما تفهم من النصوص. تبدأ الأفكار، في أي مجال، حين تظهر، وكأنها معلقة فوق الرؤوس، بعيدا عن متناول اليد. ولكن الواقع هو الذي يدني قطوفها، ويجعلها في متناول اليد.
لقد كتب أستاذنا عبدالله بولا ورقته هذه التي نحن بصدد الإحتفاء بها، بعناية شديدة، وتحسب في سياق كتابتها إلى أمور كثيرة. وتلك من حساسية العلماء الذين ينفرون بطبعهم من الوثوقيات "الدوغمائية"، ومن ركوب مراكب النهايات المغلقة، واستلاف الكليشهات الجاهزة، وإرسال الأحكام المطلقة. وبطبيعة الحال فإن فكرة الأستاذ محمود لا يمكن نقدها في ورقة. فالورقة حيز كتابي محدود، وهي لا تسمح بطبيعتها تلك، إلا بإشارات مبتسرة، لا سبيل معها إلى الإستقصاء. وكل هذا مما تحسب له أستاذنا بولا، واشار إليه في سياق ورقته. وتكمن أهمية ورقة بولا هذه، في كونها أسست للسمت المنهجي الوقور، الذي يجب أن يكون عليه حال المقاربات التي تناقش فكر مفكر من عيار الأستاذ محمود محمد طه. فالأستاذ محمود محمد طه رجل وقف حياته للفكر. عاش به، ومات به. وهو بهذا المعنى مفكر محترف، احترف الفكر، واحترف تقديم نموذج المفكر الذي يعيش فكره. وميزةُ عيشِ الأستاذ محمود لفكره، هي في تقديري الأهم. فالمثقفون في كل البيئات الثقافية، قد كانوا، ولا يزالون، في أغلب حالهم، تُبَّعا لأنظمة السلطة، والقهر، والإستعلاء، وامتدادا لها. لم يشغل الأستاذ محمود نفسه طرفة عين، بما يشغل به الناس أنفسهم عادة، من هموم العيش، وهموم احراز الجاه والمركز الإجتماعي. فقد عاش باختياره، حياة غمار السودانيين، وحرص حرصا شديدا على ذلك. أواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
أستاذي العزيز النور
من أكثر ما أطربني في قولك أعلاه- و قد اطربني كله- قولك "لا تكمن قيمة الأفكار في مجرد تماسك منطقها الداخلي، وحسب، وإنما في تماسك منطقها الداخلي، مضافا إليه قدرتها على جر الواقع جرَّاً، لمجادلتها، بما تفرضه على ذلك الواقع المعين، من ضرورة الدخول معها في حوار. وهذا ما عناه كارل ماركس حين قال بضرورة تغيير الواقع، وعدم الإكتفاء بمجرد تفسيره".. فالحق أن عملية جر الواقع لمجادلة فكر المفكر تعتبر أهم مفاصل الآلة الفكرية للمفكر.. وقد أعجبتني إشارتك إلى ماركس في هذه النقطة إذ أني أراه من أكثر القامات الفكرية عبر التاريخ التي برزت في هذا الميدان بروزا لا يمكن إنكاره.. إذ أن ماركس لم يكتفي فقط باستقراء التاريخ بوعي دقيق أفضى به إلى محاولة جريئة وجليلة لاستقراء المستقبل كذلك، بل أكثر من ذلك أنه كان يدعو إلى دعوة تطبيقية غريبة المحتوى على الواقع بشكل كبير.. ورغم هذا فقد أجبر ماركس هذا الواقع على الإلتفات إليه و"جره" إليه جرا يثقل جدا على كاهل غير المفكر الفذ
لم تكن قامة فكر الأستاذ محمود بأقل من فكر ماركس في هذه النقطة.. وهي "جر الواقع جرا إلى مجادلته".. فحين ثبت الأستاد محمود لماركس حصافة رأيه في أمر "الجدلية التاريخية" كان يعنى باستعمال ذات الجدلية على نطاق اوسع بكثير مما عني به ماركس.. فماركس كما نعلم كان يسلم لنظرية التطور الداروينية ويعتبرها في حاشية النظريات التي تدعم نظريته بشكل واضح.. في حين ان الأستاذ قد أشار في كتابه "القرآن و مصطفى محمود" إلى نظرة أعمق وأبعد في بدايات التطور لم تخطر ببال ماركس أو داروين.. وقد أشار الأستاذ لداروين في ذلك الكتاب إشارة واضحة ودلل على أن "نظرية التطور" لم تكن يوما من ابتداع داروين.. ويكفينا أن نقرأ كتب قدماء المحققين من الصوفية لنرى أن تلك "النظرية" كانت "علما" راكزا خاض الصوفية غماره ولم يبلغوا الغاية فيه لامتناعها.. وقد خاض الأستاذ محمود غمار ذاك البحر أيضا ووصل فيه إلى نقاط لم تجر بها أقلام الصوفية وربما ما كانوا وصلوها بعد.. في هذه النقطة نقرأ لابن عربي قولة محكمة في هذا المجال.. يقول "للنشــــــأة الاولــى ســــــــر لو بــدا ، ما ضـــــل انســــان ولا اهتـــــدى !!".. و ابن عربي نفسه يعتبر من أكبر من تحدث عن موضوع التطور بإشارات اتضحت لاهل اليوم أكثر بكثير من الذين قبلهم
غرابة فكر الأستاذ محمود أيضا لم تجعل للواقع فرصة أن يتجاهله.. فقد "جره" جرا إلى مجادلته أيضا.. فالواقع في حقيقة الأمر لا يجد مناصا من الدخول في حوار مع هذا الفكر.. وما زال هذا الحوار جاريا.. يكتب بمداد الأيام والأحداث.. المحلية منها والكونية.. ولما ينتهي بعد.. ونحن في هذا الميدان "جماهير".. نشاهد وندقق.. كل حسب قربه من موقع الحدث وحسب قدرة "منظاره" على تقريب المشاهد البعيدة.. وإن في هذا لاستهلاك لعقولنا "الصغيرة" استهلاكا كبيرا.. ولكن فيه أيضا غاية المتعة و"ملء فراغ الفكر".. و"تطويره" والسمو به إلى حيث يجب أن يكون.. أصلا للحياة وغاية لها.. هو والشعور المتجدد بالمعاني التي تجعل لهذا الوجود "وجودا"..
النقاط التي تحفز للكتابة كثيرة.. وربما كانت لنا عودة..
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
أين يضع الجمهوريون أنفسهم؟؟ أقصد كأفراد طبعا!! (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
تحية وشكرا، مرة أخرى، لجميع المشاركين في هذا البوست العظيم.. ربما بدا للوهلة الأولى أن عنوان مساهمتي هذه لا علاقة له بالموضوع في هذا البوست، ولا بالمادة التي أريد أن ألفت نظر القراء والمشاركين هنا إليها، ولكن الحقيقة غير ذلك، وهي ستتضح للقارئ بعد قليل.. ما أشبه الليلة بالبارحة: بين الدكتور النفيسي والشيخ المطيعي اعتلى الشيخ محمد نجيب المطيعي منبر مسجد التقوى في أبريل 1983 مهاجما التصوف والفكر الجمهوري والجنوبيين المسيحيين.. ثم انتقل بخطبه عن الجمهوريين إلى منبر التلفزيون والإذاعة.. فقام الأستاذ بالتوجيه بكتابة كتاب اسمه "الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة".. وقد تداعت الأحداث إلى اعتقال الأستاذ محمود والجمهوريين في ذلك الصيف، ثم لم يلبث النميري أن أعلن القوانين الإسلامية في سبتمبر فكانت إيذانا بوصول الهوس الديني إلى قمة السلطة، فأطلق عليها الجمهوريون إسم "قوانين سبتمبر" منذ ذلك التاريخ.. لبث الأستاذ محمود وعشرات الجمهوريين والجمهوريات حوالي 19 شهر في الحبس ثم جاء إطلاق سراحهم في بلا قيد ولا شرط في ظاهر الأمر، أما في الباطن فقد كان النظام يعد مؤامرة للتخلص من الجمهوريين ومن الأستاذ محمود، وذلك لمعارضتهم التي لم تلن لتطبيق قوانين سبتمبر "الإسلامية".. أصر الجمهوريون على مواصلة دورهم في مقاومة الهوس الديني وتطبيق قوانين سبتمبر بما فيها من جلد وبتر للأطراف وصلب.. أخرجوا بعد أقل من أسبوع على إطلاق سراحهم منشورا أسموه "هذا .. أو الطوفان" طالبوا فيها بإلغاء قوانين سبتمبر لتشويهها الإسلام وإذلالها الشعب وتنفيرها للأذكياء في السودان وفي العالم من الإسلام ثم تداعت الأحداث حتى تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود بعد أقل من شهر على إطلاق سراحه.. وتم كبت الحركة الجمهورية وإسكات صوتها.. وقبل يومين سمعت الدكتور النفيسي في قناة الجزيرة، "برنامج بلا حدود" يهاجم مؤسسة راند ومن خلفها الإدراة الأمريكية، الذين يريدون التجرؤ على الدين الإسلامي وعلى الشريعة الإسلامية.. وهنا يبرز وجه الشبه بينه وبين الشيخ المطيعي.. فهو يريد من حكام الخليج حماية الإسلام من تلك الهجمة.. البرنامج كاملا يمكن قراءته في هذه الوصلة: http://www.aljazeera.net/programs/no_limits/articles/2004/6/6-26-1.htm ولكني سأجتزئ بعض الفقرات التي توضح ما قلته بأعلاه:
Quote: أحمد منصور: الآن الولايات المتحدة دخلت على الخط بشكل واضح والمسؤولون الأميركيين يتحدثون عن هذه الأمور بشكل واضح ومباشر والآن تفاصيل ما يحدث في السعودية تظهر من واشنطن من خلال المستشار الخاص لولي العهد السعودي الذي يقيم في واشنطن ويتحدث بشكل دقيق عما يحدث داخل المملكة ليس من داخل المملكة وإنما من واشنطن وهناك تقارير كثيرة تتحدث عن نوع من التعاون والتبادل المشترك وهناك تقارير كثيرة ربما يكون من أبرزها تقرير الإسلام المدني الديمقراطي شركاء وموارد واستراتيجيات الذي أصدرته مؤسسة (Rand)، في ظل هذا ما هي الاستراتيجية الأميركية أيضا لمواجهة هؤلاء؟ لا سيما أن الأميركان ليسوا بعيدين الأميركان موجودين في قطر موجودين في العراق موجودين في السعودية موجودين في الكويت موجودين الآن في خليج عدن في المناطق البحر الأحمر موجودين في مصر الآن الأميركان في قلب المنطقة وفي كل مكان ومن ثم هذه الأمور أصبحت تمسهم بشكل مباشر وحكومات المنطقة أصبحت تعتبر في كثير منها أن استقرار أمنها مربوط باستقرار الأميركان أو رضا الأميركان عن هذا الوضع.. |
Quote: عبد الله النفيسي: الحقيقة هذه الاستراتيجية كُلفت مؤسسة (Rand Corporation) اللي هي موجود ليها مقر الآن هنا عندكم في قطر كُلفت بوضع هذه الاستراتيجية كيف نواجه ما يسمى بالأصولية الإسلامية في الجزيرة العربية؟ وكُلفت سيدة في المؤسسة أسمها شيرل بينارد، شيرل بينارد هي زوجة زلماي خليل زاد اللي هو المبعوث الشخصي لبوش في أفغانستان وفي العراق يا ريت أنا جبت لكم صورة..
أحمد منصور: عندنا صورة لزلماي خليل زاد..
عبد الله النفيسي: لزلماي خليل زاد أيوة هو هذا اللي في النص هذا الرجل هو مستشار الرئيس بوش لشؤون العراق و..
أحمد منصور: مهمات خاصة في أفغانستان في العراق هو..
عبد الله النفيسي: هذا هو زوج شيرل بينارد وشيرل بينارد نمساوية ومديرة سابقة لمعهد الأبحاث في فيينا وتعيش الآن في الدوحة عندكم موجودة الآن في الدوحة.
أحمد منصور: مش عندنا عند الدوحة إحنا قناة الجزيرة..
عبد الله النفيسي: أيوة أنتم قناة الجزيرة وضعت هذه السيدة دراسة تعتبر (Policy paper) ورقة سياسية استراتيجية للإدارة في البيت الأبيض لكي تنفذها على صعيد مواجهة الأصولية الإسلامية ومن يقرأ هذه الدراسة يجد يعني أنها دراسة خطيرة ومهمة جدا وأنصح كثير من الشباب إنه يقرؤونها حتى يعرفون بالضبط يعني ماذا تخبئ لهم.. |
وأرجو أن تلاحظوا محاولة النفيسي لتحديد مقر إقامة زوجة زاده حاليا، في قطر!!!!!
Quote: أحمد منصور: ما هي أهم المحتويات حتى..
عبد الله النفيسي: أهم وأخطر شيء من المحتويات إنه الإسلام تتفرع عنه تيارات تهدد السلام العالمي هذه في صفحة أولى..
أحمد منصور: الإسلام كدين يعني؟
عبد الله النفيسي: كدين وكتعاليم، الشغلة الثانية إن القرآن الكريم تقول هذه شيرل بينارد الموجودة في الدوحة تقول إنه الإسلام قرآن تاريخي، تاريخية القرآن (Historicity of the Quran) وأنه هذا لا يصلح لتبنيه في هذا العصر اللي هو القرن الواحد والعشرين وهذا الكلام في صفحة خمسة وفي صفحة 29 تنتقد تسامح الحكومة الأميركية وتقول إنتوا تسامحتوا كثير مع الحجاب داخل الولايات المتحدة ولازم تتخذوا موقف متشدد مثل ما حصل في فرنسا وهذا الكلام في صفحة 14، تؤكد بأن نظام العقوبات في القرآن نظام قاسي وبدائي وغير حضاري في صفحة 18، تؤكد بأن القرآن كتاب غامض فيه تعاليم بس تعاليم غامضة وغير واضحة أيضا في صفحة 18، تطالب المملكة العربية السعودية شيرل بينارد تطالب المملكة العربية السعودية أي تطالب الإدارة الأميركية أن تطالب المملكة العربية السعودية إنه لازم تسمح للمسيحيين واليهود بناء كنائس ومعابد..
أحمد منصور: هذا تأكيد حتى في الخطاب الرسمي الأميركي يعني بوش هنا في خطاب 2-6 بيطالب بحرية الأديان في المنطقة؟
عبد الله النفيسي: هذا في صفحة عشرين وتعرف إنه..
أحمد منصور: يعني يبدو استجاب على طول..
عبد الله النفيسي: وتعرف إنه فيه إشكالية شرعية عندنا في الموضوع هذا يعني..
أحمد منصور: دول خليجية كثير منها بدأ يسمح ببناء كنائس، لسه السعودية بس ربما..
عبد الله النفيسي: تقول هي معابد لليهود ضروري أن يُسمح لليهود في المملكة العربية السعودية..
أحمد منصور: ما هم بيطالبوا بأملاكهم القديمة في المدينة المنورة..
عبد الله النفيسي: بارك الله فيك، الآن إذاً الموضوع أصبح واضح..
أحمد منصور: لا يبدو فيه حاجات كثيرة مترتبة مع بعض..
عبد الله النفيسي: تتهكم على النص القرآني في صفحة 23 تقول بأن جمعية.. جمع القرآن كعملية تاريخية كانت عملية عشوائية تقول وأنه القرآن اللي يتداوله المسلمون حاليا قرآن ناقص سورتين وهذا الكلام..
أحمد منصور: ما قلتش سور إيه وإيه؟
عبد الله النفيسي: ما قلتش لسه معرفش يعني يمكن هي تعرف القرآن أحسن مننا يعني، في الصفحة 24 تنادي بضرورة تضخيم إخفاقات المملكة العربية السعودية وإيران في تطبيق الشريعة الإسلامية صفحة 27 تقول بأن المجتمع الديمقراطي المدني هذا كلامها لا يمكن أن يقبل بأحكام الشريعة الإسلامية، الشريعة الإسلامية..
أحمد منصور: يعني كان هناك تناقض ما بين الاثنين ولا يمكن لهذا أو ذاك أن يتفق وينتقد؟
عبد الله النفيسي: لا يمكن أبدا تطبيق الشريعة الإسلامية في المجتمع المعاصر صفحة 33 وتقول إنه الخطاب الرسمي للإدارة إذا فيه الإدارات في الخليج والدول في الخليج ينبغي أن يحمل هذا المعنى إنه خليكم من عملية تطبيق الشريعة الإسلامية في أي مجال من المجالات مجال تجاري مجال مدني مجال عقوبات إلى آخره، تدعو الولايات المتحدة شيرل بينارد اللي هي ورقة رسمية تدعو الولايات المتحدة..
أحمد منصور: يعني ما نقدرش نقول ورقة رسمية دكتور، يعني هل ما تكتبه؟.
عبد الله النفيسي: لا ورقة (Policy paper) هي ورقة تذهب إلى البيت الأبيض..
أحمد منصور: لأن الإدارة الأميركية ممكن تقول إن دي مجرد رأي من إحدى الباحثات أو من إحدى الإدارات؟
عبد الله النفيسي: صح هذا عندما تلاحظ فيه مقاومة للمحتوى والمضمون تقول إنها كذا بس عندما تلاحظ الصمت والقبول فيما تقول هذه السيدة..
أحمد منصور: هو فيه تطابق ما بين حتى بعض هذه الأشياء وتصريحات رسمية، أنا عندي تصريحات رسمية لمسؤولين أميركيين لا تختلف كثيرا عن هذا..
عبد الله النفيسي: صح.
أحمد منصور: يعني سواء بالنسبة لمسؤولين مساعد وزير الدفاع بالنسبة للرئيس الأميركي نفسه كيري والكلام اللي قاله يعني حتى في الإدارة الرئيس بوش نفسه طالب بهذا عملية حرية الأديان في المنطقة طلبها بشكل رسمي وغيرها من الأشياء الأخرى.
عبد الله النفيسي: هذا صحيح، هي تريد الإدارة أن تتبنى يا أحمد أن تتبنى هذه السياسات كسياسات ثابتة غير خاضعة للنقاش وإنه لا ينبغي على الإدارة الأميركية أن تصطلح مع الدول في الخليج على منظومة قيم إسلامية وعربية أبدا، ينبغي كنس القيم العربية والإسلامية وفرض القيم السياسية والثقافية للولايات المتحدة، الشيء الغريب والعجيب إنها تقسم المجتمع في الجزيرة العربية وهي بتركز على الجزيرة العربية إلى الأصوليين (Fundamentalists)، التقليديين الـ (Traditionalists)، الحداثيون الـ (Modernists) والعلمانيون الـ (Secularists) فتقول هي إنه إحنا ينبغي إنه نعتبر أن لا تفاهم إطلاقا مع الأصولية وأنه لابد من استئصالها من الجزيرة العربية، طبعا استئصالها لا يكون إلا بأساليب..
أحمد منصور: يعني كأنك تتحدث عن سياسة قائمة الآن بتنفذ يعني.
عبد الله النفيسي: فهمت كيف، بالنسبة للتقليديين الانتقال بهم إلى الشك بالأصولية وإلى القرب من الحداثية وإنه لابد من التفاهم مع (Modernists) والحلفاء الطبيعيين تقول شيرل بينارد هم الحداثيون والعلمانيون تقول ينبغي إن إحنا ندعمهم ينبغي إن إحنا نتيح لهم فرص البروز والكتابة وفرص السياسة والمناصب وينبغي الضغط على الحكومات في دول الخليج والجزيرة العربية لكي يعني تحتضن العلمانيين وتحتضن الحداثيين لأن هم اللي ممكن أن نعبر عليهم تقول شيرل بينارد لبناء المجتمع المدني الذي ننشده وفق المنظومة القيمية الأميركية. |
وقد أوردت صحيفة الشرق الأوسط تقريرا خبريا عن ورقة مؤسسة راند بتاريخ 1 يوليو، سأثبته هنا للتوثيق:
Quote: معهد راند يقدم نصائح للإدارة الأميركية بترويج الإسلام الحداثي الديمقراطي ويحذرها من العلمانيين واشنطن: محمد علي صالح اقترح تقرير «الاسلام المدني الديمقراطي» الذي اصدره قسم ابحاث الامن الوطني في «معهد راند» في سانتا مونيكا، في ولاية كاليفورنيا الاميركية، استراتيجية اميركية جديدة لمكافحة الارهاب تعتمد على «التزام قوي ومحدد بالقيم الاميركية الاساسية، وفهم بأن التعاون التكتيكي، والقائم على المصالح، ليس ممكنا مع بعض مواقف الاسلام السياسي»، كما دعا التقرير الحكومة الاميركية الي تأييد العلمانيين ضد المحافظين والاصوليين في المنطقة. وقسم التقرير الذي صدر الاسبوع الماضي المسلمين الى ثلاثة اقسام، الاول: "العلمانيون" الذين يؤمنون بفصل الدين عن الدولة، ويتفقون، في هذا، مع الاميركيين في الدعوي الى فصل الاسلام عن الدولة. لكن التقرير حذر من التعاون الكامل مع هؤلاء، وقال "نحن لا نعتبر كثيرا من العلمانيين اصدقاء لنا، لأن فيهم اليساريين، والوطنيين المتطرفين، والذين يؤيدون الحكومات الدكتاتورية، والذين يعادون كل شئ اميركي"، وفضل التقرير ما اسماهم "انصار الحداثة". اما القسم الثاني من المسلمين بحسب التقرير فهم "التقليديون" الذين يرون ان الاسلام هو الحل ،ربما في نطاق ديمقراطي، وقال التقرير "نقدر على الاستفادة من هؤلاء، لأنهم اكثر عددا، واقل تطرفا من الاصوليين. نسبة كبيرة منهم منفتحة، وتريد الحوار مع اتباع الاديان الأخرى، وترفض العنف، رغم ان بعضهم يعطف على الاصوليين في هذه النقطة، ويقدم لهم مساعدات." والنوع الثالث هم "الاصوليون" الذين يعادون الديمقراطية، والقيم الغربية بصورة عامة، واميركا بصورة خاصة. وقال التقرير "يعارضوننا، ونحن نعارضهم. في الماضي كان هناك من يدعو الى الحوار مع هؤلاء، لكن بعد هجوم 11 سبتمبر (ايلول) اكتشفنا خطرهم، ولهذا يجب ان نعتبرهم اعداء". واقترح التقرير على الحكومة الاميركية والمؤسسات العامة والخاصة الاميركية الاستراتيجية الآتية، اولا: تأييد العلمانيين وانصار الحداثة ضد التقليديين والاصوليين، وتأييد تفسيرهم للاسلام، ومساعدتهم في تأسيس منابر لنشر آرائهم، وجعلهم يمثلون «الاسلام المعاصر». وثانيا، تأييد التقليديين ضد الاصوليين، ومنع قيام تحالف وثيق بين الجانبين، اذا كان ذلك ممكنا. وثالثا، مواجهة الاصوليين و«كشف فسادهم وقسوتهم وجهلهم وخطأ تطبيقهم للاسلام». وركز التقرير على مواجهة الاصوليين، وايضا التقليديين «مباشرة»، وذلك باتخاذ الخطوات الآتية: اولا: «كسر احتكارهم» لتفسير الاسلام. ثانيا: المساعدة على تأسيس مواقع على الانترنت يديرها اساتذة جامعات وخبراء من انصار الحداثة والعلمانيين للاجابة على اسئلة الممارسة اليومية للاسلام. ثالثا: تشجيع اساتذة الجامعات الحداثيين والعلمانيين على تأليف كتب مراجع مدرسية، ووضع مقررات مدرسية. رابعا: دعم نشر وتوزيع كتب بأسعار منخفضة لمواجهة كتب الاصوليين. اما الخيار الخامس فهم الاستفادة من الاذاعات والصحف لنشر افكار «الاسلام الحديث» وتقديم تفسير عالمي لمعنى الاسلام. ومن الملاحظ ان التقرير استعمل اوصاف «الاسلام المعاصر» و«الاسلام الحديث» و«الاسلام المدني» و«الاسلام الديمقراطي»، مفرقا بين «الاسلام القديم» و«الاسلام الدكتاتوري». وقبل ان يتناول التقرير «الموضة الجديدة» وسط خبراء الاسلام الاميركيين عن «اعادة تفسير القرآن»، استشعر حساسية الموضوع، وقال «القرآن يعتبر غير قابل للنقد بصورة عامة، ولكن ليس على نطاق عالمي». وتابع «هناك مواضيع كثيرة لا يشير اليها القرآن، او يشير اليها بصورة غامضة». واكتفى التقرير بهذه التلميحات. ثم تابع «اعادة تفسير القرآن» مستقبلا، ولكن في الوقت الحاضر لا بد من اعادة تفسير الاحاديث. وأوضح التقرير «منذ ظهور الاسلام ظل الناس يتناقشون في تفسير الاحاديث، وهذا النقاش يمكن ان نسميه «حرب الاحاديث». واقترح التقرير اعادة تفسير الاحاديث بما يخدم «الاسلام المدني الديمقراطي»، لكنه، في نفس الوقت، حذر من منافسة الاصوليين والتقليديين في هذا النقطة، وقال «هؤلاء قادرون على مواجهة كل تفسير نقدمه بعشرة تفسيرات مضادة». وحذر التقرير ايضا من «الهزيمة في حرب الاحاديث»، لأن اعدادا كبيرة من المسلمين لا تعرف القراءة والكتابة، وغير متعلمة، و«تخضغ لتفسيرات العلماء المحليين». وأكد التقرير ان الهدف هو تحاشي الاحاديث غير الصحيحة. واشار الى ما يقال بأن البخاري جمع ستمائة الف حديث، وراجع مصداقية كل واحد منها، واستقر على اربعة آلاف حديث فقط. وسأل التقرير «اذا قضى البخاري ساعة في مراجعة كل حديث، واذا ظل يعمل بدون توقف، كان يحتاج الى سبعين سنة. لكن يقال انه اكمل هذا العمل في ستة عشر سنة فقط». لكن التقرير تجاهل ان الموضوع ليس بهذه البساطة، فهل معنى هذا ان الاحاديث المنسوبة الى البخاري صحيحة كلها؟ او غير صحيحة كلها؟ وما هي اهمية النقاش الحسابي في مصداقية البخاري؟ ولماذا شغل التقرير نفسه بهذا الجدل العقيم مع المفسرين والعلماء؟ ولماذا يريد «النصر» في «حرب الاحاديث»؟ ولماذا «حرب الاحاديث»؟ ولماذا لم يرفع التقرير مستوي النقاش الى درجة اعلى من درجة «النصر» و«الهزيمة»؟ كما اشار التقرير الى من يقول بأن الاحاديث النبوية منعت الموسيقى، وهو ما استندت اليه حكومة طالبان السابقة في افغانستان عندما منعت الاغاني. وقال التقرير «لكن عندنا دليل بأن النبي كان يحب الموسيقي غير الدينية». |
والآن تجدون الوصلة التي تمكن من تنزيل ورقة مؤسسة راند أو ملخص لها.. http://www.rand.org/publications/MR/MR1716/
والآن أعود للسؤال الذي وضعته عنوانا جانبيا للمداخلة: أين يضع الجمهوري، كفرد مثقف، نفسه؟؟ بطبيعة الحال لا يمكن للجمهوري أن يضع نفسه مع الأصوليين من عينة أحمد منصور والدكتور النفيسي، ولا مع المحافظين من الشيعة الخمينيين.. وحتى يكون الأمر سهلا فسأقوم بوضع بعض الأسئلة التي أجيب عنها فيما يخصني كمثقف حر ولكنه جمهوري أيضا.. أين يقف الجمهوري من المناداة بإلغاء عقوبات الحدود مثل الرجم والبتر والصلب والجلد في الدول التي تطبقها مثل السعودية والسودان وإيران؟
أنا أنادي مع المنادين بإلغاء هذه العقوبات، تماما كما حدث ذلك من قبل في منشور "هذا.. أو الطوفان"..
وهنا ينشأ سؤال: وماذا عن رأي الفكرة الجمهورية في أن الحدود لا تتطور، وأنها تظل موجودة في الرسالة الثانية كما كانت في الرسالة الأولى؟
حسنا، لقد جاء في أدبيات الفكرة الجمهورية أن تطبيق الرسالة الثانية رهين بمجيء رجلها وبمجيء أمتها، وقد جاء أن رسول الرسالة الثانية الذي يستطيع أن يطبقها هو المسيح المحمدي، وأظن أن الجميع متفقون في أنه لم يأت بعد، وإلا لما كان هناك جدال حوله.. وعندما يجيء يمكن توجيه سؤال تطبيق الحدود إليه.. أما نحن كمثقين أحرار فإن واجبنا أولا هو المناداة بما تقول به الأعراف الدولية والإنسانية، أما من يريد أن يعارض الإرادة الدولية فعليه أن يتحمل النتائج.. وفي هذا السياق أحب أن أسرد حديثا دار بيني وبين الأخ الدكتور عبد الله أحمد النعيم قبل عدة شهور.. سألته عن رأيه في مسألة العقوبات الحدية ومقولة الفكرة الجمهورية بأن الحدود لا تتطور.. فقال لي أن الأستاذ محمود طرح المسألة يوما في جلسة عامة للجمهوريين ووجه سؤالا معناه هل هناك من يعارض فكرة تطبيق الحدود بالضوابط التي تقول بها الفكرة الجمهورية؟ وكان أن وقف الدكتور عبد الله ، وأنا أحاول هنا أن أنقل عبارته بقدر الإمكان، وقال: لو كانت هناك فرصة للمعارضة فأنا أعارض تطبيق الحدود.. ولم يعلق الأستاذ في الجلسة.. وقد أخبرني الدكتور عبد الله بأن الأستاذ قال له وهو يودعه في غرفته بعد الجلسة: أنا سعيد جدا بأنك قلت ما قلت عن معارضتك لتطبيق الحدود.. وقد فهمت من هذه الحادثة الكثير.. ما هي خطورة قول الفكرة الجمهورية ببقاء الحدود في الرسالة الثانية، بالرغم من الضوابط الشديدة التي تجعل تطبيقها أشبه بالمستحيل، إذا كانت الفكرة نفسها لا تستخدم وسيلة العنف للوصول إلى السلطة، ولا تقر العنف من حيث المبدأ؟؟ وما هي خطورة قول الفكرة الجمهورية أصلا إذا علمنا أن تطبيق ذلك القول رهين بمجيء رجلها وبمجيء أمتها، خاصة إذا كان داعي الفكرة الأول قد اتخذ الوسائل السلمية لمقاومة من بدأوا بتطبيق الحدود بالفعل ودفع في سبيل ذلك حياته ثمنا لما نادى به؟؟
أرجو أن أقرأ رأي إخواني الجمهوريين في ما قلت، كما أرجوهم الكتابة في اتجاه الإجابة على السؤال الذي جعلته عنوانا لهذه المساهمة وهو أمر يختص بالتجديد، وبالحداثة، وما بعد الحداثة، وليس فقط ما بعد 18 يناير 1985 ولا 11 سبتمبر 2001.. ولا بد لي من إبداء إعجابي بمداخلة الأخ النور وأتوقع منه المزيد كما وعد هو بنفسه.. مع مزيد التحايا والشكر للأستاذ عبد الله بولا الذي أتوقع التحاقه بالحوار في اقرب وقت، بدون أن نمسكه من اليد البتوجعو "الوقت"، فأن أعرف أن الوقت له "حكم" نافذ ، فالمثل السوداني يقول "العين بصيرة والإيد قصيرة"..
ملحوظة: هذه هي وصلة كتاب "الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة".. http://www.alfikra.org/books/bk270.htm وقد وصل الهوس الديني إلى السلطة الفعلية بانقلاب الانقاذ للمرة الثانية.. وها هي العاصفة تتجمع من قوى الإسلام السياسي وتريد الوصول للسلطة في الدول العربية والإسلامية وتجد من كراهية العرب والمسلمين لأمريكا وإسرائيل كثيرا من الدعم والشعبية.. فهل سوف يصلون إلى السلطة؟؟ وهل نحن على أبواب "صراع الحضارات"؟؟ أسئلة مفتوحة وإجاباتها مفتوحة أيضا.. نسأل الله أن يهدي العقول والقلوب إلى الاستماع إلى صوت العقل والحكمة بعيدا عن سلطة النصوص.. والشكر للجميع مع أجمل التحايا والأماني الطيبة.. وياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
من المهم اطلاعنا علىى مثل ما كتب الأستاذ عبد الله بولا ، ومن قراءتي الأولى لما كتب أجد أنه قدم عملا جليلا يخدم مسألة التجديد ، ويدفعها ، إذ أن الفكر الجمهوري بحق قد أكد على أن التجديد ليس أمرا طارئا إنما هو أمر ضروري ، وأن كمال الإسلام يثبته التطور وليس العكس ، فالجمود أحد طبائع القصور ،، لكن د. النور كتب في البداية :
السبب الأول: هو شجاعة كاتبها، أستاذنا، عبد الله بولا، وحسن إطلاعه، وفهمه، وتدبره، لنصوص الأستاذ محمود محمد طه. وكل ذلك ليس بغريب على أستاذنا عبد الله بولا، ولكن إثباته في هذا المقام ضروري. يضااف إلى ذلك، إنصافه الأستاذ محمود محمد طه، الذي أساء فهمه السلفيون، من جهة، كما أساء فهمه من الجهة الأخرى، غالبية ما يتم تصنيفهم ضمن النخب المستنيرة، ممن لوت عقولهم، وحرفت مسار أقلامهم، مزالق الخوف، والطمع، وربما أحيانا، سخائم النفوس، والحسد
أرى في هذا نوعا من الشطط تجاه الذين يخالفون الأستاذ محمود ، تماما كشطط الذين رأوا في فكره نقيضا للدين ، وأقدموا على قتله .. وحسب اعتقادي أن هناك أناسا لا يميلون بطبعهم للانحياز الكلي لفكرة ما ، ولا يرفضون فكرة ما بصورة كلية ، فالاشتراكية مثلا وهي أقدم بكثير من الفكرة الجمهورية ، وقف كثير من الناس متفرجا عليها بالرغم من إقتناعهم بكثير من مبادئها ،، والرأسمالية كذلك ، والدين نفسه وجد من يحمل السلاح من أجله ووجد من يحمل الكلمة من أجله ويجد من انشغل عنه كليا ، وليس في هذا انصراف يقوم على مبادئ لكنها الطبيعة البشرية تميل إلى الأخذ بنتف من وهناك وترى أن خير هذه البشرية إنما هو قادم من اجتهادات عديدة ،، شكرا للنور ولبولا ولنجاة ولقصي ،، وسأقرأ ورقة بولا أكثر من مرة حتى أستطيع أن أدلي برأي ، أو أقرر أن أكتفي بالمتابعة لكني لا أريد أن يحسب صمتي ليا لعقل وتحريفا لمسار قلم بفعل مزالق الخوف أو الطمع أو سخيمة نفس أو حسد ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: ودقاسم)
|
الأستاذ ودقاسم.. كثير التحايا
جزيل الشكر على التعليق وعلى النقد
في اعتقادي.. إشارة الأستاذ النور آتية من تجارب شخصية للجمهوريين مع عدد كبير من النخبة السودانية (وغيرها أيضا) خصوصا في زمان الحركة الجمهورية.. فالجمهوريين كما أظنك تعلم كانوا يخاطبون المثقفين منذ أمد بعيد بأن لا يجعلوا دينهم مضمارا خاصا بالذين يسمون برجال الدين- وهم ابعد ما يكونوا عن ذلك الإسم- وأن يخوضوا غماره فهم أولى به من أدعياء الدين.. وقد بذل الجمهوريون جهدا جهيدا في توصيل طرح الفكرة للمثقفين السودانيين، حتى أنهم قد زاروا الكثير منهم في منازلهم بوفود تأتي وتحاورهم.. وربما قدمت لهم أيضا الدعوات لحضور المحاضرات والمشاركة في النقاش والتعليق والنقد البناء
الإتجاه السلبي العام الذي قابلت به النخبة الفكرة الجمهورية هو ما يتحدث عنه النور.. فالكثير من المثقفين آثروا العكوف على اتجاهاتهم الخاصة دون أن يعوا حقيقة أن قضية الوطن وقضية الدين بحاجة إليهم، ولم تكن الدعوة للإنخراط في الحركة الجمهورية بقدر ما كانت لمشاركتها هموم القضايا الملحة.. فأنا مثلا اتصور- وأنا لم أعاصر أيام الحركة الجمهورية- أن الفكرة الوحيدة السودانية المنبت تستحق إهتماما من جانب المثقف السوداني أكثر بكثير مما هو عليه الآن.. للمساهمة في تطويرها وتخريجها بشكل يشرف كل سوداني قبل أن يكون الموضوع خاصا بالجمهوريين أو بالأستاذ محمود
التفت بعض المثقفين إلى النقاشات الفلسفية النظرية التي لا تعمد كثيرا إلى مسألة التطبيق على أرض الواقع بشكل مباشر، وجعلوا هذا كل منحاهم في التعامل مع الفكرة الجمهورية، وآخرين سلموا الموضوع لرجال الدين وقالوا (بما أن رجال الدين قالوا فيهم أنهم زنادقة أو مرتدين، فما لنا وما لهم).. وفي كلا الموقفين- وهما الموقفين الغالبين- إغفال كبير لمسؤولية المثقف.. فالمثقف صاحب مسؤولية أمام شعبه وقضاياه المصيرية
بطبيعة الحال، كان هناك أيضا المثقفين الذين بادروا بنقاش الفكرة الجمهورية نقاشا جادا ومثمرا.. وتجد له بعد الأمثلة في موقع الفكرة وفي كتب الأستاذ محمود "أسئلة وأجوبة" و"رسائل ومقالات".. وكان الأستاذ والجمهوريين يحتفون بهذه المشاركات احتفاءا عظيما ولا يزالون.. ومن هذا الباب كان الإحتفاء بورقة الأستاذ بولا هذه.. والأستاذ بولا أحد هؤلاء المثقفين الذين ناقشوا الفكرة الجمهورية منذ بدايات انتشار طرحها بين المثقفين بشكل واسع
لهذا أرجو أن لا تحمل كلام الأستاذ النور كل هذا التعميم الذي ظننت أنه يمسك أيضا وربما يسيء إليك.. فالأستاذ النور يتحدث عن تجارب واقعية عاشها هو بنفسه وعاشها الجمهوريون في فترة الحركة بالذات.. ولكن ما زالت ظلال ذلك الإتجاه السلبي من جانب المثقفين قائمة.. فبالرغم من أن الواقع يلح على المثقفين السودانيين اليوم، وبشكل أكبر من الماضي، بالإلتفات للفكرة الجمهورية، إلا أننا نراهم ما يزالون ينظرون لها نظرة هي في عمومها سلبية.. إلا النذر اليسير منهم
هذا مع خالص ودي
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yasir Elsharif)
|
الأخ قصي شكرا على المشاركة، وعلى التنويع. القصيدة التي أوردت بعضاً من ابياتها، قصيدة صوفية، وهي من شعر الشيخ عبد الغني النابلسي. وتقول أبياتها الأولى:
أيها البرقُ اللَّمُوعْ، لك من نجدٍ طلوعْ تختفي طوراً، وتبدو، فتواريك الربوعْ لم يزل لي بك وجدٌ، وهيـامٌ، وولوعْ
الأخ ياسر الشريف شكراً على المداخلة، وعلى إيراد حوار أحمد منصور، في قناة الجزيرة، مع الدكتور عبد الله النفيسي. أما فيما يتعلق بالموقف من الحدود، فالأمر ربما احتاج إلى حوار موسع. وبطبيعة الحال، فإن موقف الأستاذ محمود القائل بعدم تطوير الحدود، ربما يبدو، في ظاهر الأمر، غير متسقٍ، مع بقية دعوة الأستاذ محمود إلى تطوير التشريع. وما من شك، أن العقوبات الشرعية، من شاكلة القطع، والرجم، والجلد، عقوبات لا يستسيغها الوجدان المعاصر. وعلى أقل تقدير، يرى الكثيرون أنها عقوبات لا تتناسب والجرم المرتكب. وهذا القول ليس جديداً، تماماً. فقد تنبه إليه القدامى، منذ القرون الإسلامية الأولى. فقد قال أبو العلاء المعري:
يدٌ بخمسِ مئينٍ عسجدٍ فُديتْ، ما بالها قُطعتْ في ربعِ دينارِ؟
ومعلوم أن الأستاذ محمود قد اعترض على تطبيق العقوبات الشرعية في سنوات نميري الأخيرة. بل أن اعتراضه ذاك، هو الذي ساقه إلى المحاكمة، ثم إلى الموت. وقد قال الأستاذ محمود، وبلا مواربة، إن الشعب السوداني لم يلق من قوانين سبتمبر غير السيف، والسوط. إذن كيف نوفق بين موقفه الرافض لتلك القوانين، على عهد نميري، وهو موقف صلب، أصر عليه، حتى الموت، وبين ما خطه بقلمه في مؤلفاته، من أن الحدود لا تخضع للتطوير؟ في تقديري أن الأمر يحتاج إلى وقفة متأنية، بها يتم تدارس التأسيس المعرفي، الذي دفع به الإستاذ محمود في مؤلفاته، في تبيان موقفه القائل بعدم تطوير الحدود.
من ذلك التأسيس المعرفي، قول الأستاذ محمود بأن الحدود مأخوذة من وراء منطقة العقيدة. أي أن الحدود، وخاصة تلك التي اتجهت لحفظ المال، وحفظ العرض، تمثل بداية القوانين التي قامت عليها الجماعات البشرية، على اختلافها. وبداية رعاية هذه القوانين، عند فجر التاريخ، قد مثلت النقطة التي ارتفع بها الكائن البشري فوق مرتبة الحيوان، فدخل عهد بشريته. ومعلوم أن "زنا المحارم"، محرم في كل الثقافات الإنسانية، تقريبا. فالجماعات البشرية، في مختلف بقاع الأرض إنما قامت، حيثما قامت على منظومة من الأعراف التي اتجهت إلى تنظيم المِلْكِيَّة، وتنظيم المسلك، الجنسي. وقد توصلت الجماعات البشرية إلى مثل تلك الأعراف رغما عن الفواصل الجغرافية، والإختلاف الثقافي. هذا في عموم الأمر. وهذا يدل على أن نشوء هذه القوانين، لم يكن مجرد شيءٍ تواضعت عليه المجتمعات البشرية تواضعاً إجتماعيا social constructبقدر ما كانت انعكاسا لقوانين المادة منعكسة في بنية الوعي البشري. وقد عبرت عن هذه القوانين المشرجة في بنية المادة، عن نفسها في طور متقدم، في شكل الغيرة الجنسية على الإناث، في بعض أنواع الحيوان. ومن تلك المرحلة جاءت مرحلة الأعراف الإجتماعية التي تلت نشوء العقل. وبطبيعة الحال، فإن تلك الأعراف قد برزت من مرحلة كمونها السابقة لبروز الأحياء، في مرحلة المادة العضوية، وحتى فيما قبل ظهور المادة العضوية. فالوجود الإنساني ليس سوى امتداد معقد للوجود الطبيعي، والقوانين التي تحكمه ليست سوى امتداد لقوانين الطبيعة ذاتها. فالعقل لا يأتي بشيء من الفراغ. والإنسان لدي النظر الحصيف، غير مغاير للطبيعة، وإنما هو الطبيعة ذاتها، في هيئةٍ أكثر تعقيدا. وهذا الإتجاه تدعمه بعض تيارات ما بعد الحداثة في الفكر الغربي. أعني الإتجاه الناقد للفصل بين الإنسان والطبيعة.
لقد آثرت أخي ياسر، أن تحل المسألة برمتها، عن طريق إحالتها إلى المسيح المُبَشَّر به. ولكن المسيح لا يأتي بشيءٍ لا تعقله العقول الآن. وقد قال الأستاذ محمود مرة: ((إن آجلاً لا يبدأ عاجله اليوم، ليس بمرجو)). فالحالة المسيحية المبشر بها، حالة طريقها العقل. ولابد إذن من مقاربة الأمر مقاربة عقلية. أي لابد من إحدى خطتين: إما التأسيس للقول بعدم تطوير الحدود عقليا، أو رفض ذلك التأسيس عقليا، أيضا. ولا أرى مجالا للإمساك بالعصا من النصف.
أوافقك الرأي، في أن الشريعة المطورة، حين يتم تطبيقها لن تتجه إلى الرجم والبتر، وما شابه، رغم قولها بعدم تطوير الحدود. ويبدو لي، وربما أكون مخطئا في هذا، أن القول بعدم تطوير الحدود قد قُصد به، في المقام الأول، التأسيس المعرفي، لنظرية الأخلاق في الدين، كما يراها الأستاذ محمود محمد طه. والتأسيس لنظام جزائي مستند على ذلك التأسيس المعرفي. التأسيس المعرفي لأخلاق ضروري لحفز التطور "الأخلاقي" في الوجهة المرجوة له. فذلك التأسيس المعرفي ضروري لسلوك الأفراد. فأنت لا تلزم نفسك بأخلاقية معينة إن لم تعرف معنىً لإلزام نفسك بتلك الأخلاقية. وهنا تكمن مشكلة "البراغماتية".
اكتنف سؤال الأخلاق ضباب كثيف في القرون الأربع الماضية، التي ارتفع فيها صوت التيار "الوضعي العلموي" الذي "كَلْفَتَ" سؤال الأخلاق، أيما "كلفتة". وأدخل هذا السؤال الجوهري، في ضبابية "النسبية" المفتوحة، مما جعل "الأخلاق" مجرد منظومة يتم التواضع عليها إجتماعيا social construct، وليست شيئا منبعثا انبعاثا أصيلا من عمليات الطبيعة في إعادة خلق نفسها، وهي منطلقة انطلاقتها السرمدية من الأدنى إلى الأعلى، ومن البسيط إلى المركب . القول بأن الأخلاق مجرد social construct يجعل تعريف "الفضيلة" خاضعا بدوره، إلى القول بالنسبية المفتوحة. ولكي أشرح هذه النقطة، يمكن أن اشير إلى أننا أمام إحدى خطتين: إما أن نعتبر الأخلاق في المجال الإجتماعي، مجرد حدث صدفوي، جاء عرضا، وليس بالضرورة، تعبيرا عن ديناميات داخلية مُشرجة innate في بنية الوجود. وإما أن نعتبرها جزءا من المنظومة الكونية، الغائية، الكلية التي لم تبدأ عند بداية، ولن تنتهي إلى نهاية. وأن الأخلاق وفق هذا المنظور، شرط لا معدي عنه، في صنع المعنى، والمباعدة بين سيرورة الخلق، وجلالها، وبين مجرد إحالة كل شيء إلى دائرة "العبث". إذا لم تستند الأخلاق إلى أرضية معرفية صلبة، تستصحب قراءة قادؤة على خلق المعنى، والمغزى لحركة الوجود، فإن الحديث عن محو الظلم، وإحقاق العدالة، وإسعاد الإنسان، يصبح حديثا بلا معنى.
حرص الأستاذ محمود حرصا شديدا على عدم استبطان المنظومة الفكرية الغربية. وأعني بها منظومة أفكار، وتصوارت "حقبة الحداثة" The modernist paradigmأراد الأستاذ محمود أن يؤسس لنظرية دينية للمعرفة، عن طريق إعادة قراءة النص الديني، بشكل جديد. قال الأستاذ محمود عن القرآن، إنه ((يعلمك كل شيء، ولا يعلمك شيئا بعينه)). وقال ((إن القرآن قد صنع من مادة الأحلام)). التقديس الذي ظل الأستاذ محمود ينظر به إلى القرآن وإلى كل نص مقدس آخر، هو الذي جعله لا يتعجل في ركل منظومة الحدود في التشريع الإسلامي، بلا فحص. وهو عندما دعى إلى تطوير التشريع، لم يستند إلى منظومة الفكر الغربي، وحدها، على جلال إسهامها في حركة التنوير، والتحرير، في القرون الأربعة الماضية، وإنما استند أيضا، وبحرصٍ شديد، على النص المقدس، لكونه يتضمن في طبقاته العميقة قبسا يضيء للعقول عتمة المسار المفضي إلى بهموت الوجود المحير. ومن ههنا جاء تفريق الأستاذ محمود بين الأصول والفروع، وبين الشريعة والحقيقة، وبين الناسخ والمنسوخ، وبين السنة والشريعة، وبين مراتب الإيمان، ومراتب الإيقان. وسبب كل هذا التفريق هو تحريك قاطرة العقل الإسلامي، التي توقفت منذ قرون.
لم يشأ الأستاذ محمود أن يصادم سلطة النص، في مسألة الحدود لأنه وجد أن تشريع الحدود تشريع أقدم من الديانات الكتابية نفسها. وقد مثل ذلك التشريع الحد الفاصل، في ماضي التجربة الحيوية، بين مرحلة الحيوان، ومرحلة البشر، حين ارتفع البشر درجة على الحيوان السائم. فهو تشريع قد سند نشأة العقل، وسند نشأة الضمير. كما سند قوة الأرادة في الذات البشرية، وسند مفهوم التضحية باللذة العاجلة، إبتغاء اللذة الآجلة. فنعصر الغيب، لم يكن ليدخل في الصورة لولا ظهور العقل الذي مخضته قوى القهر في الطبيعة، وفي المجتمع، مما تجسد في صورة أعراف واجبة الرعاية. وهذا بعضٌ من معنى قول الأستاذ محمود إن الدين قد نبت في الأرض، وألمَّت به أساب السماء، فهذبته.
باختصار شديد، التشريع المنظم للملكية واللسلوك الجنسي، هو الذي أنشأ الخيال وأدخل اعتبارات القيمة في الوجود الإنساني. فإبقاء ذلك التشريع ضرورة معرفية، غرضها الأساسي، هو حفز السلوك، والتذكير بضرورة الإحتفاظ بالوقود المعين على ولوج المرحلة الجديدة. أعني تلك المرحلة التي بشر بها الأستاذ محمود محمد طه، وهي أخراج الإنسان، من البشر الحالي. ولا يمكن فصل كل ذلك من إشارات الأستاذ محمود المستفيضة، إلى أن الحضارة الغربية، التي اعتمدت "الوضعية العلموية" قد خدمت مرحلتها أجل خدمة، وقد بلغت نهاية شوطها التطوري، ولابد من أن تخلي الساحة لفكر جديد، يعطي للأخلاق معنىً إنسانيا. إسهام الأستاذ محمود في هذه الوجهة يجب أن يلقى الإهتمام اللائق بعمق الطرح الذي أتي به.
من يتأمل عقوبة الزنا في الإسلام، تأملا دقيقا، لابد أن يلحظ أنها عقوبة، أقرب ما تكون، إلى العقوبة النظرية، منها إلى العقوبة العملية. فعقوبة الزنا، لا تقوم إلا عن طرق شهادة أربعة شهود، رأوا الفعل رأي العين، بلا تأولٍ، وبلا تقديرٍ عقليٍ شخصيٍ، وبلا استنتاج. وأثبات الونا عن طريق الأربعة شهود، أمر مستحيل من الناحية العملية، مما يجعل الرجم، والجلد، فيما يتعلق بعقوبة الزنا، أقرب إلى الحُكمين النظريين. والعقوبات القليلة التي جرى تنفيذها، في صدر الإسلام، بسبب جريمة الزنا، إنما حدثت لأن الجناة إعترفوا بها طواعية. ولم يحدث أن ثبتت أي تهمة بالزنا، عن طريق الشهود. وقد حرص النبي الكريم على تلقين المعترفين عبارات الإنكار، وإمهالهم مددا لغيروا من اعترافاتهم، ولكنهم كانوا يصرون على الإعتراف. والإعتراف منهي عنه في الإسلام، فمن اقترف جريرة، وستره الله، فلا يكشفن ستر الله عنه.
في أحدى مجالسنا المعتادة في غرفة الأستاذ محمود، سمعت الأستاذ محمود يتحدث مرة عن ضرورة توسيع دائرة الشبهات. وقد أشار إلى القولة المعروفة: ((إدرأوا الحدود بالشبهات)). وذكر ضمن ما ذكر، أن علم النفس الحديث يمكن أن يسهم في توسيع دائرة الشبهات. وذكر في ذلك إلى ما يُعرف بـ "الجنون المؤقت". والجنون لا يعني بالضرورة، المصطلح الإكلينيكي التقليدي، القائل بغياب القوى العقلية بالكلية. فالفرق بين الصحة النفسية، وعدم الصحة النفسية، فاصل جد رقيق. ويزداد هذا الفاصل رقة كلما ازدادت معرفتنا بالسلوك البشري، وكلما ازدادت رهافتنا، وازداد تعاطفنا مع الجناة. ومن الطريف في هذت الباب ما يروى عن الملك فاروق، وغرامه بسرقة الشوك والسكاكين من الموائد التي يُدعى لها. ولا مراء، في أن من كان مَلِكَا،ً ليس بحاجة إلى سرقة شيء، خاصة ما كان تافه القيمة، كالشوك والسكاكين. غير أن ذلك نوع من المرض النفسي.
عندما جرى قطع يد محاسب مدرسة وادي سيدنا، بتهمة الإختلاس، كان اعتراض الجمهوريين على ذلك القطع، أن المحاسب اختلس من مال عام، وهناك شبهة ملكية في المال العام. وهي شبهة كافية لدرء الحد، وتحويله إلى تعذير، والتعذير قد يشمل السجن، ويشمل الغرامة. وعندما قطع قضاة نميري، شخصاً سرق أسلاكاً ملقاة في العراء، قلنا أن تلك الأسلاك، ليست في حرز، ومن شروط الحد الشرعية، أن يكون المال المسروق موجود لحظة السرقة، في حرز. الشاهد أن نميري، ومن ورائه الجبهة الإسلامية، قد أرادوا بالحدود تخويف الناس، وإسكات صوت المعارضين، وإضفاء قداسة دينية على حكمٍ فاسدٍ، فقد كل مبررات بقائه. والحدود لا تقام من أجل هذا. وإنما تقام لمصلحة الفرد أولا، ثم لحفظ حق الجماعة في المقام الثاني. ((يُسحسن هنا، مراجعة مفهوم قانون المعاوضة، في كتابي "الرسالة الثانية من الإسلام" و"تطوير شريعة الأحوال الشخصية" للاستاذ محمود محمد طه.
أنا مثلك تماما أخي ياسر، أجد في نفسي شيئا من الحيرة، إزاء قول الأستاذ محمود ببقاء الحدود، في منطوقها بغير تطوير. هذا رغما من قوله إن التطوير سوف يتجه بدلا من ألغائها، إلى توسيع دائرة الشبهات، بشكل يمنع تطبيقها من الناحية العملية. ومن يقرأ الأستاذ محمود بروية، بل إن من يعرف الأستاذ محمود، معرفة لصيقة، لابد أن يتهم نفسه بقصور الفهم، قبل أن يتهم الأستاذ محمود بمجانبة صواب الرأي. وهذا ما جعلني أحاول أن أعطي ذلك الرأي سندا بهذه الشروحات المبتسرة التي قلت بها عاليه.
ملخص القول، علينا ألا نرى ثقافتنا بالمنظار "العلموي الوضعي" الغربي. بل علينا أن نقيم نظريتنا المعرفية epistemology من لب ثقافتنا، ومنظورنا للغز الوجود المحير. وعلينا أن نقيم نظامنا الجزائي على مفاهيمنا الخاصة بنا، وعلى روؤيتنا للوجود. يجب أن نقرأ سيرة الحياة وفقا لمنظورنا، وأن نستصحب موروث معارف التجربة الغربية في ذلك الصدد، دون أن ننحجب عن وعينا بذاتنا، وبوسائل كشفنا عن حقائق الوجود، ومنها النص المقدس، بذلك الموروث الغربي التبسيطي، المستبعد، لجدوى التجربة الدينية، ولنور النبوة، وللحكمة الكامنة في طبقات "النص المقدس" scripture. وهذا الموضوع بحاجة إلى عودة مرة أخرى. فقط أجببت توسيع ما أشرت إليه، وتنويعه نوعا ما.
هناك جماعات غربية منظمة تعمل على إلغاء عقوبة الإعدام، حتى في حالة ثبوت التهمة ضد الجاني. وقد نجحت في مسعاها ذلك. فقد ألغت بعض الدول عقوبة الإعدام. وفي أمريكا يختلف الأمر بين ولاية وأخرى. وترى هذه الجماعات أن عقوبة الإعدام عقوبة وحشية، ويجب ألا تطبق في زماننا هذا. ومع ذلك يبقى الموضوع جدليا بما يمكن أن يشار إليه بأنه محاولة للقفز على الواقع. فالناس لا يزالون يقتلون بعضهم بعضا. بل ويقتلون بعضهم بعضا بوحشية بالغة، ولأسباب تافهة جدا في بعض الأحيان. فهناك من يقتل ليحصل على دولار أو دولارين مثلا! كما أن أهل كل قتيل لا يكونون بالضرورة في مستوى العفو عن القاتل، ولا يشفي صدورهم غير أن يروا من قتل، من ينتمي إليهم، مقتولا أيضا. والتشريع الحكيم لا يقفز فوق كل هذه الإعتبارات. حض الإسلام على العفو، ورغَّب في قبول الدية، بدلا عن القصاص. ولكن إذا أصر أهل المقتول على أن يتم الإقتصاص لهم، فلا مناص إذن من تنفيذ القصاص.
الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام فيها بعض مما يسميه الصوفية (استراق سمع). فهي إنما تحكي تطلعا لحالة قادمة، ينتهي فيها حكم الإعدام، ولكن باختفاء القتل من وجه البسيطة. فالعمل الحقيقي إنما يجب أن يتجه إلى منع الجريمة، باجتثاث الجذور المغذية لشجرتها، في بيئتنا الإجتماعية، وليس بتشديد العقوبات، أو بتخفيف العقوبات على من تثبت في حقهم جريمة القتل. غير أن كل ذلك يدل على أن البشرية قد أصبحت تستشرف، في طلائعها من المرهفين، طورا جديدا. وبدأت تعبر عن رهافة وجدانية متزايدة، وكراهية لكل صور العنف. وهكذا تبدأ القفزات الناقلة من الوحشية إلى الإنسية.
الأخ الكريم ود قاسم
شكرا على الزيارة الكريمة يعجبني كثيرا حرصك على انصاف الآخرين. كما يعجبني حرصك على خلو النصوص من رائحة العنف اللفظي. ومع ذلك، لابد لي من كلمتين أبرئُ بهما ساحتى عندك، فقد ((أتاني أبيت اللعن أنك لُمْتَنِي، وتلك التي أهتم منها وأنَْصَبُ)).
في تقديري تجاهلت أغلبية المستنيرين، من أكاديميين ومثقفين، لفكر الأستاذ محمود، بسب "حسابات" خاصة بهم. من هذه الحسابات إرضاء المؤسسات القابضة، من دينية وسياسية، وهي حلف واحد كما تعلم. خاف كثيرون أن يفقدوا "فرصهم" إن هم اهتموا بفكر الأستاذ محمود، لأنه فكر "مُكَفَّر" من قبل الأزهر، وعلماء السعودية، وغيرهم من داعمي أنظمة الحكم القائمة في منطقتنا.
من واجب الأكاديميا، ممثلة في إدارت الجامعات، وأساتذتها، التوثيق للإنتاج الفكري. هذا واجب يقع في صميم الأعراف، والتقاليد التي قامت عليها الجامعات. وقد ظل الأستاذ محمود يكتب، وينشر، على مدى أربعين عاما، ولم تُلقِ الجامعات العربية، والإسلامية إليه بالا!! ثم أنه أُعدم بسبب أفكاره، في الربع الأخير من القرن العشرين، ومرت على إعدامه الآن، عشرون عاما تقريبا، ولم تعر الدوريات التي تصدر عن الجامعات، ولا الكورسات التي تدرسها هذه الجامعات فكر هذا الرجل أي نظرة. فأي نوعٍ من الجامعات هذا؟ كل الدراسات لفكر الأستاذ محمود محمد طه، وكل الإيداع لكتبه في مكتبات الجامعات، وكل الكورسات الدراسية حوال فكره إنما قامت بها الجامعات الغربية!!
نحن لا نريد من أكاديمينا ومثقفينا تقريظ فكر الأستاذ محمود، ولا الإشادة به. ولكنا نريد منهم أن يعطوه من الإهتمام ما يفرضه عليهم واجبهم العلمي، كأكاديميين. وأول ذلك الواجب، التوثيق لفكر الرجل ودراسته. أليس غريبا، وشاذا أن تخلو الدوريات الجامعية عن إي إشارة لفكر الأستاذ محمود، وكأنه شخص لم يوجد أصلاً، ولم يعبر يوماً ما في حياتنا هذه، ولم يترك وراءه مخطوطة؟ أليس غريبا، ألا يجد الأكاديميون والمثقفون في الأقطار العربية الإسلامية، حين يتحدثون عن ضرورة التجديد في الفكر الإسلامي، ما يشيرون إليه سوى محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، ورشيد رضا؟ من هذه الزاوية ـ أعني زاوية ـ التقيد بالأعراف المهنية الأكاديمية التي تفرض على الأكاديمي ملاحظة حركة الواقع الثقافي والفكري حوله، ورصدها تتم محاكمتنا للأكاديميين، والمثقفين، الصامتين, ومن هذه الزاوية يجيء إحناء هامتنا للدكتور عبدالله بولا، أجلالا. أخي ود قاسم هناك "حسابات دنيوية" تصرف الكثيرين من التقيد بأخلاقيات المهنة الأكاديمية، ويجب ألا نغفل عن تلك "الحسابات". المؤسسات الأكاديمية في منطقتنا، ليست في غالب حالها سوى تابع ذليل للأنظمة القائمة. هذه ليست مؤسسات بحثية، ولا يحزنون. وهي بحالها هذا، إنما تُخَرَّج، في أغلب أمرها، من يغزلون على نفس المغزل. نعم هناك استثناءات وأذكر من الإستثناءات، على سبيل المثال، لا الحصر، الدكتور منصور خالد، والدكتور عبدالله بولا، والدكتور حيدر إبراهيم، والدكتور محمد أحد محمود، والدكتور حسن مكي. أما الدكتور عبدالله النعيم، فهو جمهوري وهو الذي أشعل، مع آخرين، جذوة الإهتمام بفكر الأستاذ محمود في كثير من الجامعات الغربية.
| |
|
|
|
|
|
|
Desole, for this miserable participation (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الساعة تعدت التاسعة مساء مواعيد النوم( نعم أنا كائن داجن) ، و كما قلت أني كفرت محمود محمد طه في بداية عهدي به،كإنسانه ملتزم بالمنهج الديني المدرسي، و ألهته و نزعت بشريته في مرحلة المثاقفة الفاشلة. أرجو أن أكون قد وصلت إلى حكمة التوسط. كنت أحاول من مشاركاتي هنا أو في منبر الفكرة أن ألمح دوما إلى فكرة الأصحاب و الأخوان، مشيرة إلى ظن مني أن الأستاذ كان محاطا بالأصحاب الذين أحبوه و ناصروه، و ان أوان بزوغ الأخوان الذين يجلون فكره. حقيقة دون مجاملة الدكتور عبد الله بولا أصاب الـ Bulls'eye بذكره لنقطتي الإعتراض في فكر الأستاذ(المفكر بلا شك منهجا، و أفكارا) و هما الرق، و المرأة...و أضيف الحدود. عفوا لا أستطيع الرجوع إلى النصوص الأصلية في كتابات الأستاذ رجاء ان يتمها المهتمين. الأول في المرأة، والتي حاول الاستاذ الخروج من سلطة العقل الذكوري المهيمن حتى يومنا هذا، و لا ألومه فسلطته لها سطوة. القول بأن المرأة في مقام العبد من الرب. بمعنى أن الرب الSubject و العبد الobject هذا في العلاقة الرأسية، أما في العلاقة الأفقية فالمرأة الobject و الرجل الsubjectو مهما قلنا فهي في مقام الدون...و كذلك في تفسير للرجال عليهن درجة، و التي في النهاية و بعد مماحكة في هذه النقطة، اعتقدأنه أرجأها إلى تجريب الرجل للأخلاق و مفاهيمها بدلا من اتباعها كالمرأة. أعتقد ورود هذه الرؤية هو في كتاب الأحوال الشخصية. و من ولهي بكتابات الأستاذ في تلك الفترة حاولت أن أجد التبرير لذلك دون جدوى. لكن يا دكتور بولا...فلنا لا ننسى أن الأستاذ مفكر ديني يعتمد القران كدليل لمنهجه..و لي رأي يعزف بي عن الكتابة هذه الأيام و هو الخطاب الذكوري في القران، سواء في ايات الفروع أو الأصول...أشير تحديدا إلى الجزاء الأخروي بالنساء(الحور العين) مع التأكيد على مفهوم العذرية كمعيار لتقييم المرأة( لم يطمثهن إنس قبلهم و لا جان) ثم معيار التقييم بقمع المرأة( مقصورات في الخيام) مهما ذهبنا في توصيف ماهية الحور العين(إنس و لا شي ثاني) فالتوصيف الأنثوي واضح. لذا طرحت فكرة أن القران و الديانات السماوية التي لم تظهر في سيادة العهد الذكوري هي مشاريع إصلاحية لهذا العهد، حتى يقوم من داخله و تقف المرأة ند للرجل، و تختلف أحد أهن الثنائيات في التاريخ البشري (ادم و حواء) خطوة نحو التوحيد. بالنسبة للرق، الرأي رغم قسوته يحمل شيء من الصحة، لكن في مجال ضيق، مجل الإستثناء، لا أتحدث عن ظاهرة العبد، بل سيكولوجية العبد( المرأة، أو رد فعل أفراد من الأقليات) نفي الكرامة و الرضوخ للسلطة الأقوى، هؤلاء خصصت لهم طريقة معاملة خاصة للنهوض بهم . لكن ظاهرة الرق هي عمليه تاريخية طويلة، لا علاقة لها بعدم مسئولية المستعبد كما يقول الأستاذ. لكن...كنت أؤكد شخصيا على الرق، لأني قلت الرق قد يتخذ أشكالا و ممارسات غير الجنازير و البيع . و هو موجود لأنالنظام الذكوري يعتمد المنهج الهرمي،أعلى و أسفل. (هناك إفتراض أن هذا هو الأصل و عكس للنظام السواس معبود وعابد، ربما و ربما العكس صحيح كما يرى القمني أن رؤيتنا للإله بحسب موقفنا و موروثنا الحضاري ). أرى أن الأستاذ خطا خطوة إلى الأمام عن القطيع( التفكير المتشابه و النمطي و المنأخر في الدين) و ذلك بإقرار الفطرة ، ثم محاول إيجاد النص الديني الداعم لها، بدلا من تطويع الفطرة للنص الديني (ليس بشكل ثابت ، تارة يتقدم إلى الأمام، و تارة يحكمه النص الديني) لذا في مسألة الحدود خطا خطوة إلى الأمام في أنسنة التشريع، بجعله يخص المحدود، بأنه تهذيب له و معونة له، بدلا من كونها حماية للمجتمع منه و إنصافا للمظلوم(لاحظ قوله في قطع اليد، و الزنافي الرسالة الثانية). لكنه تأخر في When it should be applied بإستثناء في حديثه عن صعوبة تحقيق عقوبة الزنا. لكن شحرور عممها بحيث أنها بالكاد يمكن أن تتطبق من كلمة حد و هي الطرف، نهاية الشيء. و الله تاريهه الكلام كثير و ما قصرت تب ككائن داجن يلا سلام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: osama elkhawad)
|
شكرا الأخت ميسون على الزيارة استوقفتني عبارتك: ((كنت أحاول من مشاركاتي هنا أو في منبر الفكرة أن ألمح دوما إلى فكرة الأصحاب والأخوان، مشيرة إلى ظن مني أن الأستاذ كان محاطا بالأصحاب الذين أحبوه وناصروه، وآن أوان بزوغ الأخوان الذين يجلون فكره)). فقد رُوي عن الأستاذ محمود قوله: ((أنا مقدس عند الجمهوريين.. أنا لا أريد أن أكون مقدس، وإنما محترم)) .. ولقد آن الأوان بالفعل، لكي نُخرج الأستاذ محمود "المحترم" من الأستاذ محمود "المقدس". وهذا يمثل ضمن ما يمثل، باباً في الخروج من "الصحبة"، إلى "الأخوة".
ذكرت أيضا، كيف أنك انتقلت من نقيض المُكَفِّر لفكر الرجل، بناءً على "كتاب الدين المدرسي"، إلى نقيض "المُؤَلِّه له"، على أيام "المثاقفة الفاشلة"، كما وردت عبارتك. وقلت أنك الآن تضعين قدميك على أرض التوسط، وما أعظمها من أرض.
فكرة "الإخوان" و"الأصحاب" قامت على الحديث النبوي المعروف ((واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم اصحابي .....)). وهذا المعنى متضمن في عنوان السفر الذي وعد الأستاذ محمود محمد طه، بكتابته. وهو كتاب ((العصر الذهبي للإسلام أمامنا)). ولم يجد الأستاذ محمود فرصة لكتابة هذا السفر حتى يوم استشهاده. والمهم في كل كل هذا، أن ما تم في القرن السابع الميلادي من تحول كبير، ليس سوى مقدمة لتحول أكبر يتم في مقبل الأيام.
وعن مفهوم "الأصحاب" و"الإخوان"، جاء في بعض أبياتٍ للشيخ العارف، عبد الغني النابلسي ما يلي:
نحن إخـوانُ النبيِ المصـطفى، ودَّ لو كان رآنا، وكفى وهم الأصحـابُ كانوا قبلنا، جاء هذا، في حديثٍ، يُقتفى
إلى أن يقول:
شرطوا الرؤيةَ بالعينِ، فمن نالها منه، فبالجسـمِ اكتفى وَشَرَطْنَا الذاتَ للذاتِ ترى، رؤيةَ التحقيقِ، من غيرِ خفا فاعرفوا بالفرقِ ما بينهما، فاز بالإحسـانِ من قد عَرَفَا
والبيتان الأخيران يشيران إلى واحدة من روايات هذا الحديث النبوي، العظيم، حين سأل الأصحاب النبي الكريم قائلين: ((من إخوانك يارسول الله؟ قال: قوم آمنوا بي ولم يروني)). وهو ما عبر عنه النابلسي بقوله: ((وشرطنا الذات للذات ترى، رؤية التحقيق، من غير خفا)). أما الرواية الأخرى في إجابة النبي على سؤال الأصحاب، فتقول: ((قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعين منكم)). وبيت القصيد في كل ما تقدم هو الإنفتاح على مفهوم التطور، ومفهوم الحركة. وهذا يعني أن التاريخ لا يقف، ولا يرجع، ولا يكرر نفسه. والمهم هنا هو ضرورة تحرير العقل الإسلامي من عقيدة أن أفضل ما يمكن أن يتم، قد تم في الماضي!
أيضا روي أن رجلا صالحا يسمى "أويس القرني" قد عاصر النبي الكريم. وكان أويس هذا يعيش في اليمن. وقد منعته ملازمته لأمه المريضة، من لقاء النبي. وكان النبي يقول لأصحابه: ((إذا لقيتم العبد الصالح أويس، فاسألوه الدعاء)). وكان الأصحاب يعجبون من قول النبي عن ذلك الرجل الذي لم يأت أصلا للقاء النبي. ويُروى أن بعض الأصحاب الذين ذهبوا إلى اليمن عقب وفاة النبي الكريم، قد لقوا أويسا هذا. ويُروى أنه سألهم: ((هل رأيتم النبي؟)). فقالوا: نعم: فقال لهم: ((والله ما رأيتموه إلا كالسيف في غمده!!)).
يشكك بعض المؤرخين في حقيقة أويس القرني هذا، ويعتبرونه شخصية أسطورية أبتدعها المخيال الشعبي. غير أن ذلك لا يهم، في تقديري. فكثير من المعاني العظيمة، في التاريخ الإنساني، قد وردت في قصص. وكل ما تعلق بالمعنى، إنما هو خيال في خيال، كما ذكر إبن عربي. ولا أقول هذا لكوني أسلِّم بما قاله هؤلاء المؤرخون المتشككون، في حقيقة أويس القرني. وإنما أقوله لأشير إلى أن المجادلات التاريخية التي قدحت في حقيقة هذا الرجل، لا تقدم ولا تؤخر كثيرا. فالتاريخ ليس كله، حقائق ناصعة، كما يظن البعض، فهو لا يخلو في أفضل حالاته من الخيال.
تفطن الصوفية منذ القرون الإسلامية الأولى إلى مقامات النبي الكريم. فقد عرفوه كنبي، وكرسولٍ، وكولي. وجاء في أدبيات الأستاذ محمود محمد طه أن "النبوة" مقام بين مقامين، قمته ولاية، وقاعدته رسالة. فالنبي في مقام "النبوة" يتلقى عن الله عن طريق جبريل. فـ "الحقيقة المحمدية" في مقام النبوة، محكومة بالنص المرقوم. أما في مستوى الولاية فإن "الحقيقة المحمدية" منفتحة على الذات القديمة، وتتلقى منها بلا واسطة. ومقامها مقام لا يطاله جبريل. وهي بهذا المعنى فوق النص المرقوم. أما الرسالة فهي تنزل النبوة لحاجات وطاقات الناس في الظرف الزمكاني المعين.
في إيضاح مقامه كرسول، قال النبي الكريم: ((نحن معاشر الأنبياء أمرنا ان نخاطب الناس على قدر عقولهم)). وفي بيانه لسموق ولايته، قال: ((لي ساعة مع الله لا يسعني فيها نبيٌ مرسل، ولا ملك مقرب)). وتتحدث الأدبيات الصوفية كثيرا عن "الحقيقة المحمدية". غير أن ما جاء به الأستاذ محمود محمد طه هو في تقديري، الأنصع، والأوضح، في هذا السياق. فـعبارت "الحقيقة المحمدية"، أو "الإنسان الكامل"، أو "المسيح" ليست سوى إشارة إلى مرتبة الوعي بالوجود، التى تمثل القنطرة الرابطة بين عالمي الغيب والشهادة. أي بين عالم "اللاهوت والناسوت" حسب المصطلح الصوفي. وهذه القنطرة نقطة متحركة، تتسع، وتتعمق كلما عبرت الحياة من الأدنى إلى الأعلى، ومن البسيط إلى المركب. فـ "الحقيقة المحمدية" لم تكن غائبة عن عالم الخلق في يوم من الأيام. وهذا معنى العبارة النبوية: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين)). من هنا تجيء ضرورة استصحاب هذا المفهوم المتقدم لـ "الحقيقة المحمدية" وتجلياتها المختلفة، حين ننظر إلى التجربة الإسلامية في القرن السابع الميلادي. فتلك التجربة تنزل ملائم للظرف التاريخي المتشكل حينها. ومن نفس المنظور يمكننا النظر إلى التجربة العيسوية المسيحية، والتجربة اليهودية في كل تجلياتها التاريخية عودا إلى إسلام إبراهيم. فحين نتحدث عن الفضاء الروحاني الكوكبي في كل تجلياته فإننا إنما نتحدث عن شيء واحد يتجلى في كل ظرف على هيئة تتناسب والظرف التاريخي. ولذلك لابد من استصحاب هذا المنظور حين النظر إلى قضية الرق، وقضية المرأة، وسائر القضايا العرفانية، والسلوكية.
تحفظ أستاذنا بولا على قول الأستاذ محمود بأن الإسلام قد أستخدم السيف ((كما يستخدم الطبيب المبضع، وليس كما يستخدم الجزار المدية)). وحاجج بولا بالتجاوزات التي وقعت من بعض الأصحاب، وهذه ثابتة تاريخيا. وكما تفضل قصي من قبل، فإن تلك التجاوزات لا تحسب على المبدأ، أو على الممارسة النبوية، بقدر ما تحسب ضد الأشخاص الذين قاموا بتلك الممارسات، لأمرٍ في نفسهم. والثابت أن الإسلام تحول بعد سنوات قليلة من موت النبي إلى مُلكٍ عضوض. الشاهد البارز الذي لا يجب القفز فوقه هو أن النبي لم يكن ملكاً. وقد وقف كثير من الباحثين عند هذه النقطة. ومن اساب أنكار اليهود لنبوة النبي، هو أن أنبياءهم كانوا ملوكاً، وظاهرة النبي الفقير، المعدم، ظاهرة غير مالوفة في أدبياتهم، فهم قد كانوا في انتظار نبي ملك. ولنفس السبب سخر اليهود من نبوة عيسى عليه السلام. ومسألة حرص النبي محمد على رفض مظهر الملك، مسالة شديدة الأهمية، ما كان يجب أن تفوت على أستاذنا بولا. فالمحارب الذي يفتح البلاد تلك الفتوحات الكبيرة، ويخضع الممالك والإمبراطوريات عادةً ما يتحول، في رمشة عين، إلى ملك، أو إلى إمبراطور. وقد حدث هذا بالفعل لكبار الأصحاب بعد الفتنة الكبرى. الشاهد أن النبي، عاش نبياً، معدما فقيرا، ومات نبياً معدماً فقيرا. وحين مات كانت درعه لا تزال مرهونة لدى يهودي. هذه حقيقة ناصعة في المعنى الإنساني للنبوة، تستدعي الوقوف الفاحص عندها. فهي تشير أإلى دافعٍ للفعل الخَيِّر، غير مألوف. من كانت تلك حاله حتى بعد الفتوحات، لايمكن أن يكون قد استخدم السيف "كمدية الجزار". هذا رجل صاحب قضية واضحة متعلقة بالتحرير وبدفع الواقع في وجهة الكمال الإنساني، بما يسمح به الظرف التاريخي المحيط به. لم يكن النبي طالب ملك أو جاه، أو ثروة. وقد قال هو: ((خيرت بين أن أكون نبيا ملكاً، وبين أن أكون نبيَّا عبداً، فاخترت أن أكون نبياً عبدا)). ولقد أخبر بذلك إمام المديح البصيري، في بردته حين قال:
وراودته الجبالُ الشمُّ من ذهبٍ عن نفسـهِ، فأراها أيَّما شَََمَمِ وأكَّدتْ زهدَه فيها ضرورتُه، إن الضرورةَ لا تعدو على العِصَمِ
جاء في كتاب "الثورة الثقافية" للاستاذ محمود محمد طه تحت عنوان: ((الثورة الإسلامية الأولى))
((إن الثورة حين تكون عنيفة، إنما تحمل عناصر فنائها في عنفها لأنها لا تملك، مع العنف، أن تعتدل، فلقد وردت كلمة عن المسيح يقول فيها: "من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ" ولكن الثورات لا تملك أن تجد طريقها ميسراً، حتى تستغنى عن العنف، ذلك بأن رواسب قانون الغابة، وأفكار عهد الغابة، تبرر في نظر المغلوب، العبارة المأثورة: "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" .. والقوة عندهم هنا ليست كما هي عندنا في العبارات التي إقتبسناها من كتاب "لا إله إلا الله" .. وإنما القوة هنا مرادفة للعنف.
إن التحول، والتغيير، والثورة، التي تتم عن طريق الإقناع، والفكر، هي التغيير المأمون العواقب، الثابت، الذي يطرد كل حين ولا ينتكس .. ولكن محاولة مثل هذه الثورة الفكرية السليمة، إنما هي محاولة مكتوب عليها الفشل، إذا جاءت في غير أوانها .. ويمكن القول، على التحقيق، بأن التغييرات التي حدثت في المجتمع البشري جمعيها، قد كانت القوة فيها مدفوعة إلى إستعمال العنف، لأن المستوي البشري، في الماضي، وإلى يوم الناس هذا، لم يبلغ المستوى الذي يغني القوة عن إستعمال العنف .. والثورة الإسلامية مثل من أبلغ الأمثلة في التاريخ، على إضطرار الثائر للجوء إلى العنف، بعد محاولة طويلة، و جادة، في تجنبه .. لقد جاءت الدعوة الإسلامية في القرآن، تركز على الإقناع، وتمنع العنف، بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ .. يقول تعالى لنبيه: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن .. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين* وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به .. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين* وأصبر !! وما صبرك إلا بالله .. ولا تحزن عليهم .. ولاتك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين إتقوا والذين هم محسنون" ويقول تعالى: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة .. إدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيم" .. ويقول تعالى: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر" ويقول تعالى: "لا إكراه في الدين ! ! قد تبين الرشد من الغي" .. قوله " لا إكراه في الدين" منع للعنف واضح .. قوله: "قد تبين الرشد من الغي" دعوة إلى تبيين الحق، من الباطل، بلسان الحال أولاً ثم بلسان المقال .. وهي دعوة إلى القوة ـ قوة الخلق، وقوة الفكرـ اللذين بهما يكون الإقناع .. ويقول تعالى، في موضع آخر: "وقل الحق من ربكم ، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر .." وإستمر القرآن على هذا النهج، يدعو إلى القوة ، ويمنع العنف، مدى ثلاث عشرة سنة، يبتغي التغيير عن طريق الإقناع .. وكان المجتمع مجتمعاً عبودياً .. وقد جاءت دعوة القرآن إلى التحرير، وإلى المساواة بين الناس .. فهي تقول: "ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى" .. وتقول: "كلكم لآدم و آدم من تراب .. إن أكرمكم عند الله تقاكم" وهي تدعو إلى التوحيد، و تقول للناس قولوا "لا إله إلا الله" .. ومعنى هذه هو القول للمستضعفين والمسترقين .. للعبيد من أمثال بلال و صهيب .. يا بلال !! أنت وسيدك إلهكم واحد !! وأن عندك الفرصة في أن تكون خيراً منه، إن كنت أتقى منه .. "أن أكرمكم عند الله أتقاكم" .. ولما شعر الأقوياء علي العهد الجاهلي، وأصحاب الإمتياز، وملاك العبيد، أن هذه الدعوة ستقوض نفوذهم وتحرر عبيدهم، وهدم القاعدة الإقتصادية عندهم، وتغير ميزان القيم في مجتمعهم، قاوموها .. وكعادة دهاء أصحاب النفوذ، قاوموها بدعوى الدفاع عن آلهة الأجداد، ودين الآباء .. وقالوا: إن هذا الداعية الجديد يسب آلهتنا، ويسفه أحلام آبائنا .. وليست هذه هي الأسباب الحقيقية .. فقد كانت آلهتهم أصناماً من الحجر .. وكانوا هم، على التحقيق، أذكى من أن يدافعوا عن هذه الأحجار، لكن الأحجار كانت، في الواقع رمز نفوذهم، و سيادتهم، وإمتيازهم على العرب .. فهم إذن إنما كانوا يدافعون عن مصالحهم المادية .. وتفلت ألسنتهم، الفينة بعد الفينة، بالسبب الحقيقي لعداوتهم للدعوة الجديدة .. قالوا مرة مثلاً: "أن محمداً يفسد علينا غلماننا" .. لقد قُومت الدعوة الجديدة إلى التغيير، إذن، بدوافع من الحرص على الإبقاء على الإمتياز المتوارث .. و لم تنجح حيلة من الحيل في إقناع أعدائها بالتنازل عن إمتلاك رقاب البشر .. ولم يبق إذن إلا أن تلجأ القوة إلى العنف .. و شئ آخر، فإنه ، حتى المستضعفين، لم تستطع الدعوة الجديدة أن تكسبهم إلى جانبها، وما ذاك إلا لأنهم قد سقطوا فريسة لتضليل أصحاب النفوذ الذين كانوا يستغلون جهلهم، ويحركون عاطفتهم إذ يتحدثون عن ميراث الآباء، والأجداد، وهم لا يهمهم من ذلك إلا إستمرار نفوذهم .. يقول تعالى في الحكاية عنهم: "أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون؟؟ * بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ، وإنا على آثارهم مهتدون * وكذلك، ما أرسلنا، من قبلك، في قرية، من نذير، إلا قال مترفوها: إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون * قل: أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟؟ قالوا: إنا بما أرسلتم به كافرون" .. وقال تعالى عنهم: " ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات، وما في الأرض، و أسبغ عليكم نعمه، ظاهرة وباطنة ؟؟ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير * و إذا قيل لهم: أتبعوا ما أنزل الله قالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا .. أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير؟؟". ثم إنهم لما قويت معارضتهم للدعوة الجديدة، التي ترمي إلى التغيير من غير عنف، تفننوا في تضليل السذج، و البسطاء، ليقفوا ضد مصالح أنفسهم، وأصبح واضحاً أن ليست هناك فرصة للإقناع، ووجدت الدعوة الجديدة نفسها مضطرة للجوء إلى العنف، سحبت آيات الإسماح، و نزل قرآن الجهاد ـ القرأن الذي يأمر القوة بإستعمال العنف .. وقد ظن بعض الناس أن الإسلام لم يستعمل العنف إلا دفاعاً عن النفس .. وإنما ساقهم إلى هذا الخطأ بعض ملابسات التاريخ الإسلامي في نشأته، وظنهم أن إستعمال العنف، من حيث هو، أمر معيب، وحرصهم على الدفاع عن الإسلام مما يعتبر نقصاً في حقه، في إعتبار خصومهم .. والحق أن سبب لجوء الإسلام إلى السيف إنما يجئ من جهتين، أولاهما: المقاومة التي لقيها من أصحاب النفوذ و ممن وقعوا تحت تضليلهم، أو تحت إرهابهم من المستضعفين .. وآخراهما: إستحالة الإقناع في وقت لم تكن العقول فيه مستنيرة بإنتشار التعليم، ولا القلوب فيه سليمة بتوفر أسباب الأمن .. وإنما بدأ القرآن بتقديم آيات الإسماح، و بالتركيز عليها، لكونها الأصل. ثم لما ظهر ، ظهوراً عملياً، أن الوقت غير مهيأ لتطبيق هذا الأصل، نزل عنه على حكم الوقت، وإستبدله بالآيات الفرعية لتكون مرحلة تعد الناس للإرتفاع إلى مستوى الأصول وذلك بأن يكونوا قادرين على رؤية الحق، وعلى التمييز الدقيق بينه، و بين الباطل .. ويومئذ تكون قوة الحق كافية لإحداث التغيير إلى الأحسن، بين الأفراد والمجتمعات، من غير حاجة إلى اللجوء إلى العنف .. إن الأصل في اللجوء إلى العنف، إنما هو مصادرة حرية من يسئ التصرف في إستعمال الحرية .. فإن الناس لم يخلقوا عبثاً، وإنما خلقوا لحكمة .. هذه الحكمة هي أن يعرفوا الحق، و أن يلزموا الحق، وأن يكونوا بالحق أحراراً .. وقد قال الله في تقرير هذا: "وماخلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزقٍ، وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" .. فإذا كانت الحكمة من خلق الناس هي أن يعبدوا الله، ثم أن الله أسبغ عليهم نعمه من جميع أنواعها فكفروا بها، و عبدوا الحجارة التي ينحتونها بأيديهم، مهدرين بذلك كرامة عقولهم، و إنسانيتهم، فأرسل الله إليهم رسولاً ، يعرفون فيه كمالات الصدق، والخلق، وأنزل عليهم قرآناً معجزاً، ثم لم يكن ردهم على كل أولئك، إلا الإصرار على الضلال ،و الغواية، والكفر، فقد دل ذلك على أنهم لا يحسنون التصرف في حريتهم، وأنهم لا يزالون في حاجة إلى وصاية عليهم تحملهم على الجادة، و تصادر من حريتهم القدر الزائد عما يطيقون حسن التصرف فيه .. إن سبب العنف، هو سوء التصرف في ممارسة الحرية من المدعوين ـ سبب إستعمال السيف هو نفسه سبب العقوبة بالنار في الآخرة، و لذلك فإنه تبارك وتعالى قد قال: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر * إلا من تولى و كفر * فيعذبه الله العذاب الأكبر * إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم *" ففي قوله تعالى: " فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر *" أمر للإسماح بالحرية ومنع للتسلط بالقوة، وحد السلاح .. ثم جاء نسخ النهي عن التسلط في حق من تولى و كفر فقال: "إلا من تولى، وكفر" .. فكأنه قال .. أما من تولى وكفر فقد جعلنا لك عليه سلطاناً .. هذا يؤخذ من قوله: "فيعذبه الله العذاب الأكبر" .. ففي عبارة "العذاب الأكبر" تنطوي عبارة العذاب الأصغر، وهو العذاب بالسيف .. ومن أوضح الدلائل علىأن سبب العنف في الإسلام هو الكفر قوله تعالى: "و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة، و يكون الدين لله .. فإن إنتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" .. هذا هو سبب القتال في الإسلام. ولكنه لم يبدأ إلا بعد أن قوي المسلمون بالقدر الكافي ليستطيعوا أن يناجزوا، وإلا بعد أن أعطى الكافرين الزمن الكافي ليرعووا .. وكل هذا وضع طبيعي، ومنطقي .. وهذا الإمهال هو الذي ضلل من ظنوا أن الإسلام لم يقاتل إلا دفاعاً عن النفس .. قوله: "و قاتلوهم" أمر صريح بالقتال .. قوله: "حتى لا تكون فتنة" غاية صريحة من وراء القتال .. والفتنة معناها الشرك .. وحتى "يكون الدين لله" أمر صريح أيضاً في سبب القتال .. ثم قال: "فإن إنتهوا" يعني عن الشرك .. قال: "فلا عدوان إلا على الظالمين" عنى بالظالمين الخارجين على القانون ممن دخلوا في ظل الإسلام .. فكأنه أمر بمصادرة حرية من يسئ التصرف في الحرية على مستويين: علىمستوى السيف، وعلى مستوى القانون. فأما الذين يرفضون الدخول في ظل الإسلام فليس هناك قانون لمصادرة حريتهم التي أساءوا التصرف فيها، بإصرارهم على الكفر، إلا قانون الحرب ـ إلا السيف ـ ومن ههنا يجئ لجوء القوة إلى العنف .. والمستوى الآخر هو مصادرة حرية الذين يظلمون الناس، ويعتدون على حقوق الآخرين، و لكنهم هم قد دخلوا في دعوة الإسلام .. فهؤلاء يقع "العدوان" على حريتهم ، حين أساءوا التصرف فيها، بالقانون، لأنهم مذعنون لجملة الأمر، فلا موجب لقتالهم .. ومن ههنا جاء قوله تعالى: "فلا عدوان إلا على الظالمين"، بعد أن قال: "فإن إنتهوا" .. أقرأ مرة أخرى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ، فإن إنتهوا فلا عدوان إلا علىالظالمين". إن الأصل في الإنسان، كل إنسان إنه حر، حتى يعجز عن حسن التصرف في حريته، فإذا عجز صودرت حريته بقانون دستوري .. وغرض القانون، حين يصادر حرية العاجز، إنما هو تربيته ليكون كيساً، فطناً، قادراً على حسن التصرف في حريته، في مستأنف أمره .. هذا هو السبب الذي جعل الإسلام "القرآن" يبدأ بعرض الحرية على الناس في عهده المكي، و ذلك بإنزال آيات أصول الدين، ثم بالإستمرار علىذلك ثلاث عشرة سنة .. فلما ظهر، ظهوراً عملياً، أن الناس، بحكم الوقت، عاجزون عن حسن التصرف في الحرية، صودرت حريتهم ، بإستبدال آيات الأصول بآيات الفروع التي بها وقعت مصادرة الحريات، في مستوى السيف للجاحدين، وفي مستوى قانون الوصاية للمؤمنين .. إن الإسلام في عهده الأول، قد إستعمل السيف كما يستعمل الطبيب المبضع، لا كما يستعمل الجزار المدية .. فقد وجهت قوته الحكمة والرحمة، ما في ذلك ريب، و لكن قد كانت القوة فيه مقترنة بالعنف، ما في ذلك ريب أيضاً "يا أيها النبي جاهد الكفار، المنافقين، وأغلظ عليهم، ومأواهم جهنم وبئس المصير" .. "يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة .. وأعلموا أن الله مع المتقين" .. فلكأن تاريخ البشرية، في جميع صوره الماضية، قد إقترنت فيه القوة بالعنف، حتى في الصور الملطفة التي يمثـلها الجهاد في سبيـل الله في الإسلام .. ولكن مستقبل البشرية سيدخله حدث جديد يتمثل في طلاق القوة من العنف .. وهذا هو جوهر دعوتنا، نحن الجمهوريين، إلى بعث الإسلام، ببعث "لا إله إلا الله" في مستوى آيات الأصول، التي كانت، في عهد الإسلام الأول، منـسوخة، وهو أمر قد تحدثنا عنه بإستفاضة في كتابنا: "الرسالة الثانية من الإسلام" .. فليراجع في موضعه)). . أنتهى نص الأستاذ محمود
أسهبت في نقل هذا النص من كتاب "الثورة الثقافية" لكي أشير إلى القراءة المتميزة للأستاذ محمود محمد طه، لـ "ثورة الإسلام الأولى" التي اقترنت فيها القوة بالعنف. وكما هو واضح من نص الأستاذ محمود، أن الغرض الأساسي قد كان التحرير، والتغيير. وقد أشار الأستاذ محمود في بداية نفس الكتاب، إلى قولة ماركس: ((العنف والقوة هما الوسيلتان الوحيدتان لإحداث أي تغيير أساسي في المجتمع)). وقد ذكر الأستاذ محمود في مقام آخر، أن ماركس إنما كان يترجم عن ماضي الإنسانية في هذه الوجهة، بأكثر مما كان يترجم عن مستقبلها. فقد درس ماركس الماضي بعناية، وعرف كيف يحافظ أهل الجاه والسلطان على جاههم وسلطانهم، مما حدا به إلى القول بضرورة العنف لإحداث أي تغير أساسي. وهذا ما جعل الأستاذ محمود يقول إن ماركس أخطأ حين "سحب ماضي البشرية على مستقبلها".. والإسلام لم يُوجد الرق، وإنما وجده قائما. بل إن الإسلام قد ظهر، في مجتمع عبودي، كما وردت عبارة الأستاذ محمود عاليه، واتجه الإسلام، أول ما اتجه، إلى مساواة العبيد في القيمة مع أسيادهم، مما أكسبه عداوة الوجهاء، والمالكين، وأجج جذوة معارضتهم لتلك الثورة. نعم، لم يمح الإسلام الرق، بجرة قلم، وإنما تبناه كأسلوب لقهر المعارضين للقيم الجديدة، بعد أن حارب من قاموا ثورته الإصلاحية، وهزمهم. وفي هذا جاءت عبارة الأستاذ أن الإسلام قد جعل من يرفض العبودية لله، عبدا للعبد. وقال إن في ذلك منح فرصة لهذه الفئة المقهورة بوسيلة الجهاد، فرصة العيش بلا حقوق وسط المسلمين، حتى تتعرف على القيم الجديدة، التي جاءت بها الدعوة الجديدة.ومعلوم أن الإسلام قد جاء بنظام "العتق"، وحض على العتق، وجعله كفارة، وتقربا. وكل ذلك غنما كان تابعا لفكرة الجهاد نفسها، وفكرة الوصاية، ومنسجم معها. وإن كان هناك نقد فيجب أن يوجه إلى أصل المسالة، وهو تشريع الجهاد نفسه، ومحاولة تغيير المجتمع بالعنف. فكل صور الوصاية الأخرى، إنما هي متفرعة من تشريع الجهاد. وقد بين الأستاذ محمود بما لا مزيد عليه، حكمة الجهاد، والوصاية في الماضي، وضرورة الإنتقال من التغيير بوسيلة العنف، التي كانت جزءا من ثقافة الحقب الماضية، إلى نهج التغيير السلمي الذي يمثل اضوأ وابهى ما في الحقب الحاضرة. الشاهد هو، علينا أن نكون حذرين، فلا ندع مقارباتنا تندفع في وجهة محاكمة قيم مجتمع القرن السابع، بمعايير قيم عصرنا الحاضر، التي تولدت لاحقا.
حين أعود سوف أقارب موضوع الدرجة، والخطاب الذكوري، وغيرها من قضايا "الجندر".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: osama elkhawad)
|
أعود لأعلق حول مسألة درجة الرجال على النساء مما ورد في النص القرآني: ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)). لقد اعتمد الأستاذ محمود هذه الآية أساسا للإنتقال من مرحلة الوصاية على النساء، التي اتسم بها تشريع الرسالة الأولى، إلى مرحلة المسؤولية، والمساواة التامة أمام القانون. فالآية تبدأ: ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)). وقد شرحها الأستاذ محمود أن لهن من الحقوق، مثل ما عليهن من الواجبات. فإذا تعلمت المرأة في كلية القانون، مثلا، وتأهلت علميا لكي تصبح قاضية، فإن (المعروف)، وهو العرف الصالح، يقضي بأن يُسمح لها بتولي القضاء. ومعلوم أن شريعة الفروع لا تقبل شهادة المرأة، إلا ومعها إمرأة أخرى (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الآخرى) ولذلك لا مجال للمرأة في شريعة الفروع، في تولي القضاء. (لا يفلح قوم ولَّوْا أمرهم إمرأة).
إذن الدرجة لا علاقة لها بالمساواة أمام القانون. وقد أشار استاذنا بولا إلى ذلك. وقد انطلقت فكرة الأستاذ محمود، أساسا من القول بأفضلية مطلق رجل على مطلق إمرأة، قول غير صحيح، ولا تسنده شواهد الواقع. والدرجة المشار إليها في آية الأصل، إنما تعني توصيف هيئة الوحدة الإجتماعية المتحدة برابطة الزواج. ولابد من استصحاب مفهوم (زواج الشريعة) و(زواج الحقيقة) الذي أسس له الأستاذ محمود محمد طه. فالدرجة مربوطة بزواج الحقيقة. أي حين يقع الإختيار الصحيح، ويتم التطابق الكامل. ففي هذا المستوى فإن زوجتك هي صنو نفسك، وهي إنبثاق نفسك عنك خارجك. في هذا المستوى يجيء الحديث عن الدرجة. فهرم الوحدة الإجتماعية، من زوج وزوجة، له قاعدة، وله قمة. وشأنه في ذلك، شأن أي شيء آخر. وهذا يحتاج إلى شرح، وسأعود له لاحقا. فقمة هذا الهرم "الذكورة"، وقاعدته "الأنوثة". وقد ورد في كتاب تطوير شريعة الأحوال الشخصية، أن الرجال في هذا الطور الذي نحن فيه الآن، ليسوا كاملي الذكور، وكذلك الإناث لسن كاملات الأنوثة. وقد ورد الشرح بأننا رجالا ونساء، إنما نرث في أجسادنا خليطا من الذكورة والأنوثة، بحكم أننا نرث تكويننا من رجل هو الأب، ومن إمرأة هي الأم. كل ما في الأمر، أن حظ الإناث من الأنوثة، أكبر من حظهن من الذكورة، وحظ الذكور من الذكورة، أكبر من حظهم من الأنوثة. ومعنى هذا ان التطور سوف يجئ، في مقبل الأيام، بالرجل كامل الذكورة، وبالمرأة كاملة الأنوثة. وأعني هنا الكمال النسبي، فالكمال المطلق، وجوده أقرب ما يكون إلى الوجود النظري الضروري لحفز الحركة.
ولقد وردت الإشارة إلى مثل هذه المعاني في كتابات الصوفية، وخاصة كتابات محي الدين بن عربي. وكلها قامت على تأويل الاية الكريمة ((يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) وقد جاء شرح الأستاذ محمود بأن النفس الواحدة التي خلقنا منها هي نفس الذات القديمة. وزوج الذات القديمة إنما هو الإنسان الكامل. وهو هو العبد الكامل العبودية. فالرب فاعل، والعبد منفعل. ومن تلك جاء التنزل في مستوى علاقة آدم بحواء، أو قل كل رجل وإمرأة ضمهما (زواج حقيقة). فآدم، من حيث هو، فاعل، وحواء، من حيث هي، منفعلة. هذا في جملة الصورة، ولكن في التفاصيل كثير مما يمكن أن يقال في شرح كل ذلك.
يحرص الأستاذ محمود محمد طه كثيرا على الإشارة إلى أن المساواة بين الرجال والنساء، "مساواة قيمة" وليست "مساواة مسطرة". فللكيان الذكوري خصائص، وللكيان الأنثوي خصائص. ونحن لا نقول باختلاف الخصائص، كما يقول به السلفيون، الذين يبررون به الإبقاء على الأوضاع القائمة، من قهر الرجال للنساء، ووصايتهم عليهن، وغمطهن حقهن في المساواة أمام القانون. نحن نقول بذلك لتأكيد ضرورة العرفان في التعليم. فمعرفة طبيعة هذه العلاقة، على المستوى العرفاني، له اثره البالغ على تجويد السلوك. وتجويد السلوك ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة للحياة الكاملة التي يرد تعبير الأستاذ محمودة عنها بأنها ((الحياة التي لا تؤوفها آفة، ولا يُنَقِّصُهَا مُنَقِّص)).
هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من الشرح. وزمني لا يسمح الآن. سأعود لاحقا.
| |
|
|
|
|
|
|
في المديح المجاني وغياب الرؤية النقدية وذهنية "الحافظ" (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
كنت حقيقة اريد التعليق على مقال بولا حول التجديد الذي نشره الدكتور النور وقد بدات ذلك باشارة لطيفة للصديق والاستاذ بولا
وقد بدات ذلك بالتعليق حول ندرة المراجع في الدراسةوخاصة نصوص الاستاذ نفسه
وهي ندرة يعاني منها الباحثون السودانيون خاصة الموجودين خارج السودان بالنسبة للدراسات السودانية
وقد قلت لاستاذي وصديقي بولا الاتي في بوست الترحيب به الاتي:
Quote: بس عندي ملاحظة واحدة معليش,
انك قيمت مساهمة الاستاذ محمود استنادا الى كتابين فقط من كتبه ,
وهما الرسالة الثانية في الاسلام,
ورسالة الصلاة
واشرت في الفقرة الثالثة اشارة عابرة الى كتاب اخر
هل تعتقد ان هذين الكتابين يمكن ان يكونا كافيين لمثل العنوان الاتي:
"محاولة للتعريف بمساهمة الأستاذ محمود محمد طه في حركة التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر؟؟؟"
Quote: انا اعرف ان بولا باحث مدقق, واعتقد لو كتب مقاله المنشور الان من جديد بالاستعانة بالفكرة دوت اورق فبالتاكيد سيصل لنتائج اعمق بكثير من تلك التي توصل اليها بالاستناد الى مرجعين فقط
ومن هنا الاهمية الفائقة والعظيمة والتي بلا حدود قطعا لموقع الفكرة
وهذه مراجع بولا المتعلقة بنصوص الاستاذ محمود محمد طه:
1اشار بولا اشارة عابرة لهذا الكتاب اي "الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين (2) "رسالة الصلاة"، أمدرمان، بلا تاريخ (النسخة التي عندي منزوعة الغلاف في الواقع (3) الرسالة الثانية من الإسلام
ولهذا اعتقد ان الدراسة اساسا تعاني من خلل بنيوي واضح الاوهو عدم مقاربة كل الخطاب المحمودي, كما انها لم تنوه الى الشح الحاد في المصادر الاولية المتعلقة بمساهمة الاستاذ محمود في حركة التجديد الفكري الاسلامي المعاصر,
فالعنوان طموح ,لكن لا يمكن تناول مساهمة الاستاذ من خلال كتابين فقط.
وحتى لو اراد الكاتب ان يتناول تلك المساهمة من خلال كتابين فقط, فكان عليه ان يوجد مبررات بحثية مقنعة, وهذي لا يمكن ان تتم باي حال من الاحوال دون الاطلاع على الخطاب كله
ولعل بولا لن يختلف معي في هذه النقطة المنهجية , فهذه دراسة قاصرة اساسا لقصور مراجعها , وانعدام اي مبرر بحثي للاستناد فقط على كتابين .
لم يبق في راي للكاتب من مبرر , سوى ان يتحدث عن الظروف البحثية الصعبة التي احاطت بالمقال نقسه,
ولهذا لا ارى –للاسف- ان المديح التالي الذي ازجاه حافظ النصوص المحمودية الدكتور النور, ينطبق على مقال بمثل هذا النقص البنيوي الواضح لاي باحث مبتدئ:
"وتكمن أهمية ورقة بولا هذه، في كونها أسست" للسمت المنهجي الوقور"، الذي يجب أن يكون عليه حال المقاربات التي تناقش فكر مفكر من عيار الأستاذ محمود محمد طه."
، ورغم قله نصوص الاستاذ محمود في الدراسة فان "الحافظ الاكبر" يتحدث عن بولا " وحسن إطلاعه، وفهمه، وتدبره، لنصوص الأستاذ محمود محمد طه."
ورغم شح النصوص , فان الدكتور النور لا يتردد في وصف المقال, بانه "قدم نموذجا للأمانة العلمية، والتأني البحثي"، والمثابرة العلمية."
ثم يكرر نفس الاحتفاء المجاني قائلا:
"نحن نحتفي بمقال بولا، لأنه صدر من عالم، محقق، أوضح في كل جزئية من جزئيات مقاربته، معرفته الوثيقة بعمق الأفكار التي يناقشها، وبسموق قامة صاحب تلك الأفكار، أيضا"
ورغم ما في المقال من خلل واضح في المامه بمجمل الخطاب المحمودي ,
الا ان الدكتور النور لا يتورع من وصف مقال بولا بانه" مقال نقدي انموذج"
ورغم الهنات الواضحة والتي لن ينكرها بولا ,
فيبدو ان الغرض الخفي من ذلك" ضرب عصفورين بمقال واحد" , كما يتضح في كلامه الاتي عني وعن الاستاذ ابوبكر القاضي حين قال مسترسلا :
"في ذات الوقت الذي طفحت فيه على السطح، مقاربات نقدية، "مكلفتة" استهدفت فكر الأستاذ محمود محمد طه. وهي مقاربات متعجلة، أقرب ما تكون إلى عمليات "سلق البيض"، كما في نموذجي الأستاذ أسامة الخواض، والأستاذ أبوبكر القاضي."
المقال والتحدي الفكري:
كنت اتعشم من حافظ لنصوص الاستاذ مثل النور ان ينتبه على الاقل لشح المصادر الاولية,
الا وهي نصوص الاستاذ محمود نفسه,
ولم ينتبه لذلك لان "الحافظ" اصلا وبطبيعة تركيبه بلا بصيرة بحثية.
وان كان ان الامر لا يحتاج لبصيرة نافذة.
اعتقد ان التقريظ الاساس للمقال هو ما قاله الدكتور النور حمد حين قال:
" ونحن نحتفي به لأن فيه تحديا فكريا لنا. وهو تحدي مولد لمزيد من الفكر، ومزيد من القدرة على تشقيق المعاني,"
ولكن ماذا حدث فعليا ؟؟
لم نقرا من مساهمة سوى لاخي قصي وارى انه ذو بصيرة نافذة لو تعامل بشكل نقدي وعندما لم يساهم احد من المحتفلين بالمقال, كرر الدكتور النور دعوته للمساهمة في نقد المقال حين قال
"شكرا للأخوين حيدر بدوي وأحمد الحسين أتوقع منكما ومن غيركما من الجمهوريين تناول ورقة بولا بالتوسيع وبمناقشة ما أثار من قضايا، كلٌ من زاويته، ومشهده. "
ثم قال الاخ الحبيب ياسر الشريف في نفس المنحىالاتي:
"أرجو أن أقرأ رأي إخواني الجمهوريين في ما قلت، كما أرجوهم الكتابة في اتجاه الإجابة على السؤال الذي جعلته عنوانا لهذه المساهمة وهو أمر يختص بالتجديد، وبالحداثة، وما بعد الحداثة، وليس فقط ما بعد 18 يناير 1985 ولا 11 سبتمبر 2001.."
ولكن الواضح انه "
اسمعت اذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
وساعود للحديث عن مشكلات القراءة الحافظة كما عند الدكتور النور حمد
وارقدوا عافية
المشاء
(عدل بواسطة osama elkhawad on 07-07-2004, 05:33 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الاخ العزيز قصي همرور
كلامي عن رايي النقدي في ورقة بولا ما زلت متمسكا به
وكنت لا اريد الخوض فيه-رغم ان هذا من حقي- لو ان بولا التقط اشارتي اللطيفة تلك
وعندما اتحدث عن المديح والاحتفاء المجانيين , فان هذا امر لا يخص بولا باي حال من الاحوال, فهو قد قال كلمته ومضى , وما زال امامه من مساحات لتطوير ما قصر عنه نتيجة نقص المصادر,
عندما اتحدث عن المجانية الاحتفاحة المادحة-اواصل-, فهذا امر لا يخص الممدوح باي حال من الاحوال,
وانما يخص المادح اي الدكتور النور حمد,
ويكشف مدى بصيرته في القراءة ,
ومدى فهمه "للمقاربة" و"المنهجية" و"التاني العلمي" و"المثابرة"
كما ارجو ان انبه الى انني على الاطلاق لا اقارن مساهمتي التي لم تنته بعد, بمساهمة بولا , وما ذكرته عن احاطتها بموضوعها اي مساهمة الاستاذ محمود في حركة التجديد المعاصر,
هو امر واضح لاي باحث
كما ان منهجي مختلف عن منهج الاستاذ بولا
اما كلامك عن تطبيق منهج "ادبي" حسب تسميتك له على خطاب فكري,
فهذا يدل على انك تفهم "التناص" باعتباره علاقة نص ادبي باخر, مفهوم التناص ينطبق على كل النصوص في العالم,
وقد قلت في مقام اخر الا احد خارج التناص, الا ادم -كما يرى احد اباء مفهوم التناص اي -باختين- بالمفهوم اليهودي, في حين ان المفهوم الاسلامي يرى ادم متناصا مع كلام الله, كما في الاية الكريمة"وعلم ادم الاسماء كلها"
ومنهجي لم يكن قاصرا على التناص, وانما هو منهج Interdisciplinary approach
بمعنى انه مركب من حقول معرفية مختلفة
اما كلامك عن مقاربة اكاديمية لعمل غير اكاديمي , او استعارة منهج من حقل معرفي اخر لمقاربة منهج من حقل مغاير,
فاعتقد ان النقد المعاصر تجاوز ذلك بكثير, وما تقوله هو من بقايا مناهج البحث التقليدية
اما كلامك عن مساهمة الدكتور النور,
فانا لا ارى الدكتور النور حمد باحثا ذا قراءة نقدية,
رغم احتفائي باسلوبه الجميل الاخاذ,
واسمي مساهمته قراءة حافظة,
وهنالك عوامل كثيرة لا تمكنه ان يكون باحثا ذا قراءة نقدية للخطاب المحمودي,
ساتي اليها لاحقا,
ولو كان عند بولا ما يحفظه دكتور النور ,
لكانت مساهمته اي بولا اكثر عمقا بكثير
Bold Text
وساعود
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
أستاذي النور
يعز علي جدا أن اتلقى اعتذارا منك.. فأنا لا أستطيع رده لانه أتانى منك.. ولا أستطيع قبوله والسكون إليه لأني لا أستحقه
من أجل التوضيح.. يجب أن أذكر أن الأستاذ النور قد نبهني بشكل واضح-قبل أن يسلمني صورة للمقالة من "رواق عربي"- لموضوع حساسية طباعتي لمقالة الأستاذ بولا.. وقد أشار تحديدا إلى موضوع حساسية الأستاذ بولا تجاه الأخطاء المطبعية.. وعليه فقد أقبلت أنا وتبرعت بطباعة المقالة بكامل إرادتي.. ولا مناص لي من تحمل مسؤولية ماجرى مني من تلك الأخطاء
أرجو أن يشركني الأستاذ النور معه في صيغة الإعتذار للأستاذ بولا، وذلك على تقدير أخف حمل يجب علي حمله
مع جم إحترامي
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
بعد التقريع الذي وجهته الاخت الاستاذة نجاة الي الدكتور النور حمد وقصي علي تقصيرهم في طباعة ورقة الدكتور بولا وعدم اخذ الاذن منه وتوقيت نشرها هنا ، لم اكن اتصور ان يلقي الاخوين الكريمين النور وقصي مزيدا من التقريع والماخذة من الدكتور بولا ،بل كنت اتوقع من بولا ان يطيب خاطرهم بعد كلمات نجاة التي اكلوها في جلدهم، انا مقدر جدا لحساسية بولا من الاخطاء المطبعية ولظروفه ومشغولاته وعدم تمكنه من متابعة اي بوست اخر بخلاف بوست الترحيب ،لكن الحصل حصل والامر لم يكن يتطلب المزيد من التقريع وتقديم الاعتذارت، خاصة ان الاستاذة نجاة قامت بتصحيح الاخطاء في حدود طاقتها ،علاوة علي ما ذكره الدكتور ياسر من ان الورقة الاصلية اصلا بها اخطاء بسبب اعتماد بولا علي طبعة جديدة من كتاب الرسالة الثانية شابتهابعض الاخطاء
| |
|
|
|
|
|
|
في مديح الشح العالي (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
Quote: شكرا اخي ياسر على هذا التوضيح
وانا كما قلت قبل ذلك اعتقد ان الظروف التي كتب فيها المقال,
اتسمت بشح في المراجع الاولية
واتضح اكثر من ذلك ان النسخة التي اعتمد عليها بولا -كما تفضلت اخي ياسر-
لم تتم مقارنتها بالطبعات الاخرى
ولهذا ارى ان المقال ينبغي ان يقيم في حدود هذا الشح البنيوي في المراجع الاولية
|
Quote: وكنت اتمنى لو كفانا الدكتور النور ذلك لو اشار الى ما ذكرنا,
لكنه اندفع في مديح عال لا يناسب سمته الاكاديمي |
ارقد عافية
وقد قرات مصطفى محمود ...الخ
وساعود للتعليق عليه
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
لا بديل للدقة والمنهجية الا الفوضى او المديح المجاني (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
Quote: عزيزي الفيا
سلام
اولا انا ما منزعج من قراءة بولا
ثانيا انت غلطان
لم اتحدث عن رؤية بولا ,
رغم انني ارى انها محدودة بمحدودية وقلة المراجع الاولية
انا اتحدث عن المديح المجاني كما في حالة الدكتور النور
اذا انت لا تابه بالمنهجية
فانا غير ذلك
ولا اعتقد ان بولا لا يعير بالا للمنهجية ودقة البحث وشموله وتبرير ذلك
ومن الاول انا قلت انو المشكلة مافي الممدوح , بل في المادح |
وهذا ما لزم توضيحه
مع شكري على استفهامك
ارقد عافية
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا بديل للدقة والمنهجية الا الفوضى او المديح المجاني (Re: osama elkhawad)
|
اي منهجية واي دقة لا تري فيما نختلف فيه مع الاخرين سوي الفوضي
فاما ان تري ما يراه الخواض ، والا فانت تفتقد الدقة والمنهجية !
ان يؤسسس الخواض ،نقده كله للفكر الجمهوري ،علي كلمة قاموسية واحدة محكومة بسياقها ،فهذا منتهي الدقة والمنهجية ،
ولكن ان يؤسس دكتور بولا تقييمه لمساهمة الاستاذ محمود التجديدية ،علي الكتابين الاساسيين للاستاذ ،فهذا عدم دقة وعدم منهجية ومديح عال وفوضي،
ملعون ابو المنهجية وابو اليوم الدخلها اللغة العربية يا شيخ !!
| |
|
|
|
|
|
|
الاستاذ محمود: القران ليس لغة, انما "كلام الله" (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
Quote: القرآن هو همس أقدام ذات (نفس) الله وهي تتنزل من الإطلاق إلى القيد ..
ولقد تركت هذه الأقدام آثارها في الزمان والمكان ..
ثم جاء القرآن يقتفي هذه الآثار، ليبينها للسالكين إلى الله في إطلاقه
|
نعود اخي الحبيب ياسر الى اشارتك اللطيفة الى مفهوم الاستاذ محمود للتطور
كما قلت من قبل ان المشروع الذي تحدثنا عن اي التناص في الخطاب المحمودي , يحتاج الى مجموعات من الباحثين المتعمقين في الخطاب المحمودي والمفهوم المتناص معه
لذلك مثلا اكتفيت بالحديث عن مصطلحي الحضارة والمدنية , باعتباري متخصصا في العلوم الاجتماعية
كما اواصل الان الكتابة عن " البدائية", باعتبارها "مصطلحا" اساسيا في فهم الخطاب المحمودي, وليس باعتبارها "كلمة قاموسية",
نحن لا نتعامل مع مجرد كلمات , وانما عن مفاهيم ومصطلحات لها جذورها في علوم كثيرة
ولهذا, فان مفهوم التطور, يحتاج الى باحثين يعرفون جيدا الخطاب المحمودي وايضا نظرية التطور ,
وقس على ذلك بقية المصطلحات التي تشكل ما اسميناه "شبكة المفاهيم المحمودية"
ولي راي في رد الاستاذ محمود على مصطفى محمود , ساقوله في حينه
لكن الكتاب نفسه من الدرر المحمودية في التاويل وتفجير اللغة , بطريقة تبز احيانا النفري وابن عربي والحلاج,
فتامل هذا التعريف للقران, والذي اعتقد انه من اجمل التعاريف التي قراتها على الاطلاق للقران,
يقول الاستاذ محمود في تعريف القران الاتي:
القرآن هو همس أقدام ذات (نفس) الله وهي تتنزل من الإطلاق إلى القيد .. ولقد تركت هذه الأقدام آثارها في الزمان والمكان .. ثم جاء القرآن يقتفي هذه الآثار، ليبينها للسالكين إلى الله في إطلاقه
كما نجد ان الاستاذ محمود لا يعتقد ان القران هو محض لغة,
وقد سبق للاستاذ عبداللطيف ان اشار الى ان القران "هو كلام الله"
وهذا ما يقول به الاستاذ محمود حين قال:
وأخلاق الله هي القرآن .. وهذا هو معنى قولنا (أن القرآن هو كلام الله) .. هذا مجمل الأمر .. ولكن أخلاق الله، لكي تفهم، ولكي تقلد، لا بد في أمرها من التفصيل، وكذلك كان التفصيل في القرآن. وعن تنزلات القرآن هذه قال تعالى: (وقرآنا فرقناه، لتقرأه على الناس على مكث، ونزلناه تنزيلا) .. فالقرآن في مقام الجمع، والفرقان في مقام الفرق .. وقوله (فرقناه) تعني: فرقناه من بعد جمعية، فعددنا وجوهه .. وتعني أنزلناه منجما، ومفرقا .. وقوله: (ونزلناه تنزيلا) .. يعني تنزيلا من بعد تنزيل، في مراتب التنزلات السبع، التي سلفت الإشارة إليها .. وهذه التنزلات إنما هي تنزلات الذات، من صرافتها إلى مراتب الصفات .. وهذه الصفات أعلاها صفة الحياة، وأدناها صفة الكلام، وهي مرتبة على هذا النحو: الله حي، وعالم، ومريد، وقادر، وسميع، وبصير، ومتكلم .ثم
يستمر قائلا:"
والقرآن العربي الذي هو بين دفتي المصحف الآن هو كلامه تعالى .. قال تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله، ثم أبلغه مأمنه .. ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) .. ولكن يجب أن يكون واضحا فإن هذا القرآن العربي ليس له معنى واحد، هو ما تعطيه اللفظة العربية، وإنما معانيه لا تحصى، ولا تستنفد .. ولكل حرف منه معنى، من حيث صفة الحياة، ومن حيث صفة العلم، ومن حيث صفة الإرادة، ومن حيث صفة القدرة، ومن حيث صفة السمع، ومن حيث صفة البصر، ومن حيث صفة الكلام .. كل أولئك في آن معا
والذات إنما تنزلت لنفهم عنها، وهذه العلة في التنزل هي نفسها العلة في كلام الله باللغة العربية .. وفي جعل القرآن عربيا .. قال تعالى في ذلك: (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) .. فعلة جعله قرآنا عربيا إذن هي: (لعلكم تعقلون) .. وأما حقيقته، فإنما هي فوق اللغة العربية: (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) .. و(لدينا) هنا، كما أسلفنا، ليست ظرف زمان، ولا ظرف مكان، وإنما هي للتناهي، حيث ينعدم الزمان، والمكان، وذلك حيث الذات بلا كيفية نعلمها – حيث لا حيث – وللقرآن، في كل منزلة، من منازل الذات السبع، معنى يختلف اختلاف مقدار عن سابقه .. ونحن لا نعرف إلا طرفا حتى مما يعطيه ظاهر اللفظ ..
وهذا هو ظاهر القرآن، وهو منطقة الشريعة الظاهرة .. ثم تدق معاني القرآن صعدا، من مستوى ما يحوي اللفظ من معان، إلى مستوى ما يعطي اللفظ من إشارة .. (الإشارة التي هي في صور الكلمات)، إلى مستوى ما تعطي الإشارة، (الإشارة التي هي في صور الحروف)، إلى مستوى ما تنقطع العبارة، والإشارة .. وهذا هو السر في أن القرآن افتتح تسعا وعشرين سورة من سوره بأحرف الهجاء .
وما من مفسر للقرآن يحق له، كمفسر، أن يتحدث عن تفسير الحروف، لسبب واحد بسيط هو أن معانيها، خارجة عن مستوى التفسير، وداخلة في منطقة التأويل .. هي قمة هرم المعاني، في حين تكون الكلمات قاعدة هذا الهرم .. ولذلك فإن المفسرين لم يسعهم، عند الكلام عن الحروف، إلا أن يقولوا: (الله أعلم بمراده) .. يعني (ولا يعلم تأويله إلا الله) .. ومن خاض في تفسيره، في معنى الحروف، من المفسرين، لم يأت بشئ يحسن السكوت عليه ويقول الاستاذ معلقا على فصل"المعمار القراني" في كلام يشبه كلام الجرجاني في اعجاز القران:
والذي لا يروقني في هذا الفصل هو تركيزه على مباني القرآن إلى الحد الذي يجعلني أخشى على القراء أن ينصرفوا عن المعاني إلى المباني .. ألست أنت تدعو إلى ذلك، بإرادة منك، أو بغير إرادة، حين تقول من صفحة 20: (إنا لسنا أمام معنى فقط .. وإنما نحن بالدرجة الأولى أمام معمار ..)؟؟ أنظر إلى عبارة: (بالدرجة الأولى)!! إن القرآن قد استخدم اللغة العربية استخداما معجزا، ما في ذلك أدنى ريب، ولكن، مع ذلك، ولعله، رغم ذلك، فإن إعجاز القرآن في المعاني، وليس في اللغة .
ثم يقول بعد ذلك:
"وأخشى ما أخشاه عليك، وعلى القراء، هو ظنك هذا الذي وردت العبارة عنه، في صفحة 20، بقولك: (إنه قرآن في لغته. أما في اللغات الأخرى فهو شيء آخر غير القرآن. وإنا أنزلناه قرآنا عربيا، وفي هذا تحديد فاصل) .. وأنا إنما كرهت لك هذا الفصل لأنه يمد في ضلال قديم هو اعتبار أن معاني القرآن إنما تلتمس في اللغة العربية .. هذا الضلال قد أنى له أن يصحح، ولقد كنت أنت، ولا تزال عندي، من المرجويين لتصحيحه، ذلك لأنك ذكي، ولأنك زكي، ولأنك عالم ..
إن القرآن ليست له لغة، وإنما اتخذ اللغة العربية وسيطا إلى الوصول إلى لغته .. ما هي لغته؟؟ هي أناغيم النفس الإنسانية التي تنساب في أودية قد تحجبت بحجب الأنوار، وبحجب الظلمات .. ولقد أشرنا إلى ذلك في حديثنا، في هذا الكتاب، عند الكلام عن الحروف .. إن القرآن ليست له لغة بالمعنى الذي نعرفه للغة .. أقرأ: (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعلي حكيم) .. هذا هو القرآن، وهذه هي لغته .
ويقول في كتابة "الاسلام" ايضا:
ولا بد من كلمة قصيرة عن وسائل التجربة الدينية ، وأولها وأولاها ، القرآن ، ونحن نسمع الناس يقولون أن القرآن كلام الله ، فما معنى هذا ؟؟ إن الله ليس كأحدنا ، وليس كلامه ككلامنا ، بأصوات تنسل من الحناجر ، فتقرع الآذان..
إن كلام الله خلق.. فالشمس تطلع ، فترسل الضوء ، والحرارة ، فتبخر الحرارة الماء ، وتثير الرياح ، وتحرك الهواء ، وتحمل الرياح بخار الماء ، في سحب كثيفة ، إلى بلد بعيد ، فينزل المطر ، فيروي الأرض ، ويحييها بعد موتها ، فينبت الزرع ، وتدب الحياة ، بمختلف صورها ، وشكولها.. هذه صورة موجزة ، قاصرة ، مفككة الحلقات ، لكلام الله . فالقرآن صورة هذا الكلام ، أو قل هذا العلم ، مفرغ في قوالب التعبير العربية.. ويظن كثير من كبار العلماء أن القرآن هو اللغة العربية ، وذلك خطأ شنيع.. وهو خطأ جعلهم يلتمسون معاني القرآن في اللغة العربية ، فانحجبوا بالكلمات ، وهم يظنون أنهم على شئ.. واللغة أساسا ، نشأت بدوافع الحاجة اليومية ، في الحياة الجسدية ، فهي ، مهما تطورت ، فإنها تعجز ، كل العجز ، عن تحمل معنى كلام الله. وهي ، على خير حالاتها ، لا تقوم منه إلا مقام الرمز ، والإشارة.. والقرآن لا يدع لنا مجالا للشك طويلا ، فهو يقول ((الم* ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين)) والإشارة هنا ((بـذلك)) إلى ((الم)).
ويقول ايضا في نفس الكتاب اي "الاسلام" :
"وأحب أن أنبه القارئ إلى ما سبق تقريره عن القرآن من أنه كلام الله بمعنى أنه صورة لفظية لإيجاد الله الوجود ، وخلقه الخلق في الزمان والمكان ، والآيتان السابقتان مثل بليغ في هذا ، فإن الإشارة إلى ((الطين)) تعني الخلق في طور الجمادات ، والسوائل ، والغازات ، تلك التي قلت أن الله سيرها تسييرا مباشرا ، والإشارة بكلمة ((سويته)) تعني الخلق في طوري النبات ، والحيوان ، بجميع صوره ، وهو ما قلنا أن الله سيره ، بإرادة الحياة ، تسييرا شبه مباشر ، والإشارة بقوله ((ونفخت فيه من روحي)) تعني الخلق في مرتبة الإنسان ، وهو ما قلنا أن الله سيره ، بإرادة الحرية ، تسييرا غير مباشر.. وهذه الآيات الثلاث أوضح في الدلالة على حقيقة القرآن ، استمعوا إليها ((الذي أحسن كل شئ خلقه ، وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين * ثم سواه ، ونفخ فيه من روحه ، وجعل لكم السمع ، والأبصار ، والأفئدة ، قليلا ما تشكرون)).
واتمنى من الاستاذ عبداللطيف على الفكي , اذا سمحت ظروفه, ان يعلق لنا على مفهوم الاستاذ محمود للقران على اساس انه كلام الله , وانه ليس لغة.
مع تقديري
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاستاذ محمود: القران ليس لغة, انما "كلام الله" (Re: osama elkhawad)
|
أشكرك يا أخي أسامة على هذه المداخلة المتفردة.. وكما قلت أنت فإن كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" من الكتب النادرة.. والتي يظهر فيها علم الأستاذ محمود ودقته.. والكتاب يعطي كل إنسان الفرصة لتوحيد ذاته.. بل إن إهداء الكتاب نفسه يشير إلى ذلك، فهو يعتبر أن الموعود المنتظر هو في داخل كل إنسان في الحقيقة..
Quote: إلى الذي ظلت البشرية ..
تنتظره
وتترقب ظهوره ..
إلى الإنسان!!
ثم .. إلى الرجال والنسوان
هل تحلمون به؟؟
إنه فيكم!!
يظهره القرآن .. |
وأشكرك على تنبيهي لهذه المداخلة في بوست عماد البليك.. وأرجو أن أجد الوقت للمشاركة.. وفي الحقيقة فإن الأستاذ محمود قد قال أن الناس لم يعودوا في حاجة لنزول الوحي بعد اكتمال نزول القرآن.. وقال أن الأوائل لم يفضوا من أختام القرآن غير ختم الغلاف.. أتمنى لك قراءة ممتعة في الكتاب.. خاصة مسألة الخلق والتطور..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
كتب عبدالله بولا
Quote: ولابد أن نفراً من البورداب (أغلبهم) في الواقع قد فهموا أن حرية المنبر تجيز الاستيلاء على نصوص الكتاب من غير إذنٍ ولا علمٍ منهم. |
الاستاذ عبدالله بولا
انا احد الذين قاموا بنسخ المقال بل وطباعته و تداوله بين بعض المهتمين بالفكر الجمهوري .
أعتذر عن ذلك السلوك الغير حضاري ولكنا وجدنا مادة يمكن بنقاشها ان نخضع الفكرة الجمهورية لمزيد من البحث و النقد .
اكرر اسفي و اعتذاري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الصديق أسامة الخواض
سبق لي أن دافعت عنك حينما قرأت كلماتٍ جارحة جاورت حد الإساءة قد وصلت إليك. وقد نالني من جراء هذا الدفاع عنك ما نالني من رشاش، منه اتهامٌ مبطنٌ مجانيٌ بأنني قد أكون وراء تحريضك (أو "تحريشك")!!! ولا وقت لي للتعليق على مثل هذه الأحكام الجزافية. فما أنا بصدده هنا أن أسألك عن هذه الكلمات الجارحة التي وجهتها للصديق النور حمد، وهي ليست جارحة تجاور حد الإساءة وإنما هي كلمات مسيئة بالفعل. فلماذا؟ لماذا؟ لماذا ؟ لماذا يا أسامة هذا التجاوز لكل تقاليد الحوار الرصين؟ لماذا هذا العنف اللفظي الذي لا مبرر له؟ لماذا مواصلة الإساءة وأنت ترى أن النور، الحيي الرقيق بطبعه، لم يعلق على كلماتك الجارحة؟
وإن لم تدقق ملياً في ما كتبت، فتعال معي نقرأ بعض نماذجٍ من عباراتك الجائرة في حقه:
"ولهذا لا ارى –للاسف- ان المديح التالي الذي ازجاه حافظ النصوص المحمودية الدكتور النور, ينطبق على مقال بمثل هذا النقص البنيوي الواضح لاي باحث مبتدئ"
كيف يفوت على النور يا أسامة ما هو واضحٌ لأي باحثٍ مبتدئ؟ لقد دافعت من قبل عن مكابدتك في دروب البحث الأكاديمي، والآن أطلب منك أيضاً أن تحترم إنجاز النور في دروب البحث الأكاديمي، والذي لا أعتقد إنه إنجازٌ توقف بنيله لشهادة الدكتوراه التي هي درجة رفيعة في مراقي البحث. إن احتفاء النور بورقة بولا قد جاء لانضباطها، ورصانتها، وتعريفها الدقيق الواضح بجوهر فكر الأستاذ محمود (وقد كان محور عدد رواق عربي الذي ضمّ هذه الدراسة مخصصٌ لحركة التنوير في الفكر العربي المعاصر)، وهو رأيٌ يوافقه فيه الكثيرون ممن قرأوها. واذكر إنه حينما صدر هذا العدد من رواق عربي أن الاتصالات الهاتفية كانت ترد لبولا، من الأصدقاء ومن المهتمين بالفكر الجمهوري، من كل أنحاء العالم للإشادة بها. وأعني بذلك أن "مديح" النور لهذه الورقة، لم يكن "مدحاً" وحيداً، فقد قوبلت الورقة بفيضٍ كبيرٍ من الاحتفاء.
ثم دعنا نقرأ عبارتك التالية:
"ورغم ما في المقال من خلل واضح في المامه بمجمل الخطاب المحمودي , الا ان الدكتور النور لا يتورع من وصف مقال بولا بانه" مقال نقدي انموذج" ورغم الهنات الواضحة والتي لن ينكرها بولا , فيبدو ان الغرض الخفي من ذلك" ضرب عصفورين بمقال واحد" ,
فيما يختص بورقة بولا، فإنني اتفق جزئياً مع الأخ قصي (وأشكر لهذا البوست أن عرفني به وبقلمه الرصين المستنير) في قوله: "أن بولا بحكم معايشته اللصيقة للحركة الجمهورية في زمانها وبحكم معرفته الشخصية بالأستاذ محمود وبفكره كان قادرا على أن يعتمد على كتابين من كتب الأستاذ في مقالته تلك.. وهذان الكتابان منهما الكتاب الأم للفكرة الجمهورية (الرسالة الثانية من الإسلام).. والأستاذ بولا بشكل عام تحدث عن (التجديد الديني في فكر الأستاذ) ومن ثم اتضح من مقاله أنه يتحدث بشكل خاص عن تطوير التشريع في فكر الأستاذ.. ولهذا فإن الحديث عن قصور مقالته لنقص المصادر هو أمر لا أوافقك عليه".
اتفق معه جزئياً في معايشة بولا اللصيقة للحركة الجمهورية ومعرفته الشخصية، وأضيف إليها "الوثيقة"، بالأستاذ محمود وبفكره. وأختلف معه في أن بولا حينما كتب هذه الدراسة (التي لا اتفق مع النور في تسميتها "مقالةً"، علماً بأن مجلة رواق عربي قد أسمتها "دراسة"، بينما أسماها بولا "محاولة") لم يعتمد فقط على كتابين من كتب الأستاذ محمود. فاستشهاد بولا في هذه الدراسة بمقتطفات وإشارات أخذها من ثلاثة كتب من أعماله لا يعني إن معرفته بنصوص الأستاذ محمود وبفكره (ولا أتفق معك على تسميته بالفكر "المحمودي"، ليس لأن المصطلح، كما أشار النور في بوست "البدائية"، يستخدمه الإخوان المسلمون من باب الإستهانة بفكر الأستاذ محمود فحسب، وإنما لعدم دقته، وهذا موضوع لا يمكن لي تناوله في معرض هذا الرد) تنحصر في حدود قراءته وإطلاعه على الكتب الثلاثة التي أشرت إليها. فمن الممكن للعارف والملم، أن يتناول فكراً ما بالفحص والدراسة، دون أي استشهادٍ من الأعمال المؤسِسَة لهذا الفكر. والأمثلة عديدة في مجالي البحث العلمي والدراسات.
ثم أنظر يا أسامة لهذه الإستهانة بالآخر التي تصل إلى حد استصغاره والنيل من قدراته: "كنت اتعشم من حافظ لنصوص الاستاذ مثل النور ان ينتبه على الاقل لشح المصادر الاولية, الا وهي نصوص الاستاذ محمود نفسه, ولم ينتبه لذلك لان "الحافظ" اصلا وبطبيعة تركيبه بلا بصيرة بحثية. وان كان ان الامر لا يحتاج لبصيرة نافذة.
ولنقرأ معها أخيراً قولك عن النور في معرض تعقيبك على قصي، الذي لا أتردد في وصفه بأنه قولٌ جائر وجارح:
"اما كلامك عن مساهمة الدكتور النور, فانا لا ارى الدكتور النور حمد باحثا ذا قراءة نقدية, رغم احتفائي باسلوبه الجميل الاخاذ, واسمي مساهمته قراءة حافظة, وهنالك عوامل كثيرة لا تمكنه ان يكون باحثا ذا قراءة نقدية للخطاب المحمودي, ساتي اليها لاحقا, ولو كان عند بولا ما يحفظه دكتور النور , لكانت مساهمته اي بولا اكثر عمقا بكثير"
ما رأيك يا أسامة في أن بولا لا يقل كثيراً عن النور في حفظه لنصوص الأستاذ محمود؟ وإن كثيراً من الباحثين السودانيين وغير السودانيين، والجمهوريين وغير الجمهوريين، يتصلون به للتأكد من أن مقولة ما من مقولات الأستاذ محمود قد وردت في هذا العمل أم ذاك؟ وفي الغالب يدهشني بولا بـ "حفظه". أخاف يا أسامة أن تكون أنت الذي أراد ضرب عصفورين بحجرٍ واحد. والحفظ يا أسامة درجات. فهناك الحفظ ولا شيء غيره، وهناك الحفظ المستوعب للعمل المعني استيعاباً كاملاً وحسب، وهناك الحفظ القادر على الإضاءة والاستضاءة والنقد والإضافة والتجاوز. وفي دائرة هذا النوع الأخير من الحفظ يقع "حفظ" النور. فليس هناك ما يمنعه من "أن يكون باحثا ذا قراءة نقدية للخطاب المحمودي"، كما تقول.
أرجو أن تتقبل كلامي بصدرٍ رحب، وأن تراجع كلماتك غير المنصفة في حق النور، ليستعدل النقاش بشكلٍ موضوعي، متعقل، خالٍ من الأحكام الجائرة. باختصار، أن يكون نقاشاً معافى. وقد قدم النور لفتةً طيبة من أجل إجلاء ساحة هذا النقاش من أي شائبة، وإن كانت متأخرة، ولكنها لفتةٌ تمسك بها النور، حيث لم يرد منه ردٌ على كل كلماتك التي أشرتُ أنا إليها هنا، بسبب طبعه الرقيق الحيي، ولحرصه، كما هو واضحٌ، على موضوعية النقاش وانضباطه.
وللجميع خالص شكري ومودتي. نجاة
(عدل بواسطة Nagat Mohamed Ali on 07-11-2004, 11:49 PM) (عدل بواسطة Nagat Mohamed Ali on 07-11-2004, 11:56 PM) (عدل بواسطة Nagat Mohamed Ali on 07-12-2004, 00:04 AM) (عدل بواسطة Nagat Mohamed Ali on 07-12-2004, 11:49 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
عزيزي النور، أخلص تحياتي وكثير محبتي،
معذرة على هذا الخطاب العمومي. فلم تعُد عندي مروة ولا أي فسحة وقت من أي شاكلةٍ كانت. والوقت الذي أكتب فيه هذا التعقيب مخصوم على ما يأتي، ومصيره أن يصبح "دَيْناً بايت" أو هالك في "رصيدي" من وقت الكتابة ومن عموم مقومات حياة الفكر والشعور. وقد تحدثتُ كثيراً عن شُح وقتي "العالي"، (وصفة "العلو" لا تلحق بوقتي بل بشحه)، وشقائي المتقادم المتراكم. وأيقنتُ أخيراً من أنه لا قدرة لأحدٍ على تصور ذلك. وأسلمتُ أمري للريح والأنواء. وأيقنتُ بأنني من غُزية. عزيزي النور "هادي اللنا خايف مِنْها". وأصل المثل أن صديقي الحميم الأستاذ حامد مشمور، عميد كلية اللغات بجامعة سبها عاصمة الجنوب الليبي، التي كنا نعمل بها نجاة وشخصي، بقسم الترجمة والتعريب، ألحّتَ عليه زوجته يوماً أن يوصلها بسيارته إلى بيت "المرابْطَهْ"، وهي في المصطلح الشعبي الليبي، الفقيرة والطبيبة البلدية والمُعراقيَّه، وأخصائية الأمراض الناجمة عن الأسحار مما جميعو. فقال لها حامد "خليني يا مَرَة، بالك نروحوا نوصلوك حدا باب المرابطه، يطلع لي عبد الله، يَشْبَحْني (يراني) وجهي في وَجَهَه، عاد شن بنقول لَهْ". وكنتُ أنا أسكن في البيت المجاور للمرابطة، ويفتح باب منزلنا مباشرة على بابها، مسافة مترين تلاته، وتقف السيارات أمام بابنا على وجه التحديد. خضع حامد أخيراً لإلحاح زوجته. وأخذها إلى منزل المرابطة. وفي عين اللحظة التي أوقف فيها سيارته، وفتح بابها ونزل، فتحتُ أنا باب المنزل ليجدني حامد قِبالته وجهاً لوجه، تماماً كما توقع، حينها قال حامد تلك الكلمة التي صارت مثلاً لدينا أنا ونجاة ونفر من الأصدقاء بليبيا : "هادي اللنا خايف مِنْهَا". فدحين يا سيدي "هادي اللنا خايف منها". أن أدخل في حواراتٍ تستدعي جهاداً ذهنياً وبدنياً لا يتوفر لي الآن أي قدرٍ منه، ومجابدات، وأحيانا معاظلاتٍ، لا أعرف متى ستنتهي. أو أن التزم الصمت فينمو في خلد أصدقاء وقراء أعزاء أنني أفتري عليهم. وهما خياران "أحلاهما" أباسُ من الآخر. ولذا فإنني أقترح على المتداخلين والمحاورين أن لا يلحوا على مشاركتي بصورةٍ منتظمة وأن يقبلوا مني ما تيسر، على أن تتداخل أنت لتنوب عني فيما تعرفه من أمري بالضرورة لا بالتأويل. وسوف أشارك أنا من جانبي متى ما تعلق الموضوع بقضايا تقع في باب "مما ليس منه بدٌ" من التوضيح، وعلى وجه التحديد في الحالة التي يرد فيها "سوءٌ" أو "اعوجاج" في الفهم والتأويل من جانب المتداخلين والمحاورين، صادرٍ عن غياب معلومةٍ تتصل بمنهجي أو بسيرتي "المعرفيين"، أو بوقائع حصيلتي "المعرفية"، أو بسوءٍ أو تقصير في التعبير والإبلاغ من جانبي. مع كل مودتي بولا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
الأعزاء بولا ونجاة، وسائر مشاركي ومرتادي البوست
صرفتني صوارف العمل وضغطه العالي في اليومين السابقين من المواصلة. شكرا لبولا ولنجاة على كلماتهم الطيبات وأرجو أن يكون في كل ما أشارا إليه وقودا به يسير الحوار في الوجهة الموضوعية القائمة على المفاكرة، ومبادلة الرؤى، وحرص كل منا على التعلم من الآخر. سأعود في اليومين القادمين للمواصلة. فقد وعدت بطرق بعض الأمور مما أشارت إليه ورقة بولا، ولم أجد لذلك الوقت حتى الآن. دمتم أجمعين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
الفكرة الجمهورية وقضية المرأة..
نحاول المواصلة في التفاكر حول قضية المرأة في الفكرة الجمهورية.. واليوم سنحاول تناول قضية المرأة من جانب الفضاء العرفاني للفكرة الجمهورية بخصوص هذه القضية..
نبدأ بالإشارة إلى أن الله (الإنسان الكامل) دوما يشار له بصفات وأسماء التذكير.. وهذه نقطة وردت في محاولة الأستاذ بولا، وهي نقطة حصيفة بلا شك.. ولكن سنحاول موازنة هذه النظرة بالنظر إلى جانب آخر، وهو أن الذات الإلهية (المطلقة)، والتي تنزل الإنسان الكامل عنها، هذه الذات دوما يشار لها بصفات وأسماء التأنيث.. وهي في المقام فوق مقام الإنسان الكامل.. هذا باعتبار الترتيب، ولكن باعتبار التوحيد فهي الوجود نفسه في إطلاقه.. هي أصل كل شيء، وهي كل شيء.. ولكن بما أن الإشارة اللغوية دوما تعمل في منطقة الفكر، ومنطقة الفكر هي منطقة ثنائية، أي أن المعنى فيها لا يقوم إلا بوجود الشيء وضده في التصور.. لهذا السبب كانت الإشارة للذات الإلهية بالتأنيث مقابلة للاشارة للإنسان الكامل بالتذكير (وأحيانا يكون إسم "الله" نفسه ذو إشارتين إحداهما للإنسان الكامل والأخرى للذات الإلهية).. وكلا الإشارتين قاصرتين في المعنى التوحيدي الذي هو فوق اللغة.. لهذا قال الأستاذ محمود أن "مطلق إمرأة ليس أقل من مطلق رجل".. لأن الإطلاق بطبيعة الإشارة إليه ينطلق خارج منطقة الثنائية في التمييز هذه التي تجعلنا نشير إلى التذكير والتأنيث.. ونورد مثالا آخر من اللغة فيه إنصاف للأنثى.. فالذات الإلهية هي حقيقة الوجود.. وهي أيضا يمكن الإشارة إليها فقط بـ"الحقيقة"، ويمكن الإشارة لله (الإنسان الكامل) بـ"الحق".. ومعلوم في الفكرة الجمهورية أن "الحق" دوما دون "الحقيقة".. وهو يطلب أن ينطبق عليها طلبا حثيثا.. ولكنه يقصر عن هذا الشأو وسيظل قاصرا عنه لأن "الحقيقة" مطلقة.. نلاحظ أن "الحقيقة" هنا تحمل إشارة التأنيث أيضا في حين يحمل "الحق" إشارة التذكير.. لهذا يمكن أن نقول أن الناحية اللغوية قد بذلت ما بوسعها لتقريب الفهم التوحيدي لمنطقة الثنائيات حيث يعمل الفكر، وهي المنطقة التي يقوم فيها التفاضل النظري بين الرجل والمرأة في عالمنا الأرضي هذا.. وهنا أذكر حادثة لطيفة تتعلق بهذا الخيط تعلقا وثيقا.. فقد كان لي حديث مع إحدى الأخوات الجمهوريات في الأسبوع الماضي حول محاولة الأستاذ بولا هذه.. ويجدر بالذكر هنا أن الأخت الجمهورية كانت مؤيدة لنقطة الأستاذ بولا التي أثبتها في قضية المرأة في الدين.. وهذا مما جرى ذكره من جانب الأستاذ أحمد الحسين من أن الجمهوريين أنفسهم يتداولون هذه النقاط ويختلفون حولها.. ما أردت ذكره تحديدا من تلك الحادثة هو الآتي، فقد أخبرتني الأخت الجمهورية أنها كانت دائما تناقش الأستاذ محمود في هذه النقطة.. وتقول "هل من مزيد؟" في رفع قيمة المرأة في الفكرة الجمهورية.. لأنها كانت ترى كما يرى الأستاذ بولا من أن المرأة في الأصل خلف الرجل في المنظومة الدينية بحيث يصعب على الفكرة الجمهورية كفكرة دينية أن تضع المرأة على قدم المساواة التامة مع الرجل.. فماذا قال لها الأستاذ هنا؟.. قالت لي الأخت الجمهورية أن الأستاذ قال لها "كل ما يمكن أن أقوله لك "لغويا" قد قلته".. هذا كان تعليق الأستاذ.. وهو يشبه إلى حد كبير المقولة التي أوردها الأستاذ بولا "هذا الأمر أمر ذوق".. ولهذا حرصنا على أن نتناول مسألة الذوق هذه بتأني في تعقيباتنا السابقة.. ذلك أن الأستاذ محمود عندما يتحدث عن مرحلة الذوق، هو يتحدث عن إنتهاء قدرة اللغة على إيصال المعاني التوحيدية.. والتوحيد كما هو معروف يلغي النقائض، أي يلغي الثنائيات، كما هي الإشارة من عبارة "التوحيد" نفسها.. فالفهم التوحيدي إذا سيجعل القضية متوحدة عند الإنسان.. والوحدة لا تعرف ثنائية الرجل والمرأة.. فالرجل والمرأة واحد في الفهم التوحيدي.. وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة قد أشرنا لها قبل اليوم في بوست (تكرموا بإنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض) من أن الزوج و الزوجة (في الحقيقة) في الفهم التوحيدي هما "واحد" .. فالزوجة في الحقيقة بالنسبة للزوج كما قال الأستاذ محمود هي "شقيقة نفسك.. هي صنو نفسك.. هي إنبثاق نفسك عنك خارجك.. وهي بذلك جماع آيات الآفاق لك"، و بنفس المعنى فالزوج بالنسبة للزوجة هو أيضا كذلك.. وقد وردت الإشارة أيضا في ذلك البوست من أن البوذيين على سبيل المثال يفسرون هذه المسألة العرفانية الدقيقة بأن "المستنير" يصبح "متوحدا جنسيا" أو (unisexual).. وهي إشارة دقيقة جدا من البوذية لا تلامس أرض الناس المحسوسة اليوم، ولهذا يصعب تصورها التصور الصحيح..
ما أردت قوله باختصار، هو ان اللغة تقف حاجزا أمام الفهم الدقيق لهذه النقطة.. ولهذا كان لابد من تجربة "الذوق" التي أشار لها الأستاذ محمود.. وببساطة يمكن أن نقول أن "الدونية" نفسها ليست هي المشكلة، وإنما المشكلة هي الإحساس بالدونية.. و"الفوقية" نفسها ليست هي المشكلة، وإنما هو الإحساس بالفوقية.. والتذوق التوحيدي يلغي هذا التصور عند الفرد المجرب.. لذا كان لابد من أن يحقق الفرد هذا التصور بالذوق لا بالبرهان الخارجي الذي لا يمكن أن يعطي أبعد مما تعطيه اللغة.. ثم إن مفهوم الفردية يعني ببساطة "التفرد".. فطريق كل فرد منا إلى الحقيقة متفرد عن طريق الأخر.. والتفرد في حد ذاته يلغي مسألة التفاضل لان التفاضل يكون بين المتشابه، والتفرد ليس فيه تشابه.. لهذا فإن إحساس "التفرد" هو الإحساس البديل في التوحيد لكل من إحساسي "الدونية والفوقية".. وبعبارة أدق "إذا كان كل شخص منا له علاقته الخاصة مع الله في الإطلاق.. فليس هناك سبب يجعلنا نقارن علاقة الآخرين به بعلاقتنا نحن.. لأن الإنشغال بعلاقتنا الشخصية معه ينبغي أن تكون شاغلة تماما وكافية تماما عن التفكير في مثل هذه المقارنة.. وهي فعلا كذلك.. فهي تملأ حياة الفكرة و الشعور تماما.. ولكن لا بد من الذوق للتحقق من هذه النقطة.. ولا تكفي فيها اللغة والجدل اللغوي".. وأرجو أن أكون قد أبنت عن نفسي في هذه النقطة.. وأعتقد أن هذه النقطة يعبر عنها البيت الصوفي الشهير:
مافي محبتها ضد أضيق به *** هي المدام وكل الخلق ندمان
والآن لنرى بعض الإشارات التي تفيد أن المرأة- بشكل عام- فعلا "متفردة" في علاقتها مع الله.. يقول الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي عن قضية الميراث قولا لا يفقهه الكثير من "المتفيقهة" لأنه فوق مستوى إدراكهم.. يقول في كتابه (الرسائل) الآتي: " ثم اشار الحق بوحدانية المراة و فردانية الرجل ، وقوة المراة وضعف الرجل ‘ بصورة الميراث ، فاعطى الاكثر للاضعف كى يقوى من جهة الضعف ومن جهة النشء . ( للمراة الثلث و للرجل الثلثين)" ... فالمرأة عند الصوفية أقرب للوحدانية من الرجل.. وهي "أقوى" منه في ذلك الإتجاه.. وسنحاول أن نبين هذه النقطة للأمام في هذا التعقيب بتناول مناطق معينة تفهم من نصوص الأستاذ محمود نفسه.. وهنا أيضا أريد أن أثبت بيتا شعريا لأحد الصوفية يقول فيه:
اعلم بان طريق الحق مفردة *** والسالكون طريق الحق افرادا
كما قلنا، فالصوفية يرون أن المراة أقرب للوحدانية من الله.. والوحدانية (في إعتقادي) هي صفة قد سماها الأستاذ أيضا "الواحدية" في محاضرته "لا إله إلا الله" في موقع الفكرة.. في حين "الفردانية" هي صفة الرجل.. وأعتقد ان الأستاذ يشير لها بـ"الأحدية" في نفس المحاضرة المذكورة أعلاه.. و"الأحدية" تعني التفرد.. ((قل هو الله أحد)) تعني لا يشبهه أحد، وهذه من حظ كل الأفراد.. يصل كل منهم لمقامه فيها بتسيير الله.. أما "الواحدية" فهي صفة الإطلاق.. ولهذا فهي أقرب لان تكون صفة " الإنسان الكامل" وحده لأنه الاقرب للإطلاق.. ولكن ما نريد أن نشير إليه هنا هو أن قول ان المرأة أقرب للوحدانية من الرجل يعني "بشكل عام" أي أن النساء في عمومهن أقرب للوحدانية من الرجال.. وذلك يعود لقضية الفكر وقضية الشعور.. فالفكر هو أدق الاسلحة في منطقة الثنائيات.. أما الشعور فهو الداخل في منطقة التوحيد.. والمراة بصفة عامة "شعورية" أكثر من كونها "فكرية"، ونجد العكس مع الرجل.. وهذا بطبيعة الحال كما ذكرنا "بشكل عام" لا تخصيص فيه.. لان التخصيص سيكون خلله واضح من التجربة المحسوسة.. وهذا لا يعني أن المراة ليست "فكرية"، فهي بالعكس تستطيع أن تكون فكرية بدقة عظيمة.. أيضا كما لا يعني أن الرجل ليس "شعوريا" أيدا، فهو يستطيع أن يكون شعوريا بشكل كبير.. ولكن السر الذي جعل مقام الإنسان الكامل هو مقام لرجل يأتي من أصل كرامة الفكر.. فالفكر رغم أنه أدنى من الشعور إلا أن المعروف في الفكرة الجمهورية أنه هو الوسيلة الوحيدة للترقي.. إذ أن العقل هو أكرم خلق الله لهذا السبب.. فرغم أن العقل "الفكر" مكانته خلف القلب "الشعور"، إلا أن الطريق الوحيد للقلب لا بد أن يكون عبر العقل.. وهذا هو السبب في جعل الرجل أكمل في النشأة من المرأة في حين أن المرأة أقرب منه للوحدانية.. والكمال في النشأة هنا يعني "الأهلية للتطور".. وهذا الكمال بطبيعة الحال أيضا ليس معمما، وإنما هو بالقياس الدقيق يتعلق بكمال نشأة الإنسان الكامل وحده.. لان زوجة الإنسان الكامل تليه في الكمال..فكريا وشعوريا.. وهي بهذا المعنى تكاد تكون أيضا أكمل من كل الرجال عداه.. فبالترتيب يمكن أن نقول كما قال الأستاذ محمود بان الإنسان الكامل "منفعل" عن الذات الإلهية.. و زوجة الإنسان الكامل "منفعلة" عنه هو.. وهذا بطبيعة الحال يعني أنها أكمل من بقية الرجال دونه..
أنا أفهم أن هذه القضية دقيقة جدا في مجالها العرفاني.. وأحاول أن اطوع اللغة قدر الإمكان للإفصاح عما بدور بخلدي.. وأرجو المعذرة من القراء إن كنت لم أفلح في ذلك
والآن نتناول آخر نقطة.. وكنا قد أشرنا لها آنفا من أن المراة أقرب للوحدانية من الرجل.. ومن هنا يمكن الإستنتاج بأنها أقدم في الخلق من الرجل.. ونحن هنا لا نشير للمرأة البشرية.. وإنما لصفة التأنيث في المرأة.. ولا يذهب عن بالنا الحقيقة العرفانية من أن الإنسان الكامل أساسا هو أقدم الخلق، وعن طريقه خلق باقي الخلق.. ولكني هنا أتحدث عن سير التطور الذي بدأ بعد خروج آدم من الجنة بالمعنى العرفاني الذي أشار له الأستاذ محمود في كتابه "رسالة الصلاة".. ويستحسن هنا أن نطلب من القراء الذين لم يقرأوا كتاب الأستاذ هذا أن يقرأوه.. فأنا بطبيعة الحل لا أدعي أن بإمكاني تبيين هذه المسألة بما يشبه تبيين الأستاذ لها من قريب أو بعيد.. وأنا أساسا الآن بصدد نقطة أخرى ستظهر حالا..
الأستاذ محمود يقول أن "إرداة الحياة" قد سبقت "إرادة الحرية" إلى الوجود.. وهو يشبه "إرادة الحياة" بالمرأة في حين يشبه "إرداة الحرية" بالرجل في تشبيه بليغ مبين ورد في كتابه (الرسالة الثانية من الإسلام).. ويقول الأستاذ أن إرادة الحياة قد سبقت إرادة الحرية إلى حيز الوجود بسحيق الآماد.. ثم لحقت بها إرادة الحرية فيما بعد في مراحل التطور التالية.. أنا أعتمد على هذه الإشارة من الأستاذ لتبيين نقطة أن المرأة أقرب للوحدانية من الرجل.. في حين أن الرجل أقرب للفردانية منها.. فالوحدانية علاقتها بالقلب، والقلب هو محل "إرادة الحياة" .. والفردانية علاقتها بالعقل، والعقل هو محل "إرداة الحرية".. ومعلوم أيضا أن العقل قد ظهر في الوجود بعد ظهور الشعور بالحياة (القلب) بآماد سحيقة يصعب على البشر تصورها..
وبعد.. فهي محاولة لا شك قاصرة.. والغرض منها فتح آفاق أوسع للتفاكر.. وسأختم هذه المحاولة بمقولات للأستاذ في هذا الشأن.. فالمعروف أن الفكرة الجمهورية تبشر المرأة بمكانة رفيعة جدا قد لا يتصورنها معظم النساء اليوم، حتى الداعيات والعاملات على المساواة مع الرجل في ميادين المجتمع والقانون.. فإلى تلك المقولات أو المواقف:
1 / ترد عن الأستاذ مقولة مشهورة قال فيها (عندما يتعلق الموضوع بقضية المراة.. أنا غير محايد).. أي انه يأخذ جانب المراة على جانب الرجل.. وهذا يظهر جليا في علاقة الأستاذ مع تلميذاته.. ومن مقولته الشهيرة (كتبي تلميذاتي)..
2/ يقول الأستاذ أيضا أن (أفضل العبادة الصلاة، وأفضل المعاملة نصرة المرأة).. كما يرد عنه أنه قال ما معناه أن (أشرف عمل الرجل هو نصرة المرأة)..
3/ يقول الأستاذ في إهداء كتابه (تطوير شريعة الأحوال الشخصية) ما يلي:
إلى أكبر من استضعف في الأرض، ولا يزال .. إلى النساء .. ثم إلى سواد الرجال، وإلى الأطفال .. بشراكم اليوم!! فإن موعود الله قد أظلكم. ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين)) ..
فهل هناك وعد أعظم من هذا؟
هذا وأرجو أن لا أكون قد "شاترت" كثيرا في هذه المحاولة.. فالمشاترة لا مفر منها بأية حال، ولكن أرجو أن يكون وقعها خفيفا على القراء الكرام..
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
عزيزي قصي لا أجد شيئا أصف به ما يجود به علينا قلمك هذه الأيام، سوى ما قاله البروفيسير، علي المك، حين تعرف على الصديق، الكاتب، بشرى الفاضل، للمرة الأولى، وقرأ أحد نصوصه القصصية. قال علي المك، عن بشرى: ((لقد أُعطي هذا الولدُ مزماراً)). وكلمة "الولد" هنا لم تكن لتصغير الشأن، كما هو واضح، وإنما كانت تعبيراً لطيفاً، عن الإعجاب الشديد بالنبوغ المبكر. وإني لآراك قد أُعطيت مزماراً، أيضاً. كتاباتك الأخيرة في تتبع نقاط الأخ أبو بكر القاضي في بوست "الفكرة الجمهورية إستعلائية إسلاموعروبية"، ونقاطك التي توردها هنا، وأنت تتجول حول مأ أثارته مقالة بولا، فيه الكثير من لطائف "الوارد". وعبارة "الوارد" عبارة صوفية معروفة، وتعني انبثاق المعارف المركوزة في القلب، وتجليها على صفحة العقل. ويفرق المتصوفة بين "الوارد" و"النحت". فـ "الوارد" هو ما سبقت إليه الإشارة بأنه انبثاق المعارف من القلب، وتجليها على صفحة العقل. فالوارد إنما ينساب انسيابا. حتى أن صاحب "الوارد" ربما تفاجأ بما يخرج من قلمه، أو من فمه، مثلما يتفاجأ بذلك جمهوره المتلقي. أما "النحت" فهو التَّفَكُّر المرتكز على المجهود، والصنعة. والصيغة اللغوية لعبارة الـ"التفكر" نفسها، تعطي معنى "التًّعَمُّل"، والإفتعال، والإصطناع. ولذلك كان المتصوفة يقولون: ((إذا سُئل الرجل، ففكر، ثم أجاب، فإنه لا يُعتد بإجابته، فهي من نحت عقله)). فالوارد، كما سلفت الإشارة، إنما ينساب انسيابا من القلب إلى صفحة العقل.
ويقول المتصوفة أيضا: ((شغلني الوِرْدُ عن الوارد)). وجمعُ كلمة وِرْد "أوراد". والأوراد يعرفها كل من سلك طريقاً صوفياً، وهي الأذكار، وصيغ العبادة المختلفة التي يعطيها الشيوخ لتلاميذهم ليعملوا وفقها. غير أن المتصوفة ينبهون السالكين بألا ينحجبوا عن "الوارد" بـ "الوِرْد". أي ألا ينشغلوا بالعبادة انشغالا "دوغمائيا" يحجبهم عن الفكر. فالعبادة تصبح عند الكثيرين صنما، يحجب عن المعرفة. فالعبادة وسيلة، والفكر غاية. ومن خطل الرأي، أن ينشغل المرء بالوسيلة عن الغاية. وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ((وأنزلنا إليك الذكر، لتبين للناس ما نزل إليهم، ولعلهم يتفكرون)). وكما يرد كثيرا في كتابات الأستاذ محمود فإن العلة من إنزال القرآن، ومن أرسال الرسل، ومن تشريع العبادات، إنما هي "التَّفَكُّر". وقد ورد في الحديث أيضا: ((تفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من عبادةِ سبعين سنة)). ومعرفة الصوفية الذوقية التي ترسخت من واقع رياضاتهم الروحية العملية الطويلة، هي التي جعلت العارف النابلسي يقول:
وليس بذكرٍ، أو بفكرٍ تناله، سوى بالصفا والمحوِ عمَّا يغايرُ وجاء قوله أيضا: فلو انمحى عن عين ناظرك السِّوَى، لعرفت من لهواه أنت القاصدُ وقال أيضا: أنا في المذكورِ، والجاهلُ في الذكرِ، والفكرِ، وعقدِ السبح كلنا من نخـلةٍ واحـدةٍ، لكِنِ العجـوةُ غـير البـلحٍ
كما أن العلم الذي يجيء به تجويد التفكر، ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة للحياة. ومن مصطلحات المتصوفة المعروفة في مراحل الترقي المعرفي قولهم بمرحلتيْ "العلم" و"الفناء عن العلم". والعلم، على جلالة قدره، يصبح حجابا لدى النهايات. فالعالِم كثيرا ما يرى علمه، وينحجب بالعلم عن نفسه، ونفسه، في نهاية الشوط، هي "حياته". وهذا ما من أجله قال الأستاذ محمود حين خرج من خلوته في عام 1951:
((فهل حبسني ابتغاء المعرفة؟ لا والله!! ولا كرامة.. وإنما حبسني العمل لغاية هي أشرف من المعرفة.. غاية ما المعرفة إلا وسيلة إليها .. تلك الغاية هي نفسي التي فقدتها بين ركام الأوهام والأباطيل. فإن عليَّ أن أبحث عنها على هدى القرآن ـ أريد أن أجدها .. وأريد أن أنشرها .. وأريد أن أكون في سلام معها قبل أن أدعو غيري إلى الإسلام)).
الشاهد أن المعرفة مهما بلغت من الرفعة إنما هي وسيلة للحياة الكاملة. وغاية المعرفة أن تعين الإنسان على التخلص من الخوف العنصري البدائي الساذج، ـ كما ترد عبارات الأستاذ محمود دائما ـ والتخلص من الخوف العنصري البدائي الساذج تلزمه الرياضة الروحية، فهذا التخلص لا يتم من فراغ، ولا يتم عن طريق التوهان في التجريدات العقلية. وإنما يتم بالعمل في تتبع عيوب النفس. وأول ذلك كف الأذى عن الناس: باليد أولا، ثم باللسان، ثم بالخاطر. ثم إحتمال أذي الناس، ثم توصيل الخير إلى الناس، والبر بالناس، وبالأحياء، والأشياء. وقد تفضل بولا بالإشارة إلى ما تميز به فكر الأستاذ محمود من وحدة الفكر والقول والعمل.
آفة الثقافة المعاصرة، كما لخصها ردولف شتانير، مؤسس مدارس "والدورف" Waldorf المعروفة، إنما هي هذا الرأس المعاصر، المليء بالمعارف، والمعلق في الهواء، من غير أن يكون له تأثير يذكر، في أنسنة المسلك. وجوهر الأزمة الأخلاقية التي أخذت بخناق النُّخَب، إنما تكمن في بيع الصفوة، والنخبة، ومن شاكلهم من حداة الركب، خبراتهم، لقوى الشر، من المسيطرين. أصبح دور النخب في حقبة الحداثة التي تجنح شمسها الآن للغروب، هو انتاج الفكر، والقوانين التي تبرر المظالم، وتعمل على إعادة إنتاجها. تقوم النخب بهذا الدور، لقاء شيء من رفاه العيش، ومن تأمين الفرص. فالمثقفون الذين يتصرفون من وحي ما يمليه عليهم واجب الثقافة من لعب دور قيادي، وريادي، وطليعي، في تعرية الظلم، ونصرة المظلومين، قليلون جداً.
وأعود من هذا المسح العام، لما يجب أن تعنيه الثقافة في ظرفنا الراهن، وما جسده الأستاذ محمود عمليا، فيما يتعلق بمسؤولية الثقافة، إلى قضية "الدرجة" التي عالجتها أنت معالجة، ممتازة، لأضيف إليها جانب العقل، والقلب، ومعنى التوزع، والعيش في اللحظة الحاضرة. فهناك "كمال النشأة"، وهناك "كمال الدرجة"، كما ورد كثيرا في أدبيات الأستاذ محمود. فالملائكة أكمل من البشر، "درجةً". ولكن البشر أكمل من الملائكة "نشأةً". وقد شبه الأستاذ محمود في إحدى محاضراته، وضع الملائكة بالنسبة للبشر بـ "حجر الكيلو" أي الحجر الذي يحمل رقم الكيلومتر المعين على الطريق. فإذا كان شخص ما في الخرطوم مثلا، وهو في طريقه إلى ودمدني، فأن حجر الكيلو 135، الذي هو في مدينة الحصاحيصا، مثلا، يكون أقرب إلى مدني، من ذلك الشخص. غير أن ذلك الشخص يسير، وحجر الكيلو ثابت. وسوف يجيء وقت يتعدى فيه ذلك الشخص السائر على الطريق، ذلك الحجر المرقوم، ويصبح، الشخص، من ثم، أقرب إلى مدني، من حجر الكيلو. وهذا معنى كمال النشأة، وأفضليته على كمال الدرجة. فالمرأة بهذا المعنى، أكمل نشأةً من الرجل، والرجل أكمل درجةً منها.
أيضا، ورد في نصوص الأستاذ محمود محمد طه، بأن الله قد خلق خلقا يخطئون ولا يصيبون، وأولئك هم الأبالسة، وخلق خلقا يصيبون ولا يخطئون وأولئك هم الملائكة، وخلق خلقا يخطئون، ويصيبون وأولئك هم البشر. فالبشر أكمل "نشأةً" من الملائكة. والملائكة أكمل "درجةً" من البشر. فالبشر هم ملتقى المَلَك والشيطان. وهم بهذا المعنى الأكمل في المملكة كلها، في نهاية المطاف، بل ليس في المملكة غيرهم. وتجيء أفضلية البشر على ما سواهم، بسبب تأرجحهم بين الخطأ والصواب. والخطأ والصواب هما وقود الحركة المنفتحة على الإطلاق. جاء في الحديث: ((إن لم تخطئوا وتستغفروا، فسيأت الله بقومٍ يخطئون، ويستغفرون، فيُغفر لهم)). فالخطأ الدائم ثبات، والصواب الدائم ثبات أيضا، مع ملاحظة أن الصواب الدائم، أكمل بطبيعة الحال من الخطأ الدائم. أما التقلب بين الخطأ والصواب، فهذا من حظ البشر وحدهم، وهو يعني الحركة، ويعني التطور الذي لا يحده حد. فالحركة التي تنزلت من العماء الأول، إنما عنت الحرية، في معنى ما عنت الإنفتاح على المطلق. وهنا يكمل كمال الإنسان. ومن هنا جاء الطلب إلى الملائكة ليسجدوا لآدم ((فإذا سويته، ونفخت فيه من روحي، فقعوا له ساجدين)) فسجد له الملائكة، أجمعون، ولكن بعد حجاج، ولجاج ولم يسجد إبليس، كما هو محكي في القصة القرآنية.
ومن بعض تعابير ذلك المنظور أيضا، أن المرأة أكمل من الرجل "نشأةً"، والرجل أكمل منها "درجةً". مع ملاحظة أن هذا لا يأخذ تجسيده، إلا في حالة زواج الحقيقة. فالمرأة تمثل الشعور، هذا في عموم الأمر، كما تفضل قصي. الرجل يمثل الفكر، في عموم الأمر أيضا. وكما نقول دائما هذا لا يعني أن كل رجل أعلى فكراً من كل إمرأة. ولا يعني أيضا، أن كل إمرأة أكمل شعورا من كل رجل. والشعور أكمل من الفكر، فالفكر هو وسيلة الشعور. الفكر جولان بين الماضي والمستقبل، والحياة استقرار في اللحظة الحاضرة. والجولان بين الماضي والمستقبل، تعبير عن الخوف. والخوف نفسه درجات. فهناك الخوف في قاعدة السلم، وهو الخوف العنصري، البدائي، الساذج الذي حفز الحياة عند بداية النشأة وحفز سيرها في المراقي. وهناك الخوف العرفاني الرفيع الذي تمثله الوحشة من الرهبوت الذي يلف ظاهرة الوجود، وهذا مما يغشى أصحاب العقول، والقلوب الكبيرة، ولايتم التخلص من الخوف العرفاني، إلا في الفينة بعد الفينة. فالمرأة أقرب إلى صرافة الذات، وهي بهذا المعنى أقرب إلى الحياة. أما الرجل فأجنبي، وشأنه في ذلك شأن الفكر. فالفكر أجنبي على الحياة. الفكر وليد الخوف، وهو تجسيد للأنا الجاهلة، في مقابلة العالم. أما الشعور فهو في القلب، والقلب تجسيد للأنا العالمة المنسجمة مع المحيط. فالشعور لا يعرف الضدية. وبلغة الفلسفة فإن الشعور متجاوز لثنائية "الذات" و"الموضوع". ودعنا نقول: إن القلب محض تَحَقُّق. القلب هو الذات. وعند الذات، لا قبل، ولا بعد، ولا كم، ولا كيف. هكذا كانت الأمور، حين لم يكن هناك عقل. وهكذا سيكون مآل الأمور، حين يتم الرتق بعد الفتق. وكل هذه الصور، موجودة في الآفاق، كما هي موجودة في النفوس. وهذا ما عناه الأستاذ محمود حين قال: ((الإستقامة هي الوجود الكامل، الذي لا يتوزعه الوهم بين ماض إنقضى، ومستقبل غائب، لما يحن حينه بعد ـ فالإستقامة هي العيش في اللحظة الحاضرة ..
والإستقامة أصعب الأمور على العارفين و لذلك فقد قال المعصوم : شيبتني هود، وأخواتها .. يشير إلى قول الله تعالى، من سورة هود : ((فأستقم ، كما أمرت، ومن تاب معك، ولا تطغوا .. إنه بما تعملون بصير..))
فأنت، إذا إستطعت أن تعيش في اللحظة الحاضرة، مشتغلاً بتجويد الواجب المباشر، من غير أن تذهب نفسك، أسفاً على الماضي، ولا خوفاً من المستقبل، فإنك تكون قد وفقت إلى سر الحياة الأعظم، حيث تستمتع بكمال حياة الفكر، وكمال حياة الشعور، وحيث تنتصر على المرض، والشيخوخة، والموت .. ذلك موعود الله .. وإنما يُنال موعود الله، بفضل الله ـ ((و الله ذو الفضل العظيم)) ـ ثم بفضل الفكر ..)) .. انتهى نص الأستاذ محمود فالحيوان يعيش اللحظة الحاضرة، ولكنه يعيشها في بداية السلم. ومطلوب من الإنسان معيشة اللحظة الحاضرة، أيضا بعد أن أبعده عنها الخوف، ولكن عليه معيشتها في نهاية السلم، أي في المستوى الأعلى المنفتح على الإطلاق، والمنفلت من قيود العجز، بكل صورها. والطريق إلى نهاية السلم، وسيلته العقل الذي انشحذت قواه، واستحصدت، فدق فكره حتى ألغي نفسه، أو قل خرج من قيدي الزمان والمكان.
ثم تجيء عبارة الأستاذ محمود، التي تقول بأن الوحدة البشرية، ليست الفرد من رجل وإمرأة، وإنما هي الزوج من رجل وإمرأة. والفكر التوحيدي يقول بهرمية الوجود، وبلولبية الزمان والمكان. ومن هرمية الوجود تجيء هرمية الوحدة الإجتماعية من رجل وإمرأة. فهذه الوحدة ذات شكل هرمي أيضا، تمثل فيها الذكورة الفكر، وتمثل فيها الأنوثة الشعور، أو "الحياة". والأنوثة تقابل الذات القديمة مندغمة في الهيكل البشري، وهي هي الحياة الكاملة التي لا تؤوفها آفة، ولا ينقصها منقص. أما الفكر فهو رسولها، ومحركها لكي تتصاعد، وتتعمق.
أيضا يجيء القول بأن الشهود الذاتي، إنما هو إلمامة خاطفة تحدث في لحظات النفاذ من قيدي الزمان والمكان. والشهود الذاتي ليس مقاماً، وإنما هو حال. ((يا آل يثربَ لا مقام لكم فارجعوا)).. والحال في الأدب الصوفي هو ما يعتري السالك، أو العارف من لحظات الشعور الرفيعة. فالحال استشراف، واستكشاف، ولا إقامة فيه، الحال رحلة استكشافية، يعود بعدها، من أتفقت له تجربتها، إلى حيث كان مقامه الثابت. فالمقام بهذا المعنى، إنما هو الأرض التي وطئتها أقدام العارف، أو السالك، وثبتت أقدامه عليها. فالحال رسول استكشافي، وهو الذي يفتح الباب لتصور ماهو مقبل من حالات الكمال. وكل حال مصيره أن يصبح مقاما. فالمقام يطلب الحال، ولن يبلغه. كل ما فيب أمر، أن كل حالٍ جديد، يفتح الباب لزيادة في المقام.
مسألة الدرجة، لا علاقة لها بموضوع المساواة، أو الفرص المتساوية، في مجال التشريع. ولا يجب أن تحصر في هذا المنحى الضيق. موضوع الدرجة موضوع في العرفان، وقيمته، أن ينعكس على المسلك. أعني مسلك الرجل، ومسلك المرأة. فالمعرفة بمعاني الذكورة والأنوثة، وموقعهما من بنية الوجود الإنساني، ومن بنية الوعي، يعينان على ترقية السلوك. وترقية السلوك المقصود بها تحقيق حياة الفكر، وحياة الشعور. ويفتح هذا المجال الباب للحديث عن الشوق الصوفي، وعن موقع المرأة بين ذات الرجل الحادثة، والذات القديمة، فيما يلي المنظور الذكوري. وموقع الرجل بين ذات الأنثى الحادثة، وبين الذات القديمة فيما يلي المنظور الأنثوي. فالمرأة هي جماع آفاق الرجل منبثقة من ذاته الحادثة خارجه. وكذلك الحال بالنسبة للرجل فيما يخص المرأة. فكل شقٍ يمثل للشق الآخر، إسقاطا خارجياً. ويقف هذا الإسقاط الخارجي رمزا للذات الضائعة. وهو ما يسمى بالفردوس المفقود. فالفردوس المفقود في الآفاق، أو قل في الشريعة، يقابلة الفردوس المفقود في الحقيقة. وحين كان فردوس الشريعة، هو جنة آدم التي أُبعد منها حين هبط بالخطيئة، فإن فردوس الحقيقة هو حالة من الوعي التوحدي الضائعة، قبل أن أن يهبط الإنسان إلى جحيم ثنائية الذات والموضوع.
هذا الشوق الطافح في الأدب الصوفي، وهذا النسيب والتشبيب، وكل ذلك الترميز بالمرأة إنما هو في المسار الباحث عن تلك الحالة الضائعة من التوحد. فكل ذات دخلت مقامات الفرق بالنزول إلى الأسافل. وهي إنما تتوق توقا مبرحا لحالة الإنجماع الأول. ومصطلحي "الفرق"، و"الجمع"، معروفان في القاموس الصوفي. قال النابلسي:
قمـرُ الغيـبِ بدا في أفقي، يتجـلي، ولفرقي جمـعا وفروضي حَرُمَتْ فيه، كذا سنني صارت عليه بدعا
والجماع الذي يقع بين الذكر والأنثى، هو حالة من التوحد اللحظي، ومن عمق الشعور تحكي، على نحو ما، وتذكِّر بطريقة ما، بالجمعية الكبرى التي كانت، ثم ضاعت. ومن ثم انبثق هذا الهيام الذي ساق الوجود منذ لحظة الفتق، وأشعل في كل ذراته جذوة المحبة، والشوق، والإنطلاق الحثيث نحو الرتق. وبالنظر إلى الجذر اللغوي للفظة "جماع"، نجدها تتصل من حيث الإشتقاق اللغوي بالجمع والفرق، والوحدة، والشتات. ولذلك فالنسيب الصوفي، والتشبيب بأسامي الإناث المتكرر في قصائد المتصوفة. إنما كان بسبب تماهي الأنوثة الحادثة بـ "الأنوثة القديمة"، وكما عبر عن ذلك أدونيس بـ "بالرحم الكوني". وسيجيء وقت قريب ـ أو لعله جاء ـ تشرع فيه المتصوفات بالتشبيب بأسماء الرجال. فالحالُ من بعضه. كل ما في الأمر، أن الرجال سيطروا في بداية التاريخ، وسيسطر النساء في بقيته. جاء في الحديث" ((آخر الزمان، خير أولادكم البنات)).
قال الشيخ الأكبر بن عربي طالبا من رسوله أن ينادي جملةً من الإتاث، فقال:
ونادي بدعد،ٍ والربابَ، وزينبا، وهندٍ وسلمي، ثم لبنى، وزمـزمِ وسلهن: هل بالحلبة الغادة التي تريك سنا البيضاءِ عند التبسمِ؟
وقال في أرق صور النسيب:
تطـارحني عند الأصـيلِ وبالضحى، بحنَّةِ مشـتاقٍ وأنَّةِ هيمـانِ تناوحتِ الأرواحُ في غيضـةِ الغضـا، ومالت بأفنـان عليّ فأفنان ومن عجـب الأشـياء ظبيٌ مبرقعٌ، يشير بِعُنَّابٍ، ويومي بأجفـانِ ومرعاه ما بين الترائبِ والحشى، فيا عجباً من روضةٍ وسط نيرانِ
وقال النابلسي: باللهِ بلِّغْ يا نسـيمَ الريـحِ عن شوقي، وبالغ يا نسـيمَ الريحِ وأنعتْ له وجدي القديمَ، وصف له شغفي، وما ألقى من التبريحِ طفح الغـرامُ عليَّ حتى بالهـوى صرَّحتُ في حبي لكلِّ صـبيحِ وكتمته لمّا بدا لنواظـري نـورُ الخبــاءِ، وملتُ للتلميـح وأنا الذي بهوى المليحِ تَعَمُّمِي، أبداً، ومن شـوقي له توشيحي
أما سلطان العاشقين أبو حفص عمر بن الفارض فقال:
يا صاحبي هذا العقيقُ، فقف به متوالهاً، إن كنتَ لسـتَ بوالهِ وانظره عنِّي، إن طرفي عاقني، إرسالُ دمعي فيه، عن إرسالهِ وأسأل غزالَ كناسِـهِ: هل عنده، علمٌ بقلبي في هـواه وحالهِ؟ تفديه مهـجتي التي تَلِفـَتْ، ولا منٌّ عليه، لأنهـا من ماله واهٍ إلى ماء العذيبِ، وكيف لي بحشايَ، لو يُطفى ببردِ ذلالِهِ ولقد يجلُّ عن اشـتياقي ماؤه، شـرفاً، فواظمأي للامعِ آلِهِ
خلاصة القول في هذا الباب أن التصوف الإسلامي، على وجه العموم، والفكر الجمهوري، على وجه الخصوص، لا يقاربان موضوع الدين، وفق المنظور الموروث، وإنما وفق منظور إنساني، لا يحفل إلا بما هو إنساني، في المقام الأول، والأخير. ولا أعرف فلسفة أو ديناً أفرد للمرأة، ولفهم جدلية الذكورة والأنوثة بمثل ما أفرد لها التصوف، وتاج هامته، الفكر الجمهوري. يتكيء التصوف على قاعدة الدين "الشريعة" ولكنه لا يقف عندها، وإنما ينفتح على "الحقيقة". وبالإتكاء، أو قل الإرتكاز على قاعدة الشريعة، يأخذ التصوف المبتدئين، وبـ "الحقيقة" يستوعب أعلى تطلعات المتقدمين. يجمع هذا الفضاء بين الدرويش، وبين القطب، في علاقة سلسة، لا نزاع فيها. علاقة يسلم فيها الأقل معرفة للأكثر معرفة، حتى يعلم.
حين أعود، سأكتب عن الأستاذ محمود محمد طه، وعمل المرأة، ونظرته المتخطية لكل مقاربات الحداثة الغربية، التي تغنى أهلها بإنسانية دساتيرهم، بغير حق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
أستاذي العزيز النور
هناك حينات يعجز فيها "مزماري" عن "عزف" ما يجيش بـ"نوتتي الموسيقية".. وهذه الحينة منها لذا أكتفي بـ"شكرا جزيلا".. جزيلا جدا..
من مكتوبك أعلاه.. استوقفتني مسألة كنت أفكر فيها كثيرا في الأيام الماضية.. هي مسألة الآيتين الكريمتين ((وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا * لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا)).. كنت أفكر: كيف يفتنهم الله بالماء الغدق؟.. وهم قد "استقاموا على الطريقة" بشهادته هو نفسه.. فـ"أسقيناهم ماءا غدقا" هنا تفيد معنى مفرحا.. ولكن الله يقول بعدها "لنفتنهم فيه" والسبب "ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا".. فهم قد استقاموا.. فسقاهم الله ماءا غدقا.. ولكن لكي "يفتنهم فيه".. وإذا لم ينجوا من هذه الفتنة فإن "من يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا".. لقد أعجبني الإيحاء في هاتين الآيتين أيما إعجاب.. وقد ذكرت أنت في مكتوبك أعلاه توضيح هذه القضية.. فالماء الغدق هنا هو "العلم".. والمرء قد يفتن بعلمه.. فإذا انشغل بعلمه و "أعرض عن ذكر ربه" فإنه يعذب بالسلب المؤقت أو الطرد المؤقت.. ذلك أن علمه شغله عن "ذكر الله".. وذكر الله هو "الحضور معه" .. والحضور مع الله هو "الحياة" الكاملة.. التي لا تؤوفها آفة.. ولاينغصها منغص..
نجد توضيح هذا في قولك "كما أن العلم الذي يجيء به تجويد التفكر، ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة للحياة.".. ومن ثم قولك "والعلم، على جلالة قدره، يصبح حجابا لدى النهايات. فالعالِم كثيرا ما يرى علمه، وينحجب بالعلم عن نفسه، ونفسه، في نهاية الشوط، هي "حياته".".. ومن ثم ذكرك لما قاله الأستاذ عن سبب خلوته الشهيرة، والذي استوفى القضية خير استيفاء
سأحاول العودة أيضا لتناول جانب من قضية المرأة قد ورد في مكتوبك أعلاه.. وهو "حديث المستقبل" الذي ينتظر المرأة في الفكرة الجمهورية
مع كثير إجلالي
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه (Re: Yaho_Zato)
|
قبل أن أتحدث قليلا عن "حديث المستقبل" في الفكرة الجمهورية.. أستهل هذا المكتوب بمقطع من مكتوب الأستاذ النور أعلاه.. يقول فيه: "وسيجيء وقت قريب ـ أو لعله جاء ـ تشرع فيه المتصوفات بالتشبيب بأسماء الرجال. فالحالُ من بعضه. كل ما في الأمر، أن الرجال سيطروا في بداية التاريخ، وسيسيطر النساء في بقيته."
أعلق بداية فأقول أن مشروع التشبيب بأسماء الرجال قد وضعت له رابعة العدوية الأسس منذ عهدها القديم.. فهي مثلا مؤسسة مفهوم "العشق الإلهي" في تاريخ الصوفية.. ورغم أنها لم تكن تتشبب بأسماء رجال، إلا أنها كانت تناجي الله في مناجاتها في خلوتها بمثل (إلهي.. قد نزل الليل.. وخلا كل حبيب بحبيبه).. ولا أحفظ لرابعة العدوية شيئا في هذا الإتجاه.. ولكن من الواضح أنها قد عبدت بداية الطريق لنساء المستقبل لما ذكره الأستاذ النور أعلاه.. فالحال فعلا من بعضه..
أما "حديث المستقبل" فقد لخصته الآية التي أهدى بها الأستاذ محمود كتابه (تطوير شريعة الأحوال الشخصية).. ((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))..
في الماضي.. لم تكن النبوة فقط للرجال.. وإنما كان كل المجد للرجال دون النساء.. في كل مجال.. ومع بداية القرن الماضي ظهرت مشارف عهد المرأة.. عهد المستقبل..
يقول النبي (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل).. وعندما يصبح هؤلاء العلماء نساءا.. خصوصا (الأئمة والوارثين) فهذا تبشير بعهد (النبيات)!!.. في العلم والمعرفة بالله والخلق النبوي.. ففي عهد الغاب كان كل الأنبياء رجالا لاعتبارات حكم الوقت.. وفي عهد الإنسانية ستتحقق مقامات نسائية تضاهي النبوات.. والأستاذ محمود قد قال (العهد الذهبي للإسلام أمامنا).. فهنيئا للمرأة وعهدها هو هو العهد الذهبي للإسلام نفسه..
كما أننا لا ننسى الإشارة "للمستضعفين" فسواد الرجال والأطفال من هؤلاء أيضا.. وهؤلاء أيضا موعودون.. ولا يظلم ربك أحدا..
لهذا نستطيع أن نقول أن لا فكرة، دينية أو فلسفية، على الإطلاق قد قدرت المرأة حق قدرها مثل الفكرة الجمهورية.. ومن هذا نستطيع القول بأن لا ديانة قد قدرت المرأة حق قدرها مثل الإسلام.. وتقصر عن ذلك كافة الأديان الأخرى.. خصوصا المشهورة بالتسامح وسمو الأخلاق منها.. فالمسيحية والبوذية مثلا- كمثال لتلك الديانات السامية- كانت نظرتها للمرأة ضيقة جدا ومرهونة بإطار زمن غابر .. وهذه النظرة لم تتطور في الديانتين تطورا يذكر إلى الآن.. فالبوذيون مثلا إلى اليوم يرى أغلبيتهم أن عمل "الرهبنة" هو عمل يخص الرجال فقط.. ولهذا تجد النساء البوذيات اليوم صعوبة إجتماعية كبيرة للدخول في سلك الرهبنة، والذي هو سلك الخلاص الذي تطرحه البوذية.. إذا يبدو أنها تطرحه للرجال فقط دون النساء..
والفكرة الجمهورية اليوم تدعو الرجال والنساء للعمل معا لعهد المستقبل.. العهد الذهبي للإسلام.. أو عهد المستضعفين في الأرض ، وأولهم النساء..
قصي همرور
| |
|
|
|
|
|
|
فاتحة لحوار مثمر: في الرد على بولا (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
عريزي بولا ارجات الرد عليك لاسباب:
منها-اولا- ان البورد لم يكن في حالة تسمح له باستقبال حوار جاد.
ثانيا: نفذت الى روحي اشارتك اللطيفة عن الحوار, وعن ضرورة ان نتجنب ان يتحول –كما اسميته انت- الى حرابة. و"الحرابة" عندي اكثر وقعا من كلمة "حرب" ,
فانت ورفيق عمرك حسن موسى من الذين يجيدون مزج العامية بالفصحى , بل من الذين يعيدون اكتشاف الدلالات الموحية والعميقة للهجة العامية. ولذلك جعلت لنفسي مجموعة من الفروض "الهوم ورك" , حتى يكون ردي فاتحة لحوار حقيقي وعلمي وخال مما يمكن ان تشتم منه " رائحة العنف".
ما يمكن ان يحسب عنفا احيانا قد يكون مؤديا للغرض , فانت اتهمتني بذلك , لكنني لا اجد ما اعتذر عنه , وربما حدث التباس في فهمك لما قلته انا , وساحاول من خلال الرد ان اوضح –ما امكن – مقالي , وان اشرح ما بدا لي انه التباس.
وما زلت عند رايي حول القراءة النقدية وعن تحفظاتي حول ورقتك . واما ما بدا لك عنفا , فلا اراه بمثل ما نظرت اليه, ولا ارى داع لان اتنازل عنه , وفي ذلك مذهبي هو ما قاله الاستاذ محمود محمد طه في خاتمة كتابه "القران ومصطفى محمود , والتفسير العصري, حين وجه كلامه الى الدكتور مصطفى محمود قائلا:
Quote: " لم أجامل الدكتور الفاضل، ولم أتحامل عليه .. وما ينبغي لي .. ومن الجائز أن القلم قد جرى، في بعض المواطن بعبارات تشتم منها رائحة العنف فما أريد، هنا، أن أعتذر عن شيء منها، فقد كنت أستخدم من الكلمات ما يؤكد معنى ما أريد". |
سابدا باشارتك التي تقول فيها: أولاً أنا لستُ سعيداً بتسميتك لمساهمة الأستاذ محمود محمد طه السامقة ب"الفكر المحمودي" فمساهمة الرجل وسيرته في الناس، بل سيرته في الأشياء والأحياء، وسيرته في حركة الحفر والتجديد في الفكر الإسلامي والإنساني، لا تتناسب مع هذه الصيغة "الإخوانية/السلفية" التي توحي بِالاستخفاف، وربما قلتُ تدعو إلى حملها على صفة المحدودية الشخصية مغلقة الأفق. لا سيما وأن في الجو الفكري والسياسي , عقيدةً سائدة بأن مساهمة الرجل الفكرية والسياسية قد انتهت بموته الفاجع". ولم تكتف -يا بولا-بذلك الاعتراض, وانما ارفقته بطلب لي كي اعتذر عن فعلتي . وللرد على ذلك اقول: لست من الذين لا يعتذرون اذا اخطات. لكنك عزيزي بولا لم تكلف نفسك,قبل ان تدينني , بان تسالني لماذا اجريت النسبة للخطاب الى محمود وليس الى الجمهورية. فكانك اقتنعت-سلفا- انني اتبنى خطاب الكيزان , وانني اقصد اهانة الاستاذ محمود واهله والجمهوريين, وكل محبيه وهم اكثر بكثير من مشايعيه.
وتوصلت عزيزي بولا الى انني ليس لدي ما اقوله غير الاعتذار. كنت ولا ازال اظن انك لا تعتقد انني بهذه الغفلة, وذلك السوء بحيث اتبنى خطاب الكيزان والسلفيين. ولانك عزيزي بولا جديد في المنبر لم تتابع البوست الذي كتبته بمناسبه ذكرى استشهاد الاستاذ, وكان بعنوان " تجسير الهوة بين الحداثة والاسلام: الفكر الجمهوري نموذجا". وساهم في ذلك البوست النورحمد وعبداللطيف على الفكي, وحين سمع به دكتور النور حمد قال:انني اقف على امشاط اقدامي".
ولم استخدم في ذلك البوست اية نسبة الى محمود. وقد استخدمت النسبة الى محمود-بعد ذلك - لاسباب بحثية.
فالنسبة الى الجمهورية تخلط ما كتبه الاستاذ بمؤلفات الاخوان الجمهوريين . ولذلك راينا ان هذه النسبة مناسبة للتفريق بين كتابات الاستاذ وبقية الاخوان الجمهوريين.
كما ان ذلك مرتبط بفكرة اساسية عند الاستاذ محمود الا وهي مسالة الفردية, وتمايز الفرد عن القطيع.
صحيح ان السلفيين والكيزان وعلى راسهم الترابي تبنوا تلك النسبة للاساءة الى فكر الاستاذ. فاذا كانت القوى السلفية استخدمت تلك النسبة بشكل مغرض, فهذا لا يعني الا نستخدمها وتصبح من التابوهات.
فانت يا عزيزي بولا, تعرف ان اللغة مرتبطة بالسياق. فما نتحدث عنه الان من اختلافات او ما يمكن ان يسمى شجارات هو في حضرة فكر الاستاذ , وهذا كما تعلم هو ضد الفكرة الاساسية الاخوانية \السلفية التي ترى ان فكر الاستاذ سيموت بموته. وكما تعلم استاذي بولا اننا في اللغة, يمكن ان نفرغ العلامة اللغوية من معناها المتداول لكي نملاها بدلالة مغايرة جديدة , وهذا ما افعله انا بخصوص النسبة الى محمود.
واختم كلامي حول هذه النقطة بالاتي:
ليس لي من هدف لاهانة احد في ما قلته بخصوص الخطاب المحمودي, وما اجريته من نسبة كان لاسباب بحثية تتفق في غايتها مع مفهوم الاستاذ حول "الفردية".
ولنات الان لنتحدث الى مقال بولا
ذهب استاذي بولا الى انني قصدت الزراية بمقاله , والى ان بولا غير ملم بمجمل الخطاب المحمودي. كلامي لم يكن عن الزراية , وانما عن النمذجة التي قال بها النور.
وما طرحته من احتمالات حول ما سميته بالنقص البنيوي, كان لايجاد اسباب تبرر ان المقال لم يكن بالصورة التي توقعتها من خلال الترحيب العالي به , وايضا من خلال معرفتي بالقدرة البحثية والنقدية لبولا. وكلامي لم يكن تشكيكا في عدم المام بولا بالخطاب المحمودي, وانما تحدثت عن الاتي:
وحتى لو اراد الكاتب ان يتناول تلك المساهمة من خلال كتابين فقط, فكان عليه ان يوجد مبررات بحثية مقنعة, وهذا لا يمكن ان يتم باي حال من الاحوال دون الاطلاع على الخطاب كله
ولانني لاحظت ان بولا بنى فكرته من خلال "الرسالة الثانية" , كنت اتمنى ان يشير الى ذلك ويبرره. وهذا مجرد اقتراح يساهم في توضيح رؤية الباحث..
اما كلامي عن النقص البنيوي, فمرده انني شعرت ان بولا لم يستفد من معرفته بمجمل الخطاب المحمودي, فبدا لي ان الامر مرتبط بعدم توفر المراجع في زمن الكتابة , و ليس بعدم الالمام بالخطاب المحمودي.
وبما ان احترازاتي لم تكن صحيحة ,
فسوف اقول راي باختصار في مقالة بولا:
اخذت الاستشهادات من"الرسالة الثانية" مساحة ضحمة كان اولى بها الهوامش, وهذا مااحس به بولا حين قال الاتي: "كان لا بد من إيراد هذه الإستشهادات الطويلة لعدة أسباب".
وقد لاحظت ان متن الدراسة هو في الغالب الاعم قراءة غير مكتملةل"الرسالة الثانية.
وساقول رايي في ذلك باختصار , واذا ما طولبت بالنصوص فسوف اوردها عند الطلب:
1-لم تشر الدراسة الى مفهوم التاويل والذي استند عليه الخطاب المحمودي حين قال: "ولذلك إن البشرية اليوم لا تحتاج إلى تفسير جديد للقرآن، وإنما تحتاج إلى التأويل".
2-اشار بولا الى بعض الثنائيات-الموجودة في "الرسالة الثانية" مثل الاصول والفروع,ومفهوم الاسلام, لكنه لم يشر للثنائيات الاتية في كتاب"الرسالة الثانية":
المكي و المدني الاسلام و الايمان الاخوان و الاصحاب السنة و الشريعة
3-كما لم يشر الى التداخل بين الرسالتين الاولى والثانية , ولذلك كانت انتقاداته ضعيفة
واكثر من ذلك لم يشر الى :
4-مفهوم القرن العشرين باعتباره نهاية التاريخ,
5-وايضا النزعة الرسالية الكونية ,
6-ومسالة عودة المسيح او الميلاد الثاني, والتي مرتبطة ارتباطا اساسيا بالمساهمة التجديدية للاستاذ محمود
وارجو ان يكون ردي هذا فاتحة لحوار عميق وارقدوا عافية
المشاء
(عدل بواسطة osama elkhawad on 07-19-2004, 05:58 AM) (عدل بواسطة osama elkhawad on 07-19-2004, 05:59 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
|