دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
هذا هو الإستبيان وهو ايضا يؤكد ضرورة هذا البوست وضرورة التصحيح ======= يعتبر الاستاذ محمود محمد طه،نبأ عظيماً،في الفكر الاسلامي،ولايزال الناس يتسألون عن النبأ العظيم،الذي هم فيه مختلفون . هبط به خصومه الي هاوية السحر والشطح الاثم،ووصفوه بالذندقه،والخروج عن مله الاسلام وقد اسرفوا في بغضه وتجريحه وقالوا عنه مالم يقله مالك في الخمر. أما محبوه فقد ارتفعوا به الي افق البهاء المقدس،والي معارج البطوله الخارقه للناموس !! واليكم الاستطلاع الصافي مهدي الصافي كليه القانون حزب الامه القومي ان إعدام الاستاذ محمود محمد طه من اكبر الاخطاء في السياسه السودانية وان الاستاذ هو عملاق الفكر والرجوله وان الشهيد محمود محمد طه قد واجهة حبل المشنقة بابتسامه إهتزة اليها الضمير الانساني واعتقد ان الهوس الديني كان وراء المهزلة. محمد عبد الكريم عبدالله خامسه طب بيطري علي حسب علمي ان المرتد محمود محمد طه في البدء لم يات بجديد وانما ردد اقوال السابقين من الصوفيه امثال الحلاج وابن عربي،وهذا هو الذي ادي به الي الوقوع في الردة وان قتله كان جزاءً له وإن لم يعدم فانه كان سيكون رمزاً للغرب ومدعاة للفتنه. بشير عبد الله ادم كليه الهندسة جبهة ديمقراطية ان إغتيال الاستاذ محمود محمد طه يؤكد ان الفكر الاسلامي لازال يتقوقع في الفتاوي والمتون الجاهزة وان هنالك حالة عجز وتكلس في المذهبية الاسلاميه. ومحمود محمد طه امتداد لابن عربي ونجم الدين الطوافي الذين اعتلوا المشانق لتبقي الفكرة والمبداء. ومن الماخذ علي الجمهوريين ارتباط الفكرة بفرد اختفي وجودها باعدامه. فاطمه عبد الوهاب ثالثة قانون الحقائق غير واضحه لا اعرف علي وجه التحديد ما حدث.. نتمني ان يكون شهيداً. عاطف عوض الجيد الريح رابعه اداب لم اسمع به اطلاقاً. ابوبكر محمد احمد انصار سنه قانون حد الردة الذي طبق في محمود محمد طه صحيح ولكن كان لاهداف سياسية بحتة ومحمود محمد طه قد انكر ما هو من الدين بالضرورة مثل إنكارة الصلاة بهياتها وحركاتها المعروفه. منجواك مطوك تونق A N F اعدام محمود محمد طه هو انتهاك لحقوق الانسان لانه مفكر عالمي وقد اعدم بقوانين سيئة لانه قال الحق واعتقد ان اعدام الاستاذ وراءه جماعات الهوس الديني لتحقيق اغراضها الشخصية ولعجزها عن مجادله الجمهوريين فكرياً. فاطمه الريح ثالثه اداب لم اسمع بهذا الشخص ابداً وماعارفه من اعدمه ولماذا. يونس ماثيو كليه الصحه اعتبر الاستاذ محمود كالمسيح لانه بذل فكره من اجل تحرير الانسان ويكفي انه صاحب المقوله الشهيرة الحريه لنا ولسوانا واعدامه كان اعداماً سياسياً واعتقد ان دمه لن يروح هدراً. وسيظل فكره نوراً وشعاعاً يهدي الاجيال القادمه الي المستقبل في سوادن جديد. الطيب محمد الطيب ثالثه اداب اعدامه حق لانه خرج عن نطاق الاسلام والف كتب تدعو للخروج عن ملة الاسلام لذا اعدامه عين الحق. هاله محمد احمد ثالثه اداب ليس لدي معلومات عن هذا الموضوع. يناكيم تومس علوم إدارية ان الاستاذ محمود مفكر بل هو المفكر الاول في السودان واعدامه اكبر خطأ ارتكبه النظام المايوي وانه شهيد الحريه والديمقراطية. عبد العزيز جمعه الاستاذ من اوائل المفكرين في السودان ولم يجد فكره ارضية خصبة بسبب الجهل في ذالك الوقت. واعدمه الهوس الديني لانه كان عقبة في طريقهم ولان الجمهوريين يمتازون بالحجة والفكر. نسرين مساعد اداب لااعرف عن هذا شي. اشويل اجانق ان اعدام الاستاذ هو انتهاك لحقوق الانسان وان الاستاذ كان يدعو الي فكره بالتي هي احسن وهو صاحب فكر فكان يناقش بادله قاطعه. صلاح الطيب علي اداب يتمتع الشعب السوداني بذاكرة مثقوبة بحيث تسرب اكبر الفجايع التي ارتكبت في حقه وانسانيته ذاكرة العفو والمغفرة لكل الذين وضعوه علي المغصله. ولكي تكون هنالك لحظه تاريخيه حاسمه لابد من منشط كيميائي ثوري حتي يتم الغاء كل تواريخ العفو وهكذا تسرب الاستاذ كغيرة عبر هذة الذاكرة المثقوبه. فكرة من ابرز المعاجات الفعاله للقضايا الراهنه عبر تاريخ طويل من الجمود الذي كاد ان يجعل من الدين مادة باردة ومنكمشة. محمد مختار قانون علي حسب علمي بهذة القضية ان القضاء لم يكن عادلا ولم يكن مستقلا في هذة القضية بالذات واري ان اليد السياسية قد امتدت بقذارة واثرت في الحكم واعتقد ان هناك بعض المفكرين المعاصرين لهم اليد الطولي في هذا الحكم وذلك لاشياء في انفسهم. عاطف حسن بلول انصار سنه قانون ان ما يعتقده محمود محمد طه هو عين الردة عن الاسلام متي اقيمت عليه الحجة وانتفت عنه الشبهة ولا ينبقي ان نغتر بفكرة عاطفيا دون تجريد الحقائق والمغازي وان الرسول صلي الله عليه وسلم قال:من بدل دينه فاقتلوة،فانها مساله شرعيه لاتقبل المزايدات السياسية فالتنظير في الامور الاجتهادية باب وانكار القطعيات باب اخر. الطاهر بدر الدين حامد علوم الحديث او النص المستند عليه في التشريع يعتمد علي اشياء كثيرة الوضع الاجتماعي المرتبط بالزمان والمكان ومستوي الادراك العقلي وحديث من بدل دينه فاقتلوة من احاديث الاحاد ولا يمكن الاخذ باحاديث الاحاد في الحدود ولم يرد نص في القران الكريم بقتل المرتد. فاطمه الريح ثالثه اداب ليس لدي اي فكرة عن هذا الموضوع. ليلي الخليفة احمد اعدام الاستاذ محمود وصمه ستبقي وعارها لن يبيد ابدا مالم يصحح كل من تورط في اعدامه موقفا واضحا تجاه الاستاذ ويعترف فيه بكل صراحه انه نادم اشد الندم علي جريمته التي ارتكبها في حق هذا المفكر. منال محمد ثالثه اداب لااعرف شي عن هذا الموضوع. وائل طه محي الدين جبهة ديمقراطية ظاهرة اعدام المدنيين سياسية غريبة علي الواقع،ويعتبر حدث اغتيال الاستاذ الثالثة في تاريخ السودان الحديث ولم يجد النظام المايوي العسكري مناصاً سوي التخلص منه يساندة حلفاوة الاسلاميين باعتبار الخطر الفكري من الجمهوريين عليهم عموما يعتبر الحدث منافيا لقوانين حقوق الانسان وللتقاليد والاعرف السودانيه. نيازي ادم رحمه اقتصاد انصار سنه اعتبر ان محمود محمد طه مرتد ويدعو الي فكر منحرف تم تهجينه وتطويرة من كتب الفلاسفه وغلاة المتصوفه الذين دعو الي وحدة الوجود والاتحاد ووحدة الشهود غير ان اعدامه لايخلو من المصلحه الحزبية. نهي حسن قانون ان الاستاذ محمود دون ادني شك ليس ممرتد وانما هو شهيد وفكرة يمثل الاسلام الحقيقي لا الاسلام المزيف (اسلام الشعارات) زينب عوض قانون ان اعدام محمود محمد طه من اكبر الاخطأ القانونية التي وقع فيها القضاء السوداني انذاك لان عمره قد تجاوز السبعين وبالقانون لايجوز اعدام من تجاوز السبعين كما ان الردة لم تكن معلقبا عليها وفق القانون الذي طبق فيه. سماح بشري كليه الاقتصاد عضو حقوق الانسان بجامعه الخرطوم ان الشهيد الاستاذ محمود قد قدم فكرا يحل التعارض ويواكب انسانية القرن العشرين من داخل القران . واعدامه انتهاك لحقوق الانسان واساءه الي الاسلام لانه قد اعدم باسم الاسلام. ايمن محمد الحاج اقتصاد محمود محمد طه حركه تصحيح الاصلاح الديني بفلسفه منطقية نحو فهم الحياة السياسية والدينية واعدامه كان خطأ كبير. وهو يمثل حركة فكر وتحرر من الهوس الديني. النعيم خالد قانون فكر محمود محمد طه فكر ديني بطريقة فلسفية صحيحة واعدامه يعبر عن حاله عجز وقصور في الادراك الديني. عبد المعز الزين عبد المجيد اداب ان الجمهوريين مازالو يتعاطون فكر محمود محمد طه بمنعطف تهويلي حدثي تتمركز وتتجسد فيه شخصية محمود محمد طه اكثر من منطق الاضافه والتساؤلات التي طرحها مشروعه والتي هي نقدية تجديدية للفكر الاسلامي. واني اتعاطي هذا الفكر حاليا كموروث معرفي فشل المتصوفه(الاخوان الجمهوريين)في تطويرة والحفاظ علي استمراريته التي هي روح المشروع. فقد برعوا في الانشاد العرفاني(المديح)اكثر من الاضافه واستوعبوا فكرة التجلي التي يمثل محمود محمد طه مركزها وفشلوا في استيعاب روح فكر الاستاذ. ويمكن القول ان الفكر هو فكر محمود محمد طه ولاينتسب الي الجمهوريين ودفن المشروع مع صاحبه لانه افتقد سمه الاستمرارية والتطور. اسماء النور حمد كليه الاداب لا اويد اعدام الاستاذ محمود فمن الحرية والديمقراطية ان يعتقد كل شخص ما يشاء مالم يضر ذلك باحد والفكر الجمهوري فكر يمكن اعتبارة تقدمي ومن الماخذ علي الفكر الجمهوري اختفاءة بعد 18 يناير حادثة الاعدام. لام جون كوي الجبهة الديمقراطية المتحدة U D F اعدام الاستاذ محمود من ناحية قانونية كسابقة قانونية من اكبر الاخطأ الذي وقع فيها القضاء السوداني ان ذاك لانه شيخ كبير واعدامه يعتبر انتهاك لبند الحريات. سامي عبد الرحمن محمد اداب ان الفكر الجمهوري فكر تقدمي نابع من قلب القران الكريم ويخاطب العقل والفطرة السليمه وهذا ما امتاز به الجمهوريين ولكن هنالك ثمه اسباب وظروف في حينها ادت الي عدم الفهم السليم للفكرة من بين تلك الظروف التخلف والجهل بين السودانين مما جعلنا نقول ان الفكر الجمهوري كان سابقا لاوانه اما بخصوص اعدام الاستاذ فهو من اكبر الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني والانسانية جمعاء واعدامه كان تصفيه سياسية ارتكبها السفاح نميري وعرابو رحطه ومما يوكد ذلك تصريح نميري لاحد الصحف السودانية بعد عودته الي السودان في قوله ان اعدام محمود محمد طه كان بمثابه(غشة)من الترابي وهكذا حال حكامنا. وفي راي ان الاستاذ محمود هو شهيد الفكر والديمقراطية والحرية. عبد الرحمن الشيخ احمدكلية القانون حزب الامه القومي عضو المجلس الاربعيني للاتحاد الحالي في البداية اود التركيز بانه في وقت اعدام الاستاذ محمود محمد طه كنا صبية صغار لا نتذكر من ملابسات تلك الجريمه الا الحدث حيث كانت تتناوله وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وقتها بالتاييد، وبعد ذلك ما بين مؤيد ومعارض ومتحفظ ومبرر. الا انه باي شكل من الاشكال فان فكرة الاعدام بسبب الفكر اي كان فهي مرفوضه من حيث المبداء ناهيك عنها لمفكر اطلعنا فيما بعد علي فكرة بالرغم من شح مصادرة وصعوبة التوصل اليه. زاعدام الاستاذ جريمه في حق الاجيال التي كان يمكن لذلك الفكر في الاسهام في تخلقها عن طريق البحث والنقاش. والفكر الجمهوري جدير بالاحترام غير انه محتجب لاسباب لا اعلمها انا شخصيا فانا لم الحظ اي نشاط اللجمهوريين سوي فعالية واحدة عبارة عن الاحتفال بالذكري ال19 لاستشهاد الاستاذ محمود محمد طه بجامعه الخرطوم تحدث فيها الاستاذ المهندس عبد الله فضل الله. احمد عزالدين سالم موتمر شعبي محمود محمد طه صاحب فكر وكان من الاجدي محاورته فكريا،لان الله سبحانه وتعالي لم يامرنا بقتل حزب الشيطان وسحق عظامه ولكن بشرنا بخسران حزب الشيطان وفلاح حزب الله. كما ذكرت فان محمود محمد طه مفكر واعدامه جريمه. قد اتيحت لي فرصة قراءة كتاب لمحمود بعنوان الثورة الثقافية اتنقد محمود في هذا الكتاب الماركسية بفكر متقدم. ومن الماخذ علي الجمهوريين انهم كانوا من المويدين للخفاض الفرعوني وقد قاد محمود ثورة في هذا الموضوع برفاعة. كما ان الفكر الجمهوري ارتبط بشخص محمود واختفي باعدامه. ثم انهم (الجمهوريين)ايدوا نيمري الذي اعدمه فيما بعد. ميد جيمس هندسه كهربائية اعدام محمود جريمه نكراء لن يسكت عنها التاريخ.واعتقد بان اكثر تنظيم سيكون له راي واضح في فترة ما بعد السلام هم الجمهوريين(اذا قدر لهم الظهور)فسوف يسيطروا علي الساحة السياسية وذلك لقوة فكرهم الذي طرحوة. تهاني حسن محمود محمد طه شيوعي واعدامه حق وفكرة منحل. انتهي ومهما يكن من امر فان اعدام الاستاذ محمود محمد طه ودفنه في مكان غير معروف مسرحية وحشية،لاتمت الي الانسانية،او الادامية بسبب او نسب.
ابراهيم الصديق ابراهيم جامعه الخرطوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
وهذه رسالة من معد الإستبيان للدكتور ياسر الشريف يبسن فيها آلية إجراء هذا البحث الخ الخ ====== الأستاذ المحترم / ياسر الشريف تحية واحترام
إن الآلية التي أجريت بها هذا الاستطلاع آلية عشوائية، وكل الذين أجريت معهم هذا الاستطلاع ليس لدي سابق معرفة بهم عدا زملائي في كلية القانون الذين تربطني بهم رابطة الزمالية. لكن هنالك شخصيات تعرفها الجامعية مثلاً: وائل طه، أبو بكر محمد أحمد، لام جون كوي، فهؤلاء كوادر لتنظيمهم وبالتالي معروفين للجميع. وكل ما فعلته أنه لدي دفتر قمت بإعطائه لكل فرد من أفراد العينة العشوائية لكي يكتب رأيه عن هذا الاستطلاع وكانت الأسئلة المطروحة كالآتي: ما هو رأيك في إعدام الأستاذ/ محمود محمد طه؟ ما هو رأيك في الفكر الجمهوري؟ فقد قمت بنقل ما أورده الطلاب في الدفتر بالنص دون تبديل كلمة محل كلمة أو تحريك. أرحب بأي اقتراحات إضافية لأسئلة الاستطلاع أو تعليق عليه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
وعند قيام ثورة رجب (مارس -ابريل) 1986م، كان من المقرر ان تعتقل، ولكن ذلك لم يحدث، ووجهت اليها تهمة القتل العمد لمحمود محمد طه، ثم شُطبت بعد الانتفاضة، قدمت بدرية طلبا لالغاء الوظيفة (رئيس ادارة التشريع والادارة القانونية)، وقبل الطلب واحيلت الي المعاش، وبعث لها المشير عبد الرحمن سوار الذهب بخطاب شكر وتقدير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
ثلاثة عوامل ادت لسقوط النظام المايوي حسب تحليلي وربما اكون مخطئة في ذلك ü وماهي تلك العوامل؟ ـ اولا بعد المصالحة الوطنية تراجع حزب الأمة عن المشاركة وفرج الصادق المهدي من الاتحاد الاشتراكي رغم استمرار (ناسه) فهذا اتاح تغلغل الاخوان داخل السلطة وآثار بعض الشخصيات المايوية وبعض الشخصيات التي لاعلاقة لها بالاخوان (مايويين او احزاب انضمت للنظام) ثانيا: تطبيق الشريعة الاسلامية بطريقة اساءت للشريعة وحتي الرئيس نميري نفسه ذكر ذلك لاحدي المجلات ثالثا: اعدام محمود محمد طه ومايو ما كانت في حاجة لاعدامه. http://alanbaa.info/new1/index.php?type=3&id=3233&bk=1 ------------------
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
جزء من لقاء مع ميرغنى النصرى ==== {ما هي الشخصيات التي أثرت في شخصيتك وجذبتك إلى غمار السياسة؟ -الأسماء كثيرة لا يسع المجال لذكرها ،لكن عبيد عبد النور هو أكثر الشخصيات التي أثرت في شخصيتي وسلوكي فهو كان أستاذ لغة عربية وتربية إسلامية يدرس بطريقة مثالية وبأسلوب طري وملئ بالعاطفة ،وأيضا إسماعيل الأزهري أبو الوطنية السودانية ،وكثيرون في حياتنا منهم شيخ الخاتم في مؤتمر الخريجين ومحمود محمد طه وهو من رفاعة وكون الحزب الجمهوري في رفاعة وعمل أكبر ثروة ضد الاستعمار من المدينة في عام 1946م. {التورة كانت بسبب الختان وليست لطرد الاستعمار ؟ -كانت بسبب الختان هذا ، فالممثلة الشهيرة فائزة عمسيب هي التي تسببت في الثورة عندما ختنت فرعونيا وألقي الإنجليز القبض عليها وعلى المرأة التي قامت بختنها ووالدتها ،هنا ظن أهالي رفاعة أن المستعمرين تدخلوا في شؤونهم الخاصة فقامت الثورة بقيادة محمود محمد طه ،وكانت ثورة حقيقية ذهب فيها أهالي رفاعة إلى مدينة الحصاحيصا واحتلوا مركز شرطة المدينة وضربوا نايلت وريت مدير شرطة المديرية الإنجليزي
http://alanbaa.info/new1/index.php?type=3&id=12062&bk=1
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
لا أرى أي داعٍ لنقل المزيد لأن الأمر كما يقول أهلنا ( الجواب معروف من عنوانه) ولكن نسي المفكر العلامة البحر الفهامة دونالد بايبيس(تقدس سره) شخص ثالث لا أفهم أي سبب لعدم ذكر اسمه طالما ذكر (فرج فوده ومحمود محمد طه)، الآ وهو سلمان رشدي أليس هو أيضاً مفكر (إسلامي) مثله مثل طه وفرج فوده!!؟. الشيء بالشيء يذكر، هناك أغنية للممثل محمود عبد العزيز في فيلم ( الكيف) قال فيها ( يا حلو بانت لبتك أول ما دابت قشرتك) ما رأيت أنسب من هكذا مطلع لأغنية أهديه للعلامة البحر الفهامة دونالد بايبيس!! ... http://alanbaa.info/new1/index.php?type=3&id=19858&bk=1 --------------
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
ومن الرأى العام ==== تحت الضوء
أسماء محمود محمد طه بعد (17) عاماً من الغياب
تروى قصة والدها .. وتكشف مزيداً من أسرار تلك الايام...
حاورها / ضياء الدين بلال-تصوير / ابراهيم حامد
بثوبها الابيض وابتسامتها الناصعة ،كانت اسماء ابنة الاستاذ محمود محمد طه وابرز القياديات الجمهوريات فى وقت مضى ، والعائدة الى الوطن بعد غياب اقترب من ان يكمل ثمانية عشر عاماً ، وابتعاد عن اجهزة الاعلام فاق تلك المدة،كانت اسماء تجيب عن اسئلتنا التى تفرض عليها محددات المهنية والصراحة ان تكون( قاسية) بعض الشئ خاصة على من يملك الاجابات التى تخرج منهم من تحت الاظافر، ولكن يفعلون ذلك معك بود يلقى عليك كثيراً من الحرج وان اصابهم بكثير من الألم ، كان الحوار مع اسماء اقرب للتداعى الحر ،ينتقل من العام الى الخاص والى الخاص جداً احياناً ،دون ان يلتزم بالمنهج الارسطى (مقدمة وموضوع وخاتمة) ولا بذوق المتصوفة الذى قد يحافظ على سلامة الخاطر وان اصاب الاذى الفكرة، ولان اسماء قلّما تحدثت بعد رحيل والدها الاستاذ محمود محمد طه ، لهذا كان الحوار معها بطعم مختلف وكانت اجاباتها بثبات جميل وسماحة ناجعة.
--------------------------------------------------------------------------------
* قبل ان نتحدث معك عن العودة ،فلنبدأ بالحدث عن الخروج من الوطن باي حيثيات تم؟
= خروجي كان فى 1990 قبل العيد الاول للانقاذ ، وكان ذلك قراراً سياسياً ولكن رتبت له ونفذته بطريقة شخصية ،عندما جاء انقلاب عمر البشير كنت فى حاجة لبعض الوقت لمعرفة وجهة الانقلاب وعندما ثبت لى انه انقلاب يمينى وسيسير فى ذات الخط الذى سارت عليه مايو فى اخريات ايامها وهى تطبق قوانين سبتمبر وما اصابنا من هذه القوانين من مأساة شخصية وعامة باغتيال الوالد والصورة التى تم بها الاغتيال،ادركت وقتها (انو انا ما عندي مكان فى البلد دي) فاما ان اطأطيء رأسى لهذ الواقع الجديد او اقاومه وأقع تحت طائلة قوانينه القمعية ،فكان خياري الرحيل من البلد والبحث عن بلد آخر يوفر لي حياة كريمة انا وابنائي.
* استاذة اسماء ..حتى فى ايام الديمقراطية كان حماسك فاتراً تجاه العمل العام ،هل كان ذلك لوقع حدث اعدام الوالد محمود محمد طه عليك ؟
= صحيح ،لم نكن كجمهوريين متحمسين للعمل المنظم وذلك لطبيعة الفكرة الجمهورية نفسها فهى فكرة (عندها صاحبها متولي امرها ونحنا تبع له.. ) والفكرة لها جذور وارتباطات دينية اكثر من كونها عملاً سياسياً فقط ، وبها تعقيدات تصعب من العمل فى غياب ''صاحبها''.
* يبدو ان هذا مصدر ضعف الفكر الجمهورى ، اعتماده على فردية القيادة ومركزيتها ،فالافكار والرسالات يجب ان تكون لها قابلية ذاتية للبقاء والاستمرار فى غياب مطلقها؟
= انا اتفق معك فى ان الافكار لا تموت ، الافكار الجمهورية باقية ولكن انا اتحدث معك عن العمل التنظيمى ، ويمكن ان تلاحظ ان معظم ما دعا له الاستاذ هو الآن فى طريقه للتحقق على ارض الواقع ،منها دعوته لحل مشكلة الجنوب سلميا والتى كانت من اسباب اغتياله حيث كانت من ضمن ما جاء فى بيان (هذا او الطوفان) ،وتجد الآن الحديث عن قضايا المرأة ومساواة الرجال بالنساء.
* استاذة اسماء باحساسك كبنت تجاه والدها احكى لنا اللحظات الاخيرة قبل اعدام الاستاذ محمود؟
= هى ايام فوق الوصف، ولا استطيع ان انقلها لك بذات الاحساس الذى كان وقتها ،نعم الاشياء كانت متداخلة وانت تنظر لوالدك مقاداً الى الاعدام ،وهو يبتسم للخطر القادم ويلفت نظر المحامين الذين جاءوا لنصرته لمحكومين آخرين معه بالسجن ليتبنوا قضاياهم، وهو محكوم عليه بالاعدام ،ونحن جزعين عليه و حالة الاطمئنان التى يعيشها تنسحب علينا فى مرات وتنسحب منا فى مرات أخرى.
* ماذا دار بينكما فى اللحظات الاخيرة ؟
= لم تكن هنالك فرصة للالتقاء به بصورة منفردة ،فقد كنا نذهب اليه كمجموعة ،ولكن فى مرة اقترب مني وقال لى (الموضوع دا حيتم. ثقي فى الله ، وارضى بحكمه)،كانت لتلك الكلمات وقع اصابني بكثير من الحزن.
* باحساس البنت تجاه والدها ،هل حاولت ان تؤثري عليه كي يتراجع عن آرائه امام المحكمة ؟
= كنت اعرف تماماً انه لن يتراجع عن افكاره.
* ألم تحاولي معه ؟
= كنت اتمزق من داخلي ولكن تربيته لى كانت تمنعني من ان اطلب منه التنازل عن افكاره.
* هل كانت لك قناعة وقتها ان الاعدام لن يتم ، وان هنالك تدخلاً بشرياً او غيبياً سيحول دون ذلك ؟
* صمتت فترة.
=ثم قالت : كنت اعتقد ان هنالك شيئاً سيحدث سيؤجل التنفيذ (كنت حاسة انو فى شئ سيحدث حيغير مجرى الاحداث)..كان ذلك نابعاً من قناعة واعتقاد ديني.
* الى متى كانت هذه القناعة ترافقك ؟
= الى آخر لحظة ،عندما علمت ان التنفيذ قد تم كانت بالنسبة لي مفاجأة كبيرة.
* هل كنت من ضمن الحضور بسجن كوبر ؟
=لم اكن هنالك فقد منعتنا السلطات الامنية من الحضور لمحل التنفيذ، كانت قوات الامن تحيط بمنزل خالتى بكوبر حيث كنا هنالك (اصلو نحنا كنا.......)
صمتت لفترة(........)
* قلت : هل كان اتباع الاستاذ محمود يتوقعون حدوث مفاجأة غيبية تمنع تنفيذ الاعدام؟
= انا حدثتك عن قناعتي الشخصية ، ويمكنك ان تسأل الآخرين عن قناعاتهم ، هذا امر شخصي.
* قيل ان دكتور القراي ودالي كانا يرددان بجامعة الخرطوم قبل يوم من اعدام والدك، بأنه لن يعدم لان قوة غيبية ستتدخل؟
= نعم ..هنالك من كان له هذا الرأي.
* هل اعدام الاستاذ محمود كان له اثر على تزعزع قناعتكم بأطروحته الروحية ؟
=( الاعدام جعلني آخذ وقفة ،لا فى سلامة الاعتقاد ولكن حول مقولاته بان الكبار يجب ان يفدوا الصغار مثل الشيخ الرفيع الذى فدى الناس من الجدري والشيخ طه الذي رفعت وفاته وباء السحائي ، وهو كان يرى فى القوانين وباء يستحق التضحية)
* المجموعة التى تراجعت عن الفكر الجمهوري بالمحكمة ،هل تم ذلك برضاء الاستاذ محمود ؟
= نعم ..الى حد كبير..!
على ما اعتقد هو اراد ان يفدي المجموعة التي كانت معه، عكس عدد من السياسيين يدفعون بالشباب الى المخاطر ويكتفون هم بالتنظير فقط.
* هل اقنعهم بالتنازل عن الفكر الجمهوري... عفواً اريد معلومة لا رأياً شخصياً؟
= لا استطيع ان اجزم بذلك ، لكني استمعت الى ان الاستاذ قد اطلق بعض الاشارات التى تؤكد ذلك.
* بعد الاعدام تفرق عدد كبير من الجمهوريين بين التيارات المختلفة العلمانية والاسلامية ،كيف تنظرين لذلك ؟
= الفكرة الجمهورية مختلفة عن التنظيمات الأخرى التى من طبيعتها الاحتفاظ بعضويتها بغض النظر عن المفارقات والتناقضات التى تحدث،الفكرة الجمهورية مطروحة كفكرة يتم الدخول اليها بقناعات محددة ويخرج منها اذا اهتزت هذه القناعات فى مرحلة ما ،نحن ليس لنا سجل للعضوية ولا مصالح حزبية.
* ألم يكن هنالك هيكل تنظيمي للجمهوريين ؟
= هنالك هيكل تنظيمى يقوم على الترتيب الروحي المتعارف عليه بيننا.
* ألم يكن هنالك خليفة للاستاذ محمود ؟
= (لا ما كان فى خليفة )
* فى اية لحظة من اللحظات ألم يناقش الاستاذ مستقبل الحزب الجمهورى فى حال غيابه؟
= لا. لم يتم ذلك !
فقد كان على اعتقاد ان فكرته ستنتصر.
* بوجوده ام فى غيابه ؟
=لم يحدد ذلك ،ولكنه كان يعتقد ان افكاره هى قبلة العالم وحاجة الانسانية والبشرية.
* هل كان يعتقد انه هو المسيح المحمدي ؟
= أبداً (مافى كلام وارد زي دا )..هذا مقام يختار له الله من يشاء ، والاستاذ لم يذكر ذلك فى كتبه.
(.......)
* هو لم يكتب ذلك ولكن كان يعلم ان اتباعه يعتقدون انه هو المسيح المحمدي ؟
= هنالك كثير من الصوفية يعتقدون فى مشائخهم انهم اصحاب مقامات معينة ،ليس على الاستاذ ان يحدد اعتقاد الآخرين فيه ، والذين عاصروا الاستاذ رأوا فيه كمالات لم يروها فى دعاة آخرين.
* أنت معه فى البيت هل رأيت فيه ،بعض الخوارق والما ورائيات؟
= طبعاً الفكرة دينية روحية فكثير ما يحدث ما هو مبهر واهم من ذلك قوة الفكرة وتطابق العمل مع الفكر ،وهذه كرامة فى زمن يقول فيه الناس ما لا يعملون (الاستاذ كان البقولو بعملو) ،والاستاذ قال ان الكرامة هى الاستقامة الفكرية وهى كرامة القرن العشرين.
* هل كانت هنالك خوارق تحدث له ؟
= لعدد كبير كان يحدث ذلك.
* انا اتحدث معك عن الاستاذ محمود ؟
= هنالك من يروى احداثاً كثيرة تنبأ بها الاستاذ وحدثت بالفعل.
* هل مرت بك انت بشكل شخصى ؟
= نعم ، ولكن لا اعتقد ان هذه هى المناسبة الافضل لذكرها.
* قيل انه فى العام 1979 بالهايد بارك بلندن اعلن بعض الجمهوريين ان المسيح المحمدى سيظهر قبل انتهاء القرن الرابع عشر؟
= هذه قناعاتهم ولا ارغب فى مناقشتها.
====== * هل صحيح ان والدك كان لا يؤدى العبادات الشرعية من صيام وصلاة وحج ؟
= (دا كلام فارغ )..!
الاستاذ له كتاب بعنوان (كيف تصلون؟ ) يتهم فيه المسلمون بأنهم لا يصلون رغم انهم يملأون المساجد , ولكن صلاتهم هذه لا تنهيهم عن الكذب والنفاق والفحشاء والمنكر و ......
مقاطعة
* هل ذهب الى الحج ؟
= لا ..!
قد يكون ذلك مرتبطاً بالاستطاعة
هل كان ذلك مترتباً على موقف فقهى وفكرى ام عن عدم الاستطاعة ؟ *
= هو له موقف فكرى اتجاه الدعوة لكل العبادات , فهو يرى ان العبد يترقى بهذه العبادات الى مراق يصبح فيها على علاقة خاصة بالله
*هل تسقط العبادات حينها ؟
= يسقط التقليد ولكن لا تسقط العبادات
*العبادات كأداء هل تسقط مع ذلك الترقي؟
= (الاستاذ لم يكن يصلى مثل صلاتنا دي لكنو كان بصلى )
*كان يصلى مثل من ؟
= لم يكن يصلى الخمس اوقات (ارجو ان ترجع الى كتاب رسالة الصلاة لان هذا امر كان يخص الاستاذ )
* كم كان يصلى من الخمسة اوقات ؟
= هو كان يصلى أكثر من الخمسة اوقات لان نفسه الصاعد والهابط كان صلاة ,وهو يرى ان العبادة يجب ان تكون اسلوباً للحياة تجلب الخير للناس وتمنع عنهم الشر
* وماذا عن الصيام ؟
= كل عباداته كانت خاصة به لانه اصيل فيها (ارجو ان ترجع فى ذلك الى كتبه لانها هنالك مفصلة بشكل اكبر )
* هل هنالك من الجمهوريين من وصل ذلك المقام ؟
= لا..!
صمتت فترة
ثم قالت :هذا على حسب علمي
* ولا اظن ان ذلك حدث فى التاريخ ؟
= نعم دعوته غير مسبوقة ,هنالك نماذج لبعض الصوفية مثل الشيخ احمد البدوي لهم شرائعهم الفردية
* هل كان يحثكم كابناء على الصلاة ؟
=بصورة اشد واكثر من الآخرين (فى وقت معين كنت انا شخصياً اغتسل عند كل صلاة ولا اصلى بالوضوء العادي )
* في اية لحظة من اللحظات ألم يساورك شك فى شرعية هذا الامر ؟
= ( انا من المعايشة الشخصية لللنموذج الذى حققه الاستاذ من استقامة ومن تطابق بين القول والعمل كانت كافية تماماً باقناعي والقضاء على اي شك )
* وعندما اعدم انهار كل شئ ؟
= التجسيد مهم , فى غياب الاستاذ فقدت الكثير ,علاقتي بالعبادات لم تعد كما كانت لم اعد اجد فى صلاتي ما كنت اجده من قبل
* يبدو ان هنا تكمن ازمة الفكر الجمهورى انه ارتبط بشخص القائد وذهب بغيابه ؟
= من الطبيعي ان يكون هنالك اثر عاطفى ونفسى لغياب القائد الروحى ولكن الافكار تظل ثابته وقوية,وافكار الاستاذ الان منتشرة بين الجميع وان لم تنسب اليه
* يتعجب الكثيرون من دعوة والدك للاعتراف باسرائيل ؟
= هو اشار من المراجع التاريخية الى وجود حق للاسرائيلين بفلسطين ,ودعا للتسامح والعيش معاً ,الفكرة الاساسية انه اراد ان يقول اننا كعرب ليست اسرائيل هى ازمتنا ولكن الازمة فى تصوراتنا وسلوكنا الذى يعبر عن قشور الاسلام وقشور المدنية الغربية
* قيل ان دعوته المبكرة للاعتراف باسرائيل فاضت على اتباعه بعد رحيله منحاًَ ومعاملات خاصة فى الدول الغربية ؟
= ( هذا غير صحيح انا ابنة الاستاذ عندما ذهبت لامريكا كنت اعمل فى مطاعم ماكدونالد انظف واعمل , واكملت دراستى الى ان وجدت العمل المناسب ,ولم تقم اية جهة باحتضاننا كما يشاع )
.
* هنالك من يقول ان ازمة الجمهوريين انهم يراهنون على التغيير لا عبر الجماهير ولكن عبر الحلول الالهية الجاهزة ؟
= لان الفكرة اديمها روحي والتسيير فيها تسيير مطلق على هدي الارادة الالهية
* كيف كنتي تفصلين بين محمود الأب ومحمود القائد الروحى.. بالنسبة لك؟
= الاستاذ محمود كان يعامل الجميع كابنائه حتى انهم كانوا ينادونه (ابوي الاستاذ),نعم رغم ذلك كان بيننا ماهو خاص واسرى
*ماذا كان يدور بينكم كبنت وابيها ؟
=كثير ما كان يوجهني لبعض الاشياء وينصحني ببعض النصائح التى قد لا يلقيها على آخرين ,وعندما اخطئ يعاقبني بالعزوف ,وكان ذلك عقاباً قاسياً بالنسبة لي
* ومتى كان يتعامل معك كأب فقط ؟
= عندما تكون هنالك جلسة خاصة تجمعني به دون حضور الآخرين, وهذه لحظات نادرة , كان يتحدث عن التضحية التى نقدمها كأسرة لا تستمتع كثيراً بالجلوس مع والدها, لانه كان يعلم ان ذلك يصيبنا ببعض الحزن (لماذا لايكون والدنا اباً عادياً لا يجابدنا فيه احد) , ولكن مع الزمن كنا نشعر بأن تلك تضحية قليلة امام الغايات العظام
* هل كنتم تشركونه فى شؤونكم الخاصة كبنات , وكيف كان ينظر لعلاقتكم بالجنس الآخر, واين تقف خطوطه الحمراء ؟
= الخطوط الحمراء تبدأ عنده وتنتهى بالمسؤولية الكاملة عن التصرفات ,وهنالك حدود يجب الا يتم تجاوزها ,فكرياً لم يكن له مانع من الاختلاط بين النساء والرجال فى المجالس العامة
* كيف كان ينظر للخلوة بين المرأة والرجل ؟
= كان يتعامل على اساس ان الشريعة تمنع الخلوة ,والمجتمع يرفضها
* هل الاعتبار الاكبر كان يعطيه للمجتمع ام للشريعة,والمعروف ان له رؤية اخرى للشريعة ,تتناقض مع ماهو سائد ومتفق عليه ؟
= هو يعلم ان المجتمع ملتزم بقواعد ضابطه لسلوكه,ومسألة العرض يصعب تصحيح اخطائها,نعم فالمجتمع مقدم عنده على الاعتبارات الآخرى ,وهذا لا يعنى الاستسلام للعادات والتقاليد السيئة ,فكان مقترحه بلبس الثوب الابيض وعدم الافراط فى استخدام الزينة
*هل كانت تلك ارشادات تنظيمية ام دينية ؟
= هذه اعتبارات سودانية متدينة والثوب الابيض زي ساتر وغير مقيد للمرأة ,وكل ما المجتمعات ترقت وتطورت والنظرة للنساء اصبحت انسانية أكثر من كونها انثوية فان الزي سيخف فى شكله و مستواه و.....
مقاطعة
*ماذا تقصدين بأن الزي "سيخف" ؟
= بمعنى سقوط القيود الكثيرة التى تثقل بها النساء, ومنها ذلك الزي الذى ترتديه بعض النساء مثل ما هو بالخليج وبعض الدول الأخرى باعتباره شرعياً
* وما حدود الزي الشرعي بالنسبة لكم ؟
= هو ما يكفى للحشمة التى يرتضيها المجتمع
* انتم فى ذلك تريدون مسايرة المجتمع والتماهى معه ولا تسعون لتغييره على عكس اصحاب الافكار والمعتقدات؟
= الفكر الجمهورى لا يريد ان يقفز بالمجتمع الى مدى أبعد من طاقته وحاجته للتغيير ولا يساير المجتمع الجاهلي فى عاداته وتقاليده السيئة
* كانت لكم علاقة جيدة بالنميري وبمايو حتى انه اهدى احد كتبه للاستاذ محمود.. هل تطبيق القوانين الاسلامية فقط هو سبب الانقلاب فى هذه العلاقة ؟
= نحن ساندنا مايو لانها كانت حائلاً بين الشعب والهوس الدينى والطائفية ,وعندما سلمت مايو نفسها للاخوان المسلمين بل اعطت الهوس الدينى السلطة والقوة ,لذا سحبنا ذلك السند وانتقلنا الى معارضتها
*كنتم سلبيين جداً تجاه الديمقراطية وعوناً للشمولية ؟
= لم تكن هنالك ديمقراطية, كانت هنالك طائفية تستغل الجماهير وتفسر الدين حسب مصالحها الخاصة ,الصادق المهدى نقض حكم محكمة دستورية فى قضية حل الحزب الشيوعى وقال ان سلطة الجهاز التنفيذى فوق احكام المحكمة الدستورية , و الاتحاديون كانوا يريدون تمرير الدستور الاسلامى
* لكن كنتم اكثر قسوة على الصادق المهدى ؟
= لان الصادق كان له بريق وسط الشباب الذين ظنوا انه قيادى مستنير , وهومسيطر على قطاع واسع من المستغلين وهم طائفة الانصار
* هل تعتقدين انه كان سعيداً بغياب والدك ؟
= لا استطيع القول ان له دوراً فى ذلك لكن اعتقد انه بارك ما حدث , المهم ان دوره كان سلبياً
*قيل ان الترابي كان معترضاً على اعدام محمود ؟
= الترابي كان وراء ما حدث
* ما الدليل على ذلك ؟
=تصريحات عديدة اطلقها الترابي وقتها
*هل ترين فى آراء الترابي الاخيرة اعادة لآراء والدك ؟
= الى حد كبير ذلك صحيح ,نحن عندما كنا نتحدث عن حقوق المرأة والمساواة بينها والرجل وعن تطوير التشريع , الترابي كان يهاجمنا فى ذلك , الان اصبح يتبنى هذه الآراء وينسبها لنفسه
* الاستاذ محمود فى مستهل الخمسينات قاد ثورة برفاعة ضد منع الخفاض الفرعوني وطور افكاره بعد ذلك ؟
= موقفه كان اعتراضاً على تدخل الانجليز فى الشؤون الداخلية, وفى مسألة تمس حياء المرأة السودانية ,و كان ذلك موقفاً سياسياً ضد الانجليز وبداية للثورة عليهم أكثر من كونه مناصرة للختان الفرعونى
* حتى بعد ذلك لم يسجل له موقف صريح ضد الختان الفرعوني ؟
= كان له كتاب عن الختان الفرعوني ووصفه بأنه عادة ذميمة ,ولكنها فى فترة من الفترات خدمت غرضاً, على اعتبار الاعتقاد بأنها جزء من الفضيلة والعفة بالنسبة للمرأة ,وقال ان محاربتها لا تتم عبر القانون ولكن عبر التربية
*كيف تنظريين لمحاولة اعادة تنظيم الجمهوريين مرة اخرى ؟
=لا ارى ذلك مفيدا ,ً فالفكر الجمهورى اصبح ملك الجميع ,واقصى ما يمكن القيام به اعادة طباعة كتب الاستاذ وتوزيعها على نطاق واسع وترجمتها وهذا ما نحاول القيام به الآن من امريكا واماكن كثيرة
* كأسرة لماذا لم تهتموا بالبحث عن قبر والدكم ؟
= كانت هنالك مساع ومناقشات ايام الديمقراطية لكنني كنت زاهدة فى ذلك
* اذا كانت اسباب خروجك من السودان اعتبارات سياسية كما ذكرت من قبل.. ماذا تقولين عن العودة فى هذه الايام؟
= لم اكن اتصور ان اعود فى ظل هذا النظام ولكن اعتبارات اسرية ومتغيرات سياسية - منها اتفاقية السلام - هى التى جعلتنى بالخرطوم الآن .
أسماء محمود محمد طه بعد (17) عاماً من الغياب-لهذه الاس...د للاعتراف باسرائيل
http://www.rayaam.net/news/tag2.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
على العتبانى === وكذلك هنالك الاستاذ محمود محمد طه الذي تحلقت حوله صفوة سودانية كانت تراه كذلك (مهدي الله) و(قوس الزمان) و (شاهد الوقت) وهو أيضاً مات ميتة درامية .. ومحمود محمد طه كان أول من دعا في الشرق الاوسط بالاعتراف باسرائيل في كتابه (مشكلة الشرق الأوسط) والآن نصبت الدوائر اليهودية تلامذته كدعاة للاسلام الجديد.. فاذا كان جون قرنق يدعو للسودان الجديد فإن محمود محمد طه اصبح تلامذته يدعون إلى الاسلام الجديد وما أسماها بالرسالة الثانية للاسلام. ومضى محمود إلى ربه ولكن تلامذته أصبحوا الآن نجوماً في أروقة عدد من الجامعات العالمية المخصصة لمثل هذا النشاط.. كما انهم اصبحوا نجوماً في منظمات حقوق الانسان كـ ه(African Watch) و Human Rightes وغيرهما من مؤسسات حقوق الانسان . بل نما إلى علمنا أن عدداً من الدول الاسلامية كأندونيسيا حينما يجيء ذكر عن الاسلام يذكرون محمود محمد طه . ونحن لا نريد لإسلام محمود محمد طه أن يكون الاصل في العالم . ولكننا نقول ان الانسان عندما يكون له فكر واضح سواء كان باطلاً كأفكار الفلاسفة وغيرهم أو كان حقاً .. فإن هذا الفكر سيظل يتردد ويحوم وتنسج حوله الأسمار والأباطيل وتنسج حوله الاساطير.
http://www.rayaam.net/articles/article1.htm
| |
|
|
|
|
|
|
رد (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: محمد عبد الكريم عبدالله خامسه طب بيطري علي حسب علمي ان المرتد محمود محمد طه في البدء لم يات بجديد وانما ردد اقوال السابقين من الصوفيه امثال الحلاج وابن عربي،وهذا هو الذي ادي به الي الوقوع في الردة وان قتله كان جزاءً له وإن لم يعدم فانه كان سيكون رمزاً للغرب ومدعاة للفتنه.
|
أي رمز وأي غرب؟؟؟؟؟
Quote: فاطمه عبد الوهاب ثالثة قانون الحقائق غير واضحه لا اعرف علي وجه التحديد ما حدث.. نتمني ان يكون شهيداً. |
أهلاً وسهلاً
Quote: عاطف عوض الجيد الريح رابعه اداب لم اسمع به اطلاقاً.
|
أهلاً وسهلاً
Quote: فاطمه الريح ثالثه اداب لم اسمع بهذا الشخص ابداً وماعارفه من اعدمه ولماذا.
|
أهلاً وسهلاً
Quote: هاله محمد احمد ثالثه اداب ليس لدي معلومات عن هذا الموضوع.
|
أهلاً وسهلاً
Quote: نسرين مساعد اداب لااعرف عن هذا شي.
|
أهلاً وسهلاً
Quote: فاطمه الريح ثالثه اداب ليس لدي اي فكرة عن هذا الموضوع.
|
أهلاً وسهلاً
Quote: منال محمد ثالثه اداب لااعرف شي عن هذا الموضوع.
|
أهلاً وسهلاً
Quote: تهاني حسن محمود محمد طه شيوعي واعدامه حق وفكرة منحل.
|
أهلاً وسهلا أهلاً وسهلاً بهم في دولة المشروع الحضاري، في جامعة الخرطوم ولم يسمعوا عن محمود محمد طه، ومن سمع عنه صنفه شيوعياً منحل الفكر!!!ً ـــــــــــــــ
Quote: حد الردة الذي طبق في محمود محمد طه صحيح ولكن كان لاهداف سياسية بحتة ومحمود محمد طه قد انكر ما هو من الدين بالضرورة مثل إنكارة الصلاة بهياتها وحركاتها المعروفه. |
رغم أنه لأسباب سياسية بحتة إلاّ أنه صحيح،،،، عجيب!!!
Quote: زينب عوض قانون ان اعدام محمود محمد طه من اكبر الاخطأ القانونية التي وقع فيها القضاء السوداني انذاك لان عمره قد تجاوز السبعين وبالقانون لايجوز اعدام من تجاوز السبعين كما ان الردة لم تكن معاقبا عليها وفق القانون الذي طبق فيه. |
يحتاج الكثيرون في منبرنا هذا للتتلمذ علي يد الأخت زينب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: Mohamed fageer)
|
من الرأى العام مفكرة سودانية - بريطانية محمـود محمـد طـه .. وأنصــاف الحقـائــق!
د. خالد المبارك - 19 نوفمبر 2002
النزعة الصوفية متأصلة في «جينات» كل السودانيين الشماليين . ولا عجب فقد دخل اهل بلاد السودان الاسلام - قبل واثناء وبعد المرحلة المسيحية - عبر بوابة الطرق الصوفية . لمثل هذا المدخل مزايا اهمها التسامح وازدراء الجاه السلطة الرسمية ، ومثالب ابرزها الرضوخ للشيوخ العليمين باسرار الطريقة . وقد ترك ذلك بصمات واضحة على اسلوب الاداء السياسي للقيادات الحزبية . نستحضر كيف ان المرحوم عبد الخالق محجوب قال في احدى خطبه الشهيرة : «كل شيخ ليهو طريقته» كان يتحدث مجازاً بالطبع ، الا ان المجاز يكتسب مفعوله من بذرة الحقيقة المقارنة . فقد عامل بعض اعضاء الحزب عبد الخالق بولاء صوفي اشبه بطاعة المريد لشيخه. أي انهم نقلوا ولاءهم من السيد علي الميرغني (على سبيل المثال) لزعيم الحزب الشيوعي . ومن الملاحظات الحصيفة للشاعر الراحل صلاح احمد ابراهيم ان عبد الخالق كان يوظف عينيه الكبيرتين النافذتين بدهاء للسيطرة على الآخرين عند مخاطبتهم. ولهذا الاسلوب نظائر عند شيوخ طرق لا يجرؤ اتباعهم على النظر الى عيونهم. نذكر في سياق مماثل مشاهد النحيب الجماعي للطالبات المحجبات عند هزيمة الشيخ الترابي في الانتخابات عام 1986م. وقد ذكر د. الترابي لمجلة المجلة (ديسمبر 1994م) انه يخشى ان تقام له «قبة» بعد وفاته . (وفي ذهنه بلا ريب الصوفي الملامتي حمد النحلاني الترابي ، احد اجداده). ثم أن تفضيل لقب «شيخ» على «دكتور» الذي قيل لنا انه جزء من العودة إلى التراث والابتعاد عن المعايير المستوردة لا يخلو من ايماءه تهدف إلى استثمار الايحاءات الصوفية الدفينة. بكلمات اخرى : لم يفعل دعاة التمرد على الاطر والعلاقات التقليدية التي تكبل الحزبين الكبيرين شيئاً سوى تغيير رداء برداء وولاء بولاء . ستكون الديمقراطية ارسخ قدماً واكثر نضجاً في الجولة القادمة عندما ندرك ان قادة الاحزاب بشر من لحم ودم يصيبون حينا ويجانبهم التوفيق حيناً آخر وانهم ليسوا امتداداً حديثاً لشيوخ الطرق الصوفية الذين يظلون في مواقعهم حتى الوفاة «حوا والدة» داخل كل الاحزاب . «وثمة سمك كثير في البحر» كما يقول المثل العامي الانجليزي الذي استشهد به السير اليك دوجلاس هيوم عندما سئل : «من سيقود وزارة الخارجية بكفاءة بعدك؟. »! ومن الامثلة الصارخة في هذا السياق ما استمعت اليه في شريط تسجيل (فيديو) لحفل تقديم مجلدات «الوثائق البريطانية عن السودان» التي حررها الاستاذ محمود صالح عثمان صالح راعي مركز عبد الكريم ميرغني . عبر احد المشاركين في الحفل الذي اقيم بقاعة الشارقة (جامعة الخرطوم) عن خيبة أمله لأن الوثائق لم تشمل ذكراً لنضال الاستاذ محمود محمد طه ضد الاستعمار ، رغم ان الادارة الحاكمة اضطرت الى إرسال فرقة عسكرية من الخرطوم لاخماد المقاومة التي قادها في منطقة رفاعة . ذكر المتحدث انه استاذ بجامعة ام درمان الاهلية واطرى على المرحوم محمود محمد طه وحزبه الجمهوري بلا تحفظ . القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى !. لا ينبغي تحول الرغبة في ذكر محاسن الاموات - ولا المناداة الموضوعية بحق الاستاذ محمود في الاجتهاد - دون نقده . كما ان الاعتراض على مقتله وحرق كتبه بطريقة دعائية مرتجلة لا ينبغي أن يتخذ ذريعة للنظر اليه بعين الرضا وحدها . فقد كان آدمياً ابن انثى وقائداً سياسياً اخطأ واصاب . اصاب حينما لم يوصد باب الاجتهاد وحينما وقف بجسارة في المقصلة النميرية. واصاب قبل ذلك حينما دعا العرب (ببعد نظر اسطوري وبصيرة سياسية فريدة). للاعتراف باسرائيل فتجاهلوه أو استهجنوا قوله . اضطروا لقبول رأيه بعد نصف قرن وعرضوا على اسرائيل الاعتراف وحسن الجوار (في الخطة السعودية التي باركتها سائر الدول العربية) فلم تقبل اسرائيل لانها صارت قوة نووية تقف على كتف الدولة العظمى الوحيدة ولا يرضى شارونها واقصى اليمين الاصولي - المتطرف الذي يؤيده بأقل من مصير الهنود الحمر للشعب الفلسطيني. ولعل دعوة الاستاذ محمود للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب ، حيثما حلوا. لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب ايضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعه - التي اشاد بها المتحدث - احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة: يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شيء حتى (.......) بناتكم ! وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار «تحديثي» جريء وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا . ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل اضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية ، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار . وهذا دفاع واه لأن الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال وقد اخطأ الاستاذ محمود ايضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري «حزب فرد» تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية . فلما قتل مات معه الحزب . عقلية شيخ الطريقة الموروثة هي المسؤولة عن ذلك . اذا لم يعد الشيخ ابناً او خليفة ليحل محله فان الطريقة تتلاشى تدريجياً . فضلا عن ذلك فان عدداً من ابناء جيل الاستاذ محمود محمد طه اعجبوا به وشجعوه ثم انفضوا من حوله عندما ادركوا انه يدعى قدرات معينة . ولا يزال بعضهم على قيد الحياة ، وهم اقدر مني على سرد التفاصيل . صفوة القول ان ظاهرة اضفاء ثقل ومكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الاستاذ محمود محمد طه وغيره. وهي تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الايجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف وأسداس الحقائق ويغذي «جينات» النزعة الصوفية المتأصلة في افئدة السودانيين .
هامش:
الظاهرة المشار اليها اعلاه ليست فريدة ولا تقتصر على السودان الشمالي وحده . فبعض قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان يصورون تمردهم باعتباره تحقيقاً لنبوءة عراف قبيلة النوير الذي ذكر «الحرب الاهلية السابقة لانتهاء المعاناة» . وهم بهذا لا يستمدون شرعية من مجرد غضبة دنيوية ناجمة عن التهميش والاجحاف فحسب بل يكسبون قيادتهم ابعاداً دينية مصيرية من شأنها ان تمنحهم هيبة اضافية وتقيهم سهام النقد. ويواجه قادة حزب العمل في بريطانيا ظاهرة مقارنة حينما يقلصون عدد «لوردات الوراثة» ويسعون لتحجيم مجلس اللوردات . منطقهم هو ان الهالة الارستقراطية الموروثة من القرون الغابرة ليست رخصة للبت في مصير البلاد والعباد . وقد كان لهذه الهالة الارستقراطية بعد ديني (كان الملك يعالج الناس بوضع يده على رؤوسهم ! مثل شيوخ الصوفية). والمعروف ان كلمة لورد كانت مفتاحاً لابواب الثروة والسلطة الى ان حلت الطبقات الرأسمالية الجديدة - بعد الثورة الصناعية - محل ملاك الاراضي وصارت المصانع عصب الاقتصاد وصار مجلس العامة (العموم) الذين كانوا محرومين حتى من حق التصويت هو محرك السلطة الممسك بمقاليد الامور ، وان ظلت الملكة - رمز المؤسسة الحاكمة القديمة - رأساً صورياً للدولة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
محمود محمد طه .. الحقيقة الكاملة عبد المطلب بلة زهران - 1 ديسمبر 2002
خلص الدكتور خالد المبارك فيما تكرمت صحيفتكم صباح يوم الإثنين 18 نوفمبر 2002 بنشره في باب "مفكرة سودانية بريطانية" في مقاله جيد المبنى والأسلوب بعنوان "محمود محمد طه .. وأنصاف الحقائق"، إلى أن: (صفوة القول إن ظاهرة إضفاء ثقل و مكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الأستاذ محمود محمد طه وغيره، وهيّ تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الإيجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف الحقائق ويغذي "جينات" النزعة الصوفية المتاصلة في أفئدة السودانيين.) ذلكم ما أنتهى إليه الدكتور وهو بسبيل مما ورد في استهلال مقاله الذي استدل عليه بما استحضره من كيف أن طيب الذكر المرحوم عبدالخالق محجوب قد حًظيّ من بعض أعضاء حزبه بولاء صوفي، وهو، وبشهادة الراحل صلاح أحمد إبراهيم، قد طالما هيمن بمقلتيه على محدثيه كما مرّد عليه شيوخ طرق لا يجرؤ أتباعهم على النظر اليهم عيناَ لعين. وذكر الدكتور، استدلالاَ آخرعلى طرحه، نحيب من ثكلنّ هزيمة الترابي في انتخابات 1986، ومثله من إضفاء القدسية عليه من الجماعة التابعة له حتى أنه في عام 1994 صرح الترابي لصحفي أنه يخشيّ أن تقام عليه قبة بعد وفاته، مستوحياَ ومستثمراَ الإيحاءات الصوفية المتجذرة في السودانيين. فلم يفلح من تمرد "عبدالخالق و الترابي" على الأطر والعلاقات التقليدية الني تكبل الحزبين الكبيرين، (أو قِل يا دكتور بقول الأستاذ محمود: "الطائفية"، التي له الباع الطويل في تصفيتها بمواجهتها سياسياَ وبدعوته سائر شيوخ الطرق الصوفية لطريق محمد، لتتوحد بذلك المشيخة في الشيخ الأوحد الذي لا يملك مسلم أن يتبع سواه). لم يفلحوا، يميناَ ولا يساراَ، إلا في أن حلوا محل شيوخ الطرق وحازوا ولاء من بوأهم تلك المكانة، حسب طرح الدكتور خالد المبارك.
ثم إن الدكتور قد ساق مثلاَ صارخاََ، دالاَ على طرحه، ما استمع إليه من تسجيل "فيديو" لحفل تقديم مجلدات " الوثائق البريطانية عن سودان 1940-1956 " إذ نعى أحدهم للمشاركين في الحفل خلو المجلدات من أي ذكر لنضال الأستاذ محمود محمد طه ضد الإستعمار سيما أنه قد قاد إنتفاضة رفاعة، كما تفضل الدكتور بتسميتها، التي بلغ إنزعاج الإدارة البريطانية لها أن هدأت غضبة الجمهور الثائر بأن استجابت بمكر الدهاة لمطلبهم فأطلقت سراح الجدة والداية اللتان حوكمتا وفق ما أصطكته السلطات البريطانية من قانون منع مزاولة الخفاض الفرعوني، ثم عادت ليلاَ في حماية فرقة عسكرية لإعتقال الأستاذ محمود وبعض رفاقه من سكان ديم القريداب برفاعة. وقبل أن أنتقل من هذه الفقرة أحب أن أعرف القراء الكرام والدكتور بأنيّ هو من أُغفل ذكره في قول الدكتور "أحدهم"، مع إنه قد سمع اسمي ورأى رسمي فيما نقله إلبه تسجبل الفيديو الذي سرد على القراء فلقد منّ الله عليّ أن أكون ذلك المتحدث، فعلميّ بأمر الإحتفال بمجلدات الوثائق البريطانية قد كان قبل ساعة من إفتتاحية الإحتفال الذي أمه جمع غفير من الأكاديميين والمهتمين. ولقد عجبت كيف أن الدكتور ذكرعني ما عرفتُ به الحاضرين من كوني أستاذ بكلية علوم البيئة بجامعة أمدرمان الأهلية ثم لا يذكر اسميّ، وظني أنه يذكرني من أوائل الثمانينات حين كنت أصله بمكتبه بمطبوعات الإخوان الجمهوريين، هو والبروفسير الراحل علي المك والدكتور عبدالله علي إبراهيم بمكاتبهم بدار جامعة الخرطوم للنشر حيث أدرت معهم حوارات عدة حول تلك الإصدارات. وكنت وقتها، بُعيد غياب أستاذي البروفسير مهدي أمين التوم في مهمة أنتدب لها رئيساَ لفريق إعداد الأطلس العربي، أحاضر بجامعة الخرطوم في علوم المناخ والمياه طلاب معهد الدراسات البيئية وطلاب الصف الرابع والثاني بقسم الجغرافيا بكلية الآداب التي كان ينتمي إليها الدكتور حينئذ.
وبعد! إن الدكتور قريب من الحقيقة فيما رفعني كنموذج صارخ لتأصل النزعة الصوفية في السودانيين، فقد عشت عام 1967 نكسة الأيام الستة ببريطانيا وشهدتها وكأني في الخطوط الأمامية في سيناء، مع اللواء عبدالمنعم مرتجى مستسلمَا ومعه ثلاثة ألف مقاتل!؛ وحينها وفي ذيل تلك الحسرة أحمد لله أني كنت محتوشاً بمناقب الشيخ أحمد الطيب ود البشير التي خطها في "أزاهير الرياض" يراع حفيده الشيخ عبد المحمود نورالدائم، وبديوان الأخير "شرب االكأس"، وبديوان الشيخ قريب الله "رشفات المدام" إلي جانب أرتال من الكتب العربية لحمد أمين وطه حسين وعلى رأسها مجموعة كاملة لكتابات الأستاذ سيد قطب ترتفع بمقدار ذراع إن صفت وحدها فوق بعضها، كيف لا؟! وفيها سبعة أجزاء كتابه "في ظلال القرآن"!. من كل ذلك حمدت للسادة السمانية، أن مؤلفاتهم هيأتني، في حيرتتي تلك، لاستقبال كتيب وحيد من إثنين وعشرين صفحة فقط، هو الأول الذي أقرأه للأستاذ محمود محمد طه "طريق محمد"، وقد كان فيه غناء عن تلك الكتب جميعها؛ إذ وحد الأمة علي مشيخة المصطفى وهو من زكاه العلي القدير "وإنك لعلى خلق عظيم"، وهو قد جدد دينها بتعرُفه على الثنائية (تماماَ كما جدد التعرُف علي ثنائية المادة والطاقة علم الفيزياء، أم العلوم[1]) التي إتسم بها الإسلام بين شريعة نافذة لوقتها، وأفق أعلى في السنة النبوية يُلتمس فيه التحديث حسب حكم الوقت، مراعاة للعرف الطيب حيث كان "خذ العفوّ وأأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين"، فذلك، اي العرف، الذي إجتمعت عليه البشرية بعد طول عراك ومعاناة، واليوم هو وحده الذي يفسح مخرجاَ لأمة الإسلام قاطبةَ، مما زربتهم فيه أمريكا: زريبة محاربة الإرهاب، "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هيّ أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" فلا سبيل لأمريكا على من كان ذلك سمت وأسلوب ومحتوى دعوته، سيما وهو يرعى حقوق الإنسان لدرجة أن المزكى المصطفى يخاطب بأن ليس له سلطان على أحد "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" و لذلك هو، أي النبي، يخرج في مقدمة الصفوف في سبع وعشرين غزوة يُعرض نفسه للموت ثم لا يقتل! فما عرف عنه أنه قتل في غزوة إلا مقتل الشقي أبّي بن خلف إذ أصر أن يلقى النبي فرداَ لفرد.
هذا، هذا من قُرب الدكتور من الصحة في وصفي أنيّ ذو تجذر صوفي. ولقد نوهت بذلك الفضل الصوفي عليّ للدكتور حسن الفاتح قريب الله، حين لقيته مطولاَ كما لم يتح لي لقاؤه من قبل، في الإحتفال السنوي بالسيد أحمد بن إدريس ليلة السابع والعشرين من رجب الماضي، ثم إني نعيت للدكتور حسن إنقطاع أهل الطرق عن سنة جبل عليها سلفهم، في إلتماس كل منهم التأييد لسلوكه بأخذ الطريق على من تظهر نفحته من القوم السالكين. وذكرت له شأن اليعقوباب بقيادة الشيخ التوم ود بانقا في مبايعتهم الشيخ الطيب ود البشير، وكذلك فعل الصادقاب، ولقد سبق أن سجلت للدكتور حسن ذلك في كراسة للإنطباعات حرص أحد الطلاب من تابعيه أن أسجل إنطباعي عليها فهو مطلوب إذ يعكس لشيخ الطريقة أثر المعرض الذي أقاموه بجامعة أمدرمان الأهلية قبل حين. ولقد عرفت الدكتور حسن بأن نشأتي في بيئة سمانية واطلاعي على تراث السادة السمانية مهد لي الدخول في سلك السالكين "طريق محمد" بمجرد اطلاعي على أول كتاب للأستاذ محمود ولذلك شبه بتحول الشيخ التوم ومشايخ الصادقاب عن القادرية ليسلكوا الطريقة السمانية. وأنهم اليوم مرجوون لإحياء تلك السنة بالتعرف على صاحب النفحة الظاهرة (الأستاذ محمود) ويتوحدوا عليه وسردت له علامات النفحة والفيض المديد فيما قدمه الأستاذ محمود طوال سني رعايته الحزب الجمهوري، ثم ذكرته بما أشار إليه الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي في كتابه "عنقاء مغرب في وصف خاتم الأولياء وشمس المغرب " ذلك الكتاب الذي أعادت جماعة سودانية طباعته حاذفة منه ما ظنته مؤشرات لجهة طالما صرفوا الناس عنها. ولقد عرفت الدكتور حسن أن التماس الأرض المشتركة بين أهل التصوف والأستاذ قمين بأن يجمعهم على محجة بيضاء وكلهم يرتجى له الظفر بها وهي التي بشر بها أبن عربي في أشعاره العرفانية إذ يقول في بعض منها:
لو أن النور يشرق من سناه على الجسد المغيب في اللحود[2]
لأصبح عالماَ حياَ كريماَ طليق الوجه يرفل في البرود
فذاك الأقدسي إمام نفسه يسمى و هو حيُ بالشهيد2
وحيد العصر ليس له نظير فريد الذات من بيت فريد
هذه بشارة (ووصف) قد يشارك فيها الأستاذ محمود بل وينافسه عليها الحلاج، أو قل إبن عربي نفسه ممن قتلوا جوراَ شهداءَ على رؤوس الأشهاد؛ لكن إبن العربي يصف من يعرفه بالذات المحمدية في ديوانه المحقق:
يا أهل يثرب لا مقام لعارف ورث النبيّ الهاشميّ محمدا
عم المقامات الجسام عروجه وبذاك أصبح في القيامة سيدا
صلى عليه الله من رحموته ومن أجله الروح المطهر أسجد
لأبيه آدم والحوادث نُومٌ عن قولنا وعن انشقاق قد هدى
فجوامع الكلم التي أسماؤها في آدم هيّ للمقرب أحمد
جمع الإناث إلى الذكور كلامه[3] بأخص آيات الثناء وقيد
إن الأنوثة عارضٌ متحققُ مثل الذكورة لا تكن متردداَ
الحد يجمعنا إذا أنصفتني هن الشقائق لا تجب من فند
لا تحجبن بالإنفعال فإنه قد كان عيسى قبلها فتأيد
قولي وعيسى لايشك بأنه روح الإله مقدساَ ومؤيداَ
الله يعلم صدق ما قد قلته لايصلح العطار ما قد أفسد
أدباَ مع الله العظيم جلاله فالدهر للذات النزيهة كالردى
الكاف في التشبيه يعمل حكمها وتكون زائدة إذا أمر بدا
مثل الذي قد جاء ليس كمثله من سورة الشورى وخاب من إعتدى
فهذا وصفٌ محددٌ لم يبق إبن عربي منه‘ إلا ذكر اسم الأستاذ محمود صراحة!!!
لعل الدكتور يعلم الآن، أني لم أُطرٍ على الأستاذ محمود في حديثي الذي عاب الدكتور عليّ فيه أني قد أطريت عليه (الأستاذ محمود) وحزبه بلا تحفظ، بما يؤيد طرحه "القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى" ذلك أن أبن عربي في بيته العرفاني الأخير أعلاه، مشيراً إلى نص الآية "ليس كمثله شيئ، وهو السميع البصير" لم يترك مجالاً للتحفظ إلا بقدر ما تترك العبارة "بل كنت " في الحديث القدسي حيث يقول المصطفى على لسان رب العزة جلّ وعلا: "ما تقرب إليّ عبدي بأحبّ إليّ مما أفترضه عليه وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته صرت لسانه الذي بنطق به ويده التي يبطش بها، وسمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به،... بل كنته "، أو كما قال المصطفى.
وبعد! لا يترك هذا مزيداَ لمستزيد في متابعة تفنيد ما ذهب إليه الدكتور من أن الأستاذ محمود "قد كان آدمياَ إبن أنثى وقائداَ سياسياَ أخطأ وأصاب ". أم هل كان؟!
وبعد! إني أكتفي، لما تقدم في الفقرة الأخيرة من هذه العجالة، بأسئلة بسيطة للدكتور، ولا أنتظر إجابته عليها فهي مساقة إليه بسبيل من المؤشرات للقارئ الذكي، وشخص الدكتور أهل لذلك بجدارة أغبطه عليها، ليستكمل بقية التعرف على "محمود محمد طه..الحقيقة الكاملة"! فإلى الأسئلة:
ألا يدل بعد النظر الأسطوري والبصيرة السياسية الفريدة التي شهد الدكتور بها للأستاذ في معالجة مشكلة الشرق الأوسط "مشكلة الشرق الأوسط .. إستقراء تاريخي وتحليل علمي وحل سياسي" ماخوذا في آن مع شجاعة فذة في الصدع بالحق بان صاحبهما يأوي إلى حصن توحيد آمن، يتخطف الناس من حوله؟؟ سيما أن هاتين السمتين، أي بعد النظر والشجاعة الفذة، قد لازمتا كل عمل الأستاذ: في التعريف بثنائية الرسالة المحمدية الأحمدية؟؟، وفي تقديم حل لمشكلة الجنوب قبل أن تتفجر كأزمة ثم حرب، في كتيب "أسس دستور السودان الدائم .. لقيام جمهورية، فيدرالية، ديموقراطية إشتراكية" بين يدي تمرد الجنوب في توريت عام 1955؟؟ وفي معالجة قضايا الأسرة في: "خطوة نحو الزواج في الإسلام" عام 1971 وفي عدة كتيبات أخرى صدرت خلال عام المرأة العالمي 1976؟؟ وفي المواجهة الصارمة للقضاة الشرعيين والنائب العام، بُعيد محكمة الردة سنة 1968 وفيما بعد على مدى أعوام خلال قضية بورتسودان الشهيرة؟؟ وفيما يجري وراءه الدكتور ويشغف به، حتى وإن إستغله البريطانيون لإظهار السودان بمظهر المتخلف الذي لابد من فرض الوصاية عليه، من معالجة تحديثية جريئة لأمر الخفاض الفرعوني في كتيب الإخوان الجمهوريين "الخفاض الفرعوني" علما بأن إنتفاضة رفاعة حقيقةًَ قد كانت دفاعاَ عن حق السودانيين في الإنعتاق من التخلف والعادات الضارة بإرادتهم وبنتاج التوعية والتعليم لا قهراً بسطوة القانون ؟؟ وفي التأييد المثابر عليه لنظام نميري، في وجه معارضيه، حتي بعد أن سفه النظام رأي الأستاذ في المصالحة الوطنية سنة 1977 ومواجهته غير الهيابة للأسلمة التي زُعم أنها أساس تلك المصالحة في كتابه "الصلح خير" وعدة كتيبات أخرى واجهت زحف وقوانين الأسلمة المزعومة؟؟ وأخيراَ في المواجه الحاسمة للنائب الأول عمر محمد الطيب فيما أقترفه من تواطؤ مع العالم المصري الشيخ المطيعي في إهدار دم الجمهوريين من علي منبر مسجد التقوى الملحق جواراً بمنزل عمر؟؟ ثم ختماَ ألا يفضُل بالدكتور أن يجد تصديقاً للأستاذ محمود فيمن لزم الحزب الجمهوري من جيل الأستاذ وأعجبوا بالأستاذ و شجعوه ولم ينفضوا عنه بل التصقوا به أكثر عندما أدركوا أنه ذو قدرات معينة منتظرة طوال فترة إنتظار المسلمين لبشارة النبي الصادق المصدوق "لو لم يبق من عمر الدهر غير ساعة لأمد الله فيها حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"؟؟ وهم كثر على قيد الحياة أذكر منهم الأساتيذ: ميرغني حمزة النصري التربوي ذو الثلاث والتسعين، يداوم يلا نظارة على قراءة كتب الأستاذ و الصحيحين، ومعلمي بمدرسة مصلحة الأرصاد الجوية إبراهيم أحمد نصار، والنقابيون من عمال السكة الحديدية: طه عبد العزيز الحسن، وعابدين حمزة أحمد ملك وعلي أحمد بشير الذين إلتصقوا بالأستاذ لطول ما داوموا عليه من رؤية تحقيق ما أرتجوا مذ عرفوه إلى أن صدع بآخر صيحة في دعوته من على مقصلة الفداء العظيم، مصداقاَ لقول ظل يسمعهم إياه أن صاحب ذاك المقام لا يقول "أنا" إلا أنه يوم يتحقق له مقامه كل العالم يسمع به، كانت تلك الصيحة المشهودة المتلفزة ضحى الثامن عشر من يناير 1985 ولم يعقبها من الإخوان الجمهوريين إلا أصداءَ لها بسبيل من توضيح "الكيد السياسي والمحكمة المهزلة" علّ هذا الشعب أن يبرئ ذمته من جريمة قتل أرتكبت على رؤوس الأشهاد .. فأشركوا فيها قهراَ، أدناهم مشاركةً بالصمت عنها حتى الآن؟؟!
أنظر يا دكتور للمتلئ من كوب الإنسان.. محمود محمد طه!! فإني لا أري الكوب ممتلئاَ فحسب، بل إنه لا تقطر منه قطرة وقد جعل أسفله أعلاه!!! ______________________ عبدالمطلب بلة زهران، أستاذ مساعد بكلية علوم وتقانة البيئة، جامعة أمدرمان الأهلية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
( مالكم !! كيف تحكمون ؟! ) صدق الله العظيم
انصاف الحقائق ام انصاف المثقفين د. عمر القراي - 3 ديسمبر 2002
المقال الذي كتبه د. خالد المبارك في جريدة الرأي العام بتاريخ 19/11/2002 تحت عنوان "محمود محمد طه وأنصاف الحقائق ! " مقال سطحي ، ولا قيمة له ، ولم أكن لأهتم بالتعقيب عليه ، لولا انه يمكن ان يتخذ اشارة الى ظاهرة سلبية تكررت بصورة تستدعي الوقوف عندها.. ولقد اتسم المقال كغيره من كتابات د. خالد المبارك ، بالتنطع والسخرية ، المليئة بالغاء التهم بلا دليل !!
ولئن كان السودان قد نكب بادعياء التصوف ، كما أشار الكاتب ، فإن نكبته بادعياء التقدم والعلمانية أفدح ..هؤلاء الذين حين نكصوا عن حركة الشيوعيين ، عجزوا عن الانحياز لقضايا شعبهم من أي موقع اخر.. بل نسوا نضال الشعوب الفقيرة المضطهدة ، وأخذوا يحدثوننا – كما فعل د. خالد المبارك- عن ديمقراطية (السير اليك دوجلاس هيوم) !! وكيف ان مجلس العموم البريطاني يمثل المحرومين !! وذهلوا عن ان بريطانيا هذه كانت أيضاً ترفع شعارات الديمقراطية حين إغتصبت السودان ، وان قادتها من أمثال هيوم هم الذين نهبوا خيرات الشعوب ، وقتلوا ابناءها.. وشر من مدحهم الانجليز اليوم ، مدحهم لهم في الماضي ، حين كانوا يستعمرون السودان !! فقد اشاد د. خالد المبارك ود. محمد أحمد محمود ، بالحكومة لبريطانية ، وقرارها المتعسف بمنع عادة الخفاض الفرعوني ، وهما يظنان انهما اصبحا بذلك تقدميين ، ما داما يؤيدان الغاء عادة الخفاض الفرعوني الذميمة ، دون النظر الى جوهر القضية أو تصور حقيقة أبعادها..
يقول د. خالد المبارك "لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة أخطاء تقديرية جسيمة . حدثت إنتفاضة رفاعة – التي أشاد بها المتحدث- إحتجاجاً على قرار الإدارة الإستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة (يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى ....... بناتكم) وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار تحديثي جرئ وسليم . إنتفاضة رفاعة المزعومة ليست من ماثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل إضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية مجرد ظاهرة إجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار، وهذا دفاع واه لان الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال"
وقبل ان نوضح حقيقة ما جرى في حادث رفاعة المشهور ، نود ان نركز في البداية ، على مسألة شديدة الدلالة ، على مبلغ تدني خطاب د. خالد المبارك . فقد أورد في النص أعلاه عبارة (قيل للعامة يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى......... بناتكم) أوردها هكذا بين قوسين ، ليوهم القارئ بأن هذه العبارة قد قالها الاستاذ محمود أو الجمهوريون !! ولقد تعمد ان يضع نقاطاً ، بدلاً عن الكلمة البذيئة ، التي حذفها ، وترك إستنتاجها للقارئ !! ولو كان للكاتب معياراً أخلاقياً يحاكم اليه ، لأمكن لومه على هذا التلميح المسف ، والذي ينطوي على عدم احترام للمرأة السودانية ، وعلى التعريض بعرضها بلا حياء .. وحسبنا من تقييم د. خالد المبارك إنعدام الامانة الفكرية ، ومحاولة تضليل القراء ، بان هذه العبارة التي تحتوي على الكلمة النابية ، يمكن ان يكون قد قالها رجل عف الخلق واللسان ، طاهر السيرة والسريرة ، مثل الاستاذ محمود محمد طه..
في اواخر عام 1945 كانت أصوات السودانيين ترتفع مطالبة بالاستقلال ، وكانت دولتي الحكم الثنائي بريطانيا ومصر تدرسان إعطاء السودان حق تقرير المصير .. في هذه الأثناء أصدرت الإدارة البريطانية قانون منع الخفاض الفرعوني . ولقد كان الانجليز يتوقعون رفض القانون ، ومقاومته ، لعلمهم بان هذه العادة متأصلة ، وبانها ترتبط في الوعي الشعبي بالعفة والشرف ، وتعد من أخص خصوصيات الاسر .. ولكنهم حبن أعلنوا القانون ، كانوا يخططون لاستثمار الرفض المتوقع كدليل على ان الشعي السوداني لا يزال متخلفاً ، وهو من ثم ، لا يستحق الحكم الذاتي أو الاستقلال.. هذا هو الغرض من إصدار القانون في ذلك الوقت بالذات .. فالقضية اذاً في جوهرها قضية سياسية ، وهي لا يمكن ان تواجه الا على المستوى السياسي . لهذا عارض الجمهوريون قانون الخفاض الفرعوني علناً ، وكشفوا نوايا المستعمر ، خاصة في منشورهم الذي صدر في ديسمبر عال 1945 والذي جاء فيه " اننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود ان ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني ، أو نحلل الاسباب التي اوحت بها لابناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا ، ولكننا نود ان نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة إبتدعتها حكومة السودان إبتداعاً وتريد ان تجبرنا على إتباعها..." ومن السياسات التي إعترض عليها الجمهوريون ، التوجيه بأن يبلغ كل شخص عن جاره إذا مارس خفاض ابنته .. جاء في نفس المنشور " قل لي بربك ما الذي يجعل رجلاً محترماَ يوافق على التجسس على جاره ليطلع على عرضه... ما الذي يجعل شخصاً محترماً يقبل إرسال بنات جاره أو صديقه أو قريبه للطبيب لمثل هذا الكشف الخاص ؟ ! ما أعجبكم يا واضعي القانون !! هل من القانون ان تضطهدوننا باسم القانون ؟! ماذا قدمتم من رعاية للفتاة حين تلقون بعائلها في غياهب السجن؟!"
في سبتمبر 1946 قبضت السلطات على إمرأة ، في مدينة رفاعة ، بتهمة خفاض ابنتها وأودعتها السجن .. فاتصل أهلها بالاستاذ محمود محمد طه ، الذي قام في نفس المساء ، بالطواف على مقاهي سوق رفاعة ، وحدث الناس وذكرهم بمنشور الجمهوريين ودعاهم للتجمع في صلاة الجمعة .. وبعد الصلاة قام فيهم خطيباً ، فهاجم القانون ، ووضح القصد منه ، وذكر ان الناس لو سكتوا يكونوا قد نكصوا عن نصرة المظلوم ورد الظالم .. فخرج المصلون خلفه في مسيرة الى سجن رفاعة . وهناك تحدث مندوبين منهم مع نائب مأمور السجن السيد قاسم محمد الأمين وطلبوا منه اطلاق سراح المرأة حتى يوم القضية وحبس 15 رجلاً بدلاً عنها، فرفض في البداية ، ولكنه قبل أخيراً وتم أطلاق سراح المرأة وحبس بدلاً عنها 15 من أهالي رفاعة من بينهم إمام المسجد الشيخ صديق الأزهري . وكان يمكن للمسألة ان تنتهي عند هذا الحد ، لو كان الغرض هو مجرد محاربة عادة الخفاض ، ولكن الذي حدث هو ان الحكومة ارسلت البوليس في المساء فاختطفوا المرأة من بيتها، وحملوها الى سجن الحصاحيصا ، رغم ان اطلاق سراحها قد تم بواسطة السلطة نفسها ممثلة في نائب المأمور !! استفز هذا الحدث أهالي رفاعة ، فتجمعوا على ضقة النيل الأزرق ، وقام طلاب المدرسة الوسطى بتجميع المراكب التي عبرت بها الجموع الثائرة الى الحصاحيصا حيث حاصروا المركز ، وطلب منهم المفتش التفرق لكنهم رفضوا .. ولم يجد اطلاق الرصاص فوق الروؤس ، بل فاقم الامر حين رشق المركز وتحطمت نوافذه ، فاتصل المفتش برئيسه الذي وجهه باطلاق سراح المرأة ، فعاد بها الثوار ظافرين .. بعد يومين حاصر الجيش مدينة رفاعة وقبض على عدد من المواطنين من بينهم الاستاذ محمود الذي حكم عليه بالسجن عامين ، وحكم على الاخرين بمدد تتراوح بين شهر و6 أشهر وجلد كل طلاب المدرسة الوسطى !! وحين وقف الاستاذ محمود امام المحكمة قال " أنا برئ واهالي رفاعة أبرياء ، والمسألة كلها سلسلة اغلاط من الادارة البريطانية.." وبعد ان أوضح ان العادات لا تحارب بالقوانين وانما تغير بالتوعية ، قال " وضعت المرأة في سجن للرجال فليس لدينا سجون خاصة بالنساء.. والرجال الذين وضعت معهم ليسوا رجالاً عاديين ، وانما بعضهم مجرمين وبعضهم مخمورين ، والحمامات والمراحيض المواجهة للسجن والتي يرتادها السجناء ليس فيها أبواب !! فاذا قال أهالي رفاعة ان هذا الوضع يخدش حياء المرأة السودانية التي يطالبهم دينهم واخلاقهم بحمايتها ورعايتها ، قالت الادارة هؤلاء طغمة من الغوغاء والمشاغبين !! ولسائل ان يسأل ماذا فعلت الادارة البريطانية لمصلحة الفتاة السودانية ؟! وهل تمت حملات توعية بمضار عادة الخفاض الفرعوني أو حتى بفوائد هذا القانون قبل معاقبة من ارتكبوا هذا الاثم ؟! "
هذه هي ثورة رفاعة ، وهذا هو موقف الاستاذ محمود حين كان رجال الدين "يلعقون جزم الانجليز" والافندية العلمانيين يغازلونهم بالمذكرات التي ترجو منهم ان يتعطفوا على الشعب بالاستقلال !! فاذا جاء د. خالد المبارك في اخر الوقت ليحدثنا بان " انتفاضة رفاعة المزعومة لسيت من ماثرنا ضد الاستعمار بل هي من مخازينا " !! فان هذه العبارة المتحذلقة ، المتعالمة ، الجوفاء ستظل خزياً يطارده هو وأمثاله من انصاف المثقفين أبد الدهر ..
لقد سبق ان صححت الزعم بان حركة رفاعة كانت تؤيد الخفاض الفرعوني حين طرحه د. محمد أحمد محمود ونشر التصحيح في الانترنت ، واعدنا مقتبسات من كتب ومنشورات أصدرها الجمهوريون ووزعوا الاف النسخ منها، والوثائق ايضاً كانت موجودة لوقت قريب بدار الوثائق المركزية بالخرطوم ، وموجودة ايضاً في بريطانيا، لذلك نعينا على د. محمد أحمد محمود انه لا يطلع حتى على المواضيع التي يريد التعليق عليها .. وهذا ايضاً ينطبق الان على د. خالد المبارك.. وليست هذه اول سقطة لكلا الاستاذين في هذا الموضوع ، فقد حاولا الترويج لهذه الفرية من قبل ، في الاحتفال الذي اقامته ببريطانيا ، المنظمة السودانية لحقوق الانسان ، في ذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه .. وزاد د. خالد المبارك بانه اشرف على إخراج فلم عن عادة الخفاض الفرعوني ، هدف الى تصوير بشاعتها والتنفير منها، حتى اذا استقر هذا المعنى في الاذهان ، ذكر لهم ان الاستاذ محمود كان يؤيد الخفاض الفرعوني ، وان ثورة رفاعة قد كانت دفاعاً عن هذه العادة الذميمة !! ولو كان الغرض من الفلم هو محاربة عادة الخفاض الفرعوني ، لاقامه اصحابه في قرى السودان حيث لا زالت هذه العادة تمارس ، بدلاً من عرضه ببريطانيا !! ولعل البحث عن الترقي في المجال الاكاديمى وحساب مثل هذه الارباح ، قد كان الدافع وراء هذه الدعاية المنكرة التي تحمل وزرها د. خالد المبارك وحفنه من الممثلين المغمورين.. ورغم التصحيح الذي تم كثيراً من الجمهوريين الا ان د. خالد المبارك ود. محمد أحمد محمود لا يزالا دون سائر المثقفين يصران على ان الاستاذ محمود يدافع عن الخفاض الفرعوني !!
ان وجه الشبه بين د. محمد أحمد محمود و د. خالد المبارك هو انشغالهما بدراسة اللغة الانجليزية ، في الوقت الذي كان زملاؤهم يطلعون فيه على مختلف ضروب الثقافة وكافة العلوم الانسانية .. وقد ظنا ان الاعجاب او الانتساب لليسار يمكن ان يعوضهما عن ذلك ، ويجعلهما من كبار المثقفين .. وحين اختلفا في فترات متفاوتة مع اليساريين أصبحا بلا ايدولوجية فتعلقا بسطحية باللبرالية والعلمانية ، ثم افاقا مؤخراً للاهتمام بقضايا الدين والسياسة ، حين اصبح ادعاء معرفة هذه الامور كسباً اكاديمياً .. ولكنهما لم يمهلا نفسيهما ليحصلا ما فاتهما ، بل هرعا للكتابة دون تريث ، فجاءت كتاباتهما أنموذجاً لضحالة الثقافة والبؤس الفكري ، والجهل بتاريخ النضال الوطني .. ومع ذلك ، بل لعله من اجل ذلك ، دفعهما الحسد والغرور للتطاول على مواقف وافكار رجل في قامة الاستاذ محمود محمد طه ظنا منهما انهما بهذا العمل يثبتا اقدامهما في الميدان الاكاديمي والفكري بعد ان كسد سوق اللغة الانجليزية وارتفع سوق الدراسات الاسلامية .. وما علما ان محاولة النيل من قامة الاستاذ محمود قصاراها الخزي المشين والخسران المبين
وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها ويجهد ان يأتي لها بضريب
ومن الحديث غير المسئول قول د. خالد المبارك " ولعل دعوة الاستاذ محمود محمد طه للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا " !! و د. خالد المبارك قد عرف الجمهوريين ببريطانيا ويمكن ان يسأل عنهم من يعرفونهم في امريكا ، فأي رعاية يتمتع بها الجمهوريون في الغرب ؟! وماذا تلقوا اكثر مما تلقى د. خالد المبارك مثلاً ؟! ان الجمهوريين في الغرب يعانون من كل منقصات الحياة كغيرهم من سائر ابناء الشعب السوداني ، وكل حديث غير هذا كذب صراح ، تغذيه دوافع من الحقد والغيرة والحسد التي اشتهر بها خصوم الفكرة الجمهورية ، الذين عجزوا عن مواجهتها في الميدان الفكري والسياسي ..
يقول د. خالد المبارك " فضلا عن ذلك فان عدداً من ابناء جيل الاستاذ محمود محمد طه اعجبوا به وشجعوه ثم انفضوا من حوله عندما ادركوا انه يدعي قدرات معينة ولا يزال بعضهم على قيد الحياة وهم اقدر مني عللى سرد التفاصيل " .. ان هذه المحاولة المضطربة الخجولة للتعريض بالاستاذ محمود لا تجوز على أحد ، فارجل قد عرف بالزهد في الالقاب الدنيوية والدينية ولم يدع الكرامات ولم يسم نفسه "الشيخ" أو "الامام " .. ولقد خرج بعض قدامى الجمهوريين من الحركة لعجزهم عن مواكبتها والنهوض بتكليفها الديني ، واستمر اخرون لم يذكرهم د. خالد المبارك رغم ادعاء الحياد ومن هؤلاء " من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " .. ولقد كان أولى لو ان د. خالد المبارك ذكر بصراحة القدرات التى ادعاها الاستاذ محمود ، واوضح لنا اراء ابناء جيله الذين زعم ان لديهم التفاصيل ، فان لم يكن لحديثهم ، ولا يستطيع ان يتبناه أو يدافع عنه ، ثم هو لا يملك التفاصيل ، فلماذا خاض فيما خاض فيه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ؟!
والاستاذ محمود لم يجعل الحزب الجمهوري "حزب فرد تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية" كما ذكر د. خالد المبارك ، بل كان اقدر من غيره من الزعماء على تاهيل اتباعه ، وتربيتهم بالقدر الذي اهلهم لحمل فكرهم وتقديمه للناس بصورة لم تتم في اي تنظيم اخر .. وهم في كل ذلك يقومون بادارة تنظيمهم بلجان تشرف على كافة النشاط الفكري والاداري والتنظيمي للحركة .. اما ايقاف الجمهوريين لحركتهم بعد تنفيذ الاعدام على الاستاذ محمود ، فقد حدث لعدة اسباب ، ولكنها في رأي لا تبرره تماماً ، ولذلك فان نقدهم بسبب ايقاف الحركة نقد مقبول ، وهو قد جرى ويجري داخل التنظيم وخارجه ، ولكنه لا يرقى للمساس بجوهر الفكرة ، ولا يقلل مطلقاً من مكانة مرشدها .. ورحم الله القائل:
فاذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي باني كامل
د. عمر القراي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
بسم الله الرحيم الرحيم
تعليق على مقال الدكتور خالد المبارك في صحيفة الرأي العام
د. ياسر الشريف - 3 ديسمبر 2002
يهمني التعليق على الجزء الذي يخص رأيه في الأستاذ محمود محمد طه. يقول الدكتور خالد: لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب ايضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعه - التي اشاد بها المتحدث - احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة: «يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شيء حتى (.......) بناتكم ! وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار «تحديثي» جريء وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا . ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل اضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية ، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار . وهذا دفاع واه لأن الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال
ما كنت أتوقع من باحث وكاتب في قامة الدكتور خالد المبارك أن يكون على هذا القدر من نقص المعلومات. وأنا هنا أريد أن أصحح معلوماته. أولا لم يقل الأستاذ محمود بأنه يحتج على قرار الإدارة الاستعمارية منع الخفاض، وإنما يعترض على طريقة المستعمر في محاربة ظاهرة الخفاض بواسطة القوانين. وقد جاء ذلك في البيان نفسه، وسأورد ذلك بالنص من البيان حينما أنقل الحقائق التاريخية. ثانيا ورد في نفس البيان أن الحزب الجمهوري يرى أن الظواهر الاجتماعية السلبية يجب أن تعالج بالتوعية والتعليم وليس بسن القوانين. وقد تأسفت جدا أن يكتب الدكتور خالد المبارك عباراته التي بدأها بقوله: "قيل للعامة". من الذي قال للعامة؟؟ ولماذا هذه التسطيح يا دكتور؟؟ كما قلت سأنقل لكم ما جاء في صحف تلك الفترة بالتفصيل حتى يعرف الناس من هو الدكتور خالد المبارك. قد لا يعلم الدكتور خالد المبارك أن نضال الحزب الجمهوري قد بدأ قبل حادثة الاحتجاج على قانون الخفاض الفرعوني وأنا هنا سأبسط ذلك التاريخ المشرق للقراء إسهاما مني في تعريف الشباب بالأستاذ محمود محمد طه. ثم ينتقل الدكتور خالد المبارك إلى مسألة الحزب فيقول: وقد اخطأ الاستاذ محمود ايضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري «حزب فرد» تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية . فلما قتل مات معه الحزب . عقلية شيخ الطريقة الموروثة هي المسؤولة عن ذلك . اذا لم يعد الشيخ ابناً او خليفة ليحل محله فان الطريقة تتلاشى تدريجياً .
مرة أخرى يخطئ الدكتور مبارك في تقييم الأستاذ محمود محمد طه ويقارنه بالزعماء السياسيين ورؤساء الأحزاب وشيوخ الطرق. وسأترك التفصيل في هذه المسألة الآن ريثما أعود لها. الكتابة تتواصل ولكم شكري وتقديري ياسر
من كتاب للجمهوريين صدر عام 1975 بعنوان "معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاما" أنقل لكم المادة التالية.
الأبعاد السياسية والإجتماعية لمسألة الخفاض الفرعوني
في أوائل عام 1946م وقد انتظمت البلاد حماسة الوطنية وتكثف النشاط السياسي .. في هذا الوقت الذي تهيأت فيه دولتا الحكم الثنائي مصر وبريطانيا لعقد مفاوضات صدقي – استانسجيت بشأن مصر والسودان ، وفي الوقت الذي علا فيه صوت السودانيين بالمطالبة بالاستقلال ، في تلك الساعة ، سن الانجليز قانون الخفاض الفرعوني ، وتشددوا في تطبيقه .. ولما كانت عادة الخفاض الفرعوني عادة متأصلة في المجتمع السوداني ، وهي مرتبطة في الأذهان أشد الأرتباط بالعرض والشرف ، كان المنتظر بداهة ، لدى الأنجليز ، أن يقاوم السوداينون هذا القانون بأشد من مقاومتهم للأستعمار نفسه ، وذلك للحساسية المرتبطة بهذا القانون .. وعندما يقع رد الفعل بهذه الصورة ، يسهل عليهم أن يصوروا للعالم بأن الشعب السوداني شعب متخلف ، همجي ، وهو ، من ثم ، لم يتأهل بعد للأستقلال – هذا ما أراده الانجليز فعلا ، من وراء سن قانون الخفاض الفرعوني الذي لم يدفعهم اليه حرصهم على المرأة السودانية ، وعطفهم على السودانيين .. فانخدع بذلك كثير من المثقفين ولم يفطن لهذه الخدعة ، وهذه الأهانة التي تلحق بالمرأة السودانية ، وبالرجل السوداني من تطبيق هذا لقانون ، الا الجمهوريين فهبوا الى محاربته من هذا المنطلق ، فحسبهم بعض المثقفين ، جهلا ، مدافعين عن عادة الخفاض الفرعوني الذميمة .. ومادروا انما الأمر دفاع عن كرامة أمة ، أراد أن يهدرها الاستعمار بهذا القانون..
استثمار المناسبة
لقد صمم الجمهوريون على استغلال مناسبة اصدار هذا القانون بتوعية الشعب بكيد الانجليز ، وتصعيد الشعور بالكراهية نحوهم .. صونا لكرامة المرأة السودانية أولا ، وخدمة لقضية الحرية ثانيا .. وقد أصدروا بيانا في أول الأمر ، وأعقبوه بالخطابة ، في المسجد ، وفي الشارع .. وقد كان تحليلهم للقانون ، وتوقعاتهم لما سيترتب عليه ، كلها صحيحه أثبتها الواقع بعد ذلك .. وهاكم مقتطفات من بيانهم الأول : ((لانريد بكتابنا هذا ، أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ، ولانريد أن نتعرّض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السوان ، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم الي يومنا هذا – ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة ، وأساليب خاصة ، وسنن خاصة سنتها حكومة السودان ، أوقل ، ابتدعتها ابتداعا وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها ارغاما )) ((من الآيات الدالّة على سوء القصد ، في هذه الأساليب ، اثارة مسألة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف .. وأساليب الدعاية التي طرقتها له ، والطرق التي ارتأتها مناسبة لابطاله ، والقضاء عليه ، ولقد جاءت هذه الآيات دليلا واضحا على التضليل المقرون بسبق الاصرار ))
قانون عجيب
لاشك في أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون ، للقضاء على عادة متأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني دليل قاطع على أن حكومة السودان اما أن يكون قد رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ ، أو عقيدة ، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي أن السودانيين قوم متعنتون ، وأن تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية ، هو نفس التعنّت الذي وقف في سبيلنا ، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والأستفادة من مياه الدندر ، والرهد ، والأتبرا ، والتوسع في التعليم .. هذا من ناحية الالتجاء للقانون .. وأما القانون في ذاته فهو قانون أريد به اذلال النفوس واهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة ..
((قل لي بربك !! أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره ؟؟ وأي كريم يرضى أن يكون سببا في ارسال بنات جاره ، أو صديقه ، أو عشيره للطبيب للكشف عليهن؟؟ عجبا لكم ياواضعي القانون - أمن العدل ، والقانون أن تستذلونا باسم القانون ؟؟ أومن الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسيها في أعماق السجون ؟؟ ))
مواجهة عملية
كان هذا البيان قد خرج ساعة صدور قانون منع الخفاض في ديسمبر 1945م .. وفي سبتمبر 1946م ظهرت أول آثار القانون التي توقعها بيان الجمهوريين ، فقد اقتيدت الى السجن سيدة سودانية ، في رفاعة ، لأنها خفضت ابنتها ، مخالفة للقانون .. ولقد أهدت تلك الحادثة مواجهة عملية للقانون من الجمهوريين .. فقد ألقى الأستاذ محمود خطبة بمسجد رفاعة جاء فيها : -
((ليس هذا وقت العبادة في الخلاوي ، والزوايا ، أيها الناس ، وانما هو وقت الجهاد .. فمن قصّر عن الجهاد ، وهو قادر عليه ، ألبسه الله ثوب الذل ، وغضب عليه ، ولعنه . أيها الناس : من رأى منكم المظلوم فلم ينصفه ، فلن ينصفه الله من عدو . ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره ، فلن ينصره الله على عدو . ألا ان منظر الظلم شنيع ، ألا ان منظر الظلم فظيع .. فمن رأى مظلوما لاينتصف من ظالمه ، ومن رأى ذليلا لاينتصر على مذلّه ، فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام ، وشهامة الاسلام الى النصرة ، والمدافعة ، فليس له من الايمان ولاقلامة ظفر .))
واستجاب الناس لهذه الخطبة ، وتحركوا من توهم ضد الاستعمار وقانونه المجحف .. ونترك تصوير الأحداث لجريدة الرأي العام التي تابعت تطوراتها :
• (( الرأي العام 21/9/46 - نشرنا قبل أيام ، أن السلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض ، لأنها خفضت بنتا ، وأن الجمهور قابل هذا العمل بروح الاستياء العميق واضطرت السلطات الى اطلاق سراح المرأة بضمانة .. وجاءنا اليوم تلغرافيا ، بتوقيع أهالي رفاعة ، أن السلطات عادت فسجنت المرأة ، وعندما علم الجمهور بالأمر خرج من الجامع ، واقتحم السجن ، وأطلقوا سراح المرأة ، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلا عنها .. فأمر المفتش بسجن الضامنين ، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضا ، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة ، وأخذها الى جهة غير معلومة .. فقامت رفاعة بأسرها قاصدة الحصاحيصا ، ومنعت السلطات المعدية من العبور ، وأضربت المدارس ، وأغلق السوق ، وقامت مظاهرة عمومية ، ويحتشد الجمهور الآن بالشاطيء ، وفي كل مكان)) تعليق :- رغم منع السلطات عبور المعدية فان الجمهور عبر بقوارب الصيد .. • ((الرأي العام الأثنين 23/9/46 - وقفنا بالقارئ أمس الأول عند تجمع سكان رفاعة على شاطئ النهر ، ومنع المعدية من العبور .. وقد عبر بعد ذلك فريق من المتظاهرين الى الحصاحيصا ، ومن هناك انضم اليهم خلق كثير من الناس .. فتوجه الجمع الى المركز في مظاهرات واسعة ، وبدأوا في قذف المركز بالطوب وغير ذلك ، فتحطم كثير من الأبواب ، والنوافذ ، واصطدم المتظاهرون بالبوليس الذي عمل جاهدا لتفريق المتظاهرين .. وعلى أثر ذلك ، أمر سعادة مدير الجزيرة بالنيابة باطلاق سراح المرأة السجينة ، فأخذها جمع من الناس وتوجه بها الى منزلها برفاعة)) • (( الرأي العام 25/9/46 - تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة ، والحصاحيصا ، منهم الأستاذ محمود محمد طه ، وشقيقه مختار محمد طه ، فوضعوا في سجون رفاعة ، والحصاحيصا ، ومدني .)) • ((الرأي العام 25/9/46 - اجتمع أعضاء الحزب الجمهوري مساء أمس ، وساروا في موكب اخترق شارع الملك بالخرطوم .. وقد خطب منصور عبد الحميد في احدى المقاهي التي صادفتهم في الطريق ، فاعتقله البوليس للتحقيق - وكان الغرض من الموكب ، والخطبة ، الأحتجاج على اعتقال رئيسه ، والتنديد بقانون الخفاض. )) • ((الرأي العام 27/9/1946 - اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذا النون جباره ، وعبد المنعم عبد الماجد عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري .. نددا فيهما بالمجلس الاستشاري ، وقانون الخفاض ، وكبت حرية الرأي والخطابة )) • (( الرأي العام 1/10/1946م بيان رسمي عن الحزب الجمهوري تريد الحكومة أن تؤكد أن الأشخاص الذين قبض عليهم ، في رفاعة ، ثم في الخرطوم ، والخرطوم بحري ، لم يقبض عليهم لآرائهم عن القانون الذي يمنع الخفاض الفرعوني .. فكل شخص له الحق في أن يكون له رأيا خاصا ، وأن يعرب عنه ، بالطريقة المشروعة .. فالاشخاص الذين في رفاعة قبض عليهم لاثارة الشغب ، والذين في الخرطوم والخرطوم بحري ، قبض عليهم لالقاء خطب مثيرة ، علانية ، يحتمل أن تعكر صفاء الهدوء العام ، وأن تثير اخلالا بالأمن .))
اطلاق الرصاص على الجمهور الثائر
وفي بيان رسمي آخر عن اعتقال الأستاذ برفاعة ، وثورة الجمهور ، وتحركه لاطلاق سراحه ، واطلاق البوليس الرصاص عليهم جاء مايلي : * ((الرأي العام 7/10/1946 : جاءت قوة كبيرة من البوليس من مدني ، برئاسة مفتش المركز وفي نفس الوقت عسكر خارج رفاعة البلوك الرابع من فرقة الهجانة بقيادة الصاغ أحمد عبد الله حامد الذي دخل الى رفاعة برفقة ضابط سياسي ، وقابل المفتش ، وقمندان البوليس ، ورجع الى مقر فرقته .. واعتقل الأستاذ محمود محمد طه ، وأحضر الى المركز .. وأثر ذلك تحرك جمهور كبير نحو المركز ، وفي الحال نقل الأستاذ محمود الى معسكر البلوك الرابع ، خارج المدينة .. وتحركت فصيلة من البلوك الرابع لتعزيز قوة بوليس مركز رفاعة .. وكان اطلاق الرصاص بأمر مفتش المركز ، عندما رفض الجمهور اطاعة أوامر البوليس المتكررة بأن يتوقفوا عن تقدمهم صوب المركز ، وقد أطلق البوليس دفعة فوق رؤوس الجمهور وهم على بعد 40 ياردة تقريبا من المركز ، ولما لم يقفوا ، أطلقت دفعة أخرى على الأرض أمام أقدامهم ، في وقت كانت فيه مقدمة الجمهور على بعد 25 ياردة من المركز ، ولم يصب غير أربعة أشخاص ، أثنان منهم باصابات بسيطة جدا ، وأما الرابع ، فقد كسرت ساقة كسرا سيئا))
اشتراط مناقشة القانون
• (( الرأي العام 10/10/1946 - علمنا أن الأستاذ محمود محمد طه رفض أن يقبل محاميا للدفاع عنه ، وأنه أعلن بأنه لن يدلي بأية أقوال للتحقيق الا على أساس مناقشة قانون منع الخفاض .))
محكامات أحداث رفاعه
* (( الرأي العام 21/10/1946 - صدرت أحكام بالسجن بمدد تتراوح بين شهر وسنة على كل من : عباس المكي ، عوض القريض ، أحمد الأمين ، محمد الياس ، الزبير جاد الرب ، عبد العال حسن ، أحمد عثمان ، حمد النيل هاشم ، علي مالك ، محمد الحاج على ، بابكر وقيع الله ، عبد الله حامد الشيخ ، حسن أحمودي ، منصور رجب ، عبدون عجيب - وحكم على "صبي" بالجلد .))
محكمة كبرى بمدني
• (( الرأي العام 17/10/1946 – حكمت محكمة كبرى بودمدني برئاسة القاضي أبورنات ، بسنتين سجنا على الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري ، بتهمة اثارة الشغب في رفاعة .. كما حكم عليه بوضعه تحت المراقبة لمدة سنة أخرى بعد اتمام مدة سجنه .))
محاكمة الجمهوريين بالخرطوم بحري تحت المادة 105
• (( الرأي العام 19/10/1946 – أصدرت محكمة الجنايات حكمها على بعض أعضاء الحزب الجمهوري المتهمين تحت المادة 105 وكانت الأحكام كالآتي : عثمان عمر العتباني 3 شهور سجنا ، سعد صالح عبد القادر ، شهر سجنا ، ذا النون جباره شهر سجنا وكانت المحكمة برئاسة استانلي بيكر ، وعضوية محمد أفندي محمود الشايقي مفتش الخرطوم بحري ، والعمدة عمر كويس .))
صوم الأستاذ
لقد كانت أيام الأستاذ بالسجن عامرة بالصيام ، صيام النهار وصيام المواصلة ، ولقد ظنه الناس اضرابا عن الطعام ، على مألوف العادة لدى السجناء السياسيين أحيانا ، وماهو بذاك وقد تواترت الأخبار عنه في الصحف ، واهتم به الناس ، وأشفقوا ولقد كان هذا الصوم من مذكيات روح السخط على الاستعمار .. وقد جاء هذا الخطاب مصححا للأعتقاد الخاطيء عن صوم الأستاذ :-
• (( الرأي العام 5/10/1946 حضرة رئيس تحرير الرأي العام .. بالاشارة الى الخبر المنشور في صحيفتكم عن اضراب رئيس الحزب الجمهوري عن الطعام ، أعرفكم أن الأستاذ كان صائما في اليوم الذي أعتقل فيه ، وليس مضربا ، وأنه قد أفطر ليلا .. وقد قابلت ضابط السجن – بوصفي خالا للمعتقل – في يوم وصوله ، وسمح لي بتقديم الطعام اليه في كل يوم .. ومن هذا يتضح أن الأستاذ لم يكن مضربا عن الطعام كما نشر .. وختاما تقبلوا سلامنا . التوم محمد حمزه ))
اغلاق الأندية احتجاجا
• (( الرأي العام 24/10/1946 - بهذا اليوم ، أتم الأستاذ محمود محمد طه ، رئيس الحزب الجمهوري السجين ، ستة أيام من صيامه .. وقد أغلقت أمس أندية الخريجين في مدني ، والأندية الرياضية ، احتجاجا على سوء معاملته .. وتتوالى برقيات الحزب الجمهوري ، والمواطنين على السلطات بالاحتجاج .))
كيف تعاملون رئيس حزب بأسوأ من معاملة اللصوص ؟؟
• (( الرأي العام 24/10/1946 من كلمة بعنوان "خواطر" ((وشاءت الحكومة أن تضع الأستاذ محمود محمد طه ، رئيس الحزب الجمهوري ، في الدرجة الثالثة بالسجن ، حيث يلقى المعاملة التي يعامل بها حثالة المجرمين من أحقر طبقات المجتمع .. وكان أن صام الأستاذ محمود ، وأضرب عن تناول الطعام ، والشراب ، منذ أربعة أيام ، احتجاجا على هذه المعاملة القاسية)) .. ((هذا التصرف الغريب من قبل حكومة السودان ، لايقابل من كل السودانيين الا بالاستنكار ، فليس من الأنصاف في شيء ، أن يوضع شخص مثل الأستاذ محمود له مكانته الملحوظة في المجتمع في الدرجة الثالثة بالسجن ، وينال هذه المعاملة القاسية ..))
الشعب السوداني شعب عملاق
لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل ، شجاع ، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة ، والشرف ولاينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته ، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا ، في مستواه ، فان المعجزات تجري على يديه ، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده .. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار ، فيما بعد ، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام ))
جازت خدعة قانون الخفاض على بعض المثقفين !!
لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني ، ولم يطالعهم وجهه الآخر .. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس ، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، سابقا فقد عبرعن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968 ، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة .. حيث قال :
(( وأذكر أنه قبل عشرين عاما ، بالتمام والكمال ، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى ، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا )) .. ويمضي الدكتور سعيد فيقول : (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))
هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة .. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم ، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة ، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء ، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية .. ذلك بأنه لايقوم نقص المعلومات ، التي يمكن الحصول عليها ، وتمحيصها ، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية ، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني ، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها ، فيأتي ، من ثم ، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا .. أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد !!
المثقفون يتجاوبون مع الجمهوريين
لقد حركت بيانات الجمهوريين وأحداث رفاعة والخرطوم المثقفين سلبيتهم وأخذوا يستشعرون سوء هذا القانون الذي نبه اليه الجمهوريون من أول وهلة . واتخذت استجابة المثقفين شكل التعليق في الصحف .. وفيما يلي نبذه من افتتاحية جريدة الرأي العام وهي تعلق على الأحداث ، وكانت السلطات قد نقضت بواسطة المحكمة حكم السجن على امرأة رفاعة ، لانقاذ مايمكن انقاذه من هيبتها وتهدئة للخواطر الثائرة ، وقد جاء هذا النقض في الوقت الذي كانت فيه امرأة رفاعة خارج السجن في منزلها برفاعة حيث كانت السلطات قد اضطرت تحت ضغط الجماهير الثائرة لاطلاق سراحها .. ((أصبح واجبا لزاما علينا أن ننبه الحكومة ، على ضوء ماحدث أخيرا ، في أول تجربة لتطبيق هذا القانون ، الى الخطر الذي ينجم من التسرع في تطبيقه ، والى النكبه الأجتماعية الخطيرة التي ستتعرض لها المرأة السودانية عند تطبيق هذا القانون عليها .. ففي الحادث الأخير بدأ واضحا أن الطريق التي اتبعت في اعتقال هذه المرأة كانت مثيرة ، ولاتتفق مطلقا مع كرامة الحكم وهيبة القضاء ، فانتزاع المرأة من بيتها ، في غسق الليل ، وبازار النوم ، وتهريبها الى الحصاحيصا ، لامعنى له غير اثارة الخواطر أكثر ولايجدر بالحكومة أن تلجأ الى أساليب هي أشبه بأساليب الاختطاف التي يلجأ اليها رجال العصابات)) .. ((وليست هذه الطريقة التي اتبعت هي موضع الخطر في هذا القانون ، ولكن هناك خطرا جسيما ، ولابد من التنبيه عليه ، ذلك أن المرأة السودانية الشريفة ، الحرة ، لم تتعرض ، حتى الآن ، الى محنة السجن ، بحكم حياتها الاجتماعية ، التي تنأى بها عن مواطن الجريمة )) ((وقانون الخفاض ، بوضعه الحالي ، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لايرين ان الخفاض جريمة ، بحكم مايسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة ، والتقاليد المتبعة ومعني هذا ، أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات .. ويقينا أن القاء هؤلاء في السجن ، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن ، وذويهن ، فانه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة ، يقضي على سمعتهن ، وكرامتهن قضاء مبرما .. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن ، من هذه السجون السيئة الوضع ، والرقابة ، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها ، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا ، اذن فالعقاب بالسجن ، لمثل هذا النوع من النساء ، لايعد اصلاحا وتهذيبا لنفوسهن ، ولايردع غيرهن ، وهذا هو الغرض من سجن المجرم ، انما يعد افسادا لخلقهن ، وقضاء مبرما على سعادتهن في المجتمع .))
هذا ماقالته الرأي العام عام 1946 .. وفي وقتنا الحاضر يعدّ الأستاذ التجاني عامر ، من المثقفين الذين كان واضحا لديهم البعد الذي نظر به الجمهوريون لمسألة قانون الخفاض ، فالاستاذ التجاني عاصر فجر الحركة الوطنية وهو بذلك شاهد عيان للأحداث ، والمواقف التي نحن بصددها . فلنستمع لتعليقه في جريدة الصحافة ، بتاريخ 16/4/75 وهو يتحدث عن تاريخ الأحزاب السودانية : (( الحزب الجمهوري .. قد يكون هذا الحزب من أقدم الأحزاب السياسية ، بحساب الزمن ، وهو أول حزب صغير يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي باصرار ، بل بمناجزة وصدام واسمه يدل على المنهج الذي انتهجه لمصير السودان … مؤسس الحزب الجمهوري هو الأستاذ محمود محمد طه الذي كان من أبرز الوجوه الوطنية في مستهل حركة النضال )) (( وقد تعرض محمود للسجن الطويل في خصومات ايجابية مع الانجليز منها حادث "الطهارة الفرعونية" في رفاعة ، وهو حدث اجتماعي رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن )) ..
عادة الخفاض لماّ تبطل
وبعد ، فان عادة الخفاض الفرعوني لاتزال تمارس رغم وجود القانون ، ورغم سوء هذه العادة البالغ ، وذلك لسببين أولا : لم تتفق التوعية الكافية للشعب عن قبح هذه العادة ومضارها .. ثانيا : مثل هذه العادة الحساسة المتأصلة ، في مجتمع مثل مجتمعنا ، لايقتلعها القانون وحده ، وماينبغي له أن يقتلعها .. وانما الذي يقتلعها نهائيا هو التربية والتوعية الشعبية..
توقف الى حين
لقد كان حادث رفاعة منعطفا في تاريخ الفكرة الجمهورية ، ولقد تجمد نشاط الجمهوريين ، أو كاد ، بعد سجن الأستاذ لمدة عامين أعقبهما عامان آخران ، فيهما واصل اعتكافه برفاعة ، وقد كانت الأعوام الأربعة ، هي في الحقيقة ، فرصة للعمل الحقيقي ، وهو اعداد الداعية الاعداد الكامل الذي به يكون تمام ملك الفكرة ، وتمام دعوة الآخرين اليها ، وما الاعداد الا صفاء الفكر وسلامة القلب ..
انتهى النقل من الوثائق.
أما بعد، فهذه هي الوثائق، فإن كان الدكتور خالد المبارك يريد أن يبرئ ساحته من السطحية التي لا تليق بكاتب وباحث مثله فليفعل، وإذا لم يرد فهو وشأنه. إن التاريخ مسجل وموجود ولن يستطيع أن يغيره بمثل هذه الكتابة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
خالد المبارك يجهل الحقائق ويضلل القراء
بقلم: طه إسماعيل أبو قرجة، المحامي
خرج علينا الدكتور خالد المبارك بمقال تحت عنوان (مفكرة سودانية بريطانية.. محمود محمد طه وأنصاف الحقائق)، في يوم 18 نوفمبر الماضي، الذي صادف الذكرى الرابعة والثلاثين لمهزلة محكمة الردة التي جرت فصولها في 18/11/1968. والمقال يؤكد ما كان يردده الأستاذ محمود محمد طه دائماً بأن الفكرة الجمهورية لم تناقش، وإنما يثير خصومها أوهاماً يحسبونها هي الفكرة الجمهورية. ومقال الدكتور خالد المبارك في حقيقة الأمر لا يختلف كثيراً عن محتوى المعارضة التي كان يثيرها مدبرو مهزلة محكمة الردة، وإن بدا له غير ذلك. فهو قد تعامى عن الحقائق الظاهرة، ونسب للأستاذ ما لم يقله، بل نسب له عكس ما قاله. كما هو قد التحف عباءة الحداثة، وتدثر باللقب العلمي دون محتوى، تماماً مثلما تدثر أولئك بالدين.
ويكفي في تبيين خلو مقال الدكتور من أبسط مقومات النهج العلمي أنه حين وصف ثورة رفاعة بأنها ثورة رجعية في مواجهة قرار تحديثي وأنها من مخازينا ويقع وزرها على الأستاذ محمود، قال أن: (الأستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً أو يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال)!! ولكن بعض الأميين يعلمون أن الجمهوريين قد كتبوا كتاباً باسم "الخفاض الفرعوني" في 1981. كما أن موقع الفكرة الجمهورية بشبكة الإنترنت يحتوي على أكثر من كتاب يتعرض لموقف الجمهوريين من الخفاض، ولثورة رفاعة، منها كتاب معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاماً 1945-1975) وبه توضيح لملابسات ثورة رفاعة وأهدافها. كما أن بهذا الموقع مقابلة صوتية أجراها معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية مع الأستاذ محمود خلال 1975 كجزء من برنامج المعهد يومئذ لتوثيق تاريخ الحركة الوطنية، بها حديث مفصل عن هذا الأمر. ولكن يبدو أن الدكتور خالد المبارك لا يقرأ ولا يسمع، وإنما هو يطمر الحقائق تحت ركام من الأباطيل التي يروجها دون أدنى إحساس بالمسئولية، مستغلاً لقبه العلمي الكبير. إن أدنى ما تعطيه برامج الماجستير والدكتوراه هي أن تغرس في الطالب روح البحث وتمحيص الحقائق وإحكام المقدمات من أجل الوصول إلى النتائج السليمة. فأين الدكتور خالد المبارك من ذلك؟ وأين المسئولية العلمية فيما يكتب؟
إن أبسط ما يحتاجه المرء لتقويم أحداث التاريخ هو الإلمام بها. ومن الواضح أن الدكتور خالد المبارك غير ملم بملابسات ثورة رفاعة، مما يفقده الحق في الخوض في تقويمها. فهي أولاً لم تكن ضد قرار كما قال، وإنما كانت ضد أثر عملي لقانون سنه البريطانيون في ديسمبر 1945. والقانون قد صدر بعد أشهر قلائل من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبغرض التنصل عن التزامهم الناشيء بموجب وثيقة الأطلنطي الموقعة في أغسطس 1941 والتي التزمت فيها بريطانيا بمنح الشعوب المستعمرة حق تقرير المصير عند نهاية الحرب إن دعمت تلك الشعوب مجهود الحلفاء الحربي. ولعله لا يعرف أيضاً أن البريطانيين قد ناقشوا ذلك القانون في برلمانهم، على غير عادتهم فيما يتعلق بقوانين المستعمرات، وأن المناقشة رافقتها تغطية إعلامية، بغرض إقناع الرأي العام الغربي بأن السودانيين شعب متخلف يمارس عادة همجية كهذه، مما يوجب استمرار الوصاية البريطانية عليهم. ولعله لا يعرف أن هدلستون، الحاكم العام، قد اقترح بالفعل أن تستمر الإدارة الاستعمارية على السودان نحو عشرين سنة أخرى حتى 1966. إن هذه الملابسات هي التي قادت الحزب الجمهوري لمحاربة قانون الخفاض، مع عوامل أخرى ذكرت وقتها. ولقد كانت تلك الثورة منعطفاً هاماً لتقصير أجل الاستعمار.
يبدو أن الدكتور خالد المبارك لا يعرف شيئاً من هذا رغم أنه يربط مفكراته ببريطانيا، أو أنه لا يعرف كيف يستثمر معلوماته في التفكير. والحق أن المسألة لا تحتاج إلى تفكير، إذ أن الحزب الجمهوري قد بين أنه ضد عادة الخفاض. ففي كتاب معالم الذي أشرت إليه آنفاً وردت مقتطفات من أول بيان أصدره الحزب الجمهوري في عام 1946 ضد قانون محاربة الخفاض، أسوق منها العبارة التالية:- (لا نريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني، ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم إلى يومنا هذا. ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة، وأساليب خاصة، وسنن خاصة سنتها حكومة السودان، أو قل ابتدعتها ابتداعاً وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها إرغاماً). وورد أيضاً (ومن الآيات الدالة على سوء القصد في هذه الأساليب، إثارة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف، وأساليب الدعاية التي طرقتها له، والطرق التي ارتأتها مناسبة لإبطاله، والقضاء عليه. ولقد جاءت هذه الآيات دليلاً واضحاً على التضليل المقرون بسبق الإصرار). هذا هو محتوى بيان الحزب الجمهوري الأول في 1946 بشأن قانون الخفاض، فهل يجوز لأحد أن يقول أن الأستاذ محمود محمد طه دافع عن الخفاض؟ الحق أني لا أعتقد أن كاتباً يحترم قلمه وقراءه والدرجة العلمية التي يحملها يمكن أن يغالط الحقائق على هذا النحو المؤسف ويذهب ليناصر ما يسميه بالحداثة. وأي حداثة في محاربة العادات المتأصلة بالقوانين؟ ولماذا لم يصدر الإنجليز قانوناً لمحاربة الخفاض منذ 1898؟ وماذا فعلوا في مجال التوعية باعتبارها الوسيلة الناجعة لمحاربة العادات الضارة؟ إن الدكتور يغفل كل ذلك ويذهب ليصور المسألة بأن المرء إما أن يكون ضد الخفاض وعليه مناصرة ذلك القانون الإنجليزي، وإما أنه يشجع الخفاض. هل رأيتم هذا اليسر الذي يتناول به الأمور؟
لا أريد أن أطيل هنا في تتبع ما قال الدكتور خالد المبارك، إذ سأفعل ذلك في حيز آخر، ولكن لابد أن أعرض لقوله:- (قيل للعامة: "يريد الإنجليز أن يتدخلوا في كل شيء حتى .. بناتكم). وهي عبارة توحي إلى القاريء بأن الأستاذ محمود قال كلمة بذيئة يعف قلم الدكتور خالد المبارك عن ذكرها. حسب الدكتور ذلك من السوء. أن من ضمن ما قاله الأستاذ يومئذ عن ذلك القانون العجيب أنه يحارب عادة الخفاض بطريقة "تعرض حياء المرأة السودانية للابتذال، وعلى الحياء تقوم الأخلاق كلها، والأخلاق هي الدين". ثم أن الأستاذ لو كان يتلفظ بهذه الألفاظ، لما ثار للعرض وكرامة المرأة، ولما هبَّت من خلفه مدينته التي تعرف خلقه. إن ما قاله الأستاذ معلوم ومرصود، فمن أين أتى الدكتور خالد المبارك بهذه الكلمات؟ هل له أن يجيبني؟ وهل هذه هي مساهمته في تنوير الشعب السوداني الذي اقتطع من لقمة عيشه الخشنة ليعلمه إلى هذا المستوى الرفيع؟
حسبي هذا الآن، وسأحاول متابعة ما قاله الدكتور خالد المبارك في حيز آخر.
طه إسماعيل أبو قرجة المنامة، البحرين، في 11 ديسمبر 2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
إعادة تعليم المتعلمين
عبد الله عثمان - 13 ديسمبر 2002
عندما طالعت "أنصاف حقائق" الدكتور خالد المبارك المنشورة بجريدة الرأي العام، 18 نوفمبر 2002م، طالعني أول ما طالعني دعوة الأستاذ محمود لإعادة تعليم المتعلمين، ذلك امر نحن أحوج ما نكون له اليوم أكثر من أي وقت مضي، خاصة و قد تصادف تاريخ النشر مع مرور أربعة و ثلاثين عاماّ علي مهزلة محكمة الردة الأولي التي ذهبت أدراج الرياح. لقد ظل الدكتور خالد المبارك يردد أنصاف حقائقه هذه و قد نشرها من قبل في جريدة الحياة اللندنية و تم الرد عليه في حينه و لكن لا ضير أن يتم الرد مرة أخري لمن عسي يحتاجون لتكرار.
إن "حادثة رفاعة" المشار إليها، إتخذها الأستاذ محمود سبباّ لإزكاء روح النضال ضد المستعمر الإنجليزي، و قد كان رأي الأستاذ محمود أن مثل هذه المسائل الإجتماعية المعقدة لا تتم معالجتها و لا محاربتها عن طريق القانون، و إنما عن طريق التربية و طالب الإنجليز بفتح المدارس للفتيات بدلاّ عن سن القوانين. و لم يفت عليه أن الإنجليز إنما رموا لذلك بتصوير الشعب السوداني علي أنه شعب متخلف يستحق الوصاية لإطالة أمد إقامتهم بالبلاد. هذا بإختصار ما كان من أمر "حادثة رفاعة" و لمن أراد التفاصيل أرجو مراجعة كتاب "الخفاض الفرعوني" المشور بإسم الإخوان الجمهوريين.
يقيني أن دكتور خالد المبارك إنما يريد مجداّ أكاديميا، متقمصاّ لذلك روح أبي العلاء "و إني و إن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الاوائل" ، ذلك ديدن طلاب المجد في غير محله، وتكون موجدتهم أكبر علي أصحاب الفكر الحر، كما عبر التجاني يوسف بشير "و إنما للناس موجدة علي أصحابه". كأني بالدكتور يريد أن يقول للناس " أتيت لكم بالديب من ديلو"، ذلك معمي بكثير تحذلق أكاديمي و أمثال عامة الإنجليز و لكن لا ضير فإن دعوة الأستاذ محمود تتجذر الآن في عقول و قلوب ملايين المحبين من "كوستي" إلي "كوستاريكا" و من "جاكارتا" إلي "ألسكا" و تعاد الآن طباعة كتبه بالعديد من اللغات الحية و تقام له و لدعوته أقساماّ خاصة في مراجع الجامعات و سيظل "النعام" دافناّ رأسه في رمال السودان و سيظل "ريش النعام" لا يرواح مكانه بين متحف التاريخ الطبيعي و دار جامعة الخرطوم للنشر، و ل "مربع" طول السلامة.
عبدالله عثمان- واشنطون
* نشر هذا المقال في باب "بأقلام القراء" بصحيفة "الرأي العام" في 13 ديسمبر 2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
محمود محمد طه مرة أخرى ماذا حدث للجمهوريين؟
د. خالد المبارك
(نشر المقال بسودانيل بتاريخ 20 ديسمبر 2002)
لم أصدق عيني عندما طالعت سيل السباب والاتهامات في مقال غاضب كتبه د.عمر القراي بعنوان: أنصاف الحقائق أم أنصاف المثقفين؟ (سودانايل 5/12/2002م )، كان أكثر ما يميز الجمهوريين أنهم يستمعون في حلقات النقاش الجامعية بصبر ووقار. يتريثون حتى يكمل الطرف الآخر عرض حجته ثم يردون في هدوء وبرود مفندين النقاط الجوهرية ومتجاهلين الاستفزاز والإدانة بالردة أو الخروج علي الملة. وفسّر البعض انجذاب الطالبات إليهم بميلهن الغريزي نحو التهذيب وعفة اللسان ونفورهن من العنف اللفظي أو الجسدي في حلقات أخرى.
سأرد علي الكاتب الكريم بالأسلوب الذي تخلي عنه، مركزاً بموضوعية علي لب القضية ومتجاوزاً جارح القول والتراشق بالألفاظ.
أولاً: لب الموضوع هو الموقف من التراث السوداني التقليدي. هل ننظر إليه باعتباره موروثاً كاملاً جديراً بالحماية والنقل للأجيال اللاحقة أم نفحصه بعين ناقدة تستبصر وتنتقي الطيب فتعلي شأنه والخبيث فتلفظه؟ في رأي المتواضع أن تراثنا به إيجابيات نادرة المثال (أشرت لبعضها في بحثي: الديموقراطية في الثقافة السودانية) لكنه يحتوي أيضاً علي مثالب أبرزها العنصرية والعصبية القبلية وبعض الممارسات والعادات اللاإنسانية الذميمة وعلي رأسها في السودان الشمالي الخفاض الفرعوني، لم أقل أن الاستعمار كان جمعية خيرية لا تعبر عن أي مصالح. ما أقوله هو أن الإدارة الاستعمارية اتخذت إجراءات إنسانية تحديثية مثل إلقاء الرق وتحرير الأرقاء ومثل تحريم الخفاض الفرعوني. نذكر أن قادة السودان الشمالي قدموا مذكرة للإدارة الاستعمارية تعارض تحرير العبيد. وفي موقف مؤازر قاد الأستاذ محمود محمد طه انتفاضة احتجاج علي تحريم الخفاض. ليس من العدالة ولا الموضوعية في شي تصوير موقفي بأنه دفاع عن الاستعمار. وقد سبق لي أن عالجت هذا الموضوع في مقال (الأسد البريطاني والحمائم البريطانية(السودان الدولي 21/2/2001م) أوردت فيه موقف النائب البريطاني جون مورلي الذي انتقد حملة استرداد السودان ووصف معركة كرري بأنها (فظائع أم درمان) ورامزي ماكدونالد الذي دعا بلاده إلي الاهتمام بفقراء الحي الشعبي بلندن بدلاً عن محاولة إخضاع الخليفة عبد الله. كما اقتطفت قول وليام كلارك بأن الاستعمار نقيض الحكم الديموقراطي وأن حروب التوسع الاستعماري لا علاقة لها بمصالح الشعب البريطاني بل بكبار الممولين الذين يسيطرون علي الصحف والرأي العام بالشعارات الوطنية، وخلصت إلي أن هذه (الأصوات المنسية) لم تحدد مسار السياسة البريطانية لكن معرفتها ضرورية (إذا أردنا أن نستشرف مرحلة جديدة نفك فيها قيود الماضي وإحنه).
ثانياً: ما هو الهدف من إقحام انتمائي السابق للحزب الشيوعي في آرائي الحالية عن الخفاض الفرعوني ودور الأستاذ محمود محمد طه؟ يبلغ الذين ولدوا عام 1972م (عندما استقلت من الحزب) الثلاثين من أعمارهم الآن. ويكفي أن أقول إنني غيرت موقفي قبل انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي بحيث لا يمكن أن أتهم بأنني قفزت للنجاة من سفينة غارقة، كما أنني لم افعل أثناء عضويتي ما يخزيني أو يشين ذريتي.
ثالثاً: القول بأنني أستاذ إنجليزي فقط، وما يتبعه من إيعاز بأن أترك شؤون الدين والسياسة للآخرين منطق مختل. اللغة ومناهج البحث أدوات يحق لمن يمتلك ناصيتها أن يوجهها كالضوء الكاشف في أي اتجاه يروقه، فلنضرب مثلاً: الأستاذ محمود محمد طه درس الهندسة باللغة الإنجليزية لكن كل مؤلفاته (ولدي مجموعة كاملة منها) دينية وسياسية باللغة العربية، لم أقل علي الإطلاق أنه كان ينبغي أن يحصر نفسه في القضايا الهندسية. يوسف إدريس طبيب لكنه ترك لنا تراثاً في القصة القصيرة لا في الطب. كان إسماعيل الأزهري أستاذ رياضيات لكنه ألف (الطريق إلي البرلمان) وأسس وقاد حزباً سياسياً، لم يدرس عبد الخالق محجوب العلوم السياسية (بل كان مثلي طالب أدب إنجليزي) لكن الباحثين في العلوم السياسية يجمعون ويحللون أقواله وأفعاله الآن. والقائمة تطول.
رابعاً: لقد دافعت عن الأستاذ محمود محمد طه عندما شنق وأحرقت كتبه، في وقت صمت فيه كثير من الذين يضعونه فوق النقد الآن. وقد ذكرت في مقالي أنه أصاب وأخطأ ولم أظلمه، قرنت ذلك بالحديث عن موروثنا الصوفي الذي يجعلنا ننقل (طاعة المريد لشيخه) من الطائفة الدينية للحزب السياسي، وقد كتبت بحثاً طويلاً عن هذا الموضوع بعنوان: Individualism and Politics in Sudan نشر في كتاب عن أزمة الفرد في الشرق الأوسط (لندن 2001م) وسيترجم إلي اللغة العربية قريباً.
خامساً: البروفيسور أمين الكارب هو الذي قال لي إن أبناء جيل الأستاذ محمود محمد طه أعجبوا بأسلوبه في الحوار وجديته وتفانيه وآزروه حتى اكتشفوا أن يدعي تفرداً خارقاً فابتعدوا بمعروف. وليس خافياً أن الشاعر محمد المهدي مجذوب كان من الذين أعجبوا في البداية بالصفات الحميدة التي ذكرها الكارب. وقد نظم أستاذ الجيل عبد الله الطيب قصيدة عصماء في رثاء ابن جيله محمود محمد طه عندما شنق وأحرقت كتبه.
تحصلت علي القصيدة ونشرتها كاملة في الملحق الثقافي الذي كنت أشرف عليه (بالصحافة).
سادساً: ما هي الامتيازات الخاصة التي نالها خالد المبارك والتي تقارن بوضع قادة الجمهوريين؟ دخلت وأسرتي من سفارة بريطانيا بالكويت، ومما يحمد لتلك السفارة أبلغت مئات المسافرين علي طائرة الخطوط الجوية البريطانية التي كان من المفترض أن تقلع يوم 2/8/1990م (يوم اجتياح صدام حسين للكويت) إن الاحتلال لا يلغي التأشيرة وأن المسافرين سوف يسمح لهم بدخول بريطانيا إذا ما وصلوا من قطر مجاور.
وصلت مع أسرتي من الأردن. ونلنا اللجوء السياسي نتيجة لتوصية من منظمات حقوق الإنسان (ولي بها صلات قديمة) واستناداً علي مقالات نشرتها بالكويت ضد حل الأحزاب والنقابات وإلغاء الحريات الأكاديمية وتزايد القهر ضد المعارضين في السنة الأولي (التمكينية) من عهد (الإنقاذ الأول) المتشنج.
عملت بمركز تلفزيون الشرق الأوسط بفضل وساطة صديق وزميل دراسة هو الأستاذ عمر عبد الله محمد خير (الذي كان مديراً لشؤون الأفراد بتلك المحطة التلفزيونية) واشترينا منزلنا في تلك الفترة بحر مالنا، ولا نزال نسدد الأقساط المتبقية. أشارك في المؤتمرات والحلقات الدراسية عندما يدفع القائمون تكلفة السفر والإقامة وأعتذر إذا لم يفعلوا. وقد عملت أيضاً (الحاضر يكلم الغائب!) بائعاً في متجر وحارساً ليلي في بنك اسكتلندا لمدة عام كامل. وكنت وما أزال سعيداً بذلك لأن كرامة قلمي وموقفي ككاتب أهم عندي من الرعاية المشروطة مهما كان مصدرها.
سابعاً: مكانتي ككاتب وأكاديمي لا يحددها الجمهوريون أو د. عمر القراي، بل ستصدر الحكم فيها أجيال لاحقة لنا، أعلم منذ الآن أنهم سيرصدون في مساهمتي إيجابيات وسلبيات، إنجازات وتقصيرات، صواب وخطأ. فأنا - مثل الأستاذ محمود محمد طه - بشر، الشي المؤكد عندي منذ الآن هو أنهم لن يوردوا في قائمة عيوبي التردد في قول كلمة الحق خوفاً من ردود الفعل الغاضبة من أية جهة كانت، فأنا لا أخشى الاستمساك بالرأي الذي أراهـ سديداً حتى إذا أغضب ذلك الجمهوريين الجدد المتسلحين بالاتهامات والسباب الجارح، أو أغضب غيرهم.
وختاماً: لم أكتب ما كتبت بالتشاور مع الدكتور محمد محمود ولا بالتنسيق معه، ولا أعلم ما إذا كان قد اطلع علي مقالي أم لا. ولا أري معني لإقحامه في الموضوع والتهجم عليه في معرض الدفاع الخاسر عن وصمة محزنة في سجل الحركة الوطنية.
وأقول للحقيقة والتاريخ إنني لم أشترك في الاحتفال الذي أقامته المنظمة السودانية لحقوق الإنسان عن الأستاذ محمود محمد طه كما يذكر د. القراي ولم أشرف علي إخراج فيلم عن الخفاض الفرعوني كما يجزم الأستاذ الفاضل الذي أتمني أن يستوثق من مصادره ومعلوماته قبل توزيع الإدانات. لم أتشرف بالتعرف علي د. القراي من قبل، إلا أنني - رغم الخلاف - لا أنعته بالسطحية أو أعتبره نصف مثقف أو جاهلاً أو حاسداً أو متطاولاً أو غير ذلك من الأوصاف التي خصني بها. لكني أقول إنه يؤكد نظريتي القائلة بأننا ننقل الولاء الصوفي الديني من قادة الطرق الصوفية إلي قادة الأحزاب السياسية فنضفي عليهم قداسة ترفعهم فوق النقد وتدفعنا إلي إنكار نقاط ضعفهم والتصدي لمن يتجرأ علي ذكرها حتى إذا كانت أوضح من الشمس في صيف ديم القراي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
هذا هو الدكتور خالد المبارك!!
د. عمر القراي - 20 ديسمبر 2002
(( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون )) صدق الله العظيم
فى ردي السابق على د. خالد المبارك ، لم أكن متحاملا ، ولم أفارق أدب الدين أو اسلوب الجمهوريين ، ما ينبغي لي ذلك وما أستطيع .. ولكنني نزلت عن التوجيه الإلهي في قوله تعالى (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) .. والقول البليغ هو الذي يبلغ موطن الداء من نفس المخاطب ، عله يحدث لأمره مراجعة ، فينتفع من ذلك .. فأنا لا أكره د. خالد المبارك ، ولا أحارب شخصه ، ولكن موضع بغضي وحربي ، هو ما تنطوي عليه شخصيته من سطحية في الفهم ، وجهل بالحقائق ، وزيف ، وغرور ، وتطاول لا يليق بالمثقفين الأحرار ..
جوهر القضية:
فما هو جوهر القضية ؟! جوهر القضية الذي تحاشى د. خالد المبارك التعقيب عليه سلبا أو إيجابا في مقاله الأخير ، هو أن الأستاذ محمود محمد طه لم يكن يؤيد الخفاض الفرعوني ، وإنما كان يقاوم الإستعمار .. وهو لملابسات شابت قانون تحريم الخفاض استغله كنموذج لتصعيد حركة النضال الوطني ، ولقد أُثبت هذا من مصادر منشورة وموجودة كلها في في صفحة الجمهوريين على "الانترنت" .. فلو كان د. خالد المبارك مثقف جاد ، يقدر العلمية والموضوعية لاعتذر عما كتب ، ولذكر صراحة أنه لم يكن يعلم ذلك .. أو لطعن في صحة ماذكرناه أو شكك فيه .. لكن أن يترك الموضوع جانبا ، وينشغل بالدفاع عن نفسه ، وكيف أنه لا يدافع عن الاستعمار ، فإن ذلك انما يؤكد معنى ماذكرت في المقال ، الذي ظن أنه أجحف في حقه .. فأى مثقف هذا الذي يشغل نفسه بموضوع مثل الخفاض الفرعوني ، فيخرج عنه فيلما ، ويهاجم بسببه شخصية عامة ، ثم هو بعد ذلك لا يقرأ ما كُتب عن هذا الموضوع الذي شغل به وقته ؟!
مقارنة جائرة:
يقول د. خالد المبارك "نذكر أن قادة السودان الشمالي قدموا مذكرة للإدارة الاستعمارية تعارض تحرير العبيد . وفي موقف موازر قاد الأستاذ محمود محمد طه انتفاضة احتجاج على تحريم الخفاض الفرعوني"!!
وما دام د. خالد المبارك يظن ان موقف الأستاذ محمود يشبه موقف هؤلاء القادة ، فلماذا لم يذكرهم بالاسم ، ويصفهم بالرجعية ، والتخلف ، كما وصف موقف الأستاذ محمود؟! ألأنهم هم الذين لا زالوا يملكون الصحف التي ينشر فيها د. خالد المبارك مفكرته السودانية البريطانية؟! أم لأنهم يملكون الأحزاب الكبيرة التي لا يود د. خالد المبارك أن يقطع فيها العشم؟!
ان المذكرة التي أشار اليها د. خالد المبارك ، رفعها السيد علي الميرغني ، والسيد عبد الرحمن المهدي ، والسيد الشريف الهندي ، رحمهم الله ، للحاكم العام البريطاني يطلبون منه اعادة النظر في قرار تحرير العبيد .. ولما كان زعماء الطائفية ، اصحاب اقطاعيات كبيرة ، فقد ذكروا في تلك المذكرة ، أن تحرير العبيد ، قد يؤدي الى فقدان العمال الزراعيين ، ونقص المواد الغذائية!! هؤلاء اقطاعيون يدافعون عن مصلحتهم الإقتصادية والسياسية ، وهم اصدقاء للإنجليز يتوددون اليهم بما يطيل بقاءهم ، ويعود عليهم بألقاب "الشرف" التي منحها لهم المستعمر .. فهل يمكن لرجل عاقل ، أمين ، أن يقارن هؤلاء برجل واجه المستعمر فسُجن ، ثم حين أطلق سراحه ، انتقد المستعمر مرة اخرى ، وقاد ثورة استهدفت كسر هيبة الاستعمار ، بمعارضة قوانينه ، وتوضيح أسباب مقاومتها ، وهو في ذلك يستهدف حد سلطان الاستعمار من ان يتدخل في اخلاق الشعب وعاداته ؟!
لقد نعى الأستاذ محمود محمد طه ، على هؤلاء الزعماء ، تقسيم البلاد باسم الطائفية ، وهاجمهم لتعاطفهم مع المستعمر ، فقد جاء في بيان أصدره الحزب الجمهوري في 18/2/1946م (ياجماعة الأشقاء وياجماعة الأمة – أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية – أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة – أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة ، أيها المرددون النغمة المشئومة – نغمة الطائفية البغيضة – انكم لتوقرون أمتكم وقرا يؤودها ..
ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء الى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام ، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام .. أنتم تريدون ابقاء المصريين ، وأنتم تريدون ابقاء الانجليز ، فاذا اجتمعت كلمتكم فانما تجتمع على ابقاء المصريين والانجليز معا ..
ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء ، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء .. أنتم تريدون السلامة ، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون .. أنتم تستغلون سيدا لايعرف ماتريدون ، وأنتم يستغلكم سيد يعرف مايريد ، والبلاد بينكم أنتم ، وأنتم ، على شفا مهواة ومهانة ..) راجع "معالم" – صفحة الجمهوريين بالانترنيت ..
هذا هو موقف الأستاذ محمود من زعماء الطائفية ، وذلك هو موقفه من الاستعمار ، فليبحث د. خالد المبارك عن شبيه لهذه المواقف ، وليأتنا به ان لم يرتد اليه ( البصر خاسئا وهو حسير) ..
العيب ليس في التخصص:
يقول د. خالد المبارك "القول بأنني استاذ انجليزي فقط وما يتبعه من ايعاز بأن اترك شئون الدين والسياسة للآخرين منطق مختل" .. الحديث عن ان د. خالد المبارك استاذ انجليزي ، لم يساق في باب التخصصات.. ولا هو يعني التقليل من شأن اللغة الانجليزية ، ولا يعني بالطبع أنه يجب ألا يتحدث في الدين والسياسة ، للأسباب البديهية التي ذكرها ، ولغيرها ، مما هو أهم منها .. ومن ذلك ، ما ظللنا نؤكده ، مرارا ، من أن معرفة الدين لا تنال بالدراسة ، وانما تتم بممارسة التقوى ، على قاعدة : (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) .. ولكن الحديث قد سيق في محاولة لتفسير جهل د. خالد المبارك ، و د. محمد أحمد محمود ، بتاريخ النضال الوطني ومنه حادثة رفاعة .. فلولم يكونا مشغولين بدراسة اللغة الانجليزية ، وحدها ، دون دراسة التاريخ ، والاجتماع ، والسياسة ، لعرفا كما يعرف الكثير من المثقفين ، كافة ملابسات ذلك الحادث المشهور ، خاصة ، وانها رصدت في مصادر عديدة ، ودارت حولها نقاشات مع عدة شخصيات من السبعينات ..
ومن سلبيات افناء العمر ، في دراسة اللغة الانجليزية ، هذا الاعجاب الخفي بالانجليز، الذي حاول د. خالد المبارك نفيه بشدة في مقاله الأخير، ولكنه يطالعك في كل صفحة من صفحات المقال!! ألم يحمد للسفارة البريطانية ، عدم الغاء تأشيرة دخوله ، بسبب اجتياح صدام الكويت ؟!
وليس هذا هو خطأ د. خالد المبارك وحده ، وإنما هو أثر من آثار الاستعمار.. فقد ركز المستعمر في أذهان السودانيين ، أن المثقف هو الذي يعرف لغة الانجليز ، وثقافتهم ، فأهمل المتعلمون من السودانيين ، معرفة دينهم ، وتراثهم ، وثقافتهم ، وتاريخهم ، وانشغلوا بتحصيل اللغة الانجليزية ، وثقافة الغرب .. فأصبح أحدهم يغضب اذا طعن في معرفته بالثقافة الغربية ، ولكن لا يتحرج أن يذكر أنه لا يعرف عن الاسلام ، ما يكفي للحوار ، مع كوادر الجماعات الاسلامية ، التي حين وجدت الميدان الفكري خاليا ، من المثقفين ، توسعت على حساب الأحزاب التقليدية ثم قفزت الى السلطة..
وإذ انتبه د. خالد المبارك ، ود. محمد احمد محمود ، مؤخرا ، لقضايا الدين والسياسة ، فإن هذا الاهتمام لم يكن صادقا ، ولا أصيلا ، وآية ذلك السطحية ، وعدم الإلمام ، الذي تناولا به أفكار ، وتاريخ حركة عتيدة ، مثل حركة الجمهوريين ..
نرجسية مفرطة:
لقد أخذت في مقالي السابق على د. خالد المبارك ، حديثه غير المسئول، عن الجمهوريين .. وذلك حين قال "ولعل دعوة الاستاذ محمود محمد طه للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا" !! ولقد جاء في ردي على ذلك ، في مقالي السابق ، قولي "فأي رعاية يتمتع بها الجمهوريون في الغرب ؟! وماذا تلقوا أكثر مما تلقى د. خالد المبارك مثلا ؟" كان هذا هو السؤال الذي وجهته لدكتور خالد المبارك ، فلم يجب على السؤال ، ليوكد أن الجمهوريين تلقوا رعاية خاصة في الغرب ، تفوق ما تلقاه هو، أوغيره من السودانيين .. كما أنه لم يوافق على أن وضع الجمهوريين ، يشبه أوضاع غيرهم من السودانيين ، كما ذكرت له!! بل ترك كل ذلك جانبا ، وذهب يحدثنا عن نفسه ، ونضاله الذي أعطاه الحق في اللجوء ببريطانيا !! اسمعه يقول (ماهي الامتيازات الخاصة التي نالها خالد المبارك والتي تقارن بوضع قادة الجمهوريين؟ ...
وصلت مع أسرتي من الأردن. ونلنا اللجوء السياسي نتيجة لتوصية من منظمات حقوق الانسان «ولي بها صلات قديمة» واستناداً على مقالات نشرتها بالكويت ضد حل الأحزاب والنقابات وإلغاء الحريات الأكاديمية وتزايد القهر ضد المعارضين في السنة الأولى «التمكينية» من عهد «الانقاذ الأول» المتشنج.)..
ويفهم من هذه القصة ، أن د. خالد المبارك ، لم يضهد في السودان ، لأنه كان في الكويت .. ولكن حصل على اللجوء السياسي ، بسبب مقالات نقد فيها حكومة الإنقاذ في السودان وهو في الكويت!! فما ظنه بمن رفض الانصياع للجبهة ، وهو داخل السودان ، وفصل من عمله ، وطورد في وطنه ، ثم حصل على اللجوء ، مثله ، لأنه كان أرسخ قدما ، وأسبق عهدا ، بمواجهة الجماعات الأسلامية ، قبل وبعد وصولها للسلطة ، ولأن لديه توصيات من منظمات حقوق الانسان أيضا؟!
فإذا كان هؤلاء لا يستحقون أن يحصلوا على مجرد اللجوء السياسي، في الغرب ، فما الذي يجعل د. خالد المبارك يستحقه ويحصل عليه ؟! هذا علما بأن د. خالد المبارك ، لم يستطع ان يحدثنا عن امتيازات اخرى ، يستمتع بها الجمهوريون ، دون سواهم في الغرب .. ان السؤال لا يزال قائما، وعجز د. خالد المبارك عن مواجهته لا يزال ماثلا !!
عمر القراي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
ثورة رفاعة 1946 التاريخ بين المثقفين المصريين والمثقفين السودانيين
خالد الحاج عبد المحمود - رفاعة - ديسمبر 2002
ان الأمم تهتم بتاريخها، وتاريخ عظمائها، وترصد الأحداث التي مرت بها، وتجعلها حية، في عقول، وقلوب، ابنائها وبناتها كي تهتدي بها في حاضرها وتخطط عبرها لمستقبلها. لقد لفت نظري، البون الشاسع، بين المثقفين السودانيين، والمثقفين المصريين، في اهتمامهم بتاريخ بلادهم، وموقفهم منه، واهنمامهم بالرواد الذين صنعوا ذلك التاريخ فقد وجدت المصريين- وكثيرون غيرهم- يهتمون اهتماماً بالغاً بتاريخ بلادهم، واحداثه ورجاله.. يخلدونه، وينشرونه من خلال البحث العلمي الجاد، ومن خلال العمل الفني الرفيع، حتى يظل حيا في وجدان الأمة.. أقول هذا، وأنا قد تابعت، هذه الأيام، مسلسلا مصريا حول حياة وافكار " قاسم أمين".. والمسلسل لايؤرخ لقاسم أمين فقط ، وإنما لكل الزعماء والمفكرين، والساسة، الذين عاصروه، على مختلف مشاربهم، وأفكارهم .. وهؤلاء مثل: الشيخ المجدد محمد عبده، والمفكر لطفي السيد، والزعيم سعد زغلول والرائد الوطني الكبير مصطفى كامل، والشعراء حافظ وشوقي، والرائد الاقتصادي طلعت حرب، الى آخر هؤلآء النفر الكرام، من رواد نهضة مصر الحديثة.. وكذلك يعرض هذه الأيام في العديد من القنوات المسلسل المصري: "فارس بلا جواد".. ومن خلال أحداث هذا المسلسل، أبرز المخرج أحداث قرية دنشواي المصرية في مواجهة الاستمار الانجلبزي، بصورة قوية مؤثرة، خصوصا المشهد الدرامي لاعدام بعض أفراد القرية على يد الانجليز- وهو مشهد استفاد فيه المخرج، من مشهد اعدام عمر المختار، في الفلم الذي صرفت ليبيا مبالغ هائلة لاخراجه، وتخليد سيرة بطلهاالعظيم، وقد اسندت البطولة في هذا الفلم للمثل العالمي الكبير"انطوني كوين" وقد استطاعت ليبيا عبر الفلم أن تجعل شخصية عمر المختار ونضاله، حيا، ليس في وجدان الشعب الليبي فقط، وانما في وجدان الشعوب العربية عامة. ونحن لانجد حدثاً، أوشخصاً، في تاريخ مصر – منذ الفراعنة، وحتى ثورة يوليو – الا وقد قامت الجهات الرسمية والمثقفون، بابرازه، وتخلبده، من خلال الدراسة والنشر ومن خلال وسائل الاعلام المختلفة أو من خلال عمل فني، أونصب أوتسمية مرفق، أو شارع باسمه.. وما من زائر يزور وسط مدينة القاهرة الا ويطالعه طلعت حرب مثلاً، في تمثال أقيم له، في ميدان هام، سمي باسمه، وكذلك العقاد وكل الرواد، حتى شامبليون الأجنبي، خلدوه بتسمية شارع هام، في وسط القاهرة باسمه عرفاناً لما قام به من دور خطير في تاريخ مصر- وبهذه المناسبة.. ماذا فعلنا نحن بالدكتور هكوك؟!! الى اين انتهت قضية مقتله وأين أوراقه؟!! وماذا فعل تلاميذه في مواصلة دراسته العلمية الجادة في تأصيل تاريخ السودان القديم؟ لو كنت، في مكان القرار بجامعة الخرطوم لقمت، على الأقل، بنسمية قاعة هامة من قاعات الجامعة باسم دكتور "هكوك" عرفاناً ووفاءاً، لوفائه. عموما أنت لاتجد حدثاً أو شخصاً، له دور في تاريخ مصر القديم، أو الحديث والمعاصر، الا وتجدهم قد خلدوه من خلال عمل ما، لا يختلف في ذلك الزعبم الديني عن السياسي، أو الاقتصادي، أو الأديب والمفكر، والفنان.. حتى الشيخ الشعراوي المعاصر أخرجوا عنه مسلسلا، يعرض هذه الأيام تحت اسم "امام الدعاة " وهذا أمر ليس فاصرا على المثقفين المصريين، وانما تجد له ضريبا في معظم بلدان العالم. فاين نحن من ذلك؟! ماهو دور الحكام، والمثقفين عندنا، منذ الاستقلال وحتى اليوم في هذا الصدد؟! لاشئ يذكر.. ان الكثير من المتعلمين عندنا يجهلون الرواد من الساسة والوطنيين، ومن رجال الدين والمفكرين، ومن الفنانين المبدعين.. فقل لي بربك كم من المتعلمين عندنا، سمع ـ مجرد السماع ـ بالمفكر والاديب الفذ معاوية نور؟! انا علي يقين من ان شخصية، مثل شخصية الشيخ بابكر بدري كرائد للتعليم وتعليم المرأة بالذات، لو كان مصريا، لخلدوه باكثر من عمل، خصوصا أن الرجل قد جعل الأمر ميسرا لذلك، بما كتب من مذكرات ضافية. وليت الأمر وقف عند مثقفينا، عند مجرد السلبية، ولكنه، وبكل أسف وصل عند بعض، حد الجحود، وعدم الأمانة الفكرية، بسبب من العداوات الشخصية الضيقة أو بسبب السعي في التقرب الى جهات، يطمعون في التقرب اليها!! لقد وصل الأمر ببعض مثقفينا الى حد العمل على تشويه تاريخنا الناصع!! ولكن هيهات!! هيهات!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
مقال د. خالد المبارك يكشف عن حقائق مؤسفة (1 من 3) متى يرفع السودانيون أصواتهم استنكاراً لتزييف التاريخ؟
طه اسماعيل أبوقرجة - 25 ديسمبر 2002
بتاريخ الأربعاء 11 ديسمبر 2002 أرسلت مقالاً قصيراً إلى صحيفة الرأي العام رداً على مقال الدكتور خالد المبارك الذي نشرته ذات الصحيفة في عددها بتاريخ 18 نوفمبر 2002 تحت عنوان (مفكرة سودانية بريطانية.. محمود محمد طه وأنصاف الحقائق)، والذي تعرض فيه للأستاذ محمود محمد طه، ولثورة رفاعة التي قامت في عام 1946 في مواجهة قانون محاربة الخفاض الفرعوني الذي سنته الإدارة الاستعمارية. لم يحظ مقالي بالنشر، ولعل صحيفة الرأي العام قد اكتفت بنشر الرد الذي تفضل به الدكتور عبد المطلب بلة زهران على مقال الدكتور خالد المبارك. بيد أن بعض الإخوان قد تكرم بنشر مقالي في مواقع عديدة من شبكة الإنترنت.
ولما كنت قد وعدت في ذلك المقال برد أطول على مقال الدكتور خالد المبارك في حيز آخر، فقد كان لزاماً علي أن أفعل. ولقد حرصت أيضاً على الرد المطول لأسباب أخرى، منها أن الحوار حول الموضوع قد اتصل في بعض منابر السودانيين في شبكة الإنترنت، وقد بدت منه الحاجة إلى تسليط مزيد من الضوء على ثورة رفاعة، التي لم يقو جل المؤرخين على ذكرها. ومنها التنبيه إلى أمور خطيرة كشف عنها مقال الدكتور خالد المبارك. من هذه الأمور، احتمال تورط الأستاذ محمود صالح عثمان صالح، راعي مركز عبد الكريم ميرغني، في تزييف التاريخ، باتباع نهج انتقائي يفتقر إلى الأمانة في رصد وتسجيل وقائع التاريخ. ومنها أيضاً ذهول السودانيين حتى في مستوى قامة الدكتور خالد المبارك عن موت ما يسمى بالحركة السياسية السودانية.
هذا المقال يقع في ثلاثة أجزاء، أولها يتناول تزييف التاريخ، والثاني يناقش بعض ما أثاره الدكتور خالد المبارك، والثالث يلقي ضوءاً على ثورة رفاعة، ويعرِّف بقيمتها الحقيقية، باعتبارها الموقف الذي قاد إلى تقصير أجل الاستعمار البريطاني على السودان، وهي القيمة التي من أجلها حرصت جهات عديدة مؤثرة على إسقاط هذه الثورة من التاريخ. وسأحاول جهد الإمكان مناقشة بعض ما أثاره الدكتور خالد المبارك مناقشة موضوعية دون أن أغلظ عليه القول، وذلك لاعتبارات شتى، منها أن الدكتور خالد المبارك هو رغم ما قاله يعد من السودانيين المتعلمين النشطين القلائل، وذلك أمر يجب أن يحفظ له، وأن يشفع له.
خلفية عن مقال الدكتور خالد المبارك :
لمصلحة القراء الذين لم يقفوا على مقال الدكتور خالد المبارك، أفيد بأنه قد أقدم على كتابة مقاله إثر استماعه، على حد تعبيره، إلى تسجيل في شريط فيديو لحفل تقديم مجلدات "الوثائق البريطانية عن السودان" التي حررها الأستاذ محمود صالح عثمان صالح، راعي مركز عبد الكريم ميرغني، الذي أقيم بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم، حيث تحدث أحد أساتذة جامعة أم درمان الأهلية معبراً عن خيبة أمله لأن الوثائق لم تشمل ذكراً لنضال الأستاذ محمود محمد طه ضد الاستعمار رغم أن الإدارة الحاكمة اضطرت إلى إرسال فرقة عسكرية من الخرطوم لإخماد المقاومة التي قادها في رفاعة. وقال الدكتور خالد المبارك أن ذلك المتحدث أطرى على الأستاذ وحزبه الجمهوري بلا تحفظ. ومن هنالك مضى الدكتور ليقول أن ذلك الإطراء هو بسبيل من نظر السودانيين، في الشمال والجنوب، وفي اليمين واليسار، إلى القائد السياسي كشيخ للطريقة الصوفية. ثم مضى ليصف ثورة رفاعة بالرجعية، وبأنها من مخازينا لأنها كانت ضد قرار تحديثي. كما رمى الأستاذ محمود محمد طه بالبذاءة. وهو قد فعل كل ذلك لمقاومة ما أسماه مواصلة "الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الإيجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف الحقائق وأسداس الحقائق ويغذي جينات النزعة الصوفية المتأصلة في أفئدة السودانيين". هذا هو لب المقال، وسأتعرض إلى فقرات منه في هذا الرد.
جل المؤرخين السودانيين لم يقووا على ذكر اسم الأستاذ محمود ولا الحزب الجمهوري :
قال الدكتور خالد المبارك في مقاله عن ثورة رفاعة:- (قيل لنا أنها مثل إضرابات الطعام في المدارس وإضرابات زيادة الأجور العمالية، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار..)!!
ولابد أن أقول هنا للدكتور أن الكتابة بطريقة "قيل لنا" لا تليق به، خصوصاً في موضوع بهذه الأهمية والحساسية. وأنا أعفيه من أن يذكر لنا من قال ذلك، ولمن، ومتى، وأين.
ولما كان الدكتور خالد المبارك قد زعم في مقاله أن الأستاذ محمود محمد طه لم يدافع عن ثورة رفاعة بعد الاستقلال (وهو زعم خاطئ)، فإن عبارته هذه تفيد أن المشتغلين بالتاريخ السوداني هم الذين برروا ثورة رفاعة على ذلك النحو. وذلك إيحاء مضلل، لأن جل المؤرخين السودانيين قد فاتهم شرف ذكر هذه الثورة في كتبهم، بل صعب عليهم أن يوردوا اسم الأستاذ محمود محمد طه رغم أنه كان أول سجين سياسي في تاريخ الحركة الوطنية الحديثة وأصلب من قاوم الإرهاب الاستعماري، كما صعب عليهم أن يذكروا الحزب الجمهوري كأحد الأحزاب السودانية رغم أنهم ذكروا كبيرها وصغيرها، ورغم أنه أول حزب دعا إلى قيام جمهورية سودانية، ورغم أنه الحزب الوحيد الذي قام على مذهبية سودانية المنبت.
والحق أن تلك مؤامرة اغتيال معنوي قديمة ومخزية تضافرت على حياكتها أيد كثيرة. وما الاغتيال الحسي في يناير 1985 إلا فصل متأخر من فصولها التي ما برحت تتوالى. هذه المؤامرة هي التي ساقت أستاذ جامعة أم درمان الأهلية إلى التعبير عن خيبة أمله من إسقاط نضال الأستاذ محمود محمد طه ضد الاستعمار من الوثائق التي قال الدكتور خالد المبارك أنها حررها الأستاذ محمود صالح عثمان صالح.
إن التاريخ يجب أن يسجل بأمانة. ومن يدري، فلعل الله قد قضى بأن يجيء قريباً اليوم الذي يعلم فيه السودانيون بأن حركتهم الوطنية لم يكن فيها أنصع ولا أشرف من مواقف الأستاذ محمود، وعندئذ قد يهرع بعض المؤرخين لإصدار طبعات منقحة ومزيدة من كتبهم، يذكرون فيها اسم الأستاذ محمود، ونضاله، وثورة رفاعة، ويوردون اسم الحزب الجمهوري كأحد الأحزاب السياسية السودانية. إن اليوم الذي يعرف فيه السودانيون تاريخهم لآت، فلابد لليل التضليل والمضللين أن ينجلي. ويومها سيحاسب كل من أسهم في تزييف التاريخ، مثلما سيحاسب كل من كاد لهذا الشعب. وذلك حساب مخزي حتى وإن لم يلحقه عقاب. والحق أن مزيفي التاريخ هم بعض أدوات السياسيين الكائدين لهذا الشعب.
ألم يدافع خالد المبارك عن إسقاط نضال الأستاذ؟
بيد أن الدكتور خالد المبارك قد ورط نفسه، دون أن يقصد أو أن يدري، في تلك المؤامرة الرخيصة المزمنة التي تستهدف إسقاط اسم الأستاذ محمود محمد طه كلياً من تاريخ هذا البلد، إذ ذهب شوطاً بعيداً في مجافاة النهج العلمي حين رد على ذلك التعبير عن خيبة العمل قائلاً أن تلك الثورة كانت رجعية ومن مخازي السودانيين. وهو قد فعل ذلك دون يستنكر تغييب هذا التاريخ، أو يأسف لوقوعه، أو يستعلم عن دوافعه، أو يستقصى أمره. بل أنه أسرف على نفسه فتجرأ على رمي الأستاذ محمود محمد طه بالبذاءة، كما بينت في المقال السابق وكما سأبين في الجزء الثاني من هذا المقال. وهو بذلك كأنما يقول أن ثورة رفاعة وغيرها مما يتصل بالأستاذ محمود محمد طه ليس جديراً بالتسجيل والتأريخ. وهو بذلك قد دافع عن إسقاط هذه الثورة من التاريخ، قصد ذلك أم لم يقصد.
هذا أمر جد مؤسف، فالدكتور لابد يعلم بأن التاريخ يجب أن يسجل تسجيلاً أميناً وكاملاً، بصرف النظر عن رأينا فيه.
ولو أن أستاذ جامعة أم درمان الأهلية طالب بالإشادة بنضال الأستاذ محمود، لكان للدكتور خالد المبارك حق الاعتراض على تلك المناشدة مبدياً رأيه في ثورة رفاعة. ولكن الدكتور خالد لم يقل في مقاله أن أستاذ جامعة أم درمان الأهلية طلب الإشادة بنضال الأستاذ محمود محمد طه، وإنما قال أنه عبَّر عن خيبة أمله من إسقاط التاريخ المتصل به. ألا يحق له ذلك التعبير؟ بل ألا يجب عليه ذلك التعبير وسط هذا الجحود الكبير الذي أبى الدكتور خالد المبارك إلا أن يضم نفسه إلى طوابيره؟ وهل يصح وصف هذا التعبير عن خيبة الأمل من الانتقائية في تسجيل التاريخ، وما تقتضيه من إشادة بالأستاذ محمود، بأنه تعامل مع القائد السياسي كشيخ للطريقة "ومواصلة للحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الإيجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف الحقائق وأسداس الحقائق ويغذي جينات النزعة الصوفية المتأصلة في أفئدة السودانيين"؟
إن وجوب رصد التاريخ بأمانة أمر لا يعيي ذا لب. لكنه بكل أسف أعيا الدكتور خالد المبارك. والحق أني لم استغرب ذلك، لأن الدكتور في مقاله لم يغفل حقائق التاريخ فحسب وإنما طمرها تحت الأباطيل التي سال بها مداده دون عناء ولا حذر، وكأنه لا يسأل عما يفعل. وذلك ما بينته في المقال الذي أرسلته إلى صحيفة الرأي العام، وما سأورده في الجزء الثاني من هذا المقال. وبطبيعة الحال فإن من يطمر الحقائق على نحو ما فعل الدكتور خالد المبارك لا تنتظر له حساسية نحو انتقائية رصد التاريخ. بيد أني أؤمن بأن الدكتور خالد لم يفعل ذلك عن سوء نية، وإنما عن غفلة. وقد كان يليق به أن يأبى انتقائية التاريخ، وأن يرفع صوته بذلك. وهو لا يزال مرجواً أن يفعل ذلك.
انتقائية التاريخ عند القائمين على مركز عبد الكريم ميرغني ؟!
ويهمني هنا أن أتساءل عن قيمة الوثائق التاريخية التي أعدها الأستاذ محمود صالح عثمان صالح، راعي مركز عبد الكريم ميرغني. ما هي طبيعة هذه الوثائق؟ فقد أشار الدكتور خالد المبارك في مقاله إلى مجلداتها بعبارة (مجلدات "الوثائق البريطانية عن السودان"). فهل هي كل الوثائق البريطانية عن السودان؟ أم أنها وثائق منتقاة؟ وهل هناك إفادة واضحة للقراء بأنها وثائق منتقاة؟ أم أنها تركت لتوحي إلى الناس بأنها كل الوثائق البريطانية عن السودان؟ وإذا أسقطت هذه الوثائق نضال الأستاذ محمود محمد طه، فماذا أسقطت غير ذلك؟ وماذا ذكرت؟ هل على سبيل المثال أوردت واقعة إهداء السيد عبد الرحمن المهدي سيف أبيه لملك بريطانيا، وتعفف الأخير عن الاحتفاظ به؟ أم أنها أسقطت هذه الواقعة التاريخية ذات الدلالة المؤسفة؟ ولماذا؟
مسئولية المثقفين القائمين على مركز عبد الكريم ميرغني :
لقد كشف مقال الدكتور خالد المبارك عن أن الأستاذ محمود صالح عثمان صالح، راعي مركز عبد الكريم ميرغني، ربما تورط في تزييف التاريخ السوداني باتباع النهج القديم الذي درج عليه جل المؤرخين السودانيين. هذا النهج المؤسف يجب أن يقابل من كل السودانيين بالرفض الحاسم، ورفع الصوت، والمساءلة الأدبية، إلى أن يجيء وقت المساءلة القانونية. لقد كان حرياً بالدكتور خالد المبارك أن يبدأ بذلك، وأن يكون عوناً للدكتور عبد المطلب زهران، أستاذ جامعة أم درمان الأهلية، الذي أثار هذا الأمر، بدلاً عن ممالأة راعي مركز عبد الكريم ميرغني. ذلك كان أولى للدكتور خالد المبارك، فليسرع إلى تدارك أمره، وليهنأ الدكتور عبد المطلب بمقامه الذي لم يجد فيه على الخير أعوانا.
إنني لم أطلع على هذه المجلدات، ولذلك لست في وضع أجزم فيه بأنها انتقائية ومضللة على نحو ما يشير مقال الدكتور خالد المبارك، بيد أني سأعمل على الوقوف على حقيقة هذه المجلدات ومعرفة ملابسات إعدادها. كما أني لا أعرف شيئاً عن الأستاذ محمود صالح عثمان صالح، وكل ما سمعته عنه أنه من أسرة المرحوم عثمان صالح، الكريمة، المعروفة، وأنه يمارس الأعمال التجارية، ولست على يقين من ذلك. ومهما يكن، فإن عدداً من المثقفين والأكاديميين السودانيين يرتبطون بمركز عبد الكريم ميرغني. وأعتقد أن عليهم واجب التأكد من طبيعة هذه المجلدات التي ربطت بهذا المركز. فسيكون صمتهم عاراً إن كانت هذه المجلدات تضلل الشعب عن حقيقة ما يراد بتاريخه من تزييف.
الثورة تبدأ من ذواتنا ومن قعور بيوتنا :
يظن أكثر السودانيين أن مشكلة بلادنا هي النظام السياسي القائم، وأننا لو أطحنا به ستنتهي المعاناة. والحق أن الشعب قد جرب الإطاحة بالأنظمة الفاسدة مراراً دون أن تنتهي المعاناة. وما ذاك إلا لأن الأنظمة السياسية ليست سبب الأزمة، وإنما هي نتيجة الأزمة. الأنظمة السياسية مهما كان حظها من السوء هي ثمرة الأزمة لا بذرتها. والأزمة إنما هي فينا كلنا، وفي حياتنا كلها، ومن مظاهرها تهاوننا مع العظائم التي نعدها صغائر. يجب أن لا نستهين بأي أمر. وفي هذا المقام أقول أننا يجب أن لا نستهين بتزييف التاريخ. فالذين يزيفون التاريخ هم أنفسهم الذين يسممون الحاضر، ويئدون المستقبل. ومشكلة بلادنا ليست فقط في العسكريين وضعاف العقول الذين يقفزون إلى السلطة بحد السلاح، وإنما هي فوق ذلك وقبل ذلك في الذين يتقحمون مجالات التاريخ والفكر والسياسة بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير. إن الثورة يجب أن لا تختزل في الإطاحة بالأنظمة السياسية الفاسدة. فهي إن اختزلت في ذلك، ظل حظنا هو العجز عن بناء نظام سياسي صالح. إن ثورتنا هذه المرة يجب أن تكون جذرية وعميقة وشاملة. وهي يجب أن تبدأ داخل كل منا، على غفلتنا وتراخينا وتهاوننا. يجب أن نغير أنفسنا، فبيوتنا، ومدارسنا، وشوارعنا، وأنديتنا، ومراكزنا. بذلك، وبذلك وحده، نضع الفأس على أصل الشجرة. وبذلك لن يملك النظام السياسي الفاسد إلا أن يسقط، لأنه إنما يقف على دعامة الفساد المستشري في حياتنا.
لقد رفع مقال الدكتور خالد المبارك قضية تزييف التاريخ السوداني إلى السطح من جديد. وإني لآمل أن نستيقظ هذه المرة من سباتنا، فنواجه الأمر بما يستحق من الحزم والصرامة. فإذا استيقظنا، كان ذلك ثمن المغفرة للدكتور خالد المبارك عن الإسفاف الذي تورط فيه. أما إذا لم نستيقظ، فما الدكتور إلا من غزية غوت. (يتبع الجزء الثاني والثالث)
طه إسماعيل أبو قرجة 25 ديسمبر 2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
مقال د. خالد المبارك يكشف عن حقائق مؤسفة (2 من 3) ألم يأن للسودانيين أن ينشئوا حركة سياسية حية ؟؟ فالحركة السياسية الحالية ولدت في الأربعينيات ميتة
طه إسماعيل أبو قرجة - 28 ديسمبر 2002
في هذا الجزء من المقال أتعرض إلى بعض النقاط التي أثارها الدكتور خالد المبارك في مقاله. ومثلما اهتممت في الجزء الأول بلفت الأنظار إلى تزييف التاريخ السوداني، يهمني هنا أن أنبه إلى أمرين هامين كشف عنهما مقال الدكتور خالد المبارك. أولهما ذهول المتعلمين السودانيين عن واجبهم في توعية الشعب. وثانيهما عجز السودانيين حتى اليوم عن إدراك حقيقة بسيطة وظاهرة هي موت الحركة السياسية السودانية.
محنة الشعب السوداني في أبنائه المتعلمين :
إن مقال الدكتور خالد المبارك يكشف عن جانب من محنة الشعب السوداني في أبنائه الذين اقتطع من شظف عيشه ليعلمهم، ليعملوا على رفعه من وهدته. وتلك محنة كبرى، ولا ريب. وهي أس داء هذا البلد المنكوب. والجانب الأسوأ من هذه المحنة يمثله المتدثرون بالدين، في حين يمثل المتدثرون بالحداثة الجانب الآخر. فمثلما عاد الدكتور الترابي من السوربورن بلقب الدكتوراه في القانون الدستوري ليسلب الشعب أبسط الحقوق الأساسية وليرتد بالبلاد إلى حقب الإجماع السكوتي وثقافة عصر الشافعي، ومثلما عاد السيد الصادق المهدي من أكسفورد ليتبوأ قيادة أكبر حزب طائفي بالبلاد، كذلك عاد خالد المبارك بالدكتوراه التي لا يبدو لها أي أثر في مقاله هذا العجيب، ليشيع الغيبوبة بين الناس، مثلما يفعل أضراب له، اتخذوا من الحداثة عباءة جديدة بعد أن أبلى أولئك عباءة الدين، يحشرون لفظها حشراً في مقالاتهم، فيما بدا جلياً أنهم يجهلون محتواها كل الجهل. أسمعوه ماذا قال:- (.. لكن الأستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة أخطاء تقديرية جسيمة. حدثت انتفاضة رفاعة-التي أشاد بها المتحدث- احتجاجاً على قرار الإدارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني. قيل للعامة: "يريد الإنجليز أن يتدخلوا في كل شيء حتى "...." بناتكم! وفعلاً ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الأستاذ محمود. كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار "تحديثي" جريء وسليم. انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا. ويقع وزرها على كاهل الأستاذ محمود محمد طه. قيل لنا أنها مثل إضرابات الطعام في المدارس وإضرابات زيادة الأجور العمالية، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار. وهذا دفاع واه لأن الأستاذ محمود لم يراجع مواقفه علناً أو يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال..).
د. خالد المبارك لا يعلم الحقائق الأولية :
دعونا من تقويم الدكتور خالد المبارك لثورة رفاعة حتى نمتحن إلمامه بالحقائق الأولية. فهو إن كان له حظ من الإلمام بالحقائق الأولية، كانت فيه مظنة قدرة على تقويم تلك الثورة. أما إن كان منذور الحظ من المعرفة بالحقائق الأولية، فقد انقطع الظن فيه. هل صحيح أن الأستاذ محمود لم يقل شيئاً عن الخفاض وعن ثورة رفاعة بعد الاستقلال؟ لقد اصدر الإخوان الجمهوريون كتاباً باسم "الخفاض الفرعوني" في عام 1981، تعرضوا فيه لعادة الخفاض ولملابسات ثورة رفاعة وهدفها. كما أن بموقع الفكرة الجمهورية بشبكة الإنترنت أكثر من كتاب يتعرض لثورة رفاعة، منها كتاب (معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاماً 1945-1975). ثم أن معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية كان في سعيه خلال عام 1975 لتوثيق تاريخ الحركة الوطنية قد أجرى مقابلة مع الأستاذ محمود ورد فيها حديث مفصل عن ثورة رفاعة. والتسجيل الصوتي لهذه المقابلة موجود بموقع الفكرة بشبكة الإنترنت. ومن الأفضل للدكتور خالد المبارك أن يرجع، ليقرأ، ويسمع، قبل أن يكتب. ثم إن عليه أن يبحث في الأسباب التي ساقته إلى هذا التقرير الخاطئ، ولينظر ماذا يمكنه أن يفعل لتدارك أمره. ذلك أمر متروك له.
الدكتور خالد يرمي الأستاذ بعدم عفة اللسان !!
هذا يسوقني لإبراز أمر آخر شديد الدلالة على أن الدكتور خالد المبارك قد كتب بمجافاة تامة للنهج العلمي. فقد جاء في مقاله العجيب:- (قيل للعامة: [يريد الإنجليز أن يتدخلوا في كل شيء حتى "…" بناتكم]). إن عبارة الدكتور هذه لا تعطي غير فهم واحد، هو أن الأستاذ محمود محمد طه هو الذي قال ذلك. وتلك حالقة للدكتور. فهو يوحي إلى الناس بأن الأستاذ محمود قال عبارة يعف قلمه هو عن إيرادها. هل رأيتم هذا الإدعاء؟! من أين للدكتور خالد المبارك بهذه العبارة؟ إن نص الخطبة التي ألقاها الأستاذ محمود في مسجد رفاعة، والتي تحرك الناس بعد سماعها إلى السجن، موجود، وقد تم نشره. كما أن ما كتبه الحزب الجمهوري في معارضة قانون الخفاض مرصود، وبعضه منشور بالإنترنت. فهل يظن الدكتور خالد المبارك أنه يحترم القراء حين يشيع عليهم لغواً مثل هذا عن رجل مواقفه موثقة بالكلمة المقروءة والمسموعة؟ بل هل يظن أنه يحترم قلمه ونفسه حين يجترح ذلك؟ إن الأستاذ محمود محمد طه إن كان يتفوه بمثل هذه العبارات الساقطة لما ثار للعفة والعرض، ولما نهضت مدينته التي تعرف خلقه بأسرها من ورائه. إن ما قاله الدكتور خالد لا يعلق بالأستاذ محمود. ولقد يكفي أن أقول أن الأستاذ محمود محمد طه قد كتب في عام 1951 موضحاً أن الحزب الجمهوري عارض الطريقة التي شرع بها الإنجليز في محاربة عادة الخفاض لأنها "طريقة تعرض حياء المرأة السودانية للابتذال، وعلى الحياء تقوم الأخلاق كلها، والأخلاق هي الدين". إن الدكتور خالد المبارك لا يعرف عن من يكتب، ولا عن ماذا يكتب، ولا لمن يكتب. بل ظهر أنه يكتب في أخطر الأمور بناء على السماع ممن ليس بذي شأن. أعتقد أن عليه أن يراجع أمره، لأنه بهذا لا يفعل أكثر من تسويد الصفحات بغثاثة منكرة، ومن الإساءة إلى الدرجة العلمية التي يحملها، بل وربما إلى المؤسسة العلمية التي منحته هذه الدرجة.
غثاثة لا تليق :
لقد شط الدكتور خالد المبارك عن النهج العلمي ولجَّ في الغثاثة. أسمعوه يقول:- (ولعل دعوة الأستاذ محمود للاعتراف بإسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها أتباعه في الغرب، حيثما حلوا). هل رأيتم هذه الغثاثة؟ هل لدى الدكتور خالد المبارك إحصائيات عن أعداد الجمهوريين في الغرب أو مقارنة لأعدادهم بأعداد الفرق السياسية الأخرى؟ أم انه يكتب بالطريقة التي يتحدث بها بعضنا في المقاهي؟ ثم ما هي الرعاية الحميمة التي ينالها الجمهوريون في الغرب؟ هل هي حق اللجوء السياسي أم أكثر؟ وإن كانت أكثر من ذلك، فما هي؟ إن منح الجمهوريين حق اللجوء السياسي قائم على أساس أنهم أهل فكر في بلد ليس للفكر فيه كرامة، بل يتضافر فيه حتى أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة على سلبهم مجرد حق اشتمال مصادر التاريخ على الوقائع المتصلة بهم، كما فعل الدكتور خالد المبارك في مقاله هذا العجيب، عن قصد أو عن غفلة. ألا يرى الدكتور أن الجمهوريين بإزاء هذا كله يستحقون منحهم حق اللجوء، بل وأكثر من حق اللجوء؟ إن ما قاله الدكتور خالد المبارك في هذا الشأن لا يجوز على السودانيين في المهاجر المختلفة لأنهم يعرفون كيف يعيش الجمهوريون، ويعرفون إن كانوا يلقون رعاية خاصة. ولكن هذا الكلام قد يجوز على بعض قراء الرأي العام في الداخل. فهل قصد الدكتور خالد المبارك أنه يسخر قلمه للتضليل والكتابة غير المسئولة التي تتسقط رضاء الهالكين؟ أم انه تورط في ذلك غافلاً؟ بيد أني يجب أن أقول للدكتور أنه بهذا القول قد أظهر تخلفه عن جهلاء المعارضة السلفية بنحو أربعين سنة. فقد كانوا يشيعون أن الجمهوريين يتلقون أموالاً من إسرائيل لتمويل نشاطهم، حتى إذا ما هرعوا إلى البنوك وسجلات الأراضي في يناير 1985 لمصادرة أموال الأستاذ محمود محمد طه لم يجدوا حتى حساباً مصرفياً واحداً، ولا عقاراً سوى منزل الحكر المبني بالجالوص في تلك الحارة الشعبية. وهاأنت يا دكتور تحاول تسويق تلك التهم الساذجة القديمة تحت مزاعم جديدة، هي الرعاية التي يجدها الجمهوريون في الغرب. وأنت رجل تحمل درجة الدكتوراه، وتصور نفسك كرجل عليم بالغرب، وتلصق "مفكراتك" ببريطانيا دون ما سبب واضح، وتكتب زاعماً محاربة أنصاف الحقائق، فما بقي غير أن يصدق الناس ترهاتك هذه؟ إنني أقول لك ذلك لأن المرء قد ينزلق بالغفلة فينحط في طرفة عين عن مستوى أجهل الجاهلين. ألم يقل النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأساً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً)؟ بلى قد قال، وعلينا أن ننتبه.
لا يقرأ أم لا يفهم ؟!
لقد أبى خالد المبارك إلا أن يفيدنا بأنه لم يقرأ شيئاً للأستاذ محمود محمد طه، أو أنه لم يفهم. أسمعه يتحدث عن الأستاذ: (أصاب حينما لم يوصد باب الاجتهاد)!! فهل كانت قضية الأستاذ هي الاجتهاد وفتح أو وصد بابه؟ وماذا كان رأي الأستاذ في الاجتهاد كسبيل لحل مشاكل عصرنا؟ إن الدكتور خالد المبارك لا يعرف شيئاً من هذا، ولكنه يحب أن يوحي إلى القارئ أنه يعرف، تماماً مثلما هو يحب أن يوحي إلى القارئ بأنه يعرف مضامين الحداثة، فحشر المفردة حشراً في مقاله. الظاهر عندي أن الدكتور خالد المبارك يحسن الظن بنفسه إلى الحد الذي يزدري به الناس ويرى أنه يمكنه نقد مواقفهم التاريخية والفكرية دون أن يكلف نفسه مشقة الوقوف عليها.
حركتنا السياسية ولدت ميتة :
قال الدكتور خالد المبارك:- (وقد أخطأ الأستاذ محمود أيضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري "حزب فرد" تلف حوله كل اللوالب الإدارية والفكرية، فلما قتل مات معه الحزب). هذا لعمري حديث العوام. ولذا لن أخوض في طبيعة علاقة الأستاذ بالحزب الجمهوري، ولا بما أسماه الدكتور باللوالب الفكرية والإدارية. لن أخوض في هذا معه، وإنما أسأله عن مظاهر حياة الأحزاب الأخرى إن كان يحسب أن الحزب الجمهوري قد مات وأنها حية. وقبل أن يجيبني إجابة سطحية، أرده إلى رأي الحزب الجمهوري الوارد في "السفر الأول" الصادر في أكتوبر 1945 بأن الحركة السياسية السودانية ولدت ميتة. إن الأمر المؤسف هو أن السودانيين في جملتهم لا يزالون يجتمعون حول حركتهم السياسية على نحو مما ظلوا يفعلون منذ قيام الحركة السياسية الحديثة في مستهل الأربعينات، وينتظرون منها خيراً. بل إن ما يدعو لمزيد من الأسى هو أن السودانيين المتعلمين، في مهاجرهم المختلفة، يظنون أن ليس عليهم من واجب سوى دعم هذه الحركة ممثلة فيما يسمى بالتجمع الوطني الديموقراطي وتكوين فروع له تكون بمثابة مكاتب خلفية. لقد كان للحزب الجمهوري شرف التنبيه منذ عام 1945 إلى حقيقة أن الحركة السياسية ولدت ميتة. بيد أن الشعب السوداني ظل يتعهد هذه الجثة طيلة العقود السوالف دون أن يدرك حقيقة ما يتعهد، حتى هذا اليوم وقد زحم عفنها الأفق. ورغم أن هذه الحقيقة ظلت تتكشف يوماً بعد يوم وتتزايد أعداد مدركيها، إلا أن الوقت قد أنى ليدرك الشعب في جملته هذه الحقيقة الضرورية. فهو إن لم يدركها سيظل يدور في هذه الحلقة المفرغة. لقد أنى لشعبنا أن يدرك هذه الحقيقة، فيقبر هذه الجثة المنتنة، وينشئ بدلاً عنها حركة سياسية جديدة، حية، مقتدرة، كريمة. إن المتعلمين على وجه الخصوص مرجوون لأن ينهضوا لهذا الدور. ولقد كان الدكتور خالد المبارك جديراً بالانتباه إلى موت الحركة السياسية، ولكنه لم يحب أن يفكر تفكيراً جديداً، وإنما أحب أن يسير في الطريق المطروق. فهو قد انتبه إلى أن رأي الأستاذ في مشكلة الشرق الأوسط كان متقدماً على نحو أسطوري، ولكنه لم ينتبه إلى أن رأيه في الحركة السياسية السودانية كان كذلك. والدكتور خالد المبارك مرجو لأن يتدبر ذلك، وأن يبزم على الإسهام في ميلاد حركة سياسية جديدة تعوضنا عن هذه الجثة. ثم إني أعود وأقول للدكتور خالد المبارك أن الجمهوريين يعرفون بعض قصورهم، وما يفصل بينهم وبين الشعب، وهم من أجل ذلك توقفوا عن الحركة، وهم يسعون لتلافي قصورهم. وهم ربما كانوا أعلم بعمق الأزمة، وأصدق مع أنفسهم، من الأحزاب الأخرى التي تصم آذان الشعب بجعجعة بلا طحن، وتصرف الشعب عن حقيقة مشكلته وعن حلها. هذا أمر قد تكشف عنه الأيام. لكن الذي يهم الدكتور خالد المبارك هو موقفه هو، ومسئوليته كمتلق عن الجمهوريين حين ينظمون أنفسهم ويكتبون أو يتكلمون. فهو لا يحق له أن يتطرق لحراك أو موات الجمهوريين بينما لم يكلف نفسه عناء قراءة ما كتبوا ولا سماع ما قالوا. إن مستوى المتلقين، لا علم المتكلم وحده، يحدد أيضاً مستوى الخطاب. ومستوى الخطاب قد يكون الصمت. والصمت، والتولي عن المدعوين إلى حين، معروف في تاريخ الأديان والدعوات، والكلام فيه يطول. ويكفي أن من الرسل من صمت ثلاثين عاماً قبل معاودة الكلام. فليكف الدكتور خالد المبارك عن رمي الأستاذ محمود بقبض اللوالب الفكرية والإدارية للحزب الجمهوري، وليعكف على قراءة ما كتب، وعلى سماع ما قال. ذلك أجدى له وللناس مما يشيعه باسم الحداثة. إن من لم يقرأ ما كتبه الجمهوريون ولم يسمع ما قالوا، لا يحق له الحديث عن حراكهم أو مواتهم. لأنه في حقيقة الأمر أولى له أن يظن الموات بنفسه لا بالناس.
ثرثرة لا معنى لها :
إن مقال الدكتور خالد برمته ثرثرة لا معنى لها. فهو قد حاول أن يصور لنا أنه يكتب ليوزن الإعجاب الواقع بالأستاذ حتى لا يغفل الناس عن أخطائه. أسمعوه ماذا قال:- (ولا ينبغي أن تحول الرغبة في ذكر محاسن الأموات ولا المناداة الموضوعية بحق الأستاذ محمود في الاجتهاد دون نقده. كما أن الاعتراض على مقتله وحرق كتبه بطريقة دعائية مرتجلة لا ينبغي أن يتخذ ذريعة للنظر إليه بعين الرضا وحدها. فقد كان آدمياً ابن أنثى وقائداً سياسياً أخطأ وأصاب). هل رأيتم مساهمة الدكتور خالد المبارك في هذا الوقت الذي تحذِّر فيه الحكومة الصحف من نشر مقالات يرد فيها ذكر الأستاذ أو فكره بخير؟ وهل يا ترى يعلم الدكتور أن الحكومة قد منعت في يناير الماضي الاحتفال الذي ازمعته اللجنة القومية للاحتفال بالذكرى السنوية لاستشهاد الأستاذ؟ هل يعلم الدكتور ذلك أم أنه يجهل الحاضر كما يجهل الماضي فيبدو وكأنما يكتب من صندوق مغلق؟ وإن كان يعلم، فهل يرى أن كفة الإعجاب بالأستاذ والإطراء عليه راجحة بحيث يتوجب عليه كتابة مثل هذا المقال المخالف لكل أسس العلم والموضوعية؟ أم هل عساه يرى أن الزمان قد لا يجود بمن هو في مثل قدرته الذهنية ليرد الأمور إلى نصابها في الوقت المناسب فآل على نفسه أن يقوم بالواجب قبل أوانه؟
كلمات للدكتور :
لقد وزع الدكتور خالد المبارك تهم الولاء الطائفي يمنة ويسرة، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً. وهو قد فعل ذلك بتهكم غير خاف. وفي خضم ذلك حدثنا عن المثل الإنجليزي (ثمة سمك كثير في البحر)، وعن استشهاد السير دوقلاس هيوم به وهو يجيب على سؤال السائلين عمن عساه سيخلفه في وزارة الخارجية البريطانية. ويهمني هنا أن أهمس في أذن الدكتور خالد بكلمات. أولها، أنه من ضمن سمك البحر، لا اعتراض لدينا في ذلك، لكن عليه أن يعرف مياهه. وثانيها، أنه من الأجدى له أن يستغل تواجده ببريطانيا لينقب في مصادر التاريخ السوداني هنالك قبل أن يكتب بشأنه. والقارئ السوداني يهمه هذا التاريخ بأكثر مما تهمه كلمات دوقلاس هيوم ومعارك حزب العمل مع اللوردات. وثالثها، أني لا أرى معنى لاستعراض معايشة الدكتور أحداث السياسة الإنجليزية الداخلية، ولا لتصدير مقاله بعبارة (مفكرة سودانية-بريطانية)، أم يا ترى أن صحيفة الرأي العام هي التي اختارت ذلك؟ ورابعها، أنه كان يمكن لمقاله أن يكون عميقاً ومفيداً. فما أسماه بالنزعة الصوفية المتأصلة في جينات السودانيين هي أس الرجاء فيهم وفي وحدة ترابهم. وهي هي التي تجمع بينهم في حقيقة الأمر، وليس الحدود السياسية الطارئة. وهو قد لاحظ أن هذه النزعة متأصلة في الجنوب والشمال. وأقول له أنه ليس هناك ما يمنع أن يكون رجل قبيلة النوير الذي أشار إليه "عارفاً" وليس مجرد "عراف". إن ما يعاب ليس النزعة الصوفية، وإنما الميول الطائفية. والطائفية هي اتباع رجل بدل اتباع فكر. هي إلغاء العقل. وليس هناك من جماعة ناهضت الطائفية أكثر من الجمهوريين، ولذلك فإن ما يمكن أن يقال عن الطائفية لا يقال لهم. وخامسها، إن الدكتور يحتاج ضبط عبارته. فعلى سبيل المثال، لا معنى لقوله بأن أهل بلاد السودان دخلوا الإسلام "قبل وأثناء وبعد المرحلة المسيحية"!! فالناس يعلمون أن السودانيين دخلوا الإسلام أثناء وبعد المرحلة المسيحية، كما يعلمون بأن المرحلة المسيحية قد بدأت في منتصف القرن السادس الميلادي- أي قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بمكة. ومن أجل ذلك لم استطع أن أفهم كيف دخل أهل السودان الإسلام قبل المرحلة المسيحية!! أم أنه جريان القلم بغير فكر؟ إن ضبط العبارة من ضبط الفكر. أعانني الله وإياك على ضبط الفكر والعبارة. ثم إن الدكتور خالد المبارك غير متهم عندي بمعاداة الفكر الجمهوري. بل أني أقبل ما ذكره من مواقف في مواجهة المؤامرة التي استهدفت الفكر الجمهوري وحياة الأستاذ محمود محمد طه. كما أني أحمد له نشاطه الجم في الكتابة، وأشعر أن الخطأ الذي ارتكبه في مقاله هو خطأ من يعمل ويكتب، وهو حتى إن كان خطأ جسيماً فأفضل من الصمت الذي يلف مجاميع المتعلمين السودانيين. لقد حاولت جاهداً أن لا أتحامل عليه وآمل أن لا تكون الشدة التي تظهر في بعض جوانب هذا المقال قد فاقت الجرعة اللازمة. هذا وسيتوفر الجزء الثالث على إلقاء بعض الضوء على ثورة رفاعة.
طه إسماعيل أبو قرجة 28 ديسمبر 2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
مقال د. خالد المبارك يكشف عن حقائق مؤسفة (3 من 3) ثورة رفاعة غيرت وسائل الحركة السياسية وقصَّرت أجل الاستعمار
طه إسماعيل أبو قرجة - 29 ديسمبر 2002
وقفنا في الجزء الأول من هذا المقال على تزييف التاريخ السوداني، وعلى الحقيقة المؤسفة المتمثلة في إسقاط جل المؤرخين السودانيين اسم الأستاذ محمود محمد طه، والحزب الجمهوري، وثورة رفاعة. كما حاولت في الجزء الثاني التنبيه إلى حقيقة موات الحركة السياسية السودانية، وقلت بضرورة الانفضاض من حولها وإقامة حركة سياسية جديدة، كما سعيت إلى توضيح أن الدكتور خالد المبارك قد خاض في تقييم ثورة رفاعة دون أن يقف على ما قاله الأستاذ محمود محمد طه والجمهوريون عنها. والحق أن من يجهل حقائق التاريخ لا يمكنه تقويم ثورة ولا أي حدث تاريخي. وقديماً قال الأستاذ محمود محمد طه: (الفكر هو ثمرة لقاء الذاكرة بالخيال). وقد وضح أن الدكتور خالد قد كتب بلا ذاكرة- أي بلا معرفة بالتاريخ. وسأحاول في هذا الجزء أن أعطي مؤشرات عن موقع ثورة رفاعة في التاريخ.
خلفية عن ثورة رفاعة :
للحديث عن ثورة رفاعة لابد من وضعها في إطارها التاريخي. وذلك أمر يقتضي، ضمن أمور أخرى، إبراز الطريقة التي اتبعتها الحركة السياسية السودانية منذ نشأتها في مؤتمر الخريجين للحصول على الاستقلال، والطريقة الأخرى التي سار عليها الحزب الجمهوري في قضية الاستقلال. وليس هناك حيز واسع لذلك، وإنما سأكتفي بالإشارات.
معلوم أن الحركة السياسية الحديثة نشأت في مؤتمر الخريجين العام الذي قام في 1938. وقد اتخذ مؤتمر الخريجين "القومية السودانية" شعاراً له، وبدأ عمله بمجالات الخدمة الاجتماعية وعلى رأسها التعليم، فأنشأ عدداً من المدارس. وفي 1942 أسفر المؤتمر عن وجهه السياسي، وذلك بالمذكرة التي وقعها رئيسه، السيد إبراهيم أحمد، في 3/4/1942، والتي كان أهم مطالبها: (إصدار تصريح مشترك في أقرب فرصة ممكنة من الحكومتين الإنجليزية والمصرية بمنح السودان بحدوده الجغرافية حق تقرير مصيره بعد الحرب مباشرة وإحاطة ذلك الحق بضمانات تكفل التعبير عنه في حرية تامة كما تكفل للسودانيين الحق في تكييف الحقوق الطبيعية مع مصر باتفاق خاص بين الشعبين المصري والسوداني).
بيد أن حكومة الاستعمار قد تعاملت مع مذكرة المؤتمر بقسوة بالغة، إذ رفضتها واعتبرتها خطوة متسرعة وأعادتها إلى المؤتمر. كما اعتبرت أن المؤتمر لا يمثل الشعب السوداني، وقالت أن السودانيين يمثلهم القادة الدينيون والإداريون (أي العشائريون) وبعض الجهات الأخرى التي سمتها. وقد أدى ذلك الموقف الاستعماري إلى دفع الخريجين أكثر إلى أحضان الزعماء الطائفيين، كما أدى إلى نشأة أكبر أحزابنا السياسية بالتحالف بين الطائفية الدينية وبين الزعامات العشائرية. وسنرى لاحقاً أن حزب الأمة مثلاً قد نشأ نتيجة تحالف بين زعيم طائفة الأنصار وبعض الزعماء العشائريين وبعض الخريجين. وبذلك يتضح أن الاستعمار تقع عليه مسئولية في النشأة المعوجة لحركتنا السياسية. بيد أننا مسئولون أكثر من الاستعمار، لأننا لم نقدر على تقويم هذا الاعوجاج لمدة فاقت نصف القرن.
الإصرار على النضال برفع المذكرات :
أعود إلى التاريخ لأذكر أن المؤتمر لم يستبدل أسلوب نضاله بأسلوب آخر، رغم أن رفع المذكرات هو أضعف عمل في النضال، ورغم أن الاستعمار قد أهان المؤتمر حين رفع إليه مذكرات. والحق أن المذكرات نفسها كانت ترفع في تكتم شديد حتى أن لجان المؤتمر الفرعية كانت لا تدري بها. وقد شهدت تلك الفترة نشاطاً متزايداً في الدعوة إلى الاتحاد مع مصر. وفي يوليو 1943 زار السيد إسماعيل الأزهري مصر، ومنذ ذلك لحين أخذت دعوة جماعة الأشقاء إلى الاتحاد مع مصر تتجه نحو الدعوة إلى الاندماج الكامل. وقد اكتسح الأشقاء انتخابات المؤتمر التي جرت في 27 نوفمبر 1944، وقد كان لذلك أثره في تعديل مطلب المؤتمر الوارد في مذكرته المرفوعة في 1942 ليكون مطلباً بوضع السودان تحت التاج المصري. ففي 23/8/1945 رفع المؤتمر مذكرة أخرى إلى الدولتين المستعمرتين، بواسطة حكومة السودان، بتوقيع رئيسه، السيد إسماعيل الأزهري. وقد جاء في هذه المذكرة:- (يا صاحبي الدولة: لما كان السودانيون هم أصحاب الشأن الأول في تقرير مصيرهم فإننا لنتقدم الآن بهذه المطالب راجين وملحين في الطلب أن تصدر على الفور الحكومتان البريطانية والمصرية تصريحاً يتضمن الموافقة على رغباتنا هذه والإسراع في العمل على وضعها موضع التنفيذ. فباسم العدل وباسم الرخاء الذي قاتلت من أجله الديموقراطية يطلب مؤتمر الخريجين العام بالسودان: قيام حكومة سودانية ديموقراطية في اتحاد مع مصر تحت التاج المصري. والله وحده ولي التوفيق).
وبطبيعة الحال فإن هذا المطلب ليس للاستقلال، وإنما لإدارة محلية تابعة للتاج المصري. وكانت الجماعات الاستقلالية قد انزعجت من اتجاه المؤتمر إلى الاندماج مع مصر منذ اكتساح الأشقاء لانتخابات المؤتمر في نوفمبر 1944. وفي 31 مارس 1945 أعلن عن قيام حزب الأمة. ويحدثنا الدكتور فيصل عبد الرحمن على طه في كتابه القيم "الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان 1936-1953" في ص 203 قائلاً:- (نشأ حزب الأمة كتحالف بين ثلاثة عناصر هي طائفة الأنصار وزعماء العشائر ونفر من الخريجين الذين ينادون باستقلال السودان على أساس شعار "السودان للسودانيين". وقد بدأت الاجتماعات التأسيسية لحزب الأمة في ديسمبر 1944 أي بعد انتخابات المؤتمر التي أجريت في 27 نوفمبر 1944 وانتهت بفوز جماعة الأشقاء وسيطرتهم على هيئة المؤتمر الستينية ولجنته التنفيذية). انتهى
ومثلما كان للأشقاء تعاون مع مصر ساقهم إلى المناداة بالاندماج معها، كان لحزب الأمة تعاون مع الإنجليز. وقد تمثل هذا التعاون في ولوج الحزب المؤسسات الضعيفة التي أنشأها الإنجليز لإيهام السودانيين بأنهم يساهمون في حكم بلادهم، كالمجلس الاستشاري لشمال السودان الذي تأسس في 1943، والجمعية التشريعية 1947. كما تمثل ذلك التعاون في ربط حزب الأمة مطلب الاستقلال بالتحالف مع بريطانيا. ولقد أدى هذا التعاون إلى إثارة تهم في وجه حزب الأمة بأنه صنيعة بريطانية، بالإضافة إلى التهمة الموجهة إليه بأنه كان يسعى لتنصيب السيد عبد الرحمن ملكاً محلياً تحت السيطرة البريطانية. وكان حزب الأمة يرى أن دخول تلك المؤسسات هو سبيل لتحقيق الاستقلال في نهاية المطاف عبر التطور الدستوري.
وثيقة الأحزاب المؤتلفة وبعدها عن خدمة قضية الاستقلال : وبسبب تقاسم الأحزاب الولاء بين مصر وبريطانيا، شرع بعض النفر (على رأسهم الأستاذ أحمد خير) في 10 مايو 1945 في محاولة للتوفيق بين الجهتين الاتحادية والاستقلالية، فانعقدت اجتماعات لتنظر في أمرين، أولهما فيما يحدثنا الدكتور فيصل عبد الرحمن: (إمكانية توحيد مبادئ الأحزاب المختلفة فيما يتعلق بمستقبل السودان السياسي)، وثانيهما: (مناقشة الخطوات الأولى التي يجب اتخاذها لتحقيق المطالب القومية على ضوء الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه بين الأطراف).
وقد تمخض هذا الجهد عن ائتلاف هش بين القوى الاتحادية والاستقلالية. وبعد جهد جهيد تمكنت الأحزاب المؤتلفة من توقيع وثيقة في 25 أغسطس 1945 أصبحت تعرف فيما بعد بوثيقة الأحزاب المؤتلفة. بيد أن الائتلاف لم يزد عن العمل بالسنة التي سنها مؤتمر الخريجين من قبل، والمتمثل في محاولة نيل الاستقلال عن طريق رفع المذكرات إلى الدولتين المستعمرتين. وقد تبنى مؤتمر الخريجين وثيقة الأحزاب المؤتلفة، ورفع مذكرة في 15 أكتوبر 1945 تضمنت مطالب الوثيقة. ومن المهم أن نقف على محتوى المطلب الأول والأساسي في المذكرة (الوثيقة). فقد كان كما يلي:- (قيام حكومة سودانية ديموقراطية حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطاني). (المرجع السابق ، ص 229). ويمكن أن نلاحظ أن هذا المطلب تضمن بقاء السيطرتين المصرية والإنجليزية، الأولى بالاتحاد، والثانية بالتحالف.
قيام الحزب الجمهوري :
في هذا الوقت كان الأستاذ محمود محمد طه متحركاً وحده. وكان من ضمن وجوه نشاطه كتابة المقالات في الصحف في مواجهة الاستعمار، ونقد القوى السياسية على مهادنتها الاستعمار، وانقسامها بين الدولتين المستعمرتين. وقد كان عنوان أحد المقالات: (لماذا مصر ولماذا بريطانيا؟!) ومن هنا نشأت فكرة إقامة الحزب الجمهوري، وأسندت رئاسته منذ أول وهلة للأستاذ محمود محمد طه. وقد قام الحزب في 26 أكتوبر 1945.
ويحدثنا الدكتور فيصل عبد الرحمن قائلاً:- (ورفض الحزب الجمهوري الوثيقة التي ائتلفت عليها الأحزاب الأخرى في 25 أغسطس 1945 وتبناها المؤتمر في أكتوبر 1945 لأنها تختلف في جوهرها عن دستور الحزب. وقد سبقت الإشارة إلى أن أحد بنود الوثيقة ينص على قيام حكومة سودانية ديموقراطية حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا. وفي معرض تعليقه على هذا البند قال الحزب الجمهوري: "إننا لا نفهم لماذا نتقيد باتحاد وتحالف فنضع بذلك حق البلاد الطبيعي في الحرية موضع المساومة بأن ندفع ثمن الحرية اتحاداً مع هذه أو تحالفاً مع تلك"). ص 237.
ويمضي الدكتور فيصل ليقول أن الحزب الجمهوري كان يتفق مع حزب الأمة على استقلال السودان وعلى أن يكون السودان للسودانيين. (ولكنه كان يختلف عن حزب الأمة في أمرين: أولهما أن الحزب الجمهوري أعلن في بيانه الأول في 4 نوفمبر 1945 تفضيله للجمهورية نظاماً للحكم بينما لم يعلن حزب الأمة قبوله للجمهورية نظاماً للحكم إلا في 21 أغسطس 1953. وأما الأمر الثاني فقد كان أن الحزب الجمهوري يرفض التعاون مع إدارة السودان البريطانية لتحقيق الاستقلال ويرى أن السبيل لتحقيق الاستقلال هو الجهاد).
ولقد يحسن أن أذكر بهذه المناسبة أن المذكرة التفسيرية لبيان إنشاء الحزب الجمهوري ورد فيها: (أن النظام الجمهوري هو أرقى ما وصل إليه اجتهاد العقل البشري في بحثه عن الحكم المثالي لأنه لا يجعل لمواطن فضلاً على آخر إلا بقدر صلاحيته وكفاءته للاضطلاع بالأعباء المنوطة به، هذا بالإضافة إلى أنه لا يقيد الناس بضروب من الولاء والتقديس اللذين لا مصلحة للإنسانية فيهما). (المرجع السابق، ص 235) ورغم هذه المناداة المبكرة بالمساواة بين المواطنين إلا أن السيد الصادق المهدي طابت له نفسه في عام 1999 أن يدعي أنه أول من دعا للمساواة بين المواطنين، ونسي حتى أنه أيد محكمة الردة عام 1968 على صفحات الجرائد.
ومما يعين على فهم مواقف الحزب الجمهوري يومئذ، معرفة رأيه في الحركة السياسية. فقد عاب عليها أمرين: خواءها من المذهبية والبرامج، وقعودها عن تنوير الشعب وتحريكه ليناضل من أجل الاستقلال والحرية والرضا بدلاً عن ذلك بحرب المذكرات. ولعل الفقرة التالية من كتاب "السفر الأول" الصادر في أكتوبر 1946 تعطي فكرة معقولة عن رأي الحزب يومئذ:- (.. هذه صورة سريعة جداً، مقتضبة جداً، لنشاط المؤتمر في السياسة، وفي الإصلاح. ولسائل أن يسأل لماذا لم يسر المؤتمر في التعليم على هدى سياسة تعليمية موضوعة، منظور فيها إلى حاجة البلاد كلها في المستقبل القريب والبعيد؟ ولماذا لم يعن المؤتمر بمناهج الدراسة كما عني بإنشاء المدارس؟ وله أن يسأل لماذا عندما وُلِدت الحركة السياسية في المؤتمر اتجهت إلى الحكومة تقدم لها المذكرات تلو المذكرات، ولم تتجه إلى الشعب تجمعه وتثيره لقضيته؟؟ ولماذا قامت عندنا الأحزاب أولاً ثم جاءت مبادؤها أخيراً). ويمضي السفر الأول ليقول: (نعم، لسائل أن يسأل عن منشأ كل هذا. والجواب قريب، هو انعدام الذهن الحر المفكر تفكيراً دقيقاً في كل هذه الأمور. فلو كان المؤتمر موجهاً توجيهاً فاهماً لعلم أن ترك العناية بنوع التعليم خطأ لا يدانيه إلا ترك العناية بالتعليم نفسه، ولأيقن أن سياسة "سر كما تشاء" هذه المتبعة في التعليم الأهلي سيكون لها سوء العواقب في مستقبل هذه البلاد. فإن نوع التعليم الذي نراه اليوم لن يفلح إلا في خلق البطالة، وتنفير النشء من الأرياف، وتحقير العمل الشاق في نفوسهم. وانعدام الذهن المفكر تفكيراً حراً دقيقاً هو الذي طوع للمؤتمر يوم ولدت فيه الحركة السياسية-وهي قد ولدت ميتة- أن تعتقد أن كتابة مذكرة للحكومة تكفي لكسب الحرية، حتى لكأن الحرية بضاعة تطلب من الخارج ويعلن بها الزبائن بعد وصولها، حتى تكون مفاجأة ودهشة. ولو أن جميع الأحزاب القائمة الآن استطاعت أن تفكر تفكيراً دقيقاً لأقلعت عن هذه الألاعيب الصبيانية، التي جعلت الجهاد في سبيل الحرية ضرباً من العبث المزري).
مهزلة "وفد السودان" إلى مصر :
منذ يونيو 1945 وحتى مارس 1946 انشغل مؤتمر الخريجين والأحزاب المؤتلفة بالإعداد لتكوين وفد لحضور مفاوضات دولتي الاستعمار الرامية لإعادة النظر في اتفاقية 1936. وكان الصراع على أشده بين المؤتمر والأحزاب الاتحادية من جهة والاستقلاليين من الجهة الأخرى، حول تمثيل السودان، وحول مطالب السودانيين. وكان المؤتمر والاتحاديون يريدون أن يمثل المؤتمر السودان وتكون مطالب السودانيين هي محتوى مذكرة المؤتمر المرفوعة في 23/8/1945 التي أشرت إليها أعلاه، والتي تطالب بوضع السودان تحت التاج المصري. هذا في حين كان يحرص الاستقلاليون على أن يمثل السودان بواسطة الأحزاب السياسية وأن تكون مطالب وثيقة الأحزاب الموقعة في 25/8/1945 هي مطالب السودانيين. وقد انشغلت الأحزاب وقتاً للوصول إلى صيغة وسط تجد قبول الاتحاديين والاستقلاليين.
قام الفوج الأول من الوفد في 22 مارس 1946. بيد أن حكومتي الاستعمار قد استخفتا بالوفد (الذي اشتهر باسم وفد السودان). وقد أصدرت حكومة الاستعمار بياناً أعلنت فيه أنها لا توافق "على إرسال وفد غير مكفول برعاية يبعث آمالاً لا يحتمل تحقيقها". وقالت الحكومة أن الوفد لا يمثل ولا يمكن أن يمثل السودان بوجه عام. كما شككت في إمكانية أن يقابل المفاوضون الوفد لأنهم لم يطلبوه ولأنه لا يمثل سوى جزء من المجموعة. (المرجع السابق ، ص 249-250). كما أن الأحزاب والهيئات المصرية لم ترض بمهمة الوفد، ومارست عليه ضغوطاً ليترك مصر تتحدث عن الجلاء من وادي النيل، مصر والسودان. ونتيجة للضغوط التي مارسها المصريون على الوفد تم إبعاد حزب الأمة من الوفد وانتهى الوفد إلى أن يكون ضيفاً مقيماً بمصر.
ولم يقف هوان الوفد عند ذلك الحد، بل إن بياناته كشفت عن ضعف مؤلم وضع الشعب السوداني موضعاً يوجب الإشفاق. فعلى سبيل المثال، لم يكشف بيان الوفد الذي نشره في 2 يونيو 1946 عن أي إنجاز غير حصوله على مواثيق والتزامات وعهود من الأحزاب والهيئات الشعبية المصرية تؤكد أن قضية وادي النيل "مصره وسودانه" قضية واحدة سيتم الفصل فيها في وقت واحد. وذلك يعني شيئاً واحداً، هو أن الوفد قد رضخ لضغوط المصريين وترك لهم قضية السودان، ليفعلوا فيها ما يشاءون. ويحدثنا الدكتور فيصل عبد الرحمن قائلاً:- (وكشف الوفد في بيانه أنه التقى إسماعيل صدقي رئيس الوزراء ورئيس وفد المفاوضة المصرية في 11 مايو 1946 وأوضح له أن المطالب التي يحملها وفد السودان باعتباره ممثلاً لأبنائه متفقة تماماً مع مطالب أبناء مصر وهي الجلاء عن وادي النيل ووحدته "تلك الوحدة التي فسرها وفد السودان بأنها وحدة وادي النيل مصره وسودانه تحت التاج المصري مع وحدة الجيش ووحدة التمثيل السياسي –السياسة الخارجية- على أن يتولى السودانيون إدارة شئونهم الداخلية بحكومة تقوم على أسس ديموقراطية). (ص 265). بهذا يمكننا أن نرى بؤس حصيلة وفد السودان، كما يمكننا أن نرى طبيعة الدولة التي أرادتها بقية الوفد حين نرى التفسير الذي أعطته لشعار وحدة وادي النيل. والجدير بالذكر أن أعضاء "وفد السودان" من الاتحاديين، بعد أن سلموا قضية السودان إلى مصر، أقاموا عموماً في الفنادق الفخمة، في مصر، على نفقة الحكومة المصرية، ولم يعودوا إلى السودان إلا في عام 1948، بيد أن بعضهم نشأت لهم مصالح تجارية ومصالح وظيفية بمصر فلم يعودوا عندئذ.
الحزب الجمهوري يرفض مهادنة الأحزاب للاستعمار :
رأينا من قبل أن الحزب الجمهوري، في بيانه الأول، رفض وثيقة الأحزاب المؤتلفة الموقعة في أغسطس 1945 ونعى على الحركة السياسية مهادنة الاستعمار. وحين انشغلت الأحزاب والمؤتمر بتشكيل وفد السودان ومحاولة الاتفاق على صيغة للمطالب ترضي كل أطراف الوفد، كان الحزب الجمهوري يعارض الاستعمار بالمنشورات والخطب السياسية في الأماكن العامة. وقد استمر في محاولة حشد الحركة السياسية في خط مواجهة الاستعمار. فعلى سبيل المثال أصدر الحزب الجمهوري بياناً في 18/2/1946، أجتزئ منه بالتالي:-
((هذا نذير من النذر الأولى
يا جماعة الأشقاء ويا جماعة الأمة.. أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية.. أيها القادحون قادحات الإحن بين أبناء الأمة.. أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة.. أيها المرددون النغمة المشئومة-نغمة الطائفية البغيضة.. إنكم لتوقرون أمتكم وقراً يؤودها.
يا هؤلاء وهؤلاء: أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء إلى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الإنجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام. أنتم تريدون إبقاء المصريين، وأنتم تريدون إبقاء الإنجليز، فإذا اجتمعت كلمتكم فإنما تجتمع على إبقاء المصريين والإنجليز معاً.
يا هؤلاء وهؤلاء: أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لا تقوون على مواقف الرجال الأشداء، وأنتم تتمسحون بأعتاب الإنجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صوراً شوهاء. أنتم تريدون السلامة، وانتم تريدون الملك. أنتم تضيعون البلاد لما تجبنون، وأنتم تضيعون البلاد لما تطمعون..).
وقد مضى هذا المنشور في محاولة استنهاض القوى السياسية للمواجهة، فورد فيه:- (يا هؤلاء وهؤلاء: كونوا ليوثاً غضاباً، أو فكونوا قردة خاسئين؛ وارحموا شباب هذا الوادي المسكين، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارة وهوانا.. الخ.).
وقد كانت المادة الأساسية للجمهوريين في منشوراتهم وخطبهم هي قضية الاستقلال. وقد ركز الحزب الجمهوري في محاولة لف الشعب حول قضية الاستقلال على قضايا المستضعفين: الجنوب، والمرأة. ركز الحزب على الجنوب وإهماله وعزله، وانتقد المجلس الاستشاري لشمال السودان لمسائل منها استبعاد الجنوب منه، كما استغل قانون الخفاض الذي صدر في ديسمبر 1945. وحين ضاق الاستعمار بنشاط الجمهوريين، طلب من الأستاذ محمود محمد طه في يونيو 1946 توقيع تعهد بعدم الاشتغال السياسة أو توزيع منشورات. ولكن الأستاذ رفض، فصدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام. بيد أن التهاب الشعور الوطني أجبر الإنجليز على الإفراج عنه بعد خمسين يوماً من سجنه.
وكمثال لمواجهة الجمهوريين للاستعمار يومئذ، أورد خبرين من الرأي العام، أولهما في يوليو 1946: (ألقى الأستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطاباً عاماً أمس الأول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد إلقاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبيرة ينفذها الحزب الجمهوري). والخبر الثاني من الرأي العام في27/9/1946:- (اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذا النون جبارة وعبد المنعم عبد الماجد، عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري، نددا فيها بالمجلس الاستشاري وقانون الخفاض وكبت حرية الرأي والخطابة).
قانون محاربة الخفاض :
في ديسمبر 1945 سن الإنجليز قانون محاربة الخفاض. والقانون يعاقب بالسجن كل أم أو شخص يخفض بنتاً، وكذلك كل من أجرى خفاضاً، كما يلزم القانون الناس بالإبلاغ عن أي حالة خفاض نمت إلى علمهم. وقد انتقد الجمهوريون القانون بعد صدوره مباشرة.
ومن المهم أن اذكر هنا أن الجمهوريين قد نبهوا منذ أول بيان لهم ضد قانون محاربة الخفاض، في ديسمبر 1945، إلى أنهم لا يدافعون عن عادة الخفاض، وإنما يعارضون المرامي السياسية من وراء القانون، كما يعارضون طريقة محاربة عادة الخفاض بالقانون. فقد جاء في البيان الأول ضد القانون ما يلي:- (لا نريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني، ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم إلى يومنا هذا. ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة، وأساليب خاصة، وسنن خاصة، سنتها حكومة السودان، أو قل ابتدعتها ابتداعاً، وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها إرغاما).. (ومن الآيات الدالة على سوء القصد، في هذه الأساليب، إثارة مسألة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف، وأساليب الدعاية التي طرقتها له، والطرق التي ارتأتها مناسبة لإبطاله، والقضاء عليه، ولقد جاءت هذه الآيات دليلاً واضحاً على التضليل المقرون بسبق الإصرار). ومضى البيان ليقول:- (قل لي بربك!! أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟؟ وأي كريم يرضى أن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيره للطبيب للكشف عليهن؟؟ عجباً لكم يا واضعي القانون- أمن العدل والقانون أن تستذلونا باسم القانون؟؟ أومن الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسيها في أعماق السجون). وقد مضى الحزب الجمهوري في بياناته وخطبه ليقول أن الاستعمار لم يقدم للمرأة السودانية أي خدمات تجيز له إدعاء الحرص عليها على نحو ما يفعل قانون محاربة الخفاض. وفيما بعد، حين جاء الاستعمار لمحاكمة الأستاذ محمود محمد طه في ود مدني عن دوره في ثورة رفاعة، رفض الأستاذ أن يدلي بأقواله في التحقيق أو أن يمثله محام إلا على أساس مناقشة قانون الخفاض. ولم تكن القوانين وقتها تجيز ذلك، علماً بأن قوانين السودان قد أتاحت فيما بعد وقف المحاكمات لمنح المتضرر من القانون فرصة للطعن فيه بعدم دستوريته أو نحو ذلك.
وبالنظر إلى ما اقتطفته أعلاه من البيان الأول للحزب الجمهوري، يتبين أنه لا سبيل لأحد أن يزعم أن الحزب الجمهوري دافع عن عادة الخفاض.. اللهم إلا إذا كان يروق لأحد أن يوزع التهم دون تمحيص، ودون اعتبار للحق.
لماذا سن الإنجليز القانون ؟
الظن بأن الإنجليز قد أصدروا قانون محاربة الخفاض لمحاربة هذه العادة، ظن ممعن في الغفلة. وهو ظن يجب أن لا يجوز على أحد. فأهل العالم الثالث يجب أن لا تنطلي عليهم خدع الاستعماريين الذين درجوا في كل مكان على تصوير أنفسهم بأنهم لم يهدفون من الاستعمار ولا من سياساته المختلفة إلا خدمة الشعوب المستعمرة وتطويرها وتوصيلها بأسباب الحداثة. ويكفي أن أيرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا قال في خطاب ألقاه أمام مجلس العموم في 26 مارس 1946 أنه: (ليس للحكومة البريطانية من غرض في السودان سوى رفاهية السودانيين الحقيقية. وقد أعلنت الحكومة المصرية هذا المبدأ أيضاً في معاهدة سنة 1936. ولا يمكن تحقيق رفاهية السودانيين إلا إذا احْتُفِظ في السودان بإدارة ثابتة). (المرجع السابق ص 250) والعبارة الأخيرة تعني عملياً أنه لا يمكن تحقيق الرفاهية للسودانيين إلا إذا استمر الاستعمار.
أدرك الحزب الجمهوري أن الإنجليز قصدوا بالقانون إيجاد مبرر لإطالة أمد الاستعمار، بإيجاد ذريعة تسمح لهم بالتنصل عن التزامهم الناشئ بموجب وثيقة الأطلنطي الموقعة في 14 أغسطس 1941، التي التزمت فيها بريطانيا بمنح الشعوب المستعمرة حق تقرير المصير عند انتهاء الحرب لمصلحة الحلفاء إن دعمت تلك الشعوب مجهود الحلفاء الحربي. ومعلوم أن الشعب السوداني وقوة دفاع السودان قد حاربوا بجانب الحلفاء، فاستحقوا بذلك منحهم حق تقرير المصير عند نهاية الحرب. ولكن بريطانيا كانت تحرص على الاستمرار في حكم السودان ونهب ثرواته، فاهتدت إلى حيلة مفادها تصوير الشعب السوداني في نظر الرأي العام العالمي بأنه شعب همجي يمارس عادة بهذه الهمجية والتخلف. ومن أجل ذلك أثير قانون الخفاض في بريطانيا بتغطية إعلامية واسعة استهدفت الرأي العام الغربي على وجه الخصوص لإقناعه بضرورة استمرار الحكم البريطاني على السودان ليخرج شعبه من دياجير الظلمات. وقد كان هذا الإقناع ضرورياً، لأن أمريكا كانت حريصة على خروج دولتي الاستعمار التقليدي–بريطانيا وفرنسا- من مستعمراتهما.
الإنجليز قرروا إطالة الاستعمار عشرين سنة حتى 1966 :
وقد استغل الإنجليز ضعف الحركة السياسية السودانية، فتجرأ هدلستون، الحاكم العام، على أن يعلن في الخرطوم عن نيتهم لإطالة أمد الاستعمار في السودان، وذلك في الخطاب الذي ألقاه في 17 إبريل 1946عند افتتاح الدورة الخامسة للمجلس الاستشاري لشمال السودان. يحدثنا الدكتور فيصل عبد الرحمن أن هدلستون قال في مستهل خطابه (أن بعض أعضاء المجلس طلبوا مناقشة وضع السودان ولكنه قرر أن الوقت لم يحن بعد لإجراء هذه المناقشة). ويمضي الدكتور فيصل ليحدثنا قائلاً: (وعبَّر الحاكم العام عن ثقته بأنه في فترة عشرين عاماً سيحكم السودانيون أنفسهم. ولكنه قال أن هذه المدة تقريبية وأعرب عن أمله في الوصول إلى تاريخ ثابت عندما يبحث المجلس لاحقاً توصيات المؤتمر المرتقب). والمؤتمر المقصود هو الذي أعلن عنه هدلستون في ذات الخطاب، وقال أنه سينعقد في نهاية دورة المجلس، برئاسة السكرتير الإداري، ليدرس الخطوات اللازمة لإشراك السودانيين بشكل أوسع في إدارة بلادهم، وأن توصيات المؤتمر ستعرض على المجلس الاستشاري لمناقشتها. (المرجع السابق 257-258). وقد كان ذلك المؤتمر هو مؤتمر الإدارة، المشهور، الذي عقد في 1947، وهو رغم صلة موضوعه بقضية الاستقلال إلا أنه لم يتناولها على نحو مباشر، وإنما تناول أمر إشراك السودانيين في الإدارة.
وهكذا، فبدلاً من إتاحة الفرصة للشعب السوداني لتقرير مصيره فوراً بمجرد نهاية الحرب في أغسطس 1945، أراد الإنجليز التنصل من وثيقة الأطلنطي، وسعوا إلى مد أجل الاستعمار عشرين سنة أخرى أو أكثر. وكان قانون محاربة الخفاض هو ذريعتهم لاستمرار الاستعمار. ولما كانت الحركة السياسية لم تقو آنئذ على نضال يتعدى رفع المذكرات، فقد نهض الحزب الجمهوري ليقاوم قانون محاربة الخفاض.
قد يتضح مما تقدم أن السبب الهام الذي جعل الحزب الجمهوري هو الحزب الوحيد الذي ظهر بمقاومة قانون محاربة الخفاض، هو أنه الحزب الوحيد الذي كان يرفع وسيلة الجهاد كوسيلة لطرد الاستعمار. ولو كان الأمر يتعلق بتقدم المفاهيم النظرية، بمعزل عن الظرف السياسي والوسيلة التي ابتدعها الإنجليز لمحاربة عادة الخفاض، لربما كان هو الحزب الوحيد الذي يعمل على إيقاف عادة الخفاض على نحو علمي ناجع. والحق أنه لا يصح لأحد أن يظن أن الحزب الجمهوري، الذي عرف بمواقفه المتقدمة في القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وقف مدافعاً عن عادة الخفاض.
ثورة رفاعة تحدث تحولاً في أساليب القوى السياسية :
لا سبيل هنا للحديث عن تفاصيل أحداث ثورة رفاعة التي جرت في النصف الثاني من سبتمبر 1946. ويكفي القول بأن مواطني رفاعة قد استطاعوا بها إخراج المرأة المسجونة عنوة من السجن، وبقوا بدلاً عنها بالسجن حتى فاض بهم، معطين بذلك درساً قيماً في المسئولية. وقد اضطرت الإدارة الاستعمارية أن تطلب منهم مغادرة السجن. كما اضطرت أن تعمل على إنقاذ هيبتها، وعلى تهدئة الخواطر الثائرة، فنقضت جهات قضائية عليا حكم السجن على امرأة رفاعة. بيد أن هوان السلطة الاستعمارية قد بلغ بتلك الثورة حداً جعلها تنقض حكم السجن بينما كانت المرأة في بيتها، حتى أن نقض الحكم لم يكن من الناحية العملية إلا محاولة من الاستعمار لحفظ ماء وجهه. وكانت تلك أول مرة يتجرع فيها الاستعمار الثنائي مرارة الهوان في السودان. وقد دخل كثير من سكان رفاعة السجن، كما لحقت بآخرين منهم عقوبات مختلفة، منها الجلد، وكان نصيب الأستاذ محمود محمد طه السجن سنتين.
لقد ساقت ثورة رفاعة القوى السياسية إلى إعادة النظر في أسلوب المذكرات والمهادنة، وكذلك أسلوب البقاء في مصر في انتظار المصريين لتحقيق الجلاء عن "وادي النيل" على نحو ما كان يفعل قادة الاتحاديين. ولا أقول أن زعماء الحركة السياسية قد أعادوا النظر في أساليبهم خشية أن يسوق الحزب الجمهوري الشعب في خط الثورة دونهم، وإنما لأنهم قد اتضحت لهم على نحو عملي فعالية المواجهة وضرورتها.
وللوقوف على تغيير القوى السياسية أساليبها بعد ثورة رفاعة، أشير إلى ما ذكره الدكتور فيصل عبد الرحمن في ص 237 من كتابه من أن حزب الأمة "أوقف التعاون مع حكومة السودان وأعلن الجهاد" في أكتوبر 1946 إثر الأزمة التي فجرها بروتوكول صدقي-بيفن. وقال أن الحزب الجمهوري تعاون عندئذ "مع حزب الأمة وأحزاب استقلالية أخرى في إطار الجبهة الاستقلالية". وقال أن الحزب الجمهوري عبَّر عن ذلك بقوله: "كانت هناك حواجز بيننا وبين حزب الأمة، ولكن عندما أعلن الجهاد ورفض التعاون مع الإنجليز سقطت تلك الحواجز، واشتركنا في الجبهة الاستقلالية".
أما الأحزاب الاتحادية فقد عدلت عن خطها هي الأخرى، فكونت في يوليو 1948 "جبهة الكفاح الداخلي" التي شرعت في معارضة المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية، وسيرت المظاهرات في العاصمة وعطبرة ومدن أخرى. وفي نوفمبر 1948 حكم على قيادات اتحادية عديدة في الخرطوم ومدني وعطبرة لتسيير المظاهرات. وفي ديسمبر 1948 اشترك إسماعيل الأزهري في مظاهرة بأم درمان فحكم عليه بالسجن لمدة شهرين.
كان ذلك اتجاهاً جديداً في الحركة السياسية. فقد استبدلت المذكرات بالخطابة السياسية والمظاهرات وغيرها من أساليب النضال. عندئذ رأى الحزب الجمهوري أن فراغ الحماس قد امتلأ، فعزم على أن يملأ فراغ الفكر. وقد دخل الحزب مرحلة بيات في الفترة من نهاية 1948 وحتى نهاية 1951 تقريباً، حيث طرح الأستاذ الفكرة الجمهورية على النحو المعروف.
هذا قول موجز هدفت به إلى وضع ثورة رفاعة في إطارها التاريخي، وإلى تبيين قيمتها التاريخية العظيمة. ومن المؤسف أن المؤرخين السودانيين لم ينتبهوا إلى التحول الذي أحدثته هذه الثورة في أساليب الحركة السياسية السودانية الحديثة، وهو التحول الذي قصر به أجل الاستعمار. بل إن من المؤسف أن المؤرخين السودانيين ثقل عليهم اسم الأستاذ، فلم يقووا على ذكره، بل خضعوا لرغبات السياسيين القاصرة وأطاعوها. ويكفي الدكتور فيصل عبد الرحمن على طه فخراً، وهو القانوني الذي لا يحتاج إلى تقريظ، أنه كتب في التاريخ بأفضل مما كتب أي مؤرخ سوداني حتى هذه اللحظة. ويكفيه فخراً انه كتب بأمانة تليق به. ويكفيه فخراً أنه لم يذكر الحزب الجمهوري كأحد الأحزاب السودانية فحسب، بل أفرد له فصلاً مستقلاً. وما ذاك إلا لأنه قويَ حين ضعف الناس.
إن مما يشحن المرء بالأسى أن يعجز بعض المتعلمين البارزين عن فهم ثورة رفاعة وموقف الحزب الجمهوري من قانون محاربة الخفاض. وهم قد كانوا في مأمن من التورط في ظنونهم هذه لو تساءلوا بينهم وبين أنفسهم لماذا بقي الإنجليز بالسودان منذ 1898 وحتى انتهاء الحرب العالمية الثانية دون التعرض لعادة الخفاض. ولكنهم مسكونون بالشكل. هم مسكونون بأن القانون إنجليزي، صاغه أهل الحضارة المعاصرة، ضد عادة شرقية من الزمان الغابر. ومن أجل ذلك يقرر أحدهم في يسر بالغ أن موقف الأستاذ محمود كان (متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار "تحديثي" جريء وسليم). فهل للحداثة صلة بمحاربة العادات المتأصلة بوسيلة القوانين؟ وماذا كان إسهام الإنجليز في إشاعة الوعي كسبيل لمحاربة هذه العادة؟ إن ثورة رفاعة كانت ثورة على المرامي السياسية البريطانية الخفية، المقصودة أولاً وآخراً من وراء قانون الخفاض، كما أنها كانت ثورة على طريقة محاربة عادة الخفاض لأنها طريقة غير ناجعة وضارة وتعرض حياء المرأة السودانية للابتذال، وهي لم تكن دفاعاً عن الخفاض، وقد بين المنشور الأول ضد قانون الخفاض ذلك الأمر. فهل لا يزال يستعصي على عقولنا فهم أمر بهذا الوضوح؟ وهل لا نزال نعتقد أننا ندخل في عداد المثقفين حين نتورط في مثل هذه السطحية المؤسفة؟
إن الغربيين أنفسهم يعلمون أن العادات لا تحارب بالقوانين، ولكن الأغراض الاستعمارية أذهلتهم عن ذلك يومئذ. وقبل وقت وجيز كتبت البروفيسورة إيلين قرونبوم (Ellen Gruenbaum) كتاباً عن الخفاض يتناوله من منظور أنثروبولوجي، بعد خمس سنوات من البحث الميداني في السودان، قالت فيه أن أكثر الغربيين فشلوا في التعامل مع كثير من عادات المجتمعات الشرقية بما في ذلك عادة الخفاض حين أغفلوا تأثير الأديان والعادات ومعايير الأخلاق التي ساهمت في تكوين المجتمعات الشرقية، فحاولوا التعامل معها بالقوانين دون أدنى اعتبار للعوامل الأنثروبولوجية. إن هذه الكاتبة لأجدر بالحداثة من بعض كتابنا الذين لا يزيدون عن استغلال لفظ الحداثة لتسويق مضامين متخلفة، على نحو ما يفعل أدعياء الدين بالدين، حتى لكأن أدعياء الحداثة هم الوجه الآخر لعملة أدعياء الدين. بل هم كذلك. وهنا يكمن خطرهم.
الأميون أصحاب البصائر أدركوا ، وبعض المتعلمين عجزوا:
إن ثورة رفاعة لتشهد بدقة فكر الأستاذ محمود ويقظته وحنكته السياسية. فهو قد فوت بها مؤامرة بريطانيا لإطالة استعمارها السودان. ولولاه ربما قضي على السودان أن يستقل في نهاية الستينات. ولقد أدرك ذلك وقتها رجال بسطاء ذوي بصيرة. ففي منتصف السبعينات زار العمدة عبد الهادي- عمدة منطقة جديد (غرب كوستي)- زار الأستاذ محمود في بيته بمدينة المهدية، وقال له أن أول مرة سمع فيها اسم الأستاذ كان في خريف 1946 حين جاءتهم أنباء ثورة رفاعة. وقال أنه أدرك يومئذ أن تمكُّن الثوار من اقتحام السجن وإخراج المرأة منه يعني أن "جبارة الإنجليز انفكَّت وسلطتهم انتهت". وقد كان الأمر كذلك، بيد أننا نحتاج أحياناً بصيرة الأميين البسطاء.
أرجو أن يكون في هذا إضافة في التعريف بثورة رفاعة التي تآمر عليها المؤرخون، وجهد بعض الكتاب مؤخراً للانضمام إلى ركبهم.
طه إسماعيل أبو قرجة 29 ديسمبر 2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
لقاء مع الدكتور الجزولي دفع الله نشرته جريدة "البيان" الأماراتية وفيه يتعرض لثورة رفاعة ومشاركته فيها http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?cid=10956582366...FBayanArticle&c=Page
أوراق جديدة...د.الجزولي دفع الله رئيس حكومة انتفاضة ابريل في السودان يستعيد أحداثها: خرجت من سجن كوبر محمولاً على اكتاف الجماهير
بقلم :منى البشير
في تاريخ السودان المعاصر شخصيتان لعبتا دوراً مهماً في الانتقال بالسلطة من يد العسكريين الى حكومة مدينة منتخبة بعد ثورة شعبية. وتحملا في سبيل ذلك قبل وأثناء وبعد قبولهما بهذا الدور لضغوط ومطبات كانت من الممكن ان تطيح بالثورتين الوليدتين وترمي بهما الى ظلمات التاريخ ولكنهما نجحا في البلوغ بهما الغاية المخطط لها لا المنشودة.
الأول هو سر الختم الخليفة المعلم السابق ورئيس وزراء السودان بعد ثورة اكتوبر عام 64م الشهيرة وهي اول ثورة شعبية في الوطن العربي تطيح بنظام عسكري. أما الثاني فهو الدكتور الطبيب الجزولي دفع الله الذي لعب دوراً مقدراً في التمهيد مع زملائه الأطباء والمهنيين الآخرين لانتفاضة شعبية ثانية أطاحت بأعتى وأقوى نظام دكتاتوري جثم على صدر البلاد (69 ـ 85).
واصبح دفع الله الذي قاد اضرابين شهيرين في مستشفيات السودان رئيساً لوزراء حكومة انتقالية (85 ـ 86) وكان الاضراب الثاني المسمار الاخير في نعش نظام نميري واستمر عدة ايام مع كافة النقابات الأخرى. وخرج دفع الله من معتقل كوبر بعد أن تحركت القوات المسلحة في السادس أبريل من 85م فيما عرف بانحياز القوات المسلحة للشعب ليتولى مختاراً من تجمع النقابات المنصب التنفيذي الاول للبلاد لعام واحد انتقلت بعده البلاد بشكل سلس من الوضع العسكري ثم حالة الثورة الى الاستقرار.
في هذه الأوراق يحدثنا دفع الله عن مسيرة حياته وكيفية ولوجه الحياة السياسية وبدايات العمل ضد نظام الرئيس جعفر نميري واسرار ما قبل اختياره.
ـ نرجو التعرف على ملامح من سيرتك الذاتية ومكان مولدك و نشأتك؟
ـ أولاً أدعى (الجزولي دفع الله العاقب مساعد) ولدت في قرية (الدناقلة) الواقعة على ضفة النيل الأزرق الشرقية جنوب شرق مدينة ودمدني (مدينة بوسط السودان) وتبعد عشرين كلم جنوب مدينة حنتوب في العام (1935)، كان ترتيبي الثاني وسط أخوتي، فلي أخت تكبرني سناً واخوان خلفي ثم ثلاث خوات، أي أننا ثلاثة ذكور واربع إناث.
بدأت دراستي بخلوة الفكي عبد الله بالقرية ثم انتقلت الى المرحلة الأولية بمدرسة (الشبارقة الأولية) والتي تبعد حوالي (12كلم جنوب قرية الدناقلة)، ثم درست المرحلة الوسطى بمدرسة (رفاعة الوسطى الاميرية) من ثم التحقت بالمرحلة الثانوية في مدرسة حنتوب الثانوية على الضفة الشرقية لمدني ثم كلية الطب جامعة الخرطوم في الفترة من (1953 ـ 1959).
ابتعثت الى المملكة المتحدة للتخصص في أمراض الطب الباطني في عام (1966) ثم الى اليابان للتخصص في أمراض الجهاز الهضمي عام (1980). ـ عملت في جهات مختلفة من السودان في (كادوقلي بالغرب ـ رفاعة ودمدني بالوسط ـ القضارف بالشرق ـ الخرطوم ثم الخرطوم بحري).
متزوج منذ العام (1966) من زميلتي في العمل سيستر عائشة محمد الصوفي وأب لابنتين واحدة طبيبة (أمل) وتتخصص في أمراض الجهاز الهضمي في المملكة المتحدة برفقة زوجها والأخرى صيدلانية تخرجت من كلية الصيدلة جامعة الخرطوم وتعمل في شركة للدواء.
ـ من خلال هذا السرد لحياتك لابد أن هنالك أحداثاً تخللت هذه المسيرة ومنها ما يعلق بالذاكرة حدثنا عن بعض هذه الأحداث.
ـ هنالك حدث ظل عالقاً بذاكرتي وهو عندما كنت في المرحلة الوسطى شهدت وشاركت كتلميذ في ثورة (1946) والتي اندلعت برفاعة بقيادة المرحوم (محمود محمد طه) (مفكر سوداني) وإمام المسجد صديق الزهري وعلي مالك ضد حادث أطلقوا عليه (ثورة الخفاض الفرعوني)
وتعود القصة الى ان إحدى القابلات قامت بخفض طفلة خفاضاً فرعونياً أغلق عليها القبر وأودعت القابلة السجن ولكن المدهش ان هذه الثورة لم تكن ضد الخفاض بل كانت دفاعاً عن عادات سودانية ضد الإنجليز لا يمكن إنهاؤها بالقانون وإنما بنشر التعليم والوعي.
ايضاً أذكر عندما كنا طلاباً في حنتوب الثانوية وكانت الحركة الوطنية في أوجها كثيراَ ما شاركنا في تحركاتها واضربنا وتوقفنا عن الدراسة بسبب الاحداث السياسية السودانية منها والمصرية وعلى سبيل المثال أذكر ثورتنا ضد اتفاقية صدقي، بيفن والغاء اتفاقية (1936).
ـ ذكرت في معرض حديثك ثورة رفاعة ومحمود محمد طه المفكر السوداني الذي أعدمه نميري في عام1984م هل كانت لك صلات بهذا الرجل؟
ـ لم تكن لي أي علاقة خاصة بمحمود محمد طه ولكن عندما كنا تلاميذ في المرحلة الوسطى نستمع احياناً الى الخطب التي كان يلقيها عقب صلاة الجمعة في المسجد وكان خطيباً مفوهاً ومؤثراً ثم أنني في مراحل لاحقة قرأت له كتبا عن الإسلام بالعربية والإنجليزية ومنه ما أتفق معه فيه وما اختلف.
ولاسرة محمود محمد طه أثر روحي كبير فانا أذكر شقيقه ويدعى مختار محمد طه وكان له غار يتعبد فيه ولم يكن يتعامل بالمال وامتد نفوذه الى أستاذين بالمدارس الوسطى أحدهما المعروف (احمد صفي الدين عوض) شقيق البروفيسور (هاشم عوض) الاقتصادي والوزير السابق وكان استاذاً للعلوم الطبيعية فترك التدريس وارتدى الملابس المرقعة واصبح تلميذاً لمختار محمد طه والثاني هو محمد منصور الذي كان استاذاً بمدرسة لطفي السيد الاهلية الوسطى.
ـ هل تذكر شخصيات رافقتك خلال مراحلك الدراسية كان لها أثرها في المجتمع السوداني؟
ـ اذكر من زملائي في المرحلة الوسطى د. حسن عبد الله الترابي (الامين العام للمؤتمر الشعبي المعارض) وكان يسبقني بعام واحد ولم يكن مهتماً بالسياسة ولكنه نابغة في الدراسة وأذكر في المرحلة الثانوية في حنتوب كان رئيس الداخلية هو المشير (لاحقاً) جعفر نميري الرئيس الاسبق ـ أما زملائي فمعظمهم مهنيون،
أذكر منهم الطبيبان صديق احمد اسماعيل ـ كمال زكي ـ وفي حنتوب جعفر شيخ إدريس الاسلامي المعروف وابراهيم منعم منصور الوزير السابق ود.على التوم الخبير الاقتصادي وبابكر على التوم (رئيس المجلس التشريعي الحالي لولاية الخرطوم).
ـ متى بدأت العمل العام؟
ـ انا لا أدري ما المقصود بالعمل العام هل هو السياسي أم الاجتماعي وإذا كان معناه الاهتمام بالشأن العام فقد بدأته في مرحلة مبكرة وكانت بداية ذلك جمعي للتبرعات في القرية لإنشاء المدرسة الصغرى وأنا يوم ذاك طالب بالمدرسة الوسطي ثم إصداري لجريدة حائطية في المدرسة الوسطى وكنت سكرتيراً للجمعية الأدبية في مدرسة رفاعة الوسطي.
أما اهتمامي بالعمل السياسي فقد بدأ في المرحلة الثانوية وهي مرحلة الشباب المتفتح المتطلع وكنت أحرر يوم ذاك جريدة حائطية أطلقت عليها اسم (شواظ) كان شعارها (العين بالعين، والسن بالسن والجروح قصاص) ويومها كنت منظماً في صفوف الحركة الإسلامية وكانت تحمل يوم ذاك اسم (حركة التحرير الإسلامي)
وكانت (شواظ) تخوض المعارك ضد الاستعمار وضد الشيوعيين ففي الخمسينيات كان هناك صدام فكري عنيف بين الشيوعيين الذين كانوا يحتلون الساحة والإسلاميين الذين كانوا يحاولون أن يجدوا طريقهم اليها ورغم عنف الصراع الفكري إلا أنه لم يتطور لابعد من ذلك. كما يحدث هذه الأيام لذلك لم نعان من العنف الجسدي.
انتقلت بشواظ الى الجامعة وهناك شاركت في كل الأحداث السياسية التي شارك فيها الطلاب سواءً بالتظاهر أو بالإضراب رغم ان كثيراً من طلاب الطب لم يكونوا يشاركون في مثل هذه الأحداث انشغالاً بالدراسة والتحصيل الأكاديمي.
ولكنني اعتبر البداية الحقيقية لمشاركتي السياسية بالضبط في العام 1964 وتحديداً أبان ثورة أكتوبر حيث كنت طبيباً عمومياً بمدينة رفاعة وعندما أعلن الإضراب السياسي العام في العاصمة وصلت الأخبار الى رفاعة أعلنت الإضراب السياسي رغم أنني الطبيب الوحيد في المستشفى وبادرت بالسعي لتكوين جبهة الهيئات برفاعة والتي أصبحت سكرتيراً عاماً لها فيما بعد وشاركت في كل المؤتمرات التي عقدت بجبهة الهيئات في مدينة ودمدني وفي العاصمة.
حدث بعد ذلك وفي نفس العام 1964م ان انسلخت من تنظيم الحركة الإسلامية لا لاسباب سياسية ولكن بسبب ميولي الطبيعية للانطلاق وعدم التقيد بقيود التنظيم ولكن ظللت على صلة طيبة بالحركة الإسلامية واشترك في المؤتمرات بالرأي وأكتب من موقعي كشخص مثقف لا من موقع تنظيمي.
ـ د. الجزولي نقيباً للأطباء متى تم ذلك؟
ـ نقابة الاطباء نقابة قديمة تم تكوينها تحت مسمى الجمعية الطبية في عام 1948م وكان اول رئيس لها ولعدة دورات تالية هو د. عبد الحليم محمد امد الله في ايامه وايضاً شغل هذا المنصب د. التجاني الماحي الأخصائي النفساني العربي الشهير ود. الحارث حمد، ود. شاكر السراح ود. طه طلعت.
وعندما كنت في القضارف (مدينة بشرق السودان) كنت نقيب اطباء المنطقة في الفترة من (1970-1977م) ثم نقلت بعد ذلك الى مستشفى الخرطوم بحري وفي عام 1982م ترشحت لمنصب نقيب الأطباء ضد د. طه طلعت النقيب السابق الذي كان يريد ان يترشح لدورة أخرى وفزت بالمنصب واصبحت نقيباً للأطباء.
ـ كيف استطعت توظيف منصبك كنقيب لنقابة مهنية لصالح العمل السياسي في ذلك الوقت؟ أعني اضراب الأطباء الشهير في عام 1984م وفيما تمثلت مطالبكم هل كانت سياسية أم مهنية ومتى تم رفع الإضراب وكيف تم اعتقالكم؟
ـ عمل النقابة في تلك الفترة كان مزدوجاً يعني شقه الأول يتعلق بتحسين البيئة الطبية التي يعمل بها الطبيب حتى يتمكن من أداء رسالته نحو المريض وشقه الثاني هو عمل سياسي مظهره مطلب ضد الحكم الشمولي متمثلاً في مايو (نميري 69/85) وكان ابرز نموذج لهذا العمل هو إضراب عام 1984 الذي استمر شهراً كاملاً
وحاولت السلطة المايوية إفشاله بكل الوسائل ولكنها لم تنجح وهذا أول إضراب تفشل مايو في إنهائه وكنتيجة لهذا الفشل اقتادت قادة النقابة بما فيهم شخصي الى سجن كوبر وبرفقتي نائبي د. حسين سليمان ابو صالح (وزير الصحة، إعلام وخارجية لاحقاً) وبعضاً من أعضاء اللجنة التنفيذية.
وظللنا في السجن حتى يئست مايو من رفع الإضراب فأخرجتنا من السجن وجلست معناً للتفاوض واستجابت لبعض المطالب التي تقدمنا بها. وقد تعاون معنا في هذا الإضراب بعض النقابات مثل موظفي المصارف والهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم مما يعد نواة التجمع النقابي الذي تكون عام 1985م
وأنا أزعم ان هذا الإضراب كسر حاجز الخوف في نفوس المواطنين تجاه مايو ووجد اضرابنا تأييداً منقطع النظير من المواطن العادي رغم ما عاناه من انعدام الخدمات الصحية التي توقفت بالكامل حتى أن بعض المواطنين في مستشفى الخرطوم رفضوا تلقي العلاج من العدد القليل من الأطباء الذي انشق على الإضراب.
بعد خروجنا من السجن تم رفع الإضراب بعد للقاء بيني ونائبي أبو صالح مع الرئيس نميري الذي وعد بتحقيق مطالبنا ثم تمت بعد ذلك عدة اجتماعات بنائبه اللواء عمر محمد الطيب (رئيس جهاز الأمن) والتي تمخض عنها تلبية مطالب الأطباء والتي تمثلت في:
رفع أجور الأطباء خاصة أطباء الامتياز.
تحسين البيئة الطبية بتوفير وسائل الفحص والعلاج للمريض وتوفير الدواء.
ـ هل صحيح أنكم تعرضتم لمعاملة قاسية أثناء الاعتقال؟
ـ اطلاقاً لم نتعرض الي أي معاملة غير كريمة ووجدنا معاملة طيبة في كلتا الفترتين اللتين حبسنا فيهما (كوبر ـ دبك).
ـ يتردد ان الحركة الاسلامية المشاركة في السلطة آنذاك عملت على رفع الاضراب هل هذا صحيح؟
ـ لم يكن للحركة الإسلامية أي دور في رفع إضراب الأطباء.
ـ من خلال تواجدكم في قلب الأحداث كيف كان يبدو نظام مايو هل كان ضعيفاً أم متماسكاً؟
ـ نظام مايو لم يكن ضعيفاً ابداً بل كان نظاماً متماسكاً والدليل على ذلك انه تصدى لكل الإضرابات التي تمت من تنظيمات مهنية أخرى وأفشلها جميعها بل أنه فصل كل قضاة السودان بعد إضرابهم الشهير واعاد من بدا على هواه.
ـ اذكر لنا الأحداث التي جرت بين الاضرابين الأول والثاني اللذين اشترك فيهما كل التنظيمات؟ اعني الأيام الأخيرة لمايو؟
ـ بعد أحداث عام 1984م كان واضحاً جداً ان هنالك قناعة شعبية كبيرة برفض النظام المايوي وكان السؤال الدائم والملّح، ما هي الوسيلة للتخلص من هذا النظام.؟
وكان لدينا شعور بان الشعب السوداني أشبه بالبارود المعبأ ينتظر من يضع يده على الزناد حتى ينفجر وكان هنالك حديث بين النقابات المهنية المختلفة حول التنسيق والقيام بعمل مشترك لانهاء النظام حتى تبلور ذلك في تكوين التجمع النقابي في وائل عام 1985 والذي تكون من نقابات الأطباء ـ المهندسين ـ موظفي المصارف ـ المحامين ـ أساتذة جامعة الخرطوم ـ التأمينات وهذا التجمع هو الذي خطط ودعا للإضراب السياسي الذي تم في 6 أبريل 1985م.
ـ في هذه الأثناء هل كان لهذا التجمع النقابي أي اتصال بالقوات المسلحة او الشرطة او الأمن؟
ـ لا.
ـ هل هذا يعني أنكم كنتم تريدون عزل الجيش عن الأحداث؟
ـ في ذلك أقول ان الشرطة والقوات المسلحة هي قوات نظامية وهي من اذرع النظام.
ـ ولكن قد يكون من بينهم من هو ساخط على النظام مثلكم؟
ـ كان لدينا قناعة أنه إذا انتفض الشعب لن يصوب احد في الجيش او الشرطة البنادق الي صدور الشعب وكنا نريد خلق واقع شعبي وهذا الذي حدث..
ـ نتعرف على ملامح الحياة في الأيام الأخيرة من نظام مايو؟
ـ كانت الحياة قاسية جداً فالعاصمة غارقة في ظلام دامس بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وانقطاع المياه وأينما اتجهت ببصرك تجد الصفوف في كل مكان في محطات الوقود والمخابز.
وهنا تحضرني قصة حدثت لي شخصياً ففي صباح يوم من تلك الايام لم نجد في المنزل وقوداً أو مصدراً للطاقة فالكهرباء مقطوعة وبحثنا عن غاز ولكنه كان منعدماً وكان لدينا وابور يعمل بالجاز فلم نجد الجاز ايضاً فلم نستطع فعل شئ واكتفينا (بسلطة) وعندما حضرنا في نهاية اليوم انا وزوجتي وجدنا بعضاً من الفحم مبعثراً أمام المنزل فظننا أن جيراننا حصلوا على الفحم لأنه لم يكن لدينا حتى فحم وعندما فتحنا الباب الرئيسي وجدنا خمسة جوالات من الفحم ومعها ورقة صغيرة ملصقة في أعلى أحد الجوالات من صديقنا المرحوم حسن بخيت جيلاني الذي أرسلها لنا من القضارف بعد أن علم بالأزمة التي نعانيها ففر��نا بالهدية فرحاً شديداً.
ـ ماذا حدث بالضبط يوم 6 أبريل 1985م تحديداً؟
ـ كان هنالك اجتماعات كثيرة للتجمع النقابي وآخرها اجتماع يوم الأحد 3 أبريل 1985م في نادي المحامين وتقرر في هذا الاجتماع أن يتم الإضراب السياسي ويعلن عند العاشرة من صبيحة يوم 6 أبريل أمام الجندي المجهول الواقع قرب محطة سكة حديد الخرطوم
كما تم ايضاً اختيار قيادتين بديلتين لقيادة التجمع المعروف وعند عودتي الى المنزل وجدت رجال الأمن في انتظاري فأخذوني الى سجن كوبر وعند اعلان اضراب 6 أبريل، انا كنت داخل سجن كوبر وعندما أعلنت القوات المسلحة انحيازها للشعب يوم السبت 9 أبريل 1985م أندفعت الجماهير نحو سجن كوبر وحطمت ابوابه وأخرجتني من السجن وطافت بي ارجاء المدينة.
ـ قبل الوصول الى يوم الانتفاضة اعني السادس من ابريل من العام 1985 فان هنالك عملاً كبيراً قد تم انجازه كيف كنتم تخططون لهذا العمل؟
ـ في أواخر الفترة المايوية كان هنالك احساس عام بانه لابد من تغيير النظام وكان التساؤل المطروح كيف يمكن ان يتم ذلك؟
بالطبع التحدث عن انقلاب عسكري آخر لم يكن ممكناً لأن مثل هذا التفكير يصبح بلا معنى بأن نغير نظاماً شمولياً بآخر مثله ولكن كانت هنالك دائماً ثورة اكتوبر 1964 حاضرة في الذهن
ولعل هذا كان الدافع للتجمع النقابي الذي بدأت نواته في اضراب الأطباء عام 1984م أن يجتمع قادته للتفاكر حول ما ينبغي عمله لتغيير النظام المايوي وكان ذلك قبل اشهر من انتفاضة ابريل، ثم كان أول اجتماع للتجمع النقابي بمنزل المهندس عوض الكريم محمد احمد (الأمين العام لنقابة المهندسين) بمنطقة جبرة (جنوب الخرطوم)
وكان من ضمن حضور هذا الاجتماع شخصي كنقيب للأطباء وعوض الكريم من المهندسين و عمر عبد العاطي عن نقابة المحامين و عبد العزيز دفع الله عن الهيئة النقابية لموظفي التأمينات واعتقد عدلان الحردلو عن الهيئة النقابية لاساتذة جامعة الخرطوم وتخلف عن هذا الاجتماع سكرتير نقابة موظفي المصارف.
بعد ذلك تمت اجتماعات كثيرة وفي اماكن مختلفة منها منازل بعضنا وآخر اجتماع كان يوم الاحد 3 أبريل في دار المحامين والذي اعتقلت بعده مباشرة.
ـ من كان يكتب محاضر هذه الاجتماعات وأين تحفظ؟
ـ كان يكتب محاضر الاجتماعات المهندس عوض الكريم والحردلو وهما اللذان يحتفظان بها.
ـ هل اصبح هذا التجمع النقابي كياناً منظماً بمعنى أن له رئيساً وأمانة عامة؟
ـ نعم في مرحلة لاحقة من تكوين التجمع النقابي تمت انتخابات فأصبحت انا رئيساً للتجمع النقابي وعوض الكريم سكرتيراً عاماً له وبقية الأخوة اعضاء.
ـ هل كنتم تشعرون أثناء هذه الاجتماعات انكم مراقبون من اجهزة الأمن أو انكم مخترقون؟
ـ في هذا أقول ان العلاقة بين النقابيين وثيقة والاجتماعات كانت تتم بالاتصال الشخصي ولكنني أعتقد ان اجهزة الامن كانت تعلم ببعض هذه الاجتماعات ولكنها تفادت الاصطدام بالنقابات ولعل ذلك منشأ انها لم تكن تقدر خطورة ماستؤدي اليه هذه الاجتماعات ولكن لاحقاً وضح جداً وجود رقابة امنية
وعندما كنا نجتمع في دار المحامين كنا نحس بوجود قوات الامن والدليل على ذلك انني أعتقلت بعد أخر اجتماع مباشرة. وعلى مستوى الدولة كانت تدرك ان هنالك حركة في وسط النقابات المهنية ولكنها لم تأخذها مآخذ الجد واستهانت بها لأن نظام مايو اعتاد الانتصار على خصومه طوال فترة حكمه سواء كانوا عسكريين أو مدنيين.
ـ هل كان لكم أي اتصال بالطلاب أو الأحزاب في تلك الفترة؟
ـ لم يكن لنا اتصال مباشر بالطلاب ولكن قد يكون لهم اتصال بهيئة أساتذة جامعة الخرطوم بقيادة الحردلو.
أما بالنسبة للأحزاب والى ان تم اعتقالي لم يكن هنالك أي اتصال بها ولكن علمت من الأخوة الذين كانوا خارج السجن أنهم اتصلوا ببعض الأحزاب في الفترة من (3-6 ابريل) ومنها حزب الأمة وكانوا مؤيدين للتحرك الشعبي.
ـ السادس من ابريل 1985م ماذا حدث بالضبط؟
ـ كان هذا يوم التحرك الفعلي للتغيير واتفقنا ان يتم اضراب عام يشل حركة كل البلد وأن يتم التجمع في الساعة العاشرة صباحاً أمام النصب التذكاري للجندي المجهول بالخرطوم امام بوابة محطة السكة حديد، كذلك استقر الرأي على ان يتلى على المجتمعين خطاب اعدته اللجنة هو (خطاب الانتفاضة) وتحدد فيه ما نريد وأن يستمر الاضراب حتى يسقط النظام.
وكان من المفترض أن يلقي الخطاب عدلان الحردلو ولكنه فجأة ذهب الى البطانة بسبب عائلي ولكن لحسن الحظ كانت هنالك نسخة اخرى بحوزة الاستاذ عمر عبد العاطي من نقابة المحامين والذي وقف في هذا اللقاء التاريخي والقى الخطاب.
ـ هذا التغيير الذي تم في ابريل من الذي أطلق عليه اسم انتفاضة لماذا لم يسم (ثورة) وما الفرق بينها واكتوبر، وهل كانت هنالك حساسية ضد فكرة الثورة بسبب سيطرة الاسلاميين؟.
ـ لم تتخذ أي جهة رسمية اسماً بهذا المعنى لما حدث ولكنها سادت وتعارف الناس عليها بانها انتفاضة ولعل هذا يعود لانها نبعت من كل السودان بصورة مفاجئة على غير ما يتوقع الناس الذين كانوا يظنون أن نظام مايو لا يقهر وهي تشبه الى حد كبير اكتوبر الذي تغلب ايضاً على نظام عسكري.
بالنسبة للحركة الاسلامية فلم يكن لها أي سيطرة على انتفاضة ابريل اذ ان معظم قادتها كانوا معتقلين في كوبر وبورتسودان وشالا والثورة هي التي اخرجتهم من السجون.
ـ المجلس العسكري ـ متى تكون؟ وهل كان هنالك تنسيق بينكم كقيادة مدنية وبين العسكريين كانت تبرر تكوين المجلس العسكري؟
ـ تكون المجلس العسكري بعد الانتفاضة مباشرة فقد خاطب سوار الذهب (المشير) الامة السودانية بوصفه وزيراً للدفاع وأعلن عزل نميري في التاسع من ابريل 1985م ثم بعد ذلك شرع في تكوين المجلس العسكري
وهنا اقول ان المجلس العسكري تم تشكيله دون أي تشاور مع قوى الانتفاضة ولم يكن في نية قادة الانتفاضة تشكيل أي كيان عسكري وكانوا يودون ان تعود القوات المسلحة بعد أن انحازت الى قوى الانتفاضة في صبيحة السبت 9 ابريل 1985م الى ثكناتها وتمارس صلاحياتها المنصوص عليها في الدستور
ولكن قادة القوات المسلحة دفعوا بأن تشكيل هذا المجلس املته ظروف داخلية خاصة بالقوات المسلحة اقتضت هذا الاجراء ولم يرد قادة الانتفاضة الدخول في صراع مع القوات المسلحة خاصة وأنها وقفت مع الانتفاضة وجعلت منها (ثورة بيضاء) وبعد ان كان التفكير ان يكون هنالك مجلس سيادة مدني تم الاتفاق على ان يوكل هذا الدور للمجلس العسكري الانتقالي
وبذلك اصبح للمجلس العسكري دور في خارطة الانتفاضة وتم هذا بعد نقاش طويل ومستفيض في أواسط التجمع النقابي ولعله من المفيد ان نذكر هنا ان دستور الانتفاضة حدد ان تكون الفترة الانتقالية ثلاث سنوات ولكنها اختصرت الى عام واحد تحسباً لسيطرة العسكريين على مقاليد الامور من جديد.
وقد تشكل هذا المجلس العسكري المفاجئ من قادة الاسلحة وفي النهاية قبلنا به على مضض. وأذكر عندما تشكل المجلس العسكري ذهبت وقابلت المشير سوار الذهب وقلت له (ماذا تريدون من تشكيل المجلس العسكري، هل نفاجأ بيوم انك اصبحت ايوب خان أو ضياء الحق قاد في باكستان) فقال لي بالحرف: (ده شعر ما عندي ليه رأس وليست لدى أي طموحات في الحكم وسنكون عوناً لكم) وقد كان صادقاً كما برهنت الاحداث لاحقاً.
ـ قبل ان نذهب الى التنسيق بين المجلسين نريد أن نعرف كيف تشكل مجلس الوزراء ومتى ومن الذي رشحك لهذا المنصب (رئيس الوزراء) وقد كان مرشحاً له ايضاً ميرغني النصري نقيب المحامين آنذاك؟
ـ تم تكوين مجلس الوزراء بعد حوالي اسبوعين من الانتفاضة و كان الترشيح للانضمام لمجلس الوزراء مبني على الاسس التالية:
الوطنية ان لا يكون قد عمل في نظام مايو
المقدرة والكفاءة.
وتمت ترشيحات كثيرة ويوم ذاك اصبح التجمع يضم كل النقابات والاحزاب وأصبح اسمه (التجمع الوطني) وبعد نقاش مستفيض دام زهاء الاسبوعين تم تشكيل مجلس الوزراء وقد طلب من الاحزاب المشاركة في التجمع أن ترشح شخصاً لأن يكون وزيراً من غير المنتمين اليها وكان الهدف من ذلك ان تكون الوزارة قومية وليست حزبية.
ورشح الاخوان المسلمون جناح صادق عبد الله عبد الماجد بشير حاج التوم الذي اصبح وزيراً للتربية والتعليم ورشح الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد بشير حامد الذي اصبح وزيراً للإعلام ورشح حزب الأمة امين مكي مدني الذي اصبح وزيراً للاشغال.
وطلبنا من القوات المسلحة بصلتها الاوثق بشئون الجنوب ان ترشح لنا وزراء الجنوب الثلاثة الذين يجب ان يضمهم مجلس الوزراء اتباعاً لتقاليد الدستور الماضية ـ فرشحوا لنا صمويل ارو ـ بيتر جاتكوث ولعلي نسيت اسم الثالث (اوليفرالبينو) ولكنه طرد من المجلس لارتباط اسمه بحادث تهريب حبوب مخدرة الى السعودية.
أما بالنسبة لترشيحي لمنصب رئيس الوزراء فقد تم من قبل نقابة موظفي المصارف، وقد رشح الحزب الاسلامي ميرغني النصري الذي كان نقيب المحامين ورفعت الترشيحات الى المجلس العسكري كأمر تشريعي وتمت موافقة المجلس على تعييني لرئاسة مجلس الوزراء وحقيقة وللامانة والتاريخ فقد كنت زاهداً في هذا المنصب ولم أفكر فيه مطلقاً
ولم يكن به يوم ذاك ما يغري فترددت كثيراً وبعد الحاح من الكثيرين من بينهم نقابة الأطباء قبلته على مضض ولكن لم أقبل به نهائياً إلا بعد اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي أوضحت لهم فيه ما انوي القيام به سألتهم أن كانوا يوافقون على خطتي في العمل فوافقوا عليها بالاجماع وكانوا عند كلمتهم كما برهنت الأحداث اللاحقة.
وقد كان من مهام مجلس الوزراء ان يجتمع لاختيار الوزير المرشح ولعل الوزير الوحيد الذي كان لي كلمة منفردة في تعيينه هو وزير العدل والنائب العام (عمر عبد العاطي) وكيل نقابة المحامين وكان له دور كبير في الانتفاضة وقد ترشح لهذا المنصب اربعة اشخاص هم عبد الوهاب بوب المحامي ـ وعبد الوهاب ابو شكيمة وعمر عبد العاطي ولعلي نسيت الرابع،
وقد وقع اختياري على عمر عبد العاطي وكان ممتنعاً وغير راغب ولكن اقنعته بصعوبة وقد وقع اختياري عليه لأن ادواره في الانتفاضة كانت كبيرة ومواقفه الوطنية كثيرة وهنالك من كان يعتقد بان هنالك من هو أحق منه ولكن اعتقدت انه أحق لانه مؤهل لذلك.
ولذلك السبب ظل عبد الوهاب بوب يهاجمني في الصحف لمدة طويلة ويتهمني بالفساد وعدم الأمانة وكان ردي عليه أنني أتحداه وأدعوه لان يرفع قضية ضدنا إذا كان لديه ما يثبت دعواه.
ـ ما مدى صحة ما تردد عن الصراع بين المجلسين (العسكري المدني) وتدخل الاول في شئون الثاني وكيف كنتم تتجاوزون هذه الازمات؟
ـ لم تكن هنالك أي ازمات ولم يتدخل المجلس العسكري في شئون مجلس الوزراء وانما تعاون المجلسان كل في حدود اختصاصه للعمل سوياً لانجاح الفترة الانتقالية وقد تم ذلك بصورة مثالية قبل أن تتكرر
ولم يكن هنالك أي مشاكل ولكن الصحيح أن في بداية المسيرة كانت هنالك بعض الشكوك بين المجلسين ولكن العمل سوياً بدد هذه الشكوك واكسبنا ثقة متبادلة حتى ان الاجتماعات التي كانت تتم بين المجلسين ويجري فيها تصويت لم يكن يقف اعضاء كل مجلس على حده للتصويت ولكن هنالك خلطاً.
ـ ما طبيعة العلاقة بين المجلس العسكري والأحزاب وكذلك العلاقة بينه وبين النقابات؟
ـ لا أعرف للمجلس أي صلات خاصة بالاحزاب ولكن رغم ذلك يسأل اعضاء المجلس العسكري عن ذلك وبالطبع هنالك أفراد من المجلسين لهم صلات بالاحزاب ولكن هنا لا نتحدث عن افراد بل عن الهيئتين ـ واذا تحدثنا عن افراد هنالك بعض العسكريين وفي اوقات لاحقة التحقوا بالاحزاب في عهد الديمقراطية مثل عبد العزيز محمد الأمين الذي انضم للاتحادي الديمقراطي واللواء فضل الله برمة ناصر الذي اعلن انضمامه لحزب الأمة وكذلك من مجلس الوزراء حسين سليمان ابوصالح انضم للاتحادي. وذلك لم تكن للمجلس العسكري أي علاقة مع النقابات.
ـ في عهدكم تم حل جهاز الأمن من الذي كان وراءه وما مدى صحة بعض الروايات التي سأسوقها فهنالك رواية تقول أن وراء حله:
المشير سوار الذهب واخرى تحمل الفريق تاج الدين عبد الله ـ نائب سوار الذهب المسئولية في حين تردد أن قوى اجنبية ضغطت بشكل او بآخر على القيادة الوليدة بحل الجهاز.
أولاً جهاز الأمن حل قبل ان اتولى منصب رئيس الوزراء لأنه لو تم بعد ذلك لحافظت عليه ولما وافقت على حله وكنت سأجري به بعض التعديلات التي تجعل منه جهازاً لائقاً بعهد ديمقراطي وهذا لم يكن مستحيلاً إذ أن الجهاز لم يكن فاسداً في كل اجزائه
وانما كانت هناك قيادات فاسدة ارتكبت من الاعمال ما تأذى منه الشعب السوداني ودمغت الجهاز بهذه السمعة السيئة لدى جماهير الشعب السوداني قبل الانتفاضة ولعل هذه السمعة السيئة هي التي دفعت بالمجلس العسكري لحل الجهاز فالمجلس العسكري هو من قام بذلك كهيئة وليس شخصاً بعينه داخل المجلس ولا أعرف أي قوى اجنبية كان لها دور في حل الجهاز.
ـ المجلس العسكري حل الجهاز إذن اعمال التخريب والحرق في الجهاز من الذي قام بها؟
ـ التخريب الذي حدث كان من قبل المواطنين الغاضبين وحدث هذا في ممتلكات الجهاز ولكن لا اذكر تفاصيل دقيقة عن هذه الأحداث فقد مر زمن طويل.
ـ تقييمك للآثار التي ترتبت على حل جهاز الأمن وهل صحيح أنها كانت من اسباب الاختراق الأجنبي؟
ـ من اثار ذلك ان السودان أصبح مكشوف الظهر من ناحية أمنية خاصة وأن الجهاز حوى في داخله عناصر ذات كفاءة عالية وتلقت تدريباً متقدماً على حساب الدولة ولذلك كان لابد من الاستفادة منهم ولقد حاول جهاز الاستخبارات في القوات المسلحة والشرطة أن يسد هذه الثغرة ولكنها كانت اكبر من طاقاتهم جميعاً أما عن الاختراق الأجنبي للبلاد فليست هنالك مظاهر ملموسة لهذا الاختراق.
ـ ماذا عن ظهور الجبهة الإسلامية على مسرح الأحداث ومدى صحة أن المجلسين كانا يخدمان أغراضها ـ إضافة الى مغزى تعيين وزير التربية والتعليم من الحركة الاسلامية؟
ـ (بحده) هذه تهمة بلا دليل أولاً الجبهة الإسلامية لم تنضم للتجمع حتى يكون لها تأثير والوزير الذي عين لم يكن من الجبهة القومية الاسلامية ولكنه كان من الاخوان المسلمين الجناح التابع للشيخ صادق عبد الله عبد الماجد وأنا اتحدى أي احد يمكنه أن يدلل على أي امتياز نالته الجبهة الاسلامية لم ينله الآخرون في النظام الديمقراطي. ولكن كون كوادر الجبهة نشطوا في المناخ الديمقراطي فهذا حقهم وليس من حقنا أن نمنع أحداً من ممارسة نشاط كفلته له الديمقراطية.
ـ نريد مشاهد من هذه الفترة وانجازات قمتم بها واشياء كان من المفترض القيام بها ولكنها لم تنجز كتعديل او الغاء قوانين سبتمبر واتهام للحكومة الانتقالية بأنها لم تكنس آثار الفترة الشمولية (مايو)؟
ـ لم تلغ الحكومة الانتقالية قوانين سبتمبر وهي تعلم تمام العلم انها تمت في فترة شمولية ودون استشارة دستورية للشعب ولكنها في نفس الوقت كانت الحكومة تعمل على قراءة الخارطة السياسية لأوضاع البلاد آنذاك وهذا عندما أعلن حزب الأمة انه مع الصحوة الإسلامية وكذلك الحزب الاتحادي الديمقراطي أمن على قيام الجمهورية الإسلامية كما نادت الجبهة القومية الإسلامية لتطبيق الإسلام في كل نواحي الحياة هذه التيارات تمثل السودان الأعظم من الشعب السوداني،
ونحن لسنا ضد الإسلام وموقفنا منه معروف ولكننا رغم ذلك كحكومة انتقالية فقد تركنا الخيار للشعب في أن يقرر بعد انتهاء الانتخابات. ماذا يريد؟ وهنا أنا أتساءل بدوري لماذا لم تلغ هذه القوانين عند عودة الحكم الديمقراطي؟ ان لم تكن تمثل شيئاً في واقع الشعب السوداني خاصة وأن الصادق المهدي قال وبالحرف الواحد (أنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به) أما بالنسبة لازالة آثار مايو فهذا حديث عام ولا يمكن لنظام أن ينسخ ما جاء به نظام سابق بالكامل مهما حاول
ولكننا اقلنا النظام الشمولي بالثورة وأعدنا الديمقراطية وأعدنا المفصولين تعسفياً وشكلنا لجنة لمحاسبة المفسدين في مايو، وعقدت جلسات تاريخية منها محاكمة عمر محمد الطيب النائب الأول للرئيس المخلوع وشكلنا لجنة قانونية للنظر في القوانين المايوية لاصلاحها أو الغائها وأجزنا قانون الانتخابات «عادل وديمقراطي» وأجرينا انتخابات حرة ونزيهة شهد بعدالتها ونزاهتها الجميع واشترعنا دستوراً انتقالياً ديمقراطياً عوضاً عن دستور 1952 المعدل عام 1956م.
ولذلك أقول يستحيل على نظام ان يحاكم فترة سياسية امتدت ستة عشر عاماً فأيدها في البداية الشيوعيون وفي منتصف عمرها الأحزاب وفي اواخر ايامها الحركة الاسلامية ـ هل من الواقع ان نحاسب جميع القوى السياسية ولذلك آثرنا أن تجري الانتخابات ويحاسب الشعب السوداني الذين افسدوا سياسياً من خلال الانتخابات.
ـ لماذا لم يقبض على منصور خالد عندما جاء السودان هل لهذا صلة بعلاقاته الدولية أو كانت لديه ملفات كان سيفجرها حال القبض عليه؟
ـ منصور خالد في اواخر ايامه كان ضد نظام مايو وهو كان فرداً من ذلك النظام وقد جاء بدعوة من النائب العام للادلاء بشهادة ولم يرتكب منصور خالد أي اعمال جنائية يحاسب على اساسها وانما يدخل في زمرة الساسة الذين ايدوا مايو ولماذا نحاسب منصور ولا نحاسب نقد؟
ـ علاقات السودان الخارجية كيف كان شكلها في عهدكم وما موقف السودان من العلاقة بين العراق وايران في ذلك الوقت؟
ـ السودان لم يتخذ أي موقف انحيازي بين العراق وايران وسياسة السودان الخارجية كانت تقوم على المصلحة القومية والبعد عن الاحلاف والمواقف المتطرفة وكانت على احسن حال على محيطنا العربي والافريقي والعالمي.
ـ ما قولك في تدهور العلاقة مع مصر والغاء اتفاقية الدفاع المشترك بضغط من ليبيا والاحزاب وان الاتفاقية كانت واحدة من اسباب تحجيم العمل العسكري للحركة؟
ـ العلاقة مع مصر لم تتدهور (ثم استدرك): حقيقة عند بداية عهد الحكومة الانتقالية ظهرت (إشاعة) بأننا نود اعادة النظر في اتفاقية مياه النيل وقد قلت يوم ذاك: (أن هذه الاتفاقية وقعت بين بلدين شقيقين وتعطي نصوصها الطرفين الحق في النظر فيها ولكن هذا ليس من اولوياتنا الآن) ولعل الامر الآخر أن الكاتب انيس منصور كتب مقالاً في احدى المجلات المصرية يقول فيه (تلتقي بسوار الذهب تطمئن على السودان وتلتقى بالجزولي دفع الله تشفق على السودان) ظناً منه انني اتخذ موقفاً معارضاً لمصر
وكان أن التقيت في فترة لاحقة بالرئيس المصري مبارك ومجلس وزرائه واستقبلت استقبالاً طيباً ولذلك أقول أن العلاقة بين مصر والسودان. اضافة الى ان هذه الاتفاقية لم ينجم عنها شيء يذكر ولم تكن فعالة حتى نقول ان الغاءها أثر على مجريات الأحداث في الجنوب وحقيقة نحن لم نلغها ولكن تم تجميدها حتى نجد لها شكلاً أكثر فعالية.
ـ لماذا رفضت الحركة الشعبية الانتفاضة وقامت باحتلال الناصر وهل صحيح أن الحكومة تقاعست في حسم العلاقة معها واهدرت فرصاً مواتية لانهاء الحرب ولماذا لم تطرح أي مشروع جاد لحل المشكلة؟
ـ هذه واحدة من أخطاء جون قرنق التاريخية وعدم فهمه للانتفاضة وظنه انها (مايو 2) مع أن قادة المجلس العسكري أعلنوا انهم انحازوا الى ثورة قامت وقد كان ظننا كبيراً ان جون قرنق قد تفهم طبيعة هذا التغيير وقد كتبت اليه خطاباً قبل تشكيل الحكومة الانتقالية اقول له فيه: (أن نظام مايو قد سقط
وأنك قد لعبت دوراً في ذلك والسودان الآن على اعتاب مرحلة جديدة قد لا تتكرر ومكانك معنا هنا حتى نصنع المستقبل سوياً) وكان هذا الخطاب باللغة الانجليزية ولو استجاب جون قرنق يوم ذاك لوفر على نفسه وعلى السودان 20 عاماً من الحرب واهدار الموارد وسفك الدماء ولحقق للجنوب طموحاته المشروعة ولكنه أثر ان يتخذ موقفاً مغايراً لذلك ظلت ازمة السودان بلا حل حتى الوقت الحاضر.
وقد كان واضحاً أن جون قرنق تعامل مع الحكومة العسكرية على انها مايو وقد التقيت في هذا الشأن بالرئيس الكيني اراب موي ثم الرئيس الأوغندي يوري موسفيني الذي كان جون في حركته عندما كان طالباً في جامعة دار السلام وحاول موسفيني وفي حضرتي ان يتصل بجون قرنق ليحضر ولكنه لم يفلح إذن لقد حاولنا ولكنه كان متصلباً ومنحازاً الى رأيه.
ـ في ايام الحكومة الاخيرة وهي تقترب من تسليم السلطة للشعب هل تعتقد ان بعض العسكريين راودتهم فكرة الانقلاب على ما تم والاستبداد بالسلطة خاصة وأن بعضهم بدأ في تلميع نفسه؟
ـ حقيقة من ناحية عملية وفيما أعلم لم يحاول أحد في المجلس العسكري الانقلاب على الانتفاضة والدليل على ذلك انهم شاركوا في تسليم السلطة في الموعد الذي حددته قوى الانتفاضة وكانوا هم الخاسر الاكبر اذ خسروا وظائفهم في القوات المسلحة وبعضهم كان في بدايات حياته العملية.
ـ هذا يقودنا لسؤال من الذي اختار تاج الدين عبد الله فضل قائداً عاماً بعد الفترة الانتقالية ولماذا هو بالذات الوحيد من بين اعضاء المجلس الذي واصل العمل ثم عين فيما بعد بمنصب رئيس هيئة شباب الوطن. التابع للجبهة الاسلامية.
ـ ليس لدى أي اجابة عن الفترة التي تلت الفترة الانتقالية ويسأل هو نفسه هذا السؤال.
ـ بعد تسليم الحكومة لماذا اصبح على رأس قائمة الشكر في العالم الخارجي المشير سوار الذهب كأول جنرال يسلم السلطة للشعب ولا يقال الحكومة المدنية بقيادة د. الجزولي دفع الله؟
ـ العسكريون اكثر شهرة من المدنيين خاصة في العالم العربي والتغييرات التي حدثت في الحكم في العالم الغربي كثيراً ما قام بها العسكريون ومازال الكثيرون في العالم العربي يظنون أن العمل الذي تم في السودان عسكري في المقام الأول ولا يدركون عمقه الشعبي هذا بالاضافة الى شخصية المشير سوار الذهب المتميزة.
الخرطوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
الثلاثاء 20 مايو 2003 الموافق 19 ربيع الأول 1424 فى وداع الراحل المقيم طه اسماعيل أبو قرجة
بسم الله الرحمن الرحيم ما هي حقيقة الموت إبراهيم يوسف
كان الأخ طه إسماعيل أبو قرجة قد خف إلى لقاء ربه حيث توفي بالبحرين يوم الأحد 4/5/2003 م .
والله المسئول أن يتم فضله عليه فيتقبله مع المنعم عليهم " من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا "
وقد كان الأخ طه ناشطا يحمل هموم شعبه وآماله وتطلعاته ويجاهد لنقل شعبه الطيب من مرحلة الولاءت التقليدية التي قعدت به طويلا ولتقوم علاقته بالإسلام علي الفكر بدل العاطفة التي استغلت كثيرا كما كان يسعي ليكون مشوار السلام هو مشوار لتغيير جذري ينقل السودانيين إلى حكم عصري يحتكم لحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية كما كان يعمل لتصحيح صورة الإسلام بعد أن شوهت محليا وعالميا وذلك بدعوته لأصول القرآن ..وكان آخر مقالاته بمنبر السودانيين بالإنترنت دعوته لتكوين رأي عام سوداني مستنير يقود التغيير في البلد وكلل ذلك فقد نعته المنابر الحرة ومنابر الرأي بالإنترنت كما تنافس في تشييعه بالبحرين السودانيون والبحرانيون وحسن العزاء "أنا لله وأنا إليه راجعون " وقد كان طه جاهزا إلى الرجوع إلى ربه وذلك لأنه قد خرج من وفاة أخيه جلال بعبرة عملية بحكم اجابيته فقال " أن وفاة الأخ جلال تسوق المرء إلى الشعور بأن الموت أقرب من قريب كما هي تسوق المرء إلى القول بأننا يجب أن نتعايش وأن نتحابب وأن نتواصل كأن الموت " أمام الزاوية " وليس وراءها كما يقولون.." بيد أني أريد أن أجعل من وفاة الأخ جلال مناسبة للالتصاق أكثر بالموت فهو أقرب من قريب وهو الحق في بحر الباطل المتلاطمة أمواجه هذا.." إلى أن يقول " فالموت هو الحق " وانه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم " سبحان الحي الذي لا يموت " أنتهي وهكذا يتضح أن في رؤية طه للموت صور من التحقيق لعلم أستاذه الأستاذ محمود محمد طه إذ سئل الأستاذ كيف يبرر السلام الموت فأجاب :"الموت الحسي ليس في حقيقته كما نظنه الآن وأنما هو ميلاد في حيز غير الحيز الذي نألفه نحن، مثله في ذلك مثل ميلاد الطفل في عالمنا هذا فانه قد جاء من حيز عاش فيه مدة وألفه واطمأن إليه ولم يخطر بباله حيز غيره ولو خير لكره الخروج عنه إلى عالمنا هذا كما يكره أحدنا أن يموت الآن ، نحن أيضا عندما نموت سنجد أنفسنا في عالم خير من عالمنا هذا .. الموت بمعني الفناء ليس هناك ..فبالموت يغير الحي قشرته فقط يخرج من صدفته التي ظلت تكنه ردحا من الزمن – وهو يكره مفارقتها لجهله بخير منها – فالإنسان لا يموت وأنما يتخلص من القوقعة كما يتخلص أحدنا من الملابس البالية .. وتبرير الإسلام للموت أنه سير إلى الله – سير من البعد إلى القرب – وهذا لجميع الناس " يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه " ومن ملاقاة الله الموت لأن به رفع الحجاب " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " انتهي من كتاب أسئلة وأجوبة للأستاذ محمود .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
بسم الله الرحمن الرحيم رداً على الأستاذة/ رباح الصادق المهدي حول النسخ والتجديد في الفكر الجمهوري بقلم مهندس / عبد الله فضل الله عبد الله إنه لأمر يدعو إلى الحيرة، والعجب: أن يقرر كاتب ملتزم، في أمر لم يلم بكل جوانبه إلماماً صالحاً·· هذا، إذا لم نقل أنه لم يطلع عليه وإنما نُقل إليه، عنه، نقلاً مخلاً ، فصدقه، من غير تثبت ·· ثم قام بدوره، في توسيع دائرة الخلل، وذلك بنشره على أوسع نطاق، فأخل ، بل تخلي عن شروط ، وهي من الأبجديات التي يشرطها كاتب على نفسه - أي كاتب - دع عنك أن يكون كاتباًَ في صحيفة يومية، يزعم التزامه بفكر ديني و >إن الدين عند الله الإسلام<· أما الأستاذة رباح الصادق المهدي، فقد كتبت، في مقالها الأسبوعي >بيننا< مقالاً، بعدد >الصحافة< 4035 بتاريخ 21/8/2004م تحت عنوان :- نحو مرجعية إسلامية متجددة ·· تناولت فيه، كما قالت بعض أخبار وأفكار حول ورشة هيئة شؤون الأنصار· ثم أن الأستاذة رباح تعرضت في مقالها لفكر الأستاذ محمود محمد طه تعرضاً يستوجب، الوقوف عنده، والتعقيب عليه، ذلك لأنه تعرض، على نحو مما وصفنا في مستهل هذا المقال·· فبعد أن تحدثت الأستاذة رباح عن (تغيير وصف المرجعية من جديدة إلى متجددة) قالت أن هذا الحديث قد ذكرها (بالنقد الذي سيق للطهوية (مذهب الأستاذ محمود محمد طه) وكان أبلغ ما قيل في ذلك أن المذهب الجمهوري حين حديثه عن رسالة ثانية قد اختصر عتبات التطور في درجتين الأولى في القرن السابع والثانية في القرن العشرين، وهذا غير معقول·· وفي بعض النقاشات مع زميلي المهذب الأستاذ علاء الدين بشير ذكر لي أن النقاء يقود لوضوح الرؤى وأن ما كتبه الأستاذ قبل أربعين عاماً لا يزال- حسب رؤيته - يصف الواقع الوطني والعالمي، وردي هو أنه ومهما كان من صدق رؤية ما في زمان ومكان معين فستظل تلك الرؤية مربوطة بواقع تاريخي وإن طال مداه، وبغض النظر عن النقد العقدي الذي سيق للطهوية والذي أراه صحيحاً في استنكار نسخ القرآن المدني كله، فإننا لن نفلح في حديثنا عن شيء جديد دائم الصلاحية لتفسير الأحداث والتجاوب معها ·· نحن نريد شيئاً متجدداً··) ·· انتهي حديث الأستاذة رباح· الصحافة 21/8/2004م· تُحدثنا الأستاذة رباح عن النقد العقدي المستنكر ( نسخ) الأستاذ محمود (القرآن المدني كله ) وترى هذا النقد صحيحاً، ولذا فهي تستنكر مع المستنكرين من النقاد·· غير أن الشيء المؤكد أن الأستاذ محمود لم يقل بـ( نسخ القرآن المدني كله)·· فمن أين أتيت يا أستاذة رباح، بل من أين أتي النقاد الذين استعنت بهم، بهذا الحديث ؟؟! فأنت، ولاهم ، لم تقرئيه ، ولم يقرؤوه ، من كتب الأستاذ محمود محمد طه لسبب بسيط، هو أن الأستاذ محمود لم يقل به ·· أيعقل أن تكون قرأتيه ، ثم خرجت بهذه النتيجة التي لا تليق بالمحققين من أمثالك؟ غير أني أخشي أن تكوني قد سمعته هكذا مشوهاً فنقلته كما سمعته من غير تحرٍ منك ولا تدقيق !! ظناً منك، إنك قد عثرت على الحقيقة من مصادرها الوثيقة· أما الأستاذ محمود محمد طه فهو يتحدث عن تطوير التشريع الإسلامي في بعض صوره، كالمعاملات ·· ومن هنا جاء حديثه عن النسخ ··غير أن النسخ لا يتعلق بصورة العبادات ولا الحدود ولا القصاص ·· وإنما حصر الأستاذ النسخ في المعاملات وبالتحديد : في السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الاجتماع ، وفي أسلوب الدعوة ·· وهذا وحده كافٍ لنسف عبارة الأستاذة رباح بأن الأستاذ ( نسخ القرآن المدني كله)· ثم أن النسخ عند الأستاذ محمود هو إرجاء يتحين الحين، ويتوقت الوقت، وليس إلغاؤها تاماً·· يقول الأستاذ محمود وهو يحدثنا عن ذلك، وعن حكم الوقت: (·· وتطوير التشريع إنما هو انتقال من نص إلى نص ·· من نص كان هو صاحب الوقت في القرن السابع فأحكم، إلى نص اعتبر يومئذٍ أكبر من الوقت فنسخ·· قال تعالي : ( ما ننسخ من آية ، أو ننسئها نأت بخير منها ، أو مثلها ·· ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير؟) ·· قوله ( ما ننسخ من آية) يعني : ما نلغي، ونرفع من حكم آية ·· قوله ( أو ننسئها) يعني نؤجل من فعل حكمها· وقوله: (نأت بخير منها ) يعني أقرب لهم الناس ، وأدخل في حكم وقتهم من المنسأة·· ( أو مثلها) يعني نعيدها، هي نفسها إلى الحكم حين يحين وقتها ·· فكان الآيات التي نُسخت إنما نسخت لحكم الوقت، فهي مرجأة إلى أن يحين حينها·· فإذا حان حينها فقد أصبحت هي صاحبة الوقت، ويكون لها الحكم ، وتصبح بذلك هي الآية المحكمة ، وتصير الآية التي كانت محكمة · في القرن السابع، منسوخة الآن·· هذا هو معني حكم الوقت ·· للقرن السابع آيات الفروع ·· وللقرن العشرين آيات الأصول·· وهذه هي الحكمة وراء النسخ·· فليس النسخ إلغاءً تاماً، وإنما هو إرجاء يتحين الحين·· ويتوقت الوقت ··) انتهي - الرسالة الثانية من الإسلام· وربما من هذا الحديث الذي نقلناه أعلاه أخذت الأستاذة رباح انطباعها فقالت: ( أن المذهب الجمهوري حين حديثه عن رسالة ثانية قد اختصر عتبات التطور في درجتين الأولى في القرن السابع والثانية في القرن العشرين ·· وهذا غير معقول) انتهي· غير أن الشيء الذي لم تقف عنده الأستاذة رباح، أن الأستاذ محمود يتحدث عن حكم الوقت، كما رأينا في النص الذي نقلناه عنه أعلاه·· لقد كان الوقت في القرن السابع، وقت الوصاية، ومن هنا كانت الشوري·· والشوري ليست ديمقراطية وإنما هي حكم الرجل الرشيد على المجتمع القاصر·· ( فإذا عزمت فتوكل على الله )·· أما وقت القرن العشرين، فهو وقت مجتمع المسؤولية، والرشد·· أو قل المجتمع المرشح : للمسؤولية والرشد، إذا انبعثت فيه أصول القرآن ·· والمجتمع المسؤول هو مجتمع الديمقراطية (فذكر، إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمسيطر··) ·· ومن هنا قال الأستاذ محمود عن هذا المجتمع المرتقب، أنه مجتمع ليس فيه رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين·· وإنما ثمن حرية كل فرد هو دوام سهره عليها·· بناءً على ما تقدم، فإن المجتمعات حيث كانت، وفي أي قرن من القرون الماضية، أو الآتية، هي، إحدى مجتمعين: إما مجتمع مسؤولية، وهذا له أصول القرآن·· أو مجتمع وصاية - قاصر- وهذا له فروع القرآن·· ومن هنا كان الأستاذ محمود عندما يتحدث عن مجتمعي القرن السابع والقرن العشرين كان يقول : مجتمع القرن السابع والقرون التي تليه، مما هي مثله·· يعني مثله في القصور عن شأو المسؤولية·· كما كان يقول: مجتمع القرن العشرين والقرون التي تليه مما هي مثله·· يعني أيضاً مثله في ترشيحها لتحمل المسؤولية·· ومن هنا يتضح أن الأستاذ محمود لم يختصر ( عتبات التطور في درجتين الأولى في القرن السابع والثانية في القرن العشرين)، كما قالت أستاذة رباح··· وإنما القرنين السابع، والعشرين عند الأستاذ محمود نموذجان يمثل أحدهما قرون مجتمعات الوصاية، كما يمثل الآخر قرون مجتمعات المسؤولية ·· ولهذه الأصول، ولتلك الفروع ·· وهذا هو السر في انقسام القرآن بين الأصول والفروع، المكي، والمدني ووراء ذلك كثير يمكن أن يقال·· وعند الأستاذ محمود الإسلام بداية ونهاية ·· هو في البداية أقل من الإيمان ، وفي النهاية أكبر من الإيمان·· وعن البداية قال تعالي: ( قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)·· وعن الإسلام في النهاية قال تعالى: ( ومن أحسن دينا، ممن أسلم وجه لله ، وهو محسن··) ·· وروح هذه الآية في عبارة >وهو محسن< وهي تعني وهو واعٍ وراضٍ ومدرك لهذا الإسلام أو قل الاستسلام الواعي· ومن هذا يتضح أن الإسلام على مرحلتين: مرحلة الإيمان، ومرحلة الإسلام·· والتقسيم بين الإيمان والإسلام هو بسبيل من إنزال القرآن بين مدني ومكي، يقول الأستاذ محمود في ذلك (·· ولقد جاء القرآن مقسماً بين الإيمان والإسلام في معنى ما جاء إنزاله مقسماً بين مدني ، ومكي ·· ولكل من المدني والمكي، مميزات يرجع السبب فيها إلى كون المدني مرحلة إيمان، والمكي مرحلة إسلام·· فكل ما وقع فيه الخطاب بلفظ >يا أيها الذين آمنوا< فهو مدني، ما عدا ما كان من أمر سورة الحج، وكل ما ورد فيه ذكر المنافقين فهو مدني، وكل ما جاء فيه ذكر الجهاد وبيان الجهاد فهو مدني، هذا إلى جملة ضوابط أخرى· وأما المكي فمن ضوابطه أن كل سورة ذكرت فيها سجدة فهي مكية، وكل سورة في أولها حروف التهجي فهي مكية، سوى سورتي البقرة ، وآل عمران ، فإنهما مدنيتان ، وكل ما وقع فيه الخطاب بلفظ ( يا أيها الناس) أو ( يا بني آدم) فإنه مكي سوي سورة النساء ، وسورة البقرة، فإنهما مدنيتان· وقد استهلت أولاهما بقوله تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم ) وفي أخراهما ( يا أيها الناس أعبدوا ربكم)· والشواذ عن الضوابط، بين المكي، والمدني، إنما سببها التداخل بين الإيمان والإسلام، فإنه كما ذكرنا كل مؤمن مسلم في مرتبة البداية ، وليس مسلماً في مرتبة النهاية، وكل مسلم مؤمن ولن ينفك ) انتهي - من كتاب الرسالة الثانية من الإسلام· وهكذا يتضح أن الحديث عن ( نسخ القرآن المدني كله ) حديث لم يقل به الأستاذ محمود، فلتبحث الأستاذة رباح الصادق المهدي إذن في مصادر مرجعيتها الإسلامية المتجددة، ولمصلحة من يتقوَّل على الأستاذ محمود مثل هذه الأقاويل ؟!· ثم أن الأستاذة رباح تواصل قولها الذي اقتبسناه لها في صدر هذا المقال فتقول: ( ·· فأننا لن نفلح في حديثنا عن شيء، دائم الصلاحية، لتفسير الأحداث، والتجاوب معها·· نحن نريد شئياً متجدداً··)·· انتهي ·· وأنا اتفق مع الأستاذة رباح في ذلك ·· غير أن هذا الشيء الجديد أو المتجدد لن يكون بالتلاعب بالكلمات، أو باللغة ، كاستبدال كلمة مكان كلمة، كأن تحل (المتجددة) مكان (الجديدة) ·· وإنما الجديد، أو التجدد هو الذي يبدأ من داخل النفس البشرية، وذلك بتهذيب النفس ، وترقيتها في مسالك العرفان، حتى تتغير، فإن تغيرت، أو قل تهذبت ، انعكس هذا التغيير أو قل التهذيب على البيئة الخارجية جمعيها- البيئة الطبيعية، والبيئة الاجتماعية - فيحدث فيها التغيير· ومن هنا يجيء الحديث عن اللغة وعن مفرداتها من جديدة أو متجددة وليس قبل ذلك على التحقيق·· فالتغيير يبدأ من داخل النفس ثم ينعكس على الخارج وليس العكس، ذلك أن النفس إذا كانت خربة، فلن تعكس خارجها سوى الخراب· وعند الأستاذ محمود ليس هناك سبيل لهذا التغيير سوى بعث (الكلمة) كلمة التوحيد لا إله إلا الله، قوية خلاقة في صدور الرجال والنساء ·· ولن يتم هذا البعث على الصورة المرجوة إلا إذا أدركنا أن التوحيد صفة الموحِد (بكسر الحاء)، وليس الموحَد (بفتح الحاء) إذ أن الموحَد (بالفتح) غني عن توحيد الموحدين فقد وحد ذاته حيث قال في محكم تنزيله: ( شهد الله أنه لا إله إلا هو )·· والتوحيد بهذا المعني، إنما يعني توحيد القوى المودعة في البنية البشرية، العقل ، والقلب، والجسد·· وهذه لا سبيل إليها أيضا إلا بتوحيد الفكر، والقول، والعمل، حيث قال تعالي في ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا: لم تقولون ما لا تفعلون ؟! كبر مقتاً عند الله إن تقولوا ما لا تفعلون)·· وتوحيد الفكر والقول والعمل ، يعني أن يفكر الإنسان كما يريد ، وأن يقول كما يفكر، وأن يعمل كما يقول بشرط أن يتحمل قوله وفعله وفق القانون الدستوري ، والقانون الدستوري هو الذي يوفق بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة·· هذا في الحد الأدنى، ثم يتواصل نهج الفرد في التغيير، حتى يبلغ مرحلة أن يفكر كما يريد، وأن يقول كما يفكر، وأن يعمل كما يقول، ثم لا تكون نتيجة فكره، ولا قوله، وعمله، إلا خيراً وبراً بالأحياء والأشياء·· هذا هو الشيء الجديد ( دائم الصلاحية لتغير الأحداث ، والتجارب معها)· وعندما يكون التوحيد صفة الموحِد (بكسر الحاء) كما ذكرنا، تستمد الأفكار المنطلقة من هذه الصفة التوحيدية، وحدتها ومضاءها، وعمقها، وفعاليتها، فترى جديدة متجددة، كلما مر عليها الزمن، وهذا هو السر في بقاء أفكار الأستاذ محمود محمد طه حية، وكأنها قيلت لتوها، كما أشار لك بذلك زميلك الأستاذ علاء الدين بشير ·· وقد نبه الأستاذ محمود القراء في إحد كتبه لهذه الظاهرة فقال: (أن جميع الأفكار والآراء التي تحملها هذه الرسائل والمقالات ، منذ 1951م وإلى اليوم، يمكن أن تكتب اليوم من غير تبديل فيها، ولا تحوير ·· لم يفعل الزمن فيها شيئا جديداً، يضطرنا إلى تعديل أو تبديل··· وهذه ظاهرة ملازمة (للدعوة الإسلامية الجديدة) ·· فإنها، لما كانت مستمدة من نور التوحيد، لم يحدث فيها تعارض ، ولا تناقض ، وإنما هو الاتساق، والانسجام، في ظل التوحيد الضابط، وتحت راية الوحدة المهيمنة·· وذلك من فضل الله علينا، وعلى الناس·· إن من يطلع على هذه الرسائل والمقالات، من الأخوان القراء مدعو إلى أن يلقي بالاً إلى هذه الظاهرة المهمة، وأن قيمة هذا الكتاب إنما تنبع منها··) من كتاب رسائل ومقالات 1972م· ثم أن الأستاذة رباح عندما أوردت اسم زميلها الأستاذ علاء الدين بشير، لم يغب عليها أن تصفه بـ ( المهذب)، وهذا لعمري خطاب حكيم·· والحكمة تعني وضع الأشياء ، في موضعها الصحيح·· كما تعني أيضاً إعطاء كل ذي حق، حقه لا وكس، ولا شطط· غير أن الحكمة بهذا المعني ليست ثوباً يلبس عند اللزوم، ليصف الزميل بأنه أستاذ مهذب، ثم ينزع هذا الثوب، لتوصف الأفكار التي ينتمي إليها ذلك الزميل(المهذب) بالطهوية !! ووصف الفكر الجمهوري بـ (الطهوية)، أقل ما يقال عنه، أنه وصف غير معروف، وبالتالي غير متداول ، حتى يكتب لقراء صحيفة عامة متداولة ، تريد الأستاذة رباح أن تكون عندهم، مفهومة، الشيء الذي أضطرها لتشرح لقرائها ما تعنيه بالطهوية فقالت ( مذهب الأستاذ محمود محمد طه )!! ثم أردفت شارحة ومبينة، غموض تعريفها، فقالت: ( المذهب الجمهوري) !! أوما كان أجدر بالأستاذة رباح أن تبدأ بما شرحت، فيغنيها ذلك عن الشرح؟! أم يا تري أن وصف أفكار الأستاذ محمود بـ (الطهوية) لم يمله (الرأس) ، وإنما أملاه >الكراس<؟!· ومهما يكن من أمر، فليس لأحد أن يطلب من الأستاذة رباح أن تصف أفكار أستاذ زميلها على نحو مما وصفت به الزميل ·· ولكن أليس من حق القراء الذين تخاطبهم الأستاذة رباح، أن تسمى لهم الأفكار بأسمائها؟؟ ثم بعد ذلك تعلق عليها ما تريد من تعليق ومن نقد يقوم على المسؤولية وتحمل نتائجها؟؟ والذي يستكثر على الآخرين أن يسمى أفكارهم بأسمائها، ماذا ينتظر منه سوى أن يحرف كلِم ذلك الفكر عن مواضعه ؟؟! والذي لا يعطي الأفكار اسمها الذي به سميت، فقد جانب الحكمة·· فكيف به وهو يحرفها بالنقل المخل؟؟ كما رأينا· ولهذا ، فإن تسمية أفكار الأستاذ محمود محمد طه، بالطهوية ، يهدف إلى التقليل من شأنها ·· ولكنه أكثر من ذلك يقلل ، في عين القارئ الحصيف من شأن الواصف المتناوش!! (وأنىَّ لهم التناوش ، من مكان بعيد؟)· ومهما يكن من أمر فقد لاحظت أن الأستاذة رباح الصادق المهدي تصر على وصف الفكر الجمهوري بالطهوية ·· جري منها ذلك في غير هذا الموقع من مقالها هذا، كما جري منها في مقالات سابقات·· وهي رغم ذلك، ليست أصيلة، في هذا التناوش ، إنما هي ناقلة عن أبيها وقديماً قيل ( ومن شابه أباه، فما ظلم) ·· غير أن للأب >بيننا< مقالات سابقات ، وأخرى آتيات لا ريب فيها· ولذلك فلنبق مع الابنة المباركة رباح ، حتى حين ( وليبق ما بيننا)·
المهندس / عبد الله فضل الله عبد الله ود البخيت - أم درمان 26/8/2004م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
العددالثاني والعشرون - مجلة ثقافية إجتماعية شهرية شاملة ثقافــة: محمد المهدي المجذوب والحزب الجمهوري
تأسّس الحزب الجمهوري سنة 1945م وكان حزباً سياسيّاً أول أمره وأخذ اسمه من دعوته إلى قيام جمهورية رئاسية مستقلة في السودان لتكون خياراً وسطاً بين دعوة الاتحاديين إلى الإتحاد مع مصر تحت التاج المصري، ودعوة حزب الأمة والأنصار إلى قيام مملكة سودانية مستقلة، تحت التاج البريطاني
محمد المهدي المجذوب والحزب الجمهوري
في ذكرى رحيله: جانبٌ من سِيرته غير مطروق
عبد المنعم عجب الفيا
تأسّس الحزب الجمهوري سنة 1945م وكان حزباً سياسيّاً أول أمره وأخذ اسمه من دعوته إلى قيام جمهورية رئاسية مستقلة في السودان لتكون خياراً وسطاً بين دعوة الاتحاديين إلى الإتحاد مع مصر تحت التاج المصري، ودعوة حزب الأمة والأنصار إلى قيام مملكة سودانية مستقلة، تحت التاج البريطاني.
وقد انتخب الأستاذ محمود محمد طه رئيساً للحزب وكان الحزب صغيراً ومن أعضائه المُؤسّسين: منير صالح عبد القادر، عبد القادر المرضي، منصور عبد الحميد، ذو النون جبارة، أمين صديق، محمّد الفضل الصديق ومحمد المهدي المجذوب. ويقال إنّ المجذوب كان أصغرهم سناً.
ويلاحظ أنّ بين هؤلاء الأعضاء ثلاثة شعراء هم: المجذوب، منير صالح ومنصور عبد الحميد.
ويبدو أنّه ربطت المجذوب علاقة صداقة حميمة بمنير صالح، حيث وردت إليه إشارات في شعر المجذوب.
بدأ الحزب بالمقاومة بمواجهة الاستعمار الانجليزي علانيةً، وذلك في الوقت الذي اثرت فيه بقية الأحزاب اتباع أسلوب المهادنة والمذكرات وكان الحزب يوزع المنشورات التحريضية باسمه ويقيم أفراده الندوات والخطب الحماسية في المقاهي والأماكن العامة، فأزعج ذلك سلطات الإحتلال الانجليزي فاعتقلت الأستاذ محمود وحكمت عليه بالسجن عاماً بتهمة إثارة الكراهية ضد الدولة، مع وقف التنفيذ وإمضاء تعهُّد بعدم ممارسة النشاط السياسي، فرفض الأستاذ توقيع التعهُّد وفضّل السجن فأودع سجن كوبر، كان ذلك سنة 1946م.
وأثناء سجن الأستاذ محمود كتب محمد المهدي المجذوب قصيدة:
المنتظر - نشرت بديوانه: نار المجاذيب حملت تاريخ: سنة 1946م ومما جاء في هذه القصيدة:
وطني وما رعيت وخالفت هدي الكتاب عمائم الأحبار
الدين مقود جاهل، اقباده سبح تسوخ بخطوه في النار
ما للمراغنة انطويت مكابراً يوم الخلاف ولا أنا أنصاري
أهلي على الحب العميم وليلهم ليلي وشمس نهارهم لنهاري
محمود قم وأخرج بسيفك عادلاً علما ًيؤم كتيبة الأحرار
وقد أفرج عن الأستاذ قبل أن يكمل العام بعفوٍ من الحاكم العام وبعد شهرين فقط من خروجه وقعت حادثة رفاعة، حيث سُجنت إمرأة خفضت بنتها مخالفة قانون الخفاض الذي سنه الإنجليز، فاستغل الأستاذ محمود الحادثة لتأجيج الشعور العام لمقاومة المستعمر وقوانينه وخطب خطبة عصماء في مسجد رفاعة ثم قاد جمهور رفاعة وهاجموا سجن الحصاحيصا وخلصوا المرأة، فقبض على الأستاذ ومعه بعض أعضاء الحزب وبعض المواطنين.
وكان المجذوب من بين المُعتقلين، وقد سجّل حادثة اعتقاله والتحقيق معه ومحاكمته في قصيدة سيدة رفاعة - ديوان: الشرافة والهجرة وقد جاء فيها:
والقيت علينا في الليل شرطة وما هزنا سهد الحراسة والجبر
فيا حارسي مهلاً بيمناك سنجة وأضحك هل في الانجليز له صهر
وأوسعه لوما فيصغي ويتقي مصيري ويغضي ملء نظرته عذر
يسائلني قاضٍ عن الحزب عابساً ومن محنتي هذا الدعي له أجر
يقلب وجهاً ذا بريق يزمه حذاء وهل ومض الحذاء به كبر
أتسهر يا مولاي تحمي خواجة يعشيك من سلطانه الطبل والزمر
تسجل أقوالي وأني شاهد عليك وحكمي الحكم واقترب الفجر
ويواصل في نفس القصيدة تمجيده للأستاذ محمود قائلاً:
أبايع محموداًً على الحق بيعة هي الصبر والرضوان في عقدها بدر
أبي الله أن تلقي هواناً مصونة وما ذنبها إلاّ العفافة والطهر
حماها أبي الدين والعقل تأثر له منبر ما فيه خوف ولا ستر
تخطى إليها السجن والنار دونه ولم يجد إنذار المفتش والزأر
لك النصر يا محمود والنور باقياً وأعطيت ما أعطى بصائرنا الفجر
عرفنا رجالاً قدرهم ليس قادراً وغيرك في السودان له قدر
وقد حكم على الأستاذ في هذه الحادثة سنتين وبعد خروجه سنة 1948م اعتكف في خلوة برفاعة لمدة ثلاث سنوات، ثم خرج على الناس بدعوته الجديدة للإسلام سنة 1951م. وعاود الحزب الجمهوري نشاطه وقد تحول من حزب سياسي إلى حزب ديني فتخلى عن الحزب معظم الأعضاء المؤسسين ومنهم المجذوب ومنير صالح عبد القادر، ولم يتبق مع الأستاذ سوى أمين صديق وذو النون جبارة ومحمد الفضل.
ويبدو أنّ السّبب الرئيسي لخروج المجذوب من الحزب هو تخلي الحزب عن خط المواجهة والمقاومة وانتهاج الأسلوب السلمي في التغيير، ويكشف المجذوب عن هذا السبب في نهاية قصيدته الطويلة: شحاذ في الخرطوم التي كتبها سنة 1969م حيث يوجه حديثه إلى الأستاذ محمود قائلاً:
يا ولد الهميم أيُّها العارف ساحمني
أقلني من بيعتي
كيف أفتيت بخمود آية السيف، كيف
والفساد ما ترى،
أبايع المختار خارجاً مع الحسين!
والهميم هو جد الأستاذ محمود والمذكور في كتاب الطبقات، وقد نشرت قصيدة شحاذ في الخرطوم سنة 1984م في كتيب صغير.
هذه لمحة سريعة عن حياة المجذوب وعلاقته بالحزب الجمهوري أرجو أن تكون قد كشفت عن جانب من سيرة المجذوب غير مطروق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
فى الذكرى الثانية والعشرون لإعدامه محمود محمد طه ظاهرة أم تيار ؟ شخصيات تكشف معلومات للمرة الاولي منذ اعدامه أمين بنانى : قيادات اليسارقالت إن موقف الإسلاميين من محاكته كان سلبيا حزب الأمة لم يستبعد وجود أيادى خفية تواطت لتصفيته المؤتمر الشعبى : رغم إختلافنا معه نرفض طريقة إعدامه الجائرة حسن مكى : يعتبر أن موقف الإسلاميين حيال القضية بالسلبى هل محمود محمد طه راسبوتين عصره ؟
أعده وأجراه : بهاء الدين عيسى محمود محمد طه هذه الشخصية المثيرة للجدل فى تاريخ السودان تاره بين دوره الفعال فى الحركة الوطنية ومواقفه القومية وآخرى بين آرائه التى يرى البعض بأنها متطرفة مما دعا من نظام الرئيس السابق جعفر محمد نميرى للتخلص من ما وصفها بالآراء. و التى قال عنها نظام مايو " لابد من إستئصالها تخوفا من الفتنة " التى قيل أنها قد لاحت فى الأفق ويرى بعض المفكرين الإسلامين أن قيادة الحركة الإسلامية آنذاك وقفت ساكنة وكان موقفها سلبيا باعتبار أن من مصلحتهم التخلص سيما وأنه كان يمتلك خاصية جاذبة فى الحديث والعلم والثقافة الدينية والبعض الآخر أن القوى اليسارية عملت على تشوية صورة الإسلاميين مولده ونشأته ● ولد الاستاذ محمود محمد طه فى مدينة رفاعة بوسط السودان فى العام 1909م ، لوالد تعود جذوره الى شمال السودان ، وأم من رفاعة . توفيت والدته – فاطمة بنت محمود - وهو لماّ يزل فى بواكير طفولته وذلك فى العام 1915م ، فعاش الاستاذ محمود وأخوته الثلاثة تحت رعاية والدهم ، وعملوا معه بالزراعة ، فى قرية الهجيليج بالقرب من رفاعة، غير أن والده لمّا يلبث أن التحق بوالدته فى العام 1920م ، فانتقل الاستاذ محمود وأخوانه للعيش بمنزل عمتهم برفاعة . ● بدأ محمود تعليمه بالدراسة بالخلوة ، وهى ضرب من التعليم الأهلى ، كما كان يفعل سائر السودانيين فى ذلك الزمان ، حيث يدرس الاطفال شيئا من القرآن ، ويتعلمون بعضًا من قواعد اللغة العربية ، غير أن عمته كانت حريصة على الحاقه وأخوانه بالمدارس النظامية ، فتلقى الاستاذ محمود تعليمه الاوّلى والمتوسط برفاعة . ومنذ سنى طفولته الباكرة هذه أظهر الاستاذ محمود كثيرا من ملامح التميز والاختلاف عن أقران الطفولة والدراسة ، من حيث التعلق المبكر بمكارم الاخلاق والقيم الرفيعة ، الأمر الذى لفت اليه أنظار كثير ممن عاش حوله. كلية غردون ودراسة الهندسة ● بعد اتمامه لدراسته الوسطى برفاعة أنتقل الاستاذ محمود الى عاصمة السودان ، الواقع حينها تحت الاستعمار البريطانى ، وذلك لكى يتسنّى له الالتحاق بكلية غُردون التذكارية ، وقد كانت تقبل الصفوة من الطلاب السودانيين الذين أتّموا تعليمهم المتوسط ليدرسوا في القسم الثانوي فأكمله الأستاذ محمود بتفوق ومن ثم دخل قسم الهندسة بكلية غردون في عام 1932 ، ودرس هندسة المساحة . كان تأثيره فى الكلية على محيطه من زملائه الطلبة قويا ، وقد عبر أحد كبار الأدباء السودانيين عن ذلك التأثير بقوله : ((كان الاستاذ محمود كثير التأمل لدرجة تجعلك تثق فى كل كلمة يقولها !)). السكك الحديدية واالتوجه السياسى ● تخرج الاستاذ محمود فى العام 1936م وعمل بعد تخرجه مهندسًا بمصلحة السكك الحديدية ، والتى كانت رئاستها بمدينة عطبرة الواقعة عند ملتقى نهر النيل بنهر عطبرة ، وعندما عمل الاستاذ محمود بمدينة عطبرة أظهر انحيازًا الى الطبقة الكادحة من العمال وصغار الموظفين ، رغم كونه من كبار الموظفين ، كما أثرى الحركة الثقافية والسياسية بالمدينة من خلال نشاط نادى الخريجين ، فضاقت السلطات الاستعمارية بنشاطه ذرعًا ، وأوعزت الى مصلحة السكة حديد بنقله ، فتم نقله الى مدينة كسلا فى شرق السودان فى العام 1941م ، غير أنّ الاستاذ محمود تقدم باستقالته من العمل ، وأختار أن يعمل فى قطاع العمل الحر كمهندس ومقاول ، بعيدا عن العمل تحت امرة السلطة الاستعمارية. ● كان الاستاذ محمود فى تلك الفترة المحتشدة من تأريخ السودان ، وفى شحوب غروب شمس الاستعمار عن أفريقيا ، علما بارزا فى النضال السياسى والثقافى ضد الاستعمار ، من خلال كتاباته فى الصحف ، ومن خلال جهره بالرأى فى منابر الرأى، غير أنّه كان مناضلا من طراز مختلف عن مألوف السياسيين ،حيث كان يمتاز بشجاعة لافتة ، لا تقيدها تحسبات السياسة وتقلباتها ، وقد أدرك الانجليز منذ وقت مبكر ما يمثله هذا النموذج الجديد من خطورة على سلطتهم الاستعمارية ، فظلت عيونهم مفتوحة على مراقبة نشاطه. نشأة الحزب الجمهورى ● فى يوم الجمعة 26 أكتوبر 1945م أنشأ الاستاذ محمود و رفاقه حزبًا سياسيًا أسموه (الحزب الجمهورى) ، اشارة لمطالبتهم بقيام جمهورية سودانية مستقلة عن دولتى الحكم الثنائى ، وقد كان هذا الحزب هو الحزب السياسى الوحيد وقتها فى المطالبة بالحكم الجمهورى ، وفى المطالبة بالاستقلال التام ، فى الوقت الذى كانت فيه الحركة الوطنية السودانية ، بقسميها الذين يقودهما حزبا الاتحادى والامة لا يناديان الا بالاتحاد مع مصر (الاتحاديون) أو بالاستقلال فى تحالف مع التاج البريطانى (الامة). أول سجين سياسى فى الحركة الوطنية! ● نشأ الحزب الجمهورى أول ما نشأ على المصادمة المباشرة للاستعمار ، دون أن ورغم أن الحزب الوليد اتخذ من الاسلام مذهبيةً له ، غير أنه فى تلك الفترة لم يكن يملك من تفاصيل تلك المذهبية ما يمكن أن يقدمه للشعب ، فأنصرف أفراده الى ما أسماه الاستاذ محمود (ملء فراغ الحماس) ، و كان الحزب يطبع المنشورات المناهضة للاستعمار ،فتم اعتقال الاستاذ محمود فى يونيو من عام 1946م وتم تقديمه الى المحاكمة ، حيث خُيّر بين السجن لمدة عام ، أو امضاء تعهد بعدم ممارسة العمل السياسى فأختار السجن دون تردد. كان الاستاذ محمود بذلك أول سجين سياسى فى تأريخ الحركة الوطنية السودانية. ثورة رفاعة ● بعد اطلاق سراح الاستاذ محمود واصل الحزب الجمهورى نضاله ضد الانجليز ، حتى حانت فى سبتمبر 1946م فرصة أخرى لتصعيد المقاومة ، اذ قامت سلطات الاستعمار بتفعيل قانون منع الخفاض الفرعونى والذى كان قد صدر فى ديسمبر من عام 1945م ، حين قامت السلطات فى رفاعة بسجن ام سودانية خفضت بنتها خفاضا فرعونيا ، فنهض الاستاذ محمود الى التصدى لحادثة الاعتقال هذه ، معتبرا أنّ الاستعمار بتفعيله القانون فى مواجهة عادة متأصلة لا يمكن محاربتها بالقوانين ، انما يرمى الى اضفاء الشرعية على حكمه عن طريق اظهار نفسه محاربا لعادات الشعب السيئة من ناحية ، واظهار السودانيين كشعب غير متحضر مستحق للوصاية من ناحية ثانية. ● خطب الاستاذ محمود خطبة قوية فى مسجد رفاعة مستنهضا الشعب للدفاع عن المرأة التى نزعت من بيتها الى ظلمات السجن. فتوحدت المدينة بأكملها خلفه فى ثورةٍ عارمة تصاعدت الى اقتحام السجن ، وأطلاق سراح المرأة ، رغم المواجهة العنيفة التى ووجهت بها من قبل السلطات والتى وصلت لحد أطلاق النار على الشعب تمخضت ثورة رفاعة عن سجن الاستاذ محمود لمدة سنتين ، حيث ُسجن فى سجن ودمدنى لبعض الوقت ، ثم أتم باقى مدة السجن فى سجن كوبر الشهير بمدينة الخرطوم بحرى. الحزب الجمهورى يخرج من جديد ● خرج الاستاذ محمود من اعتكافه فى اكتوبر 1951م ودعا الحزب الجمهورى الى اجتماع عام عقد فى 30 اكتوبر 1951م . فى هذا الاجتماع طرح الاستاذ محمود المذهبية الاسلامية الجديدة ، والتى تقوم على الحرية الفردية المطلقة ، والعدالة الاجتماعية الشاملة ، فى أفكاره التى يرى هو ورفاقه بانها الطريق الأمثل حسب رؤيتهم أصدر أولى كتبه فى عام 1952 بعنوان قل هذا سبيلى ● فى عام 1952م صدر كتاب ((قل هذه سبيلى)) ، وبدأت به حركة واسعة لتأليف الكتب التى تتولى شرح فكرة الدعوة الاسلامية الجديدة وتفصيل مذهبيتها. فصدر كتاب ((أسس دستور السودان)) فى ديسمبر 1955م ليشرح أسس الدستور الذى دعا له الجمهوريون ، *إنقلابيى نظام عبود سعوا لإيقاف نشاطه السياسى ؟ ● لم تتوقف محاولات القوى المختلفة التى استشعرت الخطر من تنامى تأثير الحركة الجمهورية وسط الشعب عن الكيد لها بمختلف السبل ، وقد كان القاسم المشترك بدعاوى قوى الهوس الدينى . وكانت محاولة استغلال السلطة لتصفية الحركة الجمهورية واسكات صوتها ، فسعت لدى قادة انقلاب 1959م لايقاف نشاط الاستاذ محمود ، فكان أن استجابت السلطة بقرار ايقاف الاستاذ عن القاء المحاضرات فى الاندية ، غير أن الحركة استمرت فى شكل ندوات مصغرة تعقد فى المنازل ، ويؤمها جمهور كثير ، حتى الغت السلطة القرار لاحقا ، وعاد الاستاذ محمود الى المحاضرات العامة. محكمة الرّدة : ● بعد ثورة اكتوبر 1964 م وعودة القوى الطائفية الى السلطة ، تجددت محاولات القوى السياسية لمجابهة الحركة الجمهورية ، حيث دبرت محكمة الردة فى نوفمبر 1968م ، والتى حكمت على الاستاذ محمود بالردة بعد محاكمة صورية سريعة استغرقت نصف الساعة ! ، ولم يمثل طه أمامها ، ولم يستأنف حكمها ، لعدم اعترافه بشرعية المحكمة حسب قوله اصطلحوا مع اسرائيل ● دعا الاستاذ محمود محمد طه ، وفى قمة فوران المد القومى العربى الذى قاده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، الى الصلح مع اسرائيل على أساس الاعتراف المتبادل ، وحل قضية فلسطين عبر التفاوض ! ، مذكرا العرب بأن قضيتهم ليست اسرائيل ، وانما هى اقامتهم على قشور من الدين وقشور من حضارة الغرب حسب تعبيره . المصالحة الوطنية وسقوط مايو! ● بدأت سلطة مايو تتجه شيئاً فشيئاً الى أحضان القوى السياسية .. وبعد دخولها فى المصالحة الوطنية فى العام 1977م اجتاحت القوى الطائفية وحركة الاخوان المسلمين عددًا من أجهزة الحكم المايوى ، وقد أيّد الاستاذ محمود المصالحة * جعفر نميرى ينفذ حكم الإعدام على محمود محمد طه ● فى صباح الخامس من يناير 1985م اعتقلت سلطات النظام المايوى الاستاذ محمود محمد طه بعد أن كانت قد اعتقلت عددا من الجمهوريين قبله ● فى يوم الاثنين 7 يناير 1985م قُدّم الاستاذ محمود وأربعة من تلاميذه للمحاكمة أمام محكمة الطوارئ ، برئأسة حسن ابراهيم المهلاوى ، فأعلن الاستاذ محمود محمد طه رفضه التعاون مع المحكمة ، بحجة عدم شرعية ● فى يوم الثلاثاء 8 يناير 1985م أصدرت المحكمة حكمها بالاعدام على الاستاذ محمود وتلاميذه الأربعة ، وصل جدل واسع بين المؤيدين والرافضين ● فى يوم 15 يناير 1985م أصدرت محكمة الاستئناف برئاسة المكاشفى طه الكبّاشى حكمها بتأييد حكم المحكمة ● فى يوم الخميس 17 يناير 1985م صادق الرئيس جعفر نميرى على حكم الاعدام عند الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة الثامن عشر من يناير 1985م ، الموافق للسادس والعشرين من ربيع الآخرة من عام 1405ه ، صعد الاستاذ محمود درجات السلم الى المشنقة تحت سمع وبصر الآلاف من الناس ، وعند ما نزع الغطاء الذى كان يغطى رأسه قبيل التنفيذ، انكشف وجهه ● فى السادس من أبريل 1985م سقطت سلطة مايو أمام الإتفاضة ، وفى 18 نوفمبر 1986م أصدرت المحكمة العليا حكمها بابطال أحكام المحكمة ومحكمة الاستئناف بحق محمود. وقد أعلنت منظمة حقوق الإنسان فيما بعد يوم 18 يناير يوما لحقوق الإنسان العربي .. *أمين بنانى القيادى الإسلامى أعترف القيادى الإسلامى البارز أمين بنانى بان الأستاذ محمود محمد طه قد بادر بخصومة الإسلاميين منهجيا وعقائديا , قائلا لم يكن الخلاف سياسيا , مبينا أن القيادى الجمهورى تصالح مع الرئيس الأسبق جعفر نميرى ثم إنقلب على نظام مايو بعد المصالحة التى تمت بينه وبين الإسلاميين آنذاك عقب صدور قانون سبتمبر 1982م الذى تم بموجبه الإعلان عن تطبيق الشريعة الإسلامية , وأشار إلى أن محمود محمد طه وجه إنتقادا واضحا لفكر الإسلاميين , مبينا أن تلك الفترة شهدت جدلا بينه وبين السلفيين من خلال المناظرات الفقهية . وأعتبر بنانى أن د. حسن الترابى فكره لم يكفر محمود محمد طه فى حديثه حول الردة السياسية , وأكد بنانى أن الحديث حول موقف الإسلاميين السلبى حول إعدام محممود محمد طه خط قاده قيادة اليساريين ,ضد الإسلاميين , من يتحمل هذا الإعدام هو نظام مايو , والحركة الإسلامية لم تدعو لإعدام الآخرين رغم الدعاوى التى أطلقت على د. حسن الترابى والجدل الذى دار حول آرائه مؤخرا . *كمال على عمر أمين الدائرة العدلية فى حزب المؤتمر الشعبى يرى الأستاذ كمال عمر أنه رغم الإختلاف الفكرى بين الإسلاميين ومحمود محمد طه إلا أننا نرفض الطريقة التى تم بها إعدامه , وبعض القوى السياسية حاولت نسب التهم للإسلاميين , وطريقة المحاكمة التى تمت طريقة جائرة تتنافى مع القوانيين الدولية وقوانيين حقوق الإنسان , ولو نظرنا إلى سيرة حبيبنا محمد علية أفضل الصلوات والسلام لوجدنا سماحة المعاملة فففى المدينة كان يوجد بها ما يسمى بحزب الشيطان وحزب الأنصار والمهاجرين الذين خاوا بينهم المصطفى , الذى لم يكن قط حاشا لله قاهرا أو ظالما . ومحاكمة محمود محمد طه تشبه محاكمة عود البندر للأكراد والتى جاءت بقرار من الرئيس العرقى الأسبق صدام حسين , فالمحكمة كانت سياسية والقاضى آنذاك المكاشفى طه الكباشى نفذ مطالب الرئيس جعفر نميرى *د. عبد الرحمن الغالى القيادى بحزب الأمة حزب الأمة رفض قوانين سبتمبر بوضوح , وكان لدينا موقف واضح منذ صدورها , وفى خطاب العيد فى العام 1983م بمسجد ود نوباوى بأمدرمان أكد الحزب بوضوح رفضه للقوانين التى قلنا أنها تحتوى على عيوب تتنافى مع القوانين والتشريعات , و؟إعتبرنا أن تلك القوانين هى محاولة للتخلص من خصوم نظام مايو . ولعل بعد هذا الحديث مباشرة تم إعتقال قيادات حزب الأمة بما فيهم رئيس الحزب السيد الصادق المهدى , محكامة محمود "سياسية " ولم يستبعد عبد الرحمن الغالى وجود أيادى خفيه لعبت دور فى تصفيته . · المفكر الإسلامى : حسن مكى فى حديث سابق للدكتور حسن مكى المفكر الإسلامى راى فى حديث سابق أجريته معه أن موقف الإسلاميين من محاكمته فى ذلك الوقت كان سلبيا باعتبار أن محاكمته سبقها المصالحة مع الإسلاميين ومن ثم إنقلب النميرى عليهم قبيل الإنتفاضة بايام . من المحرر : الشخصيات التى زاملت محمود محد طه ترى أن شخصيته جاذبة ولديها " حس " إقناعى كبير قيل أنه يسلب الإرادة فهل محمود محمد طه كان مثل راسبوتين سيبريا . كما قال عنه سكرتيره الشخصى راشفسكى يسلب الإرادة ويوهم العقول . http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/ar/exec/view.cgi/20/8313
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
الاخ عبدالله :لك السلام.
شكرا على السرد الجميل لمسيرة شهيد الحق و الحرية .ولاكن لم تذكر تنبا الاستاذ بحكم الهوس الدينى للسودان وانهم سيظلمون الناس وسيحيلون نهارهم ليلا وفى النهايه سيتخاصمون ويتحاربون ما بينهم وسيزول هذا الطاغوت وبعدها سينعم السودان بالخير و الرفاهية .
لك منى الود والاحترام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
من جريدة الرأى العام: ==== مقالة الدكتور كمال حنفي بـ «الرأي العام». كتب الدكتور حنفي - وهو من الإسلاميين- عن اغتيال الأستاذ/ محمود محمد طه قائلاً: «... الحركة الاسلامية كانت هي القوة الفكرية الوحيدة التي وقفت معنوياً وسياسياً مع الحكم على محمود مع انها كانت من أوائل المتأذين من المحاكم السياسية في السودان وفي غير السودان... شهادات بعض الشهود التاريخيين أن محمود أعدمه قضاته «العلماء».. معنى ذلك ان محموداً أعدمه «العلماء»، لكن لايحدث ذلك إلا بالمناخ السياسي.. محمود محمد طه أعدمته السياسة مثله مثل سيد قطب وباقر الصدر وعباس برشم وعبد الخالق محجوب. على الحركة الاسلامية وهيئة علماء السودان ألا يشغلا بالهما بالتفكير في إرسال برقية احتجاج لجاك شيراك لأنه «حرّم» غطاء الرأس على المسلمات بفرنسا، ولكن عليهما ارسال برقية احتجاج لضميرهما في الوقوف ضد المحاكم السياسية بالحجج حينما تصادم مزاجاً سياسياً والوقوف المساند لها بتطويع نفس الحجج إذا حدثتهم نفسهم الأمارة بالسياسة! إن مرور تسعة عشر عاماً على إزهاق نفس قالت لا اله إلا الله دون ابداء مشاعر التوبة معناه قتلنا للناس جميعاً.. كي نستوعب صرعى المحاكم السياسية على مدار التاريخ السوداني الحديث معناه أن نتخيلهم جميعاً كانوا من ركاب الخطوط الجوية السياسية وهوت بهم في عباب البحر الأحمر!.. توبوا عن المحاكم السياسية فهي حمَّالة أوجه.. العبارة السابقة لقيناها مسجلة داخل الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية السياسية المحطمة!!»
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
http://www.alhoriyah.com/ray/masareb.htm الإخوان الجمهوريون سؤال عنكم
الاخ الصديق حاج وراق صاحب مسارب الضى
لك دائما تحياتى وحبى وآمل ان تجد مساهمتى هذه طريقا للنشر
فى البدء جزيل شكرى للاستاذة/ ام كلثوم علي، التى أتاحت لى فرصة نادرة حين جعلتنى التقي بصديقنا الاستاذ/ عمر القراي عبر دراسته الجيدة (حقوق المرأة بين المواثيق الدولية والاسلام السياسي)، والتى قام بنشرها، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، وعقب على الدراسة عدد من الباحثين، من مدارس فكرية متنوعة وخلال (رؤى وزوايا متعددة) والدراسة تقع فى مائة واثنى عشرة صفحة من الحجم المتوسط وصاحب البحث الجيد، الاستاذ/عمر القراى، غادر السودان فى مطلع سنوات الإنقاذ، ضمن آلاف المثقفين السودانيين، الذين لاذوا بالغربة الآمنة بعيداً عن الوطن المحفوف بالمخاطر وهو الآن باحث في الفكر الإسلامي - جماعة اوهيو بالولايات المتحدة الأمريكية
وغرض الدراسة كما يقول القراى فى بعض مقدمتها، ان الواجب الذى يواجه المثقفين فى البلاد العربية والاسلامية، هو واجب الاجتهاد فى المفاهيم الدينية، لا بغرض القبول بكل أطروحات الثقافة الغربية بما فيها مبادئ حقوق الانسان وانما بغرض اكتشاف واستنباط المعانى الانسانية الرفيعة فى الثقافة العربية والتراث الاسلامي
قسمت الدراسة آراء المدارس الفكرية والفقهية والجماعات الاسلامية الي اربع مجموعات، جماعة اهل السنة وتحوى اراء الجماعات الاسلامية التقليدية، وجماعة الاخوان المسلمين والتى تمثلها اراء، البنا وسيد قطب وحسن الترابي، ثم جماعة الاصلاح والنهضة، والتى يمثلها الافغانى الطهطاوى ومحمد عبده والشيخ/ الطاهر الحداد بينما تحوى المجموعة الرابعة، افكار الاستاذ الشهيد محمود محمد طه وحركة الاخوان الجمهوريون، تقع الدراسة فى مقدمة وخمسة فصول، يقدم الفصل الأول منها، إيجازا لحقوق المرأة كما ورد فى المواثيق والاتفاقات الدولية، وتختم الدراسة بخلاصة مختصرة، تجيب عن السؤال الذى يمثل الاشكالية الاساسية التى وضعت محل البحث، وهو هل تتفق حقوق المرأة فى الاسلام حسب رؤية المدارس الفقهية المختلفة؟ وإلى أى مدى يمكن ان يعتبر التنوع فى هذه الافكار، لصالح مفاهيم حقوق الإنسان؟
وللحقيقة ان موضوع الدراسة مطروح على بساط البحث، الا ان اهم اغراض هذا المقال ليس عرض الدراسة، بقدر ماهو، تناول موضوع غياب الاخوة الجمهوريين، الذين اثروا الساحة الفكرية والسياسية لسنوات، ويشكل غيابهم - لى شخصيا - غصة فى الحلق، ومرارات لم استطع تجاوزها منذ ذلك الزمان، الطرح الجريئ، السلوك الرفيع، حواراتهم الصبورة الذكية، انشادهم الذى يزلزل الوجدان قصائد عرفانية لعبدالنبى النابلسى والخليفة بابكر عبدالمتعارض وللاخ الجمهورى البيتى، أصوات كرومة واخلاص همد التى تشجى العقل والفؤاد، الحوار الراقى حيث اتفق ركنه وزمانه للشيخ الراحل/ سعيد الشائب والشيخ مجذوب وخالد الحاج وعوض الكريم على موسى والقراى ودالى وهدى هاشم وهاشم فتح الرحمن وخلف الله عبود وزروق والاستاذة فاطمة حسن وبقية عقد الماس الفريد وتلك المعارض بخطوطها وتنسيقها الرائع، تطوف انحاء البلاد، المحاضرات، الندوات، الجلسات السلوكية، اسراب الوفود تجوب انحاء البلاد بملابسهم البيضاء الانيقة، تؤدى واجبها الدّعوى بروحانية وصدق لا حدود له ومن ثم الايدى تلوح مودعة والاصوات تعانق الأفق بعبارات التوحيد «لا اله إلا الله»والله - الله - الله»، الكتب والكراسات بثمن متاح لأوسع قطاعات القراء، مدرسة متفردة فى النظام والسلوك ولكن كل ذلك كان كنجم هائل سطع لسنوات ثم خبأ البيت (أ) والبيت (ب) والبيت (ج) بمدينة الثورة والمهدية حيث مقر الاستاذ الشهيد محمود محمد طه بطلته البهية ووجهه المضئ وابتسامته العريضة بقوله الثابت وفكره الثاقب يقف يودع ابناءه وحواريوه حين ينطلقون فى مهامهم الدعوية (نشوفكم بخير) تلك الرقة وذلك الحنو يا لتلك الايام كيف استطاع الهوس النميرى، ان يطمس كل هذا الجمال وهو الاصل فى حياتنا هو القبح؟ ولماذا يقتل احط هوابيلنا أجمل قوابيلنا ياحواء السودان
ولكن على المستوى النظرى لعل الأمر لم يتجاوز تحليل الاستاذ عادل ابراهيم، عقب الانتفاضة وبعد غياب الاخوة الجمهوريون مباشرة، ان طرح الاخوة الجمهوريون بأن أمر الدين لم يعد مبنيا على جهد العقل وإعمال الذهن بل على تلقى الحق المطلق الذى لا يشوبه - تقصى عقل بشرى، وان أمر الدين قد نضج وتهيأت الانسانية لبلوغ قمة الدين المرتقبة
رأينا كيف ان هذا المستوى من الطرح قد ادخل الفكر الجمهورى فى تحدٍ صعب بعملهم على اطلاقية حقانيتها والزمها الزام صارم بألا تتراجع، وكيف مثل يومها شخص الاستاذ الشهيد، تجسيد صلة الارض بالسماء فى العلاقة الغيبية، التى أثمرت الرسالة الثانية من الاسلام، والتى ما كان لها ان توجد لولا هذه الصلة التى تفك معضلة الإحساس بالحاجة، لتجديد رسالة انقطع عنها الوحى ولعل وضع المتلقي للأخ الجمهورى هو الذى سارع بوضع السقف النهائي للفكرى الجمهورى، ألم يكن قد ساعد في انهياره - وبغياب الاستاذ الشهيد، انهد جوهر التسليم وانبهمت المسالك، وضاع الهدف، وحدث الغياب المؤثر، لأهم حركة تجديد فى واقعنا الاسلامى المعاصر واصبحت فى ذمة التاريخ
هاشم الأديب أحمد/ عطبرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
المصدر: جريدة الحرية فى الخامس والعشرين من نوفمبر 2002
------------------------------------------------------------- الذكرى الثامنة عشرة لاستشهاد الاستاذ محمود
منظمات حقوق الانسان العربية والعالمية تحتفل بيوم الحرية والفكر يوم حقوق الانسان
بقلم: ابراهيم يوسف
القوى السياسية تدين
قوانين سبتمبر ومحاكمها
كان سبب محاكمة الاستاذ محمود واغتياله هو نقده لقوانين سبتمبر في منشوره الشهير «هذا او الطوفان» الذي مما جاء فيه «وجاءت قوانين سبتمبر 1983 فشوهت الاسلام في نظر الاذكياء من شعبنا وفي نظر العالم واساءت الى سمعة البلاد فهذه القوانين مخالفة للشريعة ومخالفة للدين» ومواجهته لمحاكم القصر العشوائية اذ وجهت له تهمة نقد قوانين سبتمبر فواجهها بقوله «انا اعلنت رأيي مرارا في قوانين سبتمبر 1983 من انها مخالفة للشريعة وللاسلام اكثر من ذلك انها شوهت الشريعة وشوهت الاسلام ونفرت عنه يضاف الى ذلك انها وضعت واستغلت لارهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله ثم انها هددت وحدة البلاد هذا من حيث التنظير
اما من حيث التطبيق فان القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا اخلاقيا عن ان يمتنعوا عن ان يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق واذلال الشعب وتشويه الاسلام واهانة الفكر والمفكرين واذلال المعارضين السياسيين ومن اجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع اي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت ان تكون اداة من ادوات اذلال الشعب واهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسيين» انتهى
وحين كان الاستاذ قد اغتيل بسبب نقده لقوانين سبتمبر ومواجهة لقضاتها فان القوى السياسية والاحزاب الدينية الكبيرة بعد الانتفاضة قد جهرت بادانتها لقوانين سبتمبر كما ان القضاء المستقل بعد ان استرد موقعه قد طهر ساحته مما نسب اليه من حكم سياسي وليس قضائيا حسب تعبير المحكمة العليا في القضية الدستورية التي صدر فيها الحكم بتبرئة الاستاذ بتاريخ 18/11/1986م في القضية الدستورية نمرة ع/ق د/ 2/ 1406
ولكل ذلك فان قوى التجمع التي برزت احتجاجا على الحكم الجائر وقادت المعارضة والانتفاضة حتى اجتاح النظام «الطوفان» كانت هي وسائر القوى المستنيرة الحرة تحتفل بالاستاذ محمود كشهيد للفكر وللحرية ولكن لما حلت ببلدنا كارثة الشمولية المتدثرة بالدين اصبح الفكر يتيما في بلدنا الحزين ووئدت الحريات ولم يكن هناك متنفس لمنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني بل ان النقابات اجتاحها الاجماع السكوتي وفي هذه البيئة قد توقف الاحتفال بالاستاذ في السودان ذلك البلد الذي يعزه الاستاذ وقد فداه وقدم له من الفكر الاصيل والمواقف المشرفة ما يشرف السودانيين على اختلاف آرائهم لو كانت نظرتنا قومية تقدر القيمة وتكبر العطاء ولا تصادر الآخر وتئد الاختلاف
وقد كان مسلمو السودان بطبيعتهم الصوفية يعترفون بالآراء ولا يغمطون حق الرأي المخالف ولذلك امكن التعايش السلمي مع الاديان الأخرى، ومع اصحاب كريم المعتقدات فصوفيتنا مثلا كانت تغلب عليها الطريقة القادرية ولكن لما برزت السمانية بنفحة بارزة لم يتحرجوا من الاعتراف بها اعترافا بالعطاء واكبار للقيمة اين كانت ونبذا للتعصب
كان هذا هو شأن مسلمي السودان قبل ان تغزوهم وافدات الهوس الديني والاسلامي السياسي والارهاب
وفي الوقت الذي وقفت فيه الاحتفالات في بلدنا الحزين فان الاخوة العرب عامة والاخوة المصريين خاصة ظلوا يحتفلون بالاستاذ بمواقفه المشرفة فقد قامت في القاهرة ندوة عن «حقوق الانسان في الوطن العربي والتي حضرها لفيف من كبار المفكرين ورجال القانون والسياسة والادب في العالم العربي وقد ذكرت مصادر القاهرة بأن الحشد الذي شهدته الندوة يعد من اكبر التجمعات العربية التي حضرت الى العاصمة المصرية منذ اوائل السبعينات» وقد مثل فيها السودان «ومن اهم التوصيات التي خرجت بها الندوة هي اعتبار يوم استشهاد المفكر محمود محمد طه يوما لحقوق الانسان في الوطن العربي»
كان الاستاذ فتحي رضوان رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان قد قال عن موقف الاستاذ «ويشرف المواطن العربي ان يوجد من بين اخوانه في هذا الوطن من يواجه طغيان الحكام بثبات ورباطة جأش رافضا ان يتعاون مع هذا الطراز من المحاكم والقضاة وان يتمسك برأيه حتى حينما يصل الامر بالتهديد بالموت»
كما ان مركز دراسات حقوق الانسان بالقاهرة كان يحتفل بالاستاذ ويعرض شريط حديث الاستاذ في المحكمة ويقدم احد المحامين السودانيين ليشرح خلفيات المحاكمة مثل الاستاذ طه ابراهيم وكذلك مركز الدراسات القانونية لحقوق الانسان والاستاذة الفضلى عطيات الابنودي لما شاهدت شريط المحاكمة وهي المخرجة السينمائية البارزة قد اخرجت فيلما تسجيليا عن المحاكمة بعنوان «القتلة يحاكمون الشهيد»
كما قالت في مجلة القاهرة «هانذا مواطنة مصرية اعمل كمخرجة سينمائية احس بعد كل هذه السنوات بأن الاستاذ محمود محمد طه وافكاره اصبحا ملكا لنا وليس للسودايين فقط او لما كان يسمى بحركة «الاخوان الجمهوريون» لقد اصبح ملكا لكل من انتمى الى الثقافة العربية الاسلامية ملكا للمسلمين وغير المسلمين في اوطاننا المتحدثة باللغة العربية ثم هو اولا واخيرا ملكا للتجربة الانسانية جمعاء» كما انها نشرت كل حيثيات المحاكمة بمجلة القاهرة ـ مجلة الفكر والفن المعاصر ـ وقد قدمت المجلة الحيثيات بكلمة التحرير التي جاء فيها الحديث عن توافق «الامام» نميري والجبهة الاسلامية القومية وعرابها د الترابي «فكانت النتيجة قتل الرأي المسالم والفكر المستنير في حادثة تحمل العبر لا للسودان الشقيق وحده بل لكل بلاد العرب التي يراد لها ان تبقى في غياهب الظلام وعصور الجهل والقتل وكبت حرية الرأي والتعبير الذي هو حق طبيعي لكل انسان على هذه الارض التي ارتوت بدماء محمود محمد طه الزكية وهو يكتب صفحات من النور في طريق حرية الفكر والاستنارة» القاهرة يناير 1994م
ولم تخرج السودانيين عن وصمة الصمت عن الاحتفال وقيمه وعبره ومواقفه في ظل الشمولية الا مجموعة «حق» التي بادرت واقدمت فاخترقت المحاذير والمعوقات فاحتفلت بالاستاذ يناير عام 2001م وقد جاء في كلمة امينها العام الحاج وراق عن الاستاذ انه قد «كان مثالا للسلام والرحمة والرحمة بالاحياء والاشياء ما امتشق سلاحا ابدا سوى سلاح الفكر فجاء اغتياله نموذجا صافيا من غير لبس او تشويه لاغتيال حرية الفكر والضمير» كما جاء فيها ان «ابتسامة الشهيد الاستاذ محمود محمد طه ستظل عنوانا لنهضة حرية التفكير في مواجهة ايدلوجيا التكفير» «واننا لنرجو في هذا اليوم يوم ذكرى اغتيال الاستاذ محمود ان تتوحد وتتحرك مؤسسات المجتمع المدني كما توحدت وتحركت عقب اغتياله للضغط لالغاء القوانين المقيدة للحريات»
وكان الاحتفال تجربة ناجحة ومشجعة دلت على ما يختزنه الشعب السوداني من اكبار للاستاذ بل حزن على التفريط في نصرته مما يجعل الاحتفال السنوي هو اقل ما يجب في حق الرجل والمباديء وحق انفسنا علينا كمواطنين في عالم الالفية الثالثة
ولذلك كان احتفال يناير 2002م على قصر وقت التحضير احتفالا ناجحا اقامته المجموعة السودانية لحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني: مركز عبد المجيد امام ـ مركز التنمية البشرية «الفنار» جمعية التنوير الثقافية ـ مركز الدراسات السودانية ـ نشطاء حقوق الانسان كما شاركت في النشر والاحتفال كل الصحف السودانية الحرة وكان مخططا ليوم الاحتفال الختامي الذي تبناه الطلبة بمسرح نشاطهم بجامعة النيلين ان يكون احتفالا رمزيا بعد ان اوفت الصحف كل الجوانب والتفاصيل وان يكون قوميا انتظمت للمشاركة فيه جل الوان الطيف والشخصيات الوطنية والشخصيات الصحفية والفكرية والمهتمون بالعمل العام ومآلات الحرية
وكان الاحتفال حول مبدأ الحرية والفكر حول مبدأ الاستاذ محمود «الحرية لنا ولسوانا» اذ ان تقديس الاستاذ للحرية وتجسيدها في حياته بمثابرته الصميمة الخالية من العنف ونصرته للمستضعفين وللمباديء كان «نموذجا صافيا» يحرك حماية الحرية وقداستها في صدر كل حر ولكن في الوقت الذي كانت تقام فيه الاحتفالات في مختلف اصقاع العالم وحتى البعيدة مثل امريكا وبريطانيا فإن حكومة الانقاذ غلبت طبيعتها على تطبعها الذي كانت تمليه الضغوط والمراقبة الخارجية ومراجعة سجلها في حقوق الانسان فاذا بمحسوبيها في نقابة المحامين وفي جامعة النيلين يفضحونها ويحرجونها فيعترضون على اقامة الاحتفال بذرائع مضحكة مبكية مما عرض مواقفهم لسخرية الصحف وكذلك امن النظام ووزيره الديني
وقد صاح الاخ الاستاذ محمد طه محمد احمد منبها قومه لو كانوا «يسمعون الصايح» صاح فيهم ليتذكروا دستورهم وليتذكروا ما عليه العالم بعد حرب الارهاب وموقفه من مصادرة الحرية وحق التعبير فقال «ثم لماذا تتراجع السلطة لارضاء شرائح صغيرة تتحرك بعواطفها فقط كشأن بعض الجماعات الدينية التي تتناسى ان في البلاد دستورا يجب ان يحترم وان السودان ليس معزولا عن العالم وليس مستعدا لتلقي الضربات التي تلقاها الملا عمر في افغانستان من الداخل والخارج ان العالم يتغير وكما قال الرئيس البشير في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس اليوغندي موسيفني قال الرئيس البشير «نحن نعي جيدا المتغيرات في العالم بعد احداث سبتمبر»
ورغم العوائق الرسمية فان دفقت روح الحرية وروح الاستاذ قد وفقت طلبة المؤتمر الوطني نفسه بجامعة النيلين نفسها ليقيموا ندوة عن فكر الاستاذ وكان من المتحدثين الاستاذ محمد طه محمد احمد الذي نبه في نفس الندوة لحالة الهدوء وحالة الامن التي كانت سائدة وقد قامت الندوة التي تحدث فيها جمهوري ايضا في نفس الساحة التي كانوا يزعمون ان الاحتفال بها سيخل بالامن فكانت الندوة برهانا على ان الفكر والحوار لا يهددان الامن الا في ذهن من يسقط تعصبه هو على الآخرين من المتعصبين والمهووسين او من ترعبهم الحرية
واحتفال السنة الماضية على ضيق فترة تحضيره قد كان نموذجا ناجحا ومشجعا مما يجعل فرصة احتفال يناير 2003م اكبر واوسع وقد كان هذا طموح اللجنة منذ العام الماضي اذ يمكن ان ترعى الاحتفال المنظمات العربية خاصة ومركز دراسات حقوق الانسان بالقاهرة لم يكتف بالاحتفال بل اقام مؤتمرا لمنظمات حقوق الانسان العربية وكان موضوع المؤتمر ما هو السبب في صفوية حقوق الانسان في المنظمات العربية وقد انتهت المناقشة الى ان السبب هو ان الفهم التقليدي للدين هو فهم ضد حقوق الانسان ولذلك كانت حقوق الانسان صفوية وليست شعبية وانتهى الامر بالمؤتمر الى التوصية بدراسة اي محاولة تجديد وحمايتها بل رشح رئيس المركز للمؤتمرين كتاب الرسالة الثانية للاستاذ كما نشر المركز عددا من مجلة رواق عربي نشر فيها ثلاثة مواضيع عن فكر الاستاذ وذكر في مقدمته انهم اعطوا هذه المساحة لفكر الاستاذ لانه فكر تجديدي لم يجد الحماية والنشر
كما ان المنظمات العالمية لحقوق الانسان والعالم كله بعد احداث سبتمبر اصبح يبحث عن وجه الاسلام «السلمي» «التقدمي» مما يظهر ان فكر الاستاذ محمود كان دفاعا مسبقا عن الاسلام بابرازه لوجه الاسلام السلمي في فكره وتجسيده للسلام مع الاحياء والاشياء في حياته وبمناهضته للهوس والجمود مما يجعل الاستاذ مفخرة للسودانيين على اختلاف آرائهم بما قدم من فكر سوداني اصيل وانساني رفيع
والمحتفلون بالاستاذ وبمبدئه «الحرية لنا ولسوانا» يستظلون بالآية الكريمة «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وبعد ان شوه الهوس الاسلام عالميا فما هو موقع المنسوبين للاسلام الذين يحفلون بحكم محاكم الردة؟
واخيرا فان الشعب السوداني شعب شجاع يعشق الشجاعة والصدق وقد جسد الاستاذ الشجاعة في قمة اسطورية مما خلق تلاحما وجدانيا بين الاستاذ والشعب به تمكن الشعب من اكتشاف زيف المحاكمة مهما تسترت بالدين ولذلك ظل الشعب السوداني ليلة التنفيذ في السودان وفي المهاجر ظل ساهرا مع الاستاذ وفى ضحى التنفيذ عندما حضروا لاخذ الاستاذ لمنصة المشنقة التي حولها الاستاذ الى منبر يعلن فيه كتابه الاخير «تعلموا كيف تموتون» فعندما ارادوا ربط يديه قال لهم دعوا يدي لاحيي بهما الشعب فقالوا اوامر!!
وكما قال الشاعر عن وصية الاستاذ الاخيرة
على منصة الاعدام يكتب الوصية
وصية للاحرار ان يسهروا على الحرية
وان يكون الدين دربهم الى الحرية
وان يكون الخبز زادهم الى الحرية
ون يكون وقتهم وقوتهم حرية
فمن لم يمت على مصارع الحرية
عيشته دنية ميتته دنية
وصية موثقة منسوجة صدقا وحقا من حبال المشنقة
ويسألونه قبل الصعود للمنصة هل تريد ان تقابل القاضي فيجيبهم وهل هناك قاض؟
وهناك ابيات ابي تمام التي نشرها الدكتور منصور خالد ايام التنفيذ ومنها:
وقد كان فوت الموت سهلا فرده اليه الحفاظ المر والخلق الوعر
فاثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من دون اخمصك الحشر
غدا غدوة والحمد نسج ردائه فلم ينصرف الا واكفانه الاجر
تردى ثياب الموت حمر فما دجا لها الليل الا وهي سندس خضر
مضى طاهر الاثواب لم تبق روضة غداة ثوى الا اشتهت انها قبر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
ٌفخور بأن اكون من المحتفلين بذكري شهيد الحرية الاستذ محمود بمدينة ايوا
كيف لا وقد عاشرتهم كجيران واصدقاء ردحا من الزمن فوجدتهم من النقاء والطهر بمكان سلوكا وليس جعجعة ولان كان مثل هذا السلوك الانساني القويم ياتي ممن يصفهم المكابرين بالكفر فما اجمل الكفر ولكنني متاكد بان هؤلاء هم خلاصة مايبتغيه الاسلام بالسلوك والفعل وليس الجعجعة وفقه الضرورة وان كان الاسلام هو ما يترجمه لصوص العصر الذي يسرقون الشعوب به فعلي الاسلام السلام ولكننا جميعا نعلم انه دين الحق ودين السلام والعدل والسلوك القويم والحمد لله قمت بالتوزيع الموسيقي للانشاد الجمهوري الذي سوف يؤدي في امسية الثامن عشر من يناير بواسطة المنشدين الجمهوريين كما سأقوم بأداء انشودتي دعوه للثورة و التي لحنتها ليلة تنفيذ الحكم الجائر علي الاستاذ محمود وهي من شعر الرائع الكتيابي وقد تحققت امنيتي بفضل الموقف التاريخي العظيم للاستاذ محمود والذي اختير يوم تنفيذ الحكم فيه كيوم لحقوق الانسان العربي نحن فخورين بذلك
يوسف الموصلي [/align:f63bad4a42]
http://www.sudanaforum.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&...ard=2&msg=1042500754
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
هذا المقال أرسل إلى جريدة الحرية لينشر في الذكرى ال18 لإستشهاد الأستاذ محمود محمد طه العناوين الرئيسية : ـ • حيثيات حكم المحكمة العليا الصادر عام 1986 في قضية الأستاذ محمود محمد طه !! • حكم المحكمة العليا أبطل حكم الإعدام المهزلة وأبرأ ساحة القضاء السوداني من عاره !! • بهذا الحكم إستعاد القضاء كرامته وأثبت للمواطنين حقهم الدستوري في حرية الفكر وحرية الإعتقاد !! • حكم الإعدام المهزلة كان تآمراً سياسياً يستهدف فكر الأستاذ محمود !! أولاً : مقدمة تاريخية :ـ لقد كان من يسمون أنفسهم بالإسلاميين ، بزعامة د. حسن الترابي ـ كما هو معلوم تاريخياً ـ يشاركون النظام المايوي المباد في السلطة ، في أواخر عهده ، حيث أصدر ، بإيعاز منهم ، قوانين سبتمبر التي كانت ، بكل المقاييس ، مخالفة للدستور ، وللأعراف الدستورية ، والقانونية ، شكلاً ومضموناً ، ومشوهة للإسلام ، ولقد نسبها هولاء ( الإسلاميون ) إلى الشريعة الإسلامية ، وأخرجوا بمعاونة النظام المباد مسيرة في تأييدها ، أسموها المسيرة المليونية .. ولقد أنشأ النظام المايوي المباد ، تحت مظلة تلك القوانين ، محاكم غير مؤهلة أسماها محاكم العدالة الناجزة ، وعين قضاتها بقرارات جمهورية من بين ( الإسلاميين ) أنفسهم .. ولقد كان هولاء القضاة ، كما وصفهم الأستاذ محمود ، غير مؤهلين فنياً وضعاف أخلاقياً .. ولقد إنصبّ جور تلك القوانين ، وطيش تلك المحاكم ، على المستضعفين من أبناء الشعب السوداني ، حيث أوسعتهم تقطيعاً وتنكيلاً وتشهيراً .. ولقد كانت شيمة الدفاع عن المستضعفين ، فضلاً عن الدفاع عن الإسلام ، من أبرز شيم الأستاذ محمود ، فأصدر منشوره الشهير ( هذا أو الطوفان ) مطالباً فيه بإلغاء قوانين سبتمبر ، وإيقاف نزيف الدم في الجنوب ، وإتاحة المنابر الحرة للحوار .. ولقد كان الأستاذ محمود مفكراً إسلامياً فريداً ، صاحب فكر مستنير ، نجح في إبراز وجه الإسلام المشرق ، كما نجح في التوفيق بين الإسلام ومقتضيات العصر ، في وقتٍ أحوج ما يكون المسلمون فيه إلى هذا التوفيق ، وذاك الإشراق .. ولكنّ هذا الفكر المستنير قد كان بمثابة النور الذي تخشاه الخفافيش التي لا تعيش إلاّ في الظلام .. ولقد كانت هذه القــوى الظلامية ، في سعيها للوصول للسلطة ، أو بهدف البقاء في السلطة ، تستغل العاطفة الدينية ، وتمارس التضليل الديني ، وتعمل على تكريس الفهم السلفي للإسلام ، وتنادي بتطبيق الشريعة وفقاً لهذا الفهم السلفي ، وتستمد من كل ذلك مشروعية سعيها للسلطة أو بقائها فيها ، ولذلك كان في إنتشار الفكر التجديدي المستنير ما يهدد هذه القوى الظلامية بسحب البساط من تحت أرجلها .. وعندما عارض الأستاذ محمود قوانين سبتمبر ، ظنت هذه القوى الظلامية أنّ في ذلك فرصة تاريخية لها لمصادرة فكره ، وحجبه عن الناس ، عن طريق محاكمته أمام محاكم ( العدالة الناجزة ) للحكم عليه بالردة عن الإسلام ، وحظر نشاط تنظيمه ، ومصادرة كتبه ، ومنعها من التداول بين الناس .. ومن هنا بدأ التآمر السياسي يحيك خيوطه مستهدفاً فكر الأستاذ محمود .. وهكذا قدم للمحاكمة ، مع أربعة من تلاميذه ، أمام محكمة جنايات أم درمان التي كانت واحدة من محاكم ( العدالة الناجزة ) في ذلك الوقت .. وقد كانت التهمة الموجهة للمتهمين أمام هذه المحكمة ، هي المادة (96) من قانون العقوبات آنذاك ( إثارة الكراهية ضد الدولة ) ولم تكن توجد بالقانون تهمة تسمى الردة .. وقد أدانتهم هذه المحكمة تحت المادة المذكورة ( إثارة الكراهية ضد الدولة ) وحكمت عليهم بالإعدام ، ثم أضافت إلى الحكم ما أسمته بإعطائهم حق التوبة إلى ما قبل تنفيذ الحكم ، مما لم يكن له أي سند في القانون ، ثم رفع الحكم تلقائياً إلى محكمة إستئناف ( العدالة الناجزة ) التي أضافت ما أسمته بتهمة الردة ، رغم عدم وجود مثل هذه التهمة في القانون آنذاك ، وأيدت الحكم بالإعدام ، وأضافت إليه أحكاماً إختلقتها ، لا سند لها في أي قانون أو عرف ، مثل مصادرة كتبه ، وعدم الصلاة على جثمانه ، وعدم دفنه في مقابر المسلمين ، إلى آخر هذه الغرائب اللاإنسانية .. وأيضاً سعت محكمة الإستئناف المذكورة إلى محاولة تشويه فكر الأستاذ من خلال حيثيات حكمها المذكور ، والتي أذيعت على الناس من خلال أجهزة الإعلام ، وقد كانت هذه الحيثيات ظاهرة التحامل والتآمر ، وتفتقر إلى أبسط مقومات العمل القضائي ، كما سنرى ، ثم رفع الحكم مباشرة إلى رئيس الجمهورية الأسبق المخلوع ، دون أن يمر على المحكمة العليا ( لأنها كانت خارج نطاق محاكم العدالة الناجزة ) فقام الرئيس المخلوع بتأييد الإدانة بالردة ، والعقوبة بالإعدام ، وما أضيف إليها من عقوبات مما سلف ذكره ، في بيان سياسي ركيك ومتحامل ، بثّ أيضاً من خلال الإذاعة والتلفزيون .. وبعد ذلك ، وبتاريخ 18 يناير 1985 ، تم تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود وحده ، بينما ألغي في حق تلاميذه الأربعة ، من خلال إجراءات مستحدثة ، لا علاقة لها بالقانون ، سميت بالإستتابة .. وعقب إنتفاضة أبريل ، وإبان الحكم الإنتقالي ، حيث ألغيت تلك المحاكم المشئومة ( محاكم العدالة الناجزة ) تقدمت إبنة الأستاذ الشهيد ، وأحد تلاميذه ، بعريضـة إلى المحكـمة العليا ، في دعوى حماية حق دستوري ، مطالبان بإبطال حكم الإعدام ، وكافة الأحكام اللاإنسانية التي أضيفت إليه ، وإزالة ما ترتب على ذلك من أوضاع ، وتبرئة ساحة القضاء السوداني من ذلك العمل السياسي الإجرامي المشين . ثانيا: حيثيات حكم المحكمة العليا :ـ وفيما يلي نورد نص حيثيات حكم المحكمة العليا ، في هذه الدعوى ، حيث نتخطى سرد الوقائع ومناقشة الشكليات ، وندخل مباشرة في مناقشتها للموضوع ، حيث يجري السياق هكذا : ( على أنّ محكمة الإستئناف ، وفيما نوهنا به ، إشتطت في ممارسة سلطتها على نحوٍ كان يستحيل معه الوصول إلى حكم عادل تسنده الوقائع الثابتة وفقاً لمقتضيات القانون .. ويبين ذلك جلياً مما استهلت به المحكمة حكمها حين قالت : (( ثبت لدى محكمة الموضوع من أقوال المتهمين ومن المستند المعروض أمامها وهو عبارة عن منشور صادر من الأخوان الجمهوريين أن المتهمين يدعون فهماً جديداً للإسلام غير الذي عليه المسلمون اليوم .. إلخ )) . وبمراجعة المستند المشار إليه وأقوال المتهمين التي أدلوا بها أمام المحكمة الجنائية لا نجد سنداً لهذه النتيجة الخطيرة التي نفذت إليها محكمة الإستئناف مما يكشف عن حقيقة واضحة هي أنّ المحكمة قد قررت منذ البداية أن تتصدى بحكمها لفكر المتهمين وليس لما طرح أمامها من إجراءات قامت على مواد محددة في قانون العقوبات وأمن الدولة وأدى إلى تحريكها صدور منشور محرر في عبارات واضحة لا تقبل كثيراً من التأويل .. وسرعان ما انكشف أمر المحكمة حين وقعت عينها على ما ورد في حكم المحكمة الجنائية من إشارة إلى (التوبة) فاعتبرت ذلك إشكالاً لابد لها من أن توجد له حلاً (( لأن التوبة ليس منصوصاً عليها في العقوبة المذكورة ـ تعني عقوبة الإعدام ـ ولعل محكمة الموضوع جعلتها من قبيل المسكوت عنه الذي يجوز الحكم به وفق المادة (3) من قانون أصول الأحكام ، لما لاحظت في المنشورات ( هكذا بالجمع ) موضوع البلاغ من العبارات الموجبة للردة فحكمت عليهم بالعقوبة الشاملة لحد الردة مع إعطائهم فرصة التوبة والرجوع للسراط المستقيم )) .. واستطردت المحكمة بقولها : (( ولكي نقوم هذا القرار التقويم الصحيح لابد من الإجابة على سؤالين : الأول هل الردة معاقب عليها في القانون ؟؟ .. والثاني هل كان فعل محمود ومن معه يشكل ردة وخروجاً على الدين ؟؟ )) .. وفي الإجابة على السؤال الأول خلصت المحكمة إلى أن المادة (3) من قانون أصول الأحكام (( تعطي حق الحكم في الأمور المسكوت عنها )) وأن الردة جريمة ثابتة بالكتاب والسنة والإجتهاد ، وأن المادة (458/3) من قانون العقوبات تبيح توقيع العقوبة الشرعية ، ولما كانت الردة حـدا شرعياً فإنه يلـزم توقيع عقوبتها .. أما بالنسبة للسؤال الثاني ، فقد استهلـت المحكمـة الإجابـة عليه بقرار جازم بأن (( المحكوم عليه محمود محمد طه (هكذا وحده) مرتد بأقواله وأفعاله في يومية التحري التي أقر بها أمام المحكمة وأقواله المدونة المعروفة لدى الناس عامة وأفعاله الكفرية الظاهرة فهو تارك للصلاة لا يركع ولا يسجد .. إلخ )) .. ثم إستشهدت المحكمة بحكم محكمة الإستئناف الشرعية بالخرطوم الذي صدر في عام 1968 بإعلان ردة محمود محمد طه ، واستعرضت بعضاً مما جاء في كتب صدرت عن الجمهوريين ، وما صدر عن المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي من تأييد لحكم عام 1968 ، وما صدر عن مجمع البحوث الإسلامية بجمهورية مصر العربية من وصف لفكر محمود محمد طه (( بالفكر الملحد )) وخلصت محكمة الإستئناف الجنائية من كل ذلك إلى أنه (( مما تقدم يتضح أنّ محمود محمد طه مرتد عن الدين ليس فقط ردة فكرية وإنما هو مرتد بالقول والفعل داعية إلى الكفر معارض لتحكيم كتاب الله ... إلخ )) .. ولعلنا لا نكون في حاجة إلى الإستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم ، فقد تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروثاً ومتعارفاً عليه ، أو ما حرصت قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة ، أو إنطوى عليه دستور 1973 الملغي رغم ما يحيط به من جدل .. ففي المقام الأول أخطأت محكمة الإستئناف فيما ذهبت إليه من أنّ المادة (3) من قانون أصول الأحكام لسنة1983 كانت تبيح لها ـ أو لأي محكمة أخرى ـ توجيه تهمة الردة ، وإن كان ثمة ما يفرق في هذا بين محكمة الإستئناف وأية محكمة أخرى ، فإن ذلك هو أنّ محكمة الإستئناف كانت مقيدة كسلطة تأييد بقيود إضافية أخرى على ما سنتناوله من تفصيل فيما بعد ، على أننا نرى حاجة ملحة في هذه المرحلة إلى بيان وجه الخطأ في التأويل الذي أوردته محكمة الإستئناف بشأن المادة (3) المشار إليها ، نظراً لما يبدو لنا من أن هذا المفهوم الخاطيء ليس قصراً على تلك المحكمة ، ونظراً للخطورة البينة في كل ذلك .. ورغم أن المادة (3) ـ على أي معنى أخذت ـ لم تعد تسري على المسائل الجنائية ( أنظر التعديل الصادر فيها بتاريخ 24/4/1986 ) إلاّ أنّ الحاجة إلى تحديد إطارها ما زالت قائمة ، لا بشأن آثارها محل النظر أمامنا فحسب ، وإنما لأغراض الفقه والسياسات التشريعية في المستقبل .. إنّ المادة (3) من قانون أصول الأحكام كانت تقرأ كما يلي : ( على الرغم مما قد يرد في أي قانون آخر ، وفي حالة غياب نص يحكم الواقعة .. إلخ ) ومؤدى ذلك أنّ سكوت القانون عن مسألة ثابتة شرعاً لا يحول دون تطبيق المبدأ الشرعي ، ولا خلاف بعد هذا على أنّ في الإسلام جريمة تسمى الردة وعلى أنّ قانون العقوبات ، وهو القانون الجنائي الشامل ، لم ينص صراحة على الردة كجريمة ، فهل في ذلك ما كان يبيح للمحكمة توجيـه تهمة الردة ؟؟ .. إنّ الإجابة التي أوردتها محكمة الإستئناف لهذا السؤال ، وإن لم تكن محمولة على أسباب ، تكشف عن فهم قاصر للمادة (3) هو أنّ مجرد السكوت عن مسألة ما يكفي لإطلاق يد المحكمة في تطبيق ما عنّ لها من قواعد تعتقد في ثبوتها شرعاً ، ولم تفطن المحكمة إلى أنّ سكوت القانون ، عن مسألة ما ، قد يقترن بمعالجة للمسألة ذاتها في صيغة أخرى لا تجعل شرط السكوت متحققاً في واقع الأمر ، فالجريمة المسكوت عنها في قانون العقوبات فيما قالته محكمة الإستئناف ، غير مسكوت عنها في المادة (70) من الدستور الملغي إذ أنّ تلك المادة كانت تقرأ كما يلي : ( لا يعاقب شخص على جريمة ما إذا لم يكن هناك قانون يعاقب عليها قبل إرتكاب تلك الجريمة ) .. ومؤدى ذلك أنه ما لم يكن هناك قانون يجرم الفعل وقت إرتكابه فإنه لا مجال لإعتبار الفعل جريمة ، والقانون هنا هو التشريع ، رئيسياً كان أو فرعياً .. إننا نرى بداية أنّ ما نصت عليه المادة (3) لم يكن من شأنه إضفاء سلطة ترقى في طبيعتها إلى سلطة التشريع لا تختص بها المحاكم أصلاً .. ونرى أيضاً أنّ المادة (70) من الدستور حين أحالت أمر النص على الجريمة إلى القانون إنما هدفت أن تكون السلطة في يد المشرع دون غيره يمارسها بوضع نصوص صريحة ولا يمكن بأي حال تفسير المادة (70) على وجه يجعل الإشارة إلى عبارة القانون إشارة إلى جهة لا صفة لها في التشريع ، سواء كانت هي المحاكم أو خلاف ذلك ، وذلك لأن إحالة الأمر للقانون لم تكن دون حكمة ، إذ أن التشريع بطبيعته يتميز بالعلانية والمستقبلية والخلو من المفاجآت ، وفي هذا ما يضمن تحقيق الهدف من المادة (70) وهو عدم رجعية القوانين الجزائية ، أما وضع سلطة تقرير الجريمة في يد القاضي فإنّ من شأنه أن يهدر ذلك الحق نظراً إلى ما قد يحمله قرار القاضي من مفاجآت ، بسبب أنّ تلك القرارات ترد بطبيعتها على مسائل وقعت قبل ذلك القرار ، وحيث أنه لا ينبغي تفسير القانون بما يتعارض مع الحقوق الدستورية فإنّ القانون الذي كان ينبغي أن يحدد الجرائم طبقاً للمادة (70) من دستور سنة 1973 الملغي هو التشريع ـ راجع في هذا التعريف عبارة ( قانون ) في قانون تفسير القوانين والنصوص العامة ـ فإذا خلا القانون العقابي الشامل ، فيما رأيناه ، عن أي نص صريح على جريمة الردة ، فهل كان من شأن نص المادة (3) من قانون أصول الأحكام ما يجعل تلك الجريمة منصوصاً عليها بطريقة أو بأخرى ؟؟ .. إن مما لا جدال عليه أنّ قانون أصول الأحكام لا يشتمل هو الآخر على نص صريح على جريمة اسمها الردة ، أو حتى أية جريمة أخرى ، إذ أنّ ذلك القانون ليس قانوناً عقابياً من حيث المبدأ ، إلاّ أنّ ما أدى إلى هذا الخلط هو أنّ المادة (3) من ذلك القانون أضفت على المحكمة سلطة غير مألوفة في استحداث المباديء غير المنصوص عليها ، ويبدو أنه ما من أحـدٍ وقـف يتأمل فيما إذا كان في ذلك ما يضفي على المحاكم سلطة تشريعية فيما يتعلق بإستحداث جرائم خلافاً للمبدأ المقرر فقهاً ونصاً من عدم رجعية القوانين العقابية ، وما إذا كانت السلطة الممنوحة للقضاة على الوجه الذي نصت عليه المادة (3) مما يمكن أن يغني عن النص الصريح أو يقوم مقامه بما يجعلها متسقة مع نص المادة (70) من الدستور ؟ الصريح الصادر من جهة تشريعية مختصة دون غيره وما كان ليغني عنه نص مبهم في قانون صدر متزامناً مع قانون عقوبات شامل لم يترك شاردة ولا واردة ومع ذلك لم يجرؤ على النص على جريمة خطيرة كجريمة الردة كانت هي الأولى بالنص الصريح فيما لو كان المشرع راغباً حقاً في ذلك ، جاداً في توجهه ونهجه وواعياً بمنهجه .. إنّ ما تقدم يحكم تطبيق المادة (3) من قانون أصول الأحكام عموماً ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية ، غير أنّ تطبيق هذه المادة في مرحلة التأييد بإضافة تهمة جديدة لم يتم توجيهها في مرحلة المحاكمة يضيف عيباً جديداً هو أنّ إشتطاط المحكمة لا يكون قد وقف عند حد إغفال التقاليد القضائية التي سادت هذه البلاد عبر السنين الطويلة فحسب ، وإنما أيضاً يكون قد إمتد إلى مخالفة النصوص الصريحة لقانون الإجراءات الجنائية الذي يحكم إجراءات التأييد ، إذ لا سند في المادة (238) من ذلك القانون والتي تحدد سلطات جهة التأييد لما اتخذته محكمة الإستئناف من إجراء .. على أنّ محكمة الإستئناف لم تكن عابئة فيما يبدو بدستور أو قانون إذ أنها جعلت من إجراءات التأييد ، التي ظلت تمارسها المحاكم المختصة في سماحة وأناة وبغرض مراجعة الأحكام مراجعة دقيقة وشاملة ، محاكمة جديدة قامت فيها المحكمة بدور الخصم والحكم مما حجبها عن واجبها ، حتى بفرض صحة توجيه تهمة جديدة في هذه المرحلة ، في أن تعيد الإجراءات مرة أخرى لمحكمة أول درجة لإعادة المحاكمة بموجب التهمة الجديدة وذلك فيما تقضي به المادة (238/هـ) من القانون أو أن تتجه إلى سماع المحكوم عليهم بنفسها وفاء بواجبها في ذلك بموجب المادة (242) من القانون ذاته ، التي ، وإن كانت ترد في صيغة سلطة تقديرية ، إلاّ أنها تأخذ شكل الإلزام عندما يكون السماع ضروياً ، ولا نرى ضرورة توجب السماع أكثر من أن يكون الحكم الذي تقرر المحكمة إصداره بالردة عقوبتها الإعدام .. ومهما كان من أمر النصوص القانونية فإنّ سماع المتهم قبل إدانته مبدأ أزلي لم يعد في حاجة إلى نص صريح بل تأخذ به كافة المجتمعات الإنسانية على إختلاف عناصرها وأديانها باعتباره قاعدة مقدسة من قواعد العدالة الطبيعية .. وقد كان منهج محكمة الإستئناف أكثر غرابة حين استندت في حكمها على مسائل ليس من شأنها أن تقوم مقام الأدلة التي يجوز قبولها قانوناً ، ومن ذلك ما أشارت إليه تلك المحكمة من الأقوال (( المعروفة للناس عامة )) والأفعال (( الكفرية الظاهرة )) في ترك الصلاة وعدم الركوع والسجود ، وما إلى ذلك مما لا يتعدى في أحسن حالاته الأقوال النقلية والعلم الشخصي وليس في أي منهما ما يرقى إلى الدليل المقبول شرعاً ـ راجع المادتين (16) و (35) من قانون الإثيات لسنة 1983 .. ولم تكتف المحكمة في مغالاتها بهذا القدر وإنما تعدته إلى الإستدلال بقرارات وآراء جهات لا سند في القانون للحجية التي أضفتها المحكمة على إصداراتها .. أما حكم محكمة الإستئناف الشرعية العليا الذي عولت محكمة الإستئناف الجنائية عليه كثيراً ، فإنما يستوقفنا فيه أنه حكم وطني يلزم استبيان حجيته نظراً إلى ما يمكن أن تثيره طبيعته الوطنية من تساؤل حول تلك الحجية ، والحكم المشار عليه صدر في 18/11/1968 في القضية رقم 1035/68 حيث قضت محكمة الإستئناف الشرعيى العليا بالخرطوم بإعلان محمود محمد طه مرتداً .. وأول ما تجدر ملاحظته في شأن ذلك الحكم أنه صدر حسبة كما وقع غيابياً ، والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كان في ذلك الحكم ما يقوم مقام الحكم الجنائي بالردة ؟؟ .. في تقديرنا أنّ الإجابة القطعية أن ذلك الحكم لا يستحق هذه الصفة وذلك لأنّ المحاكم الشرعية ، ومن بينها محكمة الإستئناف الشرعية العليا في ذلك الوقت ، لم تكن تختص بإصدار أحكام جنائية ، بل كانت إختصاصاتها مقتصرة على مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق وميراث وما إلى ذلك مما كانت تنص عليه المادة الخامسة من قانون المحاكم الشرعية لسنة 1967 الساري وقتئذ .. ولعل أبلغ دليل على عدم إختصاص المحكمة الشرعية فيما أصدرته من حكم أنّ ذلك الحكم جاء غيابياّ فما نحسب أنّ محمود محمد طه كان حصيناً من سلطة الإجبار التي كانت تتمتع بها المحكمة فيما لو كانت محكمة ذات إختصاصات جنائية ، كما يقف دليلاً على عدم الإختصاص أنّ المحكمة لم تجد سبيلاً لتنفيذ الحكم ، لا في ذلك الوقت ، ولا في أي وقت لاحق وهو ما لم يكن يحول دونه غياب المحكوم عليه خاصة وأنّ للحكم عقوبة مقررة شرعاً هي أعلى مراتب العقوبات المدنية .. ونخلص من كل ما تقدم إلى أن إجراءات محكمة الإستئناف الجنائية في إصدار حكم الردة في مواجهة محمود محمد طه ورفاقه كانت ، للأسباب التي سبق تفصيلها ، جاحدة لحقوق دستورية وقانونية شرعت أصلاً لكفالة محاكمة عادلة . أما السلطة العامة لتلك المحكمة في تأييد أحكام المحاكم الجنائية التي تم تشكيلها بموجب المادة (16/أ) من قانون الهيئة القضائية لسنة 1405هـ فقد نص عليها القرار الجمهوري رقم (35) لسنة 1405هـ .. ومن الناحية العامة فإنّ ذلك ، وفيما نوهنا به من قبل ، قرار يتحمل وزره من أصدره ، على أنه ينبغي النظر إلى سلطة التأييد تلك من زاويتين ، أولاهما مدى سلامة القرار الجمهوري في هذا الشأن ، وثانيتهما أثر ذلك في عدالة الإجراءات التي تمت بممارسة تلك السلطة .. وبالنظر إلى الأمر من الزاوية الأولى يبين أن المادة (18) من قانـون الهيئة القضائية لسنة 1405هـ التي كانت تصلح سنداً لتشكيل محاكم الإستئناف الجنائية كانت تنص على ما يلي : ( تستأنف أحكام وقرارات المحاكم الجنائية المكونة بموجب المادة (16/أ) من هذا القانون أمام محكمة الإستئناف التي يحددها قرار التكوين ويحدد إجراءاتها ) .. وقد نص القرار الجمهوري رقم (35) ـ وهو قرار التكوين المشار إليه ـ في الفقرة (ز) من المادة (3) منه على ما يلي : ( تتولى محكمة الإستئناف التوصية لرئيس الجمهورية بشأن أحكام الإعدام والرجم قبل رفعها للتأييد ) .. والسؤال الذي يثيره هذان النصان هو ما إذا كان فيهما ما يضفي على محكمة الإستئناف سلطة في تأييد الأحكام تطغى على سلطة المحكمة العليا في هذا الشأن والمنصوص عليها في المادة (234) من قانون الإجراءات الجنائية ؟؟ .. والإجابة على ذلك تعتمد ، في المقام الأول ، على ما إذا كان منح مثل هذه السلطة مما يدخل في معنى عبارة ( تحديد الإجراءات ) الواردة في المادة (18) المذكورة ؟؟ .. وفي تقديرنا أنه من الجائز عموماً أن ينطوي تحديد الإجراءات على منح بعض السلطات التي قد تكون ضرورية ولازمة في معرض تلك الإجراءات إلاّ أنه من غير المتصور أن تمتد تلك السلطات إلى مستوى يشكل تغولاً واعتداءً على جهات تستمد صلاحياتها من القانون نفسه ، وعلى وجه الخصوص فإننا نرى أنه ليس من شأن السلطات الممنوحة على هذا الوجه أن تسلب محكمة أعلى مقاماً كالمحكمة العليا من صلاحيلتها التي يقررها قانون نافذ لا يقل درجة عن القانون المانح لتلك السلطات ، بل ومن الدستور نفسه وهو مصدر القوانين والسلطات ، فالقول بخلاف ذلك ينتهي إلى نتيجة غير مستساغة هي أن السلطات المقررة للمحكمة العليا عرضة للمصادرة بتشريع فرعي أو قرار تنفيذي ، وهو ما لايجد سنداً ، لا في نص صريح ، ولا في المباديء العامة للشرعية .. على أنه ، ومهما كان وجه الرأي بشأن سلطات محكمة الإستئناف الجنائية ، فإنه طالما ظلت المادة (234) من قانون الإجراءات الجنائية قائمة ونافذة ، فإنه كان ينبغي عرض الأحكام الصادرة ضد محمود محمد طه وزملائه على المحكمة العليا سواء قبل تأييدها في محكمة الإستئناف الجنائية أو بعد ذلك .. وإذا كان هذا هو التكييف القانوني للقرار الذي منحت به محكمة الإستئناف سلطة تأييد الأحكام ، فإن لذلك القرار وجهاً آخر ذا أثر خطير ومباشر في تأييد حكم الإعدام في حق المحكوم عليهم ومن بعد ذلك في تنفيذ ذلك الحكم على أحدهم وهو محمود محمد طه .. ففي هذا الشأن لم تقتصر مخالفات محكمة الإستئناف ، التي استقلت بسلطة التأييد ، في إصدار حكم الردة ، وإنما امتدت إلى تأييد أحكام الإعدام التي صدرت ترتيباً على الإدانة بموجب قانوني العقوبات وأمن الدولة ، وهذا التأييد ، وإن كان محمولاً على أسباب هي في ظاهرها إقتناع المحكمة بثبوت الإدانة وتناسب العقوبة ، إلاّ أنه في واقع الأمر محمول على الردة التي استحوزت على جل ، إن لم يكن كل ، اهتمام محكمة الإستئناف الجنائية .. وقد ترتب على إستقلال محكمة الإستئناف بسلطة التأييد أن فات على المحكمة العليا ليس فقط حصر الإدانة ، إن كان ثمة ما يسندها ، في الإتهامات الموجهة بموجب قانوني العقوبات وأمن الدولة دون غيرهما ، وإنما أيضاً أن تقصر العقوبة على ما كان يتناسب وفعل المحكوم عليهم وهو فيما نعلم لا يتعدى إصدار منشور يعبر عن وجهة نظر الجمهوريين في قوانين كانت وما زالت محلاً للآراء المتباينة على الساحتين المحلية والدولية ، مما لايعدو أن يكون مخالفة شكلية ـ إن كانت كذلك أصلاً ـ لا تتناسب عقوبة الإعدام جزاءً لها .. غير أن محكمة الإستئناف ، وفي محاولة متعجلة لربط الفعل بقناعتها المسبقة في ردة المحكوم عليهم ، إنتهت إلى تأييد حكم الإعدام كعقوبة ( شاملة ) كما أسمتها .. على أن الآثار المترتبة على حجب الإجراءات عن المحكمة العليا وحصرها في محكمة الإستئناف إتخذت شكلها المأساوي حين تم تنفيذ حكم الإعدام على محمود محمد طه بإغفال تام لنص المادة (247) من قانون الإجراءات الجنائية ، التي تحظر تنفيذ حكم الإعدام على من جاوز السبعين من العمر ، رغم أنه كان من الثابت أنه جاوز السبعين من عمره وقتئذ .. ولعلنا لا نتجنى على الحقيقة لو أننا قلنا أن تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا أن محكمة الإستئناف أضافت الإدانة بالردة ، وهو ما لم يكن ليصدر أصلاً فيما لو كانت الإجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلاً من أن تستقل محكمة الإستئناف بإجراءات التأييد لتنتهي إلى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم . هذا ما كان من أمر ما تم باسم القضاء ، أما ما صدر من رئيس الجمهورية السابق عند التصديق على الأحكام فإنه يكفي لوصفه أن نقرر أنه مجرد من أي سند في القوانين والأعراف ولا نرى سبباً للإستطراد فيه بأكثر من ذلك عما فيه من تغول على السلطات القضائية فقد كاد أن يعصف بها كلها من قبل ، على أنه ومن وجهة النظر القانونية البحتة ، فإنه ولما كان من الجائز قانوناً للرئيس السابق أن يصدر قراره في تأييد حكم الإعدام دون إبداء سبب لذلك ، فإن استرساله في الحديث ، على الوجه الذي كشف عنه البيان المعروف والمدون ، لا يعدو أن يكون تزيداً لا أثر له في تقويم الحكم الذي تصدى لتأييده .. ولو كان لذلك البيان أثر يجدر ترتيبه عليه فهو فيما تضمنه من عبارات ربما كانت هي الأسباب الحقيقية لتقديم محمود محمد طه ورفاقه للمحاكمة .. ومذهب هيئة الإدعاء في هذا الشأن هو أن المحاكمة استهدفت محاكمة فكر الجمهوريين وتقييد حرياتهم السياسية والدينية وحظر نشاطهم إهداراً لحقوقهم الدستورية في كل ذلك .. وهذه المحكمة ، وإن كانت تجد أنه من العسيرعليها تفسير ما هو ثابت أمامها إلاّ في إطار ما ذهبت إليه هيئة الإدعاء ، إلاً أنها ، وفي ذات الوقت ، لا ترى في ذلك ما يتيح لها إصدار قرار جازم في هذا المعنى ، لا سيما وأنّ إقرارات النائب العام في هذا الشأن تتجاوز صلاحياته ـ كممثل قانوني للحكومة في صفتها المعنوية ـ لتشمل مسائل تتعلق بها مسئوليات شخصية أخرى لا يمثلها النائب العام .. ولما كان الحكم الصادر في حق المدعيين مشوباً بكل العيوب التي تم تفصيلها فيما تقدم ، فإنّ إجراءات ما سميت بالإستتابة تكون قائمة على غير ما ضرورة قانونية فضلاً عن إفتقارها لأي سند صريح أو ضمني من القانون ، غير أنه يجمل أن نقرر من باب الإستطراد أنّ تلك الإجراءات وقعت بقهر بيّن للمحكوم عليهم نظراً إلى الظروف التي تمت فيها حيث لم يكن من المتصور عقلاً أن يمتنع المحكوم عليهم عن إعلان التوبة التي طلبت منهم وسيف الإعدام مشهور في وجوههم ، وحيث أنّ حكم الردة قد وقع باطلاً كما سبق تقريره ، فإنه يترتب على ذلك بداهة أن تكون التوبة التي وقعت بالإكراه خالية من أي معنى هي الأخرى .. وحيث أن المسائل التي أثارتها هذه الدعوى مما لم يكن من المتاح التصدي له ، في إطار قواعد الإجراءات السارية حالياً ، إلاّ من خلال دعوى دستورية ، ودون أن يكون في ذلك ما يخل بمبدأ حجية الأحكام فيما تتوفر له شروط تطبيق ذلك المبدأ ، فإن هذه الدائرة تقرر ، تأسيساً على ما تقدم بيانه ، أن الحكم الصادر من محكمة الإستئناف الجنائية بالخرطوم في حق محمود محمد طه ورفاقه بتاريخ 15/1/1985 صدر بإهدار لحقوقهم التي كانت تكفلها لهم المواد (64) و (70) و (71) من دستور السودان لسنة 1973 الملغي .. أما ما ترتب على ذلك من أحكام بالإعدام فقد ألغيت في مواجهة جميع المحكوم عليهم فيما عدا والد المدعية الأولى ، ورغم ما شابتها من مخالفات للقانون وللدستور ، فقد أصبحت حقائق في ذمة التاريخ ، تقع المسئولية عنها سياسية في المقام الأول ، ولم يعد من الممكن إستدراك كثير من النتائج التي ترتبت على كل ذلك ، إلاّ ما بقي منها دون نفاذ ، كما لم يعد من المتاح النظر إلى الوراء إلاّ لأغراض العظة والعبرة ، فلم يعد من الميسور بعث حياة وئدت مهما بلغت جسامة الأخطاء التي أدت إلى ذلك ، كما أصبح من الصعب ـ إن لم يكن من المستحيل ـ العثور على جثمان أخفي بترتيب دقيق .. بيد أنه يبقى أمر جوهري هو أن للمدعيين حقاً في الحصول على إعلان بالحقائق المتعلقة بهذه المحاكمة التاريخيـة ، وإن كان على ذلك الحـق من قيـد فإنه إنما ينشأ من طبيعـة الإجراءات القضائية عموماً ، وما تقوم عليه هذه الإجراءات ، وعلى وجه الخصوص في مثل هذه الدعوى ، من شكل هو بدوره محدد ، في طبيعته ، وفي خصومه ، وما يصلح محلاً للتنفيذ في ضوء ذلك كله ، وعلى هدى من ذلك تقرر هذه الدائرة ما يلي : 1/ إعلان بطلان الحكم الصادر في حق المواطنين محمود محمدة طه والمدعي الثاني في هـذه الدعوى من المحكمة الجنائية ومحكمة الإستئناف . 2/ إلزام المدعين برسوم وأتعاب المحاماة في هذه الدعوى .).. إنتهت الحيثيات
محمد ميرغني مبروك فاروق أحمد إبراهيم رئيس القضاء قاضي المحكمة العليا ورئيس الدائرة الدستورية وعضو الدائرة الدستورية
زكي عبد الرحمن محمد حمزة الصديق قاضي المحكمة العليا قاضي المحكمة العليا وعضو الدائرة الدستورية وعضو الدائرة الدستورية إنتهى المقال عبد الله الأمين محمد المحامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
كتب الشاعر عبدالقادر الكتيابى: ==== تحية وشكرا عميقا للأستاذ ياسر و كفى بالتوثيق الصوتي شاهدا على أن تلك المحكمة لم تكن سوى تمثيلية ساذجة على رجل عالم ـ أمام جمهور مقهور ـ و مجاميع مضللة من عامة الناس . لا شك أن عصبة انقلاب مايو ـ غير الشرعية ـ في كل المقاييس ، قد نوعت ـ وسائل التصفية لخصومها حسب تنوع وسائلهم في مقاومتها ـ فهي مثلا لم تكن بحاجة لتشكيل محكمة من الفقهاء لتكفر المناضل الشفيع ـ وإنما اكتفت في ذلك بمحكمة أمن الدولة وحدها ـ كما اكتفت بمحكمة عسكرية لإعدام المناضل هاشم العطا ـ وفي تصفيات أخرى كثيرة لم تتكلف إلا رصاصة في الظلام ـ أو كما كان يقول المصطلح المتعارف عندهم ـ ( سوقوا فلان فسحوه ) هكذا .. وهذه هي ثقافةالمؤسسة العسكرية في كل زمان ومكان ـ فلما كان الأمر متعلقا بصحوة صوفي ـ من غرقه ـ واستفاقته من ( الدروشة ) وتدخله في ساس يسوس ـ كان لابد لعباقرة ذلك النظام من ابتداع وسيلة تتناسب مع هذا الصوت الذي يجمع بين الإنشاد الرقيق والهتاف العميق وبين الوجدان الصوفي والثورية الحديثة ـ فلم يجدوا إلا أن يستعدوا عليه أولئك الذين تم تجنيدهم للدين في دور الأحزاب والتبعيات الممولة من بنوك الملوك المبتدعين ( أهل بدعة توريث الملك ) وعلماء السلاطين وأولئك المدللين من أبناء بعض السجادات المنسوبة إلى الصوفية من الذين تولوا خلافة آبائهم دونما فقه وأفسدتهم عواطف مريديهم ـ حيث استثمر النظام بذلك خلافات و اختلافات العلماء في شؤون فقهية لا علاقة للعسكر بها و لا علاقة لها بالعسكر بيد أن هذا الاستخدام وهذا الاستثمار راق لبعض هؤلاء الخصوم الفكريين ـ من باب عدوعدوي صديقي ـ دون نظر إلى عدالة القضية . و لسد الثغرات أمام مثل هذا الخبث السياسي ـ فإنه لابد من تأمين وتحصين فئة المجاميع المستخدمة ـ أعني أولئك المتخمين بالعاطفة الدينية دون تفقه ـ نعم ـ لابد من مواجهة واقع الجهل العقدي هذه والمتفشية اليوم في أوساط أجيالنا المعاصرة باسم التصوف المفترى عليه و القراءة الصحيحة لظاهرة السياديات الموروثة هذه الواقفة في حلوقنا مثل شوكة حاسدة ـ ليس حراما أن نسأل ـ من الذي منحهم هذه السيادة المطلقة على خلق الله ؟ ، ـ هل هي آرية جديدة ؟ أم نزعة يهودية لمختارية عنصر ـ ؟ ـ أم أنها طبقية ـ أماذا ـ ( رجالة كده ) ـ ليس حراما أن نسأل فإنها إذا كانت بحق علم ومعرفة و دين فالنصوص موجودة وسيرة ، و مثال القدوة المقياس نبي هذا الدين محفوظة لا خلاف عليها واللغة حية فليقارعونا الحجة ، ليس بتعليق الأمر على مفهوم ظاهرة ( الولاية ) إلا بعد تحرير المفهوم حولها وتصحيحه ـ حيث إنها اليوم كما نراها اليوم برغم مبررا ساريا برغم المخالفات الصريحة من أدعيائها للنصوص و لسير العلماء من المتصوفة الحقيقين في حين أن أصول المعرفة الإسلامية تقرر لنا أن الله عز وجل ما اتخذ وليا جاهلا ولو اتخذه لعلمه ـ بسند صحيح ورد في الأثر . عليه فإن تقويم هذه المحاكمة الملفقة ـ وفضح زيفها ـ أمر لايحتاج لحشد الأدلة والشواهد ـ فالمحكمة من حيث هي جملة وتفصيلا مخالفة لثوابت الدين ناهيك عن مخالفتها لمكارم أخلاق الإنسانية التي جاء الدين متمما لها كمراعاة الاعتبارالعمري والعلمي والوطني لرجل في السادسة والسبعين يقول ربي الله ـ وناهيك عن أن أمير المؤمنين الذي بارك ذلك ـ قضى ليلته بين أعضاء مجلسه الانقلابي يتبادلون نخب الضحية خمرا حتى الثمالة ـ بعد أن أقاموا كما يزعمون حدود الله ـ وهي خصلة يفضح الله أهلها بها في الدنيا كما ترونهم اليوم ـ ولا يستطيع أحد نفيها عنهم ـ لا أجدني أميل إلى إيغار الصدور وتكريس فكرة الثأر خاصة إذا كان موضوع المظلمة في شأن الله تبارك وتعالى ـ إنما أحاول هنا تجاوز الجريمة إلى تحليل أدواتها وسيناريو تنفيذها ـ حتى لا يتكرر و يمرر بنفس الأدوات والسيناريو فإن كثيرا ممن نراهم اليوم ـ في مواقع العمادة لكثير من الطرق الصوفية والجماعات ـ ليسوا من العلماء كما نعرف جميعا ـ ولكننا نبرر لهم سيادتهم بحجة الولاية و توريث البركة ـ وحتى من يعتبر منهم عالما ـ لا يخفى علينا تقصيره في حق أتباعه عليه من العلم والفقه ، وكأن الأمر مقصود ليظلوا على جهلهم أتباعا ويظل هو متبوعا مستغلا لأتباعه في أغراض هذه الدنيا الفانية ـ وقد رأينا بأعيننا من يهدي أرضه وعرضه وبنته وولده لهذا المتبوع ـ قليل الفقه ـ وهذا هو السبب في استعداء خصوم المتصوفة عليهم وقد ظهرت في الآونة الأخيرة صرعات حديثة مدهشة في هذا المضمار والنظام يعجبه ذلك لما يوفره من انصرافية عن الشأن السياسي ـ فليت أشياخهم يقيسون ماهم عليه بسيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وسير أصحابه الكرام والعلماء والصالحين والصوفية الحقيقين الذين بلغوا المراتب والدرجات العلى ـ إن كل فرد من هؤلاء الطيبين البسطاء من عامة الناس ، من حقه أن يتعلم كيف يقرأ القرآن قراءة صحيحة ويطلع على أسس الدين من السنة و الفقه والسير المتصلة بعيدا عن هذا النوع من المستغلين ، أفرادا أو أحزابا أو طوائف حتى يتمكن من تحقيق صفة الإسلام في نفسه على يد عالم حقيقي لايدعو إلى عصبية ـ وحينئذ لن يجروء نظام سلطوي على استخدامهم لتصفية خصومه ـ أو للتسلق على ظهورهم باسم الشريعة و المشاعر الدينية ـ إلى الغرض الدنيوي الفردي الفاني . أما صمت كبار مشايخ الخلاوي ، وفقهاء المتصوفة وقتها إزاء الجريمة فقد كان امتدادا لصمتهم الدائم أمام الشؤون التي يكون السلطان طرفا فيها وما هو عليهم بجديد في التاريخ الإسلامي ـ حيث يعيد إلى الذاكرة المآخذ التي أخذت على الإمام الغزالي إزاء أحداث عصره و ما أخذ على غيره من المتصوفة العلماء على مر العصور وقد تناولت ذلك دراسات عدة خرجت بأنهم في الأصل لا يقرون الحكم ولا الحاكم ـ و أنهم يحسبون الأحداث بحساب أشراط الساعة آخذين في صمتهم بأسانيد من الكتاب والسنة ـ فهم في حال التسليم ـ الذي يوهم بأنه استسلام ـ وسواء فهم ذلك على أنه تسليم أو استسلام ـ فهو بلا شك موقف يجعلهم مأمونين لدى كافة الأنظمة وأصحاب الغرض الدنيوي الذين تعارفوا على ذلك التغاضي بأنه ( دروشة ) وهي كلمة تركية الأصل تعني الزاهد أو الذي أدار وجهه للدنيا و كل الأنظمة المستغربة والمتأسلمة يعرفون الصوفية بذلك و برغم أن النظام المايوي كان يعرفهم بهذا التعريف نفسه وأنه لم يكن بحاجة لمحاصرة رأيهم إلا أنه سلط إعلامه ضد هذا الفكرة الجديدة ـ حتى لايجروء صوفي آخر أن يستفيق من غرقه أو يدلي بدلوه في ساس يسوس ـ لذلك لفق النظام الأكاذيب بتكفير هذا المفكر اليقظ مكثفا سحب شائعاته الدخانية حول هؤلاء المشايخ ـ حيث لم تكن الغاية من ذلك أن يقتنعوا ، و إنما هي على الأقل ليمتنعوا تورعا عن الخوض في الأمر ـ وليواصلوا صمتهم المعهود ولو إلى حين إعدامه ـ لأن كلمتهم لو أنهم تكلموا ـ شديدة الخطورة عليهم بسبب شدة الولاء العقدي في أتباعهم . وكما رأينا ونرى على مر الحكومات المتعاقبة فقد ظلت علاقة الحكام ببعض رموز التصوف ـ تقوم على ذات النسق ـ تقربهم ـ أو تتودد إليهم ـ فمنهم من يقبل هذه الرشوة ـ و يأذن لمريديه بالتصفيق ـ ومنهم من يستمسك بموقفه الفقهي ويربأ بنفسه من مواددة الحاكم ومنهم من يعتبر القبول بها من ( حكمة الدعوة ) بغرض الاستئناس وهي شماعة شائعة الاستعمال هذه الأيام ـ ومن أبرز ظواهرها ما يدعيه بعضهم أن تلحين المدائح بألحان الأغنيات المعروفة ـ مفسدين على الناس بذلك طبيعية دنياهم في ما يتغنون به ـ و قداسة ما يدينون به والله وحده يعلم المفسد من المصلح ـ الآن وبعد أن افتضح جهل رأس ذلك النظام عبر الفضائيات و اضطر زبانيته وقضاته إلى النزول من صياصيهم والاختلاط بالفقراء من أمثالنا ـ فقد جالسني لأول مرة في الصالون الأدبي في بيتي هنا واحد من أعضاء هيئة تلك المحكمة وتكشف لي من خلال الحوار العام معه أن الله عز وجل لم يمتعه برفع الفاعل ونصب المفعول وتبين جهله حتى بالنحو الواضح .. والقراءة الصحيحة التي يتم فهم كل شئ من خلالها ناهيك عن أهمية ذلك للتحقق من أحكام الفقه والشريعة ، وأنا رجل أحتفل بهذه العلوم منذ الصغر لا أقبل الرجل عالما في الشرع إلا بإتقان اللغة لقوله تعالى : ـ ( فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ) أي يعلمون العربية ، كما أجمعت التفاسير وعلى رأسها تفسير ابن عباس حيث إن كلمة عربيا هنا تسمى عند أهل اللغة ( قرينة دالة ) ويسمى الخطأ النحوي في قراءة القرآن إذا صدر عن أدعياء العلم ـ يسمى ( لحنا ) وهو من العلامات التي حددها القرآن لفضح نفاقهم في قوله تعالى : ـ ( ولتعرفنهم في لحن القول ) ـ هكذا يقول العلماء ، لست أنا ـ و أذكر أنني كنت إبان ذلك الإعدام الجائر ـ يافعا ـ سلكت ما سلك آبائي من منهج التورع عن الخوض في الأمر بسبب تكثيف دخان الشائعات وحصار المؤامرة حول الفكرة وصاحبها . ولا يفوتني أن أذكر أنه قبل المحكمة بسنوات قليلة ذات نهار رمضاني ـ زار الأستاذ محمود رحمه الله ـ بيتنا للقاء بجدي الشيخ يوسف بشير الإمام ـ والد العبقري التيجاني ـ و هو من كبار رجالات الطريقة التيجانية العارفين ـ كنا نقوم على خدمة جدنا وهو في التسعين من عمره أنا وأخي ( ابن خالتي الشاعر صديق مجتبى ) ـ حيث أدخلنا الضيف ومن معه إلى غرفة جدي وسمعنا ما دار ـ واجتهدنا في استيعابه ـ كما عودتنا كثرة زيارات الباحثين والدارسين في شعر وحياة التيجاني الذين كنا نستقبلهم باستمرار ـ سمعناه وهو يلقي أبياتأ من قصيدة الصوفي المعذب في تلذذ وإعجاب وسمعناه وهو يتحدث عن علاقة الفكر الأدبي للتيجاني بالإشراقيين ـ إخوان الصفا ـ و السهروردي وأصحابه ثم سأل عن كتاب ويبدو أن جدي كان متعجبا شاكا في صحة الذي يشاع عن الرجل من فساد العقيدة لمعرفة سابقة به ـ فلقد أمرني بأن أحضر له ماء ـ ونحن في نهار رمضان ـ وكأنه يريد أن يختبره ـ أذكر أن الضيف الوقور ضحك في أدب جم وقال لنا رافعا صوته : ـ لا لا أنا صائم ـ لن أنسى أبدا الطريقة التي رد بها جدي عندئذ وهو يقول له مستفهما : ـ ( إنت بتصوم ؟ ) . مرت هذه الذكرى في خاطري فقلت أقصها عليكم في معرض الحديث عن مواقف كبار الصوفية ( من غير أهل الغرض الدنيوي ) ـ ولعل من يحاول بموضوعية العلم أن يفهم الرؤية الكلية ( للفكرة ) من منظور متجرد ـ متجاوزا تحفظاته ـ يجد أنها تحمل ( اجتهادا لأجل أمل مشروع في ترتيب الحياة الحديثة على حقيقة الدين ) جنبا إلى جنب مع ما تحمله من ـ ( مشروعية الزهد في الدنيا والشوق للقاء الله ـ ) وهو اجتهاد يسعى نحو تأليف أطراف معارف إسلامية ربما تبدو متباعدة لدى عامة الناس ـ كما أنها بوضوح تقدم طرحا ثوريا على نمط شخصية الفقيه الناقل ـ للنصوص وكأنه كتاب أو جهاز تسجيل ـ وهذا الاجتهاد ليس جديدا في التاريخ الاسلامي عبر العصور ـ كما أن هناك مذاهب ضاقت بلغة الفقهاء حتى دفعها الضيق إلى تجاوز الفقه برمته ـ وأحب من خلال مداخلتي في هذا المنبر ـ أن أؤكد لأجيال شبابنا ـ وهذا هو الشاهد من كل ذلك ـ : أن جريمة الإعدام ـ موضوع المداخلة ـ لم تكن سوى تصفية سياسية شاركت فيها ضغوط خارجية باسم الاسلام وأن إنصاف ذلك الرمز الوطني الشهيد و الشهادة له بأنه قد ظلم ـ إنما هي شهادة حق وهي مهمة كل وطني وكل سوداني وكل مسلم مستبصر ـ هذا ما تقتضيه المعرفة المتورعة المستندة إلى الأصول مباشرة ـ والمدركة للواقع السياسي إدراكا متجردا ـ أما فيما يتعلق بأسئلة المداخلين ـ وأنا منهم ـ حول ما نسب إليه من مصادمات لثوابت الدين فينبغي أن يتم تناول ذلك بموضوعية المعرفة من خلال كتبه و تلاميذه بيننا ـ و نحن نكبر في الأخ الأستاذ ياسر مرونة الحوار على منبر مفتوح حول العالم ـ وبروح طيبة ـ لمن أراد منا أن يستفسر ـ طالما أن هناك التزام بأدب الحوار ـ على طريقة حضرية راقية ، يحتفظ فيها الحوار بمعناه العلمي فيظل حوارا فكريا معرفيا ـ لا يتحول إلى استخدام مغرض للبسطاء من قبل الذين يصطادون في الماء العكر ـ ثم ينتهي إلى تحقيق ومحاكمة مرة أخرى هدانا الله وإياكم لما اختلف فيه من الحق بإذنه . ـ عبدالقادر الكتيابي
www.alsaloon.org
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
لا لانفصال جنوب السودان الأمين أحمد نور نشرت صحيفة الصحافي الدولي الغراء ، في عددها رقم 941 ، الصادر بتاريخ 16 ديسمبر 2002 ، مقالة مطولة للسيد الطيب مصطفي ، الأمين العام للمجلس القومي للاتصالات ، ومدير التلفزيون سابقاً ، عن جنوب السودان ، وعن الحرب ، وما يراه حلا للمشكل ، وناشد الجميع من أبناء الشمال أن يجد هذا الموضوع حظه من التداول الحر ، وقرر أن أبناء الشمال هم المكتوون بنار الحرب ، والمتجرعون ويلاتها ، ومن الوهلة الأولي يدرك القارئ تحيز السيد الطيب لشماليته .. واستجابة لطلبه في التداول والمشاركة بالرأي ، حول هذا الأمر الخطير ، أرمي بسهمي ، وقد بدأ المهندس الطيب بمقدمة طويلة كتأسيس نظري للدخول في الموضوع واصفاً فيها التفكير السياسي وجميع الأحزاب بالغفلة أو الغشاوة التي حجبت الجميع عن أهم قرار سياسي منذ الاستقلال ، إذ كان لهم خياران : الوحدة أو الانفصال وتخيير الجنوب بإحداهما .. وفي مجمل حديثه هو مع الانفصال ، وألا يحمل الناس للوحدة قسراً ، وذكر أن خالق الكون سبحانه لم يكره الناس حتى يكونوا مؤمنين . فإذا كان السيد الطيب يعني ما يقول ، وهو بلا شك يعني ، فقد توحدت جميع أحزاب وجماعات أبناء جبال النوبة ، وكان ذلك ثمرة مؤتمر كاودا ، واختاروا رئيسهم والناطق باسمهم . ولم يحملوا علي هذا التوحد قسرا ، وكذلك توحد كل أبناء الجنوب تحت قيادة الدكتور جون قرنق دمبيور .. وفي رأيي هذه محمدة طيبة حتى يكون الحل للمشكلة شاملاً كل أجزاء الجنوب ، وبرضاء كل أبناء الجنوب ، فضلا عن أن هذا التوحد ينهي النزاعات القبلية بين أبناء الجنوب ، ونحن في الشمال نرجو ان تتوحد قوى المعارضة في الخارج ، والأحزاب المتوالية ، وغيرهم من المثقفين ، ليشاركوا في حل مشكلة الجنوب ، وبالطبع ليس في التوحد عيب ، وأنكما يكمن الداء دائما في التفرقة ، وأن جنحت كل الفصائل المتوحدة للسلم فلم لا نجنح لها ونتحاور ونتجادل بالحكمة والموعظة الحسنة . وذكر السيد الطيب أن الأمم الضالة ترفض الحق المبين ، إتباعاً لمألوف الآباء والأجداد ، وخوفاً من الجديد ، وذكر الآية الكريمة : ( بل قالوا إنا وجدنا آباءنا علي أمةٍ وإنا علي آثارهم مهتدون ) .. وهو يعني أن القدماء من السياسيين والإستعمار قد قرروا الوحدة مع الجنوب ، وأن هذا ما وجدنا عليه السلف من الأجداد والآباء ، وأننا علي آثارهم مهتدون ، وأننا بذلك ضد الجديد .. ولكن وبكل صراحة وصدق ، وبدون التفاصيل المسكوت عنها ، إن أجدادنا وآباءنا من الشماليين ينظرون لغير العرب بالدونية ، ونحن السودانيين ، في غير وطننا السودان ، ينظر إلينا بالدونية أيضاً ـ أيْ مواطنين من الدرجة الثانية ـ فاستشهادك بالآية الكريمة لا يتحف رأيك بالجديد ، فالجديد هو أن هذا العالم قرية صغيرة جدا ، بفضل الله ، ثم بفضل العلم المادي التكنولوجي ، الذي قرب بين الأقطار وبين الناس ، وماض بهم الي التوحد في العلم والمعرفة ، باختلاف فنونها ، وتوحيد المشاعر والعواطف ، وسيحكم العالم كله بحكومة واحدة ، ترعي حقوق الإنسان حيث وجد الإنسان ، ولا فرق يومئذ بين عربي وزنجي وأوروبي ، هذا هو الجديد المرتجى ، ولا خيار لك ولي إلاّ هذا الطريق ، والتواؤم معه أو الإنقراض .. فالتوحد في فصائل الجنوبيين ، أو جبال النوبة ، أو أي مكان ، هو أمر مضروب علينا ، وبالتوفيق الملزم إن شئت . أما حديثك عن نسب تقسيم الثروة والسلطة ، فهو حديث سابق لأوانه ، لأنه قيد الحوار والبحث ، والأخذ والرد ، والقبول والرفض ، وأما إعتراضك على أن يكون الدكتور جون قرنق نائب أول للسيد رئيس الجمهورية ، فهو حديث غريب ، فجون قر نق عنده الحق أن يكون رئيساً للجمهورية ، دع عنك أن يكون نائباً ، أليس الحقوق الدستورية ، في الدستور ، تقوم على المواطنة ، بغض النظر عن الدين أو العنصر أو ..إلخ ، أم أن الدستور عندك حبر علي ورق ؟؟ . البعد الحقيقي لمشكلة الجنوب : ـ هذا نص منشور حرره الأستاذ محمود محمد طه عام 1964م : ( للجنوب قضية ، ما في ذلك ادني ريب ، وهي بذلك تحتاج حلا سريعا وشاملا ، وأول الحل تصور المشكلة في أبعادها الحقيقة ، ومواجهتها بشجاعة ، ولقد أحسنت الحكومة حين اعترفت باختلاف العنصر ، واختلاف اللغة ، واختلاف العقيدة ، بين الشمال والجنوب ، ويمكن أن تضاف الجغرافيا أيضا وفي الحق أن الجنوب ليس بدعا في هذا ، فالإختلاف في شرق السودان ، وفي غربه ، وفي شماله ، عن وسطه ، وكل ما يقال عن الجنوب أن الاختلاف فيه أشد توكيداً ، وأبلغ ظهوراً ، مما هو في بقية الأجزاء ، وكون السودان قطراً شاسعاً ، وفيه من اختلاف اللهجات والعنصريات والعادات ما فيه ، إنما هو من دواعي التفاؤل لمستقبل هذا البلد ، وليس من دواعي اليأس أو التخوف ، لأن خصائص كل عنصرية من هذه العنصريات إذا ما نميت وهذبت وتفتقت طاقاتها الأصيلة ، فإن ذلك سيزيد من حيوية الأمة السودانية ، في مجموعها ، ويخصب شخصيتها ، ويزيد من وزنها وزناً ، ومن قيمتها قيمة ، والناس كالنبات خصائصهم تتأثر بالتربة والمناخ الي حد كبير ، ومع أنهم قادرون علي أن يتأقلموا حيث وجدوا ، إلاّ أن استجابتهم لعوامل التهذيب والتمدين أسرع إذا هيأت لهم فرصة في تربتهم التي فيها نشأوا ) .. إنشاء حركة شعبية لتحرير شمال السودان : ـ والعجيب أنك تحلل لنفسك ما حرمته على غيرك ، من إنشاء حركة شعبية ، وتورط نفسك في العنصرية التي اتهمت بها غيرك ، فأنت تقول بالنص : ( فإني في الختام أجد كل المنطق في المطالبة بإنشاء حركة شعبية لتحرير شمال السودان (( NSPLM )) وأرجو أن أسمع وأقرأ رأي الأغلبية المغيبة من أبناء شمال السودان ) .. هذه عنصرية موغلة في التعنصر والمقال كله ينضح بتلك العنصرية ، وفيه دعوة ضمنية للمناطق الفقيرة لتنهض منها جماعات تنادي بتحرير مناطقها ، سواء في غرب السودان ، أو في شرقه ، أو غير ذلك ، وذلك بنفس الحق الذي إتاحه لك منطقك ، ويومها سنرى السودان وقد تجزأ وتفرق أيدي سبأ ، وخرج لنا من كل فج قائد حركة شعبية ، وهذا لعمري أمر مؤسف ومحزن ما كنا نتوقعه ممن كان يحتل الموقع الإعلامي الأعلى . ثم قال السيد الطيب أن قضية الجنوب قعدت بالسودان ، وشوهت من صورته ، ومن صورة المشروع الإسلامي ، الذي تبناه في عهد الإنقاذ ، ولولا قضية الجنوب ، فإن شمال السودان ، كوطن منفصل ، سيصبح منطقة ضغط حضاري عال ، تهب منه الرياح إلى غيره ، بعد أن يمتليء إسلاماً ، فلو كنت تعني الإسلام حقاً ، فإن الإسلام لا يعجزه حل المشاكل مهما كان نوعها ، ولكن على أن يفهم الإسلام فهماً صحيحاً ، وذلك بالتمييز بين أصوله وفروعه ، ومعرفة الحسن منه والأحسن ، والأنسب لحاجة العصر وطاقاته ، وإلاّ فستكون ربكة كبيرة ، مثل التي نراها ونعيشها اليوم ، حيثما اتجهنا في بلاد المسلمين ، ثم أن الذي يعجز عن أن يحل مشاكل بلده ، وامتصاص خصوماته ، ويتهم غيره بالحقد والبعد عن الحق ، لا يمكن أبداً أن تهب منه أية دعوة للإسلام أو لغير الإسلام ، والله سبحانه وتعالي يقول : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره علي الدين كله وكفى بالله شهيدا ) صدق الله العظيم . ومن يظن أن فئة من الناس لا يمكن أن تهتدي إلى الأبد ، فقد هزم في نفسه بشارة هذه الآية الكريمة التي شهد بتحقيقها رب العزة ، ثم ما هو المشروع الإسلامي ؟؟ .. وما هي مظاهره عندنا نحن المسلمون ؟؟ .. وما هو محتوى هذا المشروع الذي قدم لنا ؟؟ .. أهي الشعارات التي سمعناها كثيراً ، وبلا محتوى ، ثم اختفت هي نفسها كشعارات ، ثم أن المدن والقرى أصبحت أطلالاً ، لا حياة فيها ، ولا مصادر للدخل فيها ، ولا يحتاج ذلك مني إلى دليل ، فالخرطوم اليوم تعج بأرتال من أبناء السودان ، من كل حدب وصوب ، إمتلأت بهم الطرق ، يقفون في صفوف طويلة ، وعلي وجوههم البريئة غبرة ، وشفاههم قد تيبست ، وكل ينادي بسلعته التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، يحملون في أياديهم التعبة مناديل الورق ، وأقلام الحبر ، والأمواس ، وقوارير العطر إلخ .. وأما الجالسون علي الأرض ، وهم الأحسن حالاً ، فبضاعتهم النبق المطلي بقليل من الزيت ، ليبدو لامعاً وجديداً ، واللالوب والقـنقـليذ وصمغ الهشاب ، والعرديب ، فضلاً عن بائعات الشاي أمام المصالح والوزارات والمحاكم وأغلب الطرقات ، وأما مظاهر التسول وأساليبه فحدث ولا حرج . وأما الوجه الآخر من العاصمة فنري كل يوم عدداً من العمارات الشامخة ، تطل على الشوارع الرئيسية ، ويتنافس أصحابها في الطول والعرض والشكل ، والمستشفيات الخاصة التي لا يدخلها الا الموسرون لا تحصى ، والجامعات الخاصة ، والمدارس الخاصة ، والبنوك المتعددة ، التي أنشئت حتى في المدن الصغيرة ، هل هذا يدل علي التوجه والمشروع الإسلامي ؟؟ .. هل هذا حل لمشاكل المستضعفين ؟؟ .. في الختام أقول لك : ليس لرجل مثـلك ، كان يتسنم أكبر منبر للإعلام في هذا البلد الطيب ، أن يدعي أنه يعلم علم اليقين بأن معظم أبناء الشمال قد ضاقوا ذرعاً بالجنوب .. أين تم هذا الإستفتاء الذي علمت منه علم اليقين ؟؟ خاصة وأنك تقول : ( ظل أبناء الشمال صامتين تاركين للحكومات التقرير بشأن مشكلة الجنوب ) .. فمن الذي أسكتهم ؟؟ .. أليست هي حكومة الشمال ؟؟ .. كيف تفض هذا التناقض ؟؟ ونواصل إن شاء الله الأمين أحمد نور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
بمناسبة الذكري السنوية لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه السلام عليك ايها الإنسان
السلام حاجة البشرية منذ الأزل وهو اليوم اصبح حاجة حياة أو موت
1 أيها الرجل الكبير كيف كان الموت يقرئك السلام !!؟ صاعداً برزخك الأزلي ناظراً السماء في وله والأرض في شفقة حين كنا ثلة متعبين وعبيد بقايا بشر فاقدي الهوية والغذاء آخر سلالة للحزن والصديد وكنت وحدك .. شاهراً السيف والصدي ضد خزينا وعارنا تعلمنا الصلاة والأناشيد الذكيات 2 الله يا سيدي اكنت تصعد أدراج السماء شفيفا _ وحدك !! مثل برق أم وحدها صعدت السماء فوق روحك بينما تدلت الأرض مثل مشنقة 3 أدركنا يا ابتي .. فهذا الحزن يفقأ عيون الصباح والأرض يقتلها بنيها بدم باردِ مباح السادة يلهبون ظهر المطر بالهراء والزعيق والصياح 4 حين عدت يا سيدي مع الرحيق والمطر والعصافير والشجر كان الضوء في عيوننا يهاجر والحب من أعيوننا يغادر كان الموت فاغرا فاه يصلي صلاته الأخيرة كان الله .. في جلبابك الأبيض وفي سلامك الأخضر في عيني طفلة تلثمها شفتاك حين تكبر تصير جدولاً من مياه وعسل .. حين ابتسمت يا سيدي في هدوء وحدك كنت تعلم الدنيا صلاة الأنبياء والفداء 4 السلام عليك آيها الرجل الكبير ومنك علي حزننا المقيم علي بيوتنا والقمر علي خبزنا والمطر علي طيننا والحجر علي الطير والبشر *** سلام من بصيص ضياء من عينك انتشر علي آمالنا الكبيرة وعلي خيبتنا العظيمة
معاوية محمد الحسن 18 يناير 2003م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
الاعلام والاقلام عند غير أهلها !!
حول مقال الاستاذ كمال الجزولي الأخير عن السيد الصادق المهدي
(... ستكتب شهادتهم ويسألون !!) صدق الله العظيم
لقد اطلعت على مقال غريب ، تقرأه لأول وهلة ، فتظن ان كاتبه هو د. عمر نور الدائم ، أو السيد صلاح جلال ، الناطق الأعلامي باسم حزب الأمة !! فالمقال لم يتعرض بالتحليل للمواقف والأفكار التي اشار اليها ، ولم يقف عند الشذرات التي نصصها من هنا وهناك ، وكأنه ما كتب الا لمجرد الاشادة بالسيد الصادق المهدي ، والثناء عليه ، في محاولة لتلميعه ، لجولة قادمة من الحكم ، بعد ان تمت مبايعته أماماً للأنصار !!
ولما كان المقال قد كتبه الاستاذ كمال الجزولي المحامي ، الكاتب الشيوعي المعروف ، فهو لا بد ان يكون مراهناً ، على ان السيد الصادق المهدي قد تغيّر ، وتحول من رئيس الوزراء الذي رفض قرار المحكمة العليا ، بابطال حل الحزب الشيوعي السوداني ، واصرّ على طرد النواب الشيوعيين ، من الجمعية التأسيسية ، الى " نموذج ديمقراطي يستحق ان يحتذى " !!
ولكن الاستاذ كمال الجزولي لم يحدثنا بأن السيد الصادق قد تغيّر ، بل على العكس ، هو يريد لنا ان نقبل ان الحرص على الديمقراطية ، وممارستها ، والدفاع عنها ، وهو ديدن السيد الصادق المهدي أصلاً !! ولذلك فهو يقول " لا جدال في ان السيد الصادق ظل يبدي طال ما يربو على ربع القرن الماضي ثباتاً فكرياً محموداً في الدفاع عن الديمقراطية المعيارية والقيمية واجتهاداً فقهياً رفيعاً لتوطينها في قلب تربة الفكر السياسي الاسلامي" .
واتجاه الحزب الشيوعي السوداني ، للاشادة بالسيد الصادق المهدي ، على غرابته ، ليس جديداً .. ولعل هذا الاتجاه الذي يفتقر للسند الايدولوجي ، ينطلق ايضاً من عقدة حل الحزب الشيوعي ، ودور السيد الصادق الاساسي فيها ، فقد كانت محاولة الشيوعيين تهدف الى ابعاد الصادق عن جماعة الاتجاه الاسلامي ، واغراؤه بالتقدمية والحداثة ، وذلك بالثناء عليه ، والاعلاء من الشعارات الزائفة ، التي يطلقها من حين الى آخر .. وكذلك جاءت اشادة الاستاذ محمد ابراهيم نقد بالسيد الصادق عقب الانتفاضة .
غير ان السيد الصادق خزل الشيوعيين أكثر من مرة ، وتحالف بعد الانتفاضة مع الجبهة القومية الاسلامية !! وشرع بايعاز منها في اعداد قوانين اسلامية بديلة ، ورفض اتفاقية السلام ارضاء لها ، ثم عجز عن الحفاظ على السلطة وسلمها لها في يسر مريب !! ثم أدعى المعارضة للنظام ، وخرج من البلاد والتحق بالتجمع ، ثم خرج على التجمع ، ورجع مرة أخرى ، وهو يثني على نظام الجبهة الذي كان يعارضه ، ومن ذلك قوله " هذه أول مرة يقبل فيها نظام شمولي الآخر ويقبل الحوار الجاد والتعددية السياسية ويقبل ان المصير السوداني ليس حكراً على حزب السلطة وانما للسودانيين كلهم ..." !! حدث كل ذلك في النصف الأخير ، من الحقبة التي قال الاستاذ كمال الجزولي ، ان السيد الصادق قد ظل فيها ثابتاً على مبدأ الديمقراطية !!
ومع ان استراتيجية الشيوعيين ، لاستقطاب السيد الصادق ، أو تحييده على أسوأ الفروض ، قد فشلت مراراً ، الا انها كانت تنطلق من تصور سياسي عام ، وموازنات ، ربما أدى اليها الحراك السياسي المضطرب ، والتخبط الذي كثيراً ما صاحب حركة الشيوعيين ومواقفهم .. ومع ذلك لم يقل الحزب الشيوعي ، ما قاله الاستاذ كمال الجزولي عن السيد الصادق ، مثل "وقد كان للرجل في ذلك دائماً من قوة السند وبهاء الحجة ما بوأه مكانة عليّة بين أبرز مفكري العقلانية الاسلامية في المنطقة "
وليس السيد الصادق المهدي في نظر الاستاذ كمال الجزولي ، ديمقراطي عريق ، ومفكر اسلامي مجتهد فحسب ، بل هو ما نحتاجه نحن المسلمين ، ليفتح أبصارنا وبصائرنا ، ويصلح ديننا ودنيانا !! فان لم تصدق هذا فأقرأ قول الاستاذ كمال الجزولي " وبخاصة تجاه فقيه ومفكر في قامة السيد الصادق تراكم بسبب ادائه العملي حزبياً وحكومياً ضباب متكاثف من السياسة السياسوية كما في المصطلح الفرنسي بين كثير من الناس وبين كثير من اجتهاداته في مجال الفكر السياسي الاسلامي والتي نعدها من أحوج ما تحتاجه الجماعة المستعربة المسلمة في بلادنا لتفتح بها وبأمثالها ما كان يستغلق نهائياً أمام أبصارها وبصائرها من مسالك تفضي لاصلاح دينها ودنياها " !!
لقد سمع السيد الصادق المهدي ، الكثير من مثل هذا الثناء من أتباعه ومريديه ، وطلاب التقرب والتزلف له ، حتى أوهم في نفسه ، وظن انه هو المخلص "المنتظر" ألم يكتب في كتابه " يسألونك عن المهدية" ان حركة المهدية كانت حركة "قيادة ملهمة" واننا نحتاج الى مثل هذه القيادة من اجل الصحوة الاسلامية ؟! بل ان الاستاذ كمال الجزولي نفسه يحدثنا عن هذا الاتجاه لدى اتباع السيد الصادق فيقول في مقال آخر " ويرى الكاتب حسن اسماعيل رمزية خاصة في التطابق من زاوية نظره ليس فقط في السلوكيات والأخلاق والمثل على حد تعبيره بين امام الحركة المهدوية الحديثة السيد الصادق المهدي وبين نبي الله عيسى عليه السلام ، بل حتى في تاريخ ميلادهما في 25 ديسمبر! وهو الأمر الذي يبدي الشيخ عبد المحمود أبو امام مسجد الانصار حرصاً خاصاً على التذكير به كلما صعد المنبر ليهنئ الناس بهذه المناسبة " !! وبمثل هذا الثناء على زعمائها ، دعمت الطائفية سلطانها ، واستغلت اتباعها البسطاء من العمال والمزارعين ، وكافة الطبقات الكادحة ، التي لا شك ان ثناء شيوعي قديم ، مثل الاستاذ كمال الجزولي، على طائفي عريق ، مثل السيد الصادق المهدي ، سيصيبها بخيبة أمل ، ويحط من آمالها وأحلامها ..
ان أهمية حديث الاستاذ كمال الجزولي ، تنبع من انه ليس من حزب الأمة ، مما يوهم بعض القراء ، بانه شخصية محايدة ، وان حديثه هذا ربما كان صواباً ، وهنا تكمن خطورة الحديث ، ومبلغ أثره في تضليل الرأي العام .. ومهما تكن دوافع الاستاذ كمال الجزولي الشخصية ، من اشادته بالسيد الصادق ، فان ما يعنيني هنا هو انها لم تقم على مجرد الاعجاب الذاتي ، وانما تبنى الكاتب بسببها ، الاطروحات الخاطئة التي يصرح بها السيد الصادق ، حول مفاهيم مهمة مثل الاجتهاد و الشورى والديمقراطية في الاسلام ..
ان غاية هذا المقال المطول ، هي ابراز الاجتهاد الحقيقي ، الوحيد ، القادر على بعث الاسلام في المستوى الذي يمكن ان تقام به الحكومة الديمقراطية ، وهو ليصل الى هذه الغاية لا بد ان يوضح النقيض ، وهو هنا فهم السيد الصادق للديمقراطية وممارسته لها.. ولئن نقد المقال الاستاذ كمال الجزولي ، وغيره من الذين امتدحوا السيد الصادق ، فانه لا يفعل ذلك بغرض النيل منهم ، وانما لان تأييد السيد الصادق ، واعانته على الوصول للسلطة مرة، أخرى ، بعد كل الفشل الذي لازمه ، وكل تحالفاته مع الجبهة الاسلامية ، عمل فيه تضليل للشعب ، وخيانة لامانة الثقافة ، ومسئولية القلم ..
الصادق والأجتهاد
لقد اجمع الفقهاء الاوائل ، وتبعهم سائر المحدثين ، على انه لا أجتهاد مع وجود النص ، وحيث اراد بعضهم التوسيع في هذه القاعدة ، المتوارثة المحكمة ، عيّنوا النص المقصود بان يكون قطعي الورود والدلالة .. ولهذا استقر أمرهم ، على انه لا يجوز الاجتهاد ، في حكم جاء في القرآن ، في آية صريحة القصد ، وواضحة المعنى .. كما لا يجوز الاجتهاد ، في حكم جاء به حديث نبوي ، ثابت الورود باسانيدهم المعهودة .. فأغلقوا بذلك باب الاجتهاد فيما ورد فيه نص ، وفتحوه فيما لم يرد فيه نص ..
والسيد الصادق المهدي ، لم يخرج على هذا الفهم ، في كل ما كتب .. فقد جاء في حديث الاستاذ كمال الجزولي " ويبدي الرجل كذلك قدراً كبيراً من الاستنارة باستناده الى رأي الأمام الفخر الرازي في انعقاد العصمة لجملة الأمة ، لكي يعقد السيادة للشعب ، ويحعل المرجعية لهيئاته المنتخبة انتخاباً حراً في تقرير كل شئ بما في ذلك فهم (النصوص) غير القطعية وتحديد رأي الدين في المستجدات". ولقد كرر السيد الصادق هذا الرأي عدة مرات ، ومن ذلك قوله " ان الدين جزء لا يتجزأ من الحياة ولا يمكن ان يطرد من الحياة وهو في كل جوانب الحياة ولكن مع الالتزام بالقطعيات أي قطعيات الوحي التي هي محددة للغاية أما بقية المبادئ والاسس والتشريعات الاسلامية الى آخره فهي مفتوحة للاجتهاد بحيث تقبل الصياغة الاجتهادية لتلائم ظروف الزمان والمكان وهذا ما نسميه اتجاه الصحوة الاسلامية ".
فالصادق المهدي ، اذاً ، يدعو للاجتهاد في كل شئ ، ما عدا "النصوص القطعية" ، وهو يدعو الى الالتزام ب "قطعيات الوحي" والاجتهاد فيما عداها .. هذا هو رأي السيد الصادق ، وهو به لا يمكن ان يوصف بالاستنارة ، لأن النصوص القطعية ، التي لا يريد الاجتهاد فيها ، ويدعو للالتزام بها ، انما تقوم عليها جملة أحكام الشريعة ، التي تجاوزها العصر ، والتي تواجه علماء المسلمين اليوم ، بالتحدي لانها تقف عقبة أمام عودة الاسلام ، ليواكب حياة الناس ..
فمن النصوص القطعية قتال المشركين ، لقوله تعالى " فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم " .. جاء في تفسير هذه الآية " فاقتلوا المشركبن حيث وجدتموهم ، اي من الأرض ، وهذا عام والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم ... قوله وخذوهم أي آسروهم ان شئتم قتلاً وان شئتم أسراً ، قوله واقعدوا لهم كل مرصد أي لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم ، بل أقصدوهم بالحصار في معاقلهم ، وحصونهم والرصد في طرقهم ومساكنهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم الى القتل أو الاسلام. ولهذا قال فان تابوا واقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ، فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم .. ولهذا أعتمد الصديق رضي الله عنه في قتال ما نعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها، حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الافعال وهي الدخول في الاسلام والقيام باداء واجباته .. وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ... قال سفيان ابن عيينة قال علىبن ابي طالب رضي الله عنه بعث النبي صلى الله عليه وسلم بـأربعة أسياف : سيف في المشركين من العرب ، قال تعالى " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" وأظن السيف الثاني هو قتال أهل الكتاب لقوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب" والسيف الثالث في المنافقين في قوله " ياايها النبي جاهد الكفار والمنافقين " والرابع في قتال الباغين في قوله " وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ الى أمر الله "
ومن النصوص القطعية الأمر بقتال أهل الكتاب لقوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرموت ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" جاء في تفسير هذه الآية " هذه الآية الكريمة أول الامر بقتال أهل الكتاب بعدما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجاً واستقامت جزيرة العرب. أمر الله رسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك سنة تسع ولهذا تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال الروم ودعا الناس الى ذلك واظهره لهم ... قوله : حتى يعطوا الجزية أي ان لم يسلموا ، عن يد أي عن قهر وغلبة ، وهم صاغرون أي ذليلون حقيرون مهانون فلهذا لا يجوز اعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين ، بل هم أذلاء صغرة أشقياء. كما جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واذا لقيتم احدهم في طريق فاضطروهم الى أضيقه . ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في اذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم".
وينتج عن الجهاد ، سواء ان كان قتالاً للمشركين ، أو لأهل الكتاب ان يصبح الاسرى رقيقاً ، والرق ايضاً قد ورد بنصوص قطعية منها قوله تعالى " يا ايها الذين آمنوا اذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما من بعد واما فداء حتى تضع الحرب اوزارها" .. جاء في تفسير الآية " اذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ، أي اذا واجهتموهم فاحصدوهم حصداً بالسيوف ، حتى اذا اثخنتموهم ، أي اهلكتموهم قتلاً ، فشدوا الوثاق الاسارى الذين تأسرونهم ، ثم انتم بعد انقضاء الحرب وانفصال المعركة مخيرون في أمرهم ، ان شئتم مننتم عليهم فاطلقتم اسارهم مجاناً ، وان شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم " .. فاذا لم يستطع الاسير جمع المال الذي يفدي به نفسه ، ولم يشأ صاحبه ان يطلقه لوجه الله ، بقى رقيقاً !!
كل هذه الأحكام ، وما يترتب عليها ، من معاملات جاءت بنصوص قطعية ، فما سيفعل السيد الصادق بها؟ فان ابقاها والتزم بها، فان هذا يعني قتال الوثنين ، والمسيحيين ، من المواطنين السودانيين واسترقاقهم ، مما يهزم كافة دعاوى الديمقراطية ، وحقوق المواطنة التي يتحدث السيد الصادق عنها كثيراً !! أما اذا كان السيد الصادق المهدي يرى ان هذه الأحكام لا تتفق مع حقوق الانسان ، ولا حقوق المواطنة ، ويجب الاجتهاد فيها لتغييرها ، فقد دعا من حيث لا يريد الى الاجتهاد في نصوص قطعية ، وهو ما ظل يرفضه في كافة احاديثه !!
ان رأي الفقهاء ، القائل بان لا أجتهاد مع النص ، رأي خاطئ .. وخطأه انما يجئ من ان الأمور التي لم يرد فيها نص ، لا أهمية لها عند الله ، فلو كانت مهمة ، لانزل فيها نصاً صريحاً .. فلا يصح عقلاً ،ان نجتهد في أمور لا أهمية لها ، ونترك الامور المهمة ، التي وردت فيها النصوص بلا اجتهاد !! هذا الخطأ المتوارث ، الذي تناقله الفقهاء عبر العصور ، هو ما جعل المسلمين ، يكتبون الاف المصنفات ، من الحواشي والمتون ، في امور هامشية ، لا قيمة لها ، ويعجزون عن مواجهة النصوص القطعية ، بالاجتهاد المناسب ، الذي يتجاوزأحكامها الى أحكام غيرها ، ادخل في عمق الدين ، وأقدر على مواكبة العصر، وانفع لحياة الناس ..
وانما يتم الاجتهاد المواجه للنصوص ، بمعرفة الحكمة وراء النص ، وتجاوز النص الفرعي ، الذي خدم غرضه حتى استنفده ، الى النص الاصلي ، الذي كان في الماضي منسوخاً ، لقصور طاقة وحاجة المجتمع يومذاك عن شأوه ، وادخاره بهذا النسخ ، حتى يحين حينه ، ويجئ مجتمعه .. والأنتقال من آيات الفروع ، الى آيات الاصول ، هو ما أسماه الاستاذ محمود محمد طه ، تطوير التشريع الاسلامي ، ورهن به عودة الاسلام ، في حياة الناس ، من جديد .. فاحكام الشريعة الاسلامية ، التي قامت على فروع القرآن ، والتي يدعو لها الدعاة الاسلاميون اليوم ، قد كانت مناسبة ، تماماً ، لحل مشاكل مجتمع القرن السابع الميلادي ، والمجتمعات التي تلته ، مما هي مثله .. ولكنها غير قادرة ، على حل مشاكل هذا القرن ، والقرون اللاحقة ، للاختلاف الشاسع في مستوى تطور المجتمعات ، وكبر طاقات المجتمع ، المعاصر ، الفردية والجماعية ، اذا ما قورن بالمجتمع الماضي .. وحتى تتضح هذه المسألة ، يسوق الاستاذ محمود ، مثلاً لاختلاف الشرائع بسبب اختلاف مستويات الامم ، بان تزويج الأخ من أخته ، قد كان شريعة اسلامية ، على عهد آدم عليه السلام .. ولكنه عندما جاء محمد صلى الله عليه وسلم ، أصبح الحلال في تلك الشريعة ، حراماً في هذه ، بل شمل التحريم ما هو ابعد من الاخت ، كالخالة والعمة وغيرها .. يقول الاستاذ محمود " فاذا كان هذا الأختلاف الشاسع بين الشريعتين ، سببه أختلاف مستويات الأمم ، وهو من غير أدنى ريب كذلك ، فان من الخطأ الشنيع ان يظن انسان ، ان الشريعة الأسلامية في القرن السابع، تصلح بكل تفاصيلها في القرن العشرين ، ذلك بان أختلاف مستوى مجتمع القرن السابع ، عن مستوى القرن القرن العشرين ، أمر لا يقبل المقارنه ، ولا يحتاج العارف ليفصل فيه تفصيلاً ، وانما هو يتحدث عن نفسه ، فيصبح الامر عندنا امام احدى خصلتين: أما ان يكون الاسلام ، كما جاء به المعصوم ، بين دفتي المصحف ، قادراً على استيعاب طاقات مجتمع القرن العشرين ، فيتولى توجيهه في مضمار التشريع ، وفي مضمار الأخلاق ، واما ان تكون قدرته قد نفدت ، وتوقفت عند حد تنظيم مجتمع القرن السابع ، والمجتمعات التي تلته مما هي مثله ، فيكون على بشرية القرن العشرين ، ان تخرج عنه ، وتلتمس حل مشاكلها في فاسفات أخريات ، وهذا ما لا يقول به مسلم .. ومع ذلك فان المسلمين غير واعين ، بضرورة تطوير الشريعة .. هم يظنون ان مشاكل القرن العشرين ، يمكن ان يستوعبها ، وينهض بحلها ، نفس التشريع الذي استوعب ، ونهض بحل مشاكل القرن السابع ، وذلك جهل مفضوح".
الصادق ومفهوم الديمقراطية
يقول الاستاذ كمال الجزولي " غير ان السيد الصادق بدأ ينتقل فيما يلاحظ منذ حين من مجرد الاقتصار على المعالجة النظرية لقضية الديمقراطية في حدودها المعيارية والقيمية على خلفية المبادئ والمثل السياسية والاخلاقية العامة التي جاء بها الاسلام ليتناولها بتركيز وكثافة أكثر، في اشكالها التطبيقية الملموسة وليعالج مسالة قدرتها على البقاء في وجه مهدداتها " !!
أما انا ، فأرى ان السيد الصادق المهدي ، لم يستوعب مفهوم الديمقراطية ، وهذا هو السبب الاساسي في عجزه المتصل عن ممارستها ، ومن ثم الفشل الذي صاحب الحكومات التي كان على رأسها ، ثم التسلط على اعضاء حزبه مما سنناقشه لا حقاً .. وآية عدم فهمه للديمقراطية ، تتجلى في خلطه الموبق بين الديمقراطية والشورى، ووصفه لمنهجه ب "الصحويين الذين صالحوا الشورى والديمقراطية، على حد تعبير الورقة " ..
فالشورى ليست نظام حكم ، وانما هي ميكانيكية مساعدة لنظام الخلافة ، تلطفه ، وتهذبه ، حتى لا يصبح دكتاتورية سافرة ، بل يكون نظام وصاية الفرد الرشيد على القصر .. فالخليفة الحاكم يختار مجموعة ممن حوله سماها الفقهاء مؤخراً (أهل الحل والعقد) يشاورهم في أمور الدولة ، فيستانس برأيهم ، ولكنه يملك ان يخالفهم ، فليست المشاورة بملزمة .. فبالرغم من الشورى ، يظل نظام الخلافة حكم فرد ، وهو لهذا يتناقض تماماً مع الديمقراطية . . وآية الشورى من الكتاب قوله تعالى " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين " جاء في تفسير هذه الآية "يعني فتجاوز يا محمد عن اتباعك واصحابك من المؤمنين بك وبما جئت به من عندي ما نالك من اذاهم ومكروه في نفسك واستغفر لهم وادع ربك لهم بالمغفرة ...وقوله وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ، امر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم ان يشاور اصحابه في الامور وهو ياتيه الوحي من السماء لأنه اطيب لأنفس القوم ... حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن ابن اسحق وشاورهم في الامر اي لتريهم انك تسمع منهم وتستعين بهم وان كنت عنهم غنياً تؤلفهم بذلك على دينهم .. واما قوله فاذا عزمت فتوكل على الله فانه يعني اذا صح عزمك تثبيتنا اياك وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من امر دينك ودنياك فأمض لما امرناك به على ما أمرناك به وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك أو خالفها وتوكل فيما تأتي من أمورك وتدع وتحاور أو تزاول عل ربك فثق به في كل ذلك وارضى بقضائه في جميعه دون آراء سائر خلقه ومعونتهم ..."
ولقد كان النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، يشاور اصحابه ، ثم يوافقهم كثيراً ، ويخالفهم أحياناً .. فقد نزل عند رأيهم في غزوة أحد ، وخالفهم حين قبل شروط صلح الحديبية ، وكان في كل ذلك ، يربيهم تربية الأحرار ، يشعرهم بقيمتهم ، وكرامتهم ، ويؤهلهم بقاعدة التربية الفردية ، للديمقراطية ، التي لم يحن حينها في ذلك الوقت .. ولقد حاول الأصحاب ، ما وسعهم الوسع ، ان يسيروا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقامت الخلافة الراشدة ، كحكم فرد ، تدعمه سلطة دينية ، وهو ما يعرف الآن بالنظام الثيوقراطي .. فلم يحدث ان تم لخليفة انتخاب .. فأبوبكر الصدّيق رضي الله عنه ، اختاروه يوم السقيفة ،على خلاف بين المهاجرين والانصار ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان قد قدمه حين كان مريضاُ ، فصلى بالناس فقال بعضهم " رضيه رسول الله لديننا أفلا نرضاه نحن لدنيانا ؟! " .. ولم يشارك كل أهل المدينة في أختيار أبي بكر ، ولم تشارك فيه الامصار ، ومع ذلك بايع كثير من الناس أبابكر ، بعد ان أصبح خليفة .. ولقد مارس ابوبكر الشورى ، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فشاور أصحابه في قتال مانعي الزكاة، فأشاروا عليه بعدم القتال ، فخالفهم وقال " والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه"!! ولو كان حاكم المسلمين ، ملزم برأي الأغلبية ، لما قامت حروب الردّة .. ولم يعط ابوبكر الناس الفرصة التي أعطاهم لها النبي صلى الله عليه وسلم ، بل جعل عليهم عمر بن الخطاب وامرهم ان يسمعوا له ويطيعوا ..
ولقد كانت الوصاية في عهد عمر أظهر منها في عهد ابي بكر ، فقد كان يشاور كثيراً،ً ويخالف كثيراً .. وحين طعن أوصى ان يختار الناس بين ستة هم علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وعبدالرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله وسعد بن ابي وقاص ، وقال لوكان ابو عبيدة بن الجراح موجوداً لوليته ، ولو كان سالم مولى حذيفة موجوداً لوليته !! وهكذا بقرار من الحاكم ، حرمت الرعية كلها ، ما عدا ستة اشخاص ، من مجرد الترشيح للرئاسة !! ولم يطعن أحد في خلافة عمر أو وصيته ، لانها كانت متسقة تماماً ، مع النظام الأسلامي الذي يقوم على وصاية الفرد الرشيد ، ولكنها بطبيعة الحال لا تتفق مع الديمقراطية .. " وما من شك في ان النظام الذي وضعه للشورى قد كان نظاماً لا يخلو من نقص ، ولعله لا يخلو من نقص شديد ، وأول ما نلا حظه على هذا النظام ضيق مجلس الشورى ... ولم يكد المشيرون يجتمعون حتى تبينوا الآفة الخطيرة التي كانت توشك ان تذهب بمجلسهم غير مذهب ، وهي ان ستة منهم كانوا مشيرين ، وكانوا جميعاً مرشحين للخلافة ، فلم يكن لهم بد من أن يحملوا أنفسهم على ما لم تتعود النفوس ان تحمل عليه ، لا لانهم كانوا يؤثرون انفسهم بالسلطان حباً للسلطان وحده ، بل لانهم كانوا يؤثرون انفسهم بالسلطان نصحاً للاسلام والمسلمين ... ولو قد وسع عمر مجلس الشورى وأكثر فيه من أمثال عبد الله بن عمر من اولئك الذين يحضرون الشورى ولا يشاركون فيها ولا يكون لهم من الأمر شئ لكان من الممكن الا يتعرض مجلس الشورى لما تعرض له من الشك والأختلاف ... ولم يخطر لعمر رحمه الله ولم يخطر للمسلمين من بعده ان الانصار كانوا خليقين ان يشهدوا الشورى ، وان يكون لهم ان يقولوا رأيهم ويشاركوا في الاختيار بين المرشحين ... وآفة اخرى نراها في تنظيم الشورى على هذا النحو ، وهي ان سلطان المشيرين كان سلطاناً موقوتاً حدد له عمر ثلاثة أيام وقبل المسلمون منه هذا التحديد ، وكان من الطبيعي ان يختاروا من بينهم رجلاً وان يستخلفوه ، وان يبايعه من حضر من المسلمين ، وان يكتب ببيعته الى الامصار ، أو بعبارة أدق ، ان يكتب هو ببيعته الى الامصار وينفذ فيها أمره ونهيه بحق الخلافة التي استمدها من هؤلاء الذين بايعوه. ومعنى هذا كله ان أهل المدينة كانوا وحدهم بمقتضى هذا النظام هم الذين اذا بايعوا الزموا المسلمين في جميع أقطار الارض ، وعلة ذلك ان المدينة كانت مستقر أصحاب النبي من المهاجرين والانصار ومواطن أهل الحل والعقد ... ولو قد وسع مجلس الشورى أولاً وجعل نظاماً دائماً بعد ذلك ، بحيث يصبح مجلس مراقبة للامام في عمله من جهة ، ومجلس اختيار للائمة كلما احتاج المسلمون الى اختيار الامام من جهة أخرى ، لكان المسلمون قد سبقواالى النظام البرلماني ..." وحتى لو كان مجلس الشورى موسعاً ، كما أقترح د. طه حسين ، فانه لا يقرب من النظام البرلماني ، ما دام الخليفة نفسه ، لم ينتخب ، ومجلس الشورى لم ينتخب ، من كافة مواطني الدولة ، المؤهلين ، والراغبين في الاقتراع ..
ولقد أختار عبد الرحمن بن عوف ، عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وعقدت له البيعة من المسلمين الحاضرين في المدينة ، فأصبح خليفة المسلمين ، على جميع الأرض التي كانت تحت سلطانهم .. ولقد خالف كثير من الاصحاب والتابعين وعامة أهل المدينة عثماناً ، وخرجوا عليه يوما ، يطالبونه بالتنحي عن الحكم ، فرفض التنحي ، وقال " والله لا اخلع ثوباً البسنيه الله " !! فهو يعلم ان الجماهير لم تنتخبه ، فلا حق لها في مطالبته بالتنحي ، ولما اشتد السخط العام عليه ، اضطر معارضوه لقتله للخلاص منه ..
أما علي بن ابي طالب رضي الله عنه ، فقد بايعه أهل المدينة ، بعد مقتل عثمان ، وتذرع معاوية بدم عثمان ورفض بيعة علي ، فتجهز علي لمحاربته ، بغرض اجباره ومن معه على البيعة .. ووقعت الفتنة ، التي قتل فيها كثير من المسلمين ، وحين آل الأمر لمعاوية ، حول الخلافة الي ملك متوارث فخرج بها عن جادة الدين ..
ان نظام الحكم ، في الشريعة الاسلامية ، هو نظام الخلافة .. وهو نظام ثيوقراطي ، يستمد فيه الحاكم ، حق الولاء من سند ديني ، ويجمع فيه كل السلطات في يده ، وما الشورى الا احدى المؤسسات ، التي تدعم نظام الخلافة ، وتحول بينه وبين التسلط .. وغرض الشورى ، هو اشعار الناس بقيمتهم ، وتعليمهم بالمشاركة بالرأي .. ومجلس اهل الحل والعقد ، ليس سلطة تنفيذية موازية لسطة الخليفة .. اما في النظام الديمقراطي ، فالحاكم لا بد ان ينتخب ، ثم هو لا يستطيع مخالفة الاجهزة التي تقاسمه السلطة ، وهي مستقلة عنه ، كالمجلس التشريعي ، والهيئة القضائية، فان اختلف معها ، رجع الى الدستور ، الذي يخضع له الحاكم والمحكوم .. ولهذا يقسم الحاكم ، بعد انتخابه ، بالولاء للدستور .. ولما كان الدستور ، يمثل قيم الامة العليا ، فكأن الحاكم يتعهد بان ينفذ ، كل ما يحقق مصلحة الامة ، كما عبر عنها دستورها .. ولكن في نظام الخلافة ، تاتي البيعة ، بعد اختيار الحاكم ، وفي البيعة نجد الجماهير هي التي تتعهد بالولاء للحاكم ، او الزعيم ، فهو صاحب السلطة ، والجماهير صاحبة الولاء والطاعة ..
ولقد نقلت الصحف مؤخراً بيعة مؤتمر الانصار المنعقد في 19-21 ديسمبر الماضي للسيد الصادق المهدي ونصها : " بايعناك على بيعة الامام المؤسس الأول وخليفته وبيعة المؤسس الثاني وخليفته بايعناك على قطعيات الشريعة بايعناك على نهج الشورى وحقوق الانسان بايعناك على الطاعة المبصرة فيما يرضي الله ورسوله بايعناك على فلاح الدنيا وصلاح الآخرة نشهد الله على ذلك والله خير الشاهدين " !! فما ظن الاستاذ كمال الجزولي بهذه البيعة ؟! وما هو موقعها من الديمقراطية "المعيارية" و " التطبيقية" التي زعم ان السيد الصادق قد غرسها في تربة الفكر السياسي الاسلامي ؟!
ان قبول السيد الصادق ، للبيعة ، انما يدل على مبلغ مفارقته للديمقراطية .. اكثر من ذلك ، ان هذه البيعة قد تمت على بيعة الامام المهدي ، التي قامت على الجهاد ، فقبولها بهذه الصيغة ، يعني قبول الجهاد وتبعاته .. وكل ذلك يتناقض تناقضاً بيّناً مع حقوق الانسان ، التي نصت عليها هذه البيعة العجيبة !! ولئن جاز هذا الأمر ، على البسطاء من جموع الانصار ، وقبله السيد الصادق المهدي ، لطمعه المعهود في الامامة والزعامة ، فانه ما كان ينبغي ان يجوز على رجل قانوني ، مثل الاستاذ كمال الجزولي ، يعرف بداهة ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، قد اعطى كل انسان حرية الاعتقاد ، وان حركات الجهاد سوى ان كانت المهدية أو غيرها ، قد صادرت هذا الحق بحد السيف !!
ومما لا يفهمه السيد الصادق ، من أمر الديمقراطية ، هو انها توجد في أصول القرآن ، وان لم توجد في فروعه .. فقوله تعالى " فذكر انما انت مذكر * لست عليهم بمسيطر" هو الذي يمكن ان يتم منه التشريع الديمقراطي .. ذلك ان الآية تنهى النبي الكريم ، على سماحة خلقه ، من السيطرة على الناس .. وهي بذلك ، تدعو لرفع سيطرة الفرد عن الجماعة ، وانت لا تستطيع ان ترفع السيطرة عن الجماعة ، الا اذا اشركت الجماعة في الحكم ، فحكمت نفسها بنفسها ، واصبحت هي صاحبة السيادة ، والسلطة في ادارة شئون نفسها ، وهذه هي الديمقراطية .. ومع ان هاتين الآيتين ، من الاصول ، الا انهما منسوختان بآيات الوصاية ، ومنها آية السيف في حق المشركين ، وآية الشورى في حق المؤمنين.. فآية السيف صادرت حق الحياة للكافر ، بسبب كفره ، وآية الشورى صادرت حق الامة ، في حكم نفسها ، وجعلت عليها صياً يشاورها ، ويملك ان يخالفها ، وهو خليفة المسلمين..
فاذا دعا السيد الصادق المهدي ، الى الديمقراطية ، فهو يدعو الى بعث القرآن المنسوخ ، وهذا ما تقوم عليه فكرة تطوير التشريع الاسلامي .. لقد قال السيد الصادق " علينا ان نقرأ القرآن بتدبر وان هناك اعتبار للآخر ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " ولقد عقبت على ذلك ، في مقال سابق ، عن السيد الصادق بقولي : وهنا مربط الفرس ، ذلك ان هذه الآية ، ومثيلاتها مثل قوله تعالى " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" قد نسخت بآية السيف ، كما ذكر سائر المفسرين ، وكما دل الواقع ، حيث انها لو كانت محكمة ، لما تمت أي ممارسة للجهاد .. فاذا دعا السيد الصادق المهدي ، الى بعث القرآن المنسوخ ، فقد وفق للحل الامثل ، وتبقى اشكالية بسيطة، ولكنها عظيمة ، لدى السيد الصادق ، وهي ان هذا الفهم ، قد طرحه الاستاذ محمود محمد طه قبل خمسين عاما ،ً فاذا وافق عليه السيد الصادق اليوم ، ثم اتقن فهمه ، فسيكون تلميذا وليس زعيماً !!
الصادق وممارسة الديمقراطية
اما من حيث الممارسة ، فقد كان السيد الصادق ، من ابعد الناس عن الديمقراطية .. فهو قد دخل الحياة السياسية بمفارقة للديمقراطية ، حيث تنازل له أحد اتباعه ، من الدائرة التي فاز فيها !! ثم عندما كان رئيساً للوزراء ، عام 1965 عدلت حكومته الدستور ، لتتمكن من حل الحزب الشيوعي السوداني ، وطرد نوابه المنتخبين ، وحين حكمت المحكمة العليا ، بعدم دستورية التعديل رفض رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي قرار المحكمة العليا بقوله " ان الحكومة غير ملزمة بان تأخذ بالحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية " مما جعل السيد بابكر عوض الله رئيس القضاء يستقيل من منصبه وقد جاء في استقالته " انني لم اشهد في كل حياتي القضائية اتجاهاُ نحو التحقير من شأن القضاء والنيل من استقلاله كما ارى اليوم ... انني أعلم بكل اسف تلك الاتجاهات الخطيرةعند قادة الحكم اليوم ، لا للحد من سلطات القضاء في الدستور فحسب بل لوضعه تحن اشراف السلطة التنفيذية .." وحين عارض السيد الصادق المهدي ، نظام مايو ، أدعّى انه يرفض مبدئياً نظام الحزب الواحد ، ويرفض النظم العسكرية لانها غير شرعية .. ولقد قاد حزبه ، الغزو من الخارج عام 1976 ، ولكنه صالح مايو عام 1977 وقبل ان تجف دماء اتباعه ، الذين قتلوا في الغزو الذي قام به ، ونسى ادعاؤه الحرص على التعددية الحزبية ، ودخل الاتحاد الاشتراكي ، وادى قسم الولاء لثورة مايو الظافرة !!
وبعد ان سقط نظام نميري ، صرح السيد الصادق ، بان قوانين سبتمبر ، لا تساوي المداد الذ ي كتبت به .. فظن الناس انه سوف يلغيها ، بمجرد وصوله للسلطة ، وحين وصل الى السلطة لم يلغها ، بل ائتلف مع الجبهة الاسلامية القومية ، التي كانت اكبر من دعم تلك القوانين ، واشاد بها ، واقام ماسماه حكومة الوفاق الوطني عام 1988 والتي عين الترابي وزيراً للعدل فيها.. ثم قام بتكوين لجنة ، لتأتي بقوانين اسلامية بديلة ، ولم يحفل باعتراض الجنوبين ، وانسحابهم من الجمعية التأسيسية ، بل رفض اتفاقية السلام ، التي تمت بين السيد محمد عثمان الميرغني ود. جون قرنق ، واستمر في تصعيد الحرب في الجنوب .. ولما قامت مجموعة من اساتذة جامعة الخرطوم ، بمقابلة وفد من حركة د. جون قرنق ، في أمبو باثيوبيا للحوار معه ، حول موضوع السلام ، قامت حكومة السيد الصادق باعتقالهم ، واتهمهم الناطق الرسمي باسم الحكومة ، آنذاك ، السيد مبارك الفاضل بالخيانة !!
ولقد قامت حكومة الصادق ، بتسليح قبائل الرزيقات ، لضمان الولاء لحزب الامة.. فاستقلت تلك القبائل ، هذا الوضع ، واغارت على القبائل الجنوبية ، فقتلت ، وشردت ، واسترقت .. وحين كتب الاستاذان د. عشاري و د. بلدو، عن هذه الماساة ، التي حدثت في نظام ديمقراطي كتابهما " مذبحة الضعين " ، اعتقلتهما حكومة السيد الصادق ، لتنفي هذه الحوادث المؤسفة ..
وحين حدث انقلاب الجبهة الاسلامية ، ادعى السيد الصادق انه مع المعارضة ، ثم لحق بعد فترة بالتجمع .. ولكنه ما لبث ان أختلف مع التجمع، واخذ يصرح باقوال يمهد بها للعودة للبلاد ، والتفاهم مع النظام .. ومن ذلك قوله " هذه أول مرة يقبل فيها نظام شمولي الآخر ويقبل الحوار الجاد والتعددية السياسية. " وكما خان السيد الصادق اتباعه الذين ماتوا في الغزو عام ،1976 بدخوله في النظام الذي ضحوا بارواحهم لازالته ، دون ان يغير ذلك النظام طبيعته ، خان الذين ضحوا بالتغرب في ارتيريا ، حين اشاد بالنظام الذي شردهم ، ثم لم يعط اسرهم شئ من مال الحزب ، مما جعلهم يعتدون بالضرب ، على د. عمر نور الدائم !!
وحين سئل عن خلافه مع السيد بكري عديل قال السيد الصادق " وقد رأت الهيئة ان بكري عديل تعدى الخطوط الحمراء لما صدر عنه من حديث عن مذكرات خاصة بالحزب وفي حالة لفت النظر وفي حالة التوبيخ هذه صلاحيات الهيئة وحدها وفي حالتي التجميد للعضوية أو الفصل اذا استأنف الطرف المعني لرئيس الحزب لرئيس الحزب الحق في تعديل الحكم ". ولم يحدثنا السيد الصادق لماذا توجد خطوط حمراء في حزب ديمقراطي ، ولماذا يقوم حزبه بتوبيخ اعضائه وكأنهم اطفال ؟! واذا رفع السيد بكري عديل استئنافه ، فما الضمان على ان ذلك ينجيه من المزيد من الأذلال ؟! فان اصحاب مذكرة الاربعين ، الذين طالبوا بالديمقراطية داخل الحزب ، لم يقبل السيد الصادق اعتذارهم ، حتى كتب كل واحد منهم ، توبة ، تسلمها السيد الصادق منهم جميعا ،ً امعاناً في اذلالهم وتحقيرهم !!
والسيد الصادق ، لا يعجز عن ممارسة الديمقراطية في الحكومة ، وفي الحزب فحسب ، بل يعجز عنها حتى كسلوك حضاري عام ، ذلك ان الديمقراطية ، تحتاج الى قدر من التربية ، والتواضع الفكري ، لا يتاتى مع الوضع الطائفي الذي نشأ عليه السيد الصادق المهدي .. فقد علق على الحوار الذي تم بينه وبين السيد مبارك الفاضل في برنامج بتلفزيون السودان السيد عبد اللطيف البوني بقوله " ولكنه للاسف ظهر يومها وفي ذلك البرنامج بمظهر القابل للاستفزاز والساعي للتصعيد فمبارك المهدي الذي ظهر معه في البرنامج رغم اختلافه الصادق الا انه كان منضبط اللسان وكان مكرماً للمشاهدين وكان يذكر الصادق بالاسم بعد ان يقدم عليه كلمة الأخ اما الصادق فلم يذكر مبارك بالاسم بل كان يشير اليه بعبارات مثل ( اخونا بتاع سوبا) بل واهدانا قصة عن مبارك تقول بانه في نزاع مع شقيقاته حول ارث منزل استمر لمدة 32 سنة... فمثل هذا التشنيع لا يقال على الهواء ولكل أهل السودان ثم ثانياً وخلال هذه الثلاثين سنة ومبارك يقف في المحكمة في مواجهة شقيقاته كان ذات المبارك الساعد الايمن للسيد الصادق وكان أقرب الناس اليه ، فلماذا لم ينهي الصادق ذلك النزاع أو يبعد مبارك عنه ، على اساس ان من لم يكرم شقيقاته لن يكرم الآخرين ". ان الاسئلة ، التي اثارها السيد البوني ، ليس لها الا اجابة واحدة ، هي ان السيد الصادق قبل السيد مبارك الفاضل ، بكل سوآته ، ومخازيه ، حين كان يؤيده ، وهو يريد الآن ، ان يفضحه ، ويشنع به ، في قضية اسرية حساسة ، لانه انشق عليه ، وخالفه .. وهذا هو الفجور في الخصومة ، وهو من صفات المنافق ، كما انه من ادلة العجز عن السلوك الديمقراطي ..
والسؤال الآن هو : هل يعلم الاستاذ كمال الجزولي ، بكل هذه الأحداث ، باعتباره سياسي مهتم ، ثم بعد ذلك ، يعتقد ان السيد الصادق المهدي ، فهم الديمقراطية نظرياً ، وظل ثابتاً على ممارستها ، طوال ربع القرن الماضي ؟!
ديمقراطية الاخوان المسلمين !!
والاستاذ كمال الجزولي ، يذكر آخرين ، ويورد من شذرات من اقوالهم ، كيف انهم ايضاً ، مجتهدين دعوا الى الديمقراطية .. مثل الشيخ محمد الغزالي ، ود. سليم العوا ، و د. فهمي هويدى ، و د. يوسف القرضاوي ، و د. عبد الوهاب الأفندي ، ود. عبد الله النعيم .. وكل هؤلاء الكتاب من الاخوان المسلمين ، ما عدا د. عبد الله النعيم !! ولئن تحدثوا عن الديمقراطية ، فانما هو مجرد حديث ، يشبه أحاديث الترابي .. وهم يظنون انه بمجرد تبني الحداثة ، يمكن ان يكسبوا الشباب ، دون التعرض لمواجه النصوص.. وهذا خداع ، يوجهه مطمع الاسلام السياسي ، في الوصول للسلطة .. والا لماذا لم نسمع من هؤلاء الكتاب الاسلاميين ، أي ادانة لاعمال الارهاب والتطرف ، التي جرت في مصر ، وفي الجزائر وفي غيرها ؟! بل ان هؤلاء الاسلاميين ، ابدوا اعجابهم بنظام الجبهة الاسلامية ، حين كان الترابي على قمته.. ولا عبرة بنقد د. عبد الوهاب الافندي للجبهة ، وهو ما زال يعتقد بان مشكلة السودان هي عدم تطبيق الشريعة الاسلامية الذي فشلت الجبهة فيه !!
أما بروفسير عبد الله النعيم ، فبالرغم من انه كاتب اكاديمي متميز ، وناشط عالمي في مجال حقوق الانسان ، وصاحب دراسات عديدة في المفهوم التقدمي للاسلام ، حتى ان كثيرين في الغرب لقبوة " مارتن لوثر الاسلام" ، الا انه ليس مجتهداً ، وانما هو في الفكر الاسلامي ، تلميذ من تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه ، والاستاذ محمود هو المجتهد ، الذي كتب حوالي الاربعين كتاباً ، وكتب تلاميذه ، بتوجيهه ، ما يربو على المائة وستين كتاباً ، في امر الفكر الاسلامي ، بمفهومه الجديد ، ومع ذلك هو الذي ذكر الاستاذ كمال الجزولي ، كل هؤلاء وتجنب ان يشير اليه مجرد اشارة !!
ان أي متحدث عن الاسلام وقضايا العصر ، لا يستطيع ان يتجاوز الاشارة للاستاذ محمود محمد طه ، سواء خالفه او وافقه .. فان فعل ، فانما هو الغرض ، والتعامي عن الحقائق ، وقصور المنهج العلمي ، وضعف الحياد الفكري.. وكل ذلك يسوق الى هذه الزلة ، التي سقط فيها ، عدد من المثقفين السودانيين ، ومنهم للأسف الكاتب والشاعر الاستاذ كمال الجزولي المحامي !!
عمر القراي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
جاء في العدد الأخير من جريدة الميدان الآتي:ـ
فى الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد محمود محمد طه: ـ
سيظل شعب السودان يذكر اليوم الثامن عشر من يناير 1985م، حين علت ابتسامتك المضيئة حبال المشنقة، ودخلت قلوب كل الوطنيين، مفجرة غضبا ساطعا ظلت جذوته متقدة حتى الاطاحة بديكتاتورية حكم الفرد الفاسد. فالمجد والخلود لشهيد الرأى ولكل شهداء الديمقراطية وحرية الراى وشرف الكلمة. ـ
http://www.midan.net/nm/private/almidan/m1977/midan1977.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
بسم الله الرحمن الرحيم الانتهاكات الدينية والسيد وزير الخارجية إلى حضرة الأستاذ الحاج وراق تحية واحتراما جاء في صحيفتكم - صحيفتنا - الحرية ، وتعليقا على قرار أميركا بأدراج السودان ضمن قائمتها الخاصة ، بانتهاك الحريات الدينية ، قال السيد وزير الخارجية د. مصطفى عثمان أن هذا القرار ( قرار سياسي أخذ يتكرر حرفيا عاما بعد عام ، وهو بعيد كل البعد عن الواقع الموجود في السودان ... ويواصل السيد الوزير أن هناك جهود مبذولة ، من الوزارات المختصة لدحض هذه الادعاءات التي أصبحت لا تجد رواجا ألا في المجتمع الأميركي كما هو واضح مع أوروبا وغيرها مع الدول ) .. انتهى جريدة الحرية 11/3/2003 ـ
السيد وزير الخارجية : ـ لقد أقمت معرضا عن الفكر الجمهوري بمنزلي بقرية ود البخيت شمال امدرمان .. افتتحته لمواطني القرية في يوم الخميس 16/يناير/2003 وذلك بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال الأستاذ محمود محمد طه ..يحتوى المعرض على لوحات ، تحوى أفكار الأستاذ محمود ، ودعوته لتطوير التشريع الإسلامي في المجالات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، كبناء حتى للمجتمع .. كما يحتوى على المعرفة بطبيعة النفس البشرية ، وتهذيبها ، والتصالح معها ، من ثم ، وفق منهج السنة النبوة المطهرة ، وذلك ، لأن منهج السنة ، إنما هو منهج نفس اكتملت لها عناصر الصحة الداخلية ، واتسقت قواها الباطنية ، فسلمت من الخوف ، والقلق ، والاضطراب ، الذي استشرى في وقتنا الحاضر ، بصورة كان من نتائجها ، فساد حياة الرجال ، والنساء والشبان والشابات ، ولذا فقد رفع الفكر الجمهوري النموذج النبوي كمثال ، ليهذب أفراد المجتمع البشرى ، أنفسهم ، على نحو مما فعل النبي الكريم ، عليه أفضل الصلاة ، وأتم التسليم .. وقد وطن الجمهوريون ، أنفسهم ، على هذا النهج النبوي القويم ، فوضعوا أنفسهم ، بذلك ، في طريق تهذيب النفس ، فاشتهروا بالمسالمة ، والوداعة ، في معية الفطنة ، والكياسة ، والتعبير الصادق ، واحترام الرأي الآخر .. ـ وأسسوا ، وفقا لذلك ، المنابر الحرة ، وأركان النقاش ، التي كانت تدار في الأماكن العامة ، والجامعات ، والمعاهد ، والمدارس ، وجميع ، مجامع الشعب .. ـ هذه ، وتلك ، هما محتويات ، ما عرضته ، للمواطنين بمنزلي ، بضاحية امدرمان .. غير أن هذا المعرض صودر ، ومعه أكثر من ثلاثمائة كتاب ، وأربعة عشر شريط كسيت تحتوى على محاضرات للأستاذ محمود ، طبعت تلك ، وسجلت هذه ، منذ ستينات القرن المنصرم ، كما أعيد طبعها ، وتسجيلها ، في كل العهود ، ومنذ عهد الاستعمار .. تمت المصادرة في يوم الجمعة 17 / يناير / 2003 أي في اليوم الثاني لافتتاح المعرض ، لمواطني القرية ، وقبيل ، منتصف الليل بقليل .. كما تم اعتقالي ، في نفس الليلة ، وجرمي ، في ذلك ، عرضي لهذا المعرض ، فصودرت بذلك حريتي ، بل انتهكت ، داخل حرم ، وحرمة منزلي ، ولم يطلق سراحي إلا في 4 فبراير ، بعد مضى ثمانية عشر يوما .. ـ
السيد وزير الخارجية : ـ عندي أن أفكار الأستاذ محمود محمد طه ، هي ، أفكار دينية ، بل ، هي ، الأفكار الدينية ، الوحيدة ، فيما أرى ، الناطقة ، عن معاني القرآن اليوم .. ولذا ، فهي تعبر عن وقتها ، ولكل شئ ، في الزمان وقته ، في معنى ما تعبر ، عن طاقة ، وحاجة إنسان اليوم ،حيث وجد هذا الإنسان ، وهى ، في ذلك دعوة إلي السلام ، ونبذ العنف ، والتطرف ، والهوس الديني .. وقد يرى فيها السيد الوزير ، وغيره ، من سائر الناس ، عكس ما أرى ، وليس هذا مجال تساؤلي ، ولا اعتراضي ، فالإتلاف حق مشروع : شرعه القرآن ، قبل أن تقننه حقوق الإنسان ، قال تعالى في ذلك : ( وأنا ، أو إياكم ، لعلى هدى ، أو في ضلال مبين ) كما قال تعالى : ( وقل الحق من ربكم ، فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر ..) .. ـ إذن ليس هذا ، وذاك مجال تساؤلي !! غير أنى أتساءل : ألا يشكل مصادرة المعرض بهذه الطريقة ، واعتقال صاحبه ، انتهاكا للحريات الدينية ؟؟ ومصادرة معرض للأفكار ، من داخل المنزل ، لا لشيء جناه سوى ، عرضه المسالم ، لفكر سلمى ، يدعو فيه لأن يحقق كل فرد من أفراد المجتمع البشرى السلام بداخله يدعو غيره إليه .. إلا يشكل مثل هذا الاعتقال ، وتلك المصادرة ، أشد ، وأشنع صور الانتهاك للحريات الدينية ؟؟!! فكيف ، ومتى يكون الانتهاك ؟؟ ثم ، إنكم يا سعادة الوزير قد تحدثتم عن جهود مبذولة من الوزارات المختصة ، لدحض ما وصفتموه ( بالادعاءات ) !! أما كان أولى بهذه الوزارات المختصة ، أن تبذل جهدها ، في مراجعة القوانين المنتهكة للحريات الدينية ، كالقانون الجنائي ، في مادته (( 126 )) مادة الردة .. ـ وهى مادة قصد بها إرهاب الخصوم الفكريين ، والسياسيين ، وإذلالهم !! غير أنها لا تمثل انتهاكا لحريات المعارضين الدينية ، فحسب ، بل تمثل ، انتهاكا ، حتى لحريات حكام الإنقاذ ، ما داموا يعملون وفقا لدستور الإنقاذ لسنة 1998 .. فدستور الإنقاذ يتحدث عن المواطنة .. والمواطنة ، تعنى أن لغير المسلم ، بل لغير المسلمة الحق ، في رئاسة الدولة الإسلامية .. ومعلوم بالضرورة ، أن الإسلام ، في شريعته غير المطورة ، لا يولى المرأة القضاء ، دع عنك أن يوليها رئاسة الدولة الإسلامية .. ـ بناء على ما تقدم ، ألا ترى يا سيادة وزير الخارجية ، أن جهد الوزارات المختصة ، أولى أن يبذل ، في جعل قوانين الإنقاذ وموادها ، قوانينا ، وموادا ، دستورية ، لا تتناقض مع دستورها الذي دونته بيدها ؟؟ كهذا التناقض الذي أشرنا إليه أعلاه بين الدستور ، ومادة الردة بالقانون الجنائي ؟؟ حيث تصادر الردة الحريات الدينية ، وغير الدينية التي كفلها الدستور !! بل هي لا تصادر الحريات الدينية ، فحسب ، بل تصادر الحياة برمتها ، لمجرد الخلاف في فهم النصوص الدينية ، وكيفية انطباقها على الحياة المعاصرة .. ومعلوم بداهة أن النصوص ، ليست غاية في ذاتها ، وأنما هي ، وسيلة لإخصاب الحياة ، وتنميتها ، في مراقي الكمالات الإنسانية ، المدخرة ، من قبل الله للبشرية الحاضرة . ـ ومهما يكن من أمر ، فهذا ، هو ، واقع الحال الذي حدثتنا عنه سيادة الوزير ، وأنت تعلق على بعد القرار الأميركي (كل البعد ، عن واقع الوجود في السودان ) !! فأيهما البعيد ( كل البعد عن واقع الوجود في السودان ) عزيزي القارئ ؟؟ ما صورناه بعد معايشة ، أم الذي تصوره الوزير ؟؟
عبد الله فضل الله عبد الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
مسؤولية النقـد بين (الجـبهة) وخصـومها مزيد من الهوامش على طرح د. عبد الله علي إبراهـيم
د. النور حمد E-mail: [email protected] [/align:9a7787015f]
القضاة الشرعيون والتسييس الديني:
نشرت قبل أسابيع، مقالا، نقديا لطرح الدكتور، الفاضل، عبد الله على إبراهيم، حول ما أسماه التقليد الشرعي، والحداثة. وقد ركزت في ذلك المقال على إنحاء الدكتور الفاضل، باللائمة على الجمهوريين في تغليظ القول، على القضاة الشرعيين، في حقبتي الستينات، والسبعينات، من القرن الماضي. وقد أوضحت، في مقالي السابق، أن العراك مع القضاة الشرعيين ليس مما كان ممكنا تجنبه، أصلا. فالقضاة الشرعيون لم يتجهوا إلى الحوار، بداية، وإنما جنحوا منذ الوهلة الأولى، إلى إستخدام سيف القانون، لإسكات صوت الإجتهاد الإسلامي، الذي رأوا مغايرا، لما درسوه في مؤسسات التعليم الديني التقليدية، كالأزهر والمعهد العلمي بأم درمان، الذي أصبح فيما بعد جامعة أمدرمان الإسلامية، وكلية الشريعة بجامعة الخرطوم. كان القضاة الشرعيون، هم البادئين بالحرب، وبالتجني على الأستاذ محمود محمد طه، والإخوان الجمهوريين. ولقد قادتهم خصومتهم، المبيتة، لفكر الأستاذ محمود محمد طه، إلى درجة خرجوا فيها بالمحكمة الشرعية العليا بالخرطوم، جملة واحدة، عن قانون تأسيسها، الذي أنشئت بموجبه، وأعطوها، فجأة، وبلا مقدمات، وبلا أي مسوغ قانوني، حق النظر في قضية ردة! ومما ورد ذكره أيضا، في المقال السابق، أن تلك القضية قد رفعت من جانب بعض المشائخ، وأن بعضهم محسوب على جماعة جبهة الميثاق الإسلامي، كالشيخين، على طالب الله، وعطية محمد سعيد.
وفي تحريات الجمهوريين اللاحقة، اتضح أن الذين تقدموا بتلك الدعوى، لم يروا بأسا في أن يزوروا القاضي، الذي تخيروه لنظر الدعوى! نعم! ذهبوا إلى القاضي، توفيق أحمد الصديق، في عقر داره، وقبل التقدم بالدعوى، ليستشيروه في رفعها!! أكثر من ذلك!! فهم من فرط غفلتهم، عما ينبغي أن يكون عليه حال القاضي، من النزاهة، والحياد، لم يجدوا بأسا في إذاعة خبر ذلك اللقاء، الذي تم بينهم وبين القاضي، في بيته، على الملأ!! بل، وذهبوا ليشيدوا بذلك القاضي، قائلين إنهم حين تحدثوا إليه، بشأن نيتهم في رفع الدعوى، لمسوا فيه غيرة على الحق، واستعدادا لنصرته!
أردت إيراد ما تقدم، لأنني جد متعجب من إسباغ الدكتور، عبد الله علي إبراهيم، صفات حسن الذوق، وحسن التدريب، على القضاة الشرعيين، في سلسلة مقالاته الأخيرة. كما أنني متعجب أكثر، في تعويل الدكتور الفاضل، على هذا القبيل من (القانونيين) السودانيين، لكي يتولوا رسم مستقبل بلادنا القانوني، وما يتبع ذلك من مهام أخرى كثيرة، تتعلق بربطنا، بفضاءات التحديث، ومن منطلق فهم عصري للدين! ويقيني أنني لا أعمم تعميما غير منضبط هنا. فمن وصل منهم إلى درجة قاضي محكمة عليا، يمثل قطعا البقية منهم، خير تمثيل.
بعد أن أصدرت المحكمة الشرعية العليا، بالخرطوم، حكمها بالردة، ضد الأستاذ محمود محمد طه، في نوفمبر 1968، دعت أيضا، في تذييلها لحيثيات ذلك الحكم، إلى إغلاق دور الحزب الجمهوري، ووقف نشاطه، ومصادرة كتبه، ولم تنس أن تطلب المحكمة أيضا، تطليق زوجة الأستاذ محمود منه، على زعم أنه قد أصبح (كافرا). ويترتب على ذلك تلقائيا، حسب فهم هؤلاء القضاة، ألا تبقى زوجته، في عصمته، لأنه لا يجوز للمسلمة، وفقا للشريعة الإسلامية، أن تكون في عصمة (كافر)! كما نادت المحكمة أيضا، بـ (مؤآخذة) كل من يردد آراءه! الشاهد أن المحكمة الشرعية العليا، في الخرطوم، قد دللت عمليا على قصور القضاة الشرعيين عن فهم أبجديات قضايا العصر، وأبجديات ما تعنيه الدولة الحديثة، وما يعنيه أمر صيانة حقوق المواطنين الدستورية فيها. وكل هذه الأمور كافية جدا، لسلب القضاة الشرعيين أي مزية تتعلق بالتأهيل، لرسم صورة المستقبل في بلادنا، وأي بلد إسلامي آخر.
ثم قضية بورتسودان!
هذا ما كان من شأن القضاة الشرعيين، ومحكمة الردة التي أقاموها للأستاذ محمود محمد طه، في الستينات. أما في منتصف السبعينات، فقد أقام الإخوان الجمهوريون معرضا لفكرتهم في مدينة بورتسودان. وكان ضمن المعروضات لوحة تتحدث عن ماضي القضاء الشرعيين، في ممالأة المستعمر، وتسلم ما سمي (كساوي الشرف) من قبل السلطات البريطانية. فأوعز كبار القضاة الشرعيين، بالخرطوم، للقاضي إبراهيم جاد الله، الذي كان، حينها، يعمل بمدينة بورتسودان، بأن يرفع دعوى قذف، ضد الأستاذ محمود محمد طه، وعددا من الإخوان الجمهوريين. أذكر منهم، المرحوم، بكري الحاج عبد الله، وبدر الدين يوسف السيمت، وأحمد المصطفى دالي. وذلك بحكم كونهم القائمين الفعليين، على أمر ذلك المعرض. فبعد أن فشلت مهزلة محكمة الردة، عام 1968، حاول القضاة الشرعيون أن ينالوا من الأستاذ محمود، بطريق آخر، وذلك بإدانته قضائيا، بتهمة القذف. وليتصور معي القارئ الكريم فداحة، أن يدان شخص، في قامة الأستاذ محمود محمد طه، الفكرية، والخلقية، في جريمة قذف. والقذف، كما هو معروف، جرم متعلق برمي الغير بتهمة باطلة. وليس للمتهم في تهمة القذف، سوى خيارين فيما يتعلق بخط الدفاع، وهما: إما أن ينكر كليا، ما صدر منه، قولا، أو كتابة، أو أن يتقدم إلى إثبات ما قاله، أو ما كتبه، بالدليل الذي لا يقبل الشك. وقد كان خط الجمهوريين الدفاعي، بطبيعة الحال، هو أن يثبتوا صحة ما قالوه في القضاة الشرعيين. وقد استمرت المحكمة لمدة من الوقت، أثبت فيها الجمهوريون بالوثائق، والوقائع، أمام المحكمة، صحة كل ما قالوه في شأن القضاة الشرعيين. الأمر الذي أضطر القضاة الشرعيين، نهاية الأمر، إلى توجيه الشيخ إبراهيم جاد الله، لكي يتنازل عن الدعوى، قبل أن تصل المحاكمة إلى نهايتها. وقد استطاع الأستاذ محمود محمد طه، أن يحول القضاة الشرعيين، من متظلمين، إلى متهمين. وتحولت القضية، من ثم، إلى محاكمة مفتوحة، لتاريخ القضاء الشرعي. ولم يجد الشاكي، القاضي، إبراهيم جاد الله، نهاية ألمر بدا من الإنسحاب، نزولا عند رأي رؤسائه. فانسحب عن الدعوى، وجرى من ثم، شطب القضية.
الترابي وزعامة ألوان الطيف السلفي:
أردت من إعادة سرد تلك الأحداث، التذكير بضرورة ألا نقفز فوق الوقائع التاريخية، ونرسم صورا وردية لتاريخ مؤسساتنا، لا تسندها حقائق، جلية، ولا تقوم على واقع الممارسات العملية، لهذه المؤسسات. وأود أن أضيف إلى ذلك، أن موقف القضاة الشرعيين، من الأستاذ محمود محمد طه، والجمهوريين، في حقبتي الستينات، والسبعينات، من القرن الماضي، لم يكونا موقفين معزولين عن السياق السياسي العام، والجو السياسي الذي خلقته جبهة الميثاق الإسلامي، بقيادة الدكتور حسن الترابي، وعبأته بكل ملتهب، من شعارات الهوس الديني. خاصة ما كان من أمر المزايدات بورقة الدستور الإسلامي. فقد استهدف الخط السياسي التعبوي، الذي انتهجته جبهة الميثاق الإسلامي، تصفية الدستور القائم وقتها، ومن ثم تصفية أساس الديمقراطية السودانية. وقد تجلى ذلك، أبلغ التجلي، في انمحاء الخطوط الفاصلة بين السلطات الثلاث، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، الذي تجسد في قضية حل الحزب الشيوعي الشهيرة. فحين حكمت المحكمة الدستورية، ببطلان حل الحزب الشيوعي، سار رئيس الوزراء وقتها، السيد، الصادق المهدي، على خطى الدكتور الترابي، وقال: إن حكم المحكمة العليا، مجرد حكم تقريري. وجرى من ثم وضع السلطة التشريعة، والسلطة التنفيذية، فوق السلطة القضائية. ومنذ تلك اللحظة بدأ مسلسل البلايا الذي حول القضاء السوداني إلى أضحوكة، وإلى تابع ذليل للسلطة التنفيذية، تحركه كيف شاءت، مما وسم معظم عهود الحكم، التي تلت.
بعد عام واحد فقط، من ثورة أكتوبر 1964، بدأت جبهة الميثاق في تعبئة الشارع بالشعارات الإسلامية، متعمدة إرباك المشهد السياسي السوداني، وديمقراطيته المتعثرة. فجرى حينها، الكثير من خلط الأوراق. وقد كان هدف جبهة الميثاق، منذ البداية، هو تقصير الحقبة الديمقراطية، ما أمكن، عن طريق سحب البساط من تحت أقدام الحزبين الكبيرين. وذلك، عن طريق جرهما للمزايدة على الشعار الإسلامي. وقد ظهر نجاح جبهة الميثاق، في جرجرة الحزبين الكبيرين، إلى خندقها، أوضح ما يكون، في قضية حل الحزب الشيوعي السوداني، كما تقدم شرحه. وقد بدأت تلك الجرجرة تأخذ تجسيدها العملي، عقب حادثة طالب معهد المعلمين العالي، الشهيرة، مباشرة. وقد اعترف قادة (الإخوان) أنفسهم، مؤخرا، باستغلال تلك الحادثة، أبشع إستغلال. في تلك القضية، وقف الحزبان، الكبيران بالفعل، ضد جوهر المباديء الديمقراطية، التي أتت بهما إلى الحكم. ويمكننا أن نؤرخ لبداية الممارسات المنحرفة، في أسلوب المعارضة،السياسية، بتذكر تلكم الأيام المظلمات.
المعارضة في الوضع الديمقراطي، المعافى، هي الوجه الآخر للسلطة التنفيذية. المعارضة الراشدة لا تعمى عن رؤية المشروع الوطني، وثوابته. وهي بهذا المعنى تمثل الوجه الآخر للسلطة التنفيذية. كما تمثل المؤسسة التي ينبغي أن تعين السلطة التنفيذية، على السير فوق الجادة، دون تلاعب بالثوابت الوطنية. غير أن المعارضة أصبحت منذ تلكم الأيام، لا هم لها، البتة، سوى الوصول إلى الكرسي، وبأي سبيل، وأي ثمن. وبما أننا مقبلون، في المستقبل القريب، على ممارسة جديدة للديمقراطية، فينبغي أن نراجع ممارستنا لمفهوم المعارضة عبر حقب الحكم الوطني، ودراسة التأثيرات السالبة لأسلوب المعارضة المنحرف، على جملة المشروع الوطني، وعلى عملية بناء الثوابت فيه. والحق أن كل ألوان الطيف السياسي، يمينا، ويسارا، ووسطا، قد أسهمت بقدر،يقل هنا، ويكثر هناك، في تلك الممارسة، المدمرة، القصيرة النظر. ولابد من التأكيد، في نهاية هذه الفقرة، على أن أساليب المعارضة، غير البناءة، قد ابتدرها، أصلا، الحزبان الكبيران، الأمة، والإتحادي، بُعَيْد فجر الإستقلال، وقد تعلمتها منهما الأحزاب العقائدية، كالإخوان المسلمين، والشيوعيين.
فكر الإخوان المسلمين هو المسؤول الأول:
لقد أسهم الشيوعيون السودانيون، دون شك، في تحويل العمل النقابي، إلى أداة ضغط سياسي، وإلى وسيلة لاحراج للحكومات، وأرباك خططها، وإفقادها توازنها. وقد تم كل ذلك، تحت غطاء المطالب النقابية المشروعة. وهذا نمط من أنماط المعارضة المضرة بالمشروع الوطني. واليسار مطالب، بتقفي هذه التجربة، ودراسة آثارها السلبية، على مجمل حركة التنمية الإقتصادية، والسياسية، في التنمية في البلاد. ولتكن السكك الحديدية، الحق الأول لمثل هذه الدراسة النقدية. أما في في مجال تخريب الممارسة الديمقراطية، فإني أميل من حيث الوقائع التاريخية، إلى الإنحاء الأكبر باللائمة على (الحركة الإسلامية السودانية) في ما يتعلق بإرباك تطورنا الديمقراطي. وعل هذه الحركة إعادة قراءة، ممارساتها السياسية، التي لم تقف وراءها أية فكرة، أو اي مشروع واضح المعالم. ينبغي في تقديري، على (الحركة الإسلامية) أن تعود إلى جذور أزمتها، في المرتكزات الفكرية، الضحلة. وما من شك أن جبهة الميثاق الإسلامي، التي ملت الساحة السياسية ضجيجا، في الستينات، لم تكن لها فكرة. وكل ما قامت عليه، لم يكن، في حقيقة الأمر، أكثر، من تلك الشذرات، غير المتماسكة، التي جاء بها الرواد الأوائل من السودانيين، الذين تتلمذوا على حركة الإخوان المسلمين المصرية. وكل حصيلة أولئك الرواد السودانيين الأوائل، لم تكن أكثر من ردود فعل عاطفية، لما استقوه، وتشربوه، من (مانفستوهات) محمد قطب، وسيد قطب، التحريضية، الغاضبة، ومعمياتها الشعارية، المراوغة، وخطابها المنغلق العنيف. يضاف إلى ذلك، فإن تلك الطلائع (الإخوانية)، قد تأثرت أيضا، بالرافد الإخواني القادم من شبه القارة الهندية. وهو رافد موغل في الإنغلاق، والسلفية، والتعنت. (راجع أراء أبو الأعلى المودودي، في (الحجاب)، و(حقوق أهل الذمة). ولذلك، لم تكن عقول من تصدوا لرفع الشعار الإسلامي، وتحكيم الإسلام في حياة الناس، مغايرة في شيء، لعقول سائر المشايخ، من السلفيين. وهذا هو ما جعل القضاة الشرعيين، ومدرسي التربية الإسلامية، وغيرهم ممن تلقوا دراسات إسلامية (وظيفية) امتدادا طبيعيا لرأس الحربة، الذي مثله فكر الإخوان المسلمين السياسي، الراديكالي.
كانت بدايات الحركة الإخوانية الإسلامية، في السودان، غارقة في العاطفة، والعموميات، والتبسيط. وقد وضح من كثير من مواقف هذه الحركة، ونهجها، وطرحها، أن أفق قياداتها، المعرفي، والسياسي، لا يمتاز كثيرا، على أفق مجنديها من طلبة الثانويات. وما من شك، ان كثيرا من التطور قد لحق بفكر بعض تلك القيادات، فيما بعد، وبخاصة الدكتور حسن الترابي. غير أن ذلك التطور، لم ينعكس إيجابا على الممارسة السياسية في الدولة الأنموذج التي أقاموها عن طريق إنقلاب الإنقاذ 1989 في السودان. فرغم كل ما قام به الدكتور الترابي، مؤسس (دولة الإخوان) في السودان، من مغازلات ثرة لآفاق التحديث، ومن مناورات لتجاوز التركة السلفية المثقلة، المشرجة أصلا، في جسد حركته، إلا أن دولته، بقيت مشدودة إلى الجذور النابتة أصلا في تربة التبسيطية، الشعارية، الهتافية، الأولى، التي انطلقت منها قبل نحو خمس عقود. كما أن التطور الذي أصاب الترابي، لم يكن تطورا أصيلا، بقدر ما كان جملة من الإلتواءات، و(البهلوانيات) التي أودت، نهاية الأمر، بمصداقيته، حتى وسط قومه أنفسهم. فقد درَّب الدكتور الترابي تلاميذه، على كل الأساليب (البراغماتية/الميكافيلية)، فأراه تلامذته، نهاية الأمر، صنفا منها، لم يخطر له على بال. ولسوف أفرد مقالا عن التطور السياسي، للدكتور الترابي، في وقت لاحق. أركز فيه على تناقضاته، ووجوه الثرة، المتقلبة، وكيف أنه جنى الشوك الذي زرع.
ظل سيد قطب الباقي:
استماتت قيادات الحركة الإخوانية، بطريقة وأخرى، في التمسك بما دعا إليه سيد قطب، منذ البداية. وأساس ذلك ألا يناقشوا القضايا، وإنما يرفعوا الشعار، حتى يصلوا إلى السلطة. وقد أشار الدكتور الطيب زين العابدين مؤخرا، إلى هذه العلة القاتلة. لقد شدد سيد قطب، أكثر ما شدد، على الإستعلاء بالإيمان، بزعم أن المجتمع في مجمله، لا يعدو كونه قبيلا من (الجاهليين). وشدد على ألا يجيب المتحمسون على دربه، لفكرة إقامة الدولة الإسلامية، على الأسئلة المتعلقة، بتفاصيل الدعوة، وإنما يكتفوا، فقط، بالدعوة إلى العقيدة. ومن ذلك المنحى، المستسخف للفكر الإنساني، والمستخف به، جاءت العزلة، وجاء كثير من الإستعلاء الجاهل على منجزات العقل البشري، وجملة معارف الحضارة الإنسانية. ولذلك فقد أصبحت أميز مميزات هذا التنظيم، هي التبسيط، والغوغائية. فهم أكبر من مارس الغوغائية، ضد كل الخصوم السياسيين، وضد كل طرح فكري يستدعي إعمالا للعقل. وقد عانى الطلاب الجمهوريون، على وجه الخصوص، في كل الجامعات، والمعاهد العليا السودانية، الأمرين من غوغائية الإتجاه الإسلامي. واستمر ذلك الحال بهم حتى، منتصف الثمانينات، حيث جرى إغتيال الأستاذ محمود محمد طه، وبدأت مطاردة الجمهوريين، ومضايقتهم. وخلاصة القول، أن هذه الحركة الإخوانية، التي تولت إدارة الدولة، في السودان، قد انطلقت من تبسيط ساذج. لقد اتبعت، في مجمل خطها السياسي، أسلوب ما يسمى عند الغربيين، بـ (self-fulfilled prophecy). ويعني ذلك، أن يطلق المرء نبوءة، ثم يعمل من جانبه، بكل الوسائل، لكي تتحقق تلك النبوءة. فقد تنبأ (الإخوانيون) بقيام الدولة الإسلامية على أنقاض الممارسة الديمقراطية، وعلى أنقاض الدستور العلماني، في السودان. ولكن دون أية تفاصيل. مستندين في كل ذلك، في الخمسينات، والستينات، من القرن الماضي، على أدبيات (جاهلية القرن العشرين). ولذلك فقد عملوا بكل الوسائل الممكنة، لكي تفشل الديمقراطية، ويفشل الدستور العلماني. ولهذا فإنني أعزي ارتباك المشهد السياسي في السودان، منذ أكتوبر 1964، وحتى يومنا هذا، إلى عمل (الإخوان) المنظم، والدءوب، لتحقيق تلك النبوءة الأولى.
الترابي، وحقبة نميري:
ولأن الجبهة لم تحدث في مسارها أي نقد، ذي بال، فقد سارت على نفس منهجها القديم، أثناء حكم جعفر نميري، وعقب سقوطه أيضا. ففي أثناء حكم نميري، حول الترابي، وقبيله نميري، يبن يوم وليلة، (من سامر ليل مسكين) إلى خليفة للمسلمين! أركبوه مركبا صعبا، و(كلفتوه)، حتى بلغوا في تلك (الكلفتة) أن بايعوه جهارا، نهارا، في قرية أبو قرون، شرقي النيل الأزرق. وقال يس عمر الإمام، الذي كان وقتها، أحد كبار قياديي التنظيم الإخواني، وأحد كبار المسؤولين المايويين، في الإتحاد الإشتراكي، وصحافته، عن بيعة نميري، بقرية أبو قرون، ما يجعل المرء يحار. جاء فيما أوردته عنه صحيفة الأيام السودانية، الصادرة في 23/8/1984 قوله:
((انهمرت الدموع في أبي قرون وهي تستعيد ذكرى السيرة العطرة ومواقف الصحابة في بيعة الرضوان) ..... (وتحرك رئيس الجمهورية وسط الناس لا يحيط به الحراس) ..... (البيعة عهد سياسي يقوم على ركائز الدين وفعل ديني ينظم أمر المؤمنين في السياسة) .... (وأمر البيعة لا يستوي إيمان المرء إلا به) ...... (نحن نبايع اليوم على سلطة متقدمة نحو الدين) ..... (واليوم تعود إمامة الصلاة إلى إمام المسلمين) ..... (حسمت البيعة الصراع الذي يظل يدور السنين المائة الماضية) ...... (ولأول مرة في تاريخ المسلمين تأتي الشورى واضحة وملزمة في صيغة البيعة للراعي)).. إنتهى .. ويستمر السيد، يس عمر الإمام قائلا:
((يسري التجديد في المسلمين كل مائة عام أو يبعث الله من يجدد لها أمر دينها) ..... (وتأتي هذه البيعة مظهرا وجوهرا ورمزا وعنى تزيل الحرج من النفوس وتقطع الطريق على النكوص والردة)).. إنتهى .. (راجع كتاب محمد سعيد القدال، (1992) (الإسلام والسياسة في السودان). دار الجيل: بيروت، ص ص 221-222)
لقد سعت حركة الترابي إلى السلطة، بكل سبيل. وقبل أن يبلغ الأمر، درجة احتواء نظان نميري، من الداخل، والتغلغل في مؤسساته، وصياغة قوانين سبتمبر، ومبايعة نميري، خليفة للمسلمين، بدأت فكرة البنوك الإسلامية، التي مثلت ضربة البداية لسيطرة جماعة الترابي على الأسواق. وقد اتسعت نتيجة للإزدهار التجاري، للتنظيم، عضوية الجماعة، اتساعا أفقيا، خرافيا. وقد أصبح المال، والوظيفة، والتسهيلات التجارية، والقروض، والمنح، والبعثات إلى الخارج، وكثير من صور الإغراءات، عناصر جديدة، شديدة الفعالية، في توسيع العضوية. وهذه مرحلة نحتاج فيها إلى دراسات تفصيلية تكشف كل مخبوئها. ففي تلك المرحلة، بدأ أيضا، التغلغل في الجيش، وفي الشرطة، وفي كل أجهزة الدولة. وما أن سقط نظام نميري، حتى ظهرت حركة الترابي، في قامة غير مسبوقة، من حيث الثراء، والماكينة الإعلامية، والإرتباطات الدولية الواسعة، والتحكم في مفاصل إقتصاد الدولة السودانية. في هذه المرحلة، غير الدكتور حسن الترابي، إسم حركته، إلى (الجبهة القومية الإسلامية)، وما أن جاءت الإنتخابات، حتى أصبح، حزب الجبهة، ثالث أكبر حزب في البلاد، كما أصبح رقما لا يمكن تجاوزه، في حسابات السياسة السودانية، مما إضطر السيد الصادق المهدي إلى التحالف معه، وابتلاع كل الشعارات البراقة التي أطلقها عقب الإنتفاضة في أبريل 1985.
وما أن وصلت جماعة الترابي، إلى البرلمان، في 1986، حتى بدأ العمل ضد حقبة الديمقراطية الثالثة، بهدف تقصير عمرها، أيضا. وقد نجح ذلك المخطط، نجاحا باهرا. فقد استغلت الجبهة القومية الإسلامية كوادرها الإعلامية، وصحفها الكثيرة، في توجيه الضربات للنظام الديمقراطي، حتى جعلت منه هيكلا فارغا، وشبحا بلا روح. كما أظهرت انحيازا كبيرا للجيش الذي كان يحارب في الجنوب، في ظروف بالغة السوء. كما بدأ المعهد الإسلامي الإفريق، (جامعة إفريقيا العالمية، لاحقا) في استدراج ضباط الجيش والشرطة للكورسات، والدورات، مما وسع الجسد السلفي، وسط الجيش. وانقلب الميزان الذي كان مائلا داخل الجيش، نحو اليسار (الضباط الأحرار) وصار أميل إلى جانب الفكر السياسي (الإخواني). وتمكنت الجبهة، من خلال الضرب المتوالي علي النظام الديمقراطي المرتبك، من عزله عن الجماهير، مهيأة بذلك الجمهور، لقبول أي انقلاب يحدث. وقام الإنقلاب المدبر أصلا، ولم يذرف أحد من العالمين دمعة على حكومة السيد، الصادق المهدي الباهتة، الواهنة. وسقط ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، سقوطا مدويا، في أول تجربة أعقبت التوقيع عليه. وهكذا، جاء الفكر (الإخواني) منفردا، إلى السلطة، ولأول مرة، في تاريخ السودان، في صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. وهنا تحقق للإخوان هدفهم الأساس، الذي عملوا له منذ منتصف الستينات، وأستخدموا في سبيل الوصول إليه، كل وسيلة ممكنة، أخلاقية، كانت أم غير أخلاقية.
من (يا أمريكا لمي جدادك) إلى التعاون في مكافحة الإرهاب!
الشاهد أن الجبهة لم تؤمن أصلا بشراكة القوى الأخرى لها. ظانة أنها حين تتسلم مقاليد الأمور في البلاد، بمفردها، سوف تتمكن من إدارة شؤون البلاد، بلا شراكة من أحد. كما ظنت أنها سوف تعيد صياغة كل شيء في السودان. وقد بادرت بالفعل، منذ الثمانينات، إلى إطلاق شعارات، (أسلمة المعرفة)، وهو شعار وضح تنطعه، وغموضه، وفراغه من المحتوى، منذ البداية. فالتيار (الإخواني) قد كانت منذ البدء، عملا (حركيا)، ولم يعط جانب الفكر كبير اهتمام، في يوم من الأيام. بل هو قد انبنى أساسا، على تسفيه الفكر، والحط من قدر العقل، والإعلاء من شأن العاطفة الدينية الفجة. ولذلك، ما لبثت أن شرعت الإنقاذ، فور تسلمها للسلطة، في تصدير (الثورة) إلى خارج البلاد. متجاهلة ما يمكن أن يجلبه هذا الإتجاه، من مخاطر ماحقة، على نظام وليد. وما لبثت، أن فتحت البلاد لكل التنظيمات المهووسة، وكل الأفراد المهووسين، جاعلة من نفسها رأس الرمح، في حركة اسلامية أممية، تطمح إلى تغيير الإقليم، وإعادة صياغة معادلات توازن القوى على وجه الكوكب، برمته. كما تعالت أيضا، على الصراع الداخلي، فيما يتعلق بمشكلة الجنوب، وانتهجت أسلوب الحسم العسكري. وظلت على حالها ذاك، حتى جاءتها الضغوط من كل حدب، وصوب، فأحست لذعات الخطر، فأخذت تكفكف بساط مطامحها، وأخذت شعاراتها تنحو نحوا متواضعا، شيئا فشيئا. وما لبثت أن أصبحت الخاطب الأول لود أمريكا في الإقليم، بعد أن كانت تردد، بملء الفم: (يا أمريكا لمي جدادك). وحين خرج المارد الأمريكي من قمقمه، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قدمت الإنقاذ كل ما حوته جعبتها عن الإرهابيين الذي سبق أن دعتهم، وآوتهم.
وفي الداخل خفتت مصادمات الإنقاذ الأولي لواقع السودانيين الثقافي، ونمط حياتهم، وتقاليدهم المتوارثة، المنبعثة من منطلق الإستعلاء الديني. مات مشروع تهميش النساء في الحياة العامة. وماتت محاولات فصل الرجال والنساء في وسائل المواصلات في مهدها، بعد أن تعثرت في فضاء الواقع العملي، وأصبحت مثار تندر، ومجالا لتأليف النكات. وقلت المضايقات لحفلات الأعراس، ولتقاليد السودانيين، في هذه الأعراس. ومؤخرا جدا، إنهزمت حملة محافظ الخرطوم، المتشدد، مجذوب الخليفة، حين حاول أن يحارب النساء في تحصيل أرزاقهن، بإسم الدين. ثم ما لبث النظام الإخواني الوهابي النزعة، فيما يتعلق بالنظرة إلى الطرق الصوفية، أن فتح الباب للطرق الصوفية، على مصراعيه. فلم تشهد الطرق الصوفية، في عمرها المديد، احتفاء من جانب الدولة كالذي تشهده الآن، على عهد الإنقاذ. وعموما أوشكت الحياة في السودان، بشكل عام، أن تعود إلى طبيعتها القديمة. ولله الحمد من قبل ومن بعد.
الشاهد أن هذه الحركة الميكافيلية، التي جاءت لتهد الواقع، وتبنيه من جديد، فشلت في مشروعها هذا الذي رعته منذ الخمسينات، من القرن الماضي. وهذا من فضل ربي، على أهل السودان، وعلى أهل هذه الحركة المستعجلة، أنفسهم. والفكر (الإخواني) الذي امتصت ثوريته، ودغمائيته، عناصر كثيرة، في الواقع السوداني، ومنها طول بال السودانيين، وصبرهم، والتحولات العديدة المتتابعة في الساحة الدولية، مطالب الآن، بنقد نفسه، نقدا شفافا، شافيا. وعلامة النقد الشفاف، الشافي، وعلامة صدقه، أن يصل إلى تفكيك، موروث الحركة مما سمي (الإستعلاء بالإيمان)، الإخواني، الذي تحدرت سيوله من منابع، حسن البنا، وسيد قطب. وأن ينعكس كل ذلك في واقع ممارستنا السياسية، فنصبح جميعا، كسودانيين، على قدم المساواة، من حيث أهمية كل منا، للمشروع الوطني، الشامل. وهي فيما أرى، لم تفعل ذلك بعد. ومن بدأوا هذا النقد، من أنصارها، كالدكتور الطيب زين العابدين، والدكتور حسن مكي، والدكتور عبد الوهاب الأفندي، والصحفي، محمد طه محمد أحمد، والصحفي، عثمان ميرغني، وغيرهم، مارسوا، حقيقة الأمر، نقدا خجولا، لا يسمن، ولا يغني من جوع. فكلما قرأت لهم، كلما أحسست أن هناك (تابو) يعجزون عن مقاربته، فيما يتعلق، بجذور الحركة، ورؤيتها التبسيطية الأولى. وكأني بهم يزورون من إدانة كثير من المحرج في تاريخ حركتهم. غير أنه لا مناص من نقد شاف، شفاف، يقفل باب الوصاية على الخلق بإسم السماء، مرة واحدة، وإلى أن يرث الله الأرض، ومن عليها.
النقد الذي نتطلع إليه:
نحن اليوم، أكثر ما نكون حاجة إلى أدبيات نقدية ثرة، في هذا المنحى. أدبيات تتقصى صعود فكر سيد قطب التعبوي العاطفي، المستعلي بالإيمان، وتمدده (الحركي) في الفضاء السوداني. وليتأمل معنا كل الذين رعوا هذا المشروع المتهوس، ظاهرة الخمود البالغ السرعة، للصورة الطهرانية للدولة، التي رسمها (الإخوان) منذ الخمسينات. ثم اضمحلال(الأشواق) الإيمانية، العاطفية، وذهاب زخمها، وبريقها، بعد تجربة للحكم لم تبلغ بعد، العقد والنصف، من الزمان!
والنقد الذي نتوقعه، ونتتطلع إليه، لا تفي بالغرض فيه، المقالات الصحفية، التي تظهر، هنا، وهناك، في المناسبات، من ذلك النوع الذي غالبا ما تدفع بها إلى الواجهة، الأحداث السياسية. نحن بحاجة إلى خبرة، وقلم الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لكي نعمل جميعا في وجهة النقد الصارم المحايد، لعوارتنا الفكرية والسياسية لا دمدمتها. بالقفز على الإختلافات الجوهرية، خاصة، ما يتعلق بدستورية القوانين، وحقوق المواطنة، وابتعاد الدولة عن لعب دور الحارس للفضيلة وللقيم، وللأخلاق. فالسلطة، بطبيعتها، مظنة فساد، وإفساد، أكثر من كونها مظنة رشد، وهداية. ودونكم تاريخ الدول، دينية، وغير دينية. ودونكم سلطة الإنقاذ الحالية، التي وعدتنا بمجتمع العدل والفضيلة، أول ما أتت. حتى أن السؤال اليوم، ليس: أين نحن من حيث الفضيلة، مما وعدتنا به الإنقاذ؟ وإنما، السؤال هو: أين نحن مما كنا عليه حالنا، حين جاءتنا الإنقاذ!!
نحن بحاجة إلى تثبيت الثوابت، التي لا تكون الدولة متمدينة بغيرها، وهي الحقوق الأساسية. والدول الغربية التي تحكمها دساتير علمانية، ليست دولا ملحدة. ولكنها دول تركت أمر الدين لمنظمات المجتمع المدني. فأي حديث عن تطبيق للشريعة الإسلامية، مهما تحايلنا عليه، يعني بالضرورة تقويضا للدستور، ومصادرة للحقوق الأساسية. كما يعني وصاية للحاكم على المحكوم، ووصاية للرجال على على النساء، وعزلا للرجال عن النساء. ثم هذه هي نماذج الدول الدينية، حية امام ناظرينا: كانت الدولة دينية في أفغانستان، على أيام طالبان، وهاهي اليوم قائمة في السعودية، وفي إيران. فهل هذه نماذج يمكن أن تغري أحدا بالإقتداء؟ لماذ نريد أن ندخل أنفسنا في مثل هذه المطبات المحرجة، وننصرف عن قضايانا الرئيسة، في التنمية، والتطوير، والتحديث؟
في تقديري، أن الكتابات الأخيرة، للدكتور عبد الله علي إبراهيم، لا تعين كثيرا، في وجهة. النقد الذي نحتاجه، ونتطلع إليه، وننتظره. فمقالاته مالت إلى تلميع، مناهج، ومقاربات، هي من العتاقة، بحيث يستحيل تلميعها. وهي قد بدت، أقرب ما تكون، إلى (عمل الشربات من الفسيخ). نحن بحاجة إلى حفر كثير في بنية العقل السلفي. وذلك لا يكون بتملقه، وإنما بمواجهته، دون مواربة. وكون الجبهة قد بنت لنفسها صرحا في حلبة السياسية السودانية، وأنشأت لنفسها دولة، وأحرزت ثروة، وأصبحت رقما لا يمكن تخطيه، في حقل السياسة في السودان لا يعني أن نزايد على نهجها، وأسلوبها، ونقبلهما على علاتهما، فقد كانا خاطئين. لست أدعو إلى رمي كل جسد الجبهة من النافذة، فذلك غير ممكن، إضافة إلى كونه غير مطلوب. ما أرمي إليه هو تفكيك فكر الجبهة الإستعلائي، الإنتهازي، الميكافيلي، وتجريده من أي خرقة دينية تدثر بها في الماضي. هذا منعطف تاريخي، يجب أن نقبر فيه جثة العقل السلفي، وتخلقاته السياسية، في واقعنا الساسي. بنية العقل السلفي هذه، هي التي قد قضت على محاولات التنوير في بلادنا، و قادت إلى قتل رواد التنوير، على أعواد المشانق. نعم على القوى المستنيرة، والطليعية، في كل فضاءات المعرفة، أن تمارس نقدا. غير أن على المؤسسة السلفية، وجسدها السلطوي المتمثل، في الإنقاذ، أن تمارس نقدا أكثر، حتى تذيب نفسها في الفكر السوداني، وتقطع عنها هذه الجذور الأجنبية المنبتة. وعلى المفكرين أن يعينوها على ذلك، ولا يمدوا لها في باطلها.
في المقال القادم، أكتب هوامش حول كتاب الدكتور عبد الله علي إبراهيم، (الإرهاق الخلاق)، وكتاب الأستاذ عبد الخالق محجوب، (آراء وأفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رد (Re: عبدالله عثمان)
|
وردي، نترك (مناسبات) جمال الدنيا، إلى مناسبة «يا شعبا تسامى.. يا هذا الهمام.. تفج الدنيا ياما وتطلع من زحاما زي بدر التمام؟».. اعرف ان هذه الأغنية (الوطنية) لمحجوب شريف.. واعرف انك نفضت «منها الغبار» كنص، ولحنتها، بعد العاشرة من صباح الجمعة 17 يناير 1985 (الجمعة التي اعدم فيها الاستاذ محمود محمد طه؟).
ـ ذلك صحيح. الاغنية (كان ليها زمن عندي)، لكن، حين هاتفني في القاهرة صديق من الخرطوم بعد العاشرة لينقل الي خبر اعدام الاستاذ قفز فجأة هذا النص الى كياني كله وتنزل اللحن بتلقائية مخيفة. يصمت ينكفىء بذاكرته الى ذات يوم في القاهرة قبل ان يعود للحديث من جديد. في ذات الليلة كنت أنا والعود واللحن في دمي كله والاخ فاروق ابوعيسى ودكتور ابو الحسن و.. غنيت .. الاغنية!
* هل كنت تعرفه ... محمود .. عن قرب؟
ــ كيف ياخي؟ كانت تربطني به علاقة خاصة.. كان واسع الادراك، وسيع المعرفة بكل شيء حتى الموسيقى كان يحدثني علميا عن الموسيقى ومساهمة العرب في وضع اصولها قبل اليونانيين كان يتحدث عن موسيقى الشعر والالحان الصوفية وكنت احترم ذلك الرجل واقرأ ما يكتب بانتظام وانتباه. يصمت وردي ثم ينفض عن ملامحه تراب حزن قديم ويقول: محمود رحل ولم يكن مقتنعا بالمحكمة ولا الادلة ولا الذين حاكموه . ولم يكن مقتنعا بقاتله انني اتأسف: لو كان موجودا الآن لكان بالتأكيد اسهم بمعرفة في حلحلة قضايا السودان.
http://www.sudanaforum.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&...ard=2&msg=1054770258
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
From Sudnile = === عبدالله عثمان === " غايتان شريفتان وقفنا، نحن الجمهوريين، حياتنا، حرصاً عليهما، وصوناً لهما، وهما الإسلام والسودان" "حل مشكلة الجنوب فى حل مشكلة الشمال" "الحجر الذى رفضه البناؤون، صار أس الزاوية" تتسع دهشتى، وحقّ لى، وأنا أستمع لياسر عرمان – برنامج فى الواجهة الجمعة 7 يناير 2005 - وهو يدعو مختلف ألوان الطيف السياسى والطرق الصوفية، وغيرهم، لحضور حفل توقيع إتفاقية السلام، ولا أسمع إشارة منه أو من غيره لإسم أو دور الأستاذ محمود محمد طه الذى ظل يلعبه مدافعا عن الجنوب منذ أربعينات القرن الماضى!! ففى كتابه السفر الأول الصادر في 26 أكتوبر 1945 يقول الأستاذ محمود عن العناية بأمر السودان : ـ (و المكان الأول من هذه العناية سينصرف لمواطنينا سكان الجنوب الذين قضت عليهم مدنية القرن العشرين أن يعيشوا حفاة عراة جياعاً مراضاً بمعزل عنا) وظلت منشورات الحزب الجمهورى تتوالى على نحو (ما سكوتكم عن الجنوب أيها السودانيون- ما سكوتكم!؟ تعالوا فأتركوا هذا العبث السخيف – هذه المذكرات والوثائق – هذا التحالف والاتحاد – وواجهوا الحقائق المرة، فالجنوب هو مشكلتنا الأولي، والسكوت عنه مزر بكرامة السودانيين أبلغ الزراية.) (ان سكوتكم عن الجنوب أيها السودانيون لييئس منكم الولي، ويطمع فيكم العدو.. الجنوب أرضكم.. الجنوبيون أهلكم.. فان كنتم عن أرضكم وأهلك لا تدافعون فعمن تدافعون؟).. وفي منشور آخر للجمهوريين صدر في 11/2/1946، كشفوا أبعاد المخطط الانجليزي في الجنوب، ووضحوا أهداف هذا المخطط، وما يمكن ان بؤدي اليه، اذا تم السكوت عليه.. (ان مسألة الجنوب لا يمكن الصبر عليها أو الصبر عنها، وان الانجليز ليبيتون له أمرا، ولئن لم نحتفظ نحن اليوم بالجنوب احتفاظ الرجال لنبكينه غدا بكاء النساء)!! وظل الجمهوريون يستثيرون الشعب بالخطابة عن الجنوب، مثلما أوردت جريدة الرأي العام، في عدد بتاريخ 6/6/1946 .. فقد جاء فيه: (القى الاستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطابا عاما أمس الاول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد القاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبيرة ينفذها الحزب الجمهوري) وقد نادي الجمهوريون بالنظام الفدرالي حتي قبل مطالبة الجنوبيين أنفسهم، في اللجنة القومية لوضع الدستور الدائم، بالحكم الفدرالي للجنوب.. فقد كونت اللجنة القومية للدستور في عام 1956، في حين أن دعوة الجمهوريين للنظام الفدرالي جآءت في عام 1955، وذلك في كتابهم (أسس دستور السودان، لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية)، ذلك الكتاب الذي صدرت طبعته الأولي في ديسمبر 1955.. وقد إقترحوا أن يقسم السودان الي خمس ولايات. وعندما فشلت الأحزاب بالصورة التي أدت الي قيام الحكم العسكري في 17 نوفمبر 1958، كتب الجمهوريون للسيد الفريق ابراهيم عبود، رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء آنذاك، يقترحون عليه بعض الاجرآءات الاصلاحية، يهمنا منها هنا ما يتعلق بمشكلة الجنوب.. فهم في هذا الصدد قد أرسلوا اليه مع خطابهم الذي اقترحوا فيه الاصلاحات كتاب (أسس دستور السودان)، ودعوه للأخذ بالنظام اللامركزي، بالصورة المبينة فيه.. وكان مما جاء في الخطاب للسيد عبود: (ونري أن تشرع في نظام اللامركزية علي الطريقة التي اقترحناها). وبعد قيام ثورة 21 أكتوبر 1964، واصل الجمهوريون دعوتهم لحل مشكلة الجنوب باعطاء الجنوب حكما ذاتيا في أطار السودان الموحد، علي أساس النظام الفدرالي، الوارد في كتاب (أسس دستور السودان).. وقد أصدروا عدة منشورات كان من بينها منشور (مشكلة الجنوب)، والذي ضمن ما جاء فيه: (للجنوب مشكلة مافي ذلك أدني ريب وهي بذلك تحتاج حلا سريعا وشاملا) وذهبوا ليعددوا أوجه حل المشكل الخ الخ فلما جاءت ثورة مايو دعمها الجمهوريون مبدئيا لأنها عملت، ضمن ما علمت، على حل مشكلة الجنوب منذ الوهلة الأولى وقام الأخوان الجمهوريون بتسيير قوافل التوعية الراجلة الى جنوب السودان وظلت وفودهم تترى عليه وقد كان لهم أنشطة عديدة بجامعة جوبا وقد أصدروا خلال تلك الفترة كتابين، أحدهما باللغة الإنجليزية عن (جنوب السودان: المشكلة والحل) وعندما حادت مايو عن خطها، واجهها الأستاذ محمود محمد طه، فأصدر بمناسبة أعياد الميلاد فى 25 دبسمبر 1984 منشور "هذا أو الطوفان" ضد قوانين سبتمبر،.. ومما جاء فيه: (إن هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد، وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب وذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العومل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب.. إن من خطل الرأي أن يزعم أحد أن المسيحي لا يضار بتطبيق الشريعة.. ذلك بأن المسلم في هذه الشريعة وصي على غير المسلم.. بموجب آية السيف، وآية الجزية.. فحقوقهما غير متساوية.. أما المواطن، اليوم، فلا يكفي أن تكون له حرية العبادة وحدها، وإنما من حقه أن يتمتع بسائر حقوق المواطنة، وعلى قدم المساواة، مع كافة المواطنين الآخرين.. إن للمواطنيين في الجنوب حقاً في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة، وإنما يكفله لهم الإسلام في مستوى أصول القرآن (السنة).. فلذلك نحن نطالب بالآتي:- 1 / نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام، ولإذلالها الشعب، ولتهديدها الوحدة الوطنية.. 2 / نطالب بحقن الدماء في الجنوب، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي، بدل الحل العسكري. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة، كما يتوجب على الجنوبين من حاملي السلاح. فلابد من الإعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة، ثم لابد من السعي الجاد لحلها) وقد قدم الأستاذ محمود محمد طه روحه فداءا لهذا الشعب بسبب ذلك المنشور، على نحو ما جرى فى 18 يناير 1985. هذا غيض من فيض الأستاذ محمود محمد طه ومواقفه من قضية جنوب السودان!! ومن قبل ياسر عرمان فقد ألف (السيد أبيل ألير، كتب كتاباً ضخماً، عن مشكلة الجنوب، يتظلم فيه من نقض العهود.. ولم يفتح الله على أبيل، بكلمة واحدة يذكرها عن دور الأستاذ محمود والجمهوريين!! هذا مع أنه ذكر ادواراً لأفراد .. بل أنه ذكر حتى اصحاب الأدوار السلبية!! ومن المفترض في ابيل انه صاحب قضية حارة، وقد اكتوى بنار الظلم، فهو يأباه لنفسه، ولغيره..) وذلك كما حدثنا الأستاذ خالد الحاج وهو يكتب عن حادثة رفاعة
وقد ظل ديدن الإعلام فى السودان تجاهل أمر الأستاذ محمود محمد طه فقد شاهدت برنامجا بمناسبة أعياد الإستقلال قدمت فيه الدكتورة فاطمة عبدالمحمود والصحفية عفاف بخارى وأخريات وقد تمت فى البرنامج الإشادة بـ والإشارة لدور كل رائدات الحركة النسوية والحركات النسوية ومن آزرهن ولم يأت ذكر على دور الأستاذ محمود محمد طه منذ عهد حادثة الخفاض الفرعونى وحتى توزيع الجمهوريات للكتيبات فى أنحاء السودان، بل وفى ذات برامج الإستقلال قدّم التلفزيون وبعض الصحف برامج تعريفية عن الأحزاب السوداينة بلا إستثناء- وبعضها لم يعمر أكثر من عام- حتى أحزاب زعماء العشائر ذكرت، ولم يفتح الله على صحفى ليطلّع فى إرشيف الصحف على ما خطه مثلا السيد التيجاني عامر في جريدة الصحافة 16 /4 /1975 م ( قد يكون الحزب الجمهوري من اقدم الاحزاب السياسية بحساب الزمن وهو اول حزب صغير يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي باصرار بل مناجزة وصدام واسمه يدل على المبدأ الي انتهجه لمصير السودان ومؤسس الحزب هو الاستاذ محمود محمد طه الذي كان من ابرز الوجوه الوطنية في مستهل حركات النضال....) وعبثا بحثت فى أضابير ما ينشر هذه الأيام ولم تقع عينى الاّ على كاركتيرات عمر دفع الله عن الخرطوم عاصمة الثقافة – سودانيزأونلاين- وتغييب الفكر الجمهورى عنها، وهو يتسآءل متحسرا عن عاصمة للثقافة ليس للأستاذ محمود، الذى أحرقت كتبه، دور فيها. من الواضح أن مؤامرة ظلت تحاك فى صمت لإقصاء الأستاذ محمود محمد طه عن الذاكرة الجمعية لأهل السودان، فلقد يلاحظ الجميع خلو كتب التاريخ عندنا من أى إشارة – ولو للإمانة العلمية والتاريخية – لأمر الأستاذ محمود، بل أن كتابا مثل الدكتور خالد المبارك عندما يتصدون لأمر الأستاذ محمود محمد طه فإنهم يوسعونه تحريفا تود معه ألو سكتوا – راجع نصف الحقائق بجريدة الرأى العام بتاريخ 19/11/2002م وكتابا مثل مصطفى أبو العزايم – الخرطوم- يؤرخون لحضور النساء لعقودات الزواج بكريمة الدكتور الترابى فى مطلع الألفية الثالثة والجمهوريات يحضرن مراسيم الزواج منذ نصف قرن!! وأعود لإتسآءل إن كان السيد ياسر عرمان – الحركة الشعبية – قد دعا فريق الموردة، مثلا، من أجل السودان، فقد نذر الأستاذ حياته للسودان، وإن كان قد دعا السادة الأدارسة من أجل الإسلام فقد نذر الأستاذ محمود نفسه من إجل الإسلام وإن كان دعا السيدة نعمات مالك من أجل منع تكرار حل الحزب الشيوعى السودانى ونحر أعضاءه فقد أقام الأستاذ محمود من قبل أسبوعا للحقوق الأساسية من أجل ذلك ولكن الحجر الذى رفضه البناؤون سيصبح أس الزاوية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
صحيفة الرأى العام ====
كتب دكتور منصور خالد اليوم 15/1/2007 فى صحيفة الرأى العام (ص3) مقاله الثاني حول: عامان من السلام: حساب الربح والخسارة.. وقد خصص هذا المقال الثاني ل: حق تقرير المصير والوحدة الجاذبة.. فقال: "ويستذكر أن تقرير المصير ما كان ليصبح مطلبا لو فعلنا ما هو أدنى منه: النظام الفيدرالي فى دستور السودان الأول، الحكم الذاتي فى مفاوضات المائدة المستديرة 1965، الحفاظ على الحكم الذاتي الإقليمي فى عهد النميري ولعلنا نزيل وهما سائدا بأن قبول الفيدرالية يومذاك كان أمرا مستعصيا لأن القيادات لم تدرك، أو أن أحدا ما كان ليجسر بالدعوة له (الطيب حاج عطية، ندوة الفيدرالية، الأيام، 28/11/2006).. وحول الجسارة فى إبداء الرأى نقول إنه كان بين هؤلاء القادة فى ذلك الزمان السياسي من بادر منذ 1955 بإعداد مذكرة ضافية عنوانها: أسس دستور السودان لقيام جمهورية فيدرالية ديموقراطية اشتراكية ذلكم الرجل هو الأستاذ الشهيد محمود محمد طه. هذا أمر ينبغى ألا يتجاهله المؤرخون.)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
صحيفة الرأى العام ====
فهناك لعنة اسمها العلاقة مع اسرائيل ؟ × نعم .. الملك عبد الله دفع حياته في يوليو 1951 ثمنا لمباحثاته السرية مع اسرائيل وتبعه السادات في 1981م بإغتياله وكانت واحدة من الاسباب التي عزلت الجمهوريين وقت اغتيال محمود محمد طه لدعوتهم للصلح مع اسرائيل .. وعزل الإمام نميري من خلافته بعد انكشاف فضيحة ترحيل الفلاشا .. نظرة إلى بنود الإتفاق الذي نشرته الاهرام تدلنا على أن التواصل في علاقة السودان واسرائيل بإطاره التاريخي كانت تتحكم فيه مجريات الأحداث في الشرق الأوسط ولا ترتبط بقريب أو بعيد بالمصالح الوطنية المباشرة ..
http://www.rayaam.net/syasia/syasa3.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
ذلك في صحيفة الرأي العام .. ============= الثلاثاء 17 يناير 2006 .............................. سيناريو
حسن ساتي
[email protected]
ذكرى الأستاذ محمود .. حزمة أسرار (1-5)
مع أن الحديث عن الذكرى 21 لرحيل الاستاذ محمود محمد طه، إلا أني أريد أن آخذكم في هذا المسلسل الشيق جدا من وجهة نظري، بعد أن وجدت في نفسي ميلا لسرد هذه الوقائع التي لا يعلم بها الا من كان طرفا فيها، لأنني لم أؤرخ بعد لتلك الحقبة المايوية الشائكة التي أودعنا فيها عمر عبد العاطي سجن كوبر، والرجل ضعيف ، بتهمة قالت: لتبييضهم وجه النظام.
كنت مريضا بملاريا وقابعاً في منزلي بالمنشية حين صدر حكم محكمة الاستئناف بالإعدام على محمود طه، فنشرت كاريكاتيرا لبدر الدين ظهر يوم الجمعة 18 يناير يوم إعدام الاستاذ محمود يقول: نحن الخبراء.. ذوي قدرة على القتل ثلاثية، مجاراة لدعاية كان يبثها تلفزيون السودان لأحد المبيدات، ثم ركبت سيارتي أقاوم المرض لأتولى أمر إفتتاحية الأيام التي أرأس تحريرها، فكتبت إفتتاحية بعنوان: تبقى رايات العفو والتسامح عالية، وصورتها قبل أن تنشر وحملت صورة في جيبي، ثم هاتفت صديقي فضل الله محمد وقلت له لابدّ من موقف، فهذا هو الجنون. وافقني الرأي، وكتب بخبرة المهني والقانوني رأيا هادئا بالداخل، فيما كتبت أنا بخبرة المهني فقط رأيا صارخا بالصفحة الأولى. وحزنت بعد ذلك بشهور مع حمى الانتفاضة، حين وجدت أحد صغار محرري الصحيفة، وكان حاضرا لمخاض تلك الإفتتاحية، وقد قرأتها على رهط من زملائي الحضور، فقال لي ذلك الزميل الصغير وبالحرف: الآن يحس الإنسان بشرف الإنتماء لهذه الصحيفة، ولكنه عاد وغيّر رأيه بعد الانتفاضة، وكتب متسائلا ما إذا كان ذلك الخط من الصحافة والأيام قد أتى صدفة أم بتوجيه من أعلى كمناورة سياسية. شعرت أن قلبي ينزف، وضممت ذلك لأسباب رحلة مشروع المغادرة واللاعودة الى السودان، حين شمخ في داخلي المتنبي يصرخ:
أفي كل يوم تحت ضبني شويعر..
ضعيف يقاويني.. قصير يطاول..
الى أن يقول:
غير أنه بغيض اليّ الجاهل المتعاقل..
ثم أدرت الهاتف بعد خروج الزملاء من مكتبي الى مولانا القاضي عبد العزيز حمدتو طالبا لقاء عاجلا في نفس الليلة، فرحب، فاتجهت الى منزله المتواضع بالحلة الجديدة في الخرطوم، قرأت له الإفتتاحية، وقلت له إن هذا المركب يغرق، وغدا ستنتصب المشانق في الخرطوم، ولكني أرحب بعقوبة سجن لي، ولكن ليس الإعدام بالطبع، ولكني لا أضمن أن أمثل أمامك في قفص إتهام، فلماذا لا نوسع الفرصة بقوانين الاحتمال، أريد لفيفا من أصدقائك القضاة بمنزلي في حفل عشاء لأشهدهم على فهمي لحدود مهنيتي، ولحدود تداخلها مع ما هو سياسي، فرحب أيضا، وكان بعد أيام عشاء بمنزلي جمعني مع نفر كريم من قضاتنا أذكر منهم عادل سمساعة وسيف حمدنا الله عبد القادر، وأعتذر لمن رحلت أسماؤهم عن ذاكرتي.
في العاشرة من صباح اليوم التالي هاتفني على التلفون السري الرئيس نميري ليقول لي: حسن يا أخي، أولادك دول ما في داعي يتسرعوا ويكتبوا مثل هذا الكلام، ويحاولوا التأثير على رئيس الجمهورية الذي لم يصدر حكمه بعد، والذي يدرس في الأمر من عدة نواحٍ، وأنا أقرأ الآن الكثير من المراجع الفقهية. قلت له ما قصد سيادة الرئيس بـ ''أولادي '' ؟ قال الذين كتبوا هذا الكلام بالصفحة الأولى. قلت له: سيادة الرئيس، أنا الذي كتبته، ضحك ساخرا وقال لي: شكرا، وأنهى المحادثة. سألت صديقي الراحل زين العابدين عبد القادر بعد يوم عما يقصده الرئيس من عبارة أولادك ؟ قال لي حاول أن يجد لك عذرا ومخرجا فلم تفهم يا أبو علي.. شيل شيلتك وبل راسك .. دا زولي وأنا عارفه.والى الغد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
رد على سيناريو الاستاذ حسن ساتي
«لقد فعلتها مجموعة من النساء»
بقلم : د. سعاد ابراهيم عيسى
جاء بسيناريو الخميس «19/ يناير 2006م» حول ذكرى الاستاذ محمود.. «حزمة اسرار» ان الاستاذ حسن ساتي قد دعا مجموعة من اصدقائه في محاولة منه لوقف قرار السيد الرئيس باعدام الاستاذ محمود محمد طه وذلك بارسال عريضته في ذلك الشأن يقوم بالتوقيع عليها بعض القيادات المرموقة في حدود عشرين او ثلاثين شخصاً يخاطبون الرئيس ان استجاب لهم فذلك هو المطلوب وان لم يستجب يسجلون موقفاً للتاريخ. وذكر بان احد اصدقائه الحضور قد استفسره عن الكيفية التي يمكن ان يحصل بها على ذلك العدد من الموقعين.
وانتهى الامر بقبول اقتراح مستشار الرئيس نميري الصحفي المرحوم محمد محجوب الذي نصحهم بالانتظار لان مايو قد ينتهي اجلها قبل موعد اعيادها القادمة او ان تنفرج نحو افق جديد كلياً وقد وجد ذلك الاقتراح بالصبر قبولاً لدى الحضور.
هنا رأيت ان اوضح للاستاذ حسن ساتي ان هنالك مجموعة اخرى قد سجلت موقفها للتاريخ فعلاً وهي اعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد نساء السودان في ذلك الوقت بقيادة السيدة نفيسة احمد الامين التي دعتهن لاجتماع طارئ لمناقشة قرار الاعدام حيث تمت الموافقة وبالاجماع على ارسال عريضة للسيد الرئيس توضح رأي الاتحاد في الامر وتناشده العدول عن قرار الاعدام خاصة وان الرئيس ذاته قد رفض في وقت سابق ان يتصدى لهجوم الاستاذ محمود ضد الاسلاميين قائلاً ان الفكر لا يقاوم بالقرارات ولكن بالفكر ايضاً وزاد بان الذين يطالبونه بان يوقف ذلك الهجوم يقصد الهجوم على الاسلاميين عليهم مقارعة ارائه بالحُجة ولذلك لا يمكن ان يحارب الفكر بالاعدام وقد وقع الجميع على العريضة ومن ثم اتصلت السيدة نفيسة باللواء عمر محمد الطيب نائب رئيس الجمهورية حينها وطلبت منه مساعدته في ايصال العريضة للسيد الرئيس في ذات اليوم نسبة لضيق الوقت وانه ان تقرر ارسال العريضة عبر القنوات الرسمية عن طريق الاتحاد الاشتراكي فانه قطعاً لن يجرؤ احدهم على تقديمها للرئيس وبالتالي سيتم وأدها في مهدها. وقد ابدى اللواء عمر تفهماً كاملاً للامر وابدى استعداداً كاملاً لانجاز المهمة وقد فعل مشكوراً.
فقد استلم الرئيس العريضة في ذات اليوم وبالطبع استنكرها بقوله ان التنظيمات التي كان ينتظر وقوفها خلفه ومساندتها لقراره قد وقفت ضده. وقد وجد «الشمشارون» من قيادات الاتحاد الاشتراكي فرصتهم لارسال الشائعات بان الرئيس سيفعل بتلك المجموعة التي وقعت على العريضة سيفعل بها كذا وكذا لكن ارادة الله كانت الاسبق فانتهت مايو قبل تنفيذ كذا وكذا وباءت نبوءات الجماعة بالفشل.
فيا استاذ حسن لقد كان هنالك من يستطيع ان يقول للرئيس «لا» في ذلك الوقت فان صبرت قليلاً على فكرتك واجتهدت قليلاً لوجدت اكثر من العدد الذي حددته للتوقيع ولو اتصلت بنا لكنا في مقدمة الموقعين.
خلاصة الامر لقد كان اتحاد نساء السودان هو التنظيم الوحيد الذي سجل موقفاً للتاريخ في معارضته لاعدام الاستاذ محمود محمد طه. وبحمد الله فان المسئولين عن احداث هذه الرواية احياء يمكن مراجعتهم لمن اراد التأكد من ذلك.
* احدى الموقعات على العريضة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
rayaam 01/25/06
سيناريو
حسن ساتي
[email protected]
ذكرى الأستاذ محمود.. حزمة أسرار 4-5
ونعود لحزمة الأسرار، كنت وكما اشرت سابقا في جدة في مهمة لتحديث طاقة الجمع في صحيفة الأيام، وذلك بعد أن وثقنا توزيعها اليومي بوصوله الى 105 ألآف نسخة، نعم، مائة وخمسة آلاف نسخة في اليوم من دار التوزيع ومديرها أخي أبوبكر أرباب، ونشرنا الوثيقة على الصفحة الأولى، وبعد مراجعة كل الصحف العربية، كتبت مع شهادة دار التوزيع أقول أن هذه الصحيفة هي الأولى عربيا توزيعا باستثناء بعض الصحف المصرية، والتي لا يمكن أن تنافس على خلفية تعداد السكان ونسبة الأمية... الخ، وقلت أن ذلك الحكم ينطبق على الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية، وكان ذلك بحسابات ذلك الزمان وليس اليوم طبعا.
تزامن وجودي بجدة مع نشر منصور خالد لحلقات كتابه ''السودان في الكرة البلورية '' بجريدة السياسة الكويتية، وأهمها الحلقتان 18 و19 من تلك المقالات وفيهما كشف منصور عن الفساد في مايو، بإشارات لتورط مسئولين بالقصر وعدنان خاشوقي.وتزامن كل ذلك أيضا وفي مكتب السفير مع زيارة عابرة لعلي شمو وكلتوم العبيد مديرة مكتب الرئيس نميري، كان تقدير علي شمو أن مقالات منصور هي الأكثر دمارا للسودان في تلك اللحظات، قالها بالانجليزية شوم ٍُ لمنففىَهسرار،، ولكني فوجئت بكلتوم العبيد، وهي محل تقديري دوما، تسألني أن أتولى الرد على منصور خالد بعد عودتي، والتي وجدت نفسي معها منقولا لأكاديمية السودان للعلوم الإدارية، وأمام قناعتي بقرب انتهاء كل هذا '' المولد '' قلت لها: لكن منصور ما قال حسن ساتي سرق.. ما أحسن يردوا الناس الذين اشار اليهم، بدت مندهشة واحتفظت بتعليقها.
ولكني وباللجوء الى تكنيك الإسقاط والتداعي، وعلى ذكر منصور خالد، أذكر أننا في الأيام كنا قد ركبنا الصعب ونشرنا له، أيام رئاسة اسماعيل الحاج موسى لهيئة التحرير العام 1980 سلسلة مقالات ما أسميه '' الخروج ''، بعنوان: لا خير فينا إذا لم نقلها. وأذكر أن منصور وبونا ملوال كانا يمران عليّ بالأيام كل مساء تقريبا لينقل منصور حرصه على تجنب الأخطاء المطبعية، ورجائي أن أولي الأمر عنايتي الشخصية، وذلك ما حدث. وأذكر أني ومع قرب نهاية الحلقات، قلت لمنصور وأنا أتقدم معه لسيارة ''السيهان بيرد '' التي كان يأتينا عليها: دعنا نكون صريحين، أشم في هذه المقالات نعيا متقدما لكل هذه القصة. قال بطريقته القاطعة والفاصلة: طبعا.. طبعا.. قلت: ولكن السؤال أيضا وكم ستأخذ رحلة النهاية هذه ؟ . قال: يعني.. دعنا نقول شيئا مثل أواخر العام 1984، والعبارة الأخيرة قالها لي بالإنجليزية، وقد تذكرت ذلك وأضفته الى حزمة قناعاتي بأن هذا المركب يغرق.
ومن عجب أن تلك كانت قناعتي وأنا في أميركا ضيفا على وكالة الإعلام الأميركية، وقد سألني يومها هناك مرافقي جاسم العزاوي، التلفزيوني اللامع حاليا بقناة أبو ظبي، وكان وقتها طالبا بالجامعة، عن تداعيات قوانين سبتمبر، قلت له: أفضل شئ يوصلك لفهم ما يحدث مقروءا مع الحالة السودانية بخصوصياتها هو أن أبعث لك من القاهرة بالبريد كتابي طه حسين '' الفتنة الكبرى والفتنة الصغرى ''، إن لم تكن قد قرأتهما، فأجاب بالنفي، وقد فعلت وأشتريت لنفسي أيضا نسختين إنعاشا لذاكرتي. وحين عدت بعد غيبة ثلاثة اشهر هي مدة الزيارة، قابلت الرئيس نميري لأطلعه على مجمل الزيارة، فأخذت السانحة، وللتاريخ، لم اشر لرأيي صراحة في قوانين سبتمبر، وإنما لواقعة سؤال مرافقي العربي الأميركي ''جاسم '' لي عن تداعياتها ولردي واقتراحي له بقراءة كتابي طه حسين وقولي للرئيس بأني شخصيا أعيد قراءتهما، لأني حقيقة قد اعتبرت ذلك ردا دبلوماسيا أمام رئيس، بمعني أني أرى شبح فتنة، فيما رأى الأستاذ محمود بعدي بشهــــــــور ما هو أبعد، رأى دولة للهوس الديني فدفع حياته ثمنا لنعيش نحن. والى الغد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
Rayaam 31/01/2006
حسن ساتي
[email protected]
ذكرى الأستاذ محمود.. حزمة أسرار 5-5
وأعتذر بداية لانقطاع مواصلة حزمة الاسرار بمداهمات الحزن القاسية التي كتبت فيها.
كنت في دار روز اليوسف في يوم لا أذكره من أيام العام 1976، وتحديدا في الطابق الخامس حيث مجلة صباح الخير، وفي حضرة الراحل رئيس تحريرها حسن فؤاد، وكان نبأ نيتي زيارة السودان بعد منفى اختياري لعامين قد تسرب في المؤسسة، متزامنا مع حملة كان قد دشنها الراحل عبد الرحمن الشرقاوي رئيس مجلس إدارة روز اليوسف ضد علماء الأزهر، متبنيا فكرة تقول بإمكانية أن تكون ماركسيا وتكون مسلما، وهو طرح تقاطع مع رؤية نفر منهم. فوجئت بحسن فؤاد يقول لي: الشرقاوي يريد رؤيتك، قلت: متى، قال الآن. ومضى ليتحدث الى مكتبه ويرتب المقابلة، فأكملت قهوتي وصعدت للطابق السابع حيث استقبلني بحفاوة وبتلقائية عظماء مصر: حسن إزيك، وكيف عامل.. وإنت بتكتب حلو يا ابني.. شد حيلك.. وإحنا قلنا للنميري ان روز اليوسف ليست ضد السودان، بدليل أننا قد ضممنا اليها كاتبا سودانيا، »يقصد شخصي أنا بالطبع «.. وقهوتك إيه.. ومضى مباشرة ليقول: إنت تعرف محمود طه، قلت نعم. قال لم أقرأ له كثيرا، ولكن أفكاره تعجبني، وسمعت إنك رايح السودان.. تقدر تعمللنا معاه حوار.. في مسألة شيء اسمه علماء الدين، وعن الماركسية.. وبالمرة نقدر نخلي القارئ المصري يقف على فكر الرجل. رحبت بالفكرة، فقال لي، عايز من روزا حاجة » معناها المساهمة في نفقات سفري، « شكرته، وقلت له: أنا كده كده رايح، ضحك وقال لي: طيب لمن ترجع نتصرف.
عدت لحسن فؤاد، وبدا لي أنه كان على علم بأسباب المقابلة، لأنه وعلى الفور قال لي: حسن هل قرأت كتاب نوال السعداوي الذي صدر هذا الشهر » حواء هي الأصل «، قلت لا، فتح درجه ليعطيني نسخة ويقول: بالمرة حاور لنا أستاذ محمود حول هذه الفكرة، ودا طبعا مش لروزا، وإنما لصباح الخير، وغادرت للسودان.
حاورت الأستاذ في الموضوعين، وهما متاحان ليومنا هذا بصوت الاستاذ وصوتي على موقع الجمهوريين على الانترنت باسم «الفكرة.. ولا أذكر بقية تفاصيل الكود»، وفيهما ذهب الأستاذ الى أن حواء بالطبع هي الاصل، لأنها هي الأرض في حين أن آدم جاء ك «ألمامة سماوية »، وتمعنوا ثراء العبارة.. وقال ان التطورية والنشوء عند داروين جاءا متأخرين لأن لهما أسانيدهما الدينية من وجهة نظره طبعا، ومجمل رأيه في الحوار لروزا أنه لا يوجد في الإسلام شىء اسمه رجال دين...الخ.
لم يكن ذلك أول حوار أجريه مع الاستاذ، فقد حاورته العام 1974 قبل هجرتي لصالح جريدة الأيام، ولكن رؤسائي تحفظوا على الحوار، وليتهم كانوا قد نشروه، إذن لكان قد زاد مؤامرة إعدامه وضوحا، ففي ذلك الحوار، وعن جزئية فرية رفع الصلاة عنه، قال لي: المقلد لا يمكن أن يكون أصيلا، والرسول قال: صلوا كما رأيتموني أصلي وفي ذلك تثبيت للتقليد، والصلاة صلة بين العبد وربه، ولذلك وحين تتقنها سنة على قدم الرسول، وتتبعها بالتهجد تقترب من الوصول الى صلاة تخصك في مناجاتك وهي تتلاقى مع التقليد، ولكنها تصطحب نفسك الخاص، أي التجديد، وإمعانا في هذا التجديد المطلوب طلب مني الاستماع الى تدشينهم لفكرة تلحين وأداء نصوص دينية منتقاة من أدب التصوف للنابلسي وإبن الفارض.
حين عدت بالحوارين للقاهرة، كنت وكانا سيئي الحظ، فقد استعرت الحملة بين الشرقاوي والأزهر، وقال لي حسن فؤاد مشيرا الى أن ذلك سر: الريس السادات بنفسه اتصل بعبد الرحمن وقال له: كفاية يا عبد الرحمن. فأخذت صباح الخير الرسالة فيما يبدو لنفسها أيضا مع اختلاف سياقات الحوارين فلم ينشرا.
رحم الله الأستاذ، فالحاجة اليه ولفكره الوسطي مقروءا من عيونه، وليس بالشهادات السماعية، لا تزال قائمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
إن قصيدة ود دوليب هذه حملت نبوءات وان فك «شفرة» هذه النبوءات يتم عن طريق حساب الجمل والحروف.. ولذلك يعتقدون أنه حتى أحداث الحادى عشر من سبتمبر فى امريكا مضمنة فى هذه القصيدة. وأن ظهور المسيح الدجال مضمن فى قصيدته وأن الهجمة على السودان مضمنة فى قصيدته كذلك، ونحن لا نريد ان نفتح هنا باباً «للا معقول» ولكن لنشير الى ان كثيراً من ادبيات السودان وكثيراً من التشكلات السياسية فى السودان ظلت خاضعة للخارطة الدينية التقليدية، ولذلك نجد ان الرئيس النميرى حينما أفلس برنامجه القائم على الاشتراكية وأفلس برنامجه القائم على التوجه صوب امريكا اتجه مرغماً الى الخارطة الدينية فكان مشروع الولاية الثانية وكان مشروع النهج الإسلامى كيف؟ ولماذا؟ .. وأنه فى إطار هذه الخارطة الدينية قام بتصفية محمود محمد طه وأبرز مشروعه فى إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية.
http://www.rayaam.net/22005/05/03/articles/article1.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
احتفاء بالذكرى الستين لـ«الرأى العام»:
الجمعية الأدبية بعطبرة لها دورها أيضاً
بقلم: مصطفى أبو شرف
سعدت بالعدد الممتاز لـ«الرأى العام» فقد جعلنى وجيلى الذى عاصر الحركة نهيم فى تهويمة مقدسة للماضى النبيل -الجميل- الأصيل الذى عشناه وملء بردية الشباب والقوة والفتوة وكنا نؤمن أن ليس وراء العمل الوطنى مال يبتغى أو لجاه يرتجى وإنما سبيلهما لمن يريد «التقرب من الانجليز» يستغلها بالدجل والنفاق وللأستعمار يستدره بالملق والتجسس، والصفوة من الخريجين لم تعرض الضمائر للبيع ولا المؤتمر للأتجار وليس هناك إلا الصدق والصبر والزهد وللمجاهد احدى الحسنين -ضريبة الوطن بوفاء الابن البار لها إذا فازت أو الجنة إذا استشهد.
أخى القارئ
كاتب هذه السطور من الجيل الثانى من الخريجين الذى حط رحاله بعاصمة الحديد والنار -عطبرة- إذ سبقه الكثيرون منهم للالتحاق بحسابات السكة الحديد -قاسم مجذوب- محمود الفضلى- عبد المجيد عبد الرحيم- إبراهيم علي- أحمد محمد يوسف- محمد سنادة- صالح مصطفى الطاهر ومن البارزين فى غير أقسام الحسابات -خليفة عباس- الطيب عباس فقيرى- صالح محمود اسماعيل- حسن طه شريف- أمين عمر البنا- محمود محمد طه «المهندس» ومعه فى قسم الهندسة يضم غندور- محمد حسن زين العابدين- أمين حسن علي- محمود ابوبكر «الضابط فيما بعد» ثم الذين عيونوا كمفتشى حركة كما كانوا يسمونهم - مبارك زروق - حسن طه «شاعر الجماهير» محمد السيد- مكى السيد علي- اسماعيل حسين والتيجانى سعد- وأأسف ان غاب عن ذاكرتى التى أصابها الوهن بعض الأسماء- هؤلاء جميعاً هم الذين أنشأوا الجمعية الأدبية بالنادى السودانى والذين نصبوا الشهيد محمود محمد طه سكرتيراً للنادى وهو الذى وقع «التعهد» للجنة النادى وكانوا كلهم من آبائنا الذين لا يحتملون مشقة الجهاد وما يتبعه من حركات لا يرضى عنها الحكام بل كان هو «محمود» الذين وقع الورقة «أنه هو وأعضاء اللجنة الأدبية مسئولون أمام القضاء لو حدث ما يعكر الأمن ويخرج عن النظم المتبعة آنذاك» ولهم العذر فما كانت أتبرة تتخلف عن ثورة 1924 بل شاركت فعلياً بالتظاهرات التى حدثت أيامها وجعلت الانجليز يحسبون للعمال الذين انخرطواً مع أخوانهم واخيراً فى الجمعية الادبية الف حساب- بل وبسياسة «فرق تسد» بنوا لهم دار خريجى مدرسة الصناعة وهى التى أحالها العمال لتدريس اللغة الانجليزية ومحو الأمية بل وللخلايا للحركة الوطنية -وليحيا نضال الحركة العاملة- سليمان موسى- الطيب حسن- محمد ادريس عبد الكريم- أحمد الفكى- خيرى عبد المجيد «الجيل الذى سبق الشهيد الشفيع أحمد الشيخ» وقاسم أمين وأخوانهما.
وكان جزاء محمود ان ينقل من «اتبرة» الى جبيت وكان يوم وداعه يوماً مشهوداً يؤرخ فإن عطبرة الوفية ردت له جهاده إعترافاً منها بفضله والقافلة سارت بعد بحماس أكثر لتقول للانجليز «كلنا محمود»!!
أخى القارئ
وتكونت لجنة المؤتمر الفرعية بعطبرة ورفضت لجنة النادى ان يقام الاجتماع العام بساحة النادى «الباب اللى بجيك منو الريح- سدوا واستريح» كان شعارها- لجنة الآباء المحترمين» وقد أقيم الاجتماع العام بسينما النجم الأحمر لصاحبها أميل قرنفلى وقد طلب الرجل أن يفسح للمؤتمر كل ما فى الدار من كراسى من الساعة الرابعة مساء الى السادسة وبعدها ليبدأ العرض- لعل هذه تمر على القارئ ببساطة ولكن لو عرف ان مدير المديرية فى الدامر رفض أسماء مقدمى الطلب لأن ليس فيهم من كان فى الدرجة «أ س هـ» أكبر درجة للسودانيين أيامها لبطل العجب ولأنه ظن ان السودانيين الذين يتمتعون بالدرجة أياها لا يجرأون ليفعلوها وهم يتابعون الحمقى من الشبان ولكن خاب ظنهم فقد وقع على الطلب المهندس محمد حسن زين العابدين وأقيم الاجتماع وتقديراً لموقفه طلبنا منه أن يتلو خطاب سكرتير المؤتمر «كان المرحوم أحمد متولى العتبانى آنذاك» وبعدها سيتولى أعضاء اللجنة الحديث للاجتماع- كان عدد المؤتمرين أيامها ألفاً وثمانين عضواً وهم النواة للحركة الوطنية بـ«اتبرة» أيامها والتى تمخضت عن مساندة المؤتمر فى حوادث الجمعية التشريعية- ألا يذكر من باب الوفاء للقارئ تحية شاعر المؤتمر لـ«أتبرة»:
لله أتبرة يقيم بها الشباب القيم
القطر يهتف باسمه فله بكل فم فم
من كل جبار النهى فكأنما هو ملهم
وكأن فى أثوابه سعد العظيم ومكرم
وطنية أهدافها عمل فلا تتكلم
أضفى عليها الاتحاد رواءه والميسم
آمالها لبلادها مما يراق له الدم
وقد صدق شاعرنا فقد قدمت عطبرة القرابين على هيكل الوطنية الصادقة وما ضحايا «النادى الأهلى» ببعيد عن الأذهان ومن الوفاء فى شئ ان أذكر المرحوم ابراهيم المحلاوى الذى ركل الوظيفة العالية فى حسابات السكة الحديد شأنه شأن راهب الوطنية حماد توفيق- وقاد المظاهرات أيامها - وما كانت مساهمة الخريجين أيامها بقليلة ولا مساهمة العمال بالتى تنكر أو تقبر .
ضمن أعضاء اللجنة أىامها
http://www.rayaam.net/22005/04/08/araa/araa5.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
استدراك على العقل السوداني:
الناقد محمد الجيلاني: محمود محمد طه انتج مقدمات عدم كفاية الوعي السوداني
حوار : محجوب كبلو
ارتبط اسم محمد الجيلاني طيلة العقد الاخير تقريباً بما يمكن ان نطلق عليه ايدولوجيا المكان أو المكانية، وقد قارب طيلة هذه الفترة بواسطة نظرية المكان هذه كما يسميها مختلف القضايا في مختلف الحقول.. العلم والفلسفة والدين والفن، ولما كانت جل هذه المقاربات، ان لم تكن كلها، شفاهية من خلال فعالية المنتديات، رأينا تقديمه في هذا الحوار لعله يجلى بعض الغموض حول هذه النظرية، خاصة ان هنالك كثيراً من اللغط وسط جمهور المثقفين حول توصيفها الشفاهي.
ü ما هو تعريف هذا المشروع الفكري؟
ـ استدراك على العقل السوداني لتفعيل عنصر المكان فيه.
ü ماذا تعني بالاستدراك؟
ـ لغة يعني الالتفات إلى ما كان يجب ان يحضر سابقاً ولم يفعل.
ü هل تعني حضور ذلك الشئ رغم تكرار الشروط التي لم يحضر عبرها سابقاً؟
ـ نعم، كانت العقبة في عدم حضوره هي عدم الوعي بأهمية المكان.
ü كون المكان معطى بديهياً، الا يعارض ذلك القول بأن الوعي السوداني، أو اي وعي آخر عاجز عن ادراكه؟
ـ هناك تدرجات في الوعي السوداني:
في الوعي الشعبي المكان موضوع للتوصيف وفيه ايضاً المكان مسرح، أما في وعي السلطة فالمكان فهو مدخل استثماري، بينما فلسفيا هو المكان الذي يفكر مع الانسان في انتاج معرفته.
ü ماذا تعني بالمكان الذي يفكر، اذا كان ذلك مجازاً، فما هي حدود هذا المجاز؟
ـ المكان المفكر ليس مجازاً ولكنها حقيقة مثل الومضة سهلة الفرار وعصية الامساك.
فمثلاً لانتاج خطاب قانوني لصالح غالبية السكان في السودان الذين هم مزارعون، مع ان الممارسين الفعليين والذين لا نقيس عليهم اقل من 65% من المجموع، في مثل هذا الوضع، نجد مجالا للحديث عن الزراعة كمغامرة وكاسترزاق وكملكية وعن يجب ان تشكل مصدراً من مصادر هذا القانون واهدافه، وبالنظر إلى القوانين السودانية التي تأسست على المنقولات تضرب صفحاً عن هذه الاغلبية.
ü ولكن طبيعة القانون هي ان يعبر عن مصالح الشرائح المهيمنة لا عن مصالح الاغلبية.
ـ هذه ليست طبيعة القانون بما انه نتيجة للوعي وليست سبباً له، فهل تعتقد ان حاكماً استطاع ان يحول سلطته من فئة محددة الى طاعة من كامل الشعب ويجتني ريعه كسلطة من كامل الجغرافيا العاملة أو النشطة، هل هذه مصلحته أم ان المصلحة في التسلط الجزئي والتنمية الجزئية؟.
ü يبدو ان هنالك اعتماداً على المنظومة القيمية التي يعتقدها الحاكم؟
ـ على النقيض ليست هنالك منظومة قيمية ندعو لها بل نحن بازاء التشكيك حولها، لان الاستدراك يقتضي استعراض البنى الرئيسية والنظم والبنى المادية والقيم وكشف تصدعاتها.
ü عود على البدء، المكان المفكر كما تفضلت بتسميته، الا يناقض ذلك حقيقة ان الوعي الانساني هو التجلى الوحيد للوعي في مجمل المادة الكونية؟ واستطراداً لتوضيح السؤال يذهب محمود محمد طه إلى ان النبتة اعلى مقاماً من الجبل الذي تنبت بين شقوقه، والنملة اعظم من الشمس لوصولهما الى سلم الحياة أولى الخطوات نحو الوعي.
ـ المقام ليس مقام اتفاق أو اختلاف، بل هو مقام ترتيب. محمود انتج مقدمات مشروع حين كان يتحدث عن عدم كفاية الوعي الانساني (راجع كتاب الدين والتنمية الاجتماعية). وتكلم عن مراحل القلب والعقل والجسم، وحدد مرحلتنا في مرحلة الجسد وهو يساوي الطبيعة ولا يزيد عليها بحال، ولكن ما يدعي بالهيومانزم في الغرب فمرجعيته موت الانسان عند فوكو، وان ما يحكمنا هو مرحلة الهجاين بعد كل هذا الدفق من الانبياء والفلاسفة والعلماء بما يعني استمرار الميتافيزياء.
ü ماهي تقاطعات هذه النظرية مع اقنومي الفلسفة المادي والمثالي؟
ـ مجموعة تنبؤات الفلسفتين تتمشكل بين الاستقراء والاستنباط حيث تختلف المعطيات عن المعطيات الحالية، انظر إلى منهج العلوم البحتة والانسانية، يمكن التدقيق مستقبلاً في هذا الموضوع.
ü بصورة اكثر تحديداً، ما هي الحاضنات الفلسفية التي افرخت هذه النظرية؟
ـ اسئلة الجابري التي انطلق منها معتمداً بنيوية جيرار جينيت، تعتبر مفاتيح لمشروع الفكرة في شكلها الذي تمظهرت به والتي فتحت اسئلة كيف نفكر؟ وكيف يُفكر لنا؟ فبدأنا في تأسيس هذا الاستدراك الذي يجيب على المغيب عن التفكير فيه عندنا.
فاذا كانت العرقية قد صنعت النازية، والايدولوجيا صنعت الاتحاد السوفيتي والدين صنع مكة فماذا كانت تصنع هذه التأسيسات اثناء الانهيار والعبور الى المستقبل؟ فبدأنا نفكر في الجغرافيا على الرغم من اشتغال المفكرين والفلاسفة عليها مثل هيجل الذي انتهى إلى العرقية الاوربية وغاستون باشلار الذي انتهى بها إلى علم النفس الجمالي، ونحن نريد قلب المنهج بكامله عبر اعادة ترتيب اولوية مصادر العقل.
ü ما هي نقاط التأسيس لهذه الفكرة في مجمل المشهد الفكري السوداني؟
ـ اذا صح قول محمد المهدي بشرى والذي لم اجد له سنداً حتى الآن، ان الاستاذ محمد أحمد محجوب تطرق الى العامل الجغرافي كأحد عناصر الوحدة الوطنية ولم يسهب بشرى في ذلك ولعله يفعل، واشار الناقد أحمد عبد المكرم إلى مقطع العبادى الشعري في مسرحية المك نمر:
يكفي النيل أبونا
والجنس سوداني
كما أشرت أنا في مقال بالخرطوم قبل اشارة عبد المكرم إلى دور مدرسة الغابة والصحراء والتي أظن انها تتساوى مع اشارة العبادى في بحثها عن المشبه به الشعري المحلي اكثر من بحثها عن مفردة او مفهوم يستدرك كما نفعل الآن.
وأنا أبحث في اضاءات المتعلمين الفكرية والاهليين لمقولات تتصل بهذه النظرية، علماً بأن ما ساهمت به الحضارات والاسئلة مثل سؤال الهوية وسؤال الآخر كاشكالات آنية لم تواجه الاجيال السابقة وهنالك من ادى دوراً سالباً لتغييب هذا الاستدراك الضروري.
ü تلاحظ لك مقاربات عديدة لمختلف النصوص الابداعية، ما هو موقفكم كمدرسة حول المنهج القيمي والشكلاني؟
ـ هذا السؤال لم نصل إليه بعد، وقد لا نصل إليه، فما نفعله الآن من استدراك على العقل السوداني لم يتم استيعابه ولم يترجم إلى نظم تربية وتعليم ووجدان، وذلك لا يعيق انتاج آداب سابقة لهذا الاستدراك.
ü من هو الاقرب من المبدعين السودانيين للنموذج الذي تطرحه المكانية على صعيد الشعر والرواية؟
ـ في الشعر يمكن التفاوض مع مدرسة الغابة والصحراء تاريخياً رغم تلاشيها وتغييبها لبؤرة ضوء كان يمكن ان تفتح من الادبي إلى المعرفي وقد تفلتت من الكوزموبو ليتانية (صحوة العالموية) في صرعتها في قصيدة النثر منتجاً نصاً بعنوان:
الشاعر محجوب كبلو يقارب نظرية المكان موضوعاً ومنهجاً حين يقول في المطلع:
يا مكرس للينابيع
يامتوج بالغمامة
طار الحمام
من موكب الجليل للنيل
واهداك السلام
فيما يخص الرواية واذا كان التجلي للمكان انتاجياً هو الزراعة، فان ما قرأته من رواية سودانية يسحق الفاعل الاساسي في هذا المكان كصنيع الطيب صالح في موسم الهجرة وكما فعل بركة ساكن في الطواحين مما يساوي وزير الزراعة الاسبق قنيف خروج المزارع الضعيف من الدولة الزراعية.
أما حيال النقد فتمتد المحاولات الرغبوية بأكثر مما هي معرفية منذ حمزة الملك طمبل ومحمد عشري الصديق وعبد الهادي الصديق وصولاً إلى محمد المهدي بشرى وعبد المكرم اللذين تركا اشاراتهما في الخلاء، وصلالات أحمد الطيب زين العابدين الجميلة في المكان الثقافي ظاناً انه المكان التأسيسي.
وهنا نشير إلى ان المكان نعرفه هو اقصاء وحصار وابشار للمكان الطبيعي
http://www.rayaam.net/22005/05/25/art/art9.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
الاثنين19ديسمبر2005
أوراق العمر مع عضو مجلس رأس الدولة الاسبق الاستاذ ميرغني النصري (1)
كان لـ (الازهري) عربة لا تسعه الا هو - كنا نقوم بدفرها عندما تحرن
اجراه: محمود الجراح
احد رجال القانون عمل بالمحاماة بالمحاكم السودانية منذ 1956م كان نقيباً للمحامين لاكثر من عشر سنوات. وصار رئيساً للجنة قبول المحامين 83-.85 رفاعة مدينة عربية لكن الشكل السكاني لها اتسع متجاوزاً اصلها الرفاعي حيث قدمت اليها قبائل سودانية اخرى من الركابيين والشايقية والجعليين كذلك بعض العوائل ذات الاصل التركي والمغربي.. فاصبحت من حيث السكان لوحة مونقة ذات الوان بهية خلابة.
على طول هذا الطريق كانت هناك منظمات اسلامية اخرى منها منظمة الاخوان المسلمين بقيادة سودانية يرأسها الاستاذ المغفور له باذن الله علي طالب الله وهنالك الحزب الجمهوري بقيادة محمود محمد طه وهو حزب قائم على مباديء اسلامية ونزعة اشتراكية ذات مضمون فردي واجتماعي.. وهنالك هيئة انصار السنة بقيادة محمد هاشم الهدية ومنظمة التبشير الاسلامي بقيادة شوقي الاسد.
فهذه المنظمات الاسلامية ماعدا الحزب الجمهوري تجمعت في هيئة سميت لجنة الدستور الاسلامي وهذه اللجنة تدعو الى الدستور الاسلامي. وقد اتصلت بكل من قيادة الحزب الوطني الاتحادي بزعامة الزعيم اسماعيل الازهري وقيادة الانصار بزعامة عبدالرحمن المهدي. وبقيادة الختمية بزعامة السيد علي الميرغني.. اتفقوا على قيام جمهورية اسلامية ودستور اسلامي في العام 1957 تم تكوين لجنة قومية للدستور وكان ذلك في عهد الرئيس عبدالله خليل . وتكونت هذه اللجنة من الاحزاب السياسية ومن شخصيات وطنية. ومن عضوية للمنظات الاسلامية بما فيها الحزب الجمهوري ..
http://www.rayaam.net/22005/12/19/tahgigat/hiwar2.htm ___
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
نيران صديقة
الصادق والمزاوجة بين الامامة والجمال
محمود الجراح
في حالة تماثل خلجات علي بن الجهم، شاعر عيون المها، تفتق جوف الصادق المهدي عن مخفيات حب نادر الاناقة، مفعم اللذاذة والعذوبة .
تمدد به كثيراً، أصبح الي جانب ريادته المطلقة للأنصار، صريعاً لفاتنات النهى .
الحكاية برمتها نقلتها عنه مجلة اوراق «عدد اكتوبر الماضي» عندما سألته عن ابيات في شأن الختان لم يكملها، فسأله المحرر عن بقية الأبيات وعن ماكتبه الصادق بخلافها من اشعار.
فقال الامام:
انا اكتب الشعر في بعض المواقف، اذكر منها مرة، كنت علي متن طائرة برفقة المرحوم عمر نورالدائم وكان هناك «مضيفة» تقف علي خدمة الركاب بهمة عالية، وكانت علي قدر عالٍ من الجمال، فدار حوار بيني وبين المرحوم عمر نور الدائم قلت له فيه:
زي دي لو كان في غير عالمنا يخدموها، ماتخدم..!
ثم نظمت فيها بعض الابيات لا اذكرها الآن. وتعليق آخر من عمر نورالدائم نفسه حول طاقم الحماية الخاصة بالعقيد معمر القذافي. وقد كان العقيد في زيارة للخرطوم، سألني المرحوم:
ـ حسّع زي ديل بحْمَنو؟
يقصد الحرس النسائى، فأخذت قطعة من منديل الورق وكتبت عليها بعض الابيات في معناها، ان الافعي لا تغتر بمنظرها الناعم فهي تستبطن في دواخلها كل الشراسة .
فعلق المحرر:
إذن انت موجود في عالم الجمال، تتغنى وتترنم وكذا .....
فقال الامام : انا احفظ الشعر وانشد وادندن بصوت عالٍ إحياناً.
وفي النهاية قال الصادق:
حارسات القذافي الهمنني شعر الغزل .!
وفي الحقيقة الامام بهذا الحديث الذي افضى به لم يكن بعيداً من الشاعر الجاهلي علقمه بن الفحل، فلبس عباءته وانشد:
فأن تسألوني بالنساء ** فإني بصير بأدواءالنساء طبيب
إذا شاب راس المرء أو قل ماله ** فليس له من ودهنّ نصيب
وانفعال الامام الصادق بالجمال يشي الى هيامه «سراً» في فضاء انساني يؤجج فيه نيران الهوى. فهو حقيقة يكاد يصرخ من شدة ما يعتريه من هوى: مالي أفي ويخان عهدي وما بالي اُصاد ولا أصيد
ومادام الامام ـ رجل الدين والاجتهاد ـ يدندن بشعر الغزل متغنياً في وهج قشيب الضياء، فإنه كأمام للانصار، أوجد فيه مندوحة زاوجت بين الغزل والصحوة الاسلامية التي فجرها كفضيلة أخلاقية مسكرة الفوح.
الامام الصادق اجتهد وزاوج بين العيون النجل المدهشات والصلوات في ناشئة الليل. بإعتبار ان ما من شئ إلا يسبح بحمده. وقديماً قال محمود محمد طه: «المرأة وسيلتنا للحب الالهي».
http://www.rayaam.net/22005/12/23/igtm3i/igtm3.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
اتفاقيات السلام ... البدايات والمآلات (2)
د. منصور خالد
السلام الشامل ما هو؟ وما هى وسائل تحقيقه؟
بقدر ما نستطيع، حاولنا في المقال السابق إبانة الأسباب التي أدت لأن يكون التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية ثنائياً وينتهي إلى وفاق ثنائي. وقلنا إن تحقيق السلام الشامل لا يتكئ، فحسب، على صدق الارادة السياسية للطرفين الموقعين في تنفيذ الاتفاق الذي تواصيا عليه، وإنما أيضاً على صيانة ذلك الاتفاق بسياج من التأييد الوطني. السلام الشامل، أو الحل السياسي الشامل، تعبير شاع في الخطاب السياسي منذ منتصف الثمانينات، خاصة بعد أن جاءت الحركة الشعبية بأطروحة قلبت المفاهيم هى أن مشكل الجنوب هو مشكل السودان. وكما ذكرنا في المقال السابق استطال الحوار في كوكادام بين الحركة والتجمع الوطني حول إن كان المشكل الذي ينبغي حله هو قضية اقليم محدود (الجنوب) أو قضية الوطن كله. ولعل ذلك الانكار من جانب الطبقة السياسية الشمالية أن الوطن كله مأزوم هو الذي حمل الأستاذ محمود محمد طه في الستينات، حين استبد بالناس الحديث عن مشكلة الجنوب، إلى اصدار كراسة اتخذ لها عنواناً: "...وللشمال مشكلة أيضاً". حقاً، كان الخطاب السياسي يومذاك، في الغالب الأعم، يتمحور في مشكلة واحدة هى مشكلة الجنوب، وفي قضية واحدة هى قضية الديموقراطية. الأولى تذكرنا بها دوماً الحرب الأهلية، والثانية لا نستذكرها إلا عند وقوع الانقلابات أو سقوط الأنظمة العسكرية فنبدأ في البحث عن وسائل حمايتها.
http://www.rayaam.net/22004/07/26/articles/article26.htm ____
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
ويؤكد غازي سليمان على أهمية البعد الأسري حيث يضيف : ما اكتسبته من والدي أحد قيادات الحركة الوطنية وعضو اللجنة الستينية في مؤتمر الخريجين ومن المؤسسين له ومن المؤسسين أيضاً لندوة ودمدني الأدبية نواة الحركة الوطنية في السودان مع زميليه أحمد خير وإسماعيل العتباني مؤسس «الرأي العام» إضافة الى شخصيات تلقيت منها الثقافة والشجاعة وهم أبي طبعاً محمد أحمد سليمان وهو أول مدرس للغة الإنجليزية والتاريخ بكلية غردون، والشريف حسين الهندي الذي عملت معه بوزارة المالية، وعبدالخالق محجوب، ونقد الله الكبير والشهيد محمود محمد طه، وأجاب غازي عن هل السياسة تمثل لك مصدر رزق؟ قائلاً: السياسة أفقرتني وأنا أصرف عليها من دخلي في المحاماة ودخل أشقائى الأطباء مروان ومامون، وأضاف السياسة أفقرتني واخوتي
http://www.rayaam.net/22005/05/14/syasia/syasa5.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
البروفيسور: حسن مكي
................. تشكيل جنوب سودان حر: ذكريات كفاحنا 1934م ــ 1985م
العلاقات اليهودية .. السودانية والسودان والصهيونية: (1 ــ 2) سياحة تاريخية سريعة:-
علاقات أهل السودان باليهود قديمة فقد تزوج نبي الله موسى كوشية ولم يعبأ باحتجاج اهله على ذلك كما سارت جيوش الفاتح السوداني ترهاقا استجابة لدعوة من احد انبياء اليهود لتخليص القدس الشريف من قبضة الآشوريين بقيادة سارهدون الثاني، وظل السودانيون على الشريعة الموسوية الى ان ذهب ابان المملكة المروية وزير مالية الكنداكة ملكة مروي الى المسجد الاقصى للزيارة والحج وهناك قابل حواري المسيح فليبس، ومن الخدمات المتناولة بين اهل السودان والمسيحية، ان وزير الكنداكة خلص فليبس حواري المسيح من جلاديه كما اعتنق وزير الكنداكة تعاليم العقيدة المسيحية التي توطنت في السودان بعد قرون من ذلك وقد شاع في الادبيات اليهودية ان مملكة مروي عمل فيها اليهود كفنيين واختصاصيين في صهر الحديد حتى اصبحت مروي برمنجهام افريقيا في تلك العصور السحيقة. ======.
في وقت طغت فى وسائل الاعلام قضايا تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان واعدام محمود محمد طه وتلى ذلك تطورات داخلية ادت الى الاطاحة بنظام الرئيس جعفر محمد نميري.
اسرائيل من دعم انانيا الى دعم الحركة الشعبية
http://www.rayaam.net/22004/04/03/articles/article12.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
كمال الجزولى ....................... حَوْلياتُ الحُلْمِ الانْسَانِى
السادِسُ والعِشْرُونَ مِنْ يُونيو (3)
(1)
أرضه يستبدون بالأمر من (3/4) غير أن تاريخ الفكر الاسلامى شهد ، منذ وقت باكر ، تياراً آخر يمثله مفكرون أحرار اشتغلوا على الاعلاء من شأن مفهوم (حرية) الارادة الانسانية فى القرآن ، مقابل (الجبر) كتبرير للظلم ، كاشفين بذلك عن الدوافع (السياسية) الكامنة فى أساس نظرية (الارجاء) الملغومة! ولذلك لم يكن محض مصادفة أن يُغتال أبرز رموز هذا التيار من خلال صراعات الدولة الاسلامية ، كمعبد الجهمى عام 80 هـ ، وغيلان الدمشقى عام 99 هـ ، والجعد بن درهم عام 120 هـ (هيثم مناع ؛ ''الانسان فى الثقافة الاسلامية'' ..) ، تماماً مثلما اغتيل فى السودان ، ولنفس الأسباب ، الشهيد محمود محمد طه عام 1985م. ويلزمنا أن نشير هنا أيضاً إلى أن الحسن البصرى (21 ـ 110 هـ) يُعتبر أقوى أبكار المدافعين عن حرية الاختيار والعدل والمسئولية ، وهو الذى سأله سائل: ''آخذ عطائى من بنى أمية أم أدعه حتى آخذه يوم القيامة''؟ فأجابه من فوره: ''قم ويحك خذ عطاءك فإن القوم مفاليس من الحسنات يوم القيامة!'' (أنظر: هيثم مناع ؛ الامعان فى حقوق الانسان ، موسوعة عالمية مختصرة ، دار الأهالى 2000م ، مادة ''الحسن البصرى'').
http://www.rayaam.net/22005/05/03/articles/article1.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
تحت الضوء
د. منصور خالد
عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة(23)
انفصاليوالشمال، وانفصاليوالجنوبقــــــراءة خـــــارج النص
نقول هذا، بصرف النظر عن رأينا في تلك الحروب، أو رأينا في تواطؤ الكثيرين بالصمت عنها وعن ادراك ماتقود اليه شحنات الكراهية التي ولدتها. تلك حقيقة، لا نعدوالصواب إن قلنا، إن بصيراً واحداً فطن لها يومذاك وجاهر برأيه فيها، ألا وهوشهيد الفكر محمود محمد طه.
كان الاستاذ يقول، كلما تكاثر الحديث حول مشكلة الجنوب : ''وللشمال مشكلة أيضاً''. وكان، كلما تسمع بياناً من القيادة العامة للجيش يعلن عبر المذياع خبراً مفاده :''لقد فقدنا عشرة شهداء في المعركة ومات الف من الخوارج''، ردد :''الاجدر أن نقول فقد السودان مائة والفاً من ابنائه''. هذا قول رجل يدرك البدهيات، ومن البدهي أن القلوب جُبلت على حب من يحسن اليها، وبُغض من يسئ اليها، ناهيك عن الغضب الذي اورثته لأهل الجنوب مظالم متجذرة. لذلك، ظللنا ندعو، مع قلة ذات حس بالآخر نذكر منها الراحل العظيم محمد عمر بشير، للاعتراف بجذور المشكل بدلاً من الهروب منها الى الأمام بسياسات لا تقود الا لتعميق البغضاء بين ابناء الوطن الواحد. لم نذهب لذلك إلا بدافع الحرص على انقاذ أهلنا في الشمال من أنفسهم، وكان المسار عسيراً. وحمداً لله ان انتهى أهل السودان جميعاً لهذا الرأي. انتهى اليه التجمع المعارض في مقررات اسمرا، وانتهت اليه حكومة الانقاذ في ماشاكوس.
http://www.rayaam.net/articles/article26.htm _________________
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
إنتَهَت اللعْبَة!
THE GAME IS OVER! كمــال الجـــزولي مساء الثامن عشر من يناير 1985م.
غداة إعدام الشهيد محمود محمد طه في السابع عشر من يناير ، إجتمع ، سِراً ، ممثلو ثلاثة عشر نقابة ، على رأسها المحامون والأطباء والمهندسون والتأمينات وأساتذة الجامعات ، ليؤسسوا (التجمع النقابي) ، وليتداولوا خيارَي الاضراب أو تسيير موكب يسلم رئيس الجمهورية مذكرة تطالب بإطلاق الحريات والحقوق ، وبالأخص حرية العمل النقابي ، وإلغاء قانون النقابات ، وضمان استقلال القضاء ، والجامعات ، وحرية البحث العلمي ، واعتماد الحل السلمي لما كان يُسمى ، حينها ، بـ (مشكلة الجنوب) ، فضلاً عن رفع المعاناة عن كاهل الجماهير ، وما إلى ذلك. وبدا الرأي الغالب أميَلَ للمزاوجة بين الخيارين.
من جهتها ، كانت أحزاب الأمة والاتحادي والشيوعي قد عكفت ، أصلاً ، ومنذ العام 1984م ، على بلورة (ميثاق) يوحد العمل الوطني الديموقراطي للاطاحة بالنظام بين أطراف جبهة المعارضة ، بما فيها الكتلة السياسية التي كانت قد ائتلفت ، قبل سنوات من ذلك ، مع حزب البعث ، في ما عُرف بـ (تجمع الشعب السوداني).
http://www.rayaam.net/malaf/roznama.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
وكرم الله يماهي بين السكون والحركة في نسيج شخوصه ذات الأبعاد الروحية الإلهية ، حيث كل مخلوق صناعة علوية بوظيفة محددة في الحياة. وتستمد صيرورة الأشياء عنده مادتها من أثر فلسفي يقترب ويبتعد ، بقدر محسوب ، من وعن الفكر الجمهوري الذي ما يزال يتخلل خطابه. وكنموذج لهذا ، فإنه يُظهر ، في قصته (حمار الواعظ) ، كم هو محير أن يتحول الدين إلى محض أداء روتيني يمارسه الواعظ كما لو كان مكلفاً بتوصيل رسالة ناقصة إلي البسطاء ، فتجده يحثهم علي مخافة الله العزيز الجبار الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، بينما هو لا يفعل ذلك في علاقته مع حماره الذي يعذبه ليل نهار!
http://www.rayaam.net/malaf/roznama.html _________________
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
نشرت صحيفة الراي العام في عددها الصادر اليوم الخميس الموافق 15 مايو 2003 مقالاً لأحد كتابها وهو راشد عبدالرحيم صاحب العمود اليومي " إشارات" وعنوان المقال هو: هل هي ردة؟.
يتطرق المقال الي الأستاذ والي الفكرة الجمهورية واصفاً اياها بـ { الغثاثة }.
واليكم نص المقال بحذافيره علما بانه موجود علي موقع جريدة الرأي العام علي الإنترنت www.rayaam.net في باب الأعمدة:
هل هي ردة؟
بعد زوال حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري حفلت الصحف السودانية بالكثير من الغثاء حول قضايا سلفت في عهد النميري واتخذ اليساريون من قضية محمود محمد طه سلماً يرتقون به الي إدانة حكم النميري ومن ستار الهجوم علي الشريعة الإسلامية متخذين مطية لهم التطبيق الذي حفل بالأخطاء من نظام الرئيس النميري.
في ذاك العهد تولينا كبر منافحة ما ينشره الجمهوريون من غث فكرهم وكنا بعضاً من حملة واسعة قادها اخيار من الإسلاميين.
واليوم تقوم صحيفة الوفاق بتخصيص صفحة كاملة من عددها الصادر امس للحديث عن محمود محمد طه وعن حزبه وفكره ولم تجد الصحيفة ما تنشره في ذكري الإحتفال بالمولد النبوي من هذا الفكر المندثر والمشوش والخارج علي الملة.
هل نقوم بحملة علي صحيفة الوفاق والاخ الأستاذ محمد طه محمد احمد وهو من نعلم من جهاده وحرصه علي امر الإسلام؟
ام انها فتنت الإسلاميين باتت تغيب الخير وتفسح لغيره؟
هل من مبرر يدركه ولا ندركه؟
هل من جديد يقول بغير ما كنا نري في هذا الفكر؟
ام هو اعتقاد بحرية الرأي والنشر التي تجبر إخوة نجلهم لمثل هذا الموقف ام هو من جراء أزمة الصحافة التي لا تمكن من ملاحقة كل ما يرد في الصحيفة.
أم انها فتنة كقطع الليل الأسود تحيط بنا وتكاد تزلزلنا عن ديننا وإسلامنا.
لقد كفي الله الناس شروراً اصبحت اليوم تتسرب من جهات وصحف عهدنا بها ان تلتزم جادة الحق وصحيح الشريعة الإسلامية لا ان تكون هي اول من ييقظ الفتن النائمة والشرور الجاسمة ان تنطلق من جديد وتذهب بجهود الناس ان يعودوا لما سلف من ترهات.
اخي محمد طه حيرتنا صفحتكم هذه واغاظنا ان يجد مثل هذا الفكر ساحة في اوراقكم البيضاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
from www.rayaam.net May 20th, 2003 أصخرةٌ أنت يا راشد..؟!
هناك ثلاثة مستويات في قضية الفهم والممارسة: 1- رجل يدرك حجم المأزق وأبعاد المشكلة في قضية معينة وسعى لإيجاد الحل ووجده. 2- ورجل يدرك حجم المأزق وأبعاد المشكلة وسعى للحل ولم يجده. 3- ورجل لم يدرك حتى وجود مأزق أو مشكلة!
وحسب المعطيات المقدمة من السيد راشد عبد الرحيم في عموده «إشارات» بـ «الرأي العام» يوم الخميس 15 مايو، نحسب أنه -وبلا تحفظ- من الفئة الثالثة التي لا تدرك أن الفكر الإسلامي المعاصر وناشطي الإسلام المعاصرين يعيشون مأزقاً حقيقياً وأزمة طاحنة في عملية المواءمة بين التراث والمعاصرة ومحاولتهم المستمرة لإنزال أحلامهم وأشواقهم على أرض الواقع! هاجم راشد محمد طه محمد أحمد «الوفاق» لأنه أفرد صفحة كاملة للحديث عن محمود محمد طه. دعك -يا راشد- من محمود ومن محمد طه وتعال معي نبحر في بحر معضلة واحدة من المعضلات التي تواجه إسلاميي العصر.. والقضية بصورة «مضغوطة ومكبسلة» تتلخص في الشورى والديمقراطية: وقول واحد وابتعاد عن كثير من الجدل غير اللازم نقول- مستهدين بالله- إن الشورى ليست ديمقراطية، فالديمقراطية هي «رأي الأغلبية مع تقديس حقوق الأقلية»، والشورى هي إمضاء عزيمة النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بعد مشاورة أصحابه، إن شاء أخذ برأيهم حين يكون في نظره حقاً، وإن شاء أمضى عزيمته «وهي حق عنده» الى أن يأتي رأي السماء موافقاً أو مصححاً، والشورى عند جمهور المسلمين في السلف الصالح «معلمة» وليست «ملزمة»، والمأزق الحقيقي «المعضلة» أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ من جهة تصحيح الوحي له ومن جهة «أدبني ربي فأحسن تأديبي» ومن جهة أنه مجتبى في الأرحام ومصنوع على عين الله، فمَنْ مِنْ الرجال الآن يستطيع أن يملأ هذا المقام وكفى؟! الحركة الإسلاموية في السودان بقيادة الترابي حاولت المواءمة فقالت بالزامية الشورى مفارقة جمهور المسلمين ووضعت مكتب الشورى فوق رأس المرشد مما كلفها مقاطعة ومخالفة الحركة العالمية للأخوان المسلمين!.. وهي في ذلك لم تفعل أكثر من «دمقرطة» الشورى لعلمها بالمأزق!!. هذا هو المأزق -يا راشد- والمشكلة والمعضلة والأزمة في «كبسولة» أرجو ألا تكون مخلة.أما حجر الزاوية الذي استبعده البناؤون «محمود» وأما صاحباك محمد طه وحسن مكي اللذان يدركان المأزق ويعيشان مأساة الإسلاميين فلندعمها قليلاً حتى تدرك أنت أولاً أن هناك مأزقاً وأزمة ومعضلة.الأمر الذي أريدك أن تعرفه وأكشفه لك أنني أتابعك منذ ما يقارب العشرين عاماً ولا أجدك متطوراً ولعلك «كما يقول الدكتورالتجاني عبد القادر الإسلاموي الذي ذهب مغاضباً» من الحركيين الذين تحتشد بهم الحركة الإسلاموية وتفتقر كثيراً -حسب رأيه- الى الفكريين.
عيسى ابراهيم
تعقيب: الأستاذ الكريم عيسى ابراهيم
نشكرك على المشاركة وإثراء النقاش وأقول لك إنك أول من وصفني بالفكريين وما أنا إلا صحفي أكتب في هذه المساحة رأياً شخصياً بحتاً وأحمد الله أنك وجدتني غير متطور هذا التطور الذي تؤمن به أنت وأهل الفكر الجمهوري أنا برئ منه. ولعلك خبطت خبط عشواء ما للبروفيسور حسن مكي وما كتبته في عمودي من رأي. الأستاذ محمد طه أدخلنا في «مأزق» و«كبسلة» و«دمقرطة» وعجبي لمن يعجز «أستاذ عيسى» عن تعامل مع لغته لاسيما إن كانت لغة متميزة كالعربية ولا يجد إلا هذا الذي يشابه الفكر الذي منه ينبعث.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
هل هي ردة؟»
بقلم / محمود خيري أحمد المحاميü
في الوقت الذي استشعرت فيه حكومة الانقاذ ــ بعد تجربة طويلة ــ استحالة تجاهل الرأي الآخر وما قد يؤدي الىه ذلك التجاهل من عواقب وخيمة ومن ثم بدأت في تغيير خطابها السياسي بالتوكيد على حرصها على اشاعة الحريات العامة، وفي الوقت الذي نتطلع فيه الى عام 2005م وهو العام المزمع ان تكون فيه الخرطوم عاصمة للثقافة، وفي الوقت الذي يتجه فيه العالم اتجاهاً قوياً نحو الحريات بكافة اشكالها وفي الوقت الذي يحدثنا فيه الاستاذ ادريس حسن رئيس تحرير صحيفة «الرأي العام» بالعدد 2063 بتاريخ 15 مايو 2003م في الصفحة الثالثة عن التعديلات المقترحة في قانون الصحافة الجديد لاعطاء المزيد من الحريات العامة بما فيها حرية الرأي وحرية الصحافة وانه «لابد ان يكون التعامل مع الحريات العامة وحرية الصحافة بشكل خاص متواضعاً مع المعايير الدولية المتفق علىها عالمياً» في هذا الوقت يطالعنا صاحب عمود اشارات راشد عبد الرحيم في ذات صحيفة «الرأي العام» وفي ذات العدد وعلى نفس الصفحة بمقال بعنوان «هل هي ردة؟» وفحوى المقال ان صاحب العمود ينكر بل ويشدد النكير على صحيفة «الوفاق» ورئيس تحريرها الاستاذ محمد طه محمد احمد لنشرها صفحة كاملة عن الاستاذ محمود محمد طه وعن حزبه وفكره.
ونحن غير معنيين برأي كاتب المقال حول الفكر الجمهوري، فهذا شأنه، ولكننا معنيون ومشغولون بل ومنزعجون بممارسته نهجاً من الوصاية الغليظة يتعارض مع مبدأ احترام حرية النشر والتعبير الذي يميز الصحافة الحرة والصحافيين الاحرار، فصاحب «الاشارات» يعيب على صحيفة «الوفاق» قيامها «بتخصيص صفحة كاملة من عددها ذاك للحديث عن محمود محمد طه وعن حزبه وفكره ولم تجد الصحيفة ما تنشره في ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من هذا الفكر المندثر والمشوش والخارج عن الملة»، أي ان راشد عبد الرحيم لم يتدخل فقط في تحديد المادة التي يجب ان تقدمها صحيفة «الوفاق» لقرائها في ذكرى المولد النبوي بل يريد ان يحدد لها المساحة التي تستحقها تلك المادة حسب هواه، فواضح ان كاتب المقال يعترض ــ من حيث المبدأ ــ على صحيفة «الوفاق» لنشرها مادة صحفية عن الفكر الجمهوري، اما وان فعلت فما كان ينبغي لها ان تفعل ذلك في «صفحة كاملة» فهل هنالك وصابة اكثر من ذلك؟ وهل هنالك حجر على حرية الرأي اكثر من ذلك؟ ولا يتوقف الامر عند هذا الحد بل يذهب الكاتب الى الارهاب الفكري وذلك بالوعيد بالقيام بحملة على صحيفة «الوفاق» وعلى الاستاذ محمد طه محمد احمد «وهو لم يشعر بعد بانه قد قام سلفاً بتلك الحملة بمقاله هذا»، اسمع قوله «هل نقوم بحملة على صحيفة «الوفاق» والاخ الاستاذ محمد طه محمد احمد وهو من نعلم جهاده وحرصه على امر الاسلام»، ما هو مبرر هذه الحملة التي يهدد الكاتب بالقيام بها على صحيفة «الوفاق» ومحمد طه محمد احمد؟ هل لان الصحيفة قامت بنشر افكار لا تتفق مع افكاره؟ أو يكفي هذا للقيام بتلك الحملة؟ وهل يظن الكاتب ان محمد طه محمد احمد أو معتنقي الفكر الجمهوري سترتعد فرائصهم من هذا الوعيد فيزهدون في التعبير عن آرائهم؟ واذا كان الكاتب يعلم جهاد محمد طه محمد احمد وحرصه على امر الاسلام فكيف يقوم الاخير بنشر «الفكر المشوش والخارج عن الملة» والذي بالطبع سيضر بالاسلام، ويواصل الكاتب ارهابه الفكري في اكثر من موضع في مقاله ذاك بالحديث عن «الفتن النائمة» وعن الشرور التي اصبحت تتسرب للناس من جهات وصحف العهد بها التزام جادة الحق وصحيح الشريعة الاسلامية حسب تعبير الكاتب .. وبطبيعة الحال فان على هذه الصحف التزام جادة الحق وصحيح الشريعة الاسلامية من وجهة نظر كاتب المقال وليس من وجهة نظر تلكم الصحف وإلا سيقوم راشد عبد الرحيم بحملة علىها كما هو الحال مع صحيفة «الوفاق»، وكاتب المقال ضيق الصدر بالرأي الآخر حتى انه قد اغاظه كما قال ان يجد الفكر الجمهوري ساحة في اوراق صحيفة «الوفاق».
ومقال الاستاذ راشد عبد الرحيم يفتقد قيمته لانه لم يحتو على أية معلومة عن الفكر الجمهوري يمكن للقارئ الاستفادة منها للمقارنة، انما احتوى على هجوم على الاستاذ محمود محمد طه وعلى الفكر الجمهوري ناعتاً اياه بـ «الغثاثة» و«الخروج عن الملة» اضافة الى كونه مشوشاً حسب تعبير كاتب العمود، والملاحظ ان الكاتب لم يورد ولا دليلاً واحداً على هذه الاتهامات انما يطلق الكلام على عواهنه الامر الذي لا يعدو ان يكون عدم احترام لعقل القارئ، وعلى الرغم من ان المقال بقيمته تلك كما اسلفت إلا ان اهمية الرد علىه تأتي لسببين :
السبب الاول ان الصحف ووسائل الاعلام عموماً تلعب دوراً مؤثراً في تشكيل الوعي الجماهيري.
السبب الثاني ان هنالك اجيالاً ناشئة لم تتح لها الفرصة الكافية لمعرفة الفكر الجمهوري وان من حقها علىها التنوير، بحقيقة هذا الفكر حتى تحكم بنفسها ما اذا كان هذا الفكر غثاً ومشوشاً وخارجاً عن الملة كما زعم صاحب العمود ام انه فكر يدعو الى اتباع النهج النبوي الذي باتباعه تتخلص البشرية من كل العذابات التي تعانيها الآن؟.
لقد عبر الاستاذ محمود محمد طه عن آرائه في الكثير من القضايا العامة، الدينية منها والسياسية وله مؤلفات عدة وهي مبذولة لمن يحرص على الاطلاع علىها ومن هذه المؤلفات «طريق محمد» و«تعلموا كيف تصلون» و«الرسالة الثانية من الاسلام» و«القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري» و«مشكلة الشرق الاوسط»، والعديد من المؤلفات الاخرى، وكل هذه المؤلفات تدعو الى تقليد المصطفى صلى الله علىه وسلم والى اتباع سنته واتخاذها وسيلة لترقي الفرد البشري، ففي كتاب «طريق محمد» على سبيل المثال جاء في الصفحة الاولى من الطبعة السابعة يوليو 1973م ما يلي :
«بتقليد محمد تتوحد الامة ويتجدد دينها» اما اهتداء الكتاب على ذات الصفحة فجاء فيه «الى الراغبين في الله وهم يعلمون والراغبين عن الله وهم لا يعلمون، فما من الله بد»، ويحدثنا الاستاذ محمود محمد طه في ذات الكتاب على صفحة «6» عن طريق محمد بقوله «هو الطريق لانه طريق «المحبة» الخصبة، الخلاقة .. قال العزيز الحكيم عنه «قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» بطريق محمد اصبح الدين منهاج سلوك به تساس الحياة لترقي الدرجات نحو الحياة الكاملة .. حياة الفكر وحياة الشعور»، اما في صفحة «7» من الكتاب المشار الىه فيحدثنا الاستاذ محمود محمد طه عن طريق محمد بقوله «الطريق هو النهج العملي الذي يوصل سلوكه الى الله، تبارك وتعالى، وليس الى الله تبارك وتعالى، وصول بالمعنى الذي يؤديه حرف الكلمة وانما المقصود بكلمة الوصول ان يكون حضور السالك مع الله اكثر من غفلته منه»، هذا ما يدعو له الفكر الجمهوري فكر الاستاذ محمود محمد طه فهل يمكن لكائن من كان ان يرمي هذا الفكر بالغثاثة والخروج عن الملة كما زعم صاحب عمود اشارات؟ والاتهام بالخروج عن الملة يقتضي التريث اذ ان المسلم الورع لا ينحو هذا المنحى خوفاً من ان ترتد علىه هذه التهمة، أو لم يقل المصطفى صلى الله علىه وسلم «اذا قال احدكم لاخيه يا كافر فقد باء بها احدهما»، ألا يخشى الكاتب هذه النذارة النبوية؟ ان مسألة اتهام الفكر الجمهوري بالخروج عن الملة تلقى مسؤولية دينية باهظة على صاحب المقال، كما ان اسلوب الاتهام بالخروج يكشف عن عجز واضح في مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي وهو يشكل عائقاً في ظل ظروف اقليمية ودولية بالغة التعقيد، اما اذا كان اتهام الكاتب للفكر الجمهوري بالخروج عن الملة يستند على الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الجنائية في عهد الرئيس السابق جعفر نميري ــ اذا كان اتهامه يستند على ذلك الحكم فقد قالت المحكمة العلىا الدائرة الدستورية وهي اعلى سلطة قضائية كلمتها في هذا الامر في سابقة قضائية شهيرة تم نشرها بمجلة «الاحكام القضائية» 1986م على الصفحات من 163 وحتى 198، وفي اشارة لمحكمة الاستئناف الجنائية التي اصدرت حكم الردة على الاستاذ محمود محمد طه جاء في حيثيات المحكمة العلىا في السابقة المشار الىها على صفحة 181 «ان محكمة الاستئناف لم تكن عابئة فيما يبدو بدستور أو قانون...» وجاء في موضع آخر «وقد كان منهج محكمة الاستئناف اكثر غرابة حين استندت في حكمها على مسائل ليس من شأنها ان تقوم الادلة التي يجوز قبولها قانوناً»، ولم تكتف المحكمة العلىا بابطال حكم محكمة الاستئناف الجنائية الصادر في عام 1985م بل قامت بابطال حكم محكمة الاستئناف الشرعية العلىا الصادر في 19/11/1968م بحسبان ان محكمة الاستئناف الشرعية العلىا لم تكن تختص باصدار احكام جنائية بل كان اختصاصها مقتصراً على مسائل الاحوال الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق وميراث «ارجع لصفحتي 181 و182 من قرار المحكمة العلىا المشار الىها» وبالتالى فان حكم المحكمة العلىا باعتباره الكلمة الاخيرة للقضاء والمنشور في المجلة القضائية المشار الىها قد حاز على حجية الامر المقضي فيه قانوناً Res judicata أي انه صار حجة على الكافة.
اخي راشد عبد الرحيم ان دستور الانقاذ لعام 1998م ــ على قصوره ــ قد نص على كفالة حرية الفكر والتعبير في المادة 25 منه، ويقع على رجال الصحافة عبء كبير في العمل على انزال هذا النص الدستوري الى ارض الواقع وذلك بخلق الرأي العام المستنير الذي لا يضيق بالرأي الآخر وهذه غاية عظيمة ينبغي ان يعمل الجميع لتحقيقها وانت كصحافي حري بك ان تكون في مقدمة الركب، ولاجل هذا كله فان مقالك المنشور بهذه الصحيفة تحت العنوان «هل هي ردة؟» يحتاج الى مراجعة، انك ان لم تفعل فلا يعدو ان يكون ذلك إلا محاولة لتأخير عقارب الساعة.
محمود خيري ماجستير قانون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
فيليب غبوش: أنا كالحرباء بطيء وخطير وعيوني مركبة..
(ديل قاعدين يعصروا الحكومة عصر تمام..!)
حوار: أحمد يونس
* لكنك تراجعت في المحكمة عن القبلية وأعلنت توبتك؟
ـ لم أعتذر عن الإنقلاب، وقلت للمحكمة نحن في المسيحية نغفر لأخوتنا سبعين مرة، المكاشفي طه الكباشي قال لي: (لسة ما تبت، قلت ليهو: لا..)!
ـ تلفت الأب فيليب ثم قال: (ما سمعت بحكايتي مع محمود محمد طه)؟!
* أجبت: لا..
ـ فباغتني إذاً (إنت رايح ساي)..
* ما هي حكايتك معه؟
ـ قلت لصاحبي لا تتعصب مع النميري، إشتغل بوليتيكا (سياسة)، لازم تبقى سياسي، عليك بأخذ السبحة والقول (لقد تبت)، عشان تواصل الفكرة والمباديء.. وين محمود محمد طه الآن؟! محل قبرو ما معروف، البوليتيكا تقول أن تعرف متى تزوغ إذا أحسست أن هنالك خطراً يهدد (كرعيك)..!
* كأنك تقول لا توجد مباديء تستحق الموت من أجلها؟
ـ محمود ما عندو مباديء.. كان بحارب الأخوان المسلمين بس!
http://www.rayaam.net/malaf/panorama.html _________________
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
إلا قليلا
كمال حنفي
[email protected]
سيد الاسم
... اذا أصدرت السجلات المدنية السودانية الأسماء المتشابهة فى دوريات ستسرى بين الناس كالتيار الكهربائى تضيئ وتلسع ... تخيّل اذا أصدرت السجلات المدنية قائمة بمواطنين سودانيين اسمهم الطيب صالح ... تأمل لو أصدرت السجلات المدنية قائمة بمن اسمهم عمر حسن أحمد !
سنتفاجأ بعدد من السودانيين يغطّون اليابسة السودانية بمهن ومحن مختلفة اسماؤهم محمد أحمد المهدى واسماعيل الأزهرى ... هناك أسماء تجرى بيننا اليوم أعمارهم فى منتصف الثلاثينات يحملون أسماء نميرى والقذافى وعبد الناصر ... هؤلاء السودانيون غالبا من المولودين أيام توقيع ميثاق طرابلس ...اسم نميرى لم يكن متداولا بين السودانيين قبل مايو 69 واختفى بعد ابريل 85 ... وبين التاريخين توالدت موارد بشرية سودانية اسمها نميرى ... بل جنح البعض الى الأبعد فأسمى ابنه جندى نميرى!
نوع من القراءة السياسية أن نبحث فى أعمار سودانيين يحملون على رؤوسهم أسماء بارقة ... من حقنا البحث فى شهادة ميلاد كل من اسمه محمد نجيب... أو ازهرى أو عبود أو القرشى ... نوع من الانتخابات أن نحفر فى السجلات المدنية عن مواليد أوائل السبعينيات لنجد هل هناك مواطنون اسماؤهم عبد الخالق محجوب أو هاشم العطا أو جوزيف قرنق ... أو محمود محمد طه ... شكل جديد للاستفتاء أن ننبش فى شهادات مواليد عام 89 و 90 بحثا عن اسم الترابى!
مفهوم البطولة عند السودانيين اقليمى ولذلك فان عددا من السودانيين اخذوا أسماء سيد قطب و محمد مصدق والخمينى ومنقستو ... لكن يحيرنى سودانيون يجسّدون أسماء الشهرة فى الذكور أكثر من الاناث ... هل توجد بين بنات السودان واحدات اسماؤهن فاطمة أحمد ابراهيم أو سعاد الفاتح أو البلابل!
المغتربون السودانيون انخرطوا فى تسمية ابنائهم باسماء الجغرافيا التى يعيشون فيها ... ولكن حتى الآن لم نتأكد من وجود سودانيين اسماؤهم زايد وفهد أو سعاد الصباح أو حسنى أو الأسد ... فمعلوماتى تتوقف فى نقطة أنّ السودانيين يقفون عند الأسيد ولم يبلغوا مرحلة الأسد! ... لكن حتى الآن لم أسمع ببنت سودانية عمرها عامان اسمها راضية!
ابحثوا عن أسمائكم فى السجلات المدنية السودانية ستجدون مفاجآت سعيدة ... مشابهون لكم لم تلدهم أمهاتكم أو أباؤكم ... لا تبحثوا فى بلاغات الشرطة أو وكيل النيابة الأعلى حتى لا تكتشف بأنك متهم هارب من العدالة !... أنا شخصيا مارست هذا التمرين فوجدت اسمى مراسلا لقناة النيل من جنوب سيناء ... شكرا لكم ... يحييكم كمال حنفى من جنوب سيناء!!
http://64.233.167.104/search?q=cache:lpqvBEOukggJ:www.r...n&ct=clnk&cd=4&gl=us
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
الصباح رباح كرسي أمام التلفاز
جلست على كرسي أمام التلفزيون لاصطياد مادة ممتعة ومفيدة.. ولحسن الحظ أو لسوئه كان الصديق الطاهر حسن التوم يقدم «مراجعات» مع البروفيسور أحمد عبدالعال.. وهو رجل سهل المحاورة فدائماً لديه ما يقوله.. وله من الحصافة ما يمنعه من الزلل بقول رأي لا يستطيع ان يدافع عنه.. وحقيقة كان أسلوب صديقي مقدم البرنامج مغيظاً حتى أنني أقترح عليه ان يكتفي بإعداد البرنامج ويترك التقديم لآخر أو أخرى. واضح ان الطاهر يقدم دائماً وحسب امتداد علاقاته ضيوفاً هو قريب منهم. إما من معارفه أو أصدقائه أو من في مقامهم.. ذلك يجعله «يرفع الكلفة» معهم مستغلاً هذا القرب منهم.. بما يجعلهم يقبلون منه أسلوب الاستفزاز الذي يتبناه.. وهذا القبول منهم يخرج الأسلوب من مضمونه فلا يكون الضيف مستفزاً حسب ضرورات الأسلوب مثلما «سنذكر بعد حين». لذلك كنت متوتراً حين سأله أكثر من ثلاث مرات عن هل كان قتل محمود محمد طه أو إعدامه خطأ.. ومهما استعمل البروف أسلوب الحكيم ألح المقدم.. وحتى كتابة هذه السطور لم يجب البروف على السؤال.. لأنه لا يرغب في أن يحمل فتوى على كاهله لا يستطيع ان يدافع عنها، وكذلك أزعم - عموماً دربة أحمد عبدالعال ساعدته على المخارجة وسطوته أمام الكاميرا. كذلك انصب السؤال حول مدرسة الواحد على ذات المقولات السابقة فيمن كان مبتدع الفكرة.. وما علاقة الموقعين عليها بإبداعها.. وما دور إبراهيم العوام في اختراعها- وهكذا كله لا مفيد ولا ممتع.. مثل إضاءة الفكرة.. وهل هي محاولة للمقاربة بين العلمانية والدين.. وهل هي جسر للعبور الى مصالحة مع الدين.. أو محاولة لكسب ود الإسلام السياسي؟ اسلوب الاستفزاز الذي مارسه صاحب المراجعات لم يكن موفقاً.. استفزاز المحاور أو الضيف هدفه الأول والأخير الحصول على مادة مليئة بفنون الإثارة والتشويق حيث تخرج من صدر المحاور «بضم الميم وفتح الواو» أفكاراً وحقائق مخبوءة ما كانت سترى النور إلا بأسلوب التفجير. وقد نجح الأسلوب في خلق مادة مثيرة، بيد أنه وقع في محاذير أخلاقية مثل استغلال ضعف النفس البشرية فالاستفزاز يجعلها تبرز نقاط ضعفها من عدم قدرة على الصبر أو انفلات عصبي أو إنطلاق اللسان دون كابح.. أسلوب الاستفزاز إن لم يثري الجدل ويطور الحوار ويجعله بنّاء ويقوم على احترام الآخر وتقدير المختلف واعطائه حقه في قول وجهة نظره أصبح مثل الفيلم الهندي لا يبقى في الذاكرة. أخيراً البرامج الحوارية تكون لطيفة إذا ما اتسع ماعونها.. عموماً إن كان صديقنا الطاهر لا يجد أحق بتقديم البرنامج سواه.. فليترك الضيف يجيب على أسئلة مكتوبة أو على طريقة برنامج «ظلال» المعروفة.
http://www.rayaam.sd/Raay_view.aspx?pid=84&id=5364
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
كان عالم عباس تضاريس 88
38 بمناسبة صدور ديوان شعره الجديد --من شمس المعشوق إلى قمر العاشق--وبمناسبة قرب عودته إلى أرض الوطن وبمناسبة الشاعر نفسه وبلا مناسبة إن جاز لنا استلاف العبارة الرائعة عن الشاعر كمال الجزولي ، احتفل منتدى --السيد عبدالرحمن المهدي -- بجدة بالشاعر عالم عباس محمد نور في لفتة كريمة مساء الأربعاء الماضي طاف فيها متحدثون كثيرون من السادة والسيدات بعالم عالم.قدم للحفل جماع مردس وحضره لفيف من ألوان الطيف السوداني. صدرت المجموعة الشعرية الجديدة عن دار مدارك في مطلع هذا العام 2007م وصمم غلافها وأشرف على طباعتها الشاعر الناشر الياس فتح الرحمن ونفذها فنياً عفت إبراهيم ولأنها صدرت تسر الناظرين كان هذا التنويه بمن أشرفوا عليها.هي خطوة للأمام في إخراج الإبداع السوداني الذي عاني ولعقود طويلة من سوء النشر والإخراج. عنوان الديوان--من شمس المعشوق إلى قمر العاشق -- مثلما في -- منك المعاني ومنا النشيد-- مجموعة الشاعر نفسه التي صدرت عام 1984م عن دار المطبوعات الحديثة بجدة جاء ليصور لنا هذه الثنائية أيضاً التي يكون فيه الشاعر هو الثاني بطوعه واختياره لأنه يحب الأول خالقاً كان أو مخلوقاً في الجدليتين. نحن لا نقول بأن الشاعر هناك في المجموعة الأولى كان صوفياً وفي الثانية كان عاشقاً ولكننا نقول بأنه المحب الموله في كلتا الإصدارتين .وعلى الرغم من أن العاشق فاعل إلا أن شمس المعشوق هي التي ينهمر منها الضوء، أما العاشق الفاعل فتنطلق فاعليته بعد الوقوع في أسر ذلك الضوء وتلك المعاني.هكذا يصبح الفاعل منفعلاً. وعلى الرغم من أن المجموعة التي نحن بصددها قد صدرت حديثاً إلا أنها لا تحوي شعر عالم الجديد.المجموعة الوحيدة التي لم يصدرها الشاعر بجهده الخاص هي --إيقاعات الزمن الجامح--التي صدرت عام 1974م عن مصلحة الثقافة بالخرطوم وهي إنما جاءت بسبب فوز عالم الطالب الجامعي وقتها بالجائزة الأولى للشعراء الشباب ومن بعد صدرت لعالم عباس على التوالي مجموعات --منك المعاني ومنا النشيد--1984م ؛ماريا وامبوي1986م ؛ أشجار الأسئلة الكبرى 1986م.. نفسه وأخيرا وقبل صدور المجموعة الحالية صدرت للشاعر عن دار عزة -- أوراق شوق للخرطوم-- وهي عبارة عن مختارات. وهكذا نرى أن عالماً لم يكن مقلاً في النشر لكن شعره كثير ويسبق نشره بفراسخ وربما لو أنه نشره كله الآن لرأينا لهذه المجموعة ثلاث صويحبات أو أكثر .ولولا أن عالماً لم يتوقف عن الكتابة لقلنا ربما يتأثر الشعر بعدم النشر فالذائقة في كل جيل تتغير لكن عالماً شاعر مواكب وشعره شاب. استهل الشاعر مجموعته الجديدة بقصيدة --من أسفار الشعر والرفض -- التي كتبها ببورتسودان عام 1974م وهي في نظري --مانفيستو-- شعري عبر فيه الشاعر عن رؤيته للشعر : هاؤم أقرأوا كتابية الذي غنيت في سطوره لكل حاملي مشاعل التجديد من قديمنا.. وللذين آمنوا وأيقنوا بأن الشمس ، مذ عرفنا الشمس لا تعود القهقرى،والبدء كانت البداية الخلاقة التي تبحر ضد نفسها.. لكم أحبتي نقول الشعر، نرتقى، نهز جذعه... ومن نفس تلك الفترة من شعر بورتسودان نجد في المجموعة الجديدة قصيدة --سفر الخروج والكشف والرؤيا-- حيث يفصح الشاعر عن أنه خرج كدأبه القديم يفتش الجديد في القصيد وفي تلك القصيدة يفاجئنا في مقطع (الكشف)تصوير بعدسة مكبرة: خرجت من مسام جسدي كما البخار أقتفي القصيد بين رعشة تبددت ودهشة تمددت على الرموش خاطها الكرى على العيون فض ختمها السهاد حين ابصرت تسمرت فدمرت عماها كذلك اندلقت وانسرقت صرت خلف دمعة تسللت من بين فتحة الرموش من عروقها التي تيبست بتربة الجفون الراوي - الشاعر صار خلف هذه الدمعة وعلى الرغم من صغره المتناهي وتخفيه فما تلتقطه الكاميرا التي يصور بها إنما هي صور مكبرة فالدمعة التي هو خلفها: ترنحت وسقطت على تلال الخد ما تكاد تستقر في الخدود عند الوجنتين حتى امتدت الشفاه غيبتها لعقت ملوحة العذاب في كيانها وعرجت بها إلى القرارة التي غابت بها سواها فلا تراها. في قصيدة --السطور الاخيرة في دفتر الحلاج الثاني -- تلك التي أهداها الشاعر إلى روح الشهيد محمود محمد طه نقرأ: ثم استدار والشلوخ الغائرات الحزن أغفت فازدهى فيها الوقار وبريق في عيون هي لولا جنة الإيمان نار ويصرخ الشاعر في تلك القصيدة التي كتبها في فبراير عام 85م منادياً ابريل قبل وصولها: في كومة الركام هذه لابد من زلزال لابد من زلزال وكان الشاعر يوحد بين الوطن والشهيد بقرينة الحبل الواحد الملتف على كليهما كان الحبل الملتف على رقبتك الشامخة الرأس هو الطرف الآخر من ذات الحبل الملتف على عنق الوطن المقتول في ابريل عام 1984 بكى الشاعر شعراً حاراً على فراق والدته ففي قصيدة سقى جدثاً بالرمل نقرأ لوعة الشاعر: ويا جدثاً بالرمل قد ضم لحدها وقد ضم فيما ضم لبي وخاطري وبعد.. يقول عالم عباس في إحدى قصائد المجموعة : هو الشعر يا أنت نفس القصيدة قد فضحت سرها في المثاني ألوذ بها في اشتياقي إليك إذا بالغ المد في العنفوان أتيت لأصرخ هيا اتركوني وشأني دعوا الحزن لي والدموع التي فرطت عقدها في ثوانٍ والتعلات والشوق والبوح والتوق إني لأمزج صهباءها في دناني.. فهل نكون مجافين للحقيقة إذا دعونا القراء إلى صعود سلسلة جبال هذا الديوان منذ القصائد الباكرة --وثباً نحو القمم الألف-- وهي عنوان آخر قصيدة فيه؟ هذه دعوة لقراءة عالم عباس محمد نور في آخر إصداراته ومن ثم العودة لشعره منذ إيقاعات الزمن الجامح.
http://www.rayaam.sd/Search_Result.aspx?pid=84&ser=%u06...+%u0637%u0647&type=2 ______________
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
نميري يكتب مذكراته.. ما الذي لم يقله؟ من الصدور الى السطور
لبابة جفون مذكرات الرؤساء تنطبق عليها مقولة «تقرأ فيها ما لم تكتبه الصحف» لأنها خزينة أسرار متداخلة مفاتيحها بيد الرجل الذي «كان» الأول في الدولة وتنتهي عنده خيوط مؤسساتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.. وبينما لزم فراش المرض الاسبوع الماضي الرئيس جعفر محمد نميري فإن خبراً قد سبق الى دهاليز الصحافة مفاده أن «أبوعاج» يعكف على كتابة مذكراته. وقد جاء وقع الخبر متفاوتاً في الأوساط المختلفة ، فبينما ارتفعت وتيرة الفضول عند البعض تحفز آخرون ما زالت تربطهم مرارات بمايو ورمزها نميري لم تستطع السنوات محوها، وتوجس آخرون قد تكشف المذكرات شيئاً من أسرارهم، وفرح من ينتظرون لملفات ظلت حبيسة الأدراج لبضع عقود ان ترى النور أخيراً. علاقاته! ولأنه حكم البلاد لحوالى ستة عشر عاماً شهدت أحداثاً متسارعة ومتداخلة وداوية ودامية ولا يزال بعض أبطالها شخوصاً ماثلين على مسرح الفعل السياسي يساريين وإسلاميين وطائفيين ومن سواهم، فإن الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري هو من أكثر الرؤساء السودانيين إثارة للجدل. استطلاع استباقي عن أهم القضايا التي قد تشملها «مذكرات نميري» هو ما حاولت «الرأي العام» الإجابة عنه فجاءت توقعاتهم عن أسئلة لا تزال تبحث عن إجابة. الكاتب والمفكر الاسلامي د. عبدالوهاب الأفندي يرى في علاقات نميري بحلفائه ومعارضيه على مدى سنوات حكمه أهم الجوانب التي سيكشف عنها نميري، فبحسب الأفندي فإن معظمهم تحدثوا من جانبهم عن علاقتهم به وبعضهم كتب عن تلك الصلة مثل الدكتور منصور خالد ،لكن نميري لم يكشف النقاب عما ربطه من مواقف وأحداث بالصادق المهدي والترابي وإسرائيل وسر الصورة التي ظهر فيها يتسلم رشاشة «عوزي» من أرييل شارون ،حيث وضعها الأخير ضمن مجموعة الصور في مذكراته وعملية الفلاشا وعلاقته بمصر. وأضاف الأفندي ان هذه ليست هي المرة الأولى التي يكتب فيها الرئيس الأسبق مذكراته، فقد مثل كتابه «النهج الإسلامي لماذا» الجزء الأول من مذكراته لأنها غطت فترة حكمه حتى العام 7791م، لكنه لم يفصّل فيها دقائق علاقاته السياسية. وسط النجوم التحولات الضخمة في كثير من القضايا المحلية والعالمية التي شهدتها مايو، وبقاء نميري طوال تلك الأعوام كرجل لم تنقصه الكاريزما والمكانة وسط القيادات التاريخية عربياً وافريقياً «عبدالناصر، السادات، نكروما، هيلاسلاسي، منقستو، الملك حسين، الملك فيصل، الأمير الصباح» هو ما توقّع مسؤول الأمن الخارجي في عهد النميري العميد م. حسن بيومي ان يقرأه في مذكرات نميري «رئيس لجنة الحكماء» العرب. في ذلك الوقت بالاضافة لأسرار اتفاقية كامب دي?يد وعن أسرار اكتشاف البترول في السودان وكيف منع الأمريكان استخراجه ،واضاف بيومي، بكثير من الحماس لرئيس كان ضمن قيادة مؤسسته الأمنية. أتوقع ان يكشف نميري الكثير عن جوانب حياته الشخصية لأنه رجل غير «فاسد» بحسب توصيف بيومي، مشيراً الى مذكرات الرئيس الامريكي بيل نيكسون وكيف انها كشفت عمن تعاون مع الـ CIA من قيادات العمل السياسي بالسودان، وتوقع بيومي للمذكرات في حالة صدورها ان تحدث «ضجة» لأنها ستكشف حقيقة كثيرين من مدّعي البطولات او كما قال! أسرار « المدعو نميري دا سبب كتلة الإمام والجزيرة ابا اكبر ازمة سودانية هو الذي تسبب فيها ،ولست معنية بأي شيء من كلامه سوى كشف الحقائق واجراء التحقيق حول هذه القضية» هكذا انفجرت الدكتورة مريم الصادق بغضب عارم تجاه السؤال الذي لم تنتظر حتى سماع بقيته!! العميد«م» عبدالرحمن فرح مسئول جهاز الأمن ابان العهد الديمقراطي لا يرى ان الرئيس نميري مهيأ الآن لكتابة مذكراته، متوقعاً ان يتولى كتابتها شخص آخر من مقربيه لكنه يتوقع في حال خروجها ان تجيب على كثير من الاسئلة المهمة حول دور نميري في اخراج الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من الاردن الى مصر واحداث ايلول الاسود وكذلك خفايا ما عرف بأحداث المرتزقة والمصالحتين الاولى والثانية وفترة المجاعة التي زار خلالها نائب الرئيس الامريكي جورج بوش الاب السودان والمساعي الامريكية لاخراج «الاسلاميين» من الحكم وقتها. ويتوقع عبدالرحمن فرح كذلك ان يكشف النميري عن «سر قسوته» تجاه بعض خصومه «اعدامات انقلاب هاشم العطا - حسن حسين-المرتزقة» وما تردد عن الخشونة التي عامل بها بعض وزرائه. بعض المراقبين تحدثوا عن جملة من القضايا التي قد تتضمنها مذكرات المشير من بينها قضية الفلاشا والاعدامات التي تمت في عهد مايو «محمود محمد طه - حسن حسين- هاشم العطا» واحداث شعبان وبدء اعلان تطبيق الشريعة«اغلاق البارات والبيوت سيئة السمعة» وجهود التنمية التي بذلها النميري في جوانب الصحة والتعليم وغيرهما . غير ان للأستاذة آمال عباس الكاتبة الصحافية وأحد اهم الرموز النسائية في مايو «عضو الاتحاد الاشتراكي السابق» وجهة نظر مفادها ان حقبة مايو بسنواتها الست عشرة كلها لم تلق حظها من التوثيق والتقييم ،فبحسب الاستاذة آمال ترافق قيام مايو مع ظروف داخلية وخارجية مهمة جداً لذلك كل فترة مايو يجب ان تلقى حظها في مذكرات نميري لأنها مهمة جداً وهي تجربة ملك للشعب السوداني وترفض «آمال» ان يطلق على كتابي النميري السابقين «النهج الاسلامي لماذا» و«النهج الاسلامي كيف» صفة المذكرات لأن التطبيق في تجربة 1983م يختلف عما ورد في تلك الكتب. وتضيف: مايو نفسها لا يمكن كتابتها بنفس واحد، فالعامان في بدايتهما لهما طابع مختلف عن الاربعة اعوام التي تلتهما والفترة من1983-1985م لها نفس مختلف تماماً. الرئيس جعفر نميري الذي ودعت حكمه الجماهير هاتفه «لن ترتاح يا سفاح». وعادت لإستقباله بهتاف حسير «عائد عائد يا نميري » . اختلف الناس معه او اتفقوا فقد حكم السودان في فترة شهدت اهم التحولات الداخلية والاقليمية والعالمية ظل فيها طوال الستة عشر عاماً حاكماً وزعيماً اوحد مما يجعل مذكراته شديدة الاهمية في كشف خبايا......«كل شي في مايو».
http://www.rayaam.sd/Search_Result.aspx?pid=84&ser=%u06...+%u0637%u0647&type=2
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
منصور خالد والأستاذ محمود محمد طه: قصة قصة قصة
يمثل الأستاذ نبيل أديب عبد الله المحامي الدكتور منصور خالد في قضية إشانة السمعة التي رفعها ضد جريدة الإنتباهة. ومع أن للمحاماة أعرافها في خوض القضايا إحقاقاً للحق بغض النظر عن رأى المحامي في طبيعة المتهم أو التهمة إلا إنني استغربت شيئاً ما - أن يكون نبيل طرفاً في القضية لسببين. أما السبب الأول فهو رأي نبيل (الذي هو أميز من يكتب هذه الأيام عن مادة إشانة السمعة وحرية التعبير) أن هذه التهمة من مثبطات النقاش الوطني ومبطلات دوران الرأي في الشأن العام. فلو وقع لي حديث نبيل أديب فهو على الحجة التي ترى في دعوى إشانة السمعة مصادرة للحق في انتقاد الحكام.
وبدا لي من عرضه الجيد لهذه المادة أن قانوننا يكفل هذا الحق لأنه استثنى من الحماية كل مشتغل بالعمل العام. وبدا لي أن نبيلاً ميال لأعراف القانون الأمريكي حول القذف دون سواه لأنه لا يتطلب من شانيء المشتغل بالعمل العام أن يثبت صحة أقواله عنه. فلو طالبناه بمثل هذا الإثبات لعطلنا النقاش الحر لأن الوقائع كثيراً ما خفيت. وهكذا يرخص القانون الأمريكي للمعلقين على رجال الشأن العام ونسائه حق الخطأ في إيراد الوقائع طلباً لليقظة تجاه أدائهم ومساءلتهم باستقامة لا تهدأ أو تكل. فمن مستحبات الأمريكان أن تخطيء، طالما أخطأت، على الجانب الصحيح من المسألة. وليس هذا الترخيص دعوة للسفه بإطلاق القول على عواهنه بالطبع. فالصحف من جانبها تأخذ هذه الطلاقة القانونية بجدية ومهنية تفلفل فيها قصصها فلفلة فلا تخرج الواحدة منها للنشر إلا بعد تمحيص لا يترك شاردة ولا واردة.
أما السبب الثاني فهو أن نبيلاً، مثل كل اليساريين من جيلي، ترعرع على ذائعة عمالة منصور للأمريكيين التي هي موضوع القضية موضوع الحديث. وصحيح القول أن الانتباهة لم تبتدع تهمة هذه العمالة وإنما اتبعت الشيوعيين فيها حذو النعل بالنعل . وهي عبارة تعلمناها من حبيبنا صلاح أحمد إبراهيم. ولم نسأل جيل منصور من رفاقنا الشيوعيين على ما قالوا عن منصور خالد برهانا. وكان آخر شانئة لمنصور من الشيوعيين بهذه العمالة في كتابهم الذين قوموا فيه اتفاقية أديس أبابا 1972م، ثم أسقطوا التهمة بالتقادم وبغير شرح حين أعادوا نشر الكتاب بالقاهرة في التسعينات. ووصفت هذا الاختلاس الثقافي في وقته ب «خفة اليد الثورية». ووجدت الأستاذ محمد إبراهيم نقد في كتاباته قبيل خروجه من المخبأ عاتباً على رفاقه الذين تطفلوا على نص الكتاب. وسيكون من الطريف بالطبع أن يستجوب نبيل رفيقاً شيوعياً متى استدعته الإنتباهة ليشهد لها.
لو عامل الناس منصوراً بالمثل لما خرج من محاكم إشانة السمعة لحظة واحدة. فالقذف سليقة تجري على قلمه. وليس ذلك لأن منصوراً سيء الطوية بل لأنه خريج مدرسة التفاصح العربي التي تطغى فيها محسنات اللغة وبديعها بصورة تصبح الوقائع نفسها عرضاً. فاللغة عند أهل هذه المدرسة ليست حالة من الوعي بل هي لتسويد صحائف «في متونهن جلاء الشك والريب». فقد وصف منصور الدكتور خالد المبارك، مدير معهد الموسيقي والمسرح في آخر السبعينات وأوائل الثمانينات، في كتابه «المخيلة العربية» بأنه من المرابطين في ثغور مايو يأكل تمرها عن آخره قبل أن ينقلب عليها ويرميها بالنوى. وأنه التحق بجوقة المايويين مديراً لمعهد الموسيقى والمسرح. وأنه صَوَّت لصالح دعوة الرئيس نميري في وجه اعتراض بعض الأساتذة وكانت عقوبة هؤلاء المعترضين الفصل بتهمة الشيوعية. عَقاب ما يويتك يا منصور! لقد كنت طرفاً في هذه القصة كعضو بمجلس المعهد الأكاديمي. وأشهد الله ما رأيت في حياتي، وقد بلغت هذا المبلغ من العمر، رواية لواقعة افترسها سوء النية وشح النفس كمثل رواية حادثة معهد الموسيقي والمسرح. وقد أخذها منصور بذبابتها عن الشيوعيين لم يحقق فيها بصورة مستقلة فيسأل المعاصرين لتتكافأ فصاحته ووقائعه.
أما أدق من نظر في فلتان منصور عن الملاحقة القضائية بإشانة السمعة فهو المرحوم الأستاذ محمود محمد طه وتلاميذه. فقد وقف الأستاذ وحواريوه بمحكمة بورتسودان العام 1975 متهمين بإشانة سمعة القضاة الشرعيين. فقد كان نظم الجمهوريون معرضاً لهم بالمدينة.ووضعوا بخط كبير على ملصق عبارة للأستاذ عن هؤلاء القضاة بعد حكمهم عليه بالردة في 1968 قال فيها إن قضاة الشرع (أذل من أن يؤتمنوا على الأحوال الشخصية، لأنها أخص وأدق القوانين لارتباطها بحياة الأزواج والزوجات والأطفال، وفي كلمة واحدة - العرض.» وزادوا بكلمة أخرى من الأستاذ:» متى عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال وعزة الأحرار وصمود أصحاب الأفكار.»
ولما انعقدت المحكمة قرأ السيد أحمد سليمان المحامي (الجمهوري) للشاكي ما كتبه منصور عن القضاة الشرعيين في كتابه «حوار مع الصفوة» (1974) وجاء فيه: « نريد وقد خرجتم من سلطانكم المشروع كقضاة أنكحة وميراث. . نريد أن نسمع حكم الإسلام في الإمام الكاذب والوالي الظالم والوزير السفيه. نريد حكمه في السفاه السياسي الذي نعيشه اليوم وهو سفاه شيوخ ولا حلم بعده. شيوخ يرتدي بعضهم قفطانا مثلكم ويتمنطق بحزام مثلكم ويضع على رأسه عمامة كشأنكم.» وسأل المحامي الشاكي إن لم يكن كلام منصور هذا إساءة للقضاة الشرعيين. فرد الشاكي سلباً معتذراً لمنصور بأنه من اصحاب الطموح السياسي يكتب ويسخر لاغير.» فتدخل السيد بدر الدين السيمت المحامي قائلاً: السيمت : يا مولانا سفاه الشيوخ الذي لا حلم بعده ، شيوخ يرتدي بعضهم قفطانا مثلكم ، هل هو إساءة أم غير إساءة؟
الشاكي: لفظ ما مهذب.
ثم استجوب الأستاذ محمود الشاكي بنفسه لفترة طويلة. وأنكر الشاكي أن مقالة منصور مما يشين القضاة. ثم عاد السيمت فسأل الشاكي إن كان قد علم أن منصوراً قد هاجم محكمة الردة التي قضت بردة الأستاذ في 1968. ثم عرض عليه نصاً آخر من منصور يقول: « من بين رجال الدين هؤلاء طائفة قضاة الشرع. ما كنت أود أن أتناولها بالحديث لو اقتصرت على أداء واجبها كموظفين يتقاضون رواتبهم من مال دولتهم الذي تجبيه من ريع بيع الخمور.»
أما المعاملة التفضيلية لمنصور لأنه يقذف ولا معقب على قذفه فقد جاءت في لحظة دقيقة في دراما المحكمة. فقد وقف سكرتير الثقافة بنادي الخريجين ببورتسودان، الذي انعقد فيه معرض الجمهوريين، شاهداً للاتهام. فسأله السيمت:
السيمت: هل سمعت بالدكتور منصور خالد؟
الشاهد: شغال شنو؟
السيمت: أنت أستاذ في التربية والتعليم والسكرتير الثقافي لنادي الخريجين ولا تعرف الدكتور منصور؟
الشاهد: مش الوزير؟
السيمت: هل تعلم أن الدكتور منصور خالد هاجم القضاة الشرعيين؟
الشاهد: لا أذكر.
السيمت: طيب أذكرك. ده كتاب (حوار مع الصفوة) للدكتور منصور خالد (يقرأ عليه نصاً منه). هل الكلام دا فيهو إساءة للقضاة الشرعيين؟
الشاهد: فيهو إساءة.
السيمت: هل تعرف الأسباب البيها القضاة الشرعيين اشتكونا نحن وما اشتكو منصور خالد؟
الشاهد: لا أعرف.
السيمت: هل تفتكر لأنو منصور خالد وزير ونحن ضعيفين.
الشاهد: جايز أكون عندهم ضدو قصة.
وقصة قصة قصه ولسه لسه لسه. إن عقلي موزع بين أمرين. فنصفه العاقل يؤمل أن يتصالح منصور والانتباهة على حد أفكار نبيل، رفيق الصبا اليسارى، الرصينة عن فساد فكرة إشانة السمعة بالنسبة للمشتغل بالشأن العام. وأن يصحب ذلك تحريض على الصحف أن ترتفع بمهنيتها لكي لا تبتذل هذه الرخصة حتى بلغت الشكاوى منها «150» شكوى في بحر العام المنصرم. ونصف عقلي المجنون يريد للمحكمة أن تنعقد ليرى عامة الناس صفوتهم لا كما يريدون لأنفسهم ان يراهم الفراجة من غمار الناس: كل في صغائره زعيم، أو كما قال حبيبنا محمد المهدي المجذوب.
http://www.rayaam.sd/Raay_view.aspx?pid=84&id=4227
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
تيدي بير الدبدوب: جحر الضب عبدالله على ابراهيم
حادثة المعلمة الإنجليزية السيدة جيليان قيبون بمدرسة اليونتي محزنة بلحيل. فمن جهة لم ير فيها خصوم النظام غير الهوس الديني. وهذه عادتهم في المعارضة بما اتفق دون النفاذ إلى الدلالات الاجتماعية والرمزية التي انطوت عليها دراما أو تراجيديا المعلمة. وسنضرب صفحاً عن هؤلاء المعارضين الذين أفسد نظام الإنقاذ بصيرة التحليل فيهم . ولذا طال فينا واستطال. ولكن أقض خاطري أكثر أولئك الذين عبأوا جمهرة من المسلمين للتظاهر ضد إساءة مزعومة لأفضل البشر. وقلت في نفسي أليس فيهم رشيد كالرباطابي الماكر. قيل إن أحدهم طرق باب الرباطابي ففتح له. وقال له الطارق إنه من مداح الرسول. فقال الرباطابي: --وما وجه النقص في الرسول الذي تريد أن تكمله بمديحك.-- لو كانت غيرتنا للرسول عن معرفة لما استحق أمر هذه المدرسة ولا السابقات الأخطر منها (كرتون الدنمارك وخطبة البابا) هذا الانفعال والتجييش دفاعاً عن من خلقه القرآن. أدبه الكتاب فأحسن تأديبه في تمييز الخبيث من الطيب وفي فرز ما ينفع الناس عن الزبد الجفاء وفي الإعراض عن اللغو وقوله سلاماً متى خاطبه الجاهلون. لو كنا على أسوة حبيب الله لصبرنا على الدعوة واحتمال الأذى وجهل الجاهلين. فقد قضى النبي (14) عاماً منذ صدع بالرسالة يزينها للناس بالحكمة والموعظة الحسنة ويتقبل أذى الملأ المكي وغير الملأ بصدر لم يضق: لأنه لن يترك الحق لو وضعوا الشمس على يمينه والقمر على يساره. ولمّا أذن الله له بالحرب دون دعوته لم يستغرقه ذلك سوى (6) سنوات ودخل المدينة الباغية: مكة. لو كانت غيرتنا للنبي حقاً لعرفت الرحمة سبيلها إلى حكمنا في القضية المعروضة وغير القضية المعروضة. فقد وردت --الرحمة-- ومشتقاتها في الترجمة الإنجليزية لألفاظ القرآن (307) مرة ولم يرد --الغضب-- ومشتقاته سوى (66) مرة. وحتى لو أساء المسيء النصراني للرسول عمداً لصح، لو كان فينا الرشيد أو الرباطابي، ان نذكره أن نبيه المسيح مذكور عندنا في القرآن (90) مرة وإن أمه مريم مذكورة (34) مرة بينما لم يرد اسم --محمد-- سوى (4) مرات. الرسول إنسان عين الكمال. ولا يزعم له النقص إلا مفتئت جاهل. ولا يغير عليه بالتظاهر ساعة بعد ساعة إلا المؤمن الضعيف. لقد سبقت مظاهرة الأسبوع الماضي مظاهرات زعمت الذود عن الرسول فأفسدت ما بين المؤمنين والوطن. ثم ندم مثيروها عليها. فقد زار الدكتور حسن الترابي دار الحزب الشيوعي بنمرة اتنين قبل أيام وهو الذي حل هذا الحزب في 1965 متذرعاً بنبأ صفيق بحق بيت النبي وصفه الحزب الشيوعي في بيان له في تلك الأيام بأنه من فاسق. وقد اعترف صاحب النبأ أخيراً على جريدة الصحافة بأنه قصد الدس للحزب وأنه قرير العين بما فعل لا يطرف له ضمير. وتعرض الأستاذ محمود محمد طه وتلاميذه إلى عذابات معلومة لعقائدهم التي عدها الجيل الإسلامي الباكر طاعنة في الرسول. وسمعت منذ أيام الأستاذ علي عثمان محمد طه يغترف من قول الأستاذ محمود عبارته عن عظمة شعب السودان الذي يتقافز القادة الأقزام أمام مسيرته. من قش لكم الدرب؟ مرحباً بكما سمحين إذا دعوتم وسمحين إذا اختلفتم وسمحين إذا رجعتم عن الخطأ. ونأمل أن تكون خبرتكما في متناول الجيل الحدث من المسلمين يشبون بها عن طوق الغيرة على حبيب الله بالأقدام، لا العقل. لم انشغل بمسألة المدرسة بمثل انشغالي بإزاحتها الستار في لمحة خاطفة عن حياة مترفي المدينة رأينا بها، في قول أحمد يوسف نجم، --أن الحياة عندنا ليست كذلك--. فقد رأينا --جحر الضب-- عياناً بياناً في ثنايا الحادث وهو الجحر الذي حذرنا منه الرسول بقوله إننا سنبلغ من السخط طوراً نتبع به آثار الكفار فلو دخلوا جحر ضب انحشرنا من بعدهم. فبالله عليك أى أجحار الضب بدعة أكثر من اللعبة موضوع الخصومة المسماة التيدي بير. ولم أكن اعرف أنه استوطن في بيوت الأغنياء منا حتى أطلقوا عليه --دبدوب--. وآحلاتو يا ناس الله. فالتيدي بير (دب تيدي) هي لعبة أمريكية المنشأ. وتيدي صاحبها هو الرئيس الأمريكي تيدي روزفلت ( 1901-1909) غاوي الصيد. وكان زار السودان عام 1910 في رحلة لذلك الغرض. ومن أطرف ما قرأت عنه منذ سنوات كتاباً يحلل شخصيته ويرى فيها التجسيد الأمثل لـ --الذكر-- الأمريكي الخشن الشجيع. وأصل حكاية الدب الدبدوبي أن روزفلت كان في رحلة صيد في 1902 فسأله صحبه أن يطلق الرصاص على دب خائر القوى لطول ما ضيقت كلاب الصيد عليه فأنهكته. فأمتنع روزفلت لأن ذلك ليس من خلق الصيد الحميد. وسجلت له هذه المأثرة رسمة كاريكتيرية بصحيفة ما. فالتقط تاجر بنيويورك، هو موريس متشم، رأس الخيط وصنع دباً محشواً سماه --دب تيدي-- وأغتنى الرجل لجنى الجنى وإلى يومنا هذا. وأصبح الدب في التقليد التربوي والعائلي الغربي مثل --لي قطة صغيرة-- يلعب به الأطفال ويلاعبونه فينام في الليل معهم ويلعب في أصابعهم. وأصبح مادة طيعة في كسب إنتباه الأطفال وترويضهم على المعرفة. وهذا هو التقليد التربوي الذي استلهمته المدرسة قيبون حين أرسلت لأسر تلاميذها خطاباً برفقة التيدي بير الملعون تخطرهم بأنه سيقيم أسبوعاً مع كل أسرة (قالت يقضي نهاية الأسبوع) ورشحت للأسرة أن تأخذه معها أين ذهبت. في رحلة في حفلة أو لما تشتروا آيسكريم من عفراء. يكون معاكم. وخذوا له الصور مع الأسرة والطفل الذي سيكتب مذكراته عن أيام للتيدي بير في رحاب أسرته. نعم التعليم. ولا أدرى كم يدفع الآباء الصفوة لمثل هذا التعليم بعد أن خربوا التعليم الوطني الذي تخرجوا من مدارجه تخريباً لم تأت ساعة الحساب عليه بعد. ولا حاجة للقول إن تلاميذ هذه المدرسة يعيشون في بحبوحة من التعليم وغير التعليم. فالمدرسة قيبون هي واحدة من (27) معلماً إنجليزياً بمدرسة على رأس إدارتها كاهن هو حزقيال: ما بخش مدرسة المبشر وما بهاب الموت المكشر عندي معهد وطني العزيز يا مترفي السودان ومترفاته إذا بليتم بجحر ضب فاستتروا. وأحرصوا أن لا يرشح من فيض إمتيازكم هذا خبر يستفز المسلمين الفقراء استفزازاً لا يقوون على الرد عليه بغير التظاهر على ما في ذلك من قلة الحيلة والغضبة التي تستحيل رماداً معجلاً. ثم يعودون إلى بيوت الطين والمدارس الوهمية (على غرار أفران مايو الوهمية) وبنات اللعاب. الكلاكلة قال، دبدوب قال.
http://www.rayaam.sd/Raay_view.aspx?pid=84&id=351 _________________
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
نحو مدخل جديد للعمل المعارض.. (2-3)
إبراهيم علي ابراهيم في المقال الأول رأينا كيف تسببت الخلافات الحادة والعميقة بين طائفتي الختمية والانصار وحزبيهما، من جهة، وبين القوى التقليدية والقوى الحديثة والديمقراطية من جهة اخرى، في انقسام حاد في الجسد السياسي للأمة السودانية، وكيف ان هذا الانقسام اصبح مدخلاً للانقلابات العسكرية الثلاثة. كذلك رأينا ان جميع التشكيلات السياسية بمختلف مسمياتها وتصنيفاتها قد عجزت عن ادراك وفهم طبيعة المكونات الاقليمية والعرقية والثقافية والدينية للبلاد التي يتنازعون في حكمها، وتأثير هذه الحقائق على تحديد الخيارات السياسية المتعلقة بنظام الحكم. كما وصلنا الى ان العملية الديمقراطية غاب عنها ركن مهم من اركان الديمقراطية وهو وجود معارضة ذات ملامح واضحة، وكيف اثر ذلك لاحقاً على الممارسة السياسية بشكل عام. في هذا المقال سنتطرق لعمل المعارضة في عهدي الفريق عبود ونظام مايو، بشيء من التحليل لندرك طبيعة وماهية القوى التي قادت التغيير، واسباب نجاحها، ونجري مقارنات بين ما حدث من انتصارات ازالت انظمة الشمولية العسكرية، واختلاف درجات هاتين الانتصارين، وطبيعة النزاع الذي حدث لمعرفة لماذا عجزت الفترتان الانتقاليتان عن تنفيذ متطلبات عهد الانتقال إلى الديمقراطية. المعارضة إبان نظام الفريق عبود: في 17 نوفمبر 1958م استلمت قيادة الجيش السلطة وتم تنصيب الفريق ابراهيم عبود رئيساً للبلاد. ولم تتغير الاوضاع الاقتصادية، ولم يف المجلس العسكري الحاكم بالوعود السياسية التي كان قد قطعها مع بعض الاحزاب. ومع ازدياد غلاء المعيشة ازداد تعسف النظام وقبضته العسكرية علي السلطة، وتم اعتقال الكثير من السياسيين ونفيهم، كما تم تنفيذ أول احكام بالاعدام على عسكريين ارادوا الانقلاب عليه. بدأت حركة المعارضة تنشط في الوسط السياسي الذي اصيب بالشلل في السنوات الأولى للنظام نتيجة لعلاقات شائكة بين النظام الجديد وقيادات الحزبين الكبيرين، وتشكلت جبهة بقيادة حزب الأمة طالبت بإنهاء الحكم العسكري في البلاد فوراً، واجراء انتخابات جديدة. ردت الحكومة على هذه الخطوات بإلقاء القبض على قادة المعارضة ونفيهم للجنوب. ومع تنامي مشاعر الاستياء ازدادت حدة العمل المعارض وعمت المظاهرات والاضرابات التي دعت للاطاحة بنظام الفريق عبود. ومع تزايد سياسات القمع والقهر التي اتبعها النظام ضد معارضيه، واستمرار الانهيار الاقتصادي في كل السودان وتصاعد حدة الحرب في الجنوب، تصاعدت درجة السخط العام وعدم الرضاء، فاندلعت انتفاضة شعبية دعا لها التحالف العريض لجبهة الهيئات المكونة من اتحادات الطلاب والمهنيين والعمال والمزارعين واساتذة الجامعات ورجال القانون الى جانب الاحزاب السياسية، حيث نجحت في اسقاط الدكتاتورية العسكرية الأولى والاطاحة بالجيش في 21 أكتوبر 1964م، وتم تشكيل حكومة انتقالية للاشراف على انتقال السلطة مرة اخرى إلى حكومة مدنية منتخبة. المعارضة لنظام عبود لم تكن حكراً علي الاحزاب فقط بل شملت جماهير الشعب كله وفئاته المهنية وقطاعات الطلاب، إذ اتسمت هذه الفترة بظهور حركات اجتماعية مطلبية جديدة (الهيئات) لأول مرة علي المسرح السياسي السوداني، حيث لعبت دوراً كبيراً في قيادة وتنظيم وتوجيه النضال ضد القمع السياسي، وتسيير المظاهرات وتصعيد شعارات المطالبة بالحريات العامة وعودة الديمقراطية، وشجع علي ذلك المناخ العالمي والاقليمي الذي كان متأثراً بالمد الاشتراكي وبروز الحركات النقابية العالمية وتصاعد أهمية دورها في قيادة التغيير السياسي والاجتماعي. معارضة نظام مايو: منذ بدايته كان الحكم العسكري المايوي شموليا ذا نظرة احادية سعى من خلالها لاحداث تغييرات سياسية واجتماعية في البلاد. ومنذ البداية عارضته الاحزاب التقليدية لطبيعته الاشتراكية، وبالطبع ايدته النقابات والاحزاب اليسارية الصغيرة وعلى رأسها الحزب الشيوعي والقوميون العرب ان لم يكن هم الذين قاموا بتنفيذ الانقلاب نفسه. تميز النظام المايوي طيلة عهده بممارسة البطش والعنف ضد معارضيه، حيث امتلأت السجون والمعتقلات بالمعارضين. وإذا كان الفريق عبود هو أول من نفذ حكم الاعدام على عسكريين، فان النميري هو أول من قام باعدام معارضين سياسيين مدنيين، الشهداء: عبد الخالق والشفيع وجوزيف قرنق، ومحمود محمد طه، كما فقد كثير من المعتقلين حيواتهم جراء التعذيب في المعتقلات. ومرت المعارضة بسنوات ضعف وجمود في السنوات الأولى للنظام، اعقبتها عمليات منظمة، لتشتد في سنوات النظام الخمس الاخيرة. وتميز العمل المعارض في هذه الفترة بالمظاهرات والاحتجاجات التي تقوم بها الاحزاب سراً أو علناً أو التي تنظمها الجماهير بصورة عفوية. ومن جانب آخر كانت هناك المقاومة المسلحة الجنوبية التي انطلقت منذ الستينات قبل مايو، إلا انها تميزت بحصر نفسها في المطالبة بتقرير المصير أو الحكم الذاتي ولم تدم طويلاً، ونجح نظام مايو في توقيع اتفاق سلام مع حركة تحرير الجنوب عرف باتفاقية اديس ابابا منح بموجبها الجنوب الحكم الذاتي. وادت الاتفاقية إلى تحسين صورة النظام داخلياً واقليمياً ودولياً مما ادى بدوره الى انضمام عدد كبير من النخب السياسية الحزبية له وانسلاخها من احزابها باعتبار ان النظام المايوي يعمل بصورة حسنة ويستطيع انجاز ما لم تستطعه الحكومات الديمقراطية الأوائل. وشهدت بداية نظام مايو خروج المعارضة لأول مرة لخارج الحدود السودانية وطلبها الملاجيء في بعض الدول ليصبح ذلك سمة اساسية للمعارضة للانظمة العسكرية في السودان. واتخذت المعارضة من ليبيا ولندن مواطن لها وتم تأسيس الجبهة الوطنية من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والاخوان المسلمين، لتبدأ في اعداد العدة لمنازلة النظام عسكرياً لازالته من الوجود بالقوة. وبالفعل شنت الجبهة الوطنية في يوليو 1976م هجوماً مسلحاً من ليبيا استطاعت القوات المسلحة القضاء عليه بعد سلسلة طويلة من حمامات الدم في العاصمة ودحره واطلقت عليه سلطة مايو وقتها اسم «هجوم المرتزقة» للنيل منها سياسيا. وهكذا انتهت الجبهة الوطنية وتم تفكيك معسكراتها في ليبيا واصبحت نسياً منسياً لدرجة ان قادتها العسكريين الذين قدموا ارواحهم مهراً لها مثل العميد محمد نور سعد تم تجاهلهم من جانب القيادات السياسية التي دفعت بهم الى هذه المغامرة العسكرية. لم يكن للجبهة الوطنية برنامج واضح لمعالجة القضايا السودانية سوى إزالة نظام مايو ووراثة الحكم عنه، كما لم تستطع مخاطبة الجماهير بأبعاد العملية واهدافها والإعلان عن قيادتها، فقد كانت عملية خطط لها في الظلام وتم دحرها في ظلام آخر. إلى جانب ذلك شهدت مايو عدداً من الانقلابات العسكرية الفاشلة فاقت الخمس محاولات، تم دحرها جميعاً. فشلت الجبهة الوطنية في تحقيق اهدافها في إزالة النظام، وبعد حلها شارك اثنان من اعضائها (الأمة والاخوان المسلمون) في سلطة مايو بمقتضى المصالحة الوطنية التي وقعت في نهاية السبعينيات، ودخلا في الاتحاد الاشتراكي. وبعد هذه النهاية المحزنة انعدم العمل الجبهوي المعارض للنظام المايوي، واخفقت محاولات عديدة لتوحيد قوى المعارضة، وانحصر العمل المعارض في ما كان تقوم به قلة من الاتحاديين في الخارج وانعكاساته على الداخل وما قام به الشيوعيون والبعثيون الذين نجحوا في منازلة النظام داخلياً في سنواته الاخيرة. كذلك شن الجمهوريون معارضة قوية في سنتي مايو الاخيرتين حصرت نفسها بدقة في المطالبة بإلغاء تطبيق قوانين سبتمبر التي شوهت الاسلام، ونتيجة لذلك واجه الاستاذ محمود محمد طه تنفيذ حكم الاعدام بابتسامة اشتهرت فيما بعد وأسهمت اسهاماً كبيراً في كسر حاجز الخوف لدى الشعب الذي هب لاقتلاع الدكتاتورية من جذورها في ابريل من نفس ذلك العام. في هذا الوقت وفي ظل غياب المعارضة الحزبية انبرت النخب الاجتماعية الآتية من خارج المنظومات الحزبية الى قيادة العمل المعارض والنضال ضد النظام الدكتاتوري بعد ان تبين لها فشل النخب الحزبية في القيام بهذا الدور الطبيعي. وانتظمت هذه النخب الجديدة على قيادة النقابات والاتحادات المهنية وتوجيهها بالافكار السياسية والتنظيمية للقيام بدورها السياسي بمهمة اسقاط النظام الشمولي. واصبح لكل نقابة ممثلون في قيادة التجمع النقابي الذي اصبحت له فروع في الاقاليم، وتجمع الناس حوله وزادت عضويته باستمرار، وبدأ التجمع يتحول ببطء من نقابات مطلبية الى حركة سياسية ثورية، يستخدم سلاح الاضراب والعصيان المدني، وله قدرة عالية في تنظيم الجماهير وحشدها لاجبار النظام العسكري علي تقديم التنازلات. وهكذا اصبح بامكان المواطن العادي ان يسهم في اجراء تعديلات ديمقراطية على التشكيلات السياسية القائمة. وحقيقة كانت هذه الحركة النقابية هي أول حركة من نوعها في المنطقة الافريقية والعربية. وتحركت هذه القوى الجديدة بهدف توحيد قوى المعارضة على اساس ميثاق محدد (مذكرة أمين مكي مدني) تم اعداده بواسطة قيادات نسقت فيما بينها، بين الخرطوم ولندن والكويت، ولاقت هذه الخطوات تجاوباً عظيماً وسط الجماهير في الداخل. وكان الميثاق ينادي باسترداد الديمقراطية وكفالة الحريات العامة وحل مشكلةالجنوب في إطار ديمقراطي، وتحسين الاقتصاد، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات واتباع سياسة حسن الجوار وعدم الانحياز. واخذت المداولات حوله اكثر من عام، اتسمت بالشد والجذب، وكلما زاد النظام من بطشه وقبضته الامنية، ابتدعت هذه القيادات بدورها أساليب جديدة وأتت بأفكار خلاقة للمقاومة الشعبية، حتى وضحت ملامحها واكتملت في مارس 1985م، وظلت المشاورات لتوحيد قوى المعارضة الحزبية تعاني من فشل مستمر حتي صبيحة 6 ابريل 1985م ساعة بات مؤكداً انتصار القوى الجديدة على النظام الشمولي واسقاطه، حيث توحدت كافة القوى حول ميثاق التجمع الوطني لانقاذ الوطن. وانتظمت الاضرابات التي دعا لها التجمع النقابي المظلة التي تحوي النقابات المهنية الممثلة في الموظفين والاطباء والمحامين والقضاة واساتذة الجامعات وقيادات الطلاب وموظفي البنوك، الذي اتخذ من دار اساتذة جامعة الخرطوم مقراً له. واشتدت حركة المقاومة والعصيان منذ يناير 1985م، لتضيق الخناق على النظام باندلاع مظاهرة جامعة أم درمان الاسلامية في 26 مارس 1985م التي اطلقت الهتافات بسقوط النظام، ثم اعقبها اضراب القضاة الشهير الذي هز اركان الحكم. وبعد ان بلغ السخط الشعبي ذروته، دعت قيادة التجمع النقابي الي عصيان مدني شاركت فيه جميع النقابات والاتحادات، شمل كافة اوجه الحياة في المدن السودانية، واصبحت الشوارع فارغة، وخلت الحياة العامة من أي حركة واصاب الشلل اجهزة الدولة وعمت البلاد انتفاضة شعبية كبيرة توجت بانتصار صباح السبت 6 ابريل 1985م بتدخل قيادة الجيش للإطاحة بالرئيس نميري. لم تلعب قيادات الاحزاب دوراً ظاهراً في تنظيم هذا العصيان المدني والانتفاضة الشعبية، ونسب لدكتور الجزولي قوله ان الاحزاب لم يكن لها دور في ابريل (الصحافة 6/4/2007م)، كما تجدر ملاحظة غياب نقابات العمال والمزارعين عن هذا العصيان، وذلك لضعفها وموالاة قيادتهما للنظام الحاكم. تميز دور الحركات النقابية في هذه الفترة بالمقاومة المستمرة ضد سياسات السلطة، وتعاظم دورها بعد مساهمتها الفعالة والكبيرة والفريدة في احداث التغيير في ابريل 1985م، وكانت الانتفاضة الشعبية صورة باهرة وعبقرية تفتقت عنها عقول هذه النخبة الاجتماعية الجديدة التي خططت لها ونفذتها وقادتها، وكانت فريدة في طرحها وملامحها وافكارها وعكست جسارة في المواجهة قل ما شهد السودان مثلها. المحامي - واشنطن
http://www.rayaam.sd/Search_Result.aspx?pid=101&ser=%u0...+%u0637%u0647&type=1 _____
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
الصحافة والشرطة و . . . جوديث ميللر السر سيد أحمد من المهم أن تتصدى الصحافة الى أي تغول عليها من قبل السلطة، لكن الأهم أن تتصدى الصحافة وبهمة أكبر لترتيب بيتها من الداخل. يعرف المتابعون أن جوديث ميللر صحافية أمريكية كانت أول أمرأة تتولى إدارة مكتب صحافي خارجي، حيث تولت الإشراف على مكتب «نيويورك تايمز» في القاهرة لتغطية المنطقة العربية وشملت مسؤولياتها السودان، ومن الأحداث التي غطتها مباشرة إعدام الأستاذ محمود محمد طه، كما أصدرت كتابا عن الحركات الإسلامية تحت عنوان «لله (99 إسما». وقبل سنوات ثلاث برز أسم جوديث ميللر لإرتباطه بقضية عميلة الإستخبارات الأمريكية فاليري بلامي التي تم تسريب إسمها بواسطة أحد مسؤولي إدارة بوش، وهو سكوتر ليبي المدير السابق لمكتب نائب الرئيس ديك تشيني، إنتقاما من زوجها السفير جو ويلسون المعارض للحرب على العراق. وبما أن عملية التسريب هذه تعتبر مضرة بالأمن القومي، فقد إضطر بوش الى تعيين مدع خاص للتحقيق فيمن قام بالتسريب. جوديث كانت من الصحافيين الذين عرفوا إسم هذه العميلة في موضوع كانت تعده، لكنها لم تنشره قط، ورغم ذلك خضعت لتحقيق المدعي العام، الذي طالبها بالكشف عن المصدر الرسمي الذي تحدث لها عن إسم العميلة، لكنها رفضت إحتراما لمبدأ صحافي أخلاقي بعدم الكشف عن مصادر الأخبار الا بموافقتها. وبما انها تخضع لتحقيق قضائي فقد أتهمت بتعويق العدالة وحكم عليها بالسجن، وبالفعل إستنفذت كل مراحل التقاضي ودخلت الى السجن لتقضي فيه (85) يوما دفاعا عن حق الصحافة في حماية مصادرها. وأفرج عنها بعد أن أحلها ليبي من وعدها له ومن ثم أفضت للقاضي بإسمه. لم تهلل «نيويورك تايمز» لجوديث ميللر، بعد الإفراج عنها، كونها بطلة من أبطال حرية الصحافة، وإنما قامت بتكليف فريق خاص برئاسة أحد نواب مدير التحرير للتحقيق في هذه الحالة تحديدا وفي موضوعات أخرى تتعلق بكتاباتها حول أسلحة الدمار الشامل وكيفية إدارة التحرير لمسؤولياتها. أعد الفريق تحقيقا معمقا من (6200) كلمة، أي سبعة أضعاف حجم هذا المقال، وتحدث عن سلسلة الأخطاء التي أرتكبتها جوديث ميللر خاصة في جوانب التعامل مع المصادر التي لا ترغب في الكشف عن نفسها، مثل الإشارة الى سكوتر ليبي في مذكراتها على انه مصدر في الكونجرس بينما هو في الإدارة التنفيذية، وهذا خطأ مهني أخلاقي لأنه يعتبر تضليلا للقارىء، وكذلك الأخطاء التي وقعت فيها إدارة التحرير بعدم التدقيق والمراجعة. ثم عقب المحرر العام، الذي يعتبر عين القراء داخل الصحيفة وكتاباته ليست خاضعة لرقابة أية جهة حتى رئيس التحرير، قائلا انه لا يرى مستقبلا لجوديث ميللر في الصحيفة. وفعلا تم التوصل معها الى اتفاق تترك فيه الصحيفة بعد مشوار مهني متميز حصلت فيه حتى على جائزة بوليتزر، وهي أرفع جائزة أمريكية تعطي لصحافي. مناسبة هذا الحديث ما شهدته الصحافة السودانية الأسبوع الماضي من مواجهة مع الشرطة بسبب قضية التسريبات الخاصة بإحالة بعض قيادات الشرطة الى التقاعد. فالى جانب التغطية المكثفة لما حدث، الا ان الجانب الخاص بالأداء الداخلي وكيفية ضمان عدم تكرار مثل هذا الوضع مستقبلا لم يرشح عنه شىء عدا نشر تصحيح للخبر، وهذا هو الأساس في التأسيس والحفاظ على المصداقية التي هي رأسمال الصحافي ومؤسسته. ويلاحظ بداية ان خطوة «النيويورك تايمز» جاءت من الصحيفة نفسها ولم تكن نتيجة لتدخلات من إتحاد الصحافيين او إستجابة لمتطلبات ميثاق الشرف الصحافي، وإنما إستشعارا لمسؤولية داخلية وتلبية لإستحقاقات المهنة وحقها على قرائها. الملاحظة الثانية والمهمة ان الصحيفة لم تكتف بإجراءات داخلية للتحقيق وتعديل الوضع وإنما عملت على إشراك جمهرة القراء من خلال نشر الموضوع في الصفحة الأولى مع بقيته في الصفحات الداخلية. ثالثا: ان تاريخ جوديث ميللر ومسيرتها المهنية الحافلة عبر (2Cool عاما قضتها في الصحيفة لم تشفع لها عند إرتكاب أخطاء مهنية. فالتحدي الصحافي وهو تحد مستمر يوميا لا يقبل العيش على انجازات الماضي. رابعا: ان الصحافة الأمريكية ورغم تاريخها الطويل والإمكانات المتاحة لها وحقوقها المكفولة دستوريا تظل مواجهة بمتاعب خارجية وداخلية. فالقانون، بغض النظر عن الوضع السياسي القائم، لا يعطي الصحافيين أو أية مهنة أخرى مرتبة تميزهم عن بقية المواطنين، لذا أعتبرت جوديث ميللر معوقة للعدالة وسيقت الى السجن. لكن رغم الأخطاء التي أرتكبت فأن النظام الداخلي يسمح بالمراجعة وتسليط الضوء على الأخطاء ومن ثم تصحيحها. ثم ان مثل هذه الخطوة لا تتطلب إمكانات ولا خبرات و لاحماية دستورية. ان أخذ النفس بالشدة في هذا المجال يبدو مطلوبا لسببين أساسيين أولهما: ان الجسم الصحافي اذا لم يرتب أموره نفسه بأن يفتح الباب أمام جهات أخرى للقيام بهذه المهمة تحت مختلف الذرائع. فليس كافيا الإعتذار بعدم الوصول الى المصادر أو إتهام جهات في الشرطة بتسريب أخبار معينة خدمة لأجندة ما، لأن مهمة الصحافي الإستيثاق والسعي ما أمكن للوصول الى الحقيقة. فالحراك السياسي الكبير الذي يعيشه السودان يجعل من التسريبات ممارسة عادية والصحافة المسؤولة والمهنية لا تقع في مثل هذا الفخ وهناك آليات معروفة للتعامل مع هذا الوضع خاصة والخبر الذي لا يستند الى مصدر محدد تتحمل فيه الصحيفة مسؤولية أكبر. أما الجانب الثاني فهو ان الصحافة التي تطالب الأحزاب والدولة بترتيب أمورها والتصرف بمسؤولية تحتاج هي نفسها أن تضع موضع التنفيذ ما تنصح به الآخرين.
http://www.rayaam.sd/Raay_view.aspx?pid=101&id=5832
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
الاغتيالات في ذاكرة السياسة السودانية
تقرير: عوض جاد السيد أحس ضابط الأمن أن وراء الرسالة التي التقطها أمر خطير، فقد كانت كلماتها مقتضبة غامضة «العصفورة فوق النخلة على ضفاف النيلين» ولم تكن العبارة سوى شفرة تنفيذ عملية أيلول الأسود، كانت الجملة عبارة عن مكالمة بين افراد الجماعة المنفذة للجريمة.. ورغم ان ضابط الامن احس بخطورة المكالمة الا انه لم يفطن الى ان العصفورة كانت تعني الاشخاص المستهدفين، اما النخلة على ضفاف النيلين فكان المقصود بها سفارة السعودية في الخرطوم.. والى حين فك شفرات الجملة كانت جماعة ايلول الاسود قد نفذت عمليتها الشهيرة. ويقول مراقبون معاصرون لتلك الأحداث أن السودان ظل لفترات طويلة من تاريخه يمثل القطر الآمن من حوادث الإغتيالات ذات الطابع السياسي المنتشر في كثير من بلدان العالم ، ولذلك يذهبون الى ان التأريخ للاغتيالات السياسية بحادثة جماعة أيلول الأسود غير دقيق، فيذكر الصحافي المعروف الاستاذ محمد سعيد محمد الحسن في وقت سابق على صفحات «الرأي العام» أن أول محاولة إغتيال سياسي ناجحة في السودان كانت في العام 1968م، حيث أغتيل وليم دينق مؤسس حزب سانو الجنوبي «وهو من القيادات التي إستجابت لنداء ثورة اكتوبر للعودة والحوار وإشترك بفاعلية في مؤتمر المائدة المستديرة الذي اعترف بالفوارق بين الشمال والجنوب ووصل لصيغة أن يحكم الجنوب حكماً إقليمياً، ولكن ربما لم تعجب مشاركته هذه آخرين فجاء إغتياله في تلك الاثناء حيث أتهم خصومه بتدبير حادث الإغتيال». ويضيف البعض الى القائمة حادثة إغتيال عناصر أريترية في السبعينات تمت ايضا داخل الأراضي السودانية.. شبهات ويدرج بعض المراقبين اعدام محمود محمد طه على أنه لا يقل عن الإغتيال السياسي، ويصفون عدم محاولة إسعاف الإمام الهادي الذي كان ينزف لفترة طويلة قبل أن يفارق الحياة بذات الوصف، وكما يضمّن البعض الحادثة التي أودت بحياة النائب الاول لرئيس الجمهورية السابق زعيم الحركة الشعبية د. جون قرنق في ذات الخانة «خاصة بعد الجدل الكثيف الذي اثير آخيراً، واعتزام الحركة فتح ملف التحقيق في وفاته وتشكيك عدد من قادتها في تقرير لجنة التحقيق» وكان د. قرنق المثير للجدل حيا وميتا قد نجا من عدة محاولات أهمها تلك التي كانت في مدينة بور من حرسه الخاص العام 1988م وبعدها قام بتغيير حرسه وجاء بفريق حراسة من أبناء النوبة مات أحدهم واسمه جمعة معه في حادث الطائرة الكارثة. ويشير المراقبون إلى أنه كان من أكثر السياسيين تشديدا لحراسته الشخصية ربما لشعوره بأنه مستهدف من خصومه. ولا تبدو بعيدة عن القائمة الطريقة التي أغتيل بها صاحب صحيفة «الوفاق» الصحافي محمد طه محمد أحمد، اذ يشير البعض الى ان السياسة ليست بعيدة عنها، وتتشابه طريقة الاغتيال لمحمد طه على نحو ما مع ما حدث لمكي مؤسس جريدة «الناس» الذي أختطف العام 1969م وان اختلفت طريقة القتل، فد تحدثت انباء عن تذويب جثة مكي الناس في براميل من الاحماض. حاولات واوضح محمد سعيد في إفاداته تلك أن محاولات اخرى سبقت تلك التي نفذت وأودت بحياة المستهدفين، ومنها المحاولة التي تعرض لها الزعيم إسماعيل الازهري من أحد المعتوهين حين حاول الهجوم عليه بآلة في مطلع العام 1958م أثناء جولة له في قرية بالقرب من القضارف. ويقول سعيد أن الأزهري «الذي كان في منتهي الهدوء والسكينة حينها» شدد على عدم ذكرالحادثة. ويروي التاريخ أن فترة حكم رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي في النصف الثاني من الثمانينات شهدت حادثة أعتبرت الأشهر في التاريخ السوداني وهي إغتيال معارض نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين المرجع الشيعي مهدي الحكيم بفندق هيلتون الخرطوم. ورغم أن السودان وفقا للتأريخ ولإفادات الكثيرين لم يشهد لجوء خصوم السياسة والحكم إلى إراقة الدماء لإزاحة بعضهم البعض، إلا أن قدامى الصحافيين يؤكدون ان فترة الحكم المايوي شهدت محاولات فاشلة إستهدفت واحدة منها الرئيس الأسبق جعفر نميري وتم تجنيد ضابط برتبة رائد للقيام بها في القيادة العامة، ولكن عندما حانت لحظة التنفيذ مساء الخميس الرابع من سبتمبر العام 1975م كان نميري خارج القيادة العامة محتفلاً بوفد شركة شيفرون مع وزير الصناعة وقتها الدكتور بدر الدين سليمان «بحسب الرواية». ويقال ان محاولة إغتيال نميري تكررت في منطقة الجابر حين زار الجزيرة أبا، لكنه نجا منها بسبب الحماية التي وفرها له العميد أحمد أبو الدهب والرائد عثمان الامين. وعندما قامت حركة هاشم العطا في 19 يوليو أوكلت لحرس نميري مهمة إغتياله إلا ان التعليمات لم تنفذ في القصر الجمهوري الذي كان به نميري وكبار معاونيه ونفذت في بيت الضيافة فكانت نتيجة ذلك ما عرف تأريخيا بمجزرة بيت الضيافة. ويذهب عدد من الخبراء الأمنيين والسياسيين إلى أن الاغتيال السياسي ظاهرة لا توجد في السياسة السودانية ربما لطبيعة المجتمع المتسامحة، ولكنها حينما تحدث يكون الغالب ان منفذيها والمستهدفين فيها أجانب وكلها تمت بواسطة جهات ذات إرتباط وثيق بدول أجنبية.
http://www.rayaam.sd/Search_Result.aspx?pid=101&ser=%u0...+%u0637%u0647&type=1
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
"محمود محمد طه" site:alsahafa.info
إنكارنا للحقيقة لا يغير من وجودها شيئاً د. عبد الله عوض عبد الله ماذا فعلنا نحن بالدكتور هكوك؟!! إلى أين انتهت قضية مقتله وأين اوراقه؟!! وماذا فعل تلاميذه في مواصلة دراسته العلمية الجادة في تأصيل تاريخ السودان القديم؟ لو كنت في مكان القرار بجامعة الخرطوم لقمت، على الاقل بتسمية قاعة مهمة من قاعات الجامعة باسم دكتور «هكوك» عرفاناً ووفاءً لوفائه. ان حديثي حول حياة وافكار الأستاذ محمود محمد طه لا يؤرخ للأستاذ محمود محمد طه فقط، وانما لكل الزعماء والمفكرين، والساسة الذين عاصروه، على مختلف مشاربهم وافكارهم.. ومن هؤلاء النفر الكرام، من رواد نهضة السودان الحديثة الدكتور منصور خالد محمد عبد الماجد. العلم الذي تحدثت عنه سابقاً، العلم الذي يؤدي الى معرفة الأشياء على ما هي عليه في الحقيقة.. العلم بالله هو علم بظاهر الاكوان المادي، وبحقيقتها الروحية.. علم بالأكوان، وبالانسان، علم آيات الآفاق، وعلم آيات النفوس.. بهذا العلم وحده يتم ادراك البيئة في مظهرها وفي جوهرها، ويتم التواؤم معها، وعاقبة ذلك هي توحيد البنية البشرية التي شتتها الخوف أباديد.. والحياة وفق هذا العلم هي الحياة.. وبظهور العنصر الجديد «إرادة الحرية» اتسعت الحياة، وخصبت بصورة لم يكن لها مثيل، فهي بالنسبة لما قبلها كانت قفزة في زيادة الحياة.. ومن هذا الحديث يتضح ان العلم، وفي جميع الاطوار هو وسيلة للحياة.. ولم يظهر العلم - بالمعنى الاصطلاحي- الا بعد ظهور العقل.. فقبل ظهور العقل كانت هناك حياة الشعور، وبعد ظهور العقل اضيف لهذه «حياة الفكر» فاصبحت الحياة عند الانسان تقع في مستويين: حياة الفكر وحياة الشعور، وليس بين المستويين اختلاف نوع، وانما هو اختلاف مقدار.. ومن أجل العلم والتعليم والتربية جاء حديث الدكتور منصور خالد محمد عبد الماجد: «ومن الناحية الفنية أورد تقرير لليونسكو في أوائل تسعينيات القرن الماضي، ان اوجه الضعف في المنظومة التربوية في السودان تتمثل في: * انعدام التنسيق بين المناهج في كل مستويات التعليم. * افتقاد أية قاعدة للتعليم في مرحلة ما قبل التعليم. * عدم التوازن في الانفاق على التعليم في مراحله المختلفة. * القصور الكبير في توفير وسائط وادوات التعليم. جماع هذه النقائص يعني أن التعليم يفتقد الهدف الاستراتيجي والرؤية الاكثر شمولاً. في تسعينيات القرن الماضي أعد ايضاً نظام الجبهة ما اسماه «الاستراتيجية القومية للتعليم»، وكان من اهداف تلك الاستراتيجية: * التوسع في التعليم الاساسي وتسهيل الوصول اليه واصلاح الخلاوى القرآنية. * القضاء على الأمية في عام 2000م. * تطوير مرحلة ما قبل التعليم. * تنويع الدراسات في المرحلة الثانوية. * إدخال الدراسات البيئية في المرحلة الثانوية. * تحسين الكفاءة الداخلية والخارجية للنظام التعليمي، بابتداع وسائل جديدة للتخطيط التربوي والمراقبة والتقويم. لربما استهدت تلك الاستراتيجية بالتقرير الفني لليونسكو الذي أشرنا اليه آنفاً. ولكن أين هذه الاستراتيجية من الواقع الملموس؟ ما هو التطوير الذي حدث للتعليم الأساسي، ناهيك عن مرحلة ما قبل التعليم؟ وهل تم القضاء على الامية في عام 2000م، ونحن اليوم بعده بخمسة اعوام؟ وما هو مدى التنوع ونحن اليوم بعده بخمسة اعوام؟ وما مدى التنوع الذي ادخل على مناهج المرحلة الثانوية؟ الذي حدث تغيير نوعي لا يرقى لما كان لحمة هذا التغيير وسداه، هما البرنامج الايديولوجي للجبهة، والذي لم تفلت منه، حتى مجلة الصبيان، بدلاً عن القيم التي حددتها لجنة ديلور للتعليم في القرن الحادي والعشرين، علّفت الجبهة على البرمجة العقلية للاطفال بأسلوب نسئ الى التخلف ان نسبناه له. فالطفل لا يربى على حب الحياة التي تحيط به «البشر، والشجر، والزهر»، بل على خزعبلات استقرت في اذهان من ادمنوا قراءة فقه عصور الانحطاط الفكري في الحضارة الاسلامية: ايدخل الطفل داره بالقدم اليمنى ام اليسرى؟ هل مس الكلب حرام ام حلال؟ والطفل لا يُعرَّض للموسيقى لكيما تتوهج مشاعره ويستثار وجدانه، وانما لتنغيم الاهازيج التي تربيه على كره الآخر. وعوضاً عن توجيه اجهزة الاعلام المرئي والمسموع لمحو الامية المعرفية والوظيفية، «وليس فقط الابجدية»، سخرت تلك الادوات الفاعلة لأسطرة الدين، ونشر الخرافات، وتخريب وجدان الشعب. في نهايات التسعينيات من القرن الماضي أنشأت اليونسكو لجنة من الخبراء لوضع خارطة للتعليم في العالم في القرن الحادي والعشرين. وفي عام 1998م قدم رئيس اللجنة جان ديلور «الوزير الفرنسي السابق والرئيس السابق للاتحاد الاوربي»، تقرير لجنته. وحدد التقرير اربع ركائز للتعليم الأمثل: * التعليم من أجل المعرفة العامة «اي ما يوفره التعليم من معارف للمتعلم حتى يلم باحوال الماضي والحاضر والمستقبل». * التعليم من أجل العمل «اي المهارات التي يكسبها التعليم للمتعلم ليلج سوق العمل». * التعليم من اجل الحياة، اي التعليم الذي يوفر لمتلقيه القدرة على التعايش مع غيره في الفنائين الداخلي والخارجي. * التعليم من اجل الكينونة، اي كيف يصبح المتعلم بشراً سوياً يتخاطب مع غيره بنية سليمة، ويتزيا بالقيم الفاضلة، ويملك احساساً صادقاً بقيم الحب والخير والجمال. وعلنا نذكر، والذكري تنفع المؤمنين، ان الهدف الأساسي من انشاء قناة تلفزيون «الجزيرة» في عهد مايو كان هو التعليم ومحو الأمية». «ان التعليم في كل بقعة من بقاع المعمورة، يمر بأزمة حقيقية، يحس بها، على تفاوت العاملون في حقل التعليم، الطلاب، والاسر والسياسيون وغيرهم.. وقد وجدت هذه الازمة تعبيرها في القلق الذي تعيشه جماهير الطلاب، والاضطرابات التي يحدثونها، وفي مظاهر «الرفض» الكثيرة التي دفعت بعدد كبير منهم الى قطع دراستهم نتيجة لخيبة أملهم في أساليب التعليم، ومناهجه ومقرراته.. ولعل سبب هذه الأزمة الرئيسي هو عدم العودة الى الاصول عند تخطيط مناهج التعليم، ولعل من اسبابها الانفجار الكبير الذي حدث في مجال العلم والمعرفة، في الآونة الاخيرة، مما ولّد مشكلات كثيرة تتعلق بتصفية المعلومات الكثيرة، وانتقائها، واستيعابها فكريا، وتطبيقها، سلوكياً وتمثلها، حياتنا.. التي اتسعت ونصبت بصورة لم يكن لها مثيل، فهي بالنسبة لما قبلها كانت قفزة في زيادة الحياة.. واصبح العلم وفي جميع الاطوار هو وسيلة الحياة». «كما نشير إلى أن الهند، منذ الستينيات، كانت هي اول دولة طبقت فيها اليونسكو مشروع استخدام الاقمار المصنوعة لنشر التعليم، ونجاح استراتيجية الجبهة التي تهدف الى تحسين الكفاءة الداخلية والخارجية للنظام، نشهده اليوم في مخرجات ذلك التعليم. وضمور زادها المعرفي، بل في ترحيل بعضهم ترحيلاً كاملاً عن العالم الذي نعيش فيه، الى ماض تخيلي لا وجود له إلا في أدمغة صانعيه». الدكتور منصور خالد محمد عبد الماجد. ولما كان الدين عامة والإسلام خاصة، اكبر اسلوب يعين على تحصيل الاخلاق، بوصاياه، وبقرانه وبعبادته وبسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم واصحابه رضوان الله وسلامه عليهم. وجب علينا ان نولي الدين اهتماماً خاصاً، لنحق به التربية الخلقية.. على أننا يجب أن نميز بين القضايا الفقهية وبين «روح الدين» فهي شعار التربية، لأنها تدعو الى الحرية وترسم الطريق الى الخلق الذي يليق بالأحرار.. هذه هي الحقيقة، فإنكارنا لها لا يغير من وجودها شيئاً. نواصل
http://alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147497888&bk=1
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
لسودان مركز دائرة الوجود د. عبدالله عوض عبدالله هذه محاولة قاصرة لتسجيل ذكرى إستشهاد الاستاذ محمود محمد طه على يد نظام نميري الآفل في العام 1985م، وهى الذكرى العشرين لشهيد الفكر. وهو يجسد تلك القيم التي عاشها ودعا لها. لم يقل الاستاذ محمود محمد طه إن السودان مركز دائرة الكرة الارضية وإنما قال: «إن السودان مركز دائرة الوجود» ولنا عودة لهذا العنوان والعود أحمد». لقد ذهب الاستاذ محمود محمد طه الى رحاب سنية وجناب حانٍ وهو راضٍ، وكيف لايرضى، وهو الذي قالSadوالراضي هو الانسان الذي لايسخط ولو حاسب نفسه على عدم الرضا.. هو في حظيرة الرضا). كما قال ايضاً: (امران مقترنان: القرآن وحياة محمد، حياة محمد مفتاح القرآن، والقرآن مفتاح الخلود). فتحية للاستاذ محمود محمد طه في عليائه التي اسرع اليها. وقد وهب كل حياته للإسلام والسودان وتلك قيم جمهورية جسدها هو ودعا إليها. يا وجوداً صار في الأمثال للداعين مضرب. سيدنا ابراهيم رأى في المنام ان يذبح ابنه: (يابني اني أرى في المنام اني اذبحك) الآية ثم اقدم على ذبح ابنه، ولو ذهب الى التأويل لما أقدم على ذلك. فإن أمر الحق أظهر عند غير المستريب، فيا سودان إذا ما النفس هانت أقدم للفداء روحي بنفسي (قصيدة أنا ام درمان) لشاعرها عبدالمنعم عبدالحي ومغنيها الفنان احمد المصطفى. وقد قال الاستاذ عنها (بهذه القصيدة التقت ام درمان الملك بام درمان الملكوت) قال تعالى: (انه يبدي ويعيد وهو الغفور الودود) الآية. لقد كان فوت الموت سهلاً فرده إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر فأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصك الحشر غدا غدوه، والحمد نسج ردائه فلم ينصرف إلاّ وأكفانه الأجر مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة غداه ثوى الا اشتهت انها قبره هذه القصيدة مقتبسة من مرثية الدكتور منصور خالد محمد عبدالماجد لشهيد الفكر: نقلاً عن جريدة «القبس» الكويتية يناير 1985م. «وفي كتابه الوعد الحق والفجر الكاذب» الذي نشر منجماً بجريدة «الصحافة» السودانية في العام 1986م. كتب دكتور منصور خالد محمد عبدالماجد، تحت عنوان جريمة العصر والتجني على الاسلام جريدة «الصحافة»: الاثنين الموافق 28/4/1986م. كتب الدكتور «وعلنا نظلم التاريخ ان لم نقف عند تلك المحاكمة التاريخية التي كانت بما اكتنفها من جهالة جهلاء وضلالة عمياء، إدانة للحاكمين قبل أن تكون ادانة للشيخ الوقور الذي أبى له صدقه مع نفسه أن يقف احتراماً لمن هم ليسوا بأهل لاحترامه. وقف الشيخ الجليل يومذاك متهماً بإثارة شعور الكراهية ضد النظام ، وإزعاج السلام العام، ولم يكن قد فعل شيئاً أكثر من نشر رأي آمن به، بأسلوب هادئ ومنطق رصين. فما استجاش محمود الجموع لمحاربة النظام كما فعل غيره من المعارضين في مارس 1970م أو يوليو 1971م. ولا دبر انقلاباً عسكرياً على النظام كما فعل غيره من المناهضين في يوليو 1971م وسبتمبر 1975م . ولا قاد تمرداً عسكرياً كما فعل غيره في جنوب السودان منذ العام 1982م، وبصرف النظر عن كل ما قلنا به عن مفهوم المعارضة في الاسلام، وهو مفهوم عجز عن الإرتقاء الى استيعاب حكمته الطغاة والمهووسون على حد سواء، إلا ان تلك القضية ما كان لها الا أن تقف عند حدها، الا وهو إثارة شعور الكراهية، وازعاج السلام العام. بيد أن قاضي الموضوع ترك كل هذا جانباً ليلج في عقل الاستاذ العالم الذي أبى أن ينطق بكلمة أمام من لايفهم ما يقال، ولا يقول ما يفهم. ثم جاءت محكمة الاستئناف من بعد لتترك كل ما اوردته محكمة الموضوع من حقائق فذهبت الى الاضابير لتنبش منها حكماً صادراً ضد المتهم من جهة غير مؤهلة أساساً لاصدار مثل ذلك الحكم وتبعها الامام «حامي البيضة وراعي الذمة» «بخطاب طويل» باسم الله وباسم الشعب وباسم الثورة، يؤيد فيه إدانة الشيخ الوقور والحكم باعدامه. ولم يمنع الحياء ذلك الامام الذي لايستحي من أن يقول: «ونحن اذ نؤيد الادانة والعقوبة، بجميع المواد القانونية التي أدانت بها المحكمة المتهمين نشيد بالتسبيب الوافي الذي جاء في حكم محكمة الاستئناف والجهد الذي بذلته محكمة الموضوع». وكان هذا الجهد الوافي الذي اشاد به الامام جهد يوم وبضع يوم «الصحافة 8 يناير 1985م». والامام الذي لا يستحي هذا، هو نفس الرجل الذي يباهي الشيخ العالم ويترجى ان يجمع بينه وبين العلماء ليناظرهم. كان هذا موقفه في مطلع العام 1976م عندما بعث إليه عدد من المشايخ رسالة ضافية تصف الأخوان الجمهوريين بالمروق والارتداد وتطالب بحظر نشاطهم ومصادرة كتبهم. وقد ردَّ الجمهوريون يومها على تلك الرسالة برسالة أخرى جاء في ختامها «رغم محاولات هؤلاء الاشياخ المتكررة لاستعداء الشعب واستعداء السلطة علينا، ألا اننا لا ننطوي على حقد أو مرارة من آثار هذا الفعل كما وقد يتبادر الى بعض الأذهان. ولذا فنحن لانستعدي عليهم أحداً ولكنا نرى أن من حقنا ومن واجبنا أن نطالب السلطة كما نطالب الشعب بتضييق فرص المراوغة عليهم وذلك بفتح منابر عامة للحوار بيننا وبينهم حتى يشيع الوعي في صفوف الشعب». وهكذا لم يحمل الجمهوريون يوم ذاك غلاً ولم يضغنوا شيئاً على الذين كانوا يسعون لنهش لحومهم، كما أنهم لم يدعوا للحوار حتى يسود رأيهم بل كي ما «يشبع الوعي في صفوف الشعب». وحسب النميري يومها ان الأخوة الجمهوريين بمواقفهم الجريئة ضد خصوم النظام من الاسلاميين السياسيين اصبحوا تبعاً لا حلفاء بل انه سعى في محاولات مكرورة لأن يضيف محموداً وصحبه الى قوائم المسترزقة من العلماء فما طال من ذلك شيئاً لأن محموداً كان مثل بشر الحافي يملك الدنيا ولا تملكه...» الدكتور منصور خالد جريدة «الصحافة 8 يناير 1985م». وقد ذكره الاستاذ الشاعر المرحوم محمد المهدي المجذوب في قصيدته «الى الله » في قوله: انا القاك في ضميري وفي البيعة يلقى بها الإله اليمين أنا القاك في الجهاد الذي يعذب فيه الردى ويسلوا الحزين وفي قصيدته «المجاهد» قوله: محمود يا ابن محمد لك إسوة أوعيت محنة يوسف تأويلاً وطن وهبت له الشباب منضراً ورأيت اجمل ما وهبت قليلاً الفجر منتظر حداءك صافياً يهدي السماء ونورها مشمولا تلقى البلاد الى يديك زمامها بطلاً يعود بفخرها موصولاً فرداً على آل النبي وشرعه عدلاً يقيم على البلاد عدولاً وهو الأمين وسوف يسأل معجب أتراه يبعثه الرسول رسولاً فعنده حياة محمد صلى الله عليه وسلم مفتاح القرآن والقرآن مفتاح الخلود. فتحية للأستاذ محمود محمد طه في عليائه التي أسرع إليها. في حوالى الواحدة ظهراً جاء ضابط وأخذ الاستاذ لمكتب السجن. وهناك في المكتب يجلس خمسة من الضباط الكبار. وبدأ المدير يسأل الاستاذ: س: انت مصر على أقوالك؟ ج: نعم س: عندك استئناف؟ ج: اذا أنا بستأنف مابجي هنا. س: عندك طلب استرحام؟ ج: مافي من يطلب منه الاسترحام هنا. س: عندك وصية لأولادك؟ ج: أولادي عمري كله معاهم.. ماعندي حاجة اقولها ليهم. انتهت الاسئلة، وقد أعلن ان التنفيذ غداً الجمعة الساعة العاشرة صباحاً يوم 18/1/1985م . وسيق الاستاذ الى زنزانة منفردة. فتحية للاستاذ محمود محمد طه في عليائه التي أسرع اليها. هذا هو جوهر القضية والوصية اذا اسعفتني الذاكرة.. ياترى هل غاب عنا.. كلا انه فينا يغني للسلام. وجاء السلام وجاءت الديمقراطية والحرية وأصبح السودان يترقب أن يكون مركز دائرة الوجود.
http://alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147494809
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
مسارب الضي
الحاج وراق
* رغم ظواهر الحرب وعدم الاستقرار السياسي والمجاعات والفقر التي طبعت تاريخ بلادنا ما بعدالاستقلال، إلا انه كذلك للسودان (ميزة) عصية علي التجاهل، وعسيرة علي التفسير! ربما تكون نتيجة مزيج استثنائي للتاريخ والجغرافيا والإنسان والسياسة، تاريخ آلاف السنين من الحضارة، وجغرافيا مفتوحة تنتج التلاقح والمثاقفة، وسياسة لم تعرف سلطة مركزية كمثيلاتها في المنطقة، تطأ المجتمع حتي تسحق حريته وحيويته، وإنسان عزيز النفس لايرضي الضيم او المهانة، وكذلك إنسان هو الاكثر قبولا للجديد وللتجريب! وهكذا، ورغم كل شئ ، فإن السودان استثناء في المنطقة - أتري مصادفة ان بلادنا الوحيدة في المنطقة العربية الإسلامية التي اسقطت بانتفاضتين شعبيتين نظامين استبدادين؟! بل ان أنظمتنا الاستبدادية والقمعية لا يمكن مقارنتها بمثيلاتها في المنطقة!.. أتري مصادفة ان الشهيد عبدالخالق محجوب كان من أميز الماركسيين في المنطقة؟! وان الدكتور حسن الترابي لا يمكن مقارنته من حيث القدرات الفكرية والفقهية بغيره من قياداة الحركات الإسلامية الأخري؟! وان الإمام الصادق المهدي يشكل قامة فكرية أعلي وبكثير من علماء الدين في أرفع المؤسسات الدينية في المنطقة؟! ... ، بل وأقول وبكل اطمئنان ان الاستاذ/ محمود محمد طه، يظهر عملاقا يعز نظيره حين يقارن، بأمثاله من رموز التجديد الديني والاستنارة في العالم الاسلامي، سواء علي عبدالرازق، طه حسين، حسين أحمد أمين، العشماوي، الجابري، أركون، أو نصر حامد ابوزيد، يعز نظيره من حيث الإتساق الفكري، ومن حيث عمق التجديد ومداه وشموله، والاهم، يعز نظيره من حيث الإتساق الأخلاقي ومن حيث الشجاعة في الصدع بالرأى والثبات عليه.. وتأمل نصر ابوزيد في هذا الإتساق، وقد كفرته قوي الهوس الديني وضغطت للتفريق بينه و بين زوجته، فهاجر من موطنه - مصر - الي هولندا، فكان كلما حزب عليه الأمر، وأعترته نوازع الضعف الانساني، وهي نوازع قادت طه حسين الي التراجع واعادة طبع كتابه عن الشعر الجاهلي مع حذف المقاطع غير المرغوبة! وقادت علي عبدالرازق الي استرضاء شيوخ الازهر! ولكن نصر حامد ابوزيد كان يستشعر القوة والمدد وهو يسترجع انموذج الاستاذ/ محمود محمد طه، فقد كان جلادوه ينتظرون منه مجرد إيماءة ليتراجعوا عن إعدامه المأزق، ولكنه قدم أنموذجا لا يضاهي لكرامة الفكر ولاستقامة المفكر، فلا سلطان علي الفكر سوى المحاججة والبرهان، وأما سلطان ارهاب السنان فقد قدم في مواجهته روحه وهو يبتسم!.. فأى طاقة غرائبية هذه التي توقد هذه البلاد الفقيرة الجاهلة المسماة السودان؟! * عن هذا السؤال أجاب الاستاذ/ محمود نفسه فقال: (ان السودان مركز دائرة الوجود)! وقد دفع الاستاذ محمود بحياته وإستشهاده السودان الي مركز دائرة الوجودالإنساني! كان يدعو الي السلام والحرية، وقال بأن الانسان الحر، إنما هو الانسان الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويفعل كما يقول، ثم لاتكون عاقبة فعله الا خيرا وبرا بالاحياء والاشياء.. ولذا علم تلاميده ألا يطأوا بأرجلهم علي (النجيلة)! ولأنه لا يطأ علي النجيلة، فقد نذر نفسه كي يتحرر كل انسان من الخوف، فلا يطأطئ رأسه إلا تواضعا! وكان قليلا ما يغضب، ولكنه غضب علي ابنته الفضلي أسماء حين وطأت غير عامدة علي حبات عيش! أما هو، فلم يطأ شيئا سوى الارض والخوف، ومن باب أولي، لم يطأ علي انسان ابدا، الانسان عنده غاية كل شئ.. ولأنه لايخاف، فلم يتسلح ابدا سوي بالفكر، ولذا، وطوال تاريخ حياته لم يدبر انقلابا، ولم يشن تمردا، ولم يعبئ مؤيديه لحرب، ولم يسلح ولم يدرب ولم يحرض علي عنف ابدا!... وهكذا كان اغتياله واقعة صافية، دون أى لبس، لاضطهاد الفكر ولغمط حرية الاعتقاد والتعبير. * واغتيل الاستاذ/ محمود في 18 يناير 1985! ولكن أتري مصادفة، انه اغتيل في الثامن عشر من الشهر، ليشكل اغتياله انتهاكا صريحا وصارخا وأنموذجا للمادة الثامنة عشرة من ميثاق حقوق الانسان؟! المادة التي تنص علي حرية الضمير، وحرية الاعتقاد، بما في ذلك حرية تغيير المعتقد؟! العارفون لا يقولون بالصدفة أبدا، وأنا معهم، أقله في هذه الواقعة الاستثنائية! وهكذا، فإن الاستاذ محمود محمد طه، الوحيد من مفكري الازمنة الحديثة، الذي اغتيل بلا سبب سوى أفكاره، كأنما المادة الثامنة عشر من ميثاق حقوق الانسان، وهي روح الميثاق، قد صيغت خصيصا لأجله! ويكفي هذا السبب وحده، دع عنك أفكاره وحياته، كي يتربع الاستاذ محمود على عرش عظماء الانسانية المعاصرة: المهاتما غاندي، ومارتن لوثر كنج، ونيلسون مانديلا.. واذ يتربع الاستاذ/ محمود في قمة الذري الانسانية، فإنه في ذات الوقت، يرفع معه بلاده الجاهلة والفقيرة - السودان، الي الذري السامقة، والي مركز دائرة الوجود الانساني.. فياله من فداء، وياله من عريس! http://alsahafa.info/news/index.php?type=6&issue_id=523&col_id=5&bk=1
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
مسارب الضي
الحاج وراق
ردٌّ على أحد المهووسين
لفت نظري أحد الاصدقاء الى مقالة الاستاذ اسحق أحمد فضل الله بجريدة «الحياة» بتاريخ 20/1/2004م حول المقال الذي نشرته عن اعدام المفكرين في التاريخ الاسلامي، وذلك بمناسبة ذكرى اعدام محمود محمد طه. فماذا قال صاحب المقال؟ ينقسم المقال الى جزءين. الجزء الاول شتائم، وهذه لن اردَّ عليها، ولكن سوف اذكرها للامانة. قال إن القارئ يستطعم شعوراً عميقاً بالاشفاق على الكاتب وهو يلحظ الجهد المضني وحصاد الهشيم بعده. وأود ان اشكره على اعترافه بالجهد المضني. واتعجب في نفس الوقت من معرفته لشعور القارئ. هل اجرى استفتاء ام لديه آلة سحرية؟ ثم قال عني وعن الكتاب الآخرين: «والجهة الوحيدة التي تسخر من السادة هؤلاء دون رحمة هي اقلامهم ذاتها». انتقل الكاتب الآن من معرفة شعور القاريء الى كشف اسرار القلم، وهو امر يتطلب قوة خارقة. ثم يشتمني بأني مثل ابو الدرداق الذي يبحث في الارض عن الاوساخ لأني اخترت اسماء اشخاص من النفايات. ويقول لولا المقام لقال نكتة بذيئة تليق تماما. وهل هناك بذاءة اكثر مما قال؟ تشكل هذه الشتائم الثقل الاكبر من المقال. وانا لست اهلاً للردِّ عليها، حتى لا تتحول صفحات الصحف الى ساحات (ردحي). من اعطاه الحق ليشتم الناس كما يريد؟ ولماذا؟ هل لانهم يختلفون معه في الرأي، ام انه هو المرجعية للاشياء بحيث يمكنه ان يقول في الناس ما يمليه عليه قلمه. إن آفة الهوس الديني، ان اصحابه يعتقدون انهم يمتلكون كل الحقيقة، لذلك ليس لهم الا السباب، واذا امتلكوا سلطة انهالوا عليهم تقتيلاً.. ان الهوس الديني هو آفة عصرنا، وهذا المقال احد النماذج الساطعة لتلك الآفة. ننتقل الآن الى الحقائق التي اوردها الكاتب. قال اني سعيت لأجعل محموداً من أئمة العلماء. والحمد لله ان مقالي منشور في صحيفة علنية وليس منشوراً سرياً يتداوله الناس خلسة. والحمد لله اني كتبته بلغة الضاد وليس بلغة الكفرة. فعجبت للامر. اما ان يكون كاتب المقال لم يقرأ المقال. او انه قرأه ولم يفهمه، او انه يضمر امراً آخر؟ لانني قلت عن محمود: «انا لا اتفق مع كل ما قاله محمود، ولكني اقف اجلالاً امام موقفه الشامخ وهو ثابت الجنان امام ما كان يؤمن به». فأين الحديث عن ائمة العلماء الذين يتحدث عنهم كاتب المقال»؟ ثم يقول اني لم اجد بين آلاف العلماء الا الثلاثة الذين استشهدت بهم. واقول لكاتب المقال اني لم استشهد بهم كعلماء وانما لأنهم من المفكرين الذين صمدوا بجرأة امام الموت وهم يدافعون عن رأيهم. لماذا لا يقرأ الناس ما نكتب قبل ان يهجموا على كتاباتنا بالتجريح والشتائم؟ ثم يقول الكاتب إن الرجال الثلاثة الذين بطشت بهم آلة القمع في الدولة الاموية من الزنادقة، هل نحتاج ان نعود للقواميس لنعرف من الزنديق؟ ام هل نحتاج ان نعود للتاريخ لنرى إن كان اولئك الرجال زنادقة، سواء بمفهوم قاموسي او تاريخي؟ لقد انتقد اولئك الرجال نظام الحكم في الدولة الاموية، وثبتوا امام نقدهم. انتقلنا الآن من مرحلة المهووس دينياً الى مرحلة المعتوه دينياً. فاتهام المعارضين للدولة الدينية بالزندقة، هو من صميم تسلط الدولة الدينية التي يقف كاتب المقال مدافعاً شرساً عنها. لا شأن لنا بعلم اولئك الرجال، ولكننا نهتم بمواقفهم ضد الطغيان. ومثلهم رهط من الرجال الذي يحفظ التاريخ ذكره بالتجلة. فهناك الحلاج الذي كان يتبختر وهو يساق الى الموت ويتلو قوله تعالى: «يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق». وهناك السهروردي المقتول. ويحفظ التاريخ وقفة سقراط الذي آثر ان يشرب السم ولا يتنازل عن رأيه. وكان موقف الفيلسوف الايطالي برونو. الذي حاكمته الكنيسة مدى سبع سنوات. ويرفض ان يتنازل عن قوله بكروية الارض، وقال في المحكمة إن افكاره لا تتعارض مع مفهوم المسيحية وعقيدة الخلق. فاحرقوه حياً. وعندما كانت النيران تشوي جلده رفع اصبعه في حركة دائرية وقال لحارقيه: ولكنها تدور ولكنها تدور. إن الهوس الديني من اي مستنقع خرج لم يستطع ان يقف امام حركة التاريخ. ثم يقول كاتب المقال إن عمر بن عبد العزيز دعا على غيلان الدمشقي ان يسلِّط الله عليه من لا يرحمه. ونسأل كاتب المقال: لماذا دعا عليه عمر بن عبد العزيز؟ فاذا كان الرجل يستحق عقاباً، لماذا لم يوقعه عليه عمر، وهو الخليفة؟ لماذا يستنجد بآخرين ليعاقبوه؟ إن عمر بن عبد العزيز الذي تتوهج سيرته في التاريخ الاسلامي، لم يكن يتصف بالصفات التي يوحي بها النص الذي اورده كاتب المقال. لقد كان عمر يتحاور مع غيلان وأوكل اليه مهمة في الدولة. كان على الكاتب ان يتفحص النص ولا يهجم عليه دون روية وتفكر. ان النصوص التاريخية لا تؤخذ على عواهنها، بل نسلط عليها منهج البحث لنتعرف على قيمتها التاريخية. انصح كاتب المقال ان يلتحق بأحد المعاهد العليا ليتعلم منهج البحث. وانصح كاتب عمود "آخر الليل" ان يكتب أول الليل حتى يكون متيقظاً ويدرك ما يقرأ وما يكتب. وله مني التحية. http://alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147486896
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
حول «نحو مرجعية إسلامية متجددة» عبد العزيز محمد بادي أوردت الأستاذة رباح الصادق بجريدة «الصحافة» تاريخ 21/8/2004م العدد «4035» تحت هذا العنوان (نحو مرجعية إسلامية متجددة) (لقد كان أهم التعديلات في اسم المادة المقدمة للمؤتمر هو التعديل الذي تقدم به الاستاذ عبد الباسط عبد الماجد وزير الثقافة المثقف حقا).. وتمضي الاستاذة في الفقرة حيث تورد (وصفة للمرجعية من جديدة الى متجددة.. ذلك ان الاصل في الفقه التجدد لا الجدة وقد ذكرني حديثه بالنقد الذي سبق للطهوية «مذهب الاستاذ محمود محمد طه» وكان أبلغ ما قيل في ذلك ان المذهب الجمهوري حين حديثه عن رسالة ثانية قد اقتصر عتبات التطور في درجتين الاولى في القرن السابع والثانية في القرن العشرين وهذا غير معقول). المعنى والمقصود بالتطور هو الانسان، والذي ذهبت في تعريفه، مذاهب وأفكار شتى تفيض ولا تنبجس. فلنأخذ بتعريف الاسلام. والذي هو الآخر تختلف فيه الآراء كل له فهمه، لكن المتفق عليه ان الانسان هو خليفة الله في ارضه. الانسان، هو الوجود كله، من أبسط الصور، وهي الغازات (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا) صدق الله العظيم. ومن تلك البداية البعيدة، بدأت مراحل تطوره، قاصدا كماله وخلافته في الارض، من مرحلة إلى مرحلة الى أن بلغ مرحلة التكليف. وفي قمة التكليف ديانات التوحيد. حتى كانت هذه القمة الشماء الاسلام، الذي أنزل على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في القرن السابع الميلادي بواسطة الملك جبريل عليه السلام. وفي هذه الرسالة، خوطب الانسان، على انه هو الآن إنسان. وانه خليفة الله في ارضه. وبالتالي هو حر مسؤول، وكل ما يحتاج له الإنسان موجود بين دفتي المصحف. ولذلك تم انقطاع رسل الملائكة عن أهل الارض. وظل هذا الخطاب مستمرا لمدة 13 عاما «لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل» صدق الله العظيم. وعجز انسان القرن السابع عن ان يرتفع لهذه القامة، قامة الحرية والمسؤولية. فكان ان نسخ هذا المستوى وحكم المستوى الآخر، مستوى الوصاية، حيث اكره الانسان على الاسلام (أمرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله.... الى آخر الحديث الشريف. وكما جاء في القرآن (فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم) صدق الله العظيم. هذه الآية في حق المشركين. اما الكتابيون فقد جاء في حقهم قوله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) صدق الله العظيم. النسخ عند الأستاذ محمود محمد طه ارجاء وليس الغاءً. ونخلص مما تقدم، الى مرحلتين اثنتين لا ثالث لهما، في مراحل تطور الانسان اما راشد واما قاصر. القاصر مفروض عليه الوصاية لقصوره، ومن هنا فرضت وصاية الرشيد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك المجتمع. وقد كان نعم الرشيد الحر. وقد قال الاستاذ محمود محمد طه عن حريته وهو يقدمه كمثال يحتذى به لانسان القرن العشرين (أبلغ دليل عندي على بلوغه الحرية الفردية المطلقة عزوفه عن السيطرة على الآخرين) وتبعه في ذلك خلفاؤه الراشدون من بعده اوصياء على المؤمنين وعلى غيرهم من سائر الناس والرجال، أوصياء على الناس، مع اعتبار ان القمة بدأت تلتئم الى أن كان الملك العضوض في الخلافة الاموية والعباسية. عدا العمري سيدنا عمر بن عبد العزيز. ومرحلة القصور ليست نقطة وإنما هي مساحة. وهي في حركة دائبة تطلب الرشد والتخلص من القصور، لانها ليست اصلا في الانسان وانما الاصل الكمال والرشد. ومن هنا كانت الاحتجاجات والثورات التي تقع من القصر، حيث تقابلها بعض صور الاصلاحات من الاوصياء والذين هم انفسهم قصر في اغلب الاحيان، يقومون بهذه الاصلاحات للحفاظ على وضعيتهم المادية والمعنوية. وما تقوم به الطائفية من عمل واجتهادات برهان ساطع على ذلك، فلنأخذ السيد الصادق امام الانصار ورئيس حزب الامة مثالا لذلك. معلوم للجميع ان الإمامة عند الانصار تكون من أحفاد الإمام محمد احمد المهدي عليه السلام، بالضرورة والرئاسة لحزبهم (الأمة) كانت من الآخرين، إلى أن ظهر السيد الصادق في المسرح فنازع فيها وأخذها مما تسبب في انشقاق حزب الامة الشهير. بعد انتقال الامام الهادي المهدي الذي انشق عنه السيد الصادق. واصبح المسرح معدا تماما لطموحات السيد الصادق. ولكن سنة الحياة لا تقف، فسرعان ما بدأ التنافس يظهر والانشقاقات من داخل الأسرة، مما جعل الصادق يزحف نحو الإمامة كما زحف على الرئاسة ليؤمن وضعيته ويحكم قبضته، عند البسطاء اماما يعتقد فيه. وعند أهل التجدد اماما منتخبا. نعم كان له ما اراد، بوسيلة الانتخاب لوظيفة الامامة. ومعلوم ان الامامة تتم بالبيعة لانها من مراحل العقيدة حيث الوصاية. وقام السيد الصادق بهذا الترقيع ليواكب حركة التطور المسرعة نحو المرحلة الثانية، حيث الرشد والحرية وعدم الوصاية من احد، والذي يجب ان ننبه له ان هذه الطريقة ـ طريقة الترقيع ـ جد خطيرة لانها تمد في عمر الطائفية، النغمة البغيض التي هي سبب كل المشاكل التي يعاني منها الشعب السوداني منذ استقلاله والى يومنا هذا. بربكم ما هو العيب في المؤسسية؟ ام لأن المؤسسية تقتضي توعية الجماهير. والتي لا تتم الا بفتح كتاب التاريخ واخضاعه للتقييم والنقد لمعرفة الصالح من الطالح، بدل الانسياق العقائدي العاطفي خلف قادة ورثوا المجد كما تورث الامتعة. والمرحلة الثانية في مراحل تطور الانسان هي مرحلة الرشد، حيث الحرية والمسؤولية وسندها من القرآن آيات الاصول، فالاسلام وعلى حسب فكر الاستاذ محمود محمد طه جاء على مستويين رسالة اولى ورسالة ثانية. والنبي محمد عليه الصلاة والسلام بلغ المستويين ـ الاصول والفروع ـ نسخ الاصل وحكم الفرع لقصور وطاقة انسان القرن السابع. والأستاذ محمود محمد طه يقول جاء الوقت الذي تنسخ فيه الفروع وتحكم الاصول، وذلك لأمرين: استعداد وطاقة انسان اليوم. وانه ليس هنالك رجل من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين.. وثمن الحرية دوام السهر عليها، ففي آيات الاصول التطور لا يحده حد والانسان منفتح على الاطلاق (يا أيها الانسان انك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) والناقص ليس له حظ في الملاقاة. وما الرسالات السماوية ودعوات المصلحين وكل ما في الوجود من خير وشر إلا لزوال النقص الذي هو عدم الحرية. وعند الاستاذ محمود محمد طه من أكبر الوسائل لانجاب الانسان الحر النظام الدستوري والدستور عنده من القرآن (آيات الاصول). وذلك لان الاسلام في آيات الاصول يوفق ما بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة. وذلك لان القرآن دستور للفرد كما هو دستور للجماعة. وكما ان النظام الدستوري يعين المحكومين على بلوغ الحرية، كذلك يعين الحكام على بلوغ الحرية، لانهم معنيون وكل انسان غاية في ذاته. وانهم في مواقع القيادة اكثر عرضة للانحراف. كذلك النظام الدستوري، بديل للجماعات والاحزاب تنظم به نفسها (المؤسسية) بدل هذه الصورة التي بدأت تبتدعها الطائفية لتمد من عمرها. والفكرة الجمهورية ليست اجتهادا فقهيا حتى يذكرك التعديل الذي تم لكلمة جديدة الى متجددة، النقد الذي سبق الفكرة. وانما هي العلم المكنون، ومن العلم المكنون معرفة المستويين، ومعرفة حاجة وطاقة الانسان. والمستويين نصوص قطعية من القرآن، نص محكم ونص مرجأ الى يومه. والنص المحكم هو الشريعة الاسلامية التي نظمت حياة الناس في القرن السابع. ولا يمكن تجاوز نصوص الشريعة باجتهاد فقهي، ومعلوم ان الاجتهاد يقوم على ما ليس فيه نص. وكل من لا يرى المستويين في القرآن الاصل والفرع، وانه جاء الوقت الذي يحكم فيه الاصل وينسخ الفرع، لا تجديه الحيل والاجتهادات مع نصوص الشريعة. فأنت الاستاذة رباح الصادق المهدي وبزيك السوداني المحتشم وسمتك الرزين وهذه القامة العصرية التي تثري الحياة بهذه المساهمات، تعتبرين مفارقة للشريعة الاسلامية ونصوصها القطعية. وان رأت هيئة شؤون الانصار جدوى في الانتقال من الاجتهاد الفردي الى الاجتهاد المؤسسي، لن تجد اجتهادا يقر ما انت عليه، فهو مخالف للنصوص القطعية. ولو قدر للمهووسين (تنظيم القاعدة والطالبان) ان يقيموا دولتهم لكان مصير المرأة الرجوع للحجاب. وهو ليس زي بعض الاسلاميات المسمى حجابا. وانما هو الرجوع للبيت وترك كل ما نالته المرأة من تعليم مدني وخلافه. والنصوص القطعية في الشريعة الاسلامية تعطيهم هذا الحق (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى) صدق الله العظيم. اما استنكار استنساخ القرآن المدني وما اوردت استاذة رباح (وبغض النظر عن النقد العقدي الذي سبق للطهوية والذي اراه صحيحا في استنكار نسخ القرآن المدني كله) فأرجوك أنت ومن قاموا بالنقد وقبل انعقاد المؤتمر الاسلامي الجامع، ان ترجعوا للفكرة الجمهورية في مظانها لتكونوا على بينة.
http://alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147491835
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
هذه القصيدة مشاركة من الشاعر تاج السر حسين (دبي ) بمناسبة ذكري استشهاد الاستاذ محمود كتبت هذه القصيدة فى ذكرى استشهاد الأستاذ المفكر الخالد / محمود محمد طه، الذى أعدم شنقا فى 18/1/1985 ، وهى مهداة الى أرواح جميع شهداء الفكر والرأى فى جميع أنحاء العالم، والى الساهرين المدافعين عن الحرية والديمقراطية، أينما كانوا. (أعظـــــم الشـــــهـــداء)
ثابت علــى المــــــبدأ رهيب فى بسمتك تتحـــدى لما القناع من هيبتك أنزاح طرفك لا رمش لا أرتد ................................................................. مكتوف الأيادى ، واقف عديل ما أنهد مجنزر ،فى هيبة تقدل، شامخ فى السماء الممتد بى صمتك حاكمــت الجهـــل والحاكمـــوك بالــردة .................................................................. (أستاذ) العصـور سيرتك نقية وعطرة للأحــرار منار وخــلدت أروع ذكــرى حوضك صافى مافيهو مــوية عكــــــرة أخجـلــت القــدام أهــل المديح والشكـرة وأهديت الزمان (اسمى) وأعظم (فكرة) ................................................................. ترياق للنفوس من نشأتك، ولى آخر الأيام افنيت العمـــر تبنى وتجدد وتنشرالأســـلام بالفهم الصحيح والدعــوة والاعلام أدواتك حروفك وسـلاحــك الأقـــلام نظــراتك معــانــى وحكم وكــــلام
فى صمتك ،عميق ، ما بهمك الأعدام وفى حزنك تأمــــل، ساكـن معـاك دوام همـــك صـــلاح الكون، والـدنيا تبقى سلام ................................................................. أتباعــك (رجــال) ثابـتـين دوام قـــــدام طاهرين الأيادى صادقين لسان وكرام حافظين الوصية – دائما – صيام وقيام لو الموت ( شريعتك)، كان لاقوه فى (الاحرام). ................................................................. منو القبلك شهد بى روعتو الأعداء مـنـــو المشى (للشنـق) وفــى بســـمة أتحدى منو المشت النجوم فى دربو تستهدى منو النزلت شمــــوس العـــــزة تتلقا ثم أنزوت خلف السحاب، عشان اكتب، سطر، اهداء قليل لو قلنا فى وصفك عظيم أو قلنا أنك، أعظم الشهـــــــداء .................................................................
كلمات: (أخوالبنات) - تاج السر حسين[email protected] – دبى – 13/1/2004
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)
|
مسارب الضي إليكما التحية والإعزاز
الحاج وراق
شكَّل «التنوير» الإطار الفكري للحركة الاجتماعية التي زعزعت أركان الظلامية في أوروبا.. وفي تقديري أن مفهوم التنوير غالباً ما يكون استعير من المصطلحات الاسلامية، عبر اسبانيا التي شكلت جسراً للمثاقفة بين الحضارة الإسلامية السائدة حينها والحضارة الأوروبية الصاعدة، حيث أن الإسلام يرمز بالنور إلى الحالة الذهنية والوجدانية التي يتم بها تخطي الجهل والتعصب والعنصرية والقبلية. * ويصدر التنوير عن فكرة أساسية، وهي فكرة التفاؤل بالإنسان، أنه مهما كانت سلبياته وأنانيته أو عثراته، فانه بالمعرفة والتربية والتعليم يستطيع أن يتجاوز ويرتقي. وبالنسبة لي فإنني وبواقع تجربتي الشخصية لا أملك إلا التفاؤل بالإنسان، لقد اعتنقت في مجرى حياتي كثيراً من الأفكار الخاطئة، اعتنقتها باليقين والاخلاص الكافيين للتضحية بالنفس عن طيب خاطر! ولكني إذ استرجع الآن تلك الأوقات، فإنني أقشعر من ذكرى أننا كنا على استعداد أن نقتل أو نُقتل لأجل مثل تلك الأفكار، وأخجل من حالتي الذهنية حينها، حالة الوثوقية وانغلاق الذهن، وابتسم ساخراً من فشلي في إلتقاط البداهات التي كانت مبذولة على قارعة الطريق! كم كنا شموليين ووثوقيين واغراراً وسذجاً! ولأنني -مع كل التواضع اللازم- أزعم انني قد تغيرت كثيرا، فانني أتفاءل بقدرة الانسان على التغيير، وأفرح بملاحظة مظاهر التحول الديمقراطي عند الآخرين، ذات المظاهر التي سبق واختبرتها شخصياً في نفسي! * وكما طفل في صباح العيد، لم تسعني الفرحة، وأنا أقرأ أول أمس مقالة الدكتور كمال حنفي بـ «الرأي العام». كتب الدكتور حنفي - وهو من الإسلاميين- عن اغتيال الأستاذ/ محمود محمد طه قائلاً: «... الحركة الاسلامية كانت هي القوة الفكرية الوحيدة التي وقفت معنوياً وسياسياً مع الحكم على محمود مع انها كانت من أوائل المتأذين من المحاكم السياسية في السودان وفي غير السودان... شهادات بعض الشهود التاريخيين أن محمود أعدمه قضاته «العلماء».. معنى ذلك ان محموداً أعدمه «العلماء»، لكن لايحدث ذلك إلا بالمناخ السياسي.. محمود محمد طه أعدمته السياسة مثله مثل سيد قطب وباقر الصدر وعباس برشم وعبد الخالق محجوب. على الحركة الاسلامية وهيئة علماء السودان ألا يشغلا بالهما بالتفكير في إرسال برقية احتجاج لجاك شيراك لأنه «حرّم» غطاء الرأس على المسلمات بفرنسا، ولكن عليهما ارسال برقية احتجاج لضميرهما في الوقوف ضد المحاكم السياسية بالحجج حينما تصادم مزاجاً سياسياً والوقوف المساند لها بتطويع نفس الحجج إذا حدثتهم نفسهم الأمارة بالسياسة! إن مرور تسعة عشر عاماً على إزهاق نفس قالت لا اله إلا الله دون ابداء مشاعر التوبة معناه قتلنا للناس جميعاً.. كي نستوعب صرعى المحاكم السياسية على مدار التاريخ السوداني الحديث معناه أن نتخيلهم جميعاً كانوا من ركاب الخطوط الجوية السياسية وهوت بهم في عباب البحر الأحمر!.. توبوا عن المحاكم السياسية فهي حمَّالة أوجه.. العبارة السابقة لقيناها مسجلة داخل الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية السياسية المحطمة!!» انتهى حديث الدكتور كمال حنفي. * وفي ذات السياق، وبذات الفرح، نقرأ كلمات الأستاذة آمال عباس بـ «الصحافة» أمس- وكلنا نعرف مقدار تأييد الاستاذة آمال لمايو-وقد كتبت: «... إقامة محكمة للأستاذ/ محمود محمد طه والحكم بإعدامه كان كارثة ثورة مايو وجريمتها السياسية البشعة بل وخطيئتها الكبرى. .... كان الأمر ليس أمر دفاع عن الاسلام بقدر ما هو اغتيال سياسي» يالها من قدرة على الفحص النقدي الموضوعي، ويالها من قدرة على المراجعة وعلى الإنصاف، والإنتصاف حتى من التجربة العزيزة على النفس! * التحية والإعزاز للأستاذة آمال عباس وللدكتور كمال حنفي، أعطانا كلاهما أملاً وتفاؤلاً بأن نخبة البلاد في سبيلها إلى التعافي، وبأن السودان حتماً سيبرؤ من داء الإقصاء والاقصاء المضاد، الداء الذي طبع نخبتنا وتاريخنا المعاصر،
http://alsahafa.info/news/index.php?type=6&issue_id=165&col_id=5&bk=1
| |
|
|
|
|
|
|
|