دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 04:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-22-2002, 10:52 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه

    الاخ ياسر والجميع

    تحية طيبة

    فى ظنى ان خير تكريم للاستاذ الشهيد محمود محمد طه فى اقتراب ذكرى استشهاده ؛ ان ننظر الى اجتهاده وتراثه بعين النقد والمراجعة ؛ عسى ان نستخلص منها الايجابى ونتجاوز السلبى ؛ بعيد عن منهجى التبجيل الاعمى او المعارضة المطلقة

    اننى ازعم ان الخطا الرئيسى فى الدعوة الجمهورية ؛ حين تناقش مسالة الاصول الفكرية ؛ وخاصة مسالة الاصول والفروع ؛ هى تناولها اللاتاريخى لنشوء الدعوة الاسلامية وتطورها ؛ وتحول الاسلام من مرحلة الدعوة المحضة فى مكة ؛ الى مرحلة تاسيس الدولة فى المدينة ؛ وقد كانت مرحلة تاسيس الدولة بما فيها من نظم قانونية واقتصادية واجتماعية ؛ تحتاج الى تفصيل التشريع وتنزيله من افاق العقائد الى افق المعاملات والقانون ؛ وليس الامر فى ظنى مرتبط بتهيوء الناس لمرحلة السنة او عدمها كما يقول الجمهوريون

    ان جزءا من مشكلة الفكرة الجمهورية يقوم فى تقييم دور الاستاذ محمود ؛ ونظرته لنفسه ونظرة الجمهوريين له من جانب ؛ ونظرة عامة الناس له من الجانب الاخر ؛ حيث يرى فيه الجمهوريين اكثر من القائد السياسى والمفكر التجديدى ؛ وبالمقابل يرى فيه العديد من الجماهير والكثير من المثقفين خروجا عن اصول الدين المرسومة والمنقولة فقهيا ومدرسيا


    كما توقفت عند الغيبية الكاسحة فى الفكرة الجمهورية ؛ والتى تكاد تقضى على اى بذرة تجديدية فيها ؛ وروح التسليم التى تصل احيانا الى استسلام ؛ وقد شهدنا كلنا جزءا من ذلك بعد مقتل الاستاذ محمود والتفكك والذهول الذى ركب الحركة الجمهورية الى اليوم

    ونواصل

    عادل عبد العاطى

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-23-2002, 00:48 AM)

                  

12-22-2002, 10:53 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)

    هل كان الاستاذ محمود رسولا ؟
    =============================



    نواصل هنا فى تفصيل ما اجملناه فى البوست السابق ؛ ونتحدث عن رؤية الاستاذ محمود لدوره
    ودعوته ؛ ونزعم بان محمود كان يرى نفسه كاكثر من مجدد ومفكر ؛ وكان ذلك من فترة مبكرة ؛ وخصوصا بعد خروجه من اعتكافه الذى استمر عامين ؛ والذى نزعم بانه قد انجز فيه التحول من سياسى ومفكر اسلامى معتدل ؛ الى صوفى وداعية لفكرة جديدة يرى فى نفسه الاهلية لها ؛ وذلك فى موقع غير موقع القائد او المفكر ؛ وانما يتجاوزه علوا بكثير

    ولكى لا نلقى الكلام على عواهنه ؛ فناتى بمقطع من لقاء مع الصحفى صالح بان النق بعنوان ساعة مع الاستاذ محمود محمد طه ؛ وقد ساله الاستاذ بانقا السؤال التالى :
    ----------------------------
    س): يعتقد العم خاطر أنه نبي ورسول ، وأن الآيات القرآنية لا تؤكد عدم وجود الأنبياء بعد محمد كما أنه يعتقد أنك نبي ، وفي كلا الاعتقادين لدينا شك وشكوك.
    ------------------------------
    وقد اجاب الاستاذ محمود اجابة طويلة ؛ وختمها بالتالى :
    -------------------------------
    أما الجزء الأخير من السؤال فانه الإجابة من الناحية الموضوعية وهي المهمة قد سلفت أعلاه ومن الناحية الشخصية "فإني أزعم لنفسي ذلك وأرجو أن أكون محقا".
    -------------------------------

    وفى سؤال لاحق للاستاذ بانق جاء التالى :
    -----------------------------------
    (س): حتى هذه الآونة لم تحل البراهين الدالة علي نزول المسيح عيسي بن مريم حسب ما لدينا من نصوص الفقه والحديث ، وقد تطرق أن سمعنا أن هناك دعوة مثل هذا الحديث العيسوى تقومون بها. فماذا تقرر وماذا تقول ؟؟
    ------------------------------------
    ومن جديد اجاب الاستاذ محمود اجابة طويلة بالتالى :
    ------------------------------------
    (ج): إن القرآن من أوله إلى آخره في معانيه التي لا تدركها إلا أنوار البصائر بشارة بمجيء عيسي ، جهل المسلمون معاني القرآن المكنونة، فكيف يجهلون الأقوال الصريحة في البخاري وغيره المأثورة عن الصادق المصدوق وقد أوردت لك منها حديثا في ج1 واليك غيره " لو بقي من الدنيا قدر يوم واحد لمد الله فيه حتى يبعث رجلا من بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا". الذين يعرفون القرآن يعلمون أن محمدا ليس نبيا وإنما هو النبي وخاتم الأنبياء وأن عيسي ليس رسولا وإنما هو الرسول وخاتم الرسل.

    "أما عن الجزء الأخير من السؤال فأنه قد ألقى إلى ذلك وتواتر الإلقاء وإنما يحقق الله الحق ويبطل الباطل بكلماته وليس المهم عندي من أكون وإنما المهم عندي أن أعرف كيف أدعو الناس إلى الله دعوة يكون بها صلاح الدين والدنيا".
    ----------------------------------
    المصدر : http://www.alfikra.org/interviews/i001.htm


    ونذكر هنا مرة اخرى مقدمة الطبعة الرابعة لكتاب الرسالة الثانية من الاسلام
    ------------------------

    من رسول الرسالة الثانية؟؟

    هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام..
    --------------------------

    المصدر : http://www.alfikra.org/books/bk010.htm

    هذا ما نراه من الخطا فى تصور الاستاذ محمود لدوره ولمقامه ؛ ومما لا ريب فيه ان اقتناع العديد من الجمهوريين بتصور الاستاذ عن نفسه ينعكس سلبا على مقدرتهم على النظر الناقد لفكره او مراجعته او تطويره

    ونواصل .....

    عادل عبد العاطى
                  

12-23-2002, 00:07 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)

    فى المنطلقات النظرية للفكر الجمهورى
    ====================================


    تقوم المنطلقات النظرية للفكر الجمهورى فى زعمنا ؛ على مزيج من التراث الصوفى والغنوصى (العربى الاسلامى ) ؛ والتراث الشرقى والغربى للصوفية والديانات الشرقية ؛ اضافة الى اجتهادات فكرية فرضتها ضرورات العصر وصراع المذاهب والجماعات فيه ؛ كما تبدى ذلك بصورته المحددة فى واقع السودان منذ منتصف القرن السابق وحتى تخوم القرن الحادى والعشرين

    لقد عرض الجمهوريون بقيادة محمود محمد طه فكرهم فى العديد من الكتب والمطبوعات والندوات ؛ ولكن اهم هذه الاعمال يمكن اجمالها فى الكتب التالية :

    الرسالة الثانية من الاسلام
    طريق محمد
    رسالة الصلاة
    الاسلام
    الدعوة الاسلامية الجديدة

    كما اننا ومن خلال قراءة سريعة للمنشور من من هذه المطبوعات ؛ قد توصلنا الى دوران الفكر الجمهورى حول عدة محاور رئيسية ؛ نجملها فى التالى :
    -عودة الاسلام بالسنة لا بالشريعة
    - المعرفة تاتى عن طريق التقوى وعن طريق الحدس
    -علاقة الفرد مع الله هى علاقة مباشرة وقائمة على التسيير المطلق
    -ضرورة وجود اشكال تنظيم اجتماعية جديدة فى حيز الفرد والاسرة والمجتمع
    - النظام الافضل هو النظام الاسلامى الاشتراكى الديمقراطى
    - التغيير ياتى عن طريق التربية الفردية والتدرج والدعوة السلمية

    فى المساهمات القادمة سسناقش بعضا من هذه المحاور واوجه اتفاقنا واعتراضنا عليها

    نواصل
                  

12-23-2002, 00:52 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)

    قضية الاصول والفروع والنظرة اللاتاريخية لنشوء وتطور الدعوة الإسلامية
    =================================================================

    يقول الاخوان الجمهوريون :
    ( ان الشريعة ليست هى الدين كله ؛ ولكنها طرف الدين الذى تنزل للناس على قدر طاقتهم وحاجتهم فى القرن السابع ؛ ولقد عاش النبى الكريم فى مستوى السنة ؛ وهى اعلى من الشريعة ؛ فهى شريعة وزيادة ؛ وقد بشر النبى ان الاسلام انما يعود ببعث السنة ؛ فقال " بدأ الدين غريبا وسيعود قريبا ؛ فطوبى للغرباء !! قالوا : ومن الغرباء يا رسول الله ؟؟ قال: الذين يحيون سنتى بعد اندثارها " . فالنبى لم يقل بعودة الشريعة ؛ وانما قال بعودة السنة .. فنحن اليوم لا تسعنا الشريعة وانما تسعنا السنة )
    المصدر : بيان الاخوان الجمهوريين بتاريخ 11 اغسطس 1984.

    ان هذه الفكرة المحورية فى منهجية الجمهوريين ؛ تجد شرحها الكافى فى كتاب "الرسالة الثانية من الاسلام " .. فوفقا لها ينقسم القران الى ايات اصول – وهو القران المكى الذى حوى السنة ؛ والى ايات فروع ؛ وهى القران المدنى والذى حوى الشريعة . ويزعم الاخوان الجمهوريون بان القران فى اصله الاول تنزل بايات الاصول والتى كانت السنة والتى عاشها الرسول فى نفسه ؛ وانما اتت ايات الفروع عندما عجز عرب الجزيرة عن تقبل ايات الاصول ؛وهى ايات السيف والجزية والقوامة ؛ والتى لائمت طبيعة العراب وجلافتهم ومستوى تطورهم المعرفى والاخلاقى . واذا كان الرسول قد مارس ايات الاصول –السنة – فى نفسه ؛ فانها كانت اكبر من قامة الامة ؛ ولذا استحقت الانتظار بين دفتى المصحف حتى تعود فى القرن العشرين ؛ عندما تهيئت العقول والقلوب ليرجع الدين فى مستوى السنة ؛ على يد الاخوان الجمهوريين ؛ اعتمادا على اطار مرجعية الحديث الذى يقول : " واشوقى لاخوانى الين لم ياتوا بعد ! فقالوا : اولسنا اخوانك يا رسول الله ؟ قال : كلا ؛ بل انتم اصحابى !!

    اننا لا نناقش هنا مرجعية الاحاديث التى يعتمد عليها الاخوان الجمهوريين ؛ او اسنادها ؛ وغيرها من الاشكال التقليدية لاعتماد الحديث عند علماء الحديث ؛ ولككنا نزعم بان هذه الاحاديث فى السياق الذى تذكر به ؛ تخرج عن الاطار التاريخى والعقلى والنصى للدعوة الاسلامية ؛ وتضيف اليها اسقاطات غنوصية وصوفية نشات فيما بعد ؛ كما انها تضاف الى حزمة من الاحاديث المنسوبة الى الرسول والتى تتحدث عن وقائع مستقبلية ظهرت لاحقا ؛ وهى مشكوك فيها عندنا بمنطق النقد التاريخى ؛ كونها لا تستقيم مع تاريخ الدعوة الاسلامية وأصولها كما نقلت الينا فى كتب السيرة والتراث .

    ان تقسيم القران ؛ او الدين الاسلامى فى مجمله ؛ الى سنة وشريعة ؛ ليس بالجديد فى تاريخ الفكر الاسلامى ؛ فلقد قسم الصوفية من قبل الدين الى شريعة وحقيقة ؛ والقران الى ظاهر وباطن ؛ كما ذهب بعض الفقهاء الى تفسيم القران الى ظاهر ومشتبه . وفى الفكر الشيعى فهناك ايضا تقسيم للقران والعلم الى ظاهر وباطن ؛ وقد زعموا بان أئمتهم قد نالو العلم اللدنى ؛ وفى التراث الشيعى اعتمادا على هذه النظرة اسقاطات وقراءات عديدة لما يزعموه من باطن القراان ؛ فى صور معتدلة كما عند الاثنى عشرية او الزيدية ؛ وفى صورة متطرفة كما عند الاسماعيلية والفاطمية وتفرعاتهم من القرامطة والعلويين والدروز الخ . اننا نرى هذا التقسيم يذهب حتى فى فكر احد التيارات المستنيرة من تيارات الفكر الاسلامى ؛ وهى حركة اخوان الصف ؛ والذين قسموا الدين الى شريعة للعامة وحقيقة وفلسفة للخاصة من العلماء ..وقد ذهب الغزالى فى نفس المذهب ؛ والف كتاب حتى فى نهى العوام عن علم الكلام ؛ والغزالى ممن قرا لهم الاستاذ محمود بكثرة حسب تصريحه . واذا كان هذا التقسيم بين ظاهر القران وباطنه ؛ وبين الشريعة والحقيقة ممتد بين تيارات مختلفة ؛ فانه فى فكر المتصوفة وممارساتهم ؛ قد وصل الى حدود متطرفة تجاوزوا بها حدود الشريعة المدرسية ؛ كما يفهمها الفقهاء ومؤسسة العلماء الرسمية وغالبية المسلمين .

    من هنا ننظر الى تقسيم الجمهوريين للقران الى ايات اصول مكية ؛ وايات فروع مدنية ؛ باعتباره ذهابا فى نفس اتجاه الفكر الصوفى – الغنوصي الذاتي ؛ وان بصورة جديدة ومعصرنة ؛ ووفق مصطلحات جديدة . اننا فى مقال سابق لنا عن الاستاذ محمود محمد طه بعنوان تأملات في أفق المعرفة والشهادة ؛ قد زعمنا بان هذا التقسيم هو ( تقسيم مجرد ؛ غير مفهوم شعبيا وغير متجانس منطقيا ) ؛ ونرى انه قد جائت الفرصة الآن لتفصيل ما ذهبنا اليه فى عمومية تلك المقولة .

    ان التفسير الجمهورى قد وصفناه بانه غيرمفهوم شعبيا وغير متجانس منطقيا ؛ وذلك لان آيات الأصول التى يقولوا عنها انها القران المكى او السنة ؛ قد تنزلت وتمت الدعوة بها لمدة ثلاثة عشر عاما بمكة ؛ فكيف لم يتضح من البدء للشارع انها كانت اكبر من قامة انسان ذلك الزمان ؟ والانتقال المكانى لا يبر ر تجميدها وسحبها واستبدالها بايات الفروع ؛ اى بالشريعة وايات السيف والجزية والقوامة . ان النتيجة المباشرة والمفهومة – او غير المفهومة – شعبيا ؛ توصل الى استنتاج انه فى نظر الجمهوريين ؛ فان الشارع قد اخطا الحساب ؛ ولم يكن يعرف صفة الامة وزمانها ومكانها ؛ وضاع بذلك وقت الداعية وجهده فى هذه الدعوة المتجاوزة لوقتها وسط هؤلاء الناس ؛ فانزل لهم بعد ذلك ايات الفروع التى تناسبهم . ومن البديهى ان الجمهوريين ان الجمهوريين لا يذهبوا بالامور الى هذا التسطيح الفج ؛ ولكنها نتيجة منطقية اذا ما ذهبنا بنظرية الجمهوريين الى حدودها النهائية .

    التناقض الاول نراه من كون ان متابعة وقراءة دقيقة للقران ؛ تثبت ان هناك الكثير من الايات القائمة على التخويف والوصاية فى القران المكى ؛ كما هناك ايات كثيرة تقوم على التخيير والحرية ودعوة المساواة فى القران المدنى ؛ وهذه الايات الاصول عندما تاتى فى الفقران المدنى ؛ والفروع عندما تاتى فى القران الكى ؛ انما تضرب فى الصميم مجمل نظرية الجمهورين فى تقسيمهم السابق ؛ وما هو المعيار اذن لتقسيم القران الى ايات اصول وايات فروع ؛ وما مدى ارتباط ذلك بمكيته ومدنيته ؛ وهل هناك ضروة لمراجعة الفكرة الجمهورية فى هذا الجانب ؛ والبحث عن تفسير قديم - جديد لصيرورة النص القرانى ؛ تعتمد على علم اسباب النزول وعلى التحليل التاريخى لصيرورة الدعوة الاسلامية ؟

    الامر الثانى وهو لماذا كان القرن العشرين مؤهلا اكثر من القرن السابع لعودة الاسلام فى مستوى السنة او فى مستوى ايات الاصول ؟ يزعم الجمهوريون انه قد ارتقى العقل فى هذا القرن ورقت القلوب حتى تهيات لاستقبال الاسلام فى هذا المستوى ؛ ونزعم نحن وقد فارقنا القرن العشرين بانه قد شهد من المآسى ما يوضح بقصر قامة انسان ذلمك القرن ومجتمعاته حتى عن مستوى قامة انسان القرون الوسطى فى مستوى التهيؤ الاخلاقى والروحى .. اننا نزعم بان هذا القرن قد كان قرن الانظمة الشمولية والحوب العالمية المدمرة وممارسات الابادة الجماعية والاستعمار والتطرف . ان نظرة نقدية توضح ان انسان هذا القرن لا يتفوق على انسان القرن السابع ؛ وقد ذهب البعض من السلفيين فى نظرتهم الماضوية الى انه اسؤا من ذلك الزمن ؛ بل وقد زعموا بانه يعيش جاهلية ؛ وقد استخدم الاستاذ محمود اكثر من مرة هذا المصطلح بدءا من شحنه بمفاهيم مقاربة للسلفية وانتهاءا بمفاهيمه الخاصة .

    الامر الثالث يتعلق باعتقاد الجمهوريين ان بعث الاسلام فى صورة السنة انما يتم من السودان ؛ بل وقد زعم الجمهوريون ان السودان مهيأ لحمل الرسالة ؛ ومضى الاستاذ محمود خطوة ابعد وقال ان السودان هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب (جريدة الشعب – 27 يناير 1951) ؛ وفى ظننا ان هذا القول والاعتقاد انما يرجع فقط لواقع ولادة ونشاة الاستاذ محمود بالسودان ؛ وان السودان من واقع التخلف الاقتصادى والثقافى والحضارى ؛ لم يكن مهيا لا لتقبل الفكرة الجمهورية كما تبدت فى صورتها الفكرية والاجتماعية ؛ ولا لقيادة البشرية ؛ ناهيك عن ان يصبح مركزا لدائرة وجود على كوكبنا . ففى هذا السودان وفى القرن العشرين نمت افات الطائفية والشعوذة والدجل والسلفية والدكتاتورية والتعصب الدينى والشمولية طوال سنوات نمو الفكرة الجمهورية ؛ بل ان كل هذه الافات كانت تسير فى خط صاعد ؛ ادى فيما ادى الى ضرب الفكرة الجمهورية فى النهاية واغتيال رمزها وداعيها فى اخر المطاف . والسودان قد خرج من القرن العشرين وهو اكثر بؤسا وفقرا وتعصبا واحترابا مما كان عليه عندما بدا الاستاذ محمود دعوته واطلق تصوره عن الدور المركزى للسودان .

    اننا نعتقد من هذا المنطلق ان تقسيم الجمهوريين للاسلام الى سنة وشريعة ؛ هو تقسيم اعتباطى ؛ لا ينطبق مع تفاصيل النص القرانى ؛ ولا مع ما زعموه من تهيؤ القرن العشرين لعودة السنة ؛ ولا لدور السودان فى ذلك ؛ ونمضى ونقول ان سقوط هذا التقسيم المجرد والمتناقض ؛ يوضح وجود خلل جوهرى فى المنهج الجمهورى ؛ فاين يكمن الخلل يا ترى ؟

    نواصل
                  

12-23-2002, 01:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50077

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)

    عزيزي عادل

    تحية طيبة

    لقد قرأت مساهماتك هنا بعد أن كتبت لك الرد على بعض تساؤلاتك في بوست الرسالة الثانية. وفي رأيي أنه اتجاه جيد أن تكون هناك فرصة لمناقشة الفكر الجمهوري. ولكني رأيتك تنشر دراسات مطولة لك كتبتها عن الفكر الجمهوري. لا أعتقد أنه سيكون بمقدوري التعرض لدراستك في هذا الحيز وسأحاول أن أرد على ما يرد منك بشكل محدد وليس بشكل عام وأفضل أن تكون الأسئلة من الكتب ومن ما هو منشور في صفحة الفكرة كما تكرمت بإيراد المقابلة الصحفية لإبن البان، وقد سبقتني إلى الإشارة إليها فقد كنت أنوي الكتابة في الرد على مقال الدكتور خالد المبارك. من تجربتي في المنابر السودانية على الشبكة أستطيع أن أقول بأن معظم السودانيين بهذه المنتديات ليس لديهم إلمام كاف بما طرحته الفكرة الجمهورية. ونوع التقييم الذي تكرمت به قد يحفز الناس على الاطلاع على كتب الفكرة الجمهورية.

    أما أنا فسأكتفي ببعض الردود وبالكتابة التي تعرف الناس بالأستاذ وبالفكرة في بوستات ليست هي بالضرورة من إنشائي أنا ولكن كلما وجدت فرصة في أي بوست لطرح ما قاله الأستاذ محمود في ذلك فسأفعل.

    ولك الشكر والتقدير
    والاحترام

    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 12-24-2002, 05:35 AM)

                  

12-24-2002, 05:03 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50077

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)



    عزيزي عادل عبد العاطي

    تحية طيبة وسلاما زاكيا

    سأتناول أجزاء من مساهمتك الأولى بالتعليق الموجز وإيراد ما يؤيد كلامي من كتابة الأستاذ محمود وسأترك ما أعتبره مزاعم لا تستند على أساس.

    أنت تقول:
    ا

    Quote: ن جزءا من مشكلة الفكرة الجمهورية يقوم فى تقييم دور الاستاذ محمود ؛ ونظرته لنفسه ونظرة الجمهوريين له من جانب ؛ ونظرة عامة الناس له من الجانب الاخر ؛ حيث يرى فيه الجمهوريين اكثر من القائد السياسى والمفكر التجديدى ؛ وبالمقابل يرى فيه العديد من الجماهير والكثير من المثقفين خروجا عن اصول الدين المرسومة والمنقولة فقهيا ومدرسيا



    الأستاذ محمود أكثر من قائد سياسي، وأكثر من مفكر تجديدي. ما هو الإشكال هنا؟؟ لا أرى أي إشكال. إنه رجل عارف بالله وهو صاحب دعوة كبيرة لنسخ المحكم من الشريعة مما لم يعد صالحا، وإحكام المنسوخ من القرآن مما يجب أن يطبق اليوم. ولهذا السبب فإن الجهات التي تتدعي لنفسها المسئولية عن أصول الدين "المرسومة والمنقولة فقهيا" سعت إلى التخلص منه لأنه لا يعترف بها.

    هو أكثر من مفكر لأن معرفته تتجاوز التفكير الفلسفي المعروف وهو نتاج العقل وحده. وسأعطيك مثالا بمقال يعقب فيه على الأستاذ الجليل عباس محمود العقاد عن "التوحيد" وسترى ويرى القراء الفرق بين المفكر والعارف بالله في هذا الموضوع.
    أنقل إليك فقرة صغيرة من المقال وهو عبارة عن خطاب إلى شخص ما، وقد نشر الخطاب فيما بعد في كتاب رسائل ومقالات الأول.



    وأول ما يقال في هذا الموضوع هو أن الكتابة عن ((الإله)) عمل لا يحسنه غير الصوفية.. فإذا ما أقدم عليه الفلاسفة، وهم كثيرا ما يقدمون عليه، فإنهم لا يبلغون منه مبلغا به تطمئن القلوب، وإن بلغ منه بعضهم مبلغا به تقتنع العقول، كما فعل الأستاذ الجليل العقاد.. وإقتناع العقول بالله هو بداية إطمئنان القلوب إليه تعالى، ذلك بأن العقول تدل على الله ، ولا تعرفه.. ولا يكون تمام الطمأنينة إلا بالمعرفة.. ولقد فطن السادة الصوفية إلى ذلك، فقالوا: ((وجودك ذنب لا يقاس به ذنب)).. يعنون بذلك إعتمادك على العقل في معرفتك الله حجاب لا يساويه حجاب آخر، مهما كثف.
    ومحك الفرق بين الفلاسفة والصوفية، أو قل، إن شئت، بين علم العقول، وعلم القلوب، هو في أمر التسيير والتخيير.. وهذا الأمر يتضح بجلاء في قول الأستاذ العقاد:
    (والقرآن صريح كذلك في حث الناس على الإستعانة بأنفسهم، والإعتماد على قوتهم، مع الإعتماد على القوة الإلهية في مقام الدعاء، والصلاة.. فلا يقبل من إنسان أن يفرط في مستطاعه، ومستطاع عمله، ولا يحرمه، مع ذلك، رجاءه في معونة القدرة الإلهية، حين لا يستطيع.. وذلك قصارى ما يعطيه الدين، من قوة الصبر، وقوة الرجاء، ((يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر، والصلاة.. إن الله مع الصابرين)).. فهو يلهم الناس: أن الله لا يخذلهم، إن نصروا أنفسهم، ولا يحرمهم الطاقة التي تفوق الطاقة، حين يتجهون إلى الله، وكل دين لا يكفل لأصحابه هذا الرجاء فهو دين لا معنى له، ولا حاجة إليه، وإنما المراد به أن الإيمان بالله قائم على الإيمان بقدرته، وكماله وعدله، وسلطانه في الوجود، وإتصاله بهذا الوجود.. فإن لم يكن المعبود كذلك فما هو بأهل للإيمان به، على الإستغناء عنه، أو على الحاجة إليه)..
    وأول ما تجب الإشارة إليه هو: أن الإيمان بالله قائم على الحاجة إليه.. على خلاف ما يرى الأستاذ الجليل.. ولقد نشأ الإيمان بالله قبل أن يعرف الله. وقد يبدو هذا القول غريبا، لدى النظرة الأولى، ولكنه حق.. فإن الإيمان بالله ينبع من حاجة القلوب إليه، وهي حاجة شعور، لا حاجة فكر، وعقل.. نعم! إن المعرفة بالله تزيد الإيمان بالله، ولكن الإيمان ينشأ قبلها.. ويقول الأستاذ: (( وإنما المراد به أن الإيمان بالله قائم على الإيمان بقدرته، وكماله، وعدله، وسلطانه في الوجود)) ولا يقوم إيمان المؤمن بقدرة الله إلا عن حاجة العاجز إلى قدرة القادر.. وهكذا إلى آخر الصفات التي ساقها الأستاذ.. والحقيقة أن المعرفة بالله، التي تزيد إيمان المؤمن به، إنما هي معرفة مبلغ الحاجة إليه.. فأنت، إن كنت ترى أنك مستطيع في بعض الأمور، وأنك محتاج إلى معونة القدرة الإلهية حين يواجهك من الأمور ما لا تستطيعه، فإنك مؤمن بالله على نحو أتم ممن يرى نفسه مستطيعا دائما، فإن ظهر له من الأمور ما أعجزه فهو لا ينتظر المعونة الإلهية، وإنما ينتظرإستئناف القدرة من عند نفسه.. ولكنك أقل إيمانا ممن يرى نفسه غير مستطيع لشئ، مهما قل، وإنما هو في حاجة إلى المعونة الإلهية حتى في النفس الذي يطلع وينزل.. فمبلغ إيمانك بالله هو مبلغ معرفتك بالحاجة إلى الله.. ولقد قال بعض العارفين: لا يتم إيمان أحد حتى يكاشف في قولة: ((لا حول، ولا قوة، إلا بالله)) ومعنى يكاشف أن يعرف، معرفة ذوق، معنى هذه القولة.
    وقول الأستاذ: ((القرآن صريح كذلك في حث الناس على الإستعانة بأنفسهم، والإعتماد على قوتهم)) إلخ إلخ.. ليس صحيحا في نظر العارفين.. فإنهم يرون صراحة القرآن في ذلك إنما هي مجاراة "لوهم" الناس ريثما ينقلهم القرآن إلى المعرفة التي ينتفي معها ((الوهم)) .. وقوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر، والصلاة.. إن الله مع الصابرين)) ليس معناه الأخير (إستعينوا) على مصاعب الحياة، ولأواء العيش، وإنما معناه الأخير، والمطلوب بالذات، ((إستعينوا)) بالصبر، والصلاة، على دواعي الجبلة التي تتوهم أنها مريدة ومستقلة بإرادتها، وهو ما أسميته ((بالوهم)).. وهذا الوهم ينقص العبودية لله وينقص الرضا بالله ربا.. ولذلك فقد جاء قوله تعالى للنبي الكريم: ((فاصبر على ما يقولون، وسبح بحمد ربك، قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، ومن آناء الليل فسبح، وأطراف النهار.. لعلك ترضى)) والتسبيح هنا المقصود منه الصلوات الخمس، والعلة المطلوبة وراء الصبر، والصلاة، إنما هي الرضا... الرضا بربوبية الرب..
    يقول الصوفية: الساير إلى الله مريد.. ويعرفون الإرادة بأنها محاربة العادة.. والعادة هي التي أوحت إلينا أننا نملك إرادة مستقلة، يمكن الإعتماد عليها في حدود.. فإذا زاد الأمر عن تلك الحدود فيمكن البحث عن عون الله، عند ذلك، كما يبدو من كلام الأستاذ..




    وأنا أزعم الآن يا عزيزي عادل بأنك اعتمدت على مثل هذا الفهم التي توحيه العادة، واعتبرت أن الفكرة الجمهورية بها غيبية كاسحة فقلت:

    Quote: كما توقفت عند الغيبية الكاسحة فى الفكرة الجمهورية ؛ والتى تكاد تقضى على اى بذرة تجديدية فيها ؛ وروح التسليم التى تصل احيانا الى استسلام ؛ وقد شهدنا كلنا جزءا من ذلك بعد مقتل الاستاذ محمود والتفكك والذهول الذى ركب الحركة الجمهورية الى اليوم
    وتعليقي بسيط فإن ما تعتبره أنت غيبي ليس هو بالضرورة غيبي لشخص أقرب منك إلى الله، والقرب بالمعرفة. فالدين يسعى إلى جعل الغيب مشهودا ومكشوفا. وما تسميه استسلام أسميه أنا تسليم وهو قمة الإسلام الذي أظهره الأستاذ محمود بدعوته السلمية. أرجو أن تفكر بهذا الأمر مليا قبل أن تذهب إلى موقف الجمهوريين، فالحديث الآن عن الأستاذ محمود، ولا يهمني الآن الحديث عن الجمهوريين أو عن الحركة.

    ولك شكري وتقديري

    ياسر
                  

12-24-2002, 05:31 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50077

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)


    العزيز عادل عبد العاطي
    تحية وسلاما

    Quote: اننى ازعم ان الخطا الرئيسى فى الدعوة الجمهورية ؛ حين تناقش مسالة الاصول الفكرية ؛ وخاصة مسالة الاصول والفروع ؛ هى تناولها اللاتاريخى لنشوء الدعوة الاسلامية وتطورها ؛ وتحول الاسلام من مرحلة الدعوة المحضة فى مكة ؛ الى مرحلة تاسيس الدولة فى المدينة ؛ وقد كانت مرحلة تاسيس الدولة بما فيها من نظم قانونية واقتصادية واجتماعية ؛ تحتاج الى تفصيل التشريع وتنزيله من افاق العقائد الى افق المعاملات والقانون ؛ وليس الامر فى ظنى مرتبط بتهيوء الناس لمرحلة السنة او عدمها كما يقول الجمهوريون


    أعود إلى رأيك عن مسألة الأصول والفروع ومرحلة الدعوة في مكة ومرحلة تأسيس الدولة في المدينة. إن تأسيس دولة المدينة قام على الثورة العنيفة التي استعمل فيها الإسلام السيف والقتال. فدعنا الآن من خطأ الفكرة الجمهورية. ما هو رأيك في ما يجب أن يعمل اليوم؟ هل ترى أن الإسلام اليوم يجب أن يعود بما كان عليه الوضع في دولة المدينة؟ يعني بعودة الشريعة بما فيها الجهاد بالقتال؟ أنتظر ردك قبل أن أواصل.

    وما هو رأيك في التغيير بواسطة العنف؟

    أرجو أن أقرأ ردك قبل أن أواصل

    وسأغيب لمدة يومين أو ثلاثة كما أخبرتك في رسالتي الخاصة.

    ياسر

                  

12-24-2002, 09:36 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50077

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)

    عزيزي عادل
    تحية وسلاما
    فيما يخص اللقاء الذي أجراه الأستاذ إبن البان في مارس عام 1951
    أحب أن أقول عنه ما يلي:
    أولا هو لقاء جميل ومليء بالمعارف والمعاني الرفيعة
    ثانيا:
    لم يكن هذا اللقاء معروفا لكثير من الجمهوريين إلا بعد تنفيذ الحكم. حيث تكرم إبن البان نفسه ونشر مقالا في صحيفة الأسبوع يشير إليه
    ثالثا:
    في رأيي، لم يكن الأستاذ محمود يعطي تلك المقابلة أهمية كبيرة، لأن بها تصريحات من النوع الذي لا يحب الأستاذ أن يقولها عن نفسه، ولكن سؤال إبن البان كان مباشرا. ربما لهذا السبب لم ترد تلك المقابلة في كتب الفكرة علما بأنه قد وردت بعض المقابلات الصحفية مع الأستاذ في بعض كتب الفكرة مثل رسائل ومقالات.
    بعد هذه المقدمة اسمح لي بنقل المقابلة كلها وسأعود للإجابة على أسئلتك فيما بعد. أما العم خاطر الذي ورد ذكره في المقابلة أدناه فهو رجل كان يدعي النبوة في ذلك الزمان، وما أكثر ما يجد المرء أناسا مثله في السودان وفي غير السودان. لقد كان يكتب للأستاذ عن نبوته تلك، كما يفهم من المقال. وليس لي تفاصيل عن ذلك الرجل أكثر من هذا الذي ذكرته.
    والآن إلى المقابلة:



    ساعة مع الأستاذ محمود محمد طه
    رئيس الحزب الجمهوري سابقا

    أجرى الحوار - صالح بان النقا - 29-3-1951





    س): يعتقد العم خاطر أنه نبي ورسول ، وأن الآيات القرآنية لا تؤكد عدم وجود الأنبياء بعد محمد كما أنه يعتقد أنك نبي ، وفي كلا الاعتقادين لدينا شك وشكوك.



    (ج): لا نبي بعد محمد من لدن بعثه إلى قيام الساعة. ليس في هذا إشكال ولا خلاف لأن النص في القرآن صريح ولكن الإشكال في أمر الساعة ، وذلك بأن الساعة ساعتان: ساعة يبدأ بها "يوم الله في الأرض" وساعة يبدأ بها "يوم الله في السماء".
    أما يوم الله في الأرض فذلك حين تبلغ الإنسانية الكمال وهي في إطارها الأرضي من اللحم والدم فتملأ الأرض عدلا وحرية ومحبة بين الناس وقد أرسل الله جميع الرسل من لدن آدم والي محمد ليعدوا حياة الأحياء لهذا اليوم العظيم بتعليم الناس الأخلاق التي تستقيم مع معاني العدل والحرية والمحبة، وحين قال الصادق الأمين "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" إنما أشار إلى هذا الإعداد الخاص الذي اشترك فيه جميع الرسل وحين قال "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا" إنما أشار إلى هذا اليوم "يوم الله في الأرض" واليه الإشارة أيضا في القرآن الكريم حين قال عن لسان المصطفين فيه "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين" تلك (جنة الله في الأرض) في "يوم الله في الأرض" فإذا ابتدأ هذا اليوم فقد ابتدأت الساعة التي بها نهاية توقيت ختم النبوة بمحمد وجاء وقت المبعوث الذي بشر به محمد والرسل من قبله وهو عيسي ومع عيسي يبعث جميع الأنبياء والصديقين والأولياء كأصحاب له .. في هذا اليوم يصح أن تكون هناك نبوة لا بمعني وحي محسوس يجيء به الملك كما كان الشأن بين محمد وجبريل فإن ذلك قد إنقطع باستقرار القرآن بالأرض ولكن بمعني إلقاء رحماني علي قلوب عباد تطهرت من شوائب الشرك ولهذا اليوم علامات لا تعرف إلا بأنوار البصائر فمن كانت له بصيرة يبصر ويعرف أن الوقت قد حان ومن كان لا يري إلا بعيني رأسه كما تري الدواب لا يبصر شيئا ويظن أن الوقت هو الوقت منذ الأزل ، لأن الشمس مازالت تشرق من المشرق وتغرب في المغرب كما فعلت دائما .. إن هذا اليوم قد أظلنا الآن والناس عنه في عماية عمياء وقد مد لهم في عمايتهم عنه إلتباس صورته في أذهانهم باليوم الآخر الذي أسميته أعلاه بيوم الله في السماء فأن ذلك لا يجيء إلا حين تنتصر الحياة علي الموت بتجربته واجتيازه وهو امتداد ليوم الله في الأرض و ليس مغايرا له والي ذلك الإشارة بقوله تعالي: "من كان في هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا"
    أما الجزء الأخير من السؤال فانه الإجابة من الناحية الموضوعية وهي المهمة قد سلفت أعلاه ومن الناحية الشخصية "فإني أزعم لنفسي ذلك وأرجو أن أكون محقا".



    (س): حتى هذه الآونة لم تحل البراهين الدالة علي نزول المسيح عيسي بن مريم حسب ما لدينا من نصوص الفقه والحديث ، وقد تطرق أن سمعنا أن هناك دعوة مثل هذا الحديث العيسوى تقومون بها. فماذا تقرر وماذا تقول ؟؟



    (ج): إن القرآن من أوله إلى آخره في معانيه التي لا تدركها إلا أنوار البصائر بشارة بمجيء عيسي ، جهل المسلمون معاني القرآن المكنونة، فكيف يجهلون الأقوال الصريحة في البخاري وغيره المأثورة عن الصادق المصدوق وقد أوردت لك منها حديثا في ج1 واليك غيره " لو بقي من الدنيا قدر يوم واحد لمد الله فيه حتى يبعث رجلا من بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا". الذين يعرفون القرآن يعلمون أن محمدا ليس نبيا وإنما هو النبي وخاتم الأنبياء وأن عيسي ليس رسولا وإنما هو الرسول وخاتم الرسل.
    "أما عن الجزء الأخير من السؤال فأنه قد ألقى إلى ذلك وتواتر الإلقاء وإنما يحقق الله الحق ويبطل الباطل بكلماته وليس المهم عندي من أكون وإنما المهم عندي أن أعرف كيف أدعو الناس إلى الله دعوة يكون بها صلاح الدين والدنيا".



    (س): أن العم خاطر يعتقد أن ملك مصر ورؤيته وتعبير يوسف يدل علي أن ملك مصر نبي ولكنه كافر ، هكذا تعبيره ، فهل هناك نبي كافر ؟؟ وماهية ملك مصر ؟



    (ج): لو كان ملك مصر نبيا لعرف تأويل رؤياه بنفسه كأن العبرة بالتأويل وليس بالرؤية، لأن في التأويل حظا من العلم بالحقوق المستكنة وراء الظواهر ومن عرف شيئا من هذه الحقوق فقد عرف الله بقدر ما تأتى له منها فأن لكل حق حقيقة : هذه الحقيقة هي الله وإنما بمعرفة الله نبيء النبي.
    وليس هناك نبي كافر علي التحقيق لأن الكفر رأس الجهل والنبوة علم فكيف يجتمعان ؟! ولكن هناك نبي لا يتقيد بما يتقيد به أتباع الرسل من قيود شريعتهم وذلك لأن الشريعة قشور .. لبابها الحقيقة .. والنبي يعرف الحقيقة وبها يتقيد ولا ينتظر منه أن يترك قيدها ليتقيد بما هو دونها والشريعة ليست غاية في ذاتها وإنما هي وسيلة فرضت علي الناس لتوصلهم إلى الحقيقة وهي معرفة أسرار الألوهية .. معرفة سر فعل الله .. والنبي غير المتقيد بشريعة الرسول لا ينكر هذا الرسول وإنما يعرفه ويعرف مكانه عند الله ويعرف صدقه فيما يدعو الناس إليه ولكنه (؟؟؟) يزالون في ظلمات الجهل مجرد هذه المعرفة من النبي تجعل وصفه بالكفر عملا غير لائق وفي قصة الخضر مع موسي في سورة الكهف الكفاية. وأما ماهية ملك مصر فأنه عبد قد ولاه الله أمور معاش الناس وشئون دنياهم وقد آتاه بذلك بصرا. والحذق في تدبير أمور الدنيا شيء يذكر في حسنات الرجال ولا ريب ولكنه في المنزلة الثانية للمعرفة بأمور الآخرة والكمال في الجمع بينهما وقد كان ملك مصر حسن السيرة عدلا محبا للخير لرعيته التي ولاه الله أمرها فله بذلك عند الله اجر من أحسن عملا ولكنه ليس بنبي.



    (س): يعتقد العم خاطر أن الغراب الذي بعثه الله إلى قابيل ليريه كيف يواري سوءة أخيه هابيل رسولا .. رسولا بمعني الرسالة ..



    (ج): وليس الغراب المبعوث لقابيل نبيا إلا مع تجوز كبير يخرج بالتعبير عن معناه الذي تواضع الناس عليه وهذا التجوز يأتي من المعرفة بأن كل ما في الوجود من حجر ومدر خاضع لإرادة الله العلي وقد عبر الله تعالي عن هذا الخضوع بالتسبيح فقال :"وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم". والمتعارف بين الناس في المسيح أنه عارف والعارف نبي فهل رأيت إلى هذا التجاوز الذي يشرك الجماد والنبات والحيوان والإنسان في معني؟ ولن يصح في الأذهان شيء إذا جاز أن تقول أن محمدا نبي وفي نفس اللحظة نفكر في أن الكرسي الذي نجلس عليه نبي أيضا ولكى نفهم ونفهم لابد لنا من تحديد معاني الألفاظ ، بأفرادها للمعاني السامية وإسقاط المعاني الدنيا عنها وتخصيص كلمات أخري للتعبير عن المعاني الدنيا وهذا هو الحاصل بالفعل وباعتبار هذا الحاصل ليس الغراب نبيا وليس هو رسولا لأن ملاك النبوة والرسالة التكليف ومدار التكليف العقل وليس لغير البشر عقل مكلف.



    (س): ما هي خلاصة ما تعتقده عن العم خاطر بعد أن تبينت جانبا من دعوته في خطاباته إليك؟ وبعد ما ستري نقاطا من تلك النقاط المبينة بهذه الأسئلة الموجهة إليك.



    (ج): وخلاصة ما أعتقده أن الأخ أبا بكر خاطر كسائر العباد عبد مسير لا يملك من أمر نفسه شيئا وقد أراد الله تعالي به فأقامه في ما أرجوه له وهو عند نفسه صادق لأنه لا يقول إلا ما يري ولكنه ليس عند الله بصادق لأن الذي يراه مزيج من الحق والباطل والله أعلم

                  

12-28-2002, 11:37 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Yasir Elsharif)

    الاخ ياسر

    تحية طيبة

    شكرا على توضيحاتك بخصوص اللقاء مع الاستاذ ؛ ورؤيتك لدور محمود فى هذا البوست والبوست الاخر ؛ كما جزيل شكرى للاخ ابو قرجة على توضيحاته ؛ وكذلك للاخ ياهو ذاتو رغم انه لم يفهمنى كفاية

    بخصوص سؤالك عن الدعوة فى المدينة واستخدامها للعنف ؛ فتلك واقعة تاريحية ؛ وان كان العنف فى مجمله قد كان مفروضا على الرسول فى ذلك الوقت ؛ الا انى لا ادين العنف اطلاقا ؛ وانما انظر الى مشروعيته وظروفه التى قام فيها ؛ فعنف المعتدى لا يتساوى مع عنف المدافع ؛ وسارجع الى موضوع دولة المدينة بكثير من التفصيل فى المستقبل

    اما عن سبل عودة الاسلام فانى كما تعرف انسان علمانى على المستوى السياسى ؛ ولذلك ادعو لفصل القضايا الدينية عن السياسية ؛ من الجهة الاخرى فانا اقف مع نظرة تجديدية للتراث الاسلامى ؛ تعتمد على القراءة التاريحية والناقدة له ؛ والمضى بالايجابى من هذا التراث الى الامام وتجاوز السلبى والمشوه من قبل السلاطين والفقهاء ؛ الا ان طريقى فى ذلك اقرب الى نهج مدارس علم الاديان المقارن منها الى نهج الجمهوريين

    وساوصل ما بدات من نقاش

    مع التقدير

    عادل
                  

12-28-2002, 08:47 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة لنظرة ناقدة لتراث الاستاذ محمود محمد طه (Re: Abdel Aati)

    قضية الاصول والفروع والنظرة اللاتاريخية لنشوء وتطور الدعوة الإسلامية -2

    الخلل في زعمنا ينتج من انعدام النظرة التاريخية لنشوء وتطور دعوة الإسلام فى طوريها المكي والمدنى . فالاسلام فى مكة كان إسلام دعوة ؛ قائم على البواعث الروحية والأخلاقية فى ظل سلطة تعاديه ؛ وعقائد مضادة ؛ راسخة ؛ رغم سذاجتها ؛ ماديا وروحيا فى البيئة القرشية وفى عموم شبه جزيرة العرب . ان الاسلام فى مكة قد كان اسلام دعوة وتبشير ؛ وقد كان فى الموقف الاضعف من الصراع ؛ ولذا فقد كان مناخ التسامح هو اطاره ؛ والدعوة بالتى هى احسن هى مبدأه ؛ كما كان التركيز على الجانب الاخلاقى والقيمي فى محاطبة المسلم والداخل للاسلام وفى مواجهة الخصم ؛ وذلك فى انعدام اى ادوات اخرى ؛ اقتصادية او سياسية او عسكرية ؛ للربط ما بين المجموعة المسلمة من جهة ؛ ومقاومة المناخ المعادى من الجهة الاخري . اما الاسلام فى المدينة فقد تحول الى سلطة ؛ او قل الى مشروع دولة ؛ كان الرسول قائدها ومشرعها وزعيمها . ( اننا اذ نتحدث عن سلطة او عن مشروع دولة فى المدينة ؛ فاننا على معرفة بينة بخصوصية الظاهرة الدينية ؛ والتى تؤسس دولا مختلفة عن الدول المؤسسة مدنيا وسياسيا وإمبراطوريا ؛ كما نحن على إدراك بان مفهوم الدولة بمعناها الحديث ؛ لم يكن متوفرا لا فى مكة ؛ ولا فى المدينة فى اوائل الدعوة ؛ واستخدامنا هنا لمصطلح السلطة يعنى وجود اطر ادارية وقانونية وشكل من اشكال القيادة السياسية والروحية والعسكرية ؛ وهو الأمر الذى كان قائما فى كل من المدينة ومكة ؛ وخضع للتطوير فى المدينة على آخريات عهد الرسول ومن بعد على عهود الخلفاء الراشدين وعلى وجه الخصوص فى خلافة عمر بن الخطاب )

    ان دويلة المدينة قد كانت بعد الهجرة فى حاجة الى اعادة تنظيم اجتماعى ؛ بما يستوعب التغييرات فى بنيتها السكانية والايدولوجية ؛ بعد تبنيها الاسلام ؛ كما كانت تحتاج الى التشاريع الاقتصادية كالزكاة وقضايا الميراث وتوزيع الغنائم الخ ؛ والتشريعات الاجتماعية بما يعالج قضية المهاجرين ؛ كما كانت تحتاج الى التشريعات السياسية والإجراءات العسكرية لمعالجة قضية التعدد السياسى والقبلى فيها ؛ ولمواجهة العدوان القرشى والتحرشات من القبائل البدوية المجاورة ؛ ان الصحيفة وهى اول دستور فى شبه الجزيرة العربية ؛ قد حلت الإشكاليات الاساسية للعلاقات فى دولة المدينة ؛ ولم تكن ذات طابع دينى كامل ؛ وانما استندت على العديد من الاعراف القائمة وعلى توازن القوى الكائن حينذاك .

    بهذا المعنى ؛ فاننا نفهم ضرورة ايات السيف والقوامة والزكاة ؛ بما انها ادوات ضرورية فى مرحلة انتقل فيها الاسلام من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم ؛ من مرحلة الدعوة الى مرحلة الدولة . ان مصير الدولة فى المدينة قد كان يرتبط مباشرة بتامين استقرارها ؛ ومساعدة المسلمين فى مكة ؛ وحل المعضلة اليهودية ؛ بما تشكله من استغلال اقتصادى واستغزازات عقيدية وتحالفات محتملة مع العدو القرشى ؛ وهى الامور التى تمت عن طريق مجموعة من الاتفاقات التحالفية والعمليات العسكرية والبناء الاجتماعى الداخلى ؛ الامر الذى ادى فى المحصلة الى تصفية الوحود اليهودى فى المدينة ؛ وفتح مكة والمناطق المحيطة بها ؛ ومن ثم التوسع فى كامل الجزيرة العربية ؛ والبدء فى نقل الدعوة الى خارجها ؛ وهو الاتجاه الذى بدا فى عهد الرسول ثم واصله الخلفاء من بعده .

    اننا نزعم بان اى مجتمع جديد يحمل مفاهيما وقيما مخالفة للسائد ؛ يحتاج الى تشاريع وعلاقات اقتصادية وسياسية وقيمية عسكرية جديدة ؛ وقد كان مجتمع المدينة الاسلامى الجديد يحتاج الى تاطير هذه العلاقات فى ظل وجود سلطة جديدة تجاوزت الاطار القبلى –الجاهلى – القديم ؛ ودعت الى دعوة توحيدية فى اطار العقيدة والعلاقات الاجتماعية ؛ فى اطار بناء امة – دولة فوق قبلية ؛ وفيما بعد فوق قومية ؛ كانت دويلة المدينة نواتها الاولى . كما استلزم هذا الهدف الخطير – الدعوة التوحيدية – ؛ حل معضلة الثروة ؛ وفق الاطر الجديدة لتدفقها ومصادرها ومستحقيها ؛ بما يعالج الفرو قات الضخمة والظلامات الصارخة التى كانت سائدة فى المجتمع الجاهلى . وقد ادت التشاريع الاقتصادية – الزكاة والميراث وتوزيع الغنائم وتحريم الريا الخ الخ ؛ الى اضعاف موقف الارستقراطية فى المدينة والى اضعاف القوة المالية اليهودية ؛ كما ادت الى تثويب المسلمين وانتقلت بفقرائهم من مدقعين الى اصحاب حق ؛ بفعل الزكاة والمؤاخاة فى البداية ؛ ثم بفعل الغزوات وغنائمها فى عهد الرسول ؛ والخراج و إقطاع الاراضى فى عهد الخلفاء ؛ بعد التوسع الاسلامى الى مناطق اكثر غنى وتطورا اقتصاديا واكثر مواردا ( العراق ؛ الشام ؛ مصر ؛ الخ الخ )

    نتوقف هنا لنشير الى ما رآه المستشرقون وما يخلط فيه الجمهوريون من ضرورة العمل العنيف لنشر الدعوة الاسلامية ؛ زكان الاسلام فى عهد الرسول لم ينتشر الا بالسيف . ونقول ابتداءا ان العنف قد كان جزءا من العلاقات السائدة وقتها فى عموم الجزيرة ؛ الامر الذى لا يمكن تحاهله ؛ ويعتبر عدم التعاطى معه انتحارا للدعوة وتدميرا للمشروع الإسلامي ؛ خصوصا ا ان الدعوة الإسلامية قد ووجهت بعنف من قبل خصومها منذ البداية ؛ وتمثل فى تغذيب المستضعفين من المسلمين ؛ والتآمر على حياة الرسول ؛ و اجبار المسلمين على الهجرة ؛ وعزل آل هاشم لفترة طويلة عن المجتمع القرشى . وقد استمر هذا العنف او زاد بعد الهجرة ضد من تبقى من المسلمين فى المدينة ؛ كما بدا الملأ القرشى بالتحرش بدولة المدينة . ان الدعوة الاسلامية وقد اكتسبت انصارا جدد ومؤطا قدم ؛ ما كان لها ان تقف موقف الدفاع فقط ؛ فى مجنمع قائم على العنف ؛ كما كان لتأمر اليهود وتحالف بعض الأعراب مع القرشيين تهديد مستمر لوجود دولة المدينة وللدعوة نفسها ؛ ومن هنا يمكن فهم الضرورة التاريخية لاستعمال السيف من قبل الدعوة التى اتت سلمية ؛ كوسيلة أخيرة للدفاع عن وجودها وضمان انتشارها . ان متابعة دقيقة لممارسة الرسول فى المدينة توضح انه كان ميالا للدعوة السلمية ؛ وحقق فيها نجاحات جمة من بينها اسلام اهل المدينة؛ و اسلام غفار واسلم وغيرها من القبائل ؛ كما كان صلح الحديبية احد معالمها الاساسية ؛ وقد كانت معطم حروبه اما دفاعية او وقائية ؛ ومن هنا يتضح لنا الظرف التاريخى لاية السيف والظروف الفعليىى لممارسة العنف من قبل دولة المدينة تجاه اعدائها .

    نرجع مرة اخرى الى التشاريع الاقتصادية كالزكاة والميراث ؛ والتى يزعم الجمهوريون انها متاخرة عن العفو ؛ وهو كل ما ذاد عن الحاجة ؛ والذى دعا اليه الرسول فى مكة . ونقول مرة اخرى ان الرسول لم يكن يملك سلطة فى مكة لاجراء التنظيم الاجتماعى ؛ وكانت سلطتة على محموعة المسلمين روحية بحته ؛ اما فى المدينة فقد كانت له السلطة السياسية والتنفيذية ؛ الامر الذى جعل اطلاق اية العفو يتنزل الى حلول اقتصادية محددة . اننا نتفق هنا ان الموقف الاجتماعى الراديكالى للاسلام من الاعنياء فى مكة ؛ قد تحول بعد الهجرة . وتفسيرنا لذلك ان الموقف المناهض للاعنياء فى مكة ؛ قد كان موجها فى الاساس ضد الارستفراطية القرشية ؛ والتى عادت الدعوة منذ بدايتها ؛ فى حين كان الفقراء والمعدمين هم الفئة الاجتماعية الاساسية التى وعت ضرورة التغيير واحتاجته . من الجهة الاخرى فان قسما عظيما من ارستقراطية المدينة قد دخل الاسلام من البداية ؛ كما انضمت فئات متيسرة من التجار و اصحاب البساتين وزعماء الاوس والخزرج الى الدعوة الاسلامية ؛ فاتسعت بذلك القاعدة الاحتماعية للمسلمين ؛ بما استتبعها من ضرورة النظر الى المصالخ الاقتصادية والاجتماعية لهذه الفئات الجديدة والمتيسرة – بما فيها أرستقراطية المدينة المسلمة – ؛ وتخفيف الخطاب الحاد تجاه الاعنياء ؛ الامر الذى يؤدى الى تحقيق نوع من التوازن الاجتماعى وجد له الرسول حلا موفقا فى فكرة المؤاخاة التى طبقت بين اوائل المهاجرين والانصار ؛ ثم فى الزكاة والتىخففت الفروقات الاجتماعية ووفرت مصدرا ماليا لتمتين الدولة وبناء مؤسساتها – المسجد ؛ التسليح ؛ الخ - ؛ كما فى الغنائم والفئ والتى وفرت موارد اضافية فيما بعد ساعدت فى إعادة توزيع الثروة وانتزاعها من يد الملأ القرشى المعادى .

    اننا نزعم بان استمرار الخطاب الراديكالي تجاه الأغنياء والدعوة الى المساواة المطلقة – يسالونك ماذا ينفقون ؛ قل العفو – كان يمكن ان يهدد تطور الدعوة الجديدة ؛ وامكانية انتشارها وسط الفئات الاكثر تيسرا ؛ سواء كان ذلك فى المدينة ؛ او فى مكة ذات الثقل الاقتصادي والسياسي والعسكري لمستقبل الدعوة . ولذلك فقد كانت الدعوة اللاحقة عند فتح مكة ؛ بان " من دخل دار ابو سفيان فهو آمن " ؛ عاكسة للتحول العميق الذي طرأ تجاه الأرستقراطية القرشية ؛ والتي رغم وصفها بالطلقاء ؛ ورغم دورها السلبي فى بداية الدعوة الاسلامية ؛ الا انها قد لعبت الدور الاساسى فى بناء الدولة الاسلامية فيما بعد ؛ وخصوصا بعد خلافة عثمان بن عفان ؛ وترسخ دورها وقيادتها فى ظل الدولة الاموية ؛ الحاضنة الاساسية لنمو وتوسع الدولة الاسلامية والحضارة الاسلامية ؛ وان كان ذلك النمو والتوسع بمفهوم التاريخ والسياسة والحضارة ؛ لا بمنظور نقاء العقائد وعلو الاخلاق الذى كان عليه اوائل المسلمين وفقرائهم ؛ والذي لا يزال الفقراء عليه قابضون .


    ونواصل

    عادل عبد العاطى

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-28-2002, 08:58 PM)
    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-29-2002, 12:03 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de